منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

ظاهرة الغش في الامتحانات كمعيق للإبداع الفكري مقاربة تربوية اجتماعية وسيكولوجية -الجامعات المغربية أنموذجاً

د. يسين العمري

0

ظاهرة الغش في الامتحانات كمعيق للإبداع الفكري

مقاربة تربوية اجتماعية وسيكولوجية

-الجامعات المغربية أنموذجاً-

د. يسين العمري

 

ملخص:

يعتبر الغش في الامتحانات الجامعية ظاهرة اجتماعية تتزايد موسماً بعد آخر، سواء في الجامعة المغربية التي اتخذناها كنموذج وغيرها من الجامعات العربية، وهو ما بات يطرح تحدياً جدّياً يستلزم مواجهته والتصدي له على مختلف المستويات، وذلك بتدخّل كلّ الفاعلين المعنيين بالظاهرة.

إنّ الغشّ في الامتحانات بات يشكّل تهديداً وجودياً أمام المستوى التعليمي، ويتنافى مع مسألة الإبداع الفكري بالجامعات، لذلك سنحاول في هذا المقال مقاربة موضوع الغش في الامتحانات الجامعية، من الناحية التربوية، الاجتماعية والنفسية، من زاويتين: نظرية (استعراض مختلف الكتابات والنظرية)، وتطبيقية بحكم الاشتغال في الجامعة المغربية كأستاذ إضافي، وكذلك دراستي بالكلية كطالب سواء بكلية الحقوق أو الآداب أو العلوم السياسية، إضافة إلى القيام بحراسة الامتحانات في عدة كليات ومعاهد، ممّا أكسبنا نوعاً من الاحتكاك بالأساتذة والطلبة والإداريين، ورصدنا لظاهرة الغش بالعين المجردة، وبالتالي سنحاول تقديم نوع من الشهادة في هذا المقال، وختاماً سنحاول الخروج باقتراحات وحلول لمواجهة هذه الظاهرة.

الكلمات المفتاحية: الغش- الامتحانات- الجامعة- الإبداع الفكري.

Sommaire:

La tricherie aux examens universitaires est un phénomène social qui s’amplifie saison après saison, aussi bien dans l’université marocaine que nous avons prise comme modèle que dans les autres universités arabes. La triche aux examens est devenue une menace existentielle au niveau éducatif, et contredit la question de la créativité intellectuelle dans les universités, nous allons donc essayer dans cet article d’aborder la question de la triche aux examens universitaires, d’un point de vue pédagogique, social et psychologique , sous deux angles: théorique (revues, écritures et théories), et pratique par le biaisde mon travail à l’Université marocaine en tant que professeur vacataire, ainsi que mes études à la faculté en tant qu’étudiant (facultés de droit et littérature et sciences politiques), en plus de la surveillance d’examens dans plusieurs facultés et des instituts, ce qui nous a valu une sorte de contact avec des professeurs, des étudiants et des administrateurs, et nous avons surveillé le phénomène de la triche à l’œil nu, et donc nous essaierons de fournir une sorte de témoignage dans cet article, et en conclusion nous essaierons Proposez des suggestions et des solutions pour faire face à ce phénomène.

Mots clés: tricherie – examens – université – créativité intellectuelle.

مقدّمة:

توالت في السنوات الأخيرة وبشكل متكرر ومتزايد ظاهرة الغش في الامتحانات بالجامعات المغربية، وعلى الرغم من بعض الجهود المبذولة للتعاطي مع الظاهرة، كمحاولة للحد من انتشارها، أو على الأقلّ التقليل منها، إلا أنّها بقيت جهوداً محتشمة، غير فعّالة، وفشلت فشلاً ذريعاً في التعامل مع ظاهرة باتت تتغوّل وتستفحل يوماً بعد يوم، ممّا بات يهدّد الأمن والسلامة التربوية والتعليمية بالمغرب كمثال، لأنّ باقي الدول العربية والإسلامية ليست ببعيدة عن الواقع المغربي، وهو ما يدفع للقول بأنّ الأرجح هو أنّها تعاني من نفس الآفة، ممّا بات يهدّد وبحقّ مفهوم الإبداع الفكري ويعيقه.

  • إشكالية هذا المقال هي كالتالي:

إلى أيّ حدّ استفحلتْ وتغوّلتْ ظاهرة الغش بالجامعات المغربية؟ وكيف يمكن مقاربة الظاهرة تربويا واجتماعيا وسيكولوجيا؟ وإلى أيّ حدّ تشكلّ معيقاً حقيقياً أمام أيّ إبداع فكري في العالم العربي؟

إنّ هذه الإشكالية الكبرى تضعنا أمام إشكاليات صغرى أو تساؤلات نزعم أنها منطقية: ما هي الدوافع التي أدّت لظهور الغش في الجامعات المغربية؟ وكيف استفحلت هذه الظاهرة؟ ولماذا فشلت لحد الآن جهود محاربتها؟ وهل من حلول ومقترحات لمقارعتها؟

هذه الاستشكالات تدفعنا لوضع فرضيات بحثية على الشكل التالي:

إذا ما اعتبرنا ظاهرة الغش مشكلة بنيوية فمن المسؤول عنها:

  • غياب الدولة والمجتمع وعدم التعامل الجاد والكافي مع الظاهرة.
  • تقصير الإعلام والفنّ في التحسيس، بل التشجيع على الظاهرة من خلال بعض الأعمال الفنية.
  • تقصير رجال الدين والمثقفين والجمعيات والأحزاب السياسية في التوعية بخطورة الظاهرة.
  • الدور الهزيل للأسرة والمنظومة التعليمية بأكملها في التنشئة الاجتماعية والتربية على خطورة الظاهرة.
  • عدم كفاية وعدم نجاعة القوانين التي “تحارب” الظاهرة.
  • تساهل الجامعات وعدم الضرب بيد من حديد على المتلبّسين بحالة الغش.
  • الجميع مسؤول عن هذه الظاهرة.

إنّ الموضوع يكتسي أهميته من خطورة الظاهرة واستفحالها بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة، ممّا يعطيه أيضاً عنصر الجدّة والراهنية، وبالتالي فالمنفعة المرجوة من التطرق لهذا الموضوع في مقالنا تكمن في رصد السبل الممكنة التصدّي لهذه الظاهرة، وهو في تقديرنا فرض عين على كلّ مثقف غيور، إنّ قرع جرس الإنذار الآن، وإن زعمنا أنه بات متأخرّاً خير من استمرار التغاضي عن الظاهرة وتجاهلها.

لكل الاعتبارات السابقة، سنحاول في هذا المقال مقاربة ظاهرة الغش باعتبارها معيقاً أساسياً للإبداع الفكري في الجامعات العربية (المغرب كنموذج)ـ، وذلك من نواحٍ متعددة: اجتماعية، سيكولوجية وتربوية، وفكرة المقال انبنت أساساً على هذا التساؤل المبسّط: كيف يعقل أن يكون طالب مبتكراً ومبدعاً فكرياً، وهو يعتمد بالكلّ على الغشّ كسلاح رئيسي للنجاح في مختلف سنوات الدراسة قبل ولوج الكلية، ثم أثناء الدراسة الجامعية بسلك الإجازة ثم الماستر؟ كيف يبدع وينتج فكراً خلّاقاً من انطلق بخطوات خاطئة وبطريقة غير أخلاقية ولا علمية؟ وأستدلّ في هذا المقال بالمثل العربي القائل: فاقد الشيء لا يعطيه.

سنسعى إذن لمحاولة تحديد المسؤوليات ووضع الأصبع على مكامن الخلل، ثم إعطاء مقترحات. ونقترح التصميم التالي:

  • الإطار المفاهيمي.
  • مقاربة ظاهرة الغش كعائق للإبداع من النواحي: التربوية، الاجتماعية، السيكولوجية.
  • حلول لمكافحة ظاهرة الغش.
  • خاتمة.

المحور الأول: الإطار المفاهيمي:

كما جرت العادة في كل المقالات العلمية، وكما تقتضيه المنهجية البحثية، سنحاول بادئ ذي بدء تعريف مجموعة من المفاهيم التي تشكلّ الهيكل الصلب لمقالنا، وسنحاول أن نقوم بذلك بشكل مقتضب نوعاً ما، حتى نتفادى الإطالة والاستطراد فيما لا يفيد موضوعنا، وذلك على الشكل التالي:

المطلب الأول: مفهوم الإبداع:

يعتبر الإبداع حسب الباحث نور عادي هو:” قدرة الشخص على استخدام المهارات العقلية لإيجاد أفكار جديدة، خارجة على المألوف، وهو القدرة على خلق وإيجاد أفكار جديدة ومبتكرة (يمكن أن نضيف تطوير أفكار موجودة)، فالإبداع ليس سلوكاً وراثياً (من حيث تتفاوت القدرة على الإبداع من شخص لآخر، فهو ليس مشتركاً بين الجميع، بل خاضع لفروقات فردية متباينة)، حيث أنّ الإبداع سلوك قابل للتعلّم والتطوير لدى الأفراد، إنّه مهارة إيجاد الأفكار وحلول للمشكلات، على أن تكون أفكاراً نادرة وفريدة من نوعها”.[1]

وكتعليق على هذا التعريف، نعود لاستحضار مقولة فاقد الشيء لا يعطيه، فمن أين للطالب الغشاش أن يمتلك مهارات عقلية قادرة على إيجاد أفكار مبدعة ومبتكرة، وهو الذي جمّد عقله ودرّبه على الخمول والكسل والاتكالية وسرقة مجهودات الآخرين؟

المطلب الثاني: مفهوم الامتحان:

يربط إمطانيوس ميخائيل في تعريفه للامتحان بالشق التربوي – التعليمي، من حيث هو: ” اختبار أو عملية قياس لقدرات الطالب أو مدى استيعابه لما حصل عليه نتيجة العملية التعليمية برمّتها، للتحقق من مدى استيعابه للمادة أو المواد التي تمّ تدريسها له”،[2] ويمكن أن نستنبط من هذا التعريف المقتضب أنّ الامتحان هو جزء من عملية تفاعلية ومتداخلة: أولاً ما يراد قياسه واختباره (المواد التي درسها وتعلّمها الطالب)، ثانياً المقياس أو أداة القياس ونقصد بها الامتحان أو الاختبار، ثالثاً الهدف من الامتحان وهو اختبار قدرات الطالب والتحقّق من مدى استيعابه لما تلقّاه من دروس في مدّة زمنية معينة، رابعاً وأخيراً الجهة التي تمتحن وتختبر الطالب وهي في هذا المقام الجامعة عبر الأساتذة الذين يُدَرِّسون المواد ويضعون الامتحانات ويعطون تقييمات ونقط.

وكتعليق على هذا التعريف، نقول أنّ الطالب الغشاش لا يخضع حقيقة للقياس المراد له، باعتبار أنّه يلجأ لوسائل “غير شريفة” و”احتيالية”، يحصل بها على نقط وتقييمات لا يستحقّها، وهو ما يدفعنا للقول بأنّ الطالب الغشّاش لا يُمْتَحَنُ أصلاً.

المطلب الثالث: مفهوم الغش:

سنشتغل على مصطلح الغش من وجهتي النظر التربوية والاصطلاحية، حيث تعرفه شيرين طقاطقة كما يلي: “الغش في الاصطلاح التربوي هو عملية تزييف تخصّ نتائج التقويم، ويُعَرَّفُ أيضاً على أنّه مجموعة المحاولات غير السوية للطالب من أجل الحصول على إجابات الأسئلة المطروحة في الامتحانات، عبر استخدام وسائل وطرق غير مشروعة (الهاتف مثلا)، وفي الاصطلاح الغش إحدى الظواهر المنحرفة، التي تظهر في المجتمع، وهي تدلّ على الخروج على معايير وقيم المجتمع وعلى الشرع، ممّا يترك أثراً سلبياً على مظاهر الحياة الاجتماعية”.[3]

ونتفق مع اعتبار الغش مرضاً اجتماعياً، باعتباره يخرج عن نطاق القيم الاجتماعية، ويجعل بهذا الطالب الغشاش إنساناً غير سويّ، يضرّ نفسه ويضرّ بالمجتمع ككلّ، وأكثر من ذلك فهو يقترف حراماً بيّناً نهى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم. ودليل تحريم الغش الآية الكريمة رقم 27 من سورة الأنفال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون)، وفي السنة النبوية نستدلّ على تحريم الغش بالحديث النبوي الشريف الذي هو من ترجمة وتخريج أبي هريرة في الحديث الأول من كتاب الإيمان، وقد انفرد به البخاري، وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان الحديث رقم 176: ( وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعاً عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً فَقَالَ: “مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟” قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: “أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي”). الحديث أخرجه أيضاً الترمذي في كتاب البيوع الحديث رقم 1315.

وفي تقديري أنّ هذا الحديث الشريف وإن تطرّق للغش في التجارة قصد كسب مال غير مستحقّ بطريقة احتيالية، فيمكن إسقاطه على الغش في الامتحانات، حيث يكون القصد هو كسب نقط غير مستحقّة وبطريقة احتيالية أيضاً، ومن هنا كان وجه التشابه، وبالتالي حاولنا تبيان الغرض من توظيف هذا الاستدلال النصي النقلي للبرهنة على حرمة الغش في الامتحانات، وفيه ردّ على المنتقدين ممّن يحتجّون بكون الحديث المذكور يتطرّق للغش في التجارة وليس للغش في الامتحانات، فنعترض بدورنا عليهم، ونرى أنّ وحدة الهدف أهمّ من تخصيص المعيّن بذاته في هذا المقام، فالغشّ يبقى أمراً مذموماً لا يشرّف صاحبه، من حيث أنّه أمر منكر مستهجن سواء في تجارة أو معاملات أو علاقات بين الأزواج أو الجيران أو بين الحاكم والمحكومين أو الغش في الامتحانات… الخ. ذلك أنّ الغشّ كيفما كان وفي أيّ مجال، إنّما يقوم على التحايل على الآخر والنصب عليه وسرقته، واستغلال غفلته، بوسائل تدليسية وغير شريفة، ولا تحترم فيه قواعد الشفافية والصدق والمنافسة الشريفة، ولا يكون فيه تكافؤ للفرص، ويحصل صاحبه على ما لا يستحقّه واقعاً وحقيقة.

من هذا المنطلق، نطرح التساؤل: هل الغش يرقى لدرجة أن يشكّل ظاهرة اجتماعية؟ هل له أضرار انعكاسات سلبية على المجتمع؟ لكن قبل محاولة الإجابة سنتطرق لمفهوم الظاهرة الاجتماعية.

المطلب الرابع: مفهوم الظاهرة الاجتماعية:

سنحاول تفسير الظاهرة الاجتماعية، وإسقاطها على مفهوم الغش، ومن ثمّ افتحاص إمكانية اعتبار الغشّ ظاهرة اجتماعية من عدمه.

يرى إميل دوركايم أنّ الظاهرة الاجتماعية هي كلّ مجال من السلوك الثابت أو غير الثابت، الذي يمكن أن يمارس نوعاً من أنواع القهر الخارجي على الأفراد، أو هي سلوك ينتشر في المجتمع بأكمله. ويعتبر ذا وجود خاص مستقل عن الأشكال التي يتشكّل فيها في الحالات الفردية، ومن الأمثلة على هذه الظواهر في المجتمع قواعد الأخلاق والأسرة والممارسات الدينية وقواعد السلوك المهني، وتعدّ الحقائق هي التي تشكّل الميدان الحقيقي من أجل الدراسة الاجتماعية.[4]

واستقراء التعريف أعلاه، وتفكيكه وتنزيل عناصره على الغش في الامتحانات، نستطيع القول معه إِنّ توصيف الظاهرة الاجتماعية ينطبق على الغش في الامتحانات، فهو سلوك منتشر في المجتمعات العربية بكاملها، ومن ضمنها طبعاً المجتمع المغربي، فهو يطال السلوك المهني، وله أبعاد أخلاقية ودينية وأسرية (باعتباره منافٍ للقواعد الحميدة). كذلك هو حقيقة ميدانية لا تخطئها عين، حيث أنّ كلّ طالب جامعي أو أستاذ جامعي أو موظف بالجامعة أو بوزارة التعليم العالي أو له انتماء للمنظومة التعليمية ككلّ، على أتمّ العلم والاطّلاع بهذه الظاهرة وكثافة انتشارها. لكلّ هذه الاعتبارات نستطيع القول إنّ الغش في الامتحانات ظاهرة اجتماعية.

المطلب الخامس: مفهوم التربية والتعليم:

اخترنا تعريف رفاعة الطهطاوي للتربية، إذ يذكر أنها هي: [… تنمية أعضاء المولود الحسية من ابتداء ولادته إلى حدّ بلوغه الكبر، وتنمية روحه بالمعارف الدينية والمعاشية، وبهذا المعنى انقسمت التربية إلى نوعين: حِسِّيَّة وهي تربية الجسد، ومعنوية وهي تربية الروح وتهذيبها. وأمّا تغذية الطفل فتنقسم إلى ثلاثة أقسام مختلفة في الموضوع: الأول: تغذية المراضع للأطفال بالألبان، الثاني: تغذيتهم بإرشاد المرشد بتأديبه الأولي للأطفال وتهذيب أخلاقهم، وتعويدهم التّطبّع بالطّباع الحميدة، والآداب والأخلاق، الثالث:تغذية عقولهم بتعليم المعارف والكمالات، وهذه وظيفة الأستاذ المُربّي، كما أنّ قبلها وظيفة المرشد المتولّي أمر الصبي. فالنسبة بين الرّضاع والتربية الأولية والتربية الانتهائية كالنسبة بين المرضع والمربّي المرشد والأستاذ، فكلّما جاد المربّي جادت التربية].[5]

وأستنتج أنّ التربية عند الطهطاوي عملية متعدّدة الأبعاد، فهي تشمل الجانب الجسدي وهو تقوية بَدن الرضيع بشربه حليب الأمّ، والجانب الأخلاقي وهو من اختصاص مرشد الطفل، والغالب هو أحد والديه أو كلاهما، أو من يقوم مقامهما من أقارب الطفل، أو من يكفله، ودور المرشد تأديب الطّفل وتهذيب أخلاقه وتعويده على حسن الطّباع والأخلاق، ويشمل كذلك الجانب التعليمي للطّفل، وهو اختصاص الأساتذة، وبالتالي فالتربية تشمل التعليم أيضاً وتستوعبه، وكلّما كان المربّي جيداً كانت التربية نتيجة لذلك جيدة، والعكس صحيح، والتربية الجيدة للأفراد تنعكس على المجتمع وتعود عليه بالنفع، من هنا نقول أنّ ظاهرة الغشّ في الامتحانات تشخّص وجود قصور في عملية التربية من الوالدين وعلى صعيد المدرسة وهما المؤسستان الاجتماعيتان المعنيتان أكثر بعملية التربية.

وهذا ما يحدّده رفاعة الطهطاوي في معرض تبيانه للهدف من التربية، فيذكر أنّ: [… التربية الأولية فائدتها أن يعتاد الصبي على أن ينقاد بطبعه إلى ما يريده منه مُؤدّبُه، ويختاره له مرشده، فغايته المطاوعة… والتربية المعنوية تزيد في تنمية عقول الأطفال بالمعارف وحسن الأخلاق على التّناسب من حسن إدارة المرشد والمعلّم، فبهذا يُقال لمن اكتسب المعارف الجيدة والأخلاق الحسنة، أنه حسن التربية].[6]

وننتقل إلى التعليم كجزء من عملية التربية، وبالتحديد لتعريف الطهطاوي للتعلّم، باعتباره أحد أقسام التربية المعنوية، حيث يعرّف رفاعة الطهطاوي التعليم بأنّه: [… الوسيلة العظمى التي يكتسب بها الإنسان معرفة ما يجهله بالكلّيّة، أو ما بقي له من تكميل علمه ببعض أشياء جزئية، فالتّعلّم مقترن بجزء من التربية، وهو التربية المعنوية التي تعني تهذيب العقل وترويض الذّهن، والتربية المعنوية تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: تنمية النّوع البشري، يعني تربية الإنسان من حيث هو إنسان، يعني تنمية موادّه الجسمية وحواسّه العقلية، القسم الثاني: تربية أفراد الإنسان، يعني تربية الأمم والمِلَل، والقسم الثالث: التربية العمومية لكلّ إنسان في خاصّة نفسه، وهي تربية الإنسان الخصوصية].[7] وألاحظ في هذا السياق اقتران التعليم بجزء من عملية التربية التي هي عمود التنشئة الاجتماعية، فما المقصود بهذه الأخيرة؟

  • المفهوم السادس: مفهوم التنشئة الاجتماعية:

يعتبر إيميل دوركايم أوّل من استعمل مفهوم التنشئة الاجتماعية في إطار نظري ومنهجي من خلال أعماله السوسيولوجية الخاصة بالتربية،[8] ويعرّف دوركايم التنشئة الاجتماعية Socialisation بكونها: [… عملية استبدال الجانب البيولوجي بأبعاد اجتماعية وثقافية، تصبح هي الموجّهات الأساسية لسلوك الفرد داخل مجتمع معيّن].[9]

وأوّل ما يمكن أن نستنبطه من هذا التعريف هو أنّ التنشئة الاجتماعية تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات والقيم السائدة في كلّ مجتمع وثقافة على حدة، ثمّ إنّ الفرد خاضع في هذه العملية لمعايير المجتمع ومنظومة قيمه.

ويتّفق عبد الرحمان العيسوي مع تعريف دوركايم، من خلال وصف عملية التنشئة الاجتماعية بكونها تلك التي: [… تتشكّل من خلالها معايير الفرد ومهاراته ودوافعه واتّجاهاته وسلوكه، لكي تتوافق وتتّفق مع تلك التي يعتبرها المجتمع مرغوبة، ومستحسنة لدوره الراهن أو المستقبل في المجتمع].[10]

ويذكر العيسوي أنّ: [… هذه العملية الحيوية تبدأ منذ اللحظة التي يرى فيها الطفل الحياة على هذه الأرض، ويستقبل الحياة إمّا عن طريق أمّ تهتمّ بإرضاعه وتدفئته وإشباعه أو أمّ تتركه يبكي، ومؤدّى هذا أنّ التنشئة الاجتماعية تتضمّن مهارات الفرد إلى جانب قيمه ومُثُله ومعاييره، وأنماط سلوكه، وهي تبدأ منذ أن يولد الطّفل وتستمرّ مدى الحياة، ومن المؤسسات التي تلعب دوراً رئيسياً في عملية التنشئة الاجتماعية: الأسرة في شخص الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات، وخارج الأسرة هناك الأصدقاء، والمعلمون والمعلمات يسهمون في نقل القيم Valeurs، وفي توجيه سلوك الطفل وتعديله].[11]

ويمكن ملاحظة أنّ عملية التنشئة الاجتماعية تنبني بالأساس على عمليتي التربية والتعليم. وسنتحدّث عندما نتطرق للحلول ما يمكنه أن تلعبه من دور فعّال التنشئة الاجتماعية في محاربة ظاهرة الغش في الامتحانات، حيث أنّ تفاقم الظاهرة يقرع جرس الخطر بوجود خلل ما في التنشئة الاجتماعية، ويسائل دور الأسرة والمدرسة والإعلام ورجال الدين وغيرهم من الفاعلين والمؤثّرين سواء كأفراد أو كمؤسسات اجتماعية فاعلة في زرع وتفعيل القيم وتخليق الاجتماعية.

وارتباطاً بهذا السياق، يذهب العيسوي إلى أنّ الأسرة والأساتذة ليسوا وحدهم فقط من يقومون بعملية التنشئة الاجتماعية، حيث ذكر في هذا الصّدد أنّ هناك: [… وجود مؤسسات اجتماعية أخرى تهتمّ بعملية التنشئة الاجتماعية مثل المسجد والجمعيات الدينية والمنظَّمات القانونية،[12] وتهدف لنقل مظاهر الثقافة والأخلاق الاجتماعية، وتعمل على الإبقاء على السلوك المقبول خُلُقياً وقيمياً، وعلى هذا الأساس يمكن النّظر إلى عملية التنشئة الاجتماعية (Socialisation) على أنّها العملية التي يتعلّم من خلالها الأعضاء الجدد في المجتمع قواعد لعب مباراة الحياة. ومعظم مؤسّسات التنشئة الاجتماعية تستهدف جذب أعضاء جُدد لكي يقوموا بأدوار “اللعبة”، وفقاً للطريقة التي يرغبون فيها، وكأنّ هذا الالتزام هو الكفيل بتنفيذ شروط العقد الاجتماعي (الذي يشكّل أساس العلاقة بين الحكّام والمحكومين)].[13]

بعد الانتهاء من تحديد المفاهيم الأساسية التي يشملها المقال كشرط منهجي ضروري، حيث سنرى لاحقاً كيف ستفيدنا هذه المفاهيم من ناحية توظيفها لشرح وتحليل بعض النقط، ننتقل إلى محاولة تحليل كيفية انعكاس الغش في الامتحانات سلبياً على الإبداع الفكري في الجامعة المغربية كنموذج ووضع الأصبع على مكامن الخلل والزلل، وما هي الحلول القمينة بوضع حدّ أو على الأقل التقليل من الغش في الامتحانات ومحاصرته.

المحور الثاني: مقاربة ظاهرة الغش كعائق للإبداع من النواحي: التربوية، الاجتماعية، السيكولوجية.

سنشرع في تحليل هذا المحور بطرح التساؤلات التالية: إلى أي حدّ يمكن اعتبار ظاهرة الغش في الامتحانات من كوابح ومعيقات الإبداع الفكري في الجامعات العربية؟ ما هي أسباب الغشّ؟ وكيف يعيق الإبداع الفكري؟ ولماذا أصبح يتطوّر بوتيرة سريعة؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ وكيف يمكن مواجهته والتصدّي له؟

سنحاول في هذا السياق البحث عن بعض الأسباب والدوافع التي جعلت الغشّ في الامتحانات ظاهرة تستفحل في الجامعات، ثم اقتراح بعض الحلول.

المطلب الأول: من الناحية التربوية:

لا بدّ بادئ ذي بدء من التذكير بأنّ القانون المغربي يجرّم الغش في الامتحانات ويعاقب عليه، ونقصد القانون رقم 02-13 المتعلق بزجر الغش في الامتحانات المدرسية، والذي يخصّص عقوبات تأديبية إدارية مثل إعطاء نقطة الصفر في اختبار المادة التي تمّت فيها ممارسة الغش، وإلغاء نقط جميع مواد الدورة المعنية، والإقصاء من اجتياز الامتحان لمدة سنتين دراسيتين متتاليتين، لمن يثبت في حقه تبادل المعلومات كتابيا أو شفويا مع أحد أو باقي المترشحين، وحيازة أو استعمال آلات ووسائل إلكترونية أو وثائق أو مخطوطات غير مرخص بها داخل فضاء الامتحان، وكذا في حالة الغش المستند على قرائن، التي يتمّ رصدها من طرف المصححين أثناء عملية التصحيح أو التقييم.

كذلك هناك عقوبات زجرية جنائية تتراوح بين الحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم مغربي.

سبق وأنْ تطرّقنا في المحور الأول لمفهوم التنشئة الاجتماعية التي تتمّ من خلال التربية والتعليم، لذلك نزعم أنّ التقصير أثناء عملية التنشئة الاجتماعية في التنويه والتنوير ضدّ خطر الغشّ في الامتحانات، وكيف يدمّر الأفراد والمجتمع، هو أحد أهمّ أسباب استفحال الغشّ في المدارس والجامعات. إنّ الأسرة والمدرسة سواء من خلال المناهج التدريسية أو توصيات الأساتذة يجب أن تعلّم الفرد الاعتماد على نفسه، والثقة في نفسه، فقد انتشرت ظاهرة الغش في الامتحانات في الكثير من المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة في القطاعين العامّ والخاصّ، وتعد هذه الظاهرة من أكبر المشاكل التي يواجهها المدرّسون في المنظومة التعليمية، والتي تؤثر على الطلاب والمجتمع، وعادة ما تقترن ظاهرة الغش مع بروز الأخلاق السيئة والسلوكيات السلبية فيما بعد، كالسرقة، والكذب، والخداع، والقسم باليمين الكاذب… الخ.

ويعتبر الغش في الامتحانات من أحد أنواع الخيانة سواء للنفس أو المدرّسين أو المراقبين لقاعات الامتحانات (غير المتواطئين والمتساهلين مع الغش منهم)، كما أن هذا النوع من الغش بمثابة سرقة مجهود الآخرين والاستيلاء على امتيازات غير مشروعة، ويلازم الغش بعض التصرفات السلبية والعادات السيئة الأخرى مثل الكذب والإنكار عند اكتشافه.

من هنا نخلص إلى أنّ الغشّ يعيق الإبداع الفكري ويكبحه، من حيث أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، فالإبداع يتطلّب فكراً وأفكاراً وتجديداً للمعارف، وتطويراً للمعلومات، ومواكبة للعلوم وتطوّراتها، ورصد المستجدّات في حقول العلم والمعرفة المختلفة، وهذه أمور كلّها تنتفي لدى الغشاش ويفتقر لها.

وكحلّ مقترح، نرى أنّ محاربة الغشّ في الامتحانات يجب أن تبدأ عند الأطفال الصغار منذ سنواتهم الأولى، بمجرّد أن يبدأ وعيهم وإدراكهم بالتشكلّ، سواء عن طريق الأسرة أو المدرسة، إذ يجب برمجة عقولهم على أنّ الغشّ مخالف للأخلاق الحميدة، متضادّ مع الدين وتعاليم الله ورسوله من حيث كونه خيانة للأمانة، والتشدّد مع الغشاشين بتفعيل بنود القانون في حقهم وفي حقّ من يتساهل معهم من أساتذة أو إداريين أو غيرهم ممّن يقومون بالحراسة أثناء الامتحانات.

أيضاً يتحتّم – في تقديري- على المدى المتوسط والمدى البعيد أن تتمّ تربية النشء الجديد والأجيال القادمة ليس فقط من خلال الأسرة والمدارس، بل عبر مختلف الوسائل التي يمكن استغلالها تربويا مثل الرسوم المتحرّكة، الأفلام ومختلف الأعمال الفنية، الإشهارات والإعلانات، خطب رجال الدين، دور الصحافة والإعلام، الجمعيات ومخيمات الكشفية… الخ. مع مراعاة سنّ الأطفال وطريق إيصال الرسالة. وكلها تدابير –نزعم أنها إن تمّت بشكل فعّال وهادف وجِدّي وليس صوريا- من شأنها أن تضمن لنا أن نتصدّى لظاهرة الغشّ في الامتحانات.

المطلب الثاني: من الناحية الاجتماعية:

يعني الغش كما أسلفنا الاحتيال والخداع، حيث يقوم شخص بخداع شخص ليستغله ويسلب منه مجهوده أو يمنع عنه حق أو منفعة، وذلك باستخدام طرق احتيالية، ويعتبر الغش عموماً، بما في ذلك الغش في الامتحانات أحد الظواهر السلبية التي تتفشى في بعض المجتمعات، وتشير إلى خروجها عن القيم الاجتماعية والمعايير الشرعية، وهذا يؤثر سلبيا على الحياة الاجتماعية بمظاهرها المختلفة.

كما يعد الغش أحد الآفات الاجتماعية الضارة بالمجتمع، والتي تشوه قيمه، مما يؤدي لضياع الحقوق ويعمل على نشر الفساد، والشخص الغشاش يعرف بالأنانية والطمع، فنجده يفكر في مصلحته الشخصية فقط، ويعزم على الوصول لأهدافه ومساعيه بأي طريقة، ويرفع شعار النفعية البراغماتية والمكيافلية القائل: ” الغاية تبرر الوسيلة” كمبدأ لتحقيق أعلى النقط والدرجات والميزات، وينجح دون بذل مجهود، وبدون وجه حق، ويضيّع بالمقابل مجهود واستحقاق شخص آخر لا يلجأ للغشّ، حيث يحصل على نقط أعلى تخوله الولوج لأسلاك ما بعد الإجازة، وتعطيه أفضلية في الانتقاء الوظيفي كذلك أو الترقية أو غيرها من المكاسب التي لا يستحقّها الطالب الغشاش.

ما سبق يجعلنا نقول بوجود انحراف في السلوكات ذات الطابع الاجتماعي للأفراد الغشاشين، من منطلق عدم انضباطهم للقيم والمعايير الاجتماعية التي تنظر إلى الغش كأمر قبيح ومنفّر، في مختلف الدول والمجتمعات، بحكم أنّه ظاهرة عالمية، لذلك فالغش في الامتحانات يترك أثراً سلبياً في الحياة الاجتماعية، ويدلّ على الابتعاد عن قيم المجتمع ومعاييره، وبالتالي الفشل في الاندماج والتفاعل الاجتماعي، وبالتبعية الدخول في أزمة اغتراب عن المجتمع وانفصال عن قيمه وعاداته، والأخطر أنّ الغشاش يرى فيمن يحارب الغش ويدعو للنزاهة وتكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة والشفافية شخصاً حقوداً، معقّداً، يكره الخير للآخرين، وحسود وغيور وأناني… الخ. وهذا أمر في علم النفس يسمى بالإسقاط النفسي، وهو آلية دفاعية أو ميكانيزم دفاعي يقوم على نسب الأفراد للخصائص غير المقبولة في أنفسهم إلى أشخاص آخرين، وبالتالي فهي حيلة لا شعورية أو عملية هجوم يحمي بها الفرد نفسه بإلصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة والمستهجنة بالآخرين.

وللغشّ في الامتحانات من الناحية الاجتماعية أسباب متوقّفة على طبيعة الروابط بين الناس، حيث أنّ الأصوب هو تفشي الظاهرة في مجتمع تكون فيه العلاقة بين الأفراد مبنية على النزاعات وعدم الرضا والخيانة، وكلما كان الأفراد مختلفين في المستوى التعليمي والثقافي، وفي الشخصية والحياة الاجتماعية، كانت احتمالات وفرص الغش والخيانة فيما بينهم أكثر. وهناك أيضاً أسباب اجتماعية كمرافقة أصدقاء السوء والتأثّر بهم.

وكحلّ مقترح، هناك العمل من خلال التنشئة الاجتماعية على غرس في عقول الأطفال منذ الصغر من منطلق أنّ التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، على أنّ الغشّ يخالف المعايير الاجتماعية والقيم، وأنّ الغشاش شخص غير سوي. ولِمَ لا تفعيل عقوبة التشهير، وذلك بوضع لائحة سوداء فيها أسماء وصور الغشاشين ووضعها في الجامعات، ليتعرّضوا للوصم الاجتماعي والنبذ، فيكونوا عبرة لمن لا يعتبر.

المطلب الثالث: من الناحية السيكولوجية:

سنحاول التفتيش في سيكولوجية الطالب الغشاش، حيث يمكننا القول إن ممارسة الغش بالامتحانات تحولت إلى سلوك معتمد بحكم العادة والاعتياد، والممارسة والميل للاستسهال، لضعاف الطموح وفقيري العقل والباحثين عن الوجاهة التعليمية السطحية المزيفة واعتماد وتصديق المجتمع لهذا الميل والممارسة. نقصد هنا أنّ الطالب يسعى للحصول على نقط عالية جدّاً ليحاول أن يعطي للآخرين قناعاً زائفاً عن ألمعيته وذكائه وتألّقه، وليحصل على فرص أحسن لاستكمال دراساته العليا أو للحصول على وظيفة جيدة… الخ، كلّها في تقديرنا محرّكات ودوافع تدفع بعض الطلبة للغشّ، حتى استحدث الغشاشون في المغرب مثلاً مقولة تحضّ وتحثّ على الغشّ: ” من نَقَلَ انتقل، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه”، وهذه مقولة أقلّ ما يقال عنها أنها خطيرة جدّاً وغير أخلاقية بتاتاً، إن لم نقل عنها منحطّة.

ونزعم أنّ الطالب الغشّاش يمارس الغشّ إمّا كسلوك مكتسب من التنشئة الاجتماعية (يرى الطفل الصغير مثلا أنّ الأم أو الأب أو النموذج الذي يتأثّر به يمارس الغشّ، ويترعرع وسط هذه البيئة، وفي المدرسة لا يقع تعليمه وتربيته على أنّ هذا الغشّ مرض اجتماعي)، وإمّا يتمّ اكتساب ذلك السلوك بالتعلّم من خلال التجربة أو تحت تأثير الأقران كما في نظرية فيكوتسكي فيما يخص نمو وتعلّم الأطفال، فالثابت إذن أنّه سلوك مكتسب من خلال الاحتكاك بالبيئة الخارجية، والمتغيِّر أنّ الغشّ من السمات الشخصية التي تخضع للفروقات الفردية، فالخبرة تلعب دوراً، حيث هناك غشاش بدرجة خبير وآخر بدرجة متوسط وآخر بدرجة مبتدئ.

إنّ تنمية القدرات الذهنية والمهارية وفق النظرية المعرفية لجون بياجيه تتمّ بالتعلم منذ الطفولة وعبر تقدّم السن، وفق منظومة الخطاطات الذهنية، وبالتالي يشكّل الغشّ امتهاناً لتلك القدرات، وعدم ثقة في النفس وشكّ في القدرات الذاتية، من هذا المنطلق شكّل الغشّ اضطراباً نفسياً أو حالة نفسية يمكن إدراجها ضمن الخوف أو القلق من الفشل والرسوب، ولهذا الاضطراب النفسي أسباب ومسببات كثيرة نذكر بعضها:

  • فهم الطالب غير الكافي للمواد الدراسية، وخوفه من إظهار عدم فهمه لئلا يصبح مادّة دسمة للتنمر والسخرية من طرف زملائه أو أستاذه.
  • عدم تحمل الطالب للمسئولية والعبث تجاه المؤسسة التعليمية.
  • المدرّس يطلب الكثير من الواجبات المنزلية والطالب يشعر بالملل ويكره الدراسة.
  • الخوف والقلق الناجم عن الامتحان والفشل في الامتحان.
  • ضغط من الوالدين على الطالب للحصول على نتائج مبهرة تفوق قدراته العقلية.
  • الحصول على فرص سهلة للغش وضعف شخصية المدرّس وتساهل حرّاس الامتحان.
  • شعور الطالب بالتحدي للمدرّس، وبالتالي اعتبار الغش وسيلة للنيل من الأستاذ والنكاية به.
  • حبّ الطالب أو ميله لخرق القانون كنوع من التمرد.
  • عدم الاعتقاد الديني والخوف من الله.

هذه بعض الأسباب التي استطعنا رصدها، وسنبيّن أنّ الغشّ في الامتحانات اضطراب نفسي، وذلك من خلال حوار إعلامي لجريدة أخبار اليوم مع استشارية الصحة النفسية الدكتورة منى حمدي من جمهورية مصر العربية حول الغش في امتحانات الثانوية (يمكننا إسقاطها على الغش في الجامعات المغربية والعربية عموماً)، وقد اطّلعنا عليه ونلخّص أهمّ النقط الواردة فيه التي تفيد بكون الغشّ في الامتحانات اضطراباً نفسياً:[14]

إن الخلل القيمي والأخلاقي الذي أصاب الشخصية العربية والمجتمع المدني جعل البعض لا يرى أدنى غضاضة في الغش والنجاح بل والتفوق دون استحقاق، بل الأكثر يرونه حق أصيل وليس حتى مكتسب لمجرد ما دفعوه من مال بالدروس الخصوصية والكتب الخارجية، وما استهلكوه من قلق وتوتر نابع من ذاتهم الكسولة غير القادرة على التفكير والمسلك الصحيح وللرؤية الواضحة، وما رأوه من ممارسات سابقة للغش على مدى سنوات طويلة ونتائجه بدخول الغشاشين كليات القمة، رغم تدني مستواهم الذي لا يَخفى عن أحد. بل وتبجح البعض بالتباهي بالغش كنوع من أنواع “الشطارة” التي أصبحت أحد ملامح الشخصية العربية المستجدة لدى غالبية لا يستهان بها.

أوضحت دة. منى، أنه وفقًا لعلم النفس فإن الغشاشين وأولياء أمورهم يمارسون بعض أنواع حيل الدفاع النفسي حتى لا يشعروا باحتقار الذات والشعور بالدونية فهم يمارسون الإنكار لحقيقة ضعف عقولهم وانخفاض ذكاء ومستوى قدرات أبنائهم ويلصقون العيب بالمناهج، أساليب ومستوى الامتحانات، القلق والتوتر، ضعف البنية وقلة التغذية، أو عدم التركيز، فحالة الإنكار هذه تحتفظ لهم بالصورة المرغوب فيها لأبنائهم ولنتاج نسلهم بعيدا عن الاعتراف بغباء أو ضعف قدرات أبنائهم والموروث في الغالب منهم، ويعضده عزوف عن التعليم وعدم المذاكرة تحت شعار “أنا ابني شاطر وذكي لكن….”، ثم يمارسون حيلة أخرى من حيل الدفاع النفسي وهي التبرير لمزيد من تجميل القبيح وتمرير السلوك المشين، فالأسباب والمبررات جاهزة ومرتبة ومقنعة “فالكل يغش أو هو مراجع دروسه لكنه متوتر، أو الامتحانات صعبة، أو الوزارة ظالمة، أو ابني تعب هذه السنة، أو دفعنا نقوداً كثيرة لتعليمه، أنا أريد ابني دكتور، لماذا فلان وفلانة هم أيضا غشوا، ابني لازم يكون دكتور أو مهندس”.

وضّحت استشارية الصحة النفسية: “ثم يأتي دور الحيلة الكبرى التي تسوق أفراد ومجتمعات كاملة وهي عقلية القطيع والانسياق خلف الشائع والمستساغ والمعتاد”، مشيرة إلى أن اعتياد السلوكيات السلبية يكسبها قوة وتكرارية ومروراً آمناً، كأن لا شيء غريب يحدث ويعطيها تصديق وتوثيق بالممارسة والتداول..ثم تأتي شخصية مراهق وشاب اليوم الذي يرى في نفسه استحقاق وهمي خلقته التكنولوجيا ووسائلها بأنهم فريدو العصور والمحظيون بالذكاء الخارق والقدرات غير المسبوقة، “فلما لا أغش وأنا فريد القدرات سأراجع واجتهد فيما بعد”، المهم أن ينال الوجاهة التعليمية والاجتماعية التي يهبها له مجموع الثانوية العامة.

واستطردت: “ثمّ المدرّس الذي يقوم بالدروس الخصوصية هو الضلع الشريك في الزور والغش عندما جعل رزقه من جيب الطالب وأهله، فأصبح كسير العين ومطالب باعتماد الغش في كل مكان وكل لجنة، ليستمر في محلبة الدروس الخصوصية وإن كانت الوزارة شريكة في انحداره لهذا المنحدر بتدني راتبه، وعدم توفير وضع لائق به ماديا واجتماعيا، لتجتمع كل هذه الأسباب مع انحراف التعليم عن هدفه ومساره الأساسي في تطوير المعارف وتكوين بنية عقلية مثقفة مفكرة قابلة للنمو والتطور والإبداع وتنمية القدرات الذهنية والمهارية أكاديمية وعملية وترسيخ خلفية أخلاقية وقيمية يقظة، سواء كان عن سوء تخطيط أو فشل في التنفيذ أو ضبابية الأهداف، ليتحول إلى سباق لحصد درجات ونيل شهادات دون استحقاق للاستعراض والتباهي الأجوف ودون أهلية لمستوى معين من الدراسة والتخصص وممارسة مهن لا تناسب قدراتهم العقلية ليكون التنبؤ والتطور الطبيعي لمستوى المهن بعد ما يقرب من عشر سنوات قلت أو زادت سوق عمل دون المستوى منعدم العلم والحرفية والمهنية بأهم قطاعات العمل الطب والصيدلة والهندسة والتعليم التي تتعامل بعمق بحياة المواطن”.

وأشارت دة. منى حمدي، إلى أنه مما لا شك فيه أن الغشاش مضطرب وهو جاني ومجني عليه فهو ضحية مجتمع اعتمد الغش، وضحية والديه الذين يمارسون عليه أقسى أنواع الضغوط منذ سنوات التعليم الأولى للحصول على درجات عليا ووظيفة مرموقة ليردّ لهم ما أنفقوا عليه، وذلك نتيجة شعورهم بالنقص لعدم رضاهم عن وظائفهم ومستواهم الاجتماعي والشهادة التي حصلوا عليها ورغبة في تحقيق أحلامهم الخاصة في أبنائهم ليزيلوا بعضا من الغصة بحلوقهم – لم تزول مع الأيام من نتائجهم الدراسية وما لم يحققوه- ثم هو ضحية نظام تعليمي غير مستقر وغير محقق ولا ناجز.

ولفتت استشاري الصحة النفسية، إلى أن الغشاش أحيانا كثيرة هو بذرة المرتشي والفاسد والسيكوباتي والمجرم أو المريض النفسي الذي يعجز عن الاستمرار في كلية فوق قدراته دخلها بالغش والمنهار مهنيا ونفسيا عن ممارسة مهنة لم تخلق له ولا توازي قدراته.

وقالت دة. منى: “يجب أن نفرق بين الطالب المتفوق الذي قد يتأكد من إجابته وبين ذلك الذي ينقل ورقة إجابات كاملة بطريقة أوبأخرى من طرق الغش وهو لم يذاكر أو لا يرقى لمستوى ما سرقه من مجهود غيره، فالأول والأخير هي سرقة وخيانة أمانة وخداع للذات وتحميل النفس ما يفوق قدراتها أنها ممارسة مريضة ومُمْرضة ناهيك عن الحنق والغصة والإحباط الذي يصيب صفوة المجتمع من الطلبة المتفوقين بمساواتهم بضعاف المستوى والجهد، عسانا نتخلص منها فعواقبها جد وخيمة على الفرد الغشاش والمتفوق والمجتمع ومستوى الخدمات والمهن بالمستقبل”.

المحور الثالث: حلول لمكافحة ظاهرة الغش.

في هذا المحور الأخير سنحاول اقتراح بعض الحلول أو التوصيات التي قد تساعد محاربة هذه الآفة، ونجملها كالتالي:

  • أن يكون العلاج في المقام الأول هو تنشئة اجتماعية سليمة، عبر التربية الصحيحة للأطفال منذ صغرهم، لأن هذا يولد جيلًا يدرك نفسه ويراقب نفسه ويشعر بمراقبة الله تعالى له حتى تحت إشراف المدرّس أو المربّي.
  • التعبئة في صفوف الوالدين من خلال جمعيات الآباء وأولياء الأمور، والاجتماعات الدورية للتخلص من هذه الظاهرة، وتفعيل دور الدولة والإعلام والفنّانين ورجال الدين والمثقفين كلّ من جهته عبر التوعية والتحسيس، والتكاثف لمواجهة هذه الآفة، التي تجعل الطالب بعيداً عن الإبداع الفكري.
  • إحداث منصب المرشد التربوي وإجبار الطالب الغشاش على التواصل معه لإيجاد حل لسوء سلوكه قبل إصابة باقي زملائه بالعدوى.
  • التشدد في العقوبات الإدارية والجنائية ضدّ الغشاشين، فلا مجال للشفقة، لأنّ أذى شخص ليتعلّم منه البقية ويعتبروا خير من أذى مجتمع وأمّة بأكملهما.

خاتمة:

في خاتمة هذا المقال، نخلص إلى أنّ الغش في الامتحانات آفة اجتماعية واضطراب نفسي ومخالفة أخلاقية ودينية، إذ ينطوي على مخاطر كثيرة، متعددة الأبعاد والاتجاهات، فهو قبل كل شيء دليل على شر الروح وتفاهة النفس، وهو من الناحية الدينية إغضاب لله تعالى، وتحدّ صريح لتعليمات رسوله صلى الله عليه وسلّم.

كما أنّ الغش في الامتحان سلوك منحرف يعيق العملية التعليمية برمّتها، وينتهك أحد أهداف تقويم الطالب ومنحه الدرجة التي يستحقها. وعليه، فتقييم قيام الطالب بالغش هو مرادف لتزوير النتائج وتشويهها. وإعطاء تصوّر غير صحيح عن مدى فهمه واستيعابه لمواد التدريس.، وكذلك الطالب الغشاش يظلم الطالب غير الغشاش، لأنّه يأخذ نقطاً تجعله متفوّقاً عليه في المباريات الخاصّة بالتوظيف أو استكمال الدراسات العليا، وهكذا فهو يعطي مبرراً إضافياً للطالب المتردد ليتشجّع ويقتحم عالم الغشّ، وكذلك يمكن أن يحبط من عزيمة الطالب غير الغشاش، الذي يرى أنّ اجتهاده وسهره الليالي واعتماده على نفسه وتضحياته لم يشفعوا له لينال نفس النقط التي يحصل عليها الغشاش من دون بذل مجهود يذكر.

ومن هنا نرى أنّ الطالب الذي اعتاد على الغش في الامتحانات المدرسية دون أن يثبط عزيمته أو تدريبه من قبل أي شخص سيستمر في القيام بذلك في الامتحانات الإعدادية والثانوية والجامعية وحتى في امتحانات الدخول إلى الوظيفة، وهذا يجعله فردًا سلبيًا في المجتمع، دائم الاعتماد على غيره، لا يتميز بصفتي الإبداع والإنتاجية، ولا يستطيع حلّ أي إشكال مستقبلي بالاعتماد على نفسه، ولا القيام بعمل بمفرده، فهو شخص مخادع ضعيف لا يخدم نفسه ولا أسرته ولا المجتمع، وبالتالي فهو مصدر خطر أينما كان الغش، حيث لا يمكن مطلقا الحديث عن إبداع وابتكار وإنتاج في ظل وجود الغش، فالصفتان متضادّتان ولا يمكن أن يلتقيا مطلقا، وربّما كان الغشّ أحد أسباب ضعف الأمّة الإسلامية حالياً في مختلف المجالات (الصحافة، القضاء، التدريس، الإدارة… الخ)، فالطبيب الذي وصل بالغش قد يؤذي مرضاه، والمحامي الذي وصل بالغشّ قد يسبب خسائر فادحة لموكّليه، والقاضي الذي وصل بالغشّ قد يضرّ بمصالح المواطنين ويظلمهم، ويعطي الحقوق لغير أهلها، والأستاذ الذي وصل لمنصبه بالغشّ ماذا سيستفيد منه طلبته؟ والصحفي الذي وصل بالغش سيضلل من يقرأ أو يستمع له أو يشاهده… إلى آخره.

كذلك فإن تسامح المدرّسين والمراقبين مع الغش في الامتحانات وعدم وجود عقوبات واضحة عليهم يؤدي إلى خلق جيل يتّسم باللامسؤولية واللامبالاة والاستهزاء بالقوانين والأنظمة، وهذه خطوة من شأنها أن تؤدّي بهم إلى هاوية الانحراف وتدخلهم إلى عالم الجريمة.

وأخيراً، فقد اقترحنا بعض الحلول التي من شأنها التصدّي لآفة الغشّ في الامتحانات، وكتوصية أدعو المثقفين والإعلاميين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس، ورجال التربية والتعليم، والسلطات المعنية بالدولة، وفقهاء المساجد والفنانين والنشطاء بالمجتمع المدني إلى التكاثف وتوحيد الجهود، من خلال التوعية والتحسيس لمخاطر هذا المرض الاجتماعي الذي يعتبر خطراً استراتيجياً يهدّد الأمن التربوي والتعليمي والأخلاقي للدول العربية والإسلامية، من حيث أنّ استفحاله يضيّق من دائرة الإبداع الفكري بالجامعات.


لائحة المصادر والمراجع:

  1. نور عادي، الفرق بين الإبداع والابتكار، منشور على الموقع الالكتروني “موضوع” بتاريخ 30-04-2018، على الرابط التالي: https://mawdoo3.com/
  2. إمطانيوس ميخائيل، الامتحان، مقال منشور على الموقع الالكتروني لهيئة الموسوعة العربية بسوريا على رابط التالي:http://arab-ency.com.sy/ency/details/552
  3. شيرين طقاطقة، تعريف الغش، مقال منشور بتاريخ 20-09-2018، بالموقع الإلكتروني “موضوع” على الرابط التالي: https://mawdoo3.com/
  4. انتصار العتوم، مفهوم الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم وابن خلدون، مقال منشور بتاريخ 09-08-2020، بالموقع الالكتروني “عربي” على الرابط التالي:https://e3arabi.com/
  5. رفاعة الطهطاوي، الأعمال الكاملة، الجزء الثاني السياسة والوطنية والتربية، دراسة وتحقيق محمد عمارة، دار الشروق، القاهرة- بيروت، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2010.
  6. خالد الدوس، علم اجتماع البيئة، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 2019.
  7. إيميل دوركهايم، التربية والمجتمع، ترجمة الدكتور علي أسعد وطفة، دار معد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الخامسة 1996.
  8. عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية- مصر، 1985.
  9. فاتن زكرياء، حوار مع الدكتورة منى حمدي استشارية الصحة النفسية: الغش في امتحانات الثانوية آفة اجتماعية أم اضطراب نفسي؟ منشور بتاريخ 12-07-2021، بالموقع الإلكتروني لجريدة أخبار اليوم المصرية على الرابط التالي:

https://m.akhbarelyom.com/news/newdetails/3425231/1/

 


[1]– نور عادي، الفرق بين الإبداع والابتكار، منشور على الموقع الالكتروني “موضوع” بتاريخ 30-04-2018، على الرابط التالي: https://mawdoo3.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%82_%D8%A8%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D9%83%D8%A7%D8%B1

[2]– إمطانيوس ميخائيل، الامتحان، مقال منشور على الموقع الالكتروني لهيئة الموسوعة العربية بسوريا على رابط التالي: http://arab-ency.com.sy/ency/details/552 منشور بتاريخ 2021-03-17

[3]– شيرين طقاطقة، تعريف الغش، مقال منشور بتاريخ 20-09-2018، بالموقع الإلكتروني “موضوع” على الرابط التالي: https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81_%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B4

[4]– انتصار العتوم، مفهوم الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم وابن خلدون، مقال منشور بتاريخ 09-08-2020، بالموقع الالكتروني “عربي” على الرابط التالي:https://e3arabi.com/

[5]– رفاعة الطهطاوي، الأعمال الكاملة، الجزء الثاني السياسة والوطنية والتربية، دراسة وتحقيق محمد عمارة، دار الشروق، القاهرة- بيروت، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2010، ص 315.

[6]– رفاعة الطهطاوي، نفس المرجع، ص 316 و 317.

[7]– رفاعة الطهطاوي، الأعمال الكاملة، الجزء الثاني السياسة والوطنية والتربية، ص 398.

[8]– لابن خلدون نظريات في السلطة والتعليم والتربية والحضارة والعمران… الخ. وهناك من يعتبره المؤسّس الحقيقي لعلم الاجتماع بل والأب الروحي للعلوم الإنسانية، ذكره خالد الدوس في مقدّمة كتابه علم اجتماع البيئة،مكتبة الرشد للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 2019.

[9]– إيميل دوركهايم، التربية والمجتمع، ترجمة الدكتور علي أسعد وطفة، دار معد للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الخامسة 1996، ص 66.

[10]– عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية-مصر، 1985، ص 207.

[11]– عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، ص207.

[12]– يمكن أن أضيف لما ذكره الكاتب وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والأعمال الفنية من أفلام وأغاني ومسلسلات وغيرها.

[13]– عبد الرحمان العيسوي، سيكولوجية التنشئة الاجتماعية، ص 207 و208.

[14]– فاتن زكرياء، حوار مع الدكتورة منى حمدي استشارية الصحة النفسية: الغش في امتحانات الثانوية آفة اجتماعية أم اضطراب نفسي؟ منشور بتاريخ 12-07-2021، بالموقع الإلكتروني لجريدة أخبار اليوم المصرية على الرابط التالي: https://m.akhbarelyom.com/news/newdetails/3425231/1/

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.