منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

دعامة الوسائل الحديثة

0

سبق أن أشرنا إلى كون الوسائل الحديثة لا تعوض بحال من الأحوال التواصل الإنساني المباشر وإن كانت تسهله بشكل كبير. وتشمل الوسائل الحديثة كل الاهتمامات الحيوية للإنسان بما في ذلك محيطه القريب والبعيد. وقد شهد العالم قديما وحديثا مخترعات سحرت وتسحر كل يوم أعين الناس بما تقدمه من خدمات كانت إلى العهد القريب لا تذكر إلا ضمن الأحلام أوالقصص الخيالية.

لقد غيرت الوسائل الحديثة وتغير باستمرار أنماط حياة وعلاقات الأفراد و الجماعات وطرق التفكير والإنتاج. فلا مناص إذا من معرفتها وترويضها واستنباتها، ولم لا إنتاجها عوض استهلاكها بشروط صانعيها. فإن لم نفعل فلا أقل من استثمارها بشكل عقلاني.

لذا يمكن استغلال الوسائل الحديثة على صعيد كل المستويات وفي شتى المجالات، حيث تمكننا من التخلص من عبء الأعمال الرتيبة والمتكررة التي تستهلك الكثير من الوقت والجهد. كما تمكننا من جمع المعطيات الميدانية وتحليلها واتخاذ القرارات في الوقت المناسب، كما أن الاستعمال الجيد لهذه الوسائل يساهم في تطوير التواصل الداخلي والخارجي للمؤسسات، وتقريب الخدمات من ذوي الحقوق، وتبسيط المساطر وجعلها في متناول الجميع، والاقتصاد في الموارد، تحقيقا للعدل وتطبيقا للقوانين وتربية على المسؤولية والشفافية وسرعة التفاعل والتدخل لحل المشاكل وإيجاد الحلول.

وتجدر الإشارة إلى أن امتلاك مؤسسة ما لأحدث الوسائل لا يضفي عليها صفة التقدم أوالتطور، إذ المُعوَّل على الاستخدام الجيد والفعال لها،  لذا يتعين التركيز على  تطوير القدرات الإنسانية اللامحدودة  والمتغيرة بفعل الزمان والمكان، وذلك من أجل تكوين إنسان عارف بهويته واع بواقعه ومستشرف لمستقبله ممتلك لوسائله. فتكون الوسائل الحديثة خادمة له وليس هوالخادم لها. يستخدمها حسب حاجته وليس هواه، علما أن هذه الوسائل قد تكلف كثيرا إذا قورن الاستثمار المرصود بالنتائج المرجوة.

وعلى صعيد تدبير المؤسسات، تمكن الوسائل الحديثة من تتبع فرق العمل وتحفيزها ومقارنة نتائجها واستخلاص العبر واتخاذ التدابير اللازمة، حيث يقاس النجاح بمدى سرعة التقاط المعلومة ومعالجتها والتفاعل معها. فلا فائدة – وإن استخدمنا أحدث الوسائل – من تكديس التقارير إذا لم يتم ترجمتها إلى مؤشرات دالة، ولا فائدة من وجود المؤشرات إن لم تترجم إلى خطة عمل ملموسة.

ولا ينكر دور الوسائل الحديثة إلا جاحد أو مغفل. لكن استعمالها بشكل خاطئ يشكل خطرا على حياة الفرد والجماعات، فالمساحة التي أخذتها بدأت تخرجها من دائرة الوسائل إلى دائرة الغايات. فترى الذين في قلوبهم شغف لأحدث ما صنع من هذه الوسائل يسارعون لاقتنائها  والزهو واللهو بها، رغم أنهم لا يستخدمون إلا معشار قدراتها أوأدنى من ذلك بكثير. ولو أنهم أنفقوا أموالهم وأعمارهم في غير ذلك لكان خيرا لهم، ولكنهم لا يعلمون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.