منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

حكم استعمال الطيب والصابون للصائم

أبوبكر الزايدي

0

حكم استعمال الطيب والصابون للصائم

بقلم: أبوبكر الزايدي

س: هل يجوز استعمال الطيب للصائم؟وهل يجوز واسعمال الصالون أو الشامبو المعطر في الاستحمام ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

  • أولا: استعمال الطيب غير مفطر عند كل الفقهاء

لا خلاف بين الفقهاء في أن الطيب غير مفطر:
قال الإمام محمد بن أحمد ميَّارة المالكي في “الدر الثمين والمورد المعين” (ص: 464، ط. دار الحديث): [وأما المشموم الطيب الرائحة فنقل صاحب “المعيار” عن الإمام أبي القاسم العقباني أنه قال: لا أعلم من يقول فيه بالإفطار وإنما يكره في مذهب بعض أهل العلم] اهـ.

  • ثانيا: الاختلاف في استعمال الطيب في كونه مكروها أم لا.

اختلف الفقهاء في كراهة استعمال الطيب فمنهم من يرى جوازه بلا كراهة، ومنهم من يرى أنه يسن الابتعاد عنه؛ وذلك لأنه منافٍ لحكمة الصوم التي منها تعويد الصائم على التقشف والابتعاد عن التَّرفُّه والشهوات، ومنهم من يرى كراهية شم ما لا يُؤمن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق، ومنهم من فرَّق بين المعتكف وغيره، فكرهه لغير المعتكف؛ لأنه غير مبتعد عما يفسد اعتكافه.

▪️ وأما الذين استحبوا تركه، فجعلوه من ترك الشهوات المندوبة للصائم، ومما يدل لترك الشهوات، عموم حديث البخاري والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي.

  • ثالثا: أقوال الفقهاء في المسألة

1- (الحنفية):

يرون جواز التطيب للصائم بلا كراهة، قال العلامة حسن بن عمار بن علي الشرنبلالي المصري الحنفي في “مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح” (ص: 245، ط. المكتبة العصرية): [وتفيد مسألة الاكتحال ودهن الشارب الآتية أن لا يكره للصائم شم رائحة المسك والورد ونحوه مما لا يكون جوهرًا متصلًا كالدخان فإنهم قالوا: لا يكره الاكتحال بحال وهو شامل للمطيب وغيره ولم يخصوه بنوع منه وكذا دهن الشارب] اهـ.

2- (المالكية):

يرى المالكية جواز التطيب للصائم المعتكف ويكرهونه لغير المعتكف؛ وعلَّتهم في ذلك أن المعتكف معه مانع يمنعه مما يفسد اعتكافه، وهو مكثه في المسجد وبُعدُه عن النساء بخلاف غير المعتكف.
قال العلامة أبو البركات سيدي أحمد الدردير في “الشرح الكبير” (1/ 549، ط. دار إحياء الكتب العربية): [وجاز للمعتكف… تطيبه بأنواع الطيب، وإن كره لصائم غير معتكف؛ لأن هذا معه مانع يمنعه مما يفسد اعتكافه، وهو المسجد وبُعدُه عن النساء] اهـ.

3-( الشافعية):

يرى بعض الشافعية أنه يُسن ترك التطيب في الصيام؛ لما فيه من الترفه، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في “فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب” (1/ 142، ط. دار الفكر): [وسن من حيث الصوم.. ترك شهوة لا تبطل الصوم؛ كشم الرياحين والنظر إليها؛ لما فيها من التَّرفُّه الذي لا يناسب حكمة الصوم] اهـ.

4- (الحنابلة):

يرى بعض الحنابلة كراهية شم ما له جرم من العطور؛ لأنه لا يُؤمَن أن يجذبه النَّفَس إلى الحلق.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في “كشاف القناع عن متن الإقناع” (2/ 330، ط. دار الكتب العلمية): [ويكره للصائم شم ما لا يأمن أن يجذبه نفَسه إلى حلقه كسحيق مسك وكافور ودهن ونحوها كبخور عود وعنبر] اهـ.

الراجح في المسألة:

الراجح في المسألة والله أعلم هو استعمال الطيب للصائم للآتي :

1- عموم هذه الأدلة -وغيرها مما ورد في استحباب استعمال الطيب والتعطر بالروائح الزكية- يقضي بجواز ذلك في الصيام وغيره إلا ما استثناه الشرع الشريف كالإحرام وما يلحق به.

2- يدل لجوازه عدم ورود دليل ينهى عنه أو يحبذ تركه، ولأنه ليس أكلا ولا شربا، ولا في معناهما.

3- وروى الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كُنْتُ أُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أَجِدَ وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ”، إلا إذا كان محرمًا؛ فالطيب ممنوع أثناء الإحرام فقط.

4- من شمائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبه الطيب والإكثار من التطيب؛ حيث روى النسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»

5- مما يدل على عموم التطيب ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا»
رواه البخاري – كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم.
(دهينًا) أي مدهونًا (مترجلاً) من الترجل وهو تسريح الشعر وتنظيفه .
وهو بلاش شك من باب الترفيه على الصائم فلا وجه على على من منع الصائم من الترفه بالطيب أو بغيره.

الخلاصة:

استعمال العطور و الصابون المعطر في الاستحمام أثناء الصيام لا يضر إن شاء الله، كما أنه لايضر وصول رائحة الروائح المستكرهة، لأن غاية مايبلغ منها هو الرائحة، والرائحة ليس لها جرم يدخل إلى الجوف.

والله تعالى أعلى وأعلم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.