بيت النوم (قصة قصيرة)
بقلم: محمد فاضيلي
طرق الباب في غير وقت الزيارة، وبادره قائلا:
أريد ان أتفرج على بيت نومك، لان خالتك تريد اقتناء مثله.
رحب به وبطلبه، ثم ودعه وانصرف.
طلبت منه الخالة ان يدلها على المتجر الذي اشتراه منه، وأصرت على اصطحابه معها للمتجر، واختيار بيت نوم أغلى، لكنه اعتذر لكثرة انشغالاته.
كانت فرحتها كبيرة وهي تهاتفه وتدعوه وزوجته لزيارتها، ثم تجرهما جرا إلى غرفتها البسيطة، وتدعوهما للتفرج على بيت نومها الاول وغطائه الحريري الفاخر..
لم تهتم لملاحظاتهما ولا لمجاملاتهما، ولم تسمح لهما بالتمدد على السرير او لمس غطائه، كل همها ان ترى اثر الدهشة والغير في وجهيهما، ثم همست في أذنهما قائلة إنها ستغيره بافضل منه وأغلى..
ثم زارتهما مرة أخرى، وبادرت ابن أختها قائلة.:
إن بيت نومي افضل بكثير من بيت نومك.
رد عليها والبسمة تنفرج من بين شفتيه:
اكيد يا خالة.
ضربته على كتفيه وقالت:
انا لست خالتك.. إني أصغر منك ومن زوجتك، وكذا أجمل.
قل لي: يا أختي.
قال: حاضر يا أختي. انت اصغر مني ومن زوجتي واجمل، وبيت نومك افضل ما صنعت يدا نجار على الإطلاق..
تهلل وجهها وانفرجت اساريره، ثم قالت:
وكذلك زوجي اصغر منك.
رد عليها مبتسما:
اكيد خالتي الحبيبة.
ردت:
صحيح انا حبيبتك.
قال:
اجل، وهل في ذلك شك!؟.. انت في عوض الوالدة رحمها الله.
عبست وجهها وقطبت جبينها، ثم طاطات رأسها، والدمع يكاد يغلبها:
لكن زوجي اكبر مني بكثير، وانت وزوجتك قرينان.
قال:
هذا قدر الله، والزواج قسمة ونصيب..
إن كان زوجك اكبر منك فهو طيب وكريم ويحبك اكثر من نفسه.
علتها الفرحة كما لم تحس بها من قبل، وأحست بالنصر، ثم قالت:
نسيت ان اريك شيئا، انظر.
وأخرجت عقدا ذهبيا مزورا من جيدها، وقالت:
هذا عقد ذهبي ثقيل ومن الذهب الخالص، اشتراه لي زوجي بمناسبة عيد زواجنا..
ثم حدقت فيه وقالت:
اين زوجتك لأريه إياها؟
قال: إنها في الخارج لقضاء بعض الأغراض، وقد طلبت مني تغيير بيت النوم، لأنه قد مضى عليه اكثر من عشر سنوات..
تملكها الغضب، وأحست باليأس، لكنها حاولت إخفاءه وقالت:
انت لا تستطيع استبداله بمثل بيت نومي، لأن راتبك أقل بكثير من راتب زوجي..أليس كذلك!؟
قال: بلى..
لكن زوجتي اصرت على بيع القديم، وقد دفعت لها إحدى صديقاتها اكثر من ثمن بيت نومك، وأنت تعلمين ان هذا الموضيل مصنوع من اجود انواع الخشب، ومقتنى من ارقى المتاجر..
قاطعته قائلة:
كلا، إن نوعه قديم جدا ولم يعد مقبولا لدى العائلات او يساير الموضة، وانت اشتريته مستعملا بعدما لفظته صاخبته..ادخل النت واسأل عنه، وابحث في الموديلات الجديدة واثمنتها وكيف يتهافت الناس عليها.
ثم صمتت قليلا وقالت:
ولم لم تخبراني بأنكما تريدان بيعه!؟