القضايا النقدية في كتاب عيار الشعر “ابن طباطبا العلوي”
القضايا النقدية في كتاب عيار الشعر "ابن طباطبا العلوي"/ منال صغير
القضايا النقدية في كتاب عيار الشعر “ابن طباطبا العلوي”
بقلم: منال صغير
مر النقد العربي القديم بأطوار من التغيرات، وكان موضع مفارقات واختلافات بين النقاد حول نشأته ثم حول معاييره، فوردتنا من العصر الجاهلي إلى المرحلة الحديثة مجموع كتابات تعترف بمدى حرص العرب على تجويد أشعارها وحسن اختيارها، واعتنائها بالصياغة والبناء وغيرها من الشروط؛ التي جعلوا منها سبيل كل من أراد أن ينال شرف الفحولة والموهبة الشعرية، فيتميز عمن عاصره من أبناء جلدته، فكان هذا الجو مكانا خصبا لظهور البوادر الأولى في الكتابة النقدية، بعدما كان النقد شفهيا بين من يرتدون على الأسواق والمجالس الأدبية أنذاك، وهكذا برز أول كتاب في النقد تحت عنوان “طبقات فحول الشعراء ” لصاحبه ابن سلام الجمحي الذي نبه فيه إلى البيئة وأثرها في الشعر، وتلاه كتاب ابن قتيبة “الشعر والشعراء” الذي يدعو لعدم التفريق بين القديم والحديث، وبعده جاءنا كتابان لقدامة بن جعفر “نقد الشعر ” ونقد النثر “؛ الأمر الذي عبر عن تأثر كبير منه بأرسطو في كتابيه “الشعر” والخطابة “، ثم كتاب البديع لإبن المعتز الذي وضع فيه تنظيرا لمصطلحات أنواع البديع المختلفة. والآمدي أيضا في كتابه ” الموازنة بين الطائيين ” الذي حصد به لقب الريادة في اتباع المنهج المقارن في النقد، ليتتابع الإنتاج النقدي حتى بزوغ شمس القرن الرابع الهجري الذي ترك لنا بدوره العديد من الآثار في الشعر والنثر وسائر العلوم، ومنها كتاب “عيار الشعر ” أوما يعرف بمعايير الشعر لصاحبه ابن طباطبا العلوي، حيث بقيت هذه الكتب هي المصادر الأولى للنقد العربي وما تلاها لم يتعدى كونه شروحا وتعليقا عليها، لذا ارتأينا أن نعود إليها لرصد المعالم الأولى للنقد من خلال القضايا والمحتويات التي تناولها أصحابها لنقارب أثرها في الصورة الحديثة لنقد.
ولهذا الغرض اخترنا أن يكون كتاب “عيار الشعر” لإبن طباطبا العلوي نموذجا ومحطة نطل من خلالها على المنجز النقدي في ما مضى، فنحاول جعل هذه القراءة اجابة عما يلي:
- من هوابن طباطبا العلوي؟
- ما الماهية من كتاب عيار الشعر؟
- وما أبرز الدراسات والبحوث التي تناولت الكتاب موضوعا لها؟
- ثم ما أهم القضايا والمحتويات التي عرض لها ابن طباطبا العلوي في كتابه عيار الشعر؟ وإلى أي درجة كان كتابه محطة مهمة في مسار النقد العربي؟
المحور الأول: ترجمة المؤلف:
1-من هو بن طباطبا العلوي؟
عاشت الحضارة الإسلامية مراحل مختلفة منذ نشأتها حتى بلغت ما هي عليه اليوم، وكانت المحطة الذهبية لها خلال القرن الرابع الهجري، حيث رفع علم الفكر والأدب وانتشرت العلوم في سائر بلاد المسلمين، حتى نبغ فيها جهابذة العلم والفلسفة والفكر، وشهد العصرولادة أسماء لم تعرف الموت إلى اليوم؛ إنه المتنبي، وأبي فراس الحمداني، والصاحب بن عباد، والهمذاني وغيرهم، من الشخصيات التي تركت أثرا يشهد له بالإبداعية والتميز.
إذا استقرأنا هذه الآثار في زاوية النقد، وجدنا في القمة الناقد الكبيرابن طباطبا العلوي الذي ولد سنة 250ه-864م حسب ما اتفق عليه أغلب الدارسين في مدينة اصفهان وعاش بها وهو محمد بن احمد بن ابراهيم بن اسماعيل، لقب بابن طباطبا وكان على ما يروى لا ينطق القاف فذكر أنه ذات مرة طلب من غلامه أن يأتيه بثيابه، فقال الغلام: أجيء بدراعة؟ – فقال:لا طباطبا؛ يقصد قباقبا. والقباء نوع من الثياب يمد ويقصر، ومن هنا لقب ب ابن طباطبا”[1]، حيث عاش في أوج العظمة العلمية لأصفهان التي شهدت حركة أدبية وفكرية صاخبة شأنها شأن سائر أكثر البلاد الاسلامية، رغم الإضطراب السياسي والحياة الإجتماعية غير المستقرة ووسط هذه الأجواء كان ابن طباطبا شاعرا مجيدا وناقدا كبيرا وعالما حاذقا ملما بالأدب شغوفا بالعلم مكبا على تحصيله العلمي، مكثرا من مجالس العلماء حتى لامه أحدهم على ذلك فجاء رده:
حسود مريض القلب يخفي أنينه ويضحي كئيب البـال مني حزينه
يلوم على أن رحت في العلم راغبا أجمع من عند الــــــــــرواة فنونـه
- ثقافته:
كان شغف ابن طباطبا بالأدب كبيرا، حتى جاء ملما بثقافة عالية، وفكر نير، وأدب رفيع، دل على ذلك آداؤه ومناهجه النقدية التي وضعها في قواعد الشعر والنقد، وألف فيها العديد من الكتب، وأبرزها كتابه القيم ” عيار الشعر”؛ حيث درس الشعر دراسة الشاعر والناقد معا، وأضاف ما له من معارف واسعة بفنون الشعر.
وفي العروض تجده نهج نهجا جديدا دلل فيه صعبه ويسر تعقيده، كما كان مغرما بالحديث الشريف وروي عنه قوله (( لو نشر الرسول لكنت من كبار حفاظ الحديث)).
- شاعريته:
كانت من الطراز الرفيع وله شعر رائق توزع بين قصائد وقطع وأبيات متناثرة في كتب (معجم الأدباء) و(تحفة العجائب وطرفة الغرائب )، و(كتاب التشبيهات )…. ولو وفق أحد لجمع هذه الأشعارلأتحف المكتبة الأدبية بديوان مهم من دواوين الشعر العربي.
- مساهمته في العلم:
تفرغ ابن طباطبا للدراسة والتأليف فكان له أن أسهم في إغناء المكتبة العربية بعدد من الكتب، التي لولى أن ضاع جلها لكانت ثراءا لثراتنا النقدي والأدبي، وقد ساعده على ذلك أنه كان غنيا، ولكنه لم يكتف من الحياة بالغنى وحده بل أضاف إليه ما يخلده فبنى له مجدا علميا وأدبيا ضل شاهدا عليه حتى اللحظة، فكان يرى في الغنى وسيلة لإقراء الضيف ومساعدة المساكين لا غير.[2]
2- أهم منجزاته الأدبية:
كانت الظروف المادية والسياسية والأوضاع الإجتماعية التي عاش فيها ابن طباطبا معينا له على طلب العلم واعطاءه، فخلف ثروة أدبية وعلمية كبيرة أهمها ما يلي:
- كتاب تهذيب الطبع: تحدث عنه ابن طباطبا في كتابه “عيار الشعر “، ذكره ياقوت الحموي في “معجم الأدباء (2/285) “، وذكره ابراهيم محمد محمود الحمداني في كتاب “المصطلح النقدي في كتاب العمدة لإبن رشيق القيرواني” (ص237)، “وورد في خزانة الأدب لب لباب لسان العرب البغدادي”، ج /10(ص 239) وغيرها.
- كتاب الشعر والشعراء: لم يذكره أحد غير ابن النديم في كتابه الفهرسات ص269.
- كتاب المدخل في معرفة المعمى من الشعر: ذكره ياقوت في معجمه (2/285) والصدفي في الوافي بالوافيات (2/79) وتوجد نسخة منه في مكتبة الفاتح باسطنبول.
- كتاب العروض: وصفه ياقوت في معجم الأدباء أنه لم يسبق إلى مثله (2/353) باب العين، وقد نسبه لإبن طباطبا العلوي اسماعيل البغدادي في كتابه هدية العارفين (2/33).
- كتاب سنام المعالي: انفرد ابن النديم بذكره، ص 151.
- كتاب تقريض الدفاتر: ذكر في معجم الأدباء(2/285) وعند الصدفي في الوافي (2/79).
- ديوان شعر: استدرك هلال ناجي على ديوانه المطبوع خمس عشر قطعة، نشرها بمجلة المجمع العلمي العراقي م23 ع1-2 /1981)ص 632-626، وأعاد نشرها في كتابه ( “المستدرك على صناعة الدواوين ” بغداد 1991 ص126-133)، بزيادة أربع قطع شعرية [3]، وحققه جابر الخانقي.[4]
- كتاب عيارالشعر: موجود كمخطوط في الأسكوريال تحت رقم 328/2[5] يرجع تاريخ نسخها لعام770ه[6]، وقد ذكره السيوطي في “شرح شواهد المغنى “وتم تصويرها من طرف معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة.
وهذه المؤلفات على اختلافها فهي مؤشر هام على عناية ابن طباطبا بالجانب النقدي الذي يرمي تقويم الشعر وتوجيه الشعراء إلى سبل ذلك.
المحور الثاني: وصف كتاب “عيار الشعر “.
أولا: وصف واجهة الكتاب والصفحتين الأولى وأخيرة:
- واجهة الكتاب:
هذه واجهة كتاب عيار الشعر في تحقيقه الثالث الصادر سنة 1985، والتي سبق وذكرنا أنها للدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع، والتي تخبرعما يلي:
أولا: عنوان الكتاب بخط واضح وعريض وسط الصفحة وهو “عيار الشعر “.
ثانيا: اسم المؤلف أسفل العنوان مباشرة بخط يختلف حجمه ونوعه عن العنوان، وهو أبو الحسن محمد بن أحمد بن طباطبا العلوي المتوفى سنة 322.
ثالثا: اسم المحقق أسفلهما وهو الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع الأستاذ بكلية الآداب جامعة الملك سعود.
ولم يقتصر على هذه المعلومات بل أضاف اسفل وسط الواجهة اسم دار النشر وسنة النشر: دار العلوم سنة 1985م. كما أنه اختار اللون الأصفر كخلفية للكتاب.
ومن فهذه الواجهة تجعل القارئ باختصار شديد يفهم ان الكتاب هو تحقيق لصاحبه بن ناصر المانع، على الكتاب النقدي لإبن طباطبا “عيار الشعر” وقد قدمه نشرا عن دار العلوم سنة 1985، آملا أن يكون قد تدارك ما سبقت إليه أقلام المحققين ونقلته من أخطاء لم ترد في المخطوط الأصلي الموجود بالأسكوريال بإسبانيا.
- الصفحتين الأولى والأخيرة من كتاب “عيار الشعر”
وكما يظهر فالدكتور بن ناصر المانع اختار أن تكون أول صفحة بعد الواجهة تحمل البسملة وحدها، وهذه الصفحة إلى حدود المقدمة الخاصة بالناشر؛ لا يتعلق أي مما ورد بينهما بالمخطوط بل هي مساحة اتخذها المحقق لنفسه كي يعرف بماهية تحقيقه ومنهجه فيه، بينما الصفحات الأخيرة خُصصت لفهرس المحتويات المُعتمد عليها، والتي في الأعلى آخر واحدة منها .
ما ينم عن بساطة ووضوح في تقديم التحقيق وعرض مضمونه سعى فيها بن ناصر المانع لإحترام الأمانة العلمية، بعد ما عبر عنه من غيرة على التراث الأدبي في مقاله بمجلة عالم الكتب.
ثانيا: مفهوم العيار
أ) لغة:
نجد الخليل الفراهدي يعرف العيار” ما عايرت به المكاييل، والعيار صحيح وآخر تام، عايرته: أي سويته عليه فهو المعيار والعيار وعيرت الدنانير تعيرا، إذا ألقيت دينارا دينارا والعيار والمعيار لا يقال إلا في الكيل والوزن “[7].
والخوارزمي (ت616ه) يعرفه قائلا: العيار المعيار الذي يقاس به غيره ويسوي عيار الدراهم والدنانير، ما جعل فيها من الفضة الخالصة أو الذهب الخالص (ومنه) يقدر امر العيار الذي وقع الاتفاق عليه “[8].
كما أن الجوهري[9] (ت400ه)، والزمخشري [10](ت711ه)، وابن منظور [11] أيضا لم يخرجواعن هذه المعاني في تعريفهم للعيار والمعيار.
ب) اصطلاحا:
تعددت تحديدات المفهوم حسب المجال الذي يستعمل فيه، لتصبح له حمولة دلالية واسعة، وأول انتقالة للكلمة كانت إلى المجال النقدي؛حيث اعتنى بدراسته عدد من المفكرين والنقاد، ليتوصل بعضهم إلى أن “أي تعبير له طبيعة المعيار يعرض صوابا بعينه، وينهى عن خطأ بعينه، كتلك الأوامر والنواهي والمقاييس التي نلمسها في بعض كتب النحو والصرف”[12].
والمعياراكتسب قيمته كمصطلح بعدما اعتمد في الحقول المعرفية واللغوية على اختلافها، حتى عرفه الأصوليون أنه ” الظرف المساوي للمظروف كالوقت المساوي للصلاة “[13]
وفي علم الاجتماع ذهب إلى منحى مختلف ليقصد به” المعايير المشتركة أو الأفكار التي تحدد وتضبط ردود فعل سلوكية الأفراد في الجماعات الاجتماعية “[14].
ويقول جابر عصفور:” أن مصطلح عيار الشعر يرادف الوسائل والمقاييس التي ينبني عليها الحكم النقدي على هذا الفن “[15]
لكن الأرجح أن ابن طباطبا لم يبتعد بالمفهوم عما خطه اللغويون العرب من تحديدات؛ ” حيث جعل من تصنيفه عيارا وضوابط للشعر في مبانيه ومعانيه، ورسوما بها يكون الشاعر مفلقا، وشعره مستكملا عناصر الجودة “[16]، ما يعني أن العيار في النقد عنده هو الموازين والضوابط ونجد ذلك واضحا في طريقته التوجيهية لما يجوز ولا يجوز في النظم من تشبيهات واستعارات ومعاني وألفاظ وغيرها من المعايير.
ثالثا: أهم تحقيقات كتاب عيار الشعر:
كتاب عيار الشعر من أهم الكتب النقدية في القرن الرابع هجري، وابن طباطبا بهذا الكتاب قد شكل ثورة على من سبقوه، كما يصف ذلك الدكتور جهاد المجالي قائلا:”من ألفو في النقد بعد القرن الثالث ثاروا على نظام الطبقات كابن شرف، وابن طباطبا “[17]، حيث كان الشعر في أوجه وفي مقابله اتسع مجال النقد المتصل به، ليصير للنقد مسار جديد بعد أن كان النقاد فريقين: الأول لغوي يختص بجانب الوزن والقافية والإعراب…)، والثاني أدبي يركز نقده على فنية الشعر وحسن التخلص والجانب البلاغي…، ليأخذ كتاب عيار الشعر مذهبا توجيهيا تعليميا يجمع بين الإرشاد اللغوي والإرشاد الأدبي للشاعر حتى يبلغ مبلغه إلى تقويم القريض ويخرج من أزمته.
لكن هل حضي الكتاب بالعناية اللازمة من طرف القييمين على البيئة النقدية العربية أم لم ينلها، للإجابة عن هذا السؤال ذهبنا نعدد التحقيقات التي عرضت للمخطوط وأتاحته للباحثين والدارسين لنرى مدى علميتها وموضوعيتها، وكانت مرتبة زمنيا كالتالي:
- “عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق د: طه الحاجري محمد زغلول سلام، القاهرة، دار منشأة، ط1، 1952.
- عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق محمد زغلول سلام سنة 1956.
- “عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق:عباس عبد الستار، مراجعة نعيم زرزور-بيروت دار الكتب العلمية، 1982.
- “عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق: الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع، ط دار العلوم الرياض 1985.
هذه أهم الطبعات التي عرفها الكتاب، حيث كان أول اصدار له سنة 1952 في القاهرة بتحقيق الدكتورطه الحاجري والدكتور محمد زغلول سلام، وانتشرت هذه الطبعة المشتركة، وأعاد زغلول سلام نشر واحدة أخرى بمفرده، وذلك سنة 1956، قائلا:” كان علينا أن نعيد النظر فيما فاتنا من هنات الطبعة الأولى ومراجعة بعض آراء الفضلاء ممن نبهوا إلى ما جاء بتلك الطبعة من أخطاء استدركناها في الطبعة الجديدة..”[18] إلا أن هذه الطبعة لم تنل استحسان البعض، ومنهم الدكتورعبد العزيز بن ناصر المانع، كما وضح في تعليقه على الكتاب في مجلة عالم الكتب [19]، وانتقدت ذلك دار الكتب العلمية البيروتية، حتى أصدرت طبعة جديدة سنة 1982 اعتراضا على تحقيق الدكتور زغلول الذي حرف المخطوط، فكانت طبعتهم تحقيقا جديدا للكتاب على حد قولهم، الذي جعلني أطلع عليها لأجد أنها ليست إلا نسخة طبق الأصل للطبعة الخاصة بالدكتور زغلول سلام، وبالتالي فما روجت له مجرد تهويلات ذات بعد تجاري محض.
والدكتور سلام زغلول يبررما وقع فيه من خلط؛ أنه اعتمد على نسخة مصورة عن الأصل المحفوظ بمكتبة الأسكوريال، وتقع في ثمانين ومئة صفحة من القطع الكبير ترجم فيها للمؤلف وقدم نبذة عن الأصل، ومما لاحظته أن منهجه في تحقيق الكتاب طبعته الكثير من الإختيارات الذاتية الغير معللة والغير منظمة، حيث تبنى للمحتويات عناوين من اختياره ولم يعلن عن ذلك للقارئ ولم يورد صورة للنسخة الأصلية لمقدمة المؤلف.
كما تجده لم يثبث فهرس الأعلام، وغيرها من التفاصيل التي أهملها ولا يمكن التغاضي عن كونه بذلك قد ضرب بالموضوعية والعلمية المفروضة للبحث العلمي عرض الحائط، لذا لم أجد ما يدعو لإعتماد التحقيق الخاص به كمتن لهذه الدراسة، ليقع الإختيار على التحقيق الذي قام به عبد العزيز بن ناصر المانع، دار العلوم بالرياض سنة 1985، ومن دواعي اعتمادنا عليها دون غيرها:
- اعتمادها على رصيد غني من المراجع والمصادر.
- يقول الدكتور ناصر المانع حول منهجه في تحقيق الكتاب:”قمت بتخريج الأشعار الواردة فيه كما قمت بوضع مراجع لهذه الأشعار، معتمدا في ذلك على المصادر المختلفة كدواوين الشعر وكتب البلاغة…”[20]
- ويضيف ” ترجمة لكثير من الأعلام الواردة فيه…”[21]؛ الأمر الذي صرف عنه التحقيق الخاص بالدكتور زغلول سلام النظر ولم يطل فيه النفس.
- شرح للقارئ أن العناوين الموضوعة للفقرات لم ترد في المخطوط بل تبناها انطلاقا من استيعابه للموضوعات وحتى يكون الأمر يسيرا للباحث في محتوى الكتاب.
هكذا رأينا أن ضوابط التحقيق المتبعة عنده ستجعلنا أقرب لما ورد حقا في المخطوط الأصلي وللأمانة العلمية المطلوبة في البحث العلمي؛ على عكس ما قد حرفه الدكتور سلام في طبعتيه للمصنف خاصة الأخيرة منها، والتي سبق أن ادعى سلامتها وأمانتها من المغالطة، وهو الأمر الذي ثبث عكسه ونحن نقارن الفرق بين التحقيقات، فيقول الدكتور سلام نقلا عن المؤلف ” ومن اضطرب عليه الذوق لم يستغن من تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع..”[22] وهذا تصحيف لما ورد في المخطوط والذي صححه الدكتور مانع بـ “حتى تصير “، وغيرها من التصحيفات والتغييرات التي قام بها المحقق، فلا يتسع المجال لذكرها هنا، وللأسف وجدنا مجموعة من الدراسات والبحوث الجامعية التي كان أساسها كتاب عيار الشعربتحقيق سلام زغلول (المغلوط)، ما جعلني أأسف على كسل الباحثين في تحري دقة وصحة المُتن التي يدرسونها[23].
رابعا: القيمة النقدية للكتاب:
وأهمية طرح ابن طباطبا النقدي تثبت نفسها بمنهجه المتفرد وطريقته الإستباقية في مجال النقد التي تم اعتبارها اضافة يعتز بها مؤرخو القرن الرابع هجري حتى أن منهم من ذهب إلى تفضيله على “الشعر والشعراء” لابن قتببة، و”البديع” و”طبقات الشعراء” لابن المعتز و” وقواعد الشعر” لثعلب و”نقد الشعر” لقدامة بن جعفر، لأن صاحبه شاعر يقول الشعر ويعانيه، في حين أن الآخرين – عدا ابن المعتز – علماء بالشعر، وأكثرهم علماء فقه. ويشهد له كبار المفكرين والكتاب والنقاد الى اللحظة ببراعته ورقي ذوقه وفطنته وهو ما جاء على لسان المرزباني مشيدا بمصنف عيار الشعر يقول:“هناك محاولة ابن طباطبا في (عيار الشعر) هي من أشد المحاولات النقدية أصالة وأكبرها عمقا “[24].
ويقول أحمد بدوي:”ان ابن طباطبا ناقد موضوعي، يرى للجمال أسبابا يمكن التماسها ومعرفتها، وللقبح أسبابا كذلك “[25].
كما يضيف الدكتور أنس داود ” ومن النصوص الهامة في الدلالة على أن نقاد العرب قد تنبهوا إلى الحديث عن (بناء القصيدة) ودعو إلى نوع من (الوحدة الفنية)، وهو ما ورد في كتاب عيار الشعر لابن طباطبا “[26].
ومقابلها نجد احسان عباس يعلق عليه قائلا:”جاء مقالة استطرادية في النقد معتمدة على صفاء الذوق الفني دون سواه “[27].
وهذه الآراءعلى اختلافها فهي تقر بالاستحسان الذي لقيه ابن طباطبا العلوي بنباهته وحسن درايته، وتبررأهمية هذا الأثرالنقدي الذي تركه لنا القرن الرابع هجري، حتى ورد ذكره والتعريف به وبصاحبه في العديد من الكتب الخاصة بتاريخ الأدب العربي وغيره. وهذه الأهمية ذاتها هي ما جعلته موضوع مجموعة كبيرة من الدراسات الجامعية والأدبية النقدية الحديثة منها والقديمة.
خامسا: سبب تأليف الكتاب:
الغاية من تأليف الكتاب أمر وضحه ابن طباطبا بنفسه في بداية الكتاب حين قال:” فهمت -حاطك الله -“[28]، رادا به على “سؤال وجهه إليه أبو القاسم سعد ابن عبد الرحمن [29]؛” وكان قد سأله عن علم الشعر وكيف يتوصل إلى نظمه”[30]، فكان الرد الموجزعلى سؤال إشكالي كهذا هو هذا الكتاب -عيار الشعر-.
المحور الثالث: اهم الدراسات النقدية والأدبية لكتاب” عيار الشعر “
تلك الملامح الجريئة التي رسمها عيار الشعر للنقد، جعلت عيون المفكرين والمهتمين بالنقد ومساراته تنقض على العناية بالكتاب ودراسته، في ضل “محاولات كثيرة بذلت لتأريخ النقد العربي القديم من حيث اتجاهاته أو مراحله المختلفة أو ركزت على قضايا نقدية محددة في التراث النقدي العربي، “[31]؛ فكان نتاج إهتمامها “بعيار الشعر” أن أغنت الساحة العلمية بمجموعة من الكتب والدراسات الجامعية والمقالات العلمية الشارحة للكتاب والمفصلة في أقسامه وموضوعاته، والتي سنقف على البعض منها.
أولا:الدراسات القديمة والحديثة “لعيار الشعر”:
ينبغي أن نشير إلى أن الكتاب لم ينشر حتى منتصف القرن الماضي بعد أن نقله الدكتوران سلام زغلول وطه الحاجري من المخطوط الى المطبوع، ليتمكن العديد من الدارسين والباحثين من تلك الحلقة الناقصة في تاريخ النقد قبل العثور على المخطوط، حيث الكل كان يتساءل عن الإنتاجات الأدبية والنقدية المؤرخة لما بين نهاية القرن الثالث هجري وبداية القرن الرابع هجري، لذلك فأقدم دراسة للكتاب كانت ما بعد منتصف القرن العشرين حسب ما ذكره المؤلفون عن تاريخ النقد العربي، وقد قسمت أهمها إلى قسمين:
- المرحلة الأولى بين أول اصدار للكتاب الى سنة 2000.
- كتاب “نقض عيارالشعر” للآمدي
جاء تأليفه بعد كتاب العيار مباشرة وكان ردا عليه وذلك ظاهرمن التسمية التي اختارها الآمدي لكتابه، كما بين ذلك احسان عباس بقوله” وفي الرد عليه ألف الآمدي “نقض الشعر” وقد نعده في تاريخ النقد الأدبي حلقة متتمة لما جاء به ابن قتيبة “[32]، حيث أنه اطَّلع على مقدمة “الشعر والشعراء” وأفاد من الأحكام والنظرات التي وردت فيها، كما كانت لديه أثاره من ثقافة فلسفية اعتزالية أفادته كثيرا..؛ ورأي احسان عباس هو الموضع الوحيد الذي وجدناه يشير إلى هذا الكتاب الذي لم نعثر على نسخة له لكن الأمانة العلمية توجب ذكره.
تاريخ النقد الأدبي من القرن الثاني إلى القرن الثامن هجري، احسان عباس(1971) [33]:
هي دراسة حاول فيها المؤلف أن” يقدم صورة عن النقد الأدبي عند العرب منذ أواخر القرن الثاني هجري حتى القرن الثامن”[34]، متبعا المنهج التاريخي برصد كل أعلام النقد في هذه الفترة. ولاشك كان لمروره على ابن طباطبا العلوي وقفة متأمل فيما حازه النقد معه من امتيازات جديدة، أدرجها في القسم الخاص بالإتجاهات النقدية في القرن الرابع، تحت عنوان “اعتماد الذوق الفني في انشاء نظرية شعرية”، متوقفا عند موضوعات الكتاب الأساسية والأطاريح النقدية التي جاء بها ابن طباطبا؛ معقبا تارة على قصورها وتارة على نضجها النوعي، حيث تناول احسان عباس في دراسته:
- تعريف الشعر عند ابن طباطبا.
- اتباع السنة العربية في الشعرمبدا اساسي في النظم.
- الشعر نتاج الوعي المطلق؛ أي أنه أصبح تعبيراعن جيشان الفكرو ابتعادا كليا عن الغريزة.
- تضاؤل المسافة بين القصيدة والرسالة؛ يقول ابن طباطبا ” الشعر رسائل معقودة والرسائل شعرمحلول “[35].
- الوحدة في القصيدة وحدة بناء.
- مأزق الشعر المحدث هو السر في اختيار هذه الطريقة؛أي التدقيق في الصنعة المراد منه حل ازمة الشعر والشاعر.
- قلة المعاني لدى الشاعرالمحدث وطريقته في تحصيلها؛ هي سرقة المعاني من أغراض شعرية معينة واستعمالها في اغراض جديدة.
- صورة العلاقة بين اللفظ والمعنى؛ هي كالعلاقة بين الجسد والروح
- تاثير الشعركنظمه -عمل عقلي خالص عن طريق جمال”الاعتدال”؛ من حيث الوزن واللفظ والمعنى .
- الصدق بسبب الاتجاه العقلي اساس الشعر وله عدة أنواع.
وينتهي احسان عباس الى مجموعة من الاحكام النقدية لما وجده من تناقض أو نقص في هذه المواقف لدى ابن طباطبا؛ فكنت مسألة الصدق والكذب وأصناف الصدق التي وضعها الناقد في نظره عائقا كبيرا امام الشاعر الذي سبق وطالبه ابن طباطبا بالسعي نحو الجمال والكمال وهما امران لا يلتقيان ان كنا دوما نحاسب الشاعرعلى اخلاقه وصدق ما يخلجه.كما ندد بجور ابن طاطبا على الشعراء الذين يوظفون قوة الخيال والتشخيص في نظمهم.
وفي الأخير يخلص من تحليله لمختلف هذه النقط أن صاحب عيار الشعر ناقد يرى اتباع السنة لزاما على الشاعر، وأن العملية الشعرية قائمة على عمل عقلي واعي نافيا أي تدخل للغريزة فيها. والغرض منها أن تحقق الجمال والتأثير في القارئ؛ هذا الجمال بدوره يتطلب أن يعتدل الشاعر في الوزن واللفظ والمعنى دون تكلف يفسده؛ ليقع النظم موقع صواب من فهم المتلقي ويقبله ويطرب له، لكنه موقف نقدي “فيه شذوذ حتى على بعض مفهومات النقد المعاصرة حينئذ، إلا أنه موقف متكامل وفي تكامله سر انفراده بين سائر المحاولات النقدية”[36].
ويمكن القول أن طبيعة الدراسة التي قام بها الدكتور احسان عباس أيضا منفردة وانفرادها كان أولا بنهجها المختلف عن سائر الدراسات؛ حيث أشارت لموضوعات المصنف -عيار الشعر- بعناوين تختلف تماما عما وضعه لها المحققون وخلف العناوين المختارة كان طابع النقدية حاضرا عند احسان عباس حيث أظهر بها أنه فهم بالفعل ما كان يعنيه ابن طباطبا بالعيار وأن هذا العيار هو سلاح مختلف الوسائط مسعاه اخراج الشاعر المحدث من أزمته، فكانت الوسائط بلا اطناب هي ما سبق وذكرناه كتقسيمات مختارة من طرف المؤلف والتي اذا عطفت على بعضها كانت ملخصا لموقف صاحب الكتاب النقدي وهذا مجهود نراه دال على فطنة الدارس ويقظته في الفهم والتحليل.
- مقال الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع “عيار الشعر بين طبعتين” 1982[37]:
وهي ثالث مرجع عدنا إليه بعد الدراستين السابقتين؛نقتفي أثر أي تحليل أو طرح جديد للموضوع -عيار الشعر- لكن ما وجدناه إلا مقالة يحاول صاحبها الدكتور بن ناصر المانع المقارنة بين طبعتي الكتاب؛ الأولى بتحقيق سلام زغلول والدكتور طه الحاجري، والطبعة الثانية التي انفرد بها الدكتور زغلول سلام على أنها تصحيح للهفوات التي وقعت في السابقة، إلا أن العبد العزيز المانع يخلص من مقارنته للطبعتين أنهما نسختين مكررتين من الأخطاء والتحريف للأصل (المخطوط) من البداية حتى النهاية، فلا نكاد نجد صفحة واحدة تخلو من المغالطات.
اذا كان التركيز في مقاله على مسألة التحقيق فقط لا على الجانب الموضوعي.ولا ننكر أن الدكتور بعد هذه المقالة قام بتحقيق له قوامه وضوابطه حتى يتجاوز ما سبق ووقع في الطبعتين الأولى والثانية، ليصبح تحقيقه أكثر أمانة من سابقيه، وهو ما دفعنا لإعتماده فالتي بحثنا هذا.
- دراسة بعنوان “النظرية النقدية في عيارالشعرابن طباطبا العلوي” 1985[38]:
وهي أطروحة مقدم لنيل شهادة الماجستيركانت سنة 1985حاولت الوقوف عند نقد ابن طباطبا ومقاربته كنظرية لها أسسها ومبادؤها، رغم أن صاحبها عاش في القرن الرابع هجري.
- مؤلف”الأسس الجمالية في النقد العربي” د.عز الدين إسماعيل 1992[39].
وهو محاولة تحسب للدكتور عز الدين اسماعيل، حيث تفردت في طريقتها التفسيرية والتعليلية لأطروحات النقد العربي عوضا عن تتبعها بالملاحظة فقط (كما هو حال غالب الدراسات)، لذلك عنون دراسته أنها تفسيرية مقارنة [40]، وما يهمنا منها هو تحليله للأسس الجمالية عند ابن طباطبا في الباب الثاني من الكتاب حيث توقف عند العلاقة التي تربط مفهوم الجمال بالفهم عنده ليفسرالكيفية التي تتحكم بها العلاقة الحسية والفيسيولوجية في إدراك عناصر الجمال والحكم على العمل الأدبي بالإيجاب أو السلب. لكن لرأيه في ما قدمه ابن طباطبا في كتابه لخصه مسبقا أن قال:” نقرأ مثل هاتين العبارتين في كتب النقد:”(فمن الحسن..فمن القبيح…)، (…) دون أن نجد تعليلا واحدا لحكم من الطائفتين. وابن طباطبا في كتابه -عيار الشعر- يمثل هذه النزعة.”[41]
وتعقيبا على ما قاله الدكتور فقد سبق وتأكدنا أن ابن طباطبا ركز على توضيح أسباب الجمال والقبح في الشعر واعتبر أن الخروج عن هذه الأسباب يقلل من قيمة المنظوم؛ ومنها اتباع السنة العربية، واحترام الأخلاقيات في النظم التي تطرق فيها للصدق والكذب وغيرها من الأسس التي يبدو أن د.عز الدين اسماعيل غض الطرف عنها وجار في حكمه على ابن طباطبا؛ فحتى لو أن نقده لا يعادل مقاييس النقد اليوم لكن في الظروف المتوفرة خلال القرن الرابع هجري لا يمكن انكار أنه اختلف عن اصحاب النزعة الذوقية كثيرا وهذا ما أجمع عليه الدارسون لكتابه.
- “مفهوم الشعر”، الدكتور جابر عصفور [42]1995:
هي دراسة أدبية لمفهوم الشعر في التراث النقدي، عنوان الفصل الأول منها “البحث عن عيارالشعر” ابن طباطبا؛ يرى فيها جابر عصفور أن قيمة الكتاب يستمدها من تأسيسه لنظرية الشعرعند العرب حيث أوجد لشعرعيارا “يحدد الأسباب الموصلة إلى نظمه”[43]، فيعطيه قيمة في مجال النقد النظري بالذات.
وفي تحليله للشعر عند ابن طباطبا يخلص إلى أنه وصل به” لدرجة المصطلح المتميزالذي يشير إلى تزاوج المعارف التقليدية المتصلة بعلوم العرب اللغوية (..) فتأسس النقد النظري في تراثنا النقدي (..) على أساس عقلاني”[44]. نجد أنها نفس الرؤية التي خلص إليها إحسان عباس من أن نقد ابن طباطبا عقلاني وواع يقوم على الإدراك وتكامل أراءه النقدية، اذ تجاوز النقد النقلي إلى النقد المعتمد على التأصيل والتحليل والتعليل “حتى يصل إلى الإقناع لا التعاطف “[45].
والإضافة التي أتت بها هذه الدراسة؛ أنها ركزت على اسلوب ابن طباطبا ونهجه في تشكيل مفهوم للشعرالذي يصفه جابر عصفور بالمتمييز لأن صاحبه ناقد وشاعر في الآن ذاته، وأكثر ما كان الحل ناجعا أن يكون من داخل الأزمة.
وقد عاب على ابن طباطبا تناقضه في تعريف الشعر كالجسد والروح يتكامل معناه ومبناه؛ ويخل بهذا التحديد بقوله أن الأشعار المحكمة إذا نقضت وصارت نثرا لم تبطل جودة معانيها، وفي هذا إلغاء للقاعدة التي سبق وقيد بها المبنى والمعنى.
كما يتفق مع احسان عباس في انتقاد مسألة الصدق التي يرى أنها من الأخلاقيات الضيقة التي تشبت بها ابن طباطبا فضيقت معها حدود الشعر وأن قضية الصدق ستجعل منه محاكاة للعالم الخارجي أو العالم الداخلي؛بوصف خوالج النفس، وفي هذا جناية على الشعر وانصراف عنه إلى الشاعر.
ونجد أن الطرح النقدي لإبن طباطبا بالفعل ركز التركيز الشديد على مسألة الأخلاقيات فكان ظلما للشعر والشاعر وحصرا لقدرته الإبداعية بدلا من ازاحت الحدود عنها وحل أزمة الشاعر المحدث، لعل ابن طباطبا لإلتزامه الشديد بالسنة العربية لم يكد يلاحظ أنه أزاح حدودا ووضع أخرى مكانها، لكن رغم هذا المأزق الجديد الذي أوقع فيه الشاعر لا ينكرأي من الدارسين تفوقه المنهجي على مستوى النقد النظري والأسس التي اتبعها فيه.
- كتاب “نظرية الشعر.. رؤية لناقد قديم”، د. أحمد يوسف [46]1999.
وهي أيضا دراسة تقارب من ناحية هدفها دراسة الدكتور جابر عصفور التي تتوخى التنقيب عن نظرية شعرية في القرون الماضية وليس عن اسس نقد في حد ذاتها، فيحاول امد يوسف الن يقارب هذه النظرية من خلال رؤية النقاد القدماء وعلى رأسهم ابن طباطبا العلوي.
- كتاب “أسس النقد الأدبي في عيار الشعر” د.فخرالدين عامر[47]2000.
تعتبر الدراسة التي قام بها د.فخر عامر تتبعا وتحليلا لمضامين كتاب عيار الشعر بمنهج دقيق أعلى من قيمة الكتاب أمام الدراسات السابقة، حيث وقف على موضوعات الكتاب بالشرح التفصيل محاولا استخلاص أهم الأسس النقدية التي أرساها ابن طباطبا العلوي، والتي خلص منها أن القيمة النقدية للكتاب لا يمكن انكارها، وأنه بمثابة حلقة وصل إذا ازيلت زال معها النصف الكبير من الحضارة الأدبية العربية . إلا أن ما كان بها من ايجاب لا يمكن أن ينفي عنها بعض الإخلالات التي يراها الدارس متمثلة في:
- اتباع الناقد منهج غير منظم ينقصه الترتيب والتدقيق.
- غلبة الإستطراد في مواضع كثيرة من الكتاب.
- غلبة المصطلح الذوقي على النقدي في أغلب أحكام ابن طباطبا على الأشعار.
- تحليله وتعليله لأحكام النقدية يغيب تارة ويحضر في أخرى، الأمر الذي ينفي عنها في أحيان كثيرة.
وغير ذلك من الأمور التي عقب عليها الدارس، محاولا ان يبينها دون أن يؤثر رأيه على اهمية الكتاب وبراعة الناقد فيه، حتى أنه أردف هذه التقييمات بوقوفه على أثرابن طباطبا العلوي في من تبعه من الدارسين والنقاد – أبي طاهر البغدادي وقدامة ابن جعفر- وغيرهم.
ويمكن القول أن تميز الدراسة يتمثل في كونها قامت أساسا على دراسة عيار الشعر نقديا دون التطرق لأي موضوع آخر، فجاءت تبسيطا لما كان غامضا في أسلوب الناقد، وايجازا لما أطنب في شرحه، وتفصيلا لما لم يفصل فيه. وهي ميسرة أكثر من الكتاب نفسه؛ تتيح للطلاب والباحثين استيعاب محتوى الكتاب دون حاجة للرجوع إليه.
- المرحلة الثانية: الدراسات والبحوث العلمية للكتاب ما بعد سنة 2000:
وجدنا أغلب الدراسات ما بعد الألفين اقتصرت على البحوث الجامعية والمقالات العلمية في غالبها وقلت الكتب الذي تناولت طرح الكتاب من جديد بنفس النهج الذي سبق اليه احسان عباس وجابرعصفور، والأرجح أن كل ما يحتويه -عيار الشعر- قد اغدقته العناية من الدارسين في ما بعد منتصف القرن الماضي، فلم يبقى للباحثين سوى محاولة مقاربة ما تم التوصل إليه بالنظريات الجديدة، كنظرية التلقي وغيرها، ومن أهم هذه المحاولات نجد:
- كتاب”تاريخ النقد الأدبي القديم”، د. محمد علي سلامة، 2001م[48].
وهذا المؤلف ليس إلا مرورا على محطات النقد الأدبي تكرر فيه الطرح القديم للكتب المؤرخة للنقد وجاء على سرد محتويات عيار الشعر، لذلك تجاوزنا اعادة تلخيص مادته تفاديا للتكرار ولاحظنا أنه هو الآخرلم يتوانى عن ذكر محاسن عيار الشعر النقدية مميزا اياه عن مختلف المؤلفات التي سبقته أو تلته مباشرة .
- كتاب قضايا النقد الأدبي والبلاغة في عيار الشعر، شريف راغب علاونة [49]2003
واقل ما يقال عنه أنه عرف قدر الكتاب وأعطاه حقه الوافي من الدراسة حتى كانت فصوله الست شاملة لجل ما تفرق عند غيره ممن أعتنو بتحليل الكتاب أو تلخيصه خاصة منهم الطرح المتعلق بالنظرية الشعرية الذي قدمه الدكتور جابر عصفور وكدا ما خص أسس النقد بالنسبة للدكتور فخر الدين عامر، والجديد فيه تركيزه على النقد التطبيقي الذي نفاه الدارسون عن الكتاب معتبرين أنه يندرج ضمن النقد النظري؛ وهذا ما اعتب راغب علاونة عليه قائلا: “لم يكن نقد ابن طباطبا نظريا يعتمد على القواعد العامة فحسب، بل كان نقدا تطبيقيا، يعتمد على حشد النماذج والشواهد الشعرية…”[50] مقسما أهم مجالات هذا النوع عنده في ما يلي:
مجال النقد | موضعه عند ابن طباطبا العلوي |
النقد الثقافي | تمثل في ما سجله ابن طباطبا على الشعراء من حيث معارفهم العامة وثقافتهم ومدى احاطتهم بالحياة والمجتمع، فتجده تعرض للعديد من الأشعار يعيب على أصحابها جهلهم (صفات النبات والحيوان…).[51] |
النقد اللغوي | تجلى في وقوفه على القيد اللغوي وضرورة احترام قواعد اللغة ونحوها دون التحجج بالضرورة الشعرية أو امتثال ما عيب من أشعار القدماء”[52] |
النقد البلاغي | اهتم فيه بالتشبيه أكثر من أي شيء وركزعلى ضرورة ان يكون قريبا لا تكلف فيه.[53] |
النقد العروضي | “يهتم ابن طباطبا بالعروض كثيرا، (…)أما القضايا التي تناول فيها نقده العروضي فبعضها يتعلق بالقافية، ويتعلق بعضها الآخر بالوزن “. |
الموازنات | يرى الدارس أنها لم تكن “في مستوى الموازنات عند غيره من النقاد كالآمدي والصولي مثلا، وانما هي نماذج شعرية يحشدها، وينص على مواطن الجمال أو العيب فيها دونما تحليل أو تفصيل”[54] |
هذا في ما تعلق بأفكاره حول النقد التطبيقي في عيار الشعر، الذي نجده جانبا مهما حضر بالفعل في الكتاب وغاب عند كل من اعتنو بمتنه ، عدا صاحب هذه الدراسة التي نبهت لنقطة مهمة زادت من القيمة النقدية للمصنف وجعلتنا نتساءل عن الإرهاصات الأولى للنقد الثقافي في نهاية القرن الثالث هجري وبداية القرن الرابع، ومدى اسهام القدماء في هذا النوع من النقد الذي لم يصوب نحوه اهتمام الباحثين إلا في المرحلة الحديثة ولازالت معالمه غامضة والمصادر المحيلة عليه وعلى التنظير له قليلة جدا.
- “نص اللذة ونص المتعة في التراث النقدي العربي”، عصام محمود أحمد، رسالة ماجستير مخطوطة بكلية الآداب – جامعة حلوان، 2007م.[55]
وهذه الرسالة كما ورد على لسان صاحبها ” تناولت فكرة فلسفية هي فكرة اللذة والمتعة وانطلقت فيها محاولا الوصول إلى المعايير التي تفرق بين المستويين” مركزا بذلك على نوعين من النصوص وهما:
–نص اللذة:الذي يتلاقى فيه القارئ فكريا وروحيا وينسجم مع أفكاره فيشبعها.
– نص المتعة: قد يكون مسعاه التخويف أوالتطهير أو احداث قدر كبير من الغموض لتشويق القارئ.
وقد حاول الباحث ان يطبق هذه الدراسة على خمس نقاد عرب منهم ثلاثة انتهجوا التنظير منهجا لهم وهم: ابن طباطبا العلوي، وعبد القاهرالجرجاني، وحازم القرطاجني، واثنين اتبعوا المنهج التطبيقي وهما الآمدي والقاضي الجرجاني.
ونجد انه بحث طبق رؤيته على متن المؤلف وليست له أي اضافة في ما خص موضوعاته. إلا أن امتيازه تمثل في كونه محاولة لإيجاد نقط تقاطع بين ما هوفلسفي وما هو أدبي نقدي.
ومن البحوث التي تناولت موضوع عيار الشعر أيضا:
- “ملامح الحداثة في عيار الشعر لإبن طباطبا “مذكرة لنيل شهادة الماجستيرفي النقد الأدبي 2013.[56]
- “المعنى ومقاييسه في كتاب عيار الشعر لإبن طباطبا العلوي “، بحث لنيل شهادة الماستر 2015.[57]
ومن المقالات نذكر:
- “نظرية إستجابة القارئ في عيار الشعر لإبن طباطبا ” مجلة الآداب والعلوم الإنسانية.[58]
- “كتاب عيار الشعر وأثره في كتب البلاغة ” مجلة دعوة الحق ع:159.[59]
وهي في غالبها نسخة مكررة من الكتب التي اهتمت قبلها ببلاغة الكتاب ونقده وتنظيره الشعري، لذا لم نجد داعيا للتوقف عندها واحدة تلو الأخرى.
ومن جملة ما سبق نستشف أن ابن طباطبا العلوي أثبت براعته بوسائل بسيطة في التنظير والتطبيق النقدي فعلى الرغم من صغر حجم الكتاب ثبت أنه يحوي بين دفتيه ما عجز العديد من النقاد الذوقيين والإنطباعيين قبله(ابن سلام الجمحي، ابن المعتز..)، عن فعله وتطلب فترة من الزمن كي يستوعب الباحثون والدارسون العرب قيمة وأبعاد ما أغنى به ابن طباطبا المكتبة الأدبية النقدية العربية، فهاهي مجموع الكتب والبحوث العلمية والمقالات النقدية التي نشرت بعد أول طبعة للمصنف-عيار الشعر- حتى اللحظة؛ تثبت أنه:
- محطة هامة في تاريخ النقد، ومن الإرهاصات الأولى له.
- مقاربة تنظيرية للشعر العربي.
- مأسسة للنقد العربي بقواعد ونظرية جديدة ومختلفة.
- فيه من الجانب البلاغي ما فيه، وله أثر بالغ في اللغويين والبلاغيين بعد ابن طباطبا
- يحتوي البوادر الأولى لنظرية التلقي رغم اختلاف الأسس المفاهيمية.
- امتزج فيه النقد التطبيقي والنظري معا لحل أزمة الشاعر المحدث.
وغير ذلك من الخلاصات التي كشفت لنا عنها جوانب الدراسات السابقة ولا زال الكثير ليكشف عنه تحليلنا نحن أيضا استنادا لما توصلنا إليه.
المحورالرابع: أبرز القضايا النقدية التي تناولها الكاتب
أولا: المنهج والأقسام:
أ ) أقسام الكتاب:
وردنا المصنف على حد قول المحقق دون اشارة إلى عناوينه وفصوله من طرف ابن طباطبا، فما كان من بن ناصر المانع إلا أن يجتهد في تقسيم ما لم يقسم منه مستندا تارة إلى ما سبق ووضعه الدكتور زغلول سلام في الطبعة الثانية (المنقحة)، وتارة إلى دهائه ورجاحة عقله، وقد أعلن ذلك بقوله: “ينبغي أن أشير أن العناوين الداخلية للكتاب والموضوعة بين معقوفتين غير واردة في المخطوط “[60].
كان إذا التقسيم المعتمد للكتاب فقرات متفاوتة الطول تم إدراجها تحت عناوين تختصر محتواها كما بينا في الجدول التالي:
عناوين الموضوعات | حيزها من الكتاب(ص) | عناوين الموضوعات | حيزها من الكتاب(ص) |
مقدمة | ص5 | الألفاظ التي أغرق قائلوها في معانيها | 76-82 |
مفهوم الشعر | ص5 | الأشعار المحكمة | 82-110 |
أدوات الشعر | 6-7 | الأشعار الغثة | 110-123 |
بناء القصيدة | 7-9 | حسن تناول الشاعر المعاني التي سبق إليها | 123-136 |
تفاضل الأشعار | 10ص | الأبيات الحسنة الألفاظ الواهية المعاني | 136-144 |
الألفاظ المعاني | 11-12 | الأبيات الحسنة المعاني الواهية الألفاظ | 144-147 |
أشعار المولدين | 12-15 | الأبيات الحسنة الألفاظ والمعاني | 147ص |
الأوصاف والتشبيهات والحكم عند العرب | 15-19 | التشبيهات البعيدة | 147-151 |
عيار الشعر | 19-24 | الأبيات التي زادت قريحة قائليها على عقولهم | 151-157 |
ضروب التشبيهات | 25-50 | الأبيات التي قصر فيها أصحابهاعن الغايات | 157-167 |
الأبيات المستكرهة الألفاظ القلقة القوافي | 167-174 | ||
سنن العرب وتقاليدها | 50-66 | القوافي الواقعة في مواقعها | 174-184 |
التخلص وطرقه عند القدماء والمحدثين | 184-199 | ||
ما ينبغي للشاعر تجنبه وما ينبغي له اتيانه | 199 -217 | ||
الأبيات المستكرهة الألفاظ | 67-76 | حدود القوافي | 217-219 |
من جهة أخرى كان من الجيد أن يقسم المحقق المخطوط وفق فصول أو موضوعات كما فعل الدكتور فخر الدين عامر حين وضع في دراسته للكتاب ” الشعر وأدواته” كموضوع أول تناوله ابن طباطبا وقسمه إلى مطلبين الأول “مفهوم الشعر” والثاني أدوات الشعر وثقافة الشاعر وهكذا دواليك حتى آخر الكتاب.[61]
كما نجد تقسيما أخر اكثر منطقية ذكره الدكتور شريف راغب علاونة، حين قسمه إلى قسمين:
الأول: المقدمة: “والتي تناول فيها ابن طباطبا موضوعات نقدية، منها: تعريف الشعر، وأدواته…”[62]، ونجده ضمن هذا القسم الموضوعات كلها من الصفحة الثالثة الى الثانية عشر.
الثاني: الجانب التطبيقي: وهذاالجانب يزخر بالشواهد الشعرية….”[63]
على العموم فالكتاب في نظري لم تكن مادته لتستحمل التقسيم المتعارف عليه أبوابا وفصولا ومباحث؛ لأنه مختصر أولا، وثانيا لأنه لم يكن سوى رسالة مسترسلة يصعب فصل أجزائها في الإرشاد إلى كيفية تقويم الشعر وتمييز جيده من رديئه.
ب) منهج ابن طباطبا في الكتاب:
أما عن منهج الناقد؛ فقد أجمع أغلب الدارسين على السمات المميزة له والتي تمثلت أساسا في من قال أن منهجه لم يكن يخضع لأدنى معايير التنظيم المنطقي والواضح، حتى إذا نظرت إلى ترتيب الموضوعات تجده يبدأ شرح فكرة في موضع أول ويتركها لينصرف إلى غيرها، ثم يعود إليها من جديد في موضع آخر، كحاله مع التشبيهات التي ذكرها في ثلاث مواطن متباعدة تماما؛ ولعل السبب في ذلك هو الدافع الإستطرادي الذي وسمه به اغلب الدارسين خاصة منهم احسان عباس وراغب علاونة.
ومن جانب آخر كان لإبن طباطبا الإمتيازعلى غيره، في توسله منهجا تكامليا تتظافر فيه مجموعة من المناهج الأخرى التي استدعاها لتعينه في الإلمام بما أراده لموضوع عيار الشعرعكس ابن المعتز وابن سلام الجمحي وغيره ممن اتبعوا منهجا واحدا وقاصرا هو المنهج التاريخي في نقدهم التسجيلي. فكانت طبيعة لنقد عند ابن طباطبا دور في تحديد نوعية المنهج الذي سيتبناه لمصنفه؛ أذ يندرج ضمن النقد التوجيهي الساعي إلى توجيه الشاعر المحدث إلى حل أزمة الشعر وبيان سبل ومعايير ذلك بشكل نظري.
وضمن هذا المنهج التكاملي[64] نجد ما مختصره:
– المنهج التاريخي: حين يذكر سنن العرب في كلامها وتقاليدها، والقيم الأخلاقية عندها.
– المنهج النفسي: يظهر فيي عنايته بأثر الشعر الحسن في سامعه وموقعه من نفسه.
-المنهج الفني: تجلى في اهتمامه بجودة الشعر وجماليته وارشاده إلى سبل التأثير الإيجابي في ذوق المتلقي.
ومنه يمكن القول أن منهجه لم يكن متوازنا واضح الغاية؛ اذ ينقصه الكثير من التنظيم الذي لو انضاف إلى طريقته التكاملية في معالجة الموضوع لكان خيرا مما جاء عليه، لكن لا ننكر ان الجانب المضاميني والإستباقية نحو النقد التوجيهي كانتا امتيازا يشهد به تاريخ النقد العربي لإبن طباطبا إلى اليوم.
ثانيا:القضايا النقدية الكبرى في “عيار الشعر”
ذكرنا آنفا كل ما من شأنه أن يجعلنا على دراية واسعة بمحتويات الكتاب، وما كان يجول في الساحة النقدية قبل ظهوره وبعده؛ حتى نضع أنفسنا في قلب المسار المعرفي والنقدي الذي خطه الناقد ابن طباطبا العلوي محاولين وصله بمجموع مقاربات بلاغية وأدبية ونقدية حديثة، فوجدنا في الأمر كافيا ووافيا، جعلنا في غنا عن إعادة تكرار ما ورد فيه من محتويات بالجملة، فرأينا أن الذي من الضرورة هو تحليل البعد النقدي منه بجردنا أهم القضايا النقدية التي تخفيها موضوعاته، والتي ستكتمل بها صورتنا عن نقد القرن الرابع هجري.
أ-قضية القدماء والمحدثين:
“ومادام الفن تعبيرا عن نفس الفنان، ومادامت الأصالة هي طابع الفنان الحق، فإن المعركة بين القديم والحديث أمر محتوم “[65]، مما دل على أن الصراع بين الجانبين أمر تشهد به الحضارة العربية لنفسها منذ ان بزغ فيها نور العلم وتطورت آدابها وعلومها، فكان دوما الإنحياز الغالب على طبع العرب هو في اتجاه الأصل أي القديم، وعبرو عن ذلك في مختلف مناحي حياتهم حتى في النقد منها، لكن ابن طباطبا العلوي يقف معتدلا منها في نقده، على عكس من سبقه، فابن المعتز مثلا في “طبقات الشعراء المحدثين” ستجده يميل إلى ترجيح أشعار المحدثين لأنه منهم، بينما ابن طباطبا عمد لذكرأشعار القدماء وكذا لأشعار المحدثين في مواضع مختلفة من كتابه دون أن يوجه المتلقي بوضوح إلى تبنيه لأحدها ولا انحيازه لها دون تبرير أوبرهان. والدليل قوله:” أكثر ما يستحسن الشعر تقليدا على حسب شهرة الشاعر وتقدم زمانه وإلا فهذا الشعر أولى بالاستحسان والاستجادة من كل شعر تقدمه “[66]؛ وهنا يُظهر حياده فلا يستحسن شعر الأقدمين في الموضع الذي هو فيه إلا لأحقية برر سببها ولو كان المحدثون أحق لفعل معهم الأمر ذاته، وينفي أن يكون حكمه لمعيار التقدم أوالشهرة.
ويقول أيضا:” واذا تناول الشاعرالمعاني التي سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه واحسانه..”[67]، فيذكر الشاعر المحدث والقديم وهما في نفس الكفة عنده ما تميز أحدهما عن الآخر إلا بما حسن واجتهد فيه من شعر.
كما عمد إلى القضية ذاتها في موضع آخر؛ حين علق على مسألة حسن التخلص عند القدماء والمحدثين، بقوله:” ما أبدعه المحدثون من الشعر دون من تقدمهم” [68]، فلا ينتصر لا لهؤلاء ولا لغيرهم دون تعليل وحجة. وهاك دلائل عديدة وردت تقر بمسألة الحياد والموقف الواحد الذي اتخذه الناقد في مسألة القدماء والمحدثين، فكان يجيد بعمل كل طرف في الموضع الذي يستحقه ويذكر من أشعارهم جميعا، وحتى لا يكون في قوله جور لا ظلم استند إلى أسلوب التعليل دوما؛ كي لا يقع في الذوقية والتعصب الذي سبق إليه جماعة من المولدين حتى أنهم انحازوا لأشعار دون أخرى فقط لأنها جاهلية وتعترف بالأصالة الثباث في نظر من لم أجد لهم نظرا.
ومثل هذا الموقف(…) يعد محاولة مخلصة جادة لإنصاف المحدثين وتحري الدقة في الأحكام، محاولة لا يشوبها شائبة”[69].
ب)قضية عمود الشعر:
هي تلك المعايير التي وضعت للشعر، واجتنب الشاعر أن يخل بها ليجود نظمه ويحسنه، وهي أيضا “تقاليد الشعرالموروث والمبادئ التي سبق إليها الأولون واحتداها من جاء بعدهم “[70].وكثيرا ما يذكر المرزوقي مباشرة عند الحديث عن عمود الشعر؛ لأنه أول من وقف عند معاييره وعددها في سبع قواعد أساسية، هي:” شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم وإلتئامها على تخيرمن لذيذ الوزن، ومناسبة المستعارمنه للمستعار له، ومشاكلة اللفظ للمعنى، وشدة اقتضائهما للقافية، حتى لا منافرة بينهما.”[71] والتأمل في كتاب عيار الشعر وموقف صاحبه من هذه القواعد، تجعلنا ندرك انه بالفعل لم يذكرها صريحة في متنه لكنه أوردها مخبئة بين فيثنايا المفاهيم التي وظفها، لاتكاد تتوارى عن نظر المتبصر في هذا الكتاب حتى تجد ابن طباطبا يدافع عنها بقوة، حين أولى الإهتمام لسنن العرب في كلامها.
ويكفي العودة إلى القسم الأول من الكتاب ليظهر لنا مدى عناية الناقد بمذاهبهم وسلوكهم ومنهجهم، في الوصف والخطاب والحكي والإيجاز، والإطناب والتشبيه وغيرها من الأمورالتي تجتمع تحت راية عمود الشعر.
ونجده يقرأن طريقة القدماء هي أنسب ما يمكن للمحدثين إتباعه، إن ارادوا تجويد أشعارهم، حتى احالهم على اقتباس الأفكار والموضوعات منهم، ومما دل على الإهتمام الذي أولاه لعمود الشعر ما يلي من الأمثلة:
قوله:” نذكر الآن أمثلة للأشعار المحكمة الوصف، المستوفات المعاني، السلسة الألفاظ، الحسنة الديباجة، وأمثلة لأضدادها وننبه على الخلل الواقع فيها “[72] فيعيب هن كل من خرج نظمه عن هذا العمود.
يقول في موضع آخر أما الأبيات المستكرهة الألفاظ، المتفاوتة النسج، القبيحة العبارة، التي يجب الاحتراز من مثلها ” فيحذر من الأمر نفسه.
والدليل أيضا تسميته لبعض الموضوعات “الأبيات الحسنة المعاني الواهية الألفاظ، الأبيات المحكمة.
ج)قضية اللفظ والمعنى:
وجهين لعملة واحدة، وهي قضية لطالما انصرف إلى تحليل أبعادها والحديث فيها أهل العلم بالأدب، فتباينت الآراء واختلفت، ويهمنا منها كيف طرحها ابن طباطبا العلوي في المصنف.
-ثنائية اللفظ والمعنى: حيث يؤكد أن علاقة اللفظ بالمعنى كعلاقة الجسد والروح، ويمكن فيها ان يستغني جانب عن الأخر غم ما اطنب في شرحه من ضرورة التكامل بينهما قبلا، وهو من اوجه التناقض التي كانت في هذا الجانب عنده وكشفتها بالجملة عناوين فقرات الكتاب التي منها:” الألفاظ حسنة الألفاظ واهية المعاني” وغيرها من العناوين التي تدعونا للتساؤل عن المفهوم الحقيقي للفظ والمعنى في نظره وكيف يتصورهما، فكيف يمكن ان يكون اللفظ ممتازا وحسنا ولا يتحقق الأمر نفسه في المعاني أو العكس، وهل هذا يعني ان الترادف في الألفلاظ سيترك المعاني كما هي دون أن يؤثر على جودتها.
هذه ثنائية عبر عنها نقد ابن طباطبا ككل فكأنه لا يؤمن بوجود علاقة محكمة بين اللمفهومين ودائمة، فقسم وق هذه القضية الشعر إلى ضروب عديدة منها:
*حسنة الألفاظ والمعاني: حتى أن عدد الأبيات التي ذكرها أنها حسنة لا تكاد تتجاوز بيتين فقط لمسلم ابن الوليد.
*شعر حسن اللفظ واهي المعنى.
*شعر صحيح المعنى رث الصياغة.
*شعر حسن العرض مبتذل المعنى.
*شعر رديئ النظم.
*شعر محكم النظم.
وعاد يميز فيها بين (المتفاوتة والمحكمة والغثة…..)، ولا ننكر أن عددا من الدارسين على كون ابن طباطبا العلوي اتبع نفس نهج الجاحظ وابن قتيبة في تبنيه هذا الموقف المشكل من اللفظ والمععنى في علاقتهما ببعضهما البعض. وقد نجد أمر حسمه في مسألة اللفظ والمعنى أمرا غامضا ربما للتقسيم العشوائي الذي تبناه في هذا المصنف أوأنه تأثر بالقدماء في موقفه فسار على نهجم.
د) قضية الصدق والكذب:
كغيرها من القضايا كانت مسألة تحري الصدق والكذب مسألة أخذت حيزا من اهتمام الدارسين والباحثين حتى يحفظوا للشعر الجاهلي خصوصيته، ويتأكدوا من المرحلة التي تنتمي إليها الأشعار التي وردتنا، وقد سبق ووقفنا عند مسألة الصدق التي كانت هامة بل ومطلبا اجباريا على الشاعر تحريه في شعره في نظر الناقد، اذ يرفض ابن طباطبا أن يكون الشعر بما لا يعيشه الشاعر في واقعه ولا يخالج نفسه، فطالبه ب: الصدق الأخلاقي والصدق النفسي والديني وغيرها من الانواع التي قسمها ووضح مرادهها، كي تكون التجربة الشعرية واقعية بلا اصطناع يفقد المعاني قوة تأثيرها، فلا هو يقبل المجاز الفلسفي ولا التشبيهات البعيدة ولا وصف الأمر بما ليس له في الاصل، وكان مشددا الخناق على الشاعر في هذه القضية أكثر من تركيزه على الشعر في حد ذاته وهو الشيء الذي استنكره الدكتور احسان عباس وادرجه جناية في حق الملكة الشعرية التي لابد لها من الحرية نوعا ما.
لكن ما ننبه اليه ان هذه القيود التي وضعها كان سرعانما يتناساها؛ ليمدح من الاشعارما خرقها لذا رأيناه يبدع في التقعيد والتنظير ولا مجال له في التطبيق.
– قضية السرقات:
وقف الناقد موقف الحياد، حيث يرى أن القدماء استنفدوا ما كان من معاني وأبدعوا لأقصى الدرجات في صوغها والتفنن في نظمها، فكان من ذلك ان أشفق ابن طباطبا العلوي على حال المحدثين وأراد دع الشاعر واخراجه من أزمته كونه سبق إلى كل معنى بديع، ولفظ فصيح.
كان الحل في نظر ابن طباطبا هو ان يرشد الشاعر لمخرج واحد هو أن يعود لأشعار القدماء ويستنبط منها المعاني ويصوغها لكن شريطة أن لا تكون في نفس الغرض حتى لا يكون قد اغار عليها، وذلك إلى حين يصبح لهم طبع كطبع القدماء فيستطيعوا السبيل وحدهم لكل جديد.
-قضية الوحدة في القصيدة:
تطرق إليها ابن طباطبا من خلال حديثه عن الوحدة الفنية ووحدة الغرض، حيث أرشد الشعراء إلى مسلك في الأسلوب يكون أيضا موحدا تتلائم أجزائه وتستوي ، فلا تتباين ألفاظها ولا تتناقض معانيها، بحيث ينبغي أن يتبنى النوع المشترك في أي جانب من جوانب هذا البناء سواء من حيث المضمون أو من حيث الشكل.
وهناك قضايا اخرى ثانوية تناولها عيار الشعر منها الطبع والصنعة، والتي سنسهب الحديث فيها في موضع لآخر.
ولعل هذا المختصر واللمحة التي عرضنا بها القضايا الكبرى لعيار الشعر اظهرت لنا غناه وقيمته النقدية العالية، حيث لا تكاد تذكر قضية نقضية إلا ووجدت ابن طباطبا قد خصص لها وقتا ونظرا يشكر له.
مؤدى كل ما توصلنا إليه من هذا المرور المقتضب على الأركان الكبرى التي قام عليها عيار الشعر أكدت لنا صفة النقد للناقد والنقدية للمصنف، رغم ما شاب الموضوع من التناقض نوعا ما ومن العشوائية في العرض، إلا أنه لبنة اكتملت بها صورة مسار النقد بين ابن المعتز وابي هلال العسكري بعد أن نشرت أول طبعة من هذا المصنف سنة 1952، التي لم تكن سوى شاهدا على فطنة صاحبها وتعبيرا وترجمة لأفكاره.
لائحة المصادر والمراجع
الكتب:
- علي العاكوب، التفكير النقدي عند العرب، دار الفكر المعاصر، لبنان، ط:05، 2006.
- -محمد جابر المعيبد، عصام محمد الشنطي فهرس دواوين الشعراء والمستدركات في الدوريات والمجامع، القاهرة 1988.
- كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي” ترجمة: عبد الحليم النجار، ج-2 ط 4 دار المعارف.
- محمد عبد المنعم خفاج “مصادر المكتبة العربية” دار الجيل 1992. منشورات اتحاد المؤلفين والكتاب العقيين.
- -” اللغة بين المعيارية والوصفية ” تمام حسان، ط 4، عالم الكتب القاهرة.
- – معجم التعريفات الفقهية -محمد عميم الاحسان المجددي البركتي، دار الكتاب العلمية، 1381ه.
- – معجم علم الاجتماع، وينكن ميشيل، ترجمة: احسان محمد الحسن.
- – “مفهوم الشعر”، د. جابر عصفور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الخامسة، القاهرة، 1995م.
- – الدكتور جهاد المجالي، طبقات الشعراء في النقد الأدبي عند العرب -دراسة نقدية – دار الجيل للنشر والطباعة والتوزيع.
- -كتاب “أسس النقدالأدبي في عيار الشعر “، د:فخر الدين عامر، ط2، القاهرة: عالم الكتب، 2000م
- عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق محمد زغلول سلام سنة.1956
- – المرزباني (ت384م) “الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء” تحقيق وتقديم محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان.
- الدكتور أحمد أحمد بدوي “أسس النقد الأدبي عند العرب”، نهضة مصر للطباعة والنشر، 1996
- احسان عباس.تاريخ النقد الأدبي من القرن الثاني هجري إلى القرن الثامن” دار الثقافة بيروت-لبنان
- -كتاب” قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضوء النقد الحديث” د شريف راغب علاونة، ط1 دار المناهج 2003
- الأسس الجمالية في النقد العربي -عرض وتفسير ومقارنة-الدكتور عزالدين اسماعيل، دار الفكر العربي، ط1/1992.
- “القاضي الجرجاني الأديب الناقد”، د محمود سمرة، ط1، المكتب التجاري بيروت-1966
- المرزوقي، شرح ديوان الحماسة، تحقيق احمد امين، وعبد السلام هارون، ط1.القاهرة، 1951
المعاجم اللغوية:
- كتاب “العين”، الخليل بن احمد الفراهدي، مادة (عير):2
- كتاب “المعرب في ترتيب المعرب” ، الخوارزمي،
- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية:2 .
- معجم اساس البلاغة.
- معجم لسان العرب، لابن منظور: 4
المقالات:
- – مجلة عالم الكتب، مجلد 2، ع 4.
- مجلة فصول:النقد الأدبي، مجلةعلمية محكمة، عدد 70-71، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007، ص-296
- عيار الشعر بين طبعتين “:مجلة عالم الكتب عدد4، 1يناير1982 بقلم الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع.
- -“كتاب عيار الشعر وأثره في كتب البلاغة ” مجلة دعوة الحق ع:159.م
- نظرية إستجابة القارئ في عيار الشعر لإبن طباطبا ” مونية مكرسي، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، مجلة علمية محكمة جامعة باتنة 1 -الجزائر، ، ع 6 رقم
البحوث الجامعية:
- – نص اللذة ونص المتعة في التراث النقدي العربي”، عصام محمود أحمد، رسالة ماجستير مخطوطة بكلية الآداب – جامعة حلوان، 2007
- -“ملامح الحداثة في عيار الشعر لإبن طباطبا “مذكرة لنيل شهادة الماجستيرفي النقد الأدبي 2013 جامعة الحاج لخضر، باتنة /كلية الآداب واللغات -قسم الأدب العربي
- – المعنى ومقاييسه في كتاب عيار الشعر لإبن طباطبا العلوي “، بحث لنيل شهادة الماستر 2015 في اللغة والأدب/جامعة قاصدي مرباح كلية الآداب واللغات
- -“النظرية النقدية في عيار الشعر ابن طباطبا العلوي” أطروحة المرحلة الثالثة لنيل شهادة التعمق في البحث اعداد توفيق حمدي سنة 1985
المواقع الإلكترونية:
- -annabbaa.org/Arabic/historic
- موسوعة أعلام الفكر الاسلامي، القاهرة 1425/2004م
- والموسوعة العربية المجلد، الثاني عشر، 2005 دمشق ص-497
[1] -:عيسى علي العاكوب، التفكير النقدي عند العرب، دار الفكر المعاصر، لبنان، ط:05، 2006، ص-179
[2] -www.annabbaa.org/Arabic/historic ، وينظر أيظا: موسوعة أعلام الفكر الاسلامي، القاهرة 1425/2004م ص 546، والموسوعة العربية المجلد، الثاني عشر، 2005 دمشق ص-497
[3] -محمد جابر المعيبد، عصام محمد الشنطي فهرس دواوين الشعراء والمستدركات في الدوريات والمجامع، القاهرة 1988-ص9
[4] – جابر الخانقي، بغداد1975، منشورات اتحاد المؤلفين والكتاب العقيين.
[5] – كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي” ترجمة: عبد الحليم النجار، ج-2 ط 4 دار المعارف، ص100
[6] – انظر:محمد عبد المنعم خفاج “مصادر المكتبة العربية” دار الجيل 1992.
[7] – كتاب “العين”، الخليل بن احمد الفراهدي، مادة (عير):2/238-239.
[8] – كتاب “المعرب في ترتيب المعرب” ، الخوارزمي، ص 333.
[9] – الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: 2/763-764.
[10] – اساس البلاغة: 666.
[11] – لسان العرب، لابن منظور: 4/623-625
[12] -” اللغة بين المعيارية والوصفية ” تمام حسان، ط 4، عالم الكتب القاهرة ص 18.
[13] – معجم التعريفات الفقهية -محمد عميم الاحسان المجددي البركتي، دار الكتاب العلمية، 1381ه، ص211
[14] – معجم علم الاجتماع، وينكن ميشيل، ترجمة: احسان محمد الحسن:ص217.
[15] – “مفهوم الشعر”، د. جابر عصفور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الخامسة، القاهرة، 1995م.ص23
[16] -كتاب “أسس النقدالأدبي في عيار الشعر “، د:فخر الدين عامر، ط2، القاهرة: عالم الكتب، 2000م، ص 16
[17] – الدكتور جهاد المجالي، طبقات الشعراء في النقد الأدبي عند العرب -دراسة نقدية – دار الجيل للنشر والطباعة والتوزيع 1992م، ص103.
[18] – مقدمة”عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق:زغلول سلام
[19] – مجلة عالم الكتب، مجلد 2، ع 4، ص 753
[20] – عيار الشعر ابن طباطبا العلوي، عبد العزيز بن ناصر المانع، دار العلوم بالرياض سنة 1985 ص 33
[21] -نفسه.
[22] – عيار الشعر”، ابن طباطبا العلوي المتوفي سنة (322هـ) تحقيق محمد زغلول سلام سنة.1956
[23] – سنأتي على ذكرها لاحقا.
[24] – المرزباني (ت384م) “الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء” تحقيق وتقديم محمد حسين شمس الدين، دار الكتب العلمية بيروت-لبنان ص7
[25] – ينظر:الدكتور أحمد أحمد بدوي “أسس النقد الأدبي عند العرب”، نهضة مصر للطباعة والنشر، 1996
[26] – أنس داود”دراسات نقدية” ص184
[27] -احسان عباس.تاريخ النقد الأدبي من القرن الثاني هجري إلى القرن الثامن” دار الثقافة بيروت-لبنان، ص133
[28] -عيار الشعر، 1/ب
[29] – لم يوجد أدنى ذكر له في المصادر العربية.
[30] -كتاب” قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضو النقد الحديث” د شريف راغب علاونة، ط1 دار المناهج 2003، ص -14
[31] – مجلة فصول:النقد الأدبي، مجلةعلمية محكمة، عدد 70-71، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2007، ص-296
[32] – احسان عباس:تاريخ النقد الأدبي المصدر السابق نفسه.ص133
[33] -احسان عباس.تاريخ النقد الأدبي من القرن الثاني هجري إلى القرن الثامن” دار الثقافة بيروت-لبنان.
[34] -نفس المصدر، ص-9
[35] -العيار، ص78
[36] -احسان عباس تاريخ النقد الأدبي، مصدر سابق، ص-146
[37] – “عيار الشعر بين طبعتين “:مجلة عالم الكتب عدد4، 1يناير1982 بقلم الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع.
[38] -“النظرية النقدية في عيار الشعر ابن طباطبا العلوي” أطروحة المرحلة الثالثة لنيل شهادة التعمق في البحث اعداد توفيق حمدي سنة 1985.
[39]– الأسس الجمالية في النقد العربي -عرض وتفسير ومقارنة-الدكتور عزالدين اسماعيل، دار الفكر العربي، ط1/1992.
[40] – المصدر نفسه، ص-8
[41] – نفسه، ص-124
[42]– “مفهوم الشعر”، د. جابر عصفور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الخامسة، القاهرة، 1995.
[43] “”مفهوم الشعر”، د. جابر عصفور، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الخامسة، القاهرة، 1995، ص19
[44] – المصدر نفسه، ص19
[45] -نفسه ص21
[46] – “نظرية الشعر.. رؤية لناقد قديم”، د. أحمد يوسف على، مكتبة الأنجلوالمصرية، القاهرة، 1999م.
[47] – كتاب “أسس النقد الأدبي في عيار الشعر” د.فخرالدين عامر، عالم الكتب، 2000.
[48] – كتاب”تاريخ النقد الأدبي القديم”، د. محمد علي سلامة، 2001م.
[49] – قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضوء النقد الحديث-د.شريف راغب علاونة، دار المناهج، عمان، ط2003
[50] – قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضوء النقد الحديث-د.شريف راغب علاونة، دار المناهج، عمان، ط2003، ص 123
[51] – نفسه، ص-127-124
[52]– نفسه، ص 128-136
[53] – نفس المصدر، ص-137-139
[54] -المصدر السابق نفسه، ص152
[55] – نص اللذة ونص المتعة في التراث النقدي العربي”، عصام محمود أحمد، رسالة ماجستير مخطوطة بكلية الآداب – جامعة حلوان، 2007م
[56] -“ملامح الحداثة في عيار الشعر لإبن طباطبا “مذكرة لنيل شهادة الماجستيرفي النقد الأدبي 2013 جامعة الحاج لخضر، باتنة /كلية الآداب واللغات -قسم الأدب العربي
[57] – المعنى ومقاييسه في كتاب عيار الشعر لإبن طباطبا العلوي “، بحث لنيل شهادة الماستر 2015 في اللغة والأدب/جامعة قاصدي مرباح كلية الآداب واللغات.
[58] -“نظرية إستجابة القارئ في عيار الشعر لإبن طباطبا ” مونية مكرسي، مجلة الآداب والعلوم الإنسانية، مجلة علمية محكمة جامعة باتنة 1 -الجزائر، ، ع 6 رقم 1
[59] -“كتاب عيار الشعر وأثره في كتب البلاغة ” مجلة دعوة الحق ع:159.
[60] – “عيار الشعر” تحقيق عبد العزيز بن ناصر المانع، المصدر السابق نفسه، ص33
[61] – “أسس النقد الأدبي في عيار الشعر “، د فخر الدين عامر، عالم الكتب، ط 2-القاهرة، 2000
[62] – “قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضوء النقد الحديث ” د شريف راغب علاونة ط1-دار المناهج، ص17
[63] – نفسه، ص18
[64] – أورده الكتور فخر الدين عامر بتفصيل في كتابه أسس النقد الأدبي -في عيار الشعر- مصدر سابق، حص 18
[65] -“القاضي الجرجاني الأديب الناقد”، د محمود سمرة، ط1، المكتب التجاري بيروت-1966، ص119
[66] – عيار الشعر، مصدر سابق، ص 76
[67] – نفسه -ص123
[68] -نفسه -ص184
[69] – “قضايا النقد الأدبي والبلاغة في كتاب عيار الشعر في ضوء النقد الحديث ” د شريف راغب علاونة ط1-دار المناهج ص49
[70] – القاضي الجرجاني الأديب الناقد، مصدر سابق، ص 12
[71] – المرزوقي، شرح ديوان الحماسة، تحقيق احمد امين، وعبد السلام هارون، ط1.القاهرة، 1951، ص9
[72] -عيار الشعر ص، 82
شكرا لكم معلومات قيمة ومفيدة دراسة نقدية رائعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا للباحثة منال الصغير على هذه القراءة
كملحوظة فقد وجدت أن أبا القاسم سعد بن عبد الرحمن رحمه الله تعالى الذي كتب له ابن طباطبا عيار الشعر ذكره التنوخيّ في نشوار المحاضرة و أخبار المذاكرة، و قال أنّه كان كاتبا لأمير يدعى أبي حرب (النشوار، ج02-ص16)