منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

حكم قراءة قصيدة البردة

الشيخ الحسن ولد الددو / حكم قراءة قصيدة البردة

1

حكم قراءة قصيدة البردة

للشيخ الحسن ولد الددو

بالنسبة لكل كلام غير كلام المعصوم صلى الله عليه و سلم فلابد أن يكون فيه ما ينتقده الناس و لو كانت البردة خالية من النقد بالكلية لكانت بمثابة الكلام المعصوم و هي ليست كذلك، فهي كلام كغيرها من الكلام و قد قال الشافعي عندما سئل عن الشعر :
“كلام حسنه حسن و قبيحه قبيح”، لذلك هذه القصيدة و غيرها من القصائد التي مدح بها رسول الله صلى الله عليه و سلم هي محاولة لأداء حقه صلى الله عليه و سلم الواجب على أمته من الثناء عليه و قد أثنى الله عليه سبحانه و تعالى و كفى بذلك، و أثنى عليه أصحابه و مدحوه، و أثنى عليه التابعون بعدهم و أتباعهم، و لكل زمان يثنون عليه و لا يكملون مدحه و لا ثناءه المستحق والبوصري رحمه الله كان من هؤلاء الذين أجادوا في الثناء على النبي صلى الله عليه و سلم و على أصحابه الكرام، مثلا من قرأ في هذه القصيدة قوله:

هم الجبال فسل عنهم مصادمهــــــم….ماذا رأى منهم في كل مصــــطدم

وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحـــــداً…. فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم

المصدري البيض حمراً بعد ما وردت…من العدا كل مسودٍ من اللمـــــــمِ

والكاتبين بسمر الخط ما تركـــــــت …أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجــمِ

شاكي السلاح لهم سيما تميزهــــــم …والورد يمتاز بالسيما من الســلم

تهدى إليك رياح النصر نشرهـــــــم …فتحسب الزهر في الآكام كل كــم

كأنهم في ظهور الخيل نبت ربـــــــاً .. من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم

راعت قلوب العدا أنباء بعثتــــــــــه ..كنبأة أجفلت غفلا من الغنــــــــــمِ

ما زال يلقاهمُ في كل مصطـــــــرع…حتى حكوا بالقنا لحماً على وضـم

ويقول فيها أيضا:

ومن تكن برسول الله نصــــــــــرته ..إن تلقه الأسد فى آجامها تجــــــمِ

فلن ترى من وليٍ غير منتصـــــــرٍ…به ولا من عدوّ غير منفصــــــــم

أحل أمته في حرز ملتـــــــــــــــــــه …كالليث حل مع الأشبال في الأجـــــم

لا شك أن هذا من حسن الكلام و من أجود الشعر و من أحسنه و أصدقه، أما ما يمكن أن يُنتقد فلا يخلو مثل هذا من كلام مخلوق من النقد، و الذين ينتقدونه أيضا لو قالوا شعرا لوجدنا فيه ما ينتقد جميعا و ذلك مثل بعض الأبيات لتي يكون فيها تعميم أو إعادة ضمير محتمل مثل قوله، كان يخاطب الرسول صلى الله عليه و سلم ببعض الخطاب ثم قال:

فإن من جودك الدنيا و ضرتها…و من علومك علم اللوح و القلم

هذا الخطاب لا يخاطب به الرسول صلى الله عليه و سلم و إنما يخاطب به الله سبحانه و تعالى و لكن تداخل الضمائر يقع و هو معروف في اللغة، و هو مثل قول الله تعالى: “إنا أرسلناك شاهد و مبشرا و نذيرا لتؤمنوا بالله و رسوله و تعزروه و توقروه و تسبحوه بكرة و أصيلا” تسبحوه أي تسبحوا الله و ليس بمعنى تسبحوا الرسول الذي كانت الضمائر عائدة إليه. و تداخل الضمائر كثير في لغة العرب و في القرآن كقول الله تعالى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير” انظر إلى هذه الضمائر كلها ضمير لمفرد، و كلها بلفظ الغائب، “سبحان الذي أسرى بعبده”، هذا الضمير الأول، “ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” هذا الضمير الثاني، “لنريه”، هذا الضمير الثالث، “من آياتنا إنه” هذا الضمير الرابع، و هذه الضمائر كل واحد منها يعود إلى مفسر غير المفسر الآخر. من كان من أهل الفهم و معرفة اللغة لا يضيق ذرعا بهذا النوع و يحمله على أحسن المحامل، و من ليس كذلك فلا يمكن أن يخلو أي كلام مما يمكن أن ينتقد و يوجد فيه بعض العبارات التي قد تعد أو تكون خطأ. و أيضا لابد أن نبين أنه لا إشكال لو قلنا أخطأ البوصيري أو أخطأ غيره، الأمر عاد ليس معصوما، و كل بني آدم خطاؤون و خير الخطائين التوابون.

من فتاوى الشيخ ببرنامج ليتفقوا في الدين

 

تعليق 1
  1. ابراهيم سكري يقول

    جزاك الله خيرا شيخ محمد حسن ولد الددو

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.