قبسات من شعب الإيمان: التقرب إلى الله
التقرب إلى الله غاية كل مؤمن ، ومقصد كل سالك ، ووظيفة الإنسان المستخلف على وجه الأرض ، طلبا للرضوان الإلهي والعمران المجتمعي … التقرب إلى الله بالفرض والنفل وحب الصالحين يجلب تقرب الله إليك برحمته ومغفرته ورضوانه وعطائه اللامتناهي.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه قال: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب مني ذراعًا تقربت منه باعًا وإذا أتاني يمشيا أتيته هرولة.[1]
و عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قال ” إذا تَلَقَّاني عبدي بشِبر، تَلَقَّيْتُه بذِراع، وإذا تَلَقَّاني بذراع، تَلَقَّيْتُه ببَاع، وإذا تَلَقَّاني بباع أتيتُه بأسرع”[2]
كما أن التقرب إلى الله بالطاعة والخضوع لأوامره يغرس في قلبك حبا لله يدفعك للاشتياق الدائم للقائه، ذكرا وسجودا في الدنيا، ولقائه حقا ويقينا في الآخرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( قال الله : إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه ، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه[3] وعَنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ الله: ” يَا ابْنَ آدَمَ إِنْ ذَكَرْتَنِي فِي نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ فِي نَفْسِي ، وَإِنْ ذَكَرْتَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُكَ فِي مَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ ” أَوْ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي شِبْرًا دَنَوْتُ مِنْكَ ذِرَاعًا ، وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّي ذِرَاعًا دَنَوْتُ مِنْكَ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَيْتَنِي تَمْشِي أَتَيْتُكَ أُهَرْوِلُ ” قَالَ قَتَادَةٌ : فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَسْرَعُ بِالْمَغْفِرَةِ .[4]
وروى أَبِو ذَر الغفاري رضي الله عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ” يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً[5]
وعنه أيضا قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “يقول الله عز وجل: ابن آدم إن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا،ابن آدم إن حدثت نفسك بحسنة فلم تعملها كتبتها لك حسنة وإن عملتها كتبتها لك عشرا، وإن هممت بسيئة فحجزك عنها هيبتي كتبتها لك حسنة وإن عملتها كتبتها سيئة واحدة.” (6).
فعطاءُ الله لا حدّ له ، وكرمُه بحر لا ساحلَ له ، تقرَّب إلى ربك بالحسنة الواحدة يضاعفها لك أضعافا ، تُب من ذنوبك يجعلك طاهرا نقيا ، عظِّمه في قلبك وسلوكك ووحِّده ولا تُشرك به شيئا تكن من أهل القرب والمحبة، .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال ربكم : ” الحسنة بعشرة، والسيئة بواحدة، أو أغفرها، ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي لقيته بقراب الأرض مغفرة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا.[7]
وختاما نسأل الله تعالى أن يمُنّ علينا بقربه ، لنكون ممن قال فيهم : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ } سورة الواقعة [10-14]
[1] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه رقم 7536
[2] أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى رقم : 2675
[3] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى ” يريدون أن يبدلوا كلام الله رقم : 7504
[4] أخرجه أحمد مسند المستكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه رقم: 12405 وهو حديث صحيح
[5] أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى رقم : 2687
[6] أخرجه الحاكم كتاب التوبة والإنابة رقم 7624 وقال صحيح الإسناد وصححه الذهبي في التلخيص
[7] أخرجه الطيالسي في مسنده أحاديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه رقم: 466 وهو حديث صحيح