منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

في استخدام كل ما أمكن من وسائل في الدعوة (12) الأربعون حديثا الدعوية  

يعقوب زروق

0

في استخدام كل ما أمكن من وسائل في الدعوة(12) الأربعون حديثا الدعوية  

بقلم: يعقوب زروق

 

 

حسن الخلق دعوة، هو الدعوة(10) الأربعون حديثا الدعوية

في إكرام من تدعو (11) الأربعون حديثا الدعوية

 

الحديث السادس والثلاثون:

عنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” اهْجُوا قُرَيْشًا ؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ “. فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ : ” اهْجُهُمْ “. فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يُرْضِ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ حَسَّانُ : قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ. ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ، فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” لَا تَعْجَلْ ؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا، حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي “. فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قَالَتْ عَائِشَةُ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ : ” إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ “. وَقَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” هَجَاهُمْ حَسَّانُ، فَشَفَى وَاشْتَفَى [1]“.

كان الشعر عند العرب لا يقل خطورة عن السيف وربما أفتك منه. وكانت القبيلة تحتفل أيما احتفال إذا نبغ فيها شاعر. لأنه سيذوذ عنها بشعره وسيفاخر بها بين القبائل. كانت تعقد المنافسات والمسابقات الشعرية في الأسواق. وكانت الحروب تهيج بأبيات شعر أو تخبو بمثلها.

لذلك كان لا بد أن تستعمل الدعوة الشعر، إظهارا للحق ومحقا للباطل.

كما كان للخطابة دورها كذلك.

لما قدم وفد بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبهم فخطب فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمّاسِ، أخِي بَنِي الحارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ: قُمْ، فَأجِبْ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ. فَقامَ ثابِتٌ، فَقالَ:

الحَمْدُ للَّه الَّذِي السَّمَواتُ والأرْضُ خَلْقُهُ، قَضى فِيهِنَّ أمْرَهُ، ووَسِعَ كُرْسِيَّهُ عِلْمُهُ، ولَمْ يَكُ شَيْءٌ قَطُّ إلّا مِن فَضْلِهِ، ثُمَّ كانَ مِن قُدْرَتِهِ أنْ جَعَلَنا مُلُوكًا، واصْطَفى مِن خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولًا، أكْرَمَهُ نَسَبًا، وأصْدَقَهُ حَدِيثًا، وأفْضَلَهُ حَسَبًا، فَأنْزَلَ عَلَيْهِ كِتابَهُ وأْتَمَنَهُ عَلى خَلْقِهِ، فَكانَ خِيرَةَ اللَّهِ مِن العالَمِينَ، ثُمَّ دَعا النّاسَ إلى الإيمانِ بِهِ، فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ المُهاجِرُونَ مِن قَوْمِهِ وذَوِي رَحِمِهِ، أكْرَمُ النّاسِ حَسَبًا، وأحْسَنُ النّاسِ وُجُوهًا، وخَيْرُ النّاسِ فِعالًا. ثُمَّ كانَ أوَّلُ الخَلْقِ إجابَةً، واسْتَجابَ للَّه حِينَ دَعاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ نَحْنُ، فَنَحْنُ أنْصارُ اللَّهِ ووُزَراءُ رَسُولِهِ، نُقاتِلُ النّاسِ حَتّى يُؤْمِنُوا باللَّه، فَمَن آمَن باللَّه ورَسُولِهِ مَنَعَ مِنّا مالَهُ ودَمَهُ، ومَن كَفَرَ جاهَدْناهُ فِي اللَّهِ أبَدًا، وكانَ قَتْلُهُ عَلَيْنا يَسِيرًا. أقُولُ قَوْلِي هَذا وأسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي ولِلْمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ، والسَّلامُ عَلَيْكُمْ.[2]

في عصرنا ثمة وسائل أخرى لها من الأهمية ما كان للشعر والخطابة. من ذلك الصورة والفيديو، والبطاقة، والأغنية وغيرها. فجدير بأهل الدعوة أن يطرقوا هذه الأبواب. ليبلغوا بها دعوة الله للناس.

الحديث السابع والثلاثون:

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل: ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ – عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ – إِلَى هِرَقْلَ – عَظِيمِ الرُّومِ – سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } “[3].

طرق أبواب الملوك والعظماء، دعوة عظيمة وجهاد لا يعدله جهاد. ويوم تتحرر الدعوة من قبضة الملوك، ولن تكون أداة في أيديهم تخدم كبرياءهم، ويوم يصبحون هم هدفا لها، يومها تؤتي أكلها بإذن ربها.

عن عبدالله بن عمرو: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم” إذا رأيتم أُمَّتي تَهابُ الظالمَ أن تقولَ: إنك ظالمٌ؛ فقد تُوُدِّعَ منهم”[4]

 الحديث الثامن والثلاثون:

عَنْ ثابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّهُ يَأْتِينِي كُتُبٌ مِنَ النّاسِ ولا أُحِبُّ أنْ يَقْرَأها كُلُّ أحَدٍ، فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تَتَعَلَّمَ كِتابَ السُّرْيانِيَّةِ؟»، قالَ: قُلْتُ: نَعَمْ فَتَعَلَّمْتُها فِي سَبْعَ عَشْرَةَ.[5]

معرفة لغة المستهدفين بالدعوة أمر مطلوب مؤكد، كما هي معرفة فلسفاتهم وثقافاتهم ومعرفة طرق تفكيرهم, كل ذلك ضروري لنجاح الدعوة. فإن من الأخطاء الدعوية أن يخاطب الداعية الأجانب وكأنه يخاطب الأقارب. والتسلح بشتى أنواع العلوم، وخاصة علوم العصر، أمر لا بد منه.


الهوامش:

[1]  – صحيح مسلم – كِتَابٌ : فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ – الحديث: 2490

[2]  – السيرة  النبوية – عبد الملك بن هشام – ج: 2 ص: 562

[3]  – صحيح البخاري – كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ – الحديث: 7

[4]  – مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار – أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد المعروف بالبزار  (ت 292) – مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة – ج 6 – 663 –

[5]  – مسند ابن أبي شيبة – ما رواه زيد بن ثابت رضي الله عنه – الحديث : 138

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.