الانتفاضة الشعبية والحراك السياسي في مصر أزمة وتحولات الدولة والمجتمع المدني (2000-2020م)
عماد الدين محمد عويس عشماوي
الانتفاضة الشعبية والحراك السياسي في مصر
أزمة وتحولات الدولة والمجتمع المدني
(2000-2020م)
عماد الدين محمد عويس عشماوي
مقدمة:
شهد الربع الأخير من القرن العشرين العديد من التطورات الكبيرة والأزمات والتحولات العميقة التي أثرت على طبيعة الدولة وعلاقتها بالمجتمع، فقد شهدت تلك الفترة أزمة الدولة التنموية في العالم الثالث وأزمة دولة الرفاه في الغرب الأوروبي وفشلهما في القيام بأدوارهما التي اكتسبا من خلالها الشرعية. ومن ثم كان الاتجاه نحو الخصخصة والاعتماد على القطاع الخاص لقيادة عملية التنمية وتخلي الدولة عن الكثير من أدوارها ووظائفها هو النمط الصاعد، وقد واكب تلك التحولات في أدوار ووظائف الدولة صعود نجم المجتمع المدني بمختلف مؤسساته الاجتماعية والسياسية والحقوقية وتضخم دوره في عملية التنمية والتحول الديموقراطي في مختلف دول العالم؛ وفي شرق أوروبا على وجه الخصوص، فيما عرف بالموجة الثالثة للديموقراطية كما وصفها صمويل هانتجتون[1].
وفي ضوء تلك التحولات للدولة والمجتمع المدني، وفي ظل استحكام أزمة الدولة التنموية العربية وفشلها في القيام بغالب المهام والأدوار التي تأسست عليها شرعيتها بعد تحقيق الاستقلال، ودخولها في دوامة الديون وعجز الموازنة وتردي الخدمات والنقص الحاد في فرص العمل للأجيال الجديدة، مع انسداد أفق المجال السياسي في ظل هيمنة حزب واحد أو فصيل واحد أو أسرة أو قبيلة على مقدرات البلاد، وتغييب معظم قوى المجتمع الحية عن المشاركة والتعبير عن آراءهم وحقوقهم في بلادهم، في ظل هذا كله تم استدعاء مفهوم المجتمع المدني في المجتمعات والدول العربية مع بداية تسعينيات القرن الماضي كمحاولة لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة تسهم في إعادة بناء الدولة والمجتمع بشكل صحيح يحقق ما فشلت فيه الدولة التنموية بمفردها طوال مرحلة ما بعد الاستعمار والاستقلال الوطني[2].
وقد ظل السجال بين الدولة التنموية التي ناءت بأوزار فشلها عن تحمل مسئولياتها على الوجه المطلوب والمجتمع المدني الذي يصارع ليسهم في بناء المجتمعات والدول العربية على أسس راسخة تحقق الحياة الكريمة للمواطنين العرب دون حسم نهائي حتى قامت الانتفاضات السياسية أو ما عرف بالربيع العربي والحراك السياسي الذي واكبه، وما حمله وكشفه من دلالات تتعلق بأزمة الدولة التنموية وانكشافها النهائي، وليس ذلك وحسب بل وأيضاً بيان جوانب الضعف التي يحملها المجتمع المدني والتي أسهمت في إجهاض تلك الانتفاضات في غالبها.
وقد حملت تلك الانتفاضات العربية روحاً جديدة وحاولت البناء على ما راكمته مؤسسات المجتمع المدني خلال العقدين السابقين من خبرات وتحركات وفعاليات سياسية واجتماعية وحقوقية ضد استبداد دولة ما بعد الاستعمار وفشلها في أداء ما انتدبت له نفسها واكتسبت على أساسه شرعيتها: تحقيق الديموقراطية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستقلة، والوحدة العربية، والكرامة الإنسانية. كما بينت أحداث تلك الانتفاضات؛ وفي القلب منها الثورة المصرية، طبيعة الجدل حول العلاقة الملتبسة بين الدولة والمجتمع المدني وأزمات كل منهما التي أدت لنشوب تلك الانتفاضات ثم فشلها ومن ثم عودة الدولة من جديد لقيادة المجال العام وتنحية المجتمع المدني، وهو ما أدى إلى عدم الوصول للصيغة المرغوبة التي تحقق أهداف تلك الانتفاضات. وانطلاقاً مما سبق يحاول هذا البحث تناول العلاقة المربكة بين الدولة والمجتمع في مصر وحدود النزاع والتعاون بينهما وكيف أسهمت تلك العلاقة في قيام الانتفاضات العربية وفشلها خلال الفترة (2000-2020م).
أولاً: إشكالية الدراسة:
يتمثل السؤال الرئيسي لهذا البحث في: ما أثر العلاقة الملتبسة بين الدولة والمجتمع المدني في قيام وفشل الانتفاضة والحراك السياسي المصري بعد يناير 2011م؟ ويتفرع عنه عدة أسئلة، هي: ما الأسباب المتعلقة بالدولة التي أدت إلى هذا القيام والفشل؟ وما الأسباب المتعلقة بالمجتمع التي أدت إلى هذه الانتفاضات والحراك ثم فشلها؟ وما هو السبيل لبناء علاقة صحية بين الدولة والمجتمع تسهم في إعادة بناء الدولة المصرية بشكل صحيح في المستقبل؟
ثانياً: منهجية الدراسة
تستخدم الدراسة منهج وصفي تحليلي نقدي تركيبي يتابع أزمة الدولة المصرية وتحولاتها في علاقتها بالمجتمع المدني حتى أحداث الانتفاضة والحراك السياسي خلال فترة الدراسة ويحاول من خلال ذلك رسم تصور لعلاقة صحية بين الدولة والمجتمع المدني تستفيد من خبرة تلك الفترة تعيد بناء الدولة والمجتمع المدني والعلاقة بينهما على أسس راسخة.
ثالثاً: مفاهيم الدراسة:
1-الدولة: هي جماعة من الناس منظمة سياسياً تبسط سيطرتها على إقليم محدد يتمتع بالسيادة، ويسوده نظام اجتماعي وسياسي وقانوني موجه لمصلحته المشتركة، وتسهر على المحافظة على هذا التجمع سلطة مُزوّدة بقدرات تمكنّها من فرض النظام ومعاقبة من يهدّده بالقوة[3].
2-المجتمع المدني: المجتمع المدني أو civil society هو مجموعة التنظيمات التطوّعية الحرّة التّي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف[4].
3-الحراك السياسي: هو مصطلح مركب من كلمتين، الأولى “الحراك” وتعني الانتقال من موضع إلى أخر وفق معيار ما، والثاني بوصفه “سياسي”، أي له علاقة بكافة جوانب العملية السياسية، والحراك السياسي له مكونات عديدة تلعب دورًا في تفعيله وتنشيطه داخل المجتمع، ومن أهم هذه المكونات: الأحزاب السياسية: المؤسسة العسكرية: المظاهرات والاحتجاجات حملات التأييد أو التعبئة السياسية التي يقوم بها الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني من أجل إحداث تغيير في النظام السياسي لفشله وجموده وعدم تلبيته لمطالب المواطنين أو فئات كبيرة منهم[5].
4-الانتفاضة الشعبية: هي تلك التحركات التي قام بها الشعب المصري في يناير 2011 ويونيو 2013م.
5-الأزمة: هي نقطة تحول بين الحياة والموت، أو الضعف واللاعنف، أو الحل السلمي والصراع الصريح، فالأزمة حالة أو مشكلة تهدد النظام السياسي وتمس شرعيته واستقراره وبقاؤه وتستدعي إيجاد قرار لمواجهة التحدي الذي تمثله[6].
رابعاً: الإطار النظري للبحث:
تتعدد أنماط العلاقات بين الدولة والمجتمع المدني بحسب طبيعة كل مجتمع ونظامه السياسي وأهدافه وغاياته النهائية وترتيب أولويات مواطنيه ومدى توافر الحريات والديموقراطية فيه من عدمه، ففي الدول الاستبدادية أو غير الديمقراطية نجد سيطرة السلطات واحتوائها لحركات المجتمع المدني، في علاقة تفاضلية بينهما ينفي فيه كل منهما الآخر بحسب قوته، أما في الدول الديمقراطية فتتميز بحيوية وقوة المجتمع المدني حيث يكمل منهما الآخر ويقويه في علاقة تبادلية تفاعلية[7].
ويعتبر جول ميجدال من أهم علماء السياسة الذين تناولوا العلاقة بين الدولة والمجتمع، حيث يرى أن دراسة هذه العلاقة تستلزم تحليل الدولة عبر تفكيكها إلى مستوياتها المختلفة من جهة، ومن جهة أخرى دراسة المجتمع وأفراده في سعيهم إلى تنظيم أنفسهم في فضاء منظم هو المجتمع المدني. فالمجتمع المدني ينشط في إطار بيئة توفرها الدولة؛ سواء كانت بيئة داعمة أو رافضة له، أو بمعنى آخر في إطار تكاملي أو تفاضلي. وفي ضوء ما سبق يرى مجدال أن ضبط العلاقة بين الدولة والمجتمع بشكل صحيح يستلزم التعرف على حقيقة الروابط والتفاعلات بينهم، والتي رأى أنها تتلخص في أربعة اتجاهات: الأول هو الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته، والثاني تسعى من خلاله الدولة إلى خلق مساحات للقوى الاجتماعية داخل المجال العام لتشكيل نمط جديد من السيطرة تحت رقابتها بما يحقق شرعيتها، والثالث يكون عبر إدماج القوى الاجتماعية في الدولة دون إحداث تغييرات رئيسية في نمط السيطرة وقد يؤدي ذلك إلى صعود تلك القوى للسيطرة على السلطة. والرابع هو فشل الدولة في الاندماج في المساحات المحلية. وفي ضوء هذه الاتجاهات الأربعة صنف مجدال العلاقة بين الدولة والمجتمع في مصفوفة رباعية تعكس أنماط التفاعل بينهما، تتمثل في: نمط الدولة القوية والمجتمع القوي، نمط الدولة القوية والمجتمع الضعيف، نمط الدولة الضعيفة والمجتمع القوي، نمط الدولة الضعيفة والمجتمع الضعيف وقد اعتمد مجدال مفهوم الضبط الاجتماعي، لقياس مدى صحية هذه العلاقة عبر ثلاثة مؤشرات: 1- الامتثال والطاعة 2- المشاركة 3- الشرعية[8]. وفي ضوء هذا النموذج النظري ستحاول الدراسة تتبع العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني خلال فترة الدراسة الممتدة من 2000 حتى 2020م.
تقسيم البحث
تنقسم الدراسة إلى تمهيد يبين الإطار النظري المستخدم، وثلاثة مباحث يتناول المبحث الأول: أزمة الدولة وصعود المجتمع المدني والحراك السياسي المصري، بينما يتناول المبحث الثاني: أزمة المجتمع المدني وفشل الحراك السياسي بعد يناير _2011-2013م)، ثم يتناول المبحث الثالث: أزمة الدولة والمجتمع بعد حراك يونيو (يوليو 2013-2020م). وخاتمة فيها أهم استنتاجات وتوصيات الدراسة.
المبحث الأول: أزمة الدولة وصعود المجتمع المدني والحراك السياسي المصري(2000-2010م)
شهدت الدولة المصرية خلال العقد الأول من القرن الحالي (2000-2010م) العديد من التغيرات والتحولات الهيكلية العميقة التي أثرت في بنية نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بشكل حاسم، فقد اتسمت تلك العشرية بسيادة نمط التنمية النيوليبرالي القائم على تبني إجماع واشنطن الاقتصادي القاضي بتحرير الاقتصاد وخصخصة الخدمات العامة وإطلاق يد القطاع الخاص ليقود التنمية وتخلي الدولة عن غالب أدوارها ووظائفها الاجتماعية الأساسية.
وهو الأمر الذي انعكس على الحالة الاقتصادية والاجتماعية لغالب المصريين، حيث زادت نسب البطالة؛ خاصة بين الشباب، وتزايدت معدلات الفقر، وتردت الأحوال الصحية والتعليمية للنسبة الغالبة للمصريين، على الرغم من تحقيق الاقتصاد لمعدلات نمو عالية طوال هذه الفترة نتيجة لغلبة مؤشرات الاقتصاد الكلي المتعلقة بضبط عجز الموازنة وتسديد الدين وفوائده وخفض نسب التضخم وغيرها من المؤشرات التي تعتمدها المؤسسات الدولية لتقييم الاقتصاد غير عابئة بآثارها السلبية على حياة المواطنين[9].
بالإضافة إلى ذلك ففي الجانب السياسي صعدت نخبة جديدة للحكم كانت مزيجاً من التوريث لأحد أبناء الرئيس مبارك، مع مجموعة من رجال المال والأعمال المقربين منه، ونخبة من الأكاديميين والسياسيين الذين تبنوا النموذج الليبرالي الجديد بطبعته الاقتصادية دون السياسية كسبيل لبناء جمهورية جديدة بعد رحيل مبارك الذي عجز في منتصف تلك الفترة حتى نهايتها وتنحيه عن إدارة شئون الدولة وتركها بين أيدي هذه المجموعة الشابة وتوجهاتها الجديدة المخالفة لنهج الدولة التنموية التدخلية التي ورثها مبارك من أسلافه وحافظ عليها حتى بداية الألفية[10].
فقد كانت دولة مبارك التنموية تقوم على معادلة سياسية اقتصادية اجتماعية تنطلق من توفير الحاجات الرئيسية للمواطنين من خلال نظام الدعم والتوظيف الحكومي والمساحة الكبيرة للمواطنين في المجال الاقتصادي، بجوار دعم القطاع العام للسلع الرئيسية للشعب، في ذات الوقت الذي يقوم فيه النظام السياسي على عدم غلق المجال العام بالكلية أو تركه مفتوحاً بالكلية أيضاً. فقد هيمنت الدولة على المجال السياسي من خلاله حزبها الوطني لكن دون أن تغلق باب المعارضة للأحزاب السياسية أو القوى الدينية البارزة ممثلة في جماعة الإخوان المسلمين فتركت لهم مساحة للعمل السياسي ونصيباً معلوماً في المؤسسات التشريعية، وهكذا كان الأمر في المجال الاجتماعي حيث سنت قوانيناً للمجتمع المدني تسمح بهامش من الحريات لمؤسساته المختلفة دون أن تتركه تماماً لها من خلال القيود المتضمنة في هذه القوانين التي تسمح للحكومة بكبح جماح أي محاولات للانفراد التام بأي من المجالين السياسي أو الاجتماعي.
ومن خلال هذا الدمج بين وظائف الدولة التنموية ونمط الهيمنة التشاركي وإحكام عملية الضبط المجتمعي سعت دولة مبارك إلى خلق مساحات للقوى السياسية والاجتماعية داخل المجال العام لتشكيل نمط جديد من السيطرة تحت رقابتها بما يحقق شرعيتها (نمط الدولة القوية والمجتمع الضعيف) من خلال ممارسة عملية الضبط الاجتماعي، وعبر التحكم في المجتمع وسيطرتها على القوى الاجتماعية، ومن خلال تعبئة مواردها المادية وحشد الطاقات البشرية للمصريين بشكل نسبي، وإدارة التنويعات الاجتماعية أيضاً بما حقق لها الاستمرارية والسيطرة (استيعاب الأقباط والحفاظ على نسبة تمثيل دائمة لهم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية)، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال: تحقيق الدولة لامتثال وطاعة غالبية المجتمع من خلال قدرتها على استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في توزيع الموارد التي تسيطر عليها، وضمان الاستجابة لها من قبل غالبية المواطنين، وأيضاً من خلال تحقيق المشاركة النسبية والتفاعل الطوعي من قبل المواطنين والقوى السياسية المعارضة مع الحكومة من خلال الاقناع.
فقد سعت الدولة المصرية؛ على الرغم مما اعتراها من ضعف وفساد وتراجع في أداء وظائفها وأدوارها الرئيسية، طوال هذه الفترة إلى احتواء القوى الفاعلة المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتحقيق مصالحها بما يضمن لها دعمهم وتأييدهم من خلال عملية التمكين المتبادل، وبناء العلاقة بين الدولة والمجتمع وقواه الفاعلة على التعاون والتشارك وليس على الصراع، وهو الأمر الذي أسهم في تثبيت شرعيتها وعدم وقوعها في الفشل بنسبة كبيرة ومنع حدوث أي انتفاضات أو حراك سياسي مؤثر قد يهددها أو يزيلها طوال عقدين من الزمان، من خلال تحقيق قدر معقول من الشعور بالرضاء من جانب القوى السياسية والمجتمعية عن الحكومة والقواعد الحاكمة للنظام السياسي.
لكن ذلك كله تغير مع صعود النخبة الجديدة إلى مراكز صناع القرار في الدولة طوال العقد الأول من القرن الحالي (2000-2010م)، ومن ثم تغيرت أدوار الدولة ووظائفها واستراتيجيتها في التعامل مع المجتمع وقواه الفاعلة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والذي تزامن مع صعود المحافظين الجدد في أمريكا ورؤيتهم المختلفة للعالم القائمة على فرض القيم الليبرالية على العالم؛ وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط والدول العربية؛ التي جاء منها مدبري حادث 11 سبتمبر 2001م الذي هز أمريكا عندما هاجمت تلك العناصر حصون الدولة الأمريكية وأبرز معالم ليبراليتها في البنتاجون وبرجي التجارة العالميين، فتوجهت أنظارهم نحو العالم العربي والإسلامي لتحقيق الديموقراطية فيه، وقد نالت مصر نصيبها من العناية من خلال مبادرات الشرق الأوسط الكبير ومبادرة نشر الديموقراطية في النصف الثاني من ذلك العقد[11] والتي تلاقت مع تنامي قوة مؤسسات المجتمع المدني وضعف الدولة المصرية، ومع اجتماع تلك العوامل كلها بدأت معالم مرحلة جديدة في مصر تميزت بالآتي:
سياسياً من خلال صياغة خطاب سياسي جديد للحزب الوطني المهيمن يقوم على تبني قيم الليبرالية السياسية الشكلية واستبعاد كافة الكوادر القديمة التي صاغت العقد السياسي القديم القائم على المشاركة المحسوبة من كافة القوى السياسة تحت هيمنة الحزب الوطني، واستبدالها بهيمنة شاملة للحزب واستبعاد أي قوة سياسية يشتبه في قدرتها على منافس الحزب أو مقاومة عملية التوريث القائمة على قد وساق في مؤسسات الدولة. واقتصادياً التوجه نحو صياغة نموذج جديد للدولة يتخلى عن الجانب التنموي وقيادة القطاع العام لعملية التنمية وانسحاب الدولة تدريجياً من مهامها الاجتماعية المختلفة والاعتماد على القطاع الخاص لقيادة التنمية. واجتماعياً من خلال محاولة اصطناع نخب جديدة تتميز بالولاء للنظام الجديد قيد التشكل من خلال قانون جديد للجمعيات الأهلية ومؤسسات جديدة للعمل الأهلي تقودها مجموعة من رجال الأعمال ورموز العائلات والقبائل الذين يشكلون التحالف السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجديد للحكم.
كل ذلك مع صعود غير مسبوق لجهاز أمن الدولة وهيمنته على المجال العام لمراقبة وقمع أي محاولة للمعارضة أو المشاركة الجادة في المجال العام، مع تزايد غضب المؤسسة العسكرية التي تم استبعادها من ترتيبات الحكم الجديد؛ خاصة عدم حصولها على منصب الرئيس الذي احتكرته منذ بداية الدولة التنموية الحديثة بعد الاستقلال، على الرغم من امتيازاتها الهائلة اقتصادياً واجتماعياً[12].
لقد كانت هذه المحاولة لبناء نموذج سياسي اقتصادي جديد يقوم على السياسات النيوليبرالية الذي تخلى عن الدولة التنموية ونموذج الدولة القوية والمجتمع المدني الضعيف؛ ولكن المشارك والمستوعب ضمن قواعد النظام وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، لصالح نموذج احتكاري واحدي يقوم على دولة قوية ومجتمع مدني محاصر، نظام رافض للمشاركة أو حتى استيعاب القوى السياسية ويحتكم للقوة الأمنية لإدارة عملية الضبط الاجتماعي بدلاً من الحوار والتمكين والرضاء الطوعي والاعتماد على مؤشرات اقتصادية كاذبة عن حقائق الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي أسهمت في غلق المجال العام بكافة تجلياته واحتكار التمثيل للجزب المهيمن وحده وسيادة الفساد بشكل علني ولا مبالاة القيادة السياسية بالغليان داخل المجتمع من هذه السياسات الخاطئة.
ومن ثم فقد كان من الطبيعي أن تفشل عملية إحكام الضبط المجتمعي التي نجح فيها مبارك خلال عقدين من حكمه، فقد سعت دولة جمال مبارك الموءودة إلى محاولة تطبيق نمط الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته من أجل خنق كل مساحات العمل داخل المجال العام، ففقدت شرعيتها قبل قيامها. كما فشلت في إدارة التنوع الاجتماعي والسياسي المصري (فشلت في حماية الأقباط وكان حادث كنيسة القديسين فارقاً في تقلص الدعم القبطي للنظام في لحظة حاسمة من تاريخه[13])، ففقدت معظم داعميها داخل وخارج المؤسسات الرسمية، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال: فشل الدولة في تحقيق الامتثال وطاعة غالبية المجتمع؛ وهو ما ظهر في تزايد المظاهرات والاحتجاجات لمختلف طوائف المجتمع وفقدت الدولة قدرتها الكلية على تحجيمها من استخدام القوة.
كما فشلت في احتواء القوى الفاعلة المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتحقيق مصالحها بما يضمن لها دعمهم وتأييدهم من خلال عملية التمكين المتبادل، وبناء العلاقة بين الدولة والمجتمع وقواه الفاعلة على التعاون والتشارك وليس على الصراع، وهو الأمر الذي أسهم في انهيار شرعيتها.
وقد لعب المجتمع المدني المصري دوراً أساسياً في التمهيد لأحداث يناير من خلال برامج التدريب وورش العمل والأنشطة الثقافية والمعرفية والميدانية والإعلامية والتقارير والكتب التي كانت تصدر عن حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الأفراد والجماعات السياسية والفئوية ضد تعنت وتعسف السلطات وإهدارها لغالبية حقوق المصريين طوال تلك الفترة، كما عملت على تهيئة الرأي العام باتجاه رفض القهر والاستغلال وتكميم الأفواه ومن أجل حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وغيرها وطرحت ملامح عقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع[14].
فكانت الثورة على ما شهدنا وسمعنا وشاركنا حيث بادر المواطنون الشباب وقيادات المجتمع المدني بأخذ زمام المبادرة لطرح مشروع بديل لإعادة بناء الدولة وعلاقتها بالمجتمع بعد أن تداعت شرعية الدولة وانهار العقد الاجتماعي لجمهورية يوليو ليحل محله العقد غير الاجتماعي[15] لدولة جمال مبارك المقبورة التي وصلت لعمق أزمتها وتخلت عن شرعيتها عبر التخلي عن أدوارها ووظائفها ففقدت قدرتها على الضبط الاجتماعي بعد أن تبنت نموذجاً خاطئاً في بناء العلاقة مع مجتمعها يقوم على الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته فوقعت في براثن معادلة صفرية ظنت أنها قادرة من خلالها أن تكون الفائز الوحيد والحائز الوحيد للشرعية دونما أي أسس سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تستند إليها في تحقيق ذلك فأسقطها الشعب، وليبدأ فصل جديد في العلاقة بين الدولة والمجتمع يحاول المبحث التالي بيان أهم معالمه.
المبحث الثاني: أزمة المجتمع المدني وفشل الحراك السياسي بعد يناير (2011-2013م)
سقط مبارك ونظامه وحزبه المهيمن وتنحت جماعة جمال مبارك بمشروعها لإعادة بناء الدولة على أسس نيوليبرالية تجافي تراث الدولة التنموية المصرية في سياقاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعقدها الاجتماعي الذي حافظ على شرعيتها لأكثر من خمسة عقود؛ على ما شابه من فشل وإخفاقات وتجاوزات، وبدأت مرحلة جديدة في علاقة المجتمع والدولة في مصر لكنها انتهت سريعاً لأسباب متعددة يحاول هذا المبحث تقصيها باختصار. فمع تنحي مبارك عن الحكم بعد 18 يوماً من اعتصام المصريين في ميادين مصر مطالبين برحيله ورحيل دولته الفاشلة، بدأت محاولات إعادة بناء الدولة الجديدة للثوار وتحقيق مطالبهم في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فتولى المجلس العسكري أمور البلاد في فترة انتقالية يتم خلالها إعداد البلاد لانتخابات ودستور جديد يتسلم بعدها الحكم المدنيين. وسرعان ما طرح المجلس العسكري تعديلات دستورية تم بمقتضاها رسم خريطة طريق نحو تسليم السلطة للمدنيين، لكن تلك الفترة شابها مجموعة من العيوب التي أسهمت فيما بعد في إجهاض التجربة الديموقراطية وإخفاق عملية التحول الديموقراطي ومن ثم بالتبعية فشل إعادة بناء الدولة على أسس قويمة[16].
فقد كانت عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية بداية انقسام لقوى المجتمع إلى دينية وعلمانية، وهي عملية تنفي أي احتمالات لتوافقات مطلوبة لإدارة المرحلة الانتقالية، ولتحقيق تعاون وشراكة بين القوى السياسية والمجتمعية والمجلس العسكري تمكن الجميع في النهاية من تحقيق عملية الضبط الاجتماعي بشكلها الصحيح التي تحقق معادلة مجتمع مدني قوي ودولة قوية تتحقق فيها المشاركة ويتحقق الرضاء المجتمعي ويتمكن أي نظام قادم من اكتساب شرعية حقيقية تمكنه من إنجاز أهداف الثورة.
ثم تلا ذلك مجموعة من التحركات السياسية والاجتماعية القائمة على تصعيد المطالب السياسية والفئوية من جميع القوى التي قامت بالثورة؛ دون وجود حقائق على الأرض تمكن من تحقيق تلك المطالب والرغبات، وفي ظل استقطاب سياسي شديد تم إجراء الانتخابات النيابية وبقانون انتخابي تم تفصيله لصالح القوى السياسية الأكثر تنظيماً وتواجداً في الشارع وهي القوى الإسلامية؛ وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ويليهم التيار السلفي، وهو الأمر الذي أدى إلى هيمنة هاتين القوتين على أغلبية أول مجلس نيابي بعد الثورة، وليس هذا فقط ما تسبب في تعثر التجربة بسبب تلك الهيمنة الغير مطلوبة في مراحل التحول الديموقراطي الأولى التي تحتاج التوافق والمشاركة ولا المغالبة، ولكن كانت النخبة البرلمانية الممثلة لهذه القوى غير مهيئة في غالبها لإدارة العملية السياسية بشكل احترافي لإعداد القوانين واختيار الحكومة الملائمة لتحقيق التحول الديموقراطي وتسلم السلطة من المجلس العسكري المهيمن على أمور الدولة مع بقايا الدولة العميقة التي ورثها من نظام مبارك، ومن جهة ثالثة كانت القوى المدنية وخصوصاً الشباب ضحية لهذه الترتيبات فحلت في المرتبة الأخيرة القوى المدنية، ولم يحظ شباب الثورة إلا بدور أقل من هامشي في عملية إدارة الدولة بعد الثورة التي قادوها بنجاح.
ومن خلال حساباتها الخاطئة دخلت الجماعة انتخابات مجلس النواب والشورى بدافع المغالبة لا المشاركة بعكس ما وعدت قبل ذلك، كما دخلت انتخابات الرئاسة على الرغم من تعهدها السابق بعدم التنافس على هذا المقعد[17]، بل ودفعت بشخص ضعيف لكرسي الرئاسة (الرئيس مرسي) بعد فشل الدفع برجلها القوي خيرت الشاطر، في حين كانت قوى الدولة العميقة[18] مع بقايا نظام مبارك القديم يعيدون ترتيب أوراقهم ودفعوا بالفريق شفيق مرشحاً للرئاسة. وبرزت خلال الانتخابات الرئاسية أوجه الخلل في جبهة الثورة من تعدد المرشحين وتنافسهم وتصارعهم مما أدى إلى دخول مرشح المجلس العسكري والدولة العميقة للإعادة مع مرشح الإخوان، ولولا إعادة توحيد قوى الثورة في تلك المرحلة والتوافق على حكومة تشاركية وفريق رئاسي يؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي ونظام تشاركي حقيقي[19]، لما استطاع مرسي الفوز بالرئاسة بفارق ضئيل عن شفيق نتيجة للاستقطاب الحاد داخل المجتمع نتيجة تصارع قوى المجتمع المدني فيما بينها.
ومع فوز مرسي ضرب بكل تعهداته تعهدات جماعته للقوى المدنية عرض الحائط ودخل في صدامات متعددة مع المجلس العسكري والقضاء والقوى السياسية بأشكال مختلفة لم تترك له وقتاً لإعادة بناء الدولة، ومع غياب مجلس تشريعي في ظل طرح قوانين معيبة من الرئيس وجماعته وطرح قوانين للمجتمع المدني بمختلف توجهاته كان طابعها الاستحواذ والهيمنة من خلال مجلس الشورى الذي سيطر عليه التيار الإسلامي أكثر من المشاركة والتوافق، ثم إصدار إعلانه الدستوري الذي تراجع عنه فيما بعد، وهكذا مضى عام مرسي في خلافات كبيرة بين أطراف المجتمع المدني التي قامت بالثورة لصالح بقايا نظام مبارك وأركان الدولة العميقة.
ومن ثم أنتجت سياسات جماعة الإخوان والرئيس المنتمي لها نفس النتيجة التي خلفها مشروع جمال مبارك الذي ثار عليه المصريون من قبل، ففقدت الجماعة كثيراً من صورتها الايجابية لدى غالبية الشعب المصري، وتفاقمت حدة الاختلافات السياسية، وتزايد قلق الاقليات الدينية لاسيما الاقباط من استمرار الاخوان في الحكم، وارتفعت نبرة الخوف داخل المجتمع كله من سياسات الإخوان وارتفاع وتيرة العنف في المجتمع وتوالي الأزمات.
فداخلياً فشل الإخوان في إدارة والسيطرة على البيروقراطية المصرية لاسيما المؤسسة العسكرية وجهاز الشرطة وباقي الأجهزة الامنية، رغم محاولتهم احتوائها والاستجابة لكافة مطالبها والتي عبر عنها في دستور 2012. كما دخلوا في مواجهة مباشرة مع مؤسسات أخرى على رأسها القضاء وموظفي وزارة الثقافة بدون قاعدة شعبية من خارجهم، كما فشل الإخوان المسلمون خارجيا أيضاً في قراءة تعقيدات المنطقة وفي طمأنة دول الخليج لاسيما الإمارات والسعودية أن الربيع العربي لن يطولها وأن صعود الاسلام السياسي في الحكم ما بعد الربيع العربي لن يهدد عروش الخليج[20].
وقد أكد الواقع العملي خلال فترة حكم الإخوان سواء في شهور المجلس التشريعي المعدودة أو عام حكم مرسي عدم قدرتهم على إنتاج مشروعات قوانين تلبي الحد الأدنى الذي قامت الثورة من أجله؛ سواء في قوانين الانتخابات أو العمل الأهلي وقوانين العمل الشبابي، وأيضاً في المجال الاقتصادي حيث خضعوا للتوجهات النيوليبرالية التي سبق وفشلت مع نخبة مبارك الذاهبة، بل وطرحوا مشروعات أجمع غالب معارضيهم بل وبعض مؤيديهم على رفضها مثل: قوانين الصكوك الاقتصادية، وقانون قناة السويس، والخضوع لشروط صندوق النقد، وغيرها من الاجراءات التي سحبت من رصيد شرعيتهم بقوة في المجتمع المصري، وهو ما يتبين من حجم الاحتجاجات والمظاهرات خلال عام حكم مرسي وكم الأزمات الحقيقية والمفتعلة التي حدثت والجبهات السياسية التي تكونت ضد حكمه وحكم الإخوان، مثل: جبهة الإنقاذ، وحركة تمرد، بالإضافة إلى آلاف الاحتجاجات والمظاهرات اليومية التي حدثت، ففي دراسة للمركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (2012) تبين أنه في عام واحد تقريباً كان هناك: 851 وقفة، و561 قطع طرق، و558 مظاهرة، و514 إضرابًا، و500 اعتصام، و140 مسيرة، كما شارك في النزول تباعَا من نهاية 2011 وعام 2012 جميع فئات الشعب تقريباً[21].
لقد حاول الإخوان إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتبنوا نفس مدخل جمال مبارك للسيطرة على المجتمع وتحقيق عملية الضبط الاجتماعي بشكل مختلف بعض الشيء لكنه جوهره واحد، فقد ظنوا إن بإمكانهم من خلال الأغلبية التي حصلوا عليها وتنظيمهم المتشعب داخل البلاد وقدرتهم الكبيرة والسريعة على الحشد الجماهيري وما يمتلكونه من موارد أن بإمكانهم النجاح فيما فشل فيه مبارك الابن، أي تركيز كل أدوات السلطة في أيديهم ومن ثم التحكم التام في المجال العام لينفذوا رؤيتهم للمجتمع المصري من خلال نمط الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته الممزوج بقوة الجماعة من أجل خنق كل مساحات العمل داخل المجال العام لتشكيل نمط حديدي من السيطرة لا ينفذ منه أحد، ففقدت شرعيتها ووجودها. ومن كل ما سبق يمكن القول أن قوى المجتمع المدني التي كانت في أوج قوتها بعد ثورة يناير لم تنجح في إعادة بناء مؤسسات الدولة ولا ضبط العلاقة بين الطرفين بالشكل الصحيح لأسباب كثيرة، يمكن أجمالها فيما يلي:
أولاً: محاولة جماعة الإخوان التي تولت الحكم وحازت الأغلبية التشريعية في مجلسي الشعب والشورى بناء نموذج سياسي مطابق للنظام السياسي الذي تم إسقاطه، نظام يقوم على السياسات النيوليبرالية والتخلي عن الدولة التنموية ونموذج الدولة القوية والمجتمع المدني المحاصر. ومن ثم فقد كان من الطبيعي أن تفشل عملية إحكام الضبط المجتمعي على المجتمع المصري بعد الثورة كما فشلت من قبل من قبل جماعة جمال مبارك، فقد سعت دولة الإخوان الموءودة إلى خنق كل مساحات العمل داخل المجال العام لتشكيل نمط حديدي من السيطرة لا ينفذ منه أحد سوى من يؤيدها ففقدت شرعيتها قبل تثبيت أركان حكمها، ولم تستطع التحكم في المجتمع أو القوى الاجتماعية المؤثرة فيه، وراحت توزع مواردها المادية وتحشد الطاقات البشرية المؤيدة لها في الاتجاه الخاطئ القائم على احتكار كل مؤسسات العمل العام وترهيب باقي أبناء المجتمع من مقاومة احتكارهم للعمل العام، وفشلت في إدارة التنوع الاجتماعي والسياسي المصري؛ وخاصة جانب الأقباط الذين تطيروا من نتائج حكم الإخوان على مستقبلهم، ففقدت معظم داعميها داخل وخارج المؤسسات الرسمية، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال:
فشل الدولة في تحقيق الامتثال وطاعة غالبية المجتمع وهو ما ظهر في تزايد المظاهرات والاحتجاجات لمختلف طوائف المجتمع والاستهانة بخطابات وقرارات الرئيس من المواطنين وأجهزة الدولة، وتدخل المؤسسة العسكرية مرات عديدة لضبط العلاقة بين الجماعة والشعب او لرفض توجهات الجماعة تجاه المؤسسة العسكرية، ففقدت الجماعة قدرتها الكلية على الضبط المجتمعي بعد فقدانها لكثير من شعبيتها من جهة ولفقدانها السيطرة على موارد استخدام القوة التي يحوزها الجيش والشرطة الرافضين لتصرفاتها من ناحية أخرى، ولتزايد حدة المعارضة لها من جانب القوى السياسية المدنية التي وجدت نفسها على هامش المشهد السياسي الذي احتكره الإخوان.
لقد فشلت دولة الإخوان في احتواء القوى الفاعلة المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وتحقيق مصالحها بما يضمن لها دعمهم وتأييدهم من خلال عملية التمكين المتبادل وبناء العلاقة بين الدولة والمجتمع وقواه الفاعلة على التعاون والتشارك وليس على الصراع، وهو الأمر الذي أسهم في انهيار شرعيتها وأدى إلى أحداث 30 يونيو 2013م. في حين نجحت القوى السياسية المدنية وشباب الثورة وكثير من منظمات المجتمع المدني في لعب دور أساسي خلال فترة حكم الإخوان من خلال تعريف المواطنين بحقوقهم المنتهكة، وحثّهم على نيل حقوقهم، كما يمكن القول أنّ هذه المنظمات كانت بمثابة المحفز والمحرك لخروج الجماهير الساعية للتغيير في 30 يونيو2013م من خلال كشفها لكثير من عورات نظام الإخوان وخاصة القوانين والقرارات التي كانت مضادة تماما لما قامت الثورة من أجله.
ثانياً: على الجانب الآخر فقد كانت سياسات المعارضة للإخوان تفتقد إلى الصواب السياسي فقد دفعت تلك التصرفات في كثير من الأحيان الإخوان للعناد والتباعد عن المعارضة نتيجة لرفضها في الكثير من الأحيان المشاركة في تحمل أعباء المسئولية السياسية للحكم، كما أن انحياز القوى المدنية للمؤسسة العسكرية ولجوئهم لها لحل أي مشاكل مع الإخوان دون اللجوء للشعب ليحكم فيها عبر الوسائل الديموقراطية، وعدم وجود مشروع ساسي واضح بديل لمشروع الإخوان بتصوراته العملية ونخبه القادرة على إقناع الشعب به ومؤسساته القادرة على حمله، كل ذلك جعل من القوى المدنية؛ وفي القلب منها الشباب، مجرد ثوار على أوضاع لا يرغبون فيها لكنهم لم يكونوا رجال دول وقادة إدارة يمكنهم طرح البديل المناسب وتنفيذه على أرض الواقع ليملأ فراغ ترك الإخوان للسلطة.
ثالثاً: وفي ظل هذا كله، لجأ الجميع إلى الجيش باعتباره المؤسسة الوحيدة القادرة على حسم الصراع: فالإخوان ظنوا أن الجيش سيحمي شرعيتهم، والقوى المدنية والشباب ظنوا أن الجيش سينحي الإخوان ويسلمهم السلطة حسب ما أعلن في خارطة الطريق، وغالب المواطنين ظنوا أن الخلاص بيد الجيش من حالة الفوضى وعدم الأمان والتردي الاقتصادي وفقدان الأمن الاجتماعي التي عاشوا فيها؛ خاصة في الشهور الأخيرة من عام مرسي الوحيد في السلطة، ولهذا خرج الجميع للشوارع المؤيدين والمعارضين لحكم الإخوان على أمل أن يعيد الجيش ترتيب العلاقة بين الدولة والمجتمع بشكل صحي يحقق أهداف الثورة، وليبدأ فصل جديد من العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في افتتاحية جديدة تتشابه بعض معالمها مع مشهد يوليو 1952م، وتختلف أيضاً في الكثير عنها يحاول المبحث التالي بيان أهم ملامحها.
المبحث الثالث: أزمة الدولة والمجتمع بعد حراك يونيو (يوليو 2013-2020م)
بعد مرور ثلاث سنوات وبضع شهور على ثورة يناير تدخل الجيش في السياسة نتيجة حالة الفوضى الشاملة التي اعترت المجال العام المصري التي طالت كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهددت وجود الدولة واستقرارها من أساسه. فقد خسر الرئيس المنتخب غالب رصيده الشعبي الضئيل الذي جاء به وتوسعت معارضته لتشمل المؤسسات الرسمية بجانب القوى المدنية، ووصل الاحتقان في الشارع السياسي مداه بالدعوة لتظاهرات واعتصامات لإسقاط الرئيس في مواجهة تظاهرات واعتصامات تطالب ببقاء الرئيس ومحاكمة الرافضين لاستمراره في مدته الرئاسية، ولم تحسم أي جهة من الجبهتين المتصارعتين الجدل والخلاف السياسي بشكل سلمي يخضع لقواعد العملية الديموقراطية، وإنما فوض الطرفان ومعهما غالبية الشعب المؤسسة العسكرية التي تحظى باحترام الجميع لحل هذا الخلاف. ومن المعروف من خلال الواقع الذي تؤيده الدراسات العلمية أن دور الجيش في الأنظمة العربية؛ وفي القلب منها مصر التي تحكمها المؤسسة العسكرية منذ عام 1952م، هو دور تدخلي بامتياز في العملية السياسية إلى جانب السلطة السياسية إن لم يكن متماهياً معها كما رأينا في دوره في نجاح ثورة يناير ودوره في إنهاء حكم الإخوان[22].
وكما تبين من خلال المبحثين السابقين فقد استفادت المؤسسة العسكرية من السخط على حكم جمال مبارك وجماعته للتخلص منهم، وبعدها استطاعت الحفاظ على صورتها لدى غالبية الشعب المصري بعد الثورة بإداراتها المرحلة الانتقالية بقدر معقول من النجاح وتسليم السلطة جزئياً إلى جماعة الإخوان، والوقوف في وضع محايد بين القوى السياسية عندما احتدم الخلاف بين الإخوان وباقي أطياف المشهد السياسي بعد الثورة حتى طلب منها الجميع التدخل لحل ذلك الخلاف فتدخلت بشروط حددتها في خارطة الطريق في 3/7/ 2013م؛ مع تأكيد على أن إدارة المؤسسة العسكرية لن تكون مماثلة لما حدث بعد 25 يناير حتى 30 يونيو، وهو ما يحاول المبحث الحالي بيانه باختصار، مع التركيز على طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع خلال تلك المرحلة (يونيو 2013-مايو 2021م).
لم تستطع تلك القوى؛ سواء الإسلامية التي حصلت على الأغلبية في مجلسي التشريع بعد الثورة ومنصب الرئيس، أو القوى المدنية التي واتتها الفرصة بعد سقوط مبارك، ولا الشباب الذي افتقد للخبرة والتنظيم القاعدة الشعبية التي تمكنه من قيادة عملية التحول الديموقراطي مثلما قاد عملية إسقاط نظام مبارك، لإثبات كونها جميعاً أو أيا منها بديل حقيقي لنظام مبارك الإخوان معاً. في حين استطاعت المؤسسة العسكرية الحفاظ على مسافة من كل القوى المشهد السياسي المصري بعد الثورة (مع إبرام اتفاقات وتوافقات غير علنية معها جميعاً)، حتى صارت هي الرقم الصعب في المعادلة السياسية لدى الشعب وقواه السياسية المختلفة[23]. فقد استغل الجيش حالة الاستقطاب الحادة بين الإخوان والتيار الإسلامي عموماً وباقي القوى السياسية الرافضة لهم ولحكم الرئيس مرسي في إعادة بناء قواعد العملية السياسية على أساس رؤيته لطبيعة الدولة وعلاقتها بالمجتمع، فمع استتباب الأمر للمؤسسة العسكرية في 3 يوليو وتنحية الرئيس مرسي وحل مجلس الشورى وتعليق العمل بدستور 2012م وفق خارطة الطريق[24] شرعت المؤسسة العسكرية في إعادة بناء الدولة المصرية عموماً وعلاقتها بالمجتمع على الخصوص على الوجه التالي:
أولاً: في البداية لم تتسلم المؤسسة الحكم مباشرة وإنما عهدت لرئيس المحكمة الدستورية برئاسة البلاد بشكل مؤقت لحين إعلان دستور جديد وانتخاب رئيس ومجلس للنواب وعهدت لحكومة من أحزاب التيار المدني المعارض للإخوان بإدارة أمور البلاد مع احتفاظها بمنصب وزير الدفاع والداخلية والخارجية كما كان الحال في عهد مبارك، وتركت لها المهام الصعبة في مواجهة فض اعتصام الإخوان وإصدار سلسلة القوانين التي تجرم التظاهر وإعلان الطوارئ ومد الحبس الاحتياطي وتعديل الدستور وتحصين المؤسسة العسكرية وميزانيتها وقياداتها من أي احتمالات مفاجئة، حتى استقرت الأمور دون أن تدفع أي ثمن سياسي مقابل تلك الإجراءات التي خلفت آثاراً سلبية كثيرة على صورة القوى المدنية وشباب الثورة.
ثانياً: تقدمت المؤسسة العسكرية لتحافظ على منصب رئيس الجهورية بعد مطالبات من غالبية الشعب ونخبه المؤيدة لأحداث 30 يونيو، فتم ترشيح المشير السيسي رئيسا للجمهورية وحصل على أغلبية كاسحة في الانتخابات عام 2014م.
ثالثاً: بدأ نظام السيسي عهده بالاستمرار في سياسات الهيمنة على المجال التي ابتدأت مع حكومة حازم الببلاوي مع تشديد القبضة الامنية بالتزامن مع إصدار قرارات بقوانين تحكم الحصار على أي حراك سياسي محتمل في البلاد واستخدام القبضة الأمنية العنيفة والمراقبة الشديدة للمجال العام الواقعي والافتراضي.
فقد قامت رؤية السيسي على تحقيق الاستقرار للدولة ونظامها السياسي وتحقيق التنمية وعودة الأمن على قراءة عسكرية لما حدث في يناير ويونيو قوامها أن سقوط نظامي مبارك ومن بعده الإخوان نتج عن السماح بهامش ديموقراطي لقوى المجتمع المدني المختلفة للعمل مما أدى إلى سقوطهما، ومن ثم بنى استراتيجيته لحكم البلاد تقوم على التحكم التام في المجال العام من خلال نمط الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته المدعوم بترسانة تشريعية تضيق الخناق على العمل وتجرمه في بعض الأحيان وتجعل تكلفة المغامرة بخوضها عالية الكلفة جداً في غالب الأحيان.
فنظام يونيو 2013م ينطلق في رؤيته لعلاقة الدولة بالمجتمع المدني من أن ثورة 25 يناير لا تمثل تحولًا ديموقراطيًا حقيقاً ولم تحمل برنامجًا واضحًا يعمل على هدم الحياة السياسية القديمة بجميع تفاعلاتها الاقتصادية، والاجتماعية، وبناء آخر جديد. لذلك كانت الحاجة لما حدث في 30 يونيو التي هدفت إلى بناء الدولة التنموية الجديدة التي تقوم على: صياغة عقيدة وطنية تعبر عن جميع فئات الشعب المصري وتشكل النظام السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وتحديد رؤى استراتيجية تنموية تتميز بالشمولية والتدرج من خلال تبني مبدأ الاتزان في التنمية بناء المشروعات التنموية الكبرى، مثل بناء المدن الجديدة، وحفر قناة السويس، وصولًا إلى العدالة الاجتماعية لطبقات الشعب المصري، وإدماج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مع الحقوق السياسية من خلال مؤسسات تحتضن نبض الشارع المصري، واعتبار تحقيق التنمية الإنسانية من صحة وتعليم ومعيشة كريمة مقدمة على الإصلاح السياسي. كما سعى لتحييد الأدوار الكلاسيكية للأحزاب في الحيز السياسي، وإدماجها في أدوار تنموية، وهو ما يتضح في انخراط حزب مستقبل وطن، وتنسيقية شباب الأحزاب في أدوار خدمية ذات طابع تنموي مثل إقامة غرف توزيع السلع، ونشر التوعية بمخاطر أزمة كورونا وتوزيع اللوازم الصحية لها. كما سعت الدولة في توصيل رسالتها إلى الشعب من خلال عقد “المؤتمرات الوطنية” التي تمثل صورة مبسطة لشكل التفاعل السياسي المنشود بين الحكومة والشعب.
كما أنه ينظر هذا النظام للمجتمع المدني كأحد أدواته لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون الدخول في المجال السياسي وهو ما يظهر في قانون الجمعيات الجديد الذي يكاد يجرم أي نشاط حقوقي أو توعية سياسية في حين منح الأنشطة التنموية الأولوية للنشاط المدني، وما يظهر أيضاً في تشكيل مجموعة من منظمات المجتمع المدني بقيادة صندوق تحيا مصر وإشراف من الحكومة المصرية لتنفيذ أضخم حملة تبرعات لخدمة ربوع مصر (في أكتوبر 2020) [25].
وعلى الرغم من نجاح نمط الاحتواء الكامل حتى الآن إلا أنه لم يحقق نجاحاً كاملاً للنظام ولا علاقة صحية بينه وبين المجتمع المدني تحقق الهدف الذي جاء من أجله وفوضه غالب الشعب لتحقيقه، ومن هنا جاءت عمليات الحراك السياسي والمتفرقة طوال السنوات السبع الماضية بدءاً من مظاهرات الإخوان وحملاتهم على النظام في الداخل والخارج، مروراً بالكثير من الاحتجاجات الفئوية والمظاهرات الفردية كما حدث في عامي 2017 بخصوص تيران وصنافير، بالإضافة للعديد من التظاهرات العمالية والمهنية للأطباء والصحفيين وغيرهم، كما ظهر ذلك واضحاً في تراجع معدلات الإقبال على الانتخابات الفترة الثانية للرئيس والاستفتاء على تعديل الدستور مقارنة بانتخابات 2014م، كما ظهرت من خلال المظاهرات المحدودة سبتمبر 2019، والتي تكررت في العام التالي. بالإضافة إلى الاحتجاجات السلمية لنشطاء شباب ولنقابات مهنية ولمجموعات طلابية ولحركات عمالية وحقوقية تدافع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والحريات وللمطالبة بمحاسبة عناصر الأجهزة الأمنية المتورطة في الانتهاكات[26].
لقد نجح نظام السيسي في إدارة الدولة لأكثر من سبع سنوات من خلال نموذج التحكم التام في المجال العام ونمط الاختراق الكامل للمجتمع وفرض سيطرة الدولة الكاملة عليه من خلال استخدام عنف الدولة بمختلف تجلياته من أجل خنق كل مساحات العمل داخل المجال العام لتشكيل نمط حديدي من السيطرة لا ينفذ منه أحد، لكن ذلك لا يعني النجاح في الاستمرار في ذلك من جهة، أو أن يكون ذلك هو النموذج المنشود لعلاقة الدولة بالمجتمع المدني كما تبينها خبرة الدول التي نجحت في بناء علاقة صحية بين الدولة والمجتمع أنتجت دولة قوية ومجتمعاً مدنياً قوياً وإنجازات حقيقية جعلتها في مصاف الدولة المستديمة التنمية التي تحقق أعلى معدلات النمو الاقتصادي في ذات الوقت الذي تحقق فيه متطلبات التنمية الإنسانية المستديمة التي توسع خيارات المواطنين تدعم مشاركتهم وتحقق تطلعاتهم وحقوقهم في حياة كريمة وتعليم متميز وحياة مديدة وأمن إنساني شامل.
فقدرة أي نظام على تحقيق الضبط الاجتماعي والتمكين المتبادل للأدوار بين الحكومة والمجتمع المدني تتوقف على توافر بيئة داعمة وقوانين منظمة ونخب مدركة لذلك كله ومقتنعة به وقادرة عليه ومجتمع يمتلك حداً أدنى من ثقافة المشاركة والحوار وقبول الآخر والنفس الطويل لممارسة ذلك كله عبر مؤسسات حقيقية تجسد معاني الدولة والمجتمع المدني كما مرت بها خبرات الدول التي نجحت في جعل العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في إطارها الصحي والصحيح المنتح لسياسات ونتائج تحقق التنمية والأمن الإنساني الشامل والدولة القوية والمجتمع المدني القوي في علاقة تكاملية فيما بينهما، وهو ما نتناوله من خلال الخاتمة وأهم الاستنتاجات.
خاتمة وأهم استنتاجات وتوصيات البحث
تدل خبرة الكثير من دول العالم في الشرق والغرب والشمال والجنوب على أن العلاقة الصحية والصحيحة بين الدولة والمجتمع المدني التي تنتج دولة قوية ومجتمع مدني قوي ليست معادلة يستحيل تحقيقيها ولا وصفة يصعب تنفيذها، وفيما يتعلق بالمنطقة العربية؛ وفي القلب منها مصر، يخلص نصر عارف في دراسته عن “حراك الجماهير في المنطقة العربية بين انكشاف الدولة وفشل الانقلاب عليها” إلى بعض مما خلص إليه البحث، وهو أن “بقاء الدولة في العالم العربي رغم انكشافها من جانب والثورة عليها من جانب آخر، يعود إلى عاملين أساسيين، هما: أولاً ضعف مؤسسات المجتمع المدني وعدم قدرتها على أن تقدم بديلاً حقيقياً للدولة القائمة، وثانياً قوة وتماسك ورسوخ مؤسسات الدولة المركزية؛ خصوصاً المؤسسة العسكرية التي من خلالها تم الحفاظ على الدولة في بعض الدول العربية، وإعادة بنائها في البعض الآخر”[27].
فقد بين البحث أن العلاقة التكاملية المتوازنة بين الدولة ومجتمعها المدني التي تنتمي لنمط العلاقة: دولة قوية مجتمع مدني قوي، هي أفضل صيغة للعلاقة بينهما، فقد أثبتت أحداث العقدين الماضيين كما حاول البحث بيانه أن نمط الدولة القوية والمجتمع المدني الضعيف لا تحمي الدولة من السقوط في حالة ضعفها وقوة المجتمع المدني غير المؤهل كبديل مثلما حدث بعد سقوط مبارك في يناير 2011م، كما بينت أن نمط العلاقة الاحتوائي الذي يمثل فيه المجتمع المدني دور التابع وتقوم الدولة فيه بجميع الأدوار الرئيسية كما حدث في فترة حكم جمال مبارك والإخوان والسيسي لا تحقق الاستقرار المنشود ولا التنمية المستدامة والأمن الإنساني الشامل لأنها جميعها تعجز عن تحقيق الضبط الاجتماعي بالشكل الصحيح ولا تمكن من تحقيق المشاركة والرضاء المجتمعي، ومن ثم تحقيق الشرعية الكافية لتحقيق الاستمرار والاستقرار لأي نظام سياسي. وهو الأمر الذي يجعل هذا البحث يؤكد على أن استيفاء الشروط الخاصة بإقامة علاقة صحية وصحيحة بين الدولة والمجتمع المدني والتي تنتج دولة قوية ومجتمعاً مدنياً قوياً تتسم العلاقة بينهما بالتكامل والتعاون والشراكة في الأدوار والوظائف، والتي عرفتها دول عديدة من قبلنا هو السبيل الوحيد للخروج من أزمة الدولة والمجتمع، وتحقيق العلاقة الصحية والصحيحة بينهما، ويمكن بيان أهم التوصيات لبناء تلك العلاقة الصحية كما بينت تجارب العالم من حولنا فيما يلي:
1-صياغة عقد اجتماعي جديد يؤطر العلاقة بين الدولة والمجتمع حيث يعترف المواطنون بحق الدولة في الحكم، مع التزامات الدولة بأدوارها ووظائفها التنموية في مجتمع نامي.
2- وجود بنية تشريعية وقانونية داعمة للمجتمع المدني تحدد بوضوح ودون أي لبس مجالات عمل الدولة ومجالات عمل المجتمع المدني، وتحدد الآليات المتبعة دستورياً وقانونياً للتعامل والتكامل بينهما وآليات فض النزاع-إن حدث- بينهما.
3-بناء ثقافة سياسية ووعي سياسي وثقافي واجتماعي للمجتمع تقوم على الاعتراف بالتنوع والتسامح والتعددية واستيعاب كافة قوى المجتمع عبر شراكة كاملة بين الدولة والمجتمع المدني وفق بنود العقد الاجتماعي المتفق عليه.
4-اعتماد سياسة النفس الطويل والتدرج في بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني.
قائمة المراجع
أولا: الكتب:
1-إبراهيم، سعد الدين(إشراف). المجتمع المدني والتحول الديموقراطي في الوطن العربي. القاهرة: مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، ط1، 1993م.
2-ربيع، عمرو هاشم (تحرير). مصر والإصلاح عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ط1، 2006م.
3-سلامة، حسن. العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر: مع إشارة إلى الجمعيات الأهلية. الإسكندرية: المكتبة المصرية، ط1، 2006م.
4-مجدال، جويل. الدولة في المجتمع. ترجمة محمد صلاح علي. القاهرة: عالم الأدب، ط1، 2018م.
5-هانتنجتون، صامويل. الموجة الثالثة: التحول الديموقراطي في أواخر القرن العشرين. ترجمة عبد الوهاب علوب. القاهرة: دار سعاد الصباح، ط1، 1993م.
6-هلال، علي الدين ونيفين مسعد. معجم المصطلحات السياسية. القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ط1، 1994م.
ثانياً: المقالات والدراسات:
1-إبراهيم، حسنين توفيق. “العوامل الخارجية وتأثيراتها في التطور الديموقراطي في الوطن العربي”. مجلة المستقبل العربي، العدد (349)، مارس 2008م، ص20-37.
2-حافظ، زياد. “ثورة يناير في مصر: تساؤلات الحاضر والمستقبل”. مجلة المستقبل العربي، العدد(385)، مارس 2011م، ص68-82.
3-سلامة، معتز. “الدور السياسي للنخبة العسكرية في مصر الثورة”. مجلة الديموقراطية، العدد (53)، ص59-64.
4-عارف، نصر. “حراك الجماهير في المنطقة العربية بين انكشاف الدولة وفشل الانقلاب عليها”. مجلة الديموقراطية، العدد (82)، أبريل 2021م، ص 87-91.
5-عبد الفتاح، بشير. “القوات المسلحة في الدستور”. مجلة الديموقراطية، العدد (53)، يناير 2014م، ص 6-7.
6-عبد الوهاب، أيمن السيد. “المجتمع المدني وتحدي الإصلاح”. مجلة الديموقراطية، العدد (46)، أبريل 2012م، ص61-68.
7-علوي، مصطفى. “الجيش بين الثورة والسياسة”. مجلة الديموقراطية، العدد (52)، أكتوبر 2013م، ص43-49.
8-قرني، بهجت. “الربيع العربي في مصر: الثورة وما بعدها”. مجلة المستقبل العربي، العدد (406)، ديسمبر 2012م، ص73-86.
9-مطر، جميل. “الثورة المصرية: الخلفيات والبدايات”. مجلة المستقبل العربي، العدد (385)، مارس 2011م، ص83-89.
ثالثاً: مواقع الإنترنت:
1-الشريف، أشرف. “مأزق مصر في مرحلة ما بعد مبارك”، مؤسسة كارنيجي، تاريخ الدخول (29/6/2021م)، على الرابط التالي: https://carnegie-mec.org/2014/01/29/ar-pub-54638
2-الموسوعة السياسية، مفهوم الأزمة الدولية، موقع الموسوعة السياسية، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9
3-الموسوعة السياسية، مفهوم الحراك، موقع الموسوعة السياسية، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83
4-الهيئة المصرية العامة للاستعلامات. “أسباب قيام الثورة”، موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، تاريخ الدخول (30/6/2021م9، على الرابط التالي: https://www.sis.gov.eg/Newvr/egyptionrevoution/julyone.html
5-تقرير“ بديع: لن نخوض انتخابات الرئاسة “. موقع صحيفة البيان الإماراتية، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.albayan.ae/one-world/arabs/2011-05-26-1.1444790 وانظر أيضاً: تقرير ” مرشد الإخوان: نستطيع الفوز بـ75% من مجلس الشعب.. ولم نعقد صفقة مع الجيش “، موقع جريدة المصري اليوم، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.almasryalyoum.com/news/details/125327
6-جعفر، هشام. “مصر من إسقاط النظام إلى تفكيك الدولة العميقة”، موقع هشام جعفر، تاريخ الدخول (2/7/2021م)، على الرابط التالي: https://heshamgaafar.com/2021/03/06/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
7-جعفر، هشام. “مصر.. عقد اجتماعي جديد للجمهورية الثانية”، موقع هشام جعفر، تاريخ الدخول (2/7/2021م، على الرابط التالي: https://heshamgaafar.com/2021/03/25/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/
8-حمزاوي، عمرو. “عن الحراك المجتمعي الجديد في مصر – مقاومة السلطوية بعيدا عن السياسة الرسمية”، موقع مؤسسة كارنيجي، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://carnegie-mec.org/2017/04/05/ar-pub-68583
9-شادي محسن. “ مصر بين 25 يناير و30 يونيو.. بناء “الدولة الوطنية التنموية””، موقع المرصد المصري، تاريخ الدخول (2/7/2021م)، على الرابط التالي: https://marsad.ecsstudies.com/48895/
10-قنديل، وائل. “معاهدة فيرمونت بين الرئيس والقوى الوطنية”، موقع جريدة الشروق، تاريخ الدخول (29/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=06072012&id=a87dcc81-d96c-42f1-afe4-d2b5db538938
11-مندور، محمد. “يناير أكثر من هزيمة”، موقع مشروع الديموقراطية في الشرق الاوسط، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://pomed.org/%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%AF-%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9/
12-نص بيان القوات المسلحة لخارطة طريق المرحلة الانتقالية. موقع جريدة الشروق، تاريخ الدخول 30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=03072013&id=81a805f4-49eb-4b63-b7b3-56d4a4f12a6f
[1]هانتنجتون، صامويل. الموجة الثالثة: التحول الديموقراطي في أواخر القرن العشرين. ترجمة عبد الوهاب علوب. القاهرة: دار سعاد الصباح، ط1، 1993م.
[2] إبراهيم، سعد الدين(إشراف). المجتمع المدني والتحول الديموقراطي في الوطن العربي. القاهرة: مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، ط1، 1993م، ص23-24.
[3] هلال، علي الدين ونيفين مسعد. معجم المصطلحات السياسية. القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ط1، 1994م، ص119-120.
[4] إبراهيم، سعد الدين. “المجتمع المدني والتحول الديموقراطي في الوطن العربي“. من تقديم كتاب: هانتنجتون، صامويل. الموجة الثالثة: التحول الديموقراطي في اواخر القرن العشرين، مصدر سابق، ص10.
[5] الموسوعة السياسية، مفهوم الحراك، موقع الموسوعة السياسية، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83
[6] هلال، علي الدين ونيفين مسعد. معجم المصطلحات السياسية، مصدر سابق، ص93-94. وانظر أيضاً: الموسوعة السياسية، مفهوم الأزمة الدولية، موقع الموسوعة السياسية، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9
[7] سلامة، حسن. العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر: مع إشارة إلى الجمعيات الأهلية. الإسكندرية: المكتبة المصرية، ط1، 2006م، ص104-110.
[8] مجدال، جويل. الدولة في المجتمع. ترجمة محمد صلاح علي. القاهرة: عالم الأدب، ط1، 2018م، ص71-98 بتصرف.
[9] حافظ، زياد. “ثورة يناير في مصر: تساؤلات الحاضر والمستقبل”. مجلة المستقبل العربي، العدد(385)، مارس 2011م، ص70. وانظر أيضاً: مطر، جميل. “الثورة المصرية: الخلفيات والبدايات”. مجلة المستقبل العربي، العدد (385)، مارس 2011م، ص87-88.
[10]حافظ، زياد. “ثورة يناير في مصر: تساؤلات الحاضر والمستقبل”، مصدر سابق، ص69. وانظر أيضاً: قرني، بهجت. “الربيع العربي في مصر: الثورة وما بعدها”. مجلة المستقبل العربي، العدد (406)، ديسمبر 2012م، ص75.
[11] إبراهيم، حسنين توفيق. “العوامل الخارجية وتأثيراتها في التطور الديموقراطي في الوطن العربي”. مجلة المستقبل العربي، العدد (349)، مارس 2008م، ص24-26.
[12] الشريف، أشرف. “مأزق مصر في مرحلة ما بعد مبارك”، مؤسسة كارنيجي، تاريخ الدخول (29/6/2021م)، على الرابط التالي: https://carnegie-mec.org/2014/01/29/ar-pub-54638
[13] الهيئة المصرية العامة للاستعلامات. “أسباب قيام الثورة”، موقع الهيئة المصرية العامة للاستعلامات، تاريخ الدخول (30/6/2021م9، على الرابط التالي: https://www.sis.gov.eg/Newvr/egyptionrevoution/julyone.html
[14] قنديل، أماني. “المجتمع المدني وملف الإصلاح السياسي”، في: ربيع، عمرو هاشم (تحرير). مصر والإصلاح عقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ط1، 2006م، ص107-118. وانظر أيضاً: عبد الوهاب، أيمن السيد. “المجتمع المدني وتحدي الإصلاح”. مجلة الديموقراطية، العدد (46)، أبريل 2012م، ص61-66.
[15] يشير مصطلح “غير اجتماعي” هنا (والتعبير للدكتورة أميرة الحداد – أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة) إلى حقيقة أن عددًا متزايدًا من المجموعات المجتمعية تم استبعادها من التفاوض أو الاستفادة من العقد، ما أدى في النهاية إلى الاضطرابات في 2010-2011. انظر: جعفر، هشام. “مصر.. عقد اجتماعي جديد للجمهورية الثانية”، موقع هشام جعفر، تاريخ الدخول (2/7/2021م، على الرابط التالي: https://heshamgaafar.com/2021/03/25/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A/
[16]علوي، مصطفى. “الجيش بين الثورة والسياسة”. مجلة الديموقراطية، العدد (52)، أكتوبر 2013م، ص46.
[17] تقرير“ بديع: لن نخوض انتخابات الرئاسة “. موقع صحيفة البيان الإماراتية، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.albayan.ae/one-world/arabs/2011-05-26-1.1444790 وانظر أيضاً: تقرير ” مرشد الإخوان: نستطيع الفوز بـ75% من مجلس الشعب.. ولم نعقد صفقة مع الجيش “، موقع جريدة المصري اليوم، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.almasryalyoum.com/news/details/125327
[18] النظام القديم هو المؤسسات والأشخاص المرتبطة بالنظام القديم وكانوا أحد أركانه أو رؤسائه وأدواته للسيطرة والاستبداد والاستغلال، ويسقط النظام بمجرد التخلص من هؤلاء الأشخاص أو إلغاء هذه المؤسسات. أما الدولة العميقة فهي بنية خفية وممتدة تاريخيا تسبق النظام القديم في أحيان وتسعى لاستمرار الأوضاع القائمة لأنها تعبير عن شبكة مصالح راسخة في الداخل والخارج. فالدولة العميقة مركب من المصالح والتصورات والإدراكات التي تتحرك على بنية عميقة من أجهزة الدولة وخاصة= الأمنية منها، وشبكة من النخب الثقافية والإعلامية، وطبقة من رجال الأعمال (عيال الدولة)، وتحالف اجتماعي عميق مع طبقات اجتماعية أو شرائح فيها وخاصة بيروقراطية الدولة وأجهزة الحكم المحلى، ويمتد هذا المركب إلى قطاع من المجتمع المدنى، وهذا المركب له امتداداته الإقليمية والدولية. انظر: جعفر، هشام. “مصر من إسقاط النظام إلى تفكيك الدولة العميقة”، موقع هشام جعفر، تاريخ الدخول (2/7/2021م)، على الرابط التالي: https://heshamgaafar.com/2021/03/06/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%81%D9%83%D9%8A%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84/
[19] قنديل، وائل. “معاهدة فيرمونت بين الرئيس والقوى الوطنية”، موقع جريدة الشروق، تاريخ الدخول (29/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=06072012&id=a87dcc81-d96c-42f1-afe4-d2b5db538938
[20] مندور، محمد. “يناير أكثر من هزيمة”، موقع مشروع الديموقراطية في الشرق الاوسط، تاريخ الدخول (30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://pomed.org/%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%AF-%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9/
[21] شادي محسن. ” مصر بين 25 يناير و30 يونيو.. بناء “الدولة الوطنية التنموية””، موقع المرصد المصري، تاريخ الدخول (2/7/2021م)، على الرابط التالي: https://marsad.ecsstudies.com/48895/
[22] عبد الفتاح، بشير. “القوات المسلحة في الدستور”. مجلة الديموقراطية، العدد (53)، يناير 2014م، ص 6-7.
[23] سلامة، معتز. “الدور السياسي للنخبة العسكرية في مصر الثورة”. مجلة الديموقراطية، العدد (53)، ص63-64.
[24] نص بيان القوات المسلحة لخارطة طريق المرحلة الانتقالية. موقع جريدة الشروق، تاريخ الدخول 30/6/2021م)، على الرابط التالي: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=03072013&id=81a805f4-49eb-4b63-b7b3-56d4a4f12a6f
[25] شادي محسن. “ مصر بين 25 يناير و30 يونيو.. بناء “الدولة الوطنية التنموية””، موقع المرصد المصري، تاريخ الدخول (2/7/2021م)، على الرابط التالي: https://marsad.ecsstudies.com/48895/
[26] حمزاوي، عمرو. “عن الحراك المجتمعي الجديد في مصر – مقاومة السلطوية بعيدا عن السياسة الرسمية”، موقع مؤسسة كارنيجي، تاريخ الدخول (1/7/2021م)، على الرابط التالي: https://carnegie-mec.org/2017/04/05/ar-pub-68583
[27] عارف، نصر. “حراك الجماهير في المنطقة العربية بين انكشاف الدولة وفشل الانقلاب عليها” . مجلة الديموقراطية، العدد (82)، أبريل 2021م، ص 91.
استاذي اشكرك على البحث الذي حاز جودة الشكل
وسامحنى قد فاته الكثير من جودة المضمون
منها
– لقد ركزت على فترة حكم مرسي واظهرته ضعيفا بل وذكرت فشل خيرت في الالتحاق بالسباق الرئاسي وكل هذا مخالف للواقع فمرسي لم يكن ضعيفا وخيرت لم يفشل بل قل الحقيقة أُبعِدَ وعندما وعد الاخوان بعدم الترشح ركزوا على ٤ شخصيات من خارجهم وكلهم رفضوا خوض التحربة فاختاروا الانتحار ودخول التجربة مرغمين ( وكان هذا واضحا في قولة الرجل الاخيره. اوعى الثورة تتسرق منكم ) والرجل كان فاتحا بابه للمجتمع المدني والاحزاب وارجو ان تراجع كم عدد الوزراء والمحافظين التابعين له من وسط هذا الكم الهائل من المحافظين في ازمة سد النهضة بمن استعان الرجل في حواراته ومؤتمره المشهور ؟؟
اين كانت القوى المدنية التي تتحدث عنها استاذي يوم ناداهم الرجل لاكثر من مرة ومنهم رؤساء احزاب كبار مثل ايمن نور رفض رئاسة الوزراء مثلا اي اقباط تتحدث عنهم ونائب رئيس حزبه قبطي
سامحني اراك تاثرت كثيرا بمسلسل الاختيار حتى لو لم تشاهده فانت تساهم في استكمال السيناريو بهذه الطريقة
– لماذا لم تتحدث عن المجتمع المدني الان وتفرد له مبحث كامل من بحثك الرصين “شكليا”
– لماذا تدعي ان محاولة الجيش للسيطرة هي محاولة تغليب نظام الدولة ” الغريب انك نصف هذا بالنجاح ” سيدي ما العلاقة بين الجيش والدولة ) الم تدرس في علومك السابقة ان الجيش ما هو الا وزارة من ضمن وزارات الدولة وان الدولة مزيج من مكونات كبيرة احدها الجيش
– كما ذكرت رصدا كاملا لعدد الوقفات والاحتجاجات ايام مرسي لماذا لم تذكر حاليا كم ،،،، و ،،،،،،و،،،،،،و،،،، في هذه الفترة