حسن الخلق دعوة، هو الدعوة (10) الأربعون حديثا الدعوية
حسن الخلق دعوة، هو الدعوة(10) الأربعون حديثا الدعوية/ يعقوب زروق
حسن الخلق دعوة، هو الدعوة (10) الأربعون حديثا الدعوية
بقلم: يعقوب زروق
في الحث على الدعوة وبيان فضلها (1) الأربعون حديثا الدعوية
في التعاون على الدعوة(2) الأربعون حديثا الدعوية
في خدمة أهل الدعوة والصبر على الأذى(3) الأربعون حديثا الدعوية
في دعوة الأقارب والأطفال والنساء (4) الأربعون حديثا الدعوية
في دعوة المستضعفين وسادة القوم والناس في كل مكان (5) الأربعون حديثا الدعوية
الدعاء في الدعوة (6) الأربعون حديثا الدعوية
في التيسير على الناس (7) الأربعون حديثا الدعوية
في التدرج في الدعوة والإتقان (8) الأربعون حديثا الدعوية
في تعظيم حرمة من قال لا إله إلا الله وفي الدعوة بالقرآن (9) الأربعون حديثا الدعوية
الحديث الثلاثون:
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِراً وَكَانَ يُهْدِى لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ زَاهِراً بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ ». وَكَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّهُ وَكَانَ رَجُلاً دَمِيماً فَأَتَاهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْماً وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَلاَ يُبْصِرُهُ فَقَالَ الرَّجُلُ أَرْسِلْنِى مَنْ هَذَا فَالْتَفَتَ فَعَرَفَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ لاَ يَأْلُو مَا أَلْصَقَ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ عَرَفَهُ وَجَعَلَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ يَشْتَرِى الْعَبْدَ ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذاً وَاللَّهِ تَجِدَنِى كَاسِداً. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ ». أَوْ قَالَ « لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ أَنْتَ غَالٍ»[1].
“وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ” [القلم: 4]
عن أبي هريرة: رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »بُعِثْتُ لأُتمِّمَ صالِحَ الأخْلاقِ [2]«.
قبل أن يكون حسن الخلق دعوة، هو السنة المحمدية الكاملة. ما بعث إلا لذلك. فكانت أخلاقه عظيمة كما وصفه ربه عز وجل. بهذه الأخلاق ملك القلوب. فلا يسع من رآه أو سمع منه وترك العناد إلا أن يحبه ويتبعه. كذلك ورثته من الدعاة العلماء. لن تنجح لهم دعوة ولن يتم لهم به اقتداء، ما لم يعطوا هذا الجانب حقه. فإن مما يجني على الدعوة أن يتصدى لها غلاظ القلوب حداد الألسن سيئو الأخلاق. فينفروا ويصدوا عن سبيل الله.
الحديث الحادي والثلاثون:
عَنْ قَيْسٍ ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.[3]
المؤمن تخلى عن أنانيته، وكسر كبرياء نفسه. فهو قريب من الناس، يخالطهم ويغشاهم في مجالسهم، ويغشونه في بيته، لا يحتجب عنهم. يألفهم ويألفونه. وهذا من تمام حسن الخلق.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” حُرِّمَ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ، سَهْلٍ قَرِيبٍ مِنَ النَّاسِ “[4]
وعن أم الدرداء كان أبو الدَّرداءِ لا يُحدِّثُ بحَديثٍ إلّا تَبسَّمَ. فقُلتُ: إنِّي أخافُ أنْ يُحمِّقَكَ النّاسُ. فقال: كان رسولُ اللهِ ﷺ لا يُحدِّثُ بحَديثٍ إلّا تَبسَّمَ.[5]
الحديث الثاني والثلاثون:
عَنْ عَطاءِ بْنِ السّائِبِ، عَنْ أبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أبِيهِ، قالَ: إنَّ اللَّهَ ابْتَعَثَ نَبِيَّهُ ﷺ لِإدْخالِ رَجُلٍ الجَنَّةَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ كَنِيسَةً فَإذا هُوَ بِيَهُودَ، وإذا يَهُودِيٌّ يَقْرَأُ التَّوْراةَ، فَلَمّا أتى عَلى صِفَتِهِ أمْسَكُوا، وفِي ناحِيَتِها رَجُلٌ مَرِيضٌ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ما لَكُمْ أمْسَكْتُمْ؟» فَقالَ المَرِيضُ: إنَّهُمْ أتَوْا عَلى صِفَةِ نَبِيٍّ فَأمْسَكُوا، ثُمَّ جاءَ المَرِيضُ يَحْبُو حَتّى أخَذَ التَّوْراةَ، وقالَ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَقالَ: فَقَرَأ حَتّى أتى عَلى صِفَتِهِ، فَقالَ: هَذِهِ صِفَتُكَ وصِفَةُ أُمَّتِكَ فَقالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ ماتَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لُوا أخاكُمْ»[6]
زيارة المريض من أعظم أعمال حسن الخلق، بما فيها من مواساة وجبر للخواطر وتفريج للكرب. لذلك لا غرو أن تكون مدخلا مهما من مداخل الدعوة. عن عمر بن الخطاب:رضي الله عنه مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضلُ الأعمالِ إدخالُ السُّرورِ على المؤمنِ كسوْتَ عورتَه أو أشبعتَ جوْعتَه أو قضيْتَ له حاجةً”[7]
يحتاج المريض من يواسيه ويخفف عنه. وحالة المرض تجعله أرق قلبا وأدعى لسماع الموعظة – جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة … – . ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يزور المريض طمعا في إيلامه فينقذه الله من النار. كما في قصة اليهودي في الحديث أعلاه.
الحديث الثالث والثلاثون:
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ أبِي رِفاعَةَ، قالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وهُوَ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي لَرَجُلٌ غَرِيبٌ جاهِلٌ لا يَعْلَمُ ما دِينُهُ؟ قالَ: «فَتَرَكَ النّاسَ ونَزَلَ فَقَعَدَ عَلى كُرْسِيٍّ جُعِلَتْ قَوائِمُهُ حَدِيدًا، فَعَلَّمَنِي دِينِي ثُمَّ رَجَعَ إلى خُطْبَتِهِ [8]«
” وأما السائل فلا تنهر” صلى الله على من كان خلقه القرآن. لو أن القصة وقعت مع خطيب ما، لنهره وقال: لا تلغو والإمام يخطب. لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى مقاصد الأعمال. فليست الخطبة إلا وسيلة لتبليغ الدعوة، فإن صارت حاجزا قدمت الدعوة عليها.
من الأخطاء التي يقع فيها الدعاة وتسيء للدعوة تمسكهم بوسائل دعوية معينة إلى حد التصلب. وعدم قدرتهم على تجاوزها أو تطويرها بما يخدم الدعوة ويراعي احتياجاتها.
الهوامش:
[1] – مسند أحمد – مسند أنس بن مالك – الحديث: 12983
[2] – المستدرك على الصحيحين – الحاكم (ت 405) – الحديث: 4273
[3] – صحيح البخاري – كِتَابٌ : مَنَاقِبُ الْأَنْصَارِ- الحديث: 3822
[4] – مسند أحمد – مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ- الحديث: 3938
[5] – مسند أحمد – مسند الأنصار – الحديث: 21735
[6] – مسند ابن أبي شيبة- ما رواه عبد الله بن مسعود – الحديث: 384
[7] -رواه الطبراني و البيهقي
[8] – مسند ابن أبي شيبة – أبو رفاعة – الحديث: 620