منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

قراءة في مصادر الفكر التربوي الإسلامي (1)

1

مقدمة                     

  مما لاشك فيه أن  المتغيرات التي تعيشها الأمة اليوم بل يعيشها العالم بأسره، أصبحت هاجس الجميع بكل تخصصاتهم واهتماماتهم، فهي لا تنال طائفة معينة، ولا تستهدف فئة بعينها، إنما تستهدف الجميع.

وجدير بأمة الإسلام وهي على هذا الحال أن تعي موقعها في ظل هذه المتغيرات والتحديات الجديدة المعاصرة، وحري بنا ونحن نتحدث في إطار التربية – وهي من أكثر ما يمكن أن يتأثر في ظل هذه المتغيرات – أن نعيد النظر والنقاش في كثير من أهدافنا وبرامجنا ووسائلنا التربوية.

ثم “إن مهمة مواجهة هذه التحديات أمر يقع على عاتق التربية، فمن خلال التربية يمكن أن نحدد شكل ذلك الغد الذي توجد به تلك التحديات، فبالتربية تتحدد القيم، والمعارف، والمهارات، والسلوكيات التي يتطلبها ذلك الغد؛ بل وتتحدد التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والمستوى الصحي للساكن بالمجتمع، كما تساعد التربية في عملية التغلب على المعوقات والمشكلات، التي تعتبر بمثابة قيود على المجتمع تمنع انطلاقته، على أن يكون ذلك في إطار المحافظة على الهوية العربية والإسلامية”(1)

حيث إن “الصراع الكبير اليوم في أكثر من بلد عربي وإسلامي هو صراع التعليم، وتفريغه من كل ما ينشئ الروح الإسلامية، والعقلية الإسلامية، والنفسية الإسلامية، ومحاولة استغلال، فترة غياب الهوية، وتذبذب الأصالة، وظهور تيار التغريب للهيمنة بالقوة على التعليم والتوجيه، والإعلام، والتثقيف”(2).

إذ لما غيبت الفلسفات الوضعية الدين وقيمه السامية عن نظم التعليم والتربية وجميع العلاقات الإنسانية والفكرية، فإنها قد فتحت بذلك أبواب الأزمات الأخلاقية والانحرافات السلوكية داخل المجتمعات، مما أدى إلى انحطاطها وانهيارها، يقول الأستاذ محمد فتح الله كولن: “إن رقي أي أمة وتقدمها، مرتبط بمدى التربية التي يتلقّاها أفرادها من الناحية العاطفية والفكرية.  فلا ينتظر تقدّم أمة لم تتوسع آفاق أفرادها الفكرية والوجدانية”(3).

وعندما نتحدث عن ضرورة العودة إلى تراثنا التربوي الإسلامي وحاجتنا إلى بحثه وإحيائه وخدمته يظن البعض أن هذا التراث إنما هو من أعمال الماضي، وأننا الآن في عصر التقدم العلمي، ولا حاجة لنا اليوم إلى تجارب أو أفكار السلف في ميدان التربية والتعليم، وأن الأولى أن ننفق الوقت والجهد ليس في دراسة التراث، وإنما في دراسة التجارب الحديثة في التربية وعلم النفس، وقد يغالي البعض في الهجوم على هذا التراث وعدم جدواه باستخدام عبارات فيها ظلم صارخ لهذا التراث ولما أنجزته أمتنا في حقل التربية والتعليم على مر العصور.

وأمتنا العربية والإسلامية معذور أبناؤها بعض العذر بحكم التبعية الكاملة للفكر الغربي بأصوله السياسية، والإقتصادية، والثقافية، والوقوع ضحية الإعجاب الكامل بهذا الفكر، والعكوف عليه ترجمة ونقلا، بعد أن ران الجمود على عقولنا، فانبهرنا بثقافة الآخر المسيطر، وتساهلنا في قبول أفكاره، واعتقدنا الخذلان في شريعتنا أن تكون أساسا للنهضة مرة أخرى، حتى انقلبنا ضد قيمنا وذاكرتنا وخصوصياتنا الحضارية، فضاعت هويتنا وتاهت عقولنا وهرمت أحزاننا.

هذا، ولا خلاص لنا خارج أصالتنا وهويتنا، وربط حاضرنا بماضينا، “لذلك فإن اهتمام أي أمة بتراثها هو بمثابة الاهتمام بكيانها ومصيرها فإذا ما تهاونت في حماية ثقافتها وتراثها فإن مآلها الاندثار والضياع، فكم من أمم زالت وضعفت، عندما اندمجت في ثقافات تلك الأمم، وتهاونت في حماية تراثها” (4)، مما يجعل مشروع دراسة تراثنا التربوي الإسلامي مشروعا مصيريا وصعبا لا تقوم به إلا العصبة أولو القوة.

والفكر التربوي الإسلامي يستمد أصوله النظرية والتطبيقية من منهجية تكوينية قيمية استلهمها من ينابيع القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة اللذين يهديان النفس البشرية والمجتمع الإنساني إلى أقوم السبل وأفضلها؛ وقد نجحا في واقع الحياة على رقعة واسعة من الأرض والمعمورة، وما تزال ينابيعهما ثرة خيّرة يمكنها أن تجد التجربة الناجحة وتروي ظمأ الإنسانية وتحل مشاكلها في كل زمان ومكان.

والعلم في القرآن والسنة ليس خاصا بعلم الشرائع وأحكام الحلال والحرام وحدها، بل التفقه في كل ما  يوسع المدارك ويبصّر الإنسان بأمور الحياة، ويفيده توفيقا وقدرة على الاستفادة بكل ما خلق االله لسعادة البشرية، ولذلك فإن الطابع العام للتربية عند المسلمين لم يكن دينيا محضا ولم يكن دنيويا محضا، وإنما كان يلائم بين الدين والدنيا، فكانت التربية تهدف إلى إعداد النشئ للحياة وللآخرة معا في إطار الآية الكريمة ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا﴾(5)، والحديث الشريف: ” لَيسَ خَيرُكُم مَن تَرَكَ الدُّنيا لِلآخِرَةِ ولاَ الآخِرَةَ لِلدُّنيا، ولكِن خَيرُكُم مَن أخَذَ مِن هذِهِ وهذِهِ “(6).

ومضى المسلمون على نور قرآنهم وهدي نبيهم في مسايرة الواقع تعليما وتربية وتثقيفا وتوعية وتحيصنا من عوامل الفساد والانحراف، حتى تلا ذلك فترة انغلاق واكتفاء ذاتي وتقوقع طويلة تخللتها فترات صحو متفرقة أغلق بعـدها باب الاجتهاد في الفقه الإسلامي والابتكار والإبداع في مختلف العلوم الأخـرى مما أوصل المسلمين إلى عمق القاع والتناقضات والظلام الفكري والمعنوي.

والفكر التربوي الإسلامي يمثل جزءا مهما من الفكر الإنساني المتراكم عبر التاريخ، مهماته متعددة وهي قائمة على فروض أساسية وآراء موجهة لتعبئة الإمكانات التي تساعد على حل المشكلات على وفق المواقف التربوية المبنية على الغايات والأهداف المنبثقة من رحم الدين الحنيف بمصادره المتعددة للإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة.

كذلك يتسم الفكر التربوي الإسلامي بالشمولية واتساع النظرة إلى الإنسان ككل وكيان متكامل له جسد وروح وعقل وشعور وإحساس، وهذه النظرة الكلية ثبّتتها معظم المذاهب والنظريات والأصول الدينية والفلسفية التي نشأت وتطورت في ظل خيمة الإسلام وثقافته وحضارته، في متبنياتها وطروحاتها نتيجة لاستجابتها وتفاعلها مع مجمل الظروف والبيئات الحضارية المختلفة التي تواجدت فيها.

ومن هنا تأتي أهمية دراسة الفكر التربوي الإسلامي في ظل حضارة إسلامية عريقة امتازت بقدراتها على البذل والعطاء في ميدان الفكر التربوي الإسلامي، ونعترف مقدما بأننا سوف نطلع على آراء لن نجنح إلى المبالغة إذا ذهبنا إلى أن كثيرا منها لا تزال التربية الحديثة تقره وتدعو إليه بكل إلحاح، يعضدها في ذلك علم النفس التعليمي الذي ذل كثيرا من الصعوبات أمام القائمين على التربية في كل مكان، إذ جهود علمائنا ومفكرينا وتراثهم  في هذا الباب لم يكن خاليا من أسس سيكولوجية يقرها العلم الحديث.

مصادر الفكر التربوي الإسلامي

      يمتاز الفكر التربوي الإسلامي بوضوح مصادره ومصداقيتها وحيويتها في بناء الفكر واستمراره في تأسيس الحضارة الإسلامية عبر عصورها، فهو فكر تربوي يأخذ عن مصادر تستند إلى عقيدة راسخة وثابتة، ومنابع ثرّة غنية أكسبته كل عناصر القوة والإبداع والنمو المستمر، ومصادر الفكر التربوي الإسلامي يمكننا أن نقسمها إلى قسمين:

 مصادر أولية وهي:

  • الوحي بشقّيه (الكتاب والسنّة).
  • الإجماع.
  • العقل.

 مصادر ثانوية وتشمل:

  • التراث التربوي الإسلامي.
  • إبداعات التراث الإنساني السليم في المجال التربوي.

      أولا: المصادر الأولية

أ – القرآن :

“القرآن الكريم هو المصدر الأول اليقيني الذي يحتوي على معالم المنهج الإسلامي في التربية والتعليم والتنشئة والتوجيه”(7) “وغير ذلك مما عالجه الإسلام بطرق عملية حكيمة راعت جميع الخصائص الفطرية المكتسبة في الإنسان الذي يعد موضع اهتمام هذه التربية مثلما هو محل اهتمام وعناية من القرآن والسنة”(8)، “ومعروف أن القرآن هو عهد الله إلينا الذي ألزمنا الإقرار به والعمل بما فيه، وصح بنقل الكافة الذي لا مجال للشك فيه، وهو المكتوب في المصاحف المشهور في الآفاق كلها”(9)، وهو في الإصطلاح: “كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ العربي، المنقول إلينا بالتواتر، المكتوب في المصاحف المبدوء بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس”(10).

“وقد أولى المسلمون عناية فائقة بالقرآن الكريم، يدرسونه تعليما وتعلما، ويتلونه حق تلاوته، ويتدبرون آياته، ويعملون بما جاء فيه من أوامر ونواهي، ومن إصلاح، وتزكية، وتهذيب”(11)، ومن هذا المنطلق أصبح القرآن الكريم المحور الذي تتمركز حوله العملية التربوية والتعليمية عند المسلمين، وتدور حوله مناهج التعليم وطرق التربية وأساليبها.

ثم إن هذا القرآن زاد للعابد وللعالم وللعامل وللمفكر والفيلسوف ينهل كل منهم ما يشاء ليسير بهم نحو الاستثمار الأمثل للفرصة المتاحة المباحة في أي مجال من مجالات الحياة النافعة، “ولا ريب أنه بتمسكنا بالمنهج التربوي في القرآن الكريم سنحقق النهضة العلمية الشاملة ونعود من جديد بالنهوض بهذه الأمة ونكون الرواد في شتى المجالات كما كان أسلافنا، ويقول ابن قيم الجوزية في سياق النص الذي يقول فيه: وكمال الإنسان إنما يتم بهذين النوعين: همة ترقيه، وعلم يبصره ويهديه، (أي العلم والإرادة) فإن مراتب السعادة والفلاح، إنما تفوت العبد من هاتين الجهتين أو من إحداهما”(12).

“ولا تقتصر تلاوة القرآن الكريم على مجرد القراءة وإنما هي قراءة ملزمها التدبر، والفهم، والإدراك، واستشعار الرهبة، والخوف، والأمل، والرجاء، بحيث ينتقل القارئ للقرآن من هذه التلاوة إلى التزكية وإلى التوبة والاقلاع عن الذنوب وتنقية النفس من الأدران والشوائب، وجعلها في حالة تسمح لها بتلقي الحكمة، وتعلم كل ما ينفعها مما لم تكن تعلمه…”(13).

إن القرآن المعجز رسالة إلهية أرسلت تكريما وتشريفا لنا ولطفا ورأفة بنا، حتى ننظم حياتنا في ضوئها، ونصحح مسارنا على منوالها.

ب- السنّة:

“تعتبر السنة النبوية أحد الأصول التي ألزمنا الله تعالى طاعتها والإنقياد لها في الآية الجامعة لجميع الشرائع أولها عن آخرها”(14)، وهي قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾(15)، “كما وضح لنا بنص القرآن أن الأخبار هي أحد الأصلين المرجوع إليها عند التنازع”(16) قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾(17).

أما السنة في اصطلاح أهل الشرع: “فهي ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، أو صفة أو خليقة أو سيرة”(18).

فالسنة النبوية تشريع وهداية واجبة الاتباع لا محالة، وتركها وعدم الاحتجاج بها تنقيصا من شأنها أو جهلا بمكانتها أو ادعاء بالاكتفاء بالقرآن وحده يؤدي إلى تعطيل تطبيق القرآن، والعجز عن الامتثال لأوامره وبيان أحكامه.

وتأتي أهمية السنة كمصدر هام من مصادر الفكر التربوي الإسلامي من خلال:

  • أنها تمثل الجانب التطبيقي لنصوص الوحي، فأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم وسلوكياته وحركاته وسكناته ترجمة لما جاء به الوحي.
  • فيها بيان لأحكام القرآن من خلال تقييد مطلقه أو تفصيل مجمله، أو تخصيص عامه، أو توضيح مشكله، كالأحاديث التي فصلت أحكام الصلاة والصيام والزكاة والبيوع…؛ وهذا هو أغلب ما جاءت به.
  • أنها قد تستقل بالتشريع أحيانا وذلك كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها وتحريم سائر القرابات من الرضاعة عدا ما نص عليه في القرآن، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وتحريم التختم بالذهب على الرجال، وتحريم استعمال آنية الذهب والفضة، ووجوب زكاة الفطر إلى غير ذلك من الأحكام التي زادتها السنة على الكتاب.

يتضح من هذا كله أن للسنة النبوية دورا هاما في فهم القرآن الكريم وحسن تطبيقه ولذلك قال الإمام الشافعي: “إن القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن”.

وبذلك فإن ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث وصح حق، والحق أحق أن يتبع، زيادة على أن الواقع يشهد أن ما ورد عنه من أحاديث كان له الأثر الطيب في إصلاح حياة الأفراد والجماعة، في المجالات التربوية والسياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية، ونأى بهم عن متاهات الضلالات في الحياة الدنيا والآخرة، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: ” تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِن تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي “(19).

بعض الجوانب التربوية في السنة النبوية: 

فيما يلي نلخص أهم الجوانب التربوية في السنة النبوية، مما يبرز الدور التربوي للسنة ويؤكد مكانتها كأصل ثان من أصول التربية الاسلامية، إذ سيجد فيها المسلم القدوة الحسنة، والمثل الأعلى، وبها سيصحح تمثلاته ومواقفه، مما يكسبه مناعة ضد كل أمراض الانحراف العقدي والسلوكي، ومواجهة كل أشكال الغلو والتطرف والعنف والإقصاء.

1- فضيلة طلب العلم ونشره:

تسلك السنة النبوية مسلك القرآن الكريم في رفع منزلة العلم وترسيخ قيمته في حياة الإنسان، فعن معاوية – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَالْفِقْهُ بِالتَّفَقُّهِ، وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”(20) ، كذلك جعل صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة فقال: “طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ”(21)، وفي ذلك إيجاب لطلب العلم وتحصيله وتأثيم لمن يتقاعس عن التعليم وعن التفقه في الدين، لأن الله تعالى لا يعبد بالجهل، بل يعبد بالعلم، فالبدء بالعلم لازم قبل القول أو العمل؛ قال الله تعالى :﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾(22)، وقد بوّب الإمام البخاري – رحمه الله – في أول ما بوّب به صحيحه قوله: باب العلم قبل القول والعمل؛ لذلك فمنزلة العلم منزلة عظيمة، كيف لا وإن أول ما نزل من القرآن: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾(23).

2- الأمر باحترام العلماء والمتعلمين:

لا يستوي العالم والجاهل عند الله، وعند الناس، لقول الله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾(24)، فالعلم يهب لصاحبه التقوى والخشية والورع، ويدخله في الذين قال الله – تعالى – فيهم: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾(25)،  فكل من كان بالله أعلم، كان أكثر له خشية، وأوجبت له خشية الله الانكفاف عن المعاصي، والاستعداد للقاء من يخشاه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ضمن حديث طويل : “إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ،إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ”(26)، وقوله صلى الله عليه وسلم: “لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِل كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ”(27)، ولا غرابة فالعلم يرفع منزلة المتعلم، ويستر نقصه الخلقي وعيوبه الجسمية، ويضفي عليه حلة من الشرف الرفيع والمهابة التامة، حتى وإن كان صاحب نقص بين، موصوف بالعجز، ومثل عطاء رحمه الله كثيرون تميزوا بالعلم والتفوق فيه ومن هؤلاء الأعمش والأعرج والقصير، والكسيح…إلخ.

3 – مراعاة قدرات ومستويات المتعلمين:

إن المنهج التربوي النبوي يراعي قدرات ومستويات المستهدفين، فيعطي كل واحد ما تستسيغه نفسه وذوقه، ويألفه قلبه، ويلبي حاجاته، فالعقول والمدارك تختلف، والناس تتباين في سرعة الاستجابة والفهم، ولذلك لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أوصاه قائلا: “إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ”(28).

كما كان يدعو إلى مراعاة الفروق الفردية بين الناس في التعامل معهم، قال صلى الله عليه وسلم: “إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ”(29)، وما يدل أيضا على اعتباره صلى الله عليه وسلم للقدرات والمستويات تعامله مع سائليه، فنجد السؤال الواحد، تختلف إجابتاه باختلاف حاجات السائلين، وما يتلاءم مع نفسياتهم، ويصلح لهم.

4- اليسر ورفع الحرج:

لعل من أعظم السمات التي اختص الله تعالى بها الشريعة الإسلامية، وميزها عن غيرها من الشرائع السابقة مزية اليسر وعدم العسر ورفع الحرج، والتيسير مقصد عظيم من مقاصد الشريعة الإسلامية، وقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة على هذا الأمر، قال تعالى: ﴿هُو اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾(30)، وقال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾(31)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ”(32)، وكان صلوات ربي وسلامه عليه من رحمته بالعباد، وتيسيره عليهم، ينهى عن التشدد في الدين، قال عليه الصلاة والسلام: “لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ”(33).

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: “مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا”(34)، وكان يحث على طلب الرفيق من الأمور والتكليف، ويقول في دينه “إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقٍ”(35)، وينهى عن التشدد وطلب الشاق، ويقول: “لَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ”(36)، ويقول “سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وابشروا فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ”(37).

5- تعليم المرأة:

لقد بدأ الوحي بالأمر بالقراءة، والمرأة والرجل في ذلك سواء، إذ تولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تعليم النساء بنفسه، وجعل لهن يوما يلتقي بهن بعيدا عن الرجال يعلمهن، ويفقههن في أمور دينهن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ [وفي رواية للبخاري: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ] فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ: اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ”(38)، وكانت أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا سيما عائشة – رضي الله عنها – معلمات عظيمات، نقلن إلى الأمة كثيرا من الأحاديث النبوية، وأحكام الشريعة الإسلامية، ولقد أثبتت المرأة المسلمة على مدار العصور أنها أهل للثقة ورمز للتفوق، كما أثبتت أنها لا تقل عن الرجل استعدادا للمعرفة، وكفاءة في طلب العلم، فكانت منهن الطبيبات العابدات، والمهندسات التقيات…إلخ.

 6- استمرارية العملية التعليمية التعلمية مدى الحياة:

 يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا”(39)، فالأمة في حاجة إلى العلماء الربانيين الذين يقودونها إلى الخير بعلم يثمر تربية وتزكية تصلح بها النفوس وتستقيم بها الحياة، فقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم طلب العلم لإخراج النفس والناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم بنية خالصة لله جهادا، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ”(40).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حثه على طلب العلم: “الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا”(41)، وقال: “إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثَةِ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”(42)،وقال: “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ”(43)، فالخير كل الخير أن يستغل المسلم ريعان شبابه وفتوّته في طلب العلم وتحصيله والحرص على تعاهده لئلا يسأل عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ فيجيب بما لا يرضي الله، فيخيب مسعاه.

وبعد فقد نالت التربية في السيرة النبوية مكانة مرموقة، والإغتراف منها من حياضها المعصومة تقويم للسلوك، وصقل للنفوس، وتهذيب للطباع، يورث سمتا مكنونا، وإيمانا مظنونا ينفع به نفسه، وغيره في مجتمعه من حوله، لما لحاله وأفعاله من تأثير وجاذبية قبل مقاله.

كانت هذه بعض الجوانب التربوية في السنة النبوية وهي غيض من فيض كما يقال، إذ الإحاطة بجميعها إحاطة تليق بمقام من صدرت عنه تحتاج إلى استنباط عميق ونظر دقيق يستطيعه أولي العلم، وهذا لا تناسبه طبيعة البحث وإلا فهي تحتاج إلى أسفار مفردة.

ج- الإجماع:

الإجماع هو الأصل الثالث من أصول التشريع الإسلامي، وهو “نوع من أنواع الإجتهاد، لأن الإجتهاد إما فردي وهو القياس وإما جماعي وهو الإجماع”(44).

و”الاجماع في اللغة الاتفاق”(45)، “والعزم والتصميم على الأمر وانعقاد النية على فعله”(46)، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾(47)، وهو في اصطلاح الأصوليين: “اتفاق جميع مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في عصر من الأعصار على أمر من الأمور…”(_48).

الدور التربوي للإجماع:

إنه لما أغلق باب الاجتهاد ولا يهمنا هنا الغرض منه ولا مبرراته، وران الجمود على عقول من كان الفقه وأصوله مهمتهم، ابتعدت الشريعة وانفصلت عن واقع الناس وحياتهم المستمرة المتجددة والمتغيرة دائما والتي لا تعرف للثبات سبيلا، وهذا شذوذ معرفي سلوكي مسيء للإسلام والمسلمين، بما أنه ضرب من البلادة والاحتقار، قد يفضي إلى التشكيك في قدرة العقل المسلم على التفكير، والتقدير، والقياس، ووصفه بالتقليد، والتبعية، والركود، ولا كان هذا أصلا في الإسلام، بل إن الإنسان وحقوقه، وكرامته، وتلبية حاجاته، وكل ما تعلق به، هو نفسه لا غيره محور مقاصده، فكان لابد من معرفة أحكام النوازل والقضايا الجديدة، وهو أمر أرشد إليه القرآن الكريم، وأشارت إليه السنة النبوية على كل من بلغ رتبة الإجتهاد أن يبذل الجهذ، ويستفرغ الوسع، فإن اجتهدوا مجتمعين واتفقت آراؤهم جميعا على حكم واحد كان إجماعا.

“وقد تنبهت بعض جماعات المسلمين إلى أهمية الإجماع التربوية، ووجوب العمل به كلما جدت الحاجة إلى تعرف حكم الله في أمر من أمور الدنيا والآخرة، وليكون البحث في مختلف شؤون الفرد والمجتمع حسب ما تمليه المتغيرات في كل عصر أو مصر وما تفرضه ظروف الاجتماع البشري بحاجاته المختلفة وبحيث ينظر المجمعون في واقع الأمة ومستقبلها وما يصلحها في حالها ومآلها ويقودها في دروب التقدم والعمران وهو ما يرتب واجبا عظيما على علماء المسلمين وفقهائهم من أهل الاجتهاد لاستنباط الأحكام ووضع التصورات والحلول للمشكلات التي تعترض سبيل حياتهم”(49).

وهكذا نحقق التنمية وننهض بالمجتمع ونحافظ على توازنه واستمراريته وفق مراد الله تعالى وشرعه، فلا يقبل شرعا ولا عقلا أن يبقى الإسلام حبيس المصاحف والمساجد وحلقات الذكر والكتب العتيقة والأصيلة، بل هو عقيدة روحية سياسية ينبثق عنها نظام، ومنظومة تربوية  بامتياز ينبثق عنها منهاج.

“ولعل من أبرز مزايا التربية النبوية فتحها الباب على مصراعيه في وجه الاجتهاد العقلي بل إنها جعلت للمخطئ أجرا على اجتهاده، وذلك تشجيعا منها على مداومة الاجتهاد والتفكير وإبداء الآراء، وإن كانت خاطئة، فالخطأ يقود إلى الصواب، عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر»، ولم نجد سنة من السنن أو حتى نظرية من النظريات القديمة أو الحديثة تجزي المجتهد على خطئه كالسنة النبوية، نعم قد تجازيه على إصابته ولكنها لا تكافؤه على الخطأ إن لم تعاقبه عليه”(50).

ولا شك أن الأمة الإسلامية أجمعت على أصول وفروع كثيرة، بما يؤكد أن الجوامع المشتركة بين المسلمين أكبر وأكثر من أية قواسم غير مشتركة، مما يعزز ثقة المؤمن بدينه، و يعصمه من السقوط في أتون الشبهات، ودوامات الاختلافات في  الاجتهاديات. وقد كرس هذه الرؤية علماء التربية المسلمون في برامجهم، “والذي نذكره هنا أن ما أنتجوه من فكر تربوي وابتدعوه من أساليب في نقل القيم المصاحبة للعلم؛ صاغوا منه نظرية تربوية إسلامية مرنة، تتكيف مع الأحوال والظروف، وتستوعب المتغيرات، وتنتج لكل حالة حلا، ولكل واقعة حديثا”(51).

د- العقل:

فإن من أعظم نعم الله على العبد، نعمة العقل، وقد أناط الله تبارك وتعالى التكليف جملة وتفصيلا على وجود هذا العقل، فإذا فقد الإنسان عقله سقط عنه التكليف، والتحق بغمار البهائم، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر، وبين الخطإ والصواب، ثم يختار منهما ما شاء، وبعد ذلك يجزى على اختياراته كلها، فيستحق بعدئذ على الحسن منها الثواب، وعلى القبيح منها العقاب، ومن حرص الإسلام على العقل أن نهى عن التقليد الأعمى الذي فيه تغييب وتعطيل للعقل عن أداء دوره في الوجود، كما نهى عن الاعتقاد في الخرافات والأساطير، ودعاهم إلى التوكل على الله، والأخذ بالأسباب، والسعي للانتفاع من سنن الله في هذا الكون، بإعمال العقل وفق قوانين علمية مضبوطة، إضافة إلى ضرورة المحافظة عليه من كل ما يعطله أو يضره، مثل تناول المسكرات والمخدرات وغيرها مما قد يؤثر سلبا على تلك الهبة الإلهية والنعمة الربانية.

وقد وردت كلمة العقل ونسبتها، وأصلها، واشتقاقها اللغوي كثيرا في كلام العرب، ووردت في ألفاظ القرآن الكريم وفي الحديث، وتناولتها معاجم اللغة وكتب التعريفات بالشرح والبيان.

وفي هذا الشأن  يقول أحمد بن فارس: “العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد، يدل عُظْمُه على حُبْسة في الشيء، أو ما يقارب الحُبْسة، من ذلك العقل، وهو الحابس عن ذميم القول والفعل، قال الخليل: العقل نقيض الجهل. يقال: عقَل يعقِل عقلاً: إذا عرف ما كان يجهله قبل، أو انزجر عما كان يفعله … ورجل عقول: إذا كان حسن الفهم وافر العقل”(52).

وقال الراغب الأصفهاني: “العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم، ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل … وكل موضع ذم الله فيه الكفار بعدم العقل فإشارة إلى الثاني دون الأول … وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فإشارة إلى الأول، وأصل العقل الإمساك والاستمساك، كعقل البعير بالعِقال، وعقلِ الدواءِ البطنَ، وعقلت المرأة شعرها، وعقل لسانه: كفه، ومنه قيل للحصن معقِل”(53).

وفي تعريفه للعقل يقول الفيروز آبادي: “العقل: العلم، أو بصفات الأشياء: من حسنها وقبحها، وكمالها ونقصانها، أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين، أو مطلق لأمور، أو لقوة بها يكون التمييز بين القبح والحسن، ولمعان مجتمعة في الذهن، يكون بمقدمات يستتب بها الأغراض والمصالح، ولهيئة محمودة للإنسان في حركاته وكلامه، والحق أنه نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية، وابتداء وجوده عند اجتنان الولد، ثم لا يزال ينمو على أن يكمل عند البلوغ “(54).

وعرف الجرجاني العقل بأنه: “ما يعقل به حقائق الأشياء؛ قيل محله الرأس، وقيل محله القلب … مأخوذ من عقال البعير، يمنع ذوي العقول من العدول عن سواء السبيل”(55).

ومما سبق، نلاحظ التوافق الكبير بين اللغويين في تحديد معنى العقل، فقد أطبقوا على أنه يعقل الإنسان ويحبسه عن النقائص، ويزجره عن محقرات الأمور وسائر الخسائس.

أما العقل اصطلاحا، فتنوعت التعريفات المقولة فيه، واختلفت، وعلى الرغم من تشعب وتباين وجهات النظر بين من حاولوا ضبط مفهومه، إلا أنهم جميعا اشتركوا في شيء واحد، هو  ثمرته ونتيجته العملية، باعتباره  العنصر الأساسي في الفعل المعرفي البشري، ولعل من جملة هذه التعريفات مايلي:

– العقل “أداة الإدراك والفهم، والنظر والتلقي، والتمييز والموازنة، وهو وسيلة الإنسان لأداء مسؤولية الوجود والفعل، في عالم الشهادة والحياة “(56).

– أنه “الوصف الذي يفارق الإنسان به سائر البهائم، وهو الذي استعد به لقبول العلوم النظرية، وتدبير الصناعات الخفية الفكرية”(57).

– هو “في المعنى والحقيقة لا غيره، فهو غريزة وضعها الله سبحانه في أكثر خلقه، لم يطلع عليها العباد بعضهم من بعض، ولا اطلعوا عليها من أنفسهم برؤية، ولا بحس، ولا ذوق، ولا طعم. وإنما عرفهم الله سبحانه وتعالى إياه بالعقل منهم؛ فبذلك العقل عرفوه، وشهدوا عليه بالعقل الذي عرفوه به من أنفسهم، بمعرفة ما ينفعهم، ومعرفة ما يضرهم”(58).

وعلى ضوء ماسبق طرحه، يمكن القول بأن العقل الإنساني أداة الإدراك والفهم والنظر والتلقي والتمييز والموازنة بين الخير والنفع والضرر، وهو وسيلة الإنسان لأداء مسؤولية الوجود والفعل في عالم الشهادة والحياة.

وعلى هذا الأساس يقول الأستاذ عباس محمود العقاد: “والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة في سياق الآية، بل هي تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله، أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه”(59).

وفي فضل العقل يحكى أنه “قيل لابن المبارك: ما خير ما أعطي الرجل؟ قال: غريزة عقل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: أدب حسن، قيل: فإن لم يكن؟ قال: أخ صالح يستشيره، قيل: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: موت عاجل”(60).

ومعلوم أن الإسلام أعلى من شأن العقل  عبر أفواج من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، التي تدل صراحة أو تشير ضمنا إلى التفكير والتفكر، والتأمل والتدبر، والتفلسف والاستنباط، ثم إن هناك نوازل ومستجدات كثيرة اصطدم بها الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لم تحسم الشريعة فيها بالنص، تتطلب من المسلمين الاجتهاد واستفراغ الوسع، ممادعاهم إلى استخدام القياس الفقهي، الذي يعد باكورة من بواكير العقلية الإسلامية على الأقل في نشأته، ودليلا على أصالة فكرية عند المسلمين.

إلا أنه لا ينبغي أن نغفل عن مسألة مهمة فحواها أن طوائف ظهرت قديما وحديثا تطاولت على الشرع المطهر، واعترضت على أحكامه، وادعت أنها مخالفة للعقل، وغير جارية على مقتضى الدليل الحسي المألوف، القابل للتجريب، والتحليل داخل المختبر، فقدموا العقل على النقل، كالمعتزلة من المتكلمين، شأنهم في ذلك شأن من قدم قول من يظنه من الأئمة المعصومين كالرافضة على قول رب العلمين والأنبياء المرسلين، والصواب أن الشرع الحنيف مصدره الوحي، مما يجعل ثوابت وقطعيات الدين الإسلامي حقائق مطلقة لمن آمن واستنار قلبه وعقله، ولو جعل الإنسان ضابط الحق واليقين عنده عقله، بحيث لا يؤمن إلا بما يصدقه عقله، فليعبد آنئذ عقله، فإن الابتلاء جار في هذه الدنيا على الغيب، وإنه لو عرف الإنسان الغيب وانكشفت له حجبه مشاهدة وجهرة، لانتفى الابتلاء والامتحان، ولما عاد للايمان معنى.

فالعقل من غير وحي ضلال، والذين يتهمون المسلمين بالتخلف والرجعية، وألا قدرة لهم على التعاطي للتحليل والتركيب والتخمين، وأن كل ما أنتجوه وهم يجيبون على الاشكاليات التي طرحها الوجود المعرفي معهم داخل حظيرتهم، إنما يدور حول النص ولا يفترق عليه أبدا، لا ينطلقون  – في مزعهم –  من إشكالية إبستيمولوجية، وإنما هي نزعة أيديولوجية تحاول نزع كل إسهامات الحضارة الإسلامية من سياقها ونسبتها إلى حضارة أخرى، قصد التثبيط وبث الروح الانهزامية في نفوس الجماهير المسلمة، وهذا الرأي لا يمكن أن يصمد مع مواجهة النقد العلمي الجاد، ويبطل حتما أمام ما أخرجه المسلمون فعلا من إنتاج فكري بديع.

فالعقل الإنساني أداة التلقي ثم الإبداع في هذا المتلقى، وعلى هذا الأساس اعتمد علماؤنا ثنائية النقل الصحيح والعقل الصريح، لعلمهم بأن “العلاقة بين الإبداع والعقل مترابطة جدا، فالعقل هو الجهاز الذي يفكر به الإنسان، والتفكير هو محور الإبداع، لذلك فإن العلاقة بينهما قوية، كما أن مجالات الإبداع تتنوع بحسب القدرات العقلية المتعددة مثل: القدرة على الإدراك، والقدرة على التذكر، والقدرة على التخيل، والقدرة على الاستنباط والاستنتاج، والقدرة على التحليل، والقدرة على التركيب، والقدرة على الاستقراء، والقدرة اللغوية، والقدرة العددية أو الحسابية، والقدرة العملية، ونحوها”(61)

فقد أوكل الله عز وجل فهم حقائق القرآن الكريم إلى العقلاء أصحاب الألباب  يقول جل وعلا: ﴿أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾(62)، وقال تعالى أيضا: ﴿هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾(63)، فلما فهم مفكرونا هذه الإشارات بذلوا الجهد في معرفة الوجود، وما حولهم مما هو موجود، وبما هو موجود، معرفة مستقاة من النصوص المؤسسة للإسلام، القرآن العظيم والسنة الشريفة، فلم يهمشوا النص الديني، ولم يتأولوه تأويلا ينافي مقتضى التنزيه والتسليم، فانتهوا إلى احتضان مضامين معرفية وفكرية، تجمع بين العقل والنقل، لها تبعات سلوكية وتطبيقية، استطاعت أن تجد مكانها في مختلف أقطار هذا العالم الفسيح.

“وقد صرح بعض حكماء الغرب، بما لا يختلف فيه عاقلان في الأرض، من أن التفكر هو مبدأ ارتقاء البشر، وبقدر جودته يكون تفاضلهم فيه، وقد كانت التقاليد الدينية حجرت حرية التفكير واستقلال العقل على البشر، حتى جاء الإسلام فأبطل بكتابه هذا الحجر، وأعتقهم من هذا الرق، وقد تعلم هذه الحرية أمم الغرب من المسلمين ثم نكس هؤلاء المسلمون على رؤوسهم فحرموها على أنفسهم، حتى عاد بعضهم يقلدون فيها من أخذوها عن أجدادهم”(64).

فمن درس الإسلام وعرف جوهره وحقيقته، علم مكانة ومنزلة العقل فيه، وتيقن أنه الدين الذي أعطى العقل حقه، وأنزله منزلته دون إفراط أو تفريط.

 

 

(1)  ممدوح الصدفي محمد، وفرغل عبدالحميد: “التحديات التربوية التي تواجه العالم الإسلامي في القرن الحادي والعشرين”، دراسة تحليلية، ندوة رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع المنظمة .الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الأقصر،  1998م، ص:16/ 17.

(2)  يوسف القرضاوي، الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة، القاهرة، مكتبة وهبة، ط 1، 1414ه / 1994م، ص: 177 وما بعدها.

(3) فتح الله كولن، الموازين أو أضواء على الطريق، ترجمة: أورخان محمد علي، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، ط1، 2006م. ص:88.

(4) عاكف يوسف صوفان، التحدي الثقافي والإعلامي، مكتب التربية لدول الخليج، مسقط، عمان، 1407ه/ 1987م. ص: 15.

(5) القصص: 77.

(6) رواه الخطيب البغدادي في كتاب ” تلخيص المتشابه في الرسم ” (ج 13 ورقة 136 / 1) عن أنس بن مالك مرفوعا. ومن هذا الوجه رواه ابن عساكر  في ” تاريخه ” (18 / 143 / 1) وزاد في آخره.

(7) الخطيب الغدادي، الفيقه والمتفقه، تصحيح وتعليق إسماعيل الأنصاري،دار الكتب العلمية، بيروت،ج1، ط 2، 1400ه/ 1980م، ص 54.

(8) علي خليل مصطفى أبو العينين، الفكر التربوي الإسلامي، مصادره، معطياته، حركته، رسالة الخليج العربي، مكتبة التربية العربية لدول الخليج، الرياض، السنة السادسة، العدد 17، 1406هـ/1986م، ص 32 – 33.

(9) الحافظ أبو محمد علي بن حزم الأندلسي الظاهري، الاحكام في اصول الاحكام، تحقيق وتقديم وتصحيح محمد أحمد عبد العزيز، مكتبة عاطف، القاهرة، ج1، ط 1، 1398هـ/ 1978م. ، ص107.

(10) زكي الدين شعبان، أصول الفقه الإسلامي، دار القلم، بيروت، ط3، 1394هـ/1974م. ص33.

(11) حامد عبده الهوال، التعليم والتعلم في القرآن الكريم، مكتبة الفلاح، الكويت، ط 1، 1401هـ/ 1981م، ص29.

(12) محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت 751هـ)، مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419ه/1999م، ص 48.

(13) عبد الفتاح جلال، من الأصول التربوية في الإسلام، المركز الدولي للتعليم الوظيفي للكبار في العالم العربي، سرس الليان، المنوفية، جمهورية مصر العربية، ط1، 1397ه/1977م، ص16.

 (14) ابن حزم، الاحكام في اصول الاحكام، (مرجع سابق)، ج1، ط1، ص 108 – 109.

 (15) النساء: 59.

(16) ابن حزم، الاحكام في اصول الاحكام، (مرجع سابق)، ج1، ط1، ص 108 – 109.

(17) النساء: 59.

(18) محمد بن علي بن محمد الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، القاهرة، ط 1، 1356هـ/ 1937م. ص33.

(19) الحديث من خطبة حجة الوداع أخرجه مسلم في كتاب الحج من صحيحه، ومالك في كتاب القدر، باب النهي عن القول بالقدر.

(20) رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل لم يسم، وعتبة بن أبي حكيم، وأبو زرعة، وابن حبان، وضعفه جماعة.

 (21) رواه ابن ماجه (224)، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (1/ 8 – 9)، والطبراني في الصغير (22) من طرق عن أنس، وقد روي بسند رجاله ثقات عن أنس – رضي الله عنه -، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3808).

 (22) محمد: 19.

(23) العلق: 1 – 5.

(24) الزمر: 9.

(25) فاطر: 28.

 (26) سنن الترمذي – العلم – (2682)، سنن أبي داود – العلم – (3641)، سنن ابن ماجه – المقدمة – (223)،

(27) رواه أحمد عن عبادة بن الصامت (22164)‏، ونقله الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” (8/ 33)، وقال: رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن.

(28) صحيح البخاري (4667)، صحيح مسلم – الصلاة – (467)، سنن النسائي – الإمامة – (823)، سنن أبي داود – الصلاة – (794)

 (30) الحج: 78.

(31) البقرة: 185.

(32) رواه الإمام أحمد في المسند، وقال الأرنؤوط صحيح، وصححه الألباني انظر حديث رقم: 1886 في صحيح الجامع. (32) رواه أبو داود (4904)، وأبو يعلى (6/365) (3694)، قال ابن تيمية في ” اقتضاء الصرلاط المستقيم ” (1/296): له شواهد في الصحيح، وضعفه الألباني في ” ضعيف سنن أبي داود ” (4904).

(33) أخرجه البخاري، كتاب المناقب (4/189) رقم:(3560)، ومسلم كتاب الفضائل، باب مباعدته -صلى الله عليه وسلم- للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته (4/1814)، رقم (2328) :.

(34) أخرجه البيهقي في” السنن الكبرى “(3/19)، وضعفه الألباني في ” السلسلة الضعيفة  ”   (1/64) .

 (35) رواه البخاري واللفظ له (39)، وانظر صحيح مسلم (2816) .

(36) رواه البخاري في صحيحه (8/98)، حديث رقم (6467)، باب القصد والمداومة على العمل.

 (38) أخرجه البخاري – كتاب العلم -(101)، ومسلم – كتاب البر والصلة والآداب (2634)- .

 (39) أخرجه البخاري (1 / 50 ، رقم 100) ، ومسلم (4 / 2058 ، رقم 2673).

(40) سنن الترمذي – العلم (2647)، وأخرجه أيضا الضياء المقدسي في المختارة، وأبو نعيم في الحلية.

(41) رواه الترمذي – كتاب العلم – (5 / 51) ، وابن ماجه – كتاب الزهد – (2 / 1395) ، وقال الألباني ضعيف جدا – ضعيف الترمذي – .(2687)

 (42) رواه مسلم – كتاب الوصية – ، باب – ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته – (3/ 1255 (1631) (.

(43) أخرجه أبو داود في سننه، – كتاب العلم -، باب – الحث على طلب العلم – (3 / 317) (3641) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا، بلفظه مع زيادة في أخره، وفي سنده قصة.

(44) بدران أبو العينين بدران، أصول الفقه الإسلامي، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ط1، 1974م، ص111.

(45) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز أبادي، القاموس المحيط، ضبط وتوثيق يوسف الشيخ البقاعي، دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ. (فصل الجيم باب العينين) ، ص10.

(46) الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، (مرجع سابق)، ط1، ص71.

(47) يونس: 71.

(48) الشوكاني، إرشاد الفحول، (مرجع سابق)،ص71. وأبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، خرج أحاديثه وعلق عليه: يوسف عبد الرحمان المرعشلي، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1405ه/1984م، ص245.

(49) سالك أحمد معلوم، الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي، مكتبة لينة للنشر والتوزيع، دمنهور، مصر، ط 2، 1413ه / 1993م. ص111.

(50) نفس المرجع، ص 112.

(51) مقال بعنوان: مستقبل التربية على القيم في ظل التحولات العالمية المعاصرة. مجلة البيان، العدد 194، ص 48

(52) ابن فارس، مقاييس اللغة، تحقيق عبدالسلام محمد هارون، عن دار الجيل، بيروت،ط1، ج: 4، 1991م، ص:647.

(53) الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، دار العلم بدمشق، والدار الشامية ببيروت، الطبعة الأولى، 1412ه/ 1992م. (مرجع سابق)، ط1، ص345.

 (54) الفيروز آبادي، القاموس المحيط، (مرجع سابق)، ص 1336.

(55) علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، التعريفات، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1403هـ/1983م. ص 152.

 (56)عبد الحميد أحمد أبو سليمان، أزمة العقل المسلم، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، مركز دراسات فلسفة الدين وعلم الكلام الجديد، بيروت، ط1، 1424هـ / 2003م. ص 119.

 (57) أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، إحياء علوم الدين، تحقيق سيد عمران، دار الحديث، القاهرة، ج1، د.ط، 1425هـ/2004م. ص58.

(58) الحارث بن أسد المحاسبي، شرف العقل وماهيته، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1406ه/ 1986م. ص17.

(59) العقاد عباس محمود، التفكير فريضة إسلامية، مؤسسة هنداوي للثقافة والنشر،القاهرة، ط1، 2012م.ص 7.

(60) أبي حاتم محمد بن حبان البسيتي، روضة العقلاء ونزهة الفضلاء، دار الكتب العلمية، بيروت، 1977م. ص 17.

(61) عبد الحميد الصيد الزنتاني، أسس التربية الإسلامية في السنة النبوية، الدار العربية للكتاب، ليبيا – تونس، الطبعة الثانية، 1413هـ/1993م. ص 419.

 (62) الرعد: 19.

(63) إبراهيم: 52.

(64)  محمد رشيد رضا، الوحي المحمدي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1426ه / 2005م. ص 111.

 

تعليق 1
  1. Mohammed Zaoui يقول

    C’est un bon article vraiment ta bien dit Mr Hamza

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.