إسهامات أوقاف الغرب الإسلامي في بناء مجتمع أخوي
ملخص:
قام الوقف بكل أنواعه وأشكاله بأدوار كبيرة مع باقي الأعمال الخيرية في تطور وتنمية المجتمعات الإسلامية، ورغم ما عرفته الأوقاف من تراجع ملحوظ على مستوى العناية والتدبير يبقى الوقف من حيث أهدافه ومقاصده، وسيلة فعالة للنهوض بالكثير من المرافق الحيوية في المجتمع، لم يختص الحبس بفئة دون أخرى، كما لم يختص بالرجل دون المرأة، نظرا للثواب والأجر الذي يلحق المحبس في حياته وبعد وفاته فقد ساهمت المرأة إلى جانب الرجل بل تنافسا معا في هذا العمل الخيري التطوعي.
وسيحاول هذا البحث الوقوف على اهم وأبرز المجالات التي كان للوقف دورا بارزا في إظهار التماسك والتآزر بين مختلف فئات المجتمع الواحد في الغرب الإسلامي، وسيبرز كيف ساهمت الأوقاف في سد الخصاص الحاصل في مختلف بنيات المجتمعات العربية الإسلامية في دول المغرب العربي خصوصا.
كما سيخلص البحث في خاتمته إلى أهم التوصيات التي تبرز مركزية الوقف في حياة المسلمين، وتدعو إلى إعادة الاعتبار إلى الأوقاف على اعتبار الوقف مؤسسة تساهم في تمويل الاستثمار البشري من خلال الإنفاق على التعليم والصحة. ومن خلال توفير أيدي عاملة متخصصة ومتنوعة في مجالات مختلفة، بتنوع أشكال الوقف والجهات الموقوف عليها.
الكلمات المفتاحية: الوقف، الإسلام، المجتمع، الغرب الإسلامي، التضامن.
Abstract:
Entailed estate (Waqf), in all its forms, plays a great role with the rest of the charitable works in the development of the Islamic societies. Despite the noticeable decrease in the level of care and management, the entailed estate remains in terms of its aims and purposes an effective means of promoting many vital facilities in the society. It is not limited to one group nor was it limited to the man on the expense of another group or woman, but woman competed in this voluntary charitable work with man because of the reward of blessing that the endower receives in his life and after his death. This research tries to identify the most important and prominent fields that have played a prominent role in showing collaboration and solidarity among different groups in the Islamic West and highlights how religious entailed estates have helped to close the special status that exists in different Arab Islamic societies, particularly in the Arab Maghreb countries. The research concludes with the most important recommendations that highlight the centrality of the entailed estates in Muslim life and call for the rehabilitation of religious endowments as an institution that contributes to the financing of human investment through expenditure on education and health besides to the provision of specialized and diversified manpower in various fields, in a variety of forms of endowments and those endowed for.
Keywords: entailed estate (waqf); Islam; society; Maghreb countries; solidarity.
مقدمة:
شكل الوقف وسيلة فعالة لإشاعة ثقافة الخير والقيام بأعمال البر والإحسان التي حث الإسلام عليها، ورغب فيها باعتبارها من الصدقات الجارية التي يثاب عليها صاحبها في الدارين. وقد سارع المسلمون إلى التنازل عن أملاكهم وتوقيفها على أبواب الخير المختلفة منذ عصر النبوة، وتتابعت الأوقاف وتنوعت عبر العصور، رغبة من أصحابها في تزكية النفس، وتربيتها على البذل والعطاء.
وقد ساهم الوقف في تطوير وتحسين مستوى عيش الناس وتنمية مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والعلمية ورعاية أحوالهم الصحية. وإعمار البنيان الحضاري للمسلمين عبر العصور والحقب التاريخية، ولم يختص الوقف بفئة اجتماعية دون أخرى، بل ساهمت الطبقة العليا والمتوسطة في هذا المجال الوقفي الخيري، ولهذا شكل الوقف قاعدة صلبة من قواعد بناء المجتمع، ودعامة أساسية في تحصينه من آفات الفقر والخصاصة والجهل والمرض وغيرها.
ونظرا لأهمية التنمية في المفهوم الإسلامي والتي تقوم بالدرجة الأولى على العنصر البشري باعتباره محورا ومرتكزا في تحقيق التنمية البشرية المستدامة التي تنبني على تحقيق مقاصد الشريعة الخمسة، المتمثلة في كفاية المسلم في دينه، وماله، ونفسه، وعقله، ونسْله، من خلال تنمية مجموعة من المجالات: مجال تنمية الحياة الدينية، ومجال تنمية الحياة الثقافية والتعليمية، ومجال تنمية الأحوال الصحية، ومجال التنمية الاقتصادية، وتوفير مناخ فكري وإداري وتكافلي مناسبٍ لتحقيق التنمية الشاملة.
وإن كان المشرق سباقا ومتميزا في مجال الأوقاف العامة على اختلاف أنواعها وأهدافها وأشكالها، فإن الغرب الإسلامي عرف بدوره نهضة كبيرة في مجال الحبس كما يطلق عليه مغاربيا، بل يعتبر بعض المؤرخين والمهتمين أن الوقف ظهر في المغرب مع بداية الفتوحات الإسلامية، حيث شيدت الجوامع والمدارس والمارستانات لتقوية روابط التكافل والتعاون الاجتماعي بين الناس.
وانطلاقا من القاعدة الفقهية “النساء شقائق الرجال في الأحكام”، ومن استقلال ذمة المرأة المالية، ومن تشوف المرأة المسلمة إلى مراتب التميز والتفوق الدنيوي والأخروي، كان إسهامها في الأوقاف العامة والخاصة للمسلمين إسهاما هاما وملحوظا.
من هذا المنطلق شملت أوقاف النساء معظم أبواب البر والإحسان، إن لم أقل كلها، وسأحاول في هذا البحث تسليط الضوء على الإسهامات الحبسية في الغرب الإسلامي في مختلف المجالات. كما سأتحدث عن الأوقاف التي خصصت للمرأة من أجل تحسين وضعيتها الاجتماعية، مبرزة الدور الذي قامت به في حفظ كليات الشريعة من جانب الوجود والعدم.
مدخل: تعريفات
قبل الخوض في صلب الموضوع، لا بد من إعطاء تعريف سريع ومختصر للوقف في اللغة والاصطلاح.
الوقف لغة: قال ابن فارس: ” الواو والقاف والفاء أصل واحد يدل على المكوث”[1].
وجاء في لسان العرب الوقف بمعنى الحبس والتسبيل[2]، أي وقف منفعة وجعلها في سبيل الله، ويضيف صاحب لسان العرب أن الحبس هو المنع، يقال: وقف فلان أرضه وقفا مؤبدا، إذا جعلها حبيسا لا تباع ولا توهب ولا تورث[3]، والتحبيس هو التأبيد، بمعنى لا يرجع الواقف في وقفه، ولا يصح لأحد أن يغير من مراد المحبس شيئا.
الوقف اصطلاحا: تعددت تعريفات الوقف واختلفت من مذهب إلى آخر، جاء في المغني الوقف: “تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة او المنفعة”[4]، وهو مستنبط من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه “حبس الأصل وسبل الثمرة” [5].
وعرفه صاحب كشاف القناع بقوله: ” تحبيس مالك، مطلق التصرف، ماله المنتفع به مع بقاء عينه، بقطع التصرف الواقف وغيره في رقبته، بصرف ريعه إلى جهة بر، تقربا إلى الله تعالى”[6].
ومشروعيته: الوقف مشروع بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، من ذلك قوله تعالى: “وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون”[7] وقوله تعالى “وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين” [8].
ما أخرجه الإمام مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم” إذا مات ابن الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”[9]. وقد حمل الأئمة الصدقة الجارية على الوقف[10].
وقد تزامنت نشأة الأوقاف مع بزوغ المجتمع الإسلامي المؤسساتي، لاعتباره ركيزة أساسية في دعم بل المساهمة في جميع البنى التحتية للدولة الحديثة الناشئة. يقول الإمام الشافعي: ” إن الوقف من خصائص أهل الإسلام، ولا يعرف أن ذلك وقع في الجاهلية “[11]، مضيفا: ” لم يحبس أهل الجاهلية فيما علمت إنما حبس لأهل الإسلام”[12]،وحظيت الجوانب الإنسانية بأولوية الواقفون والواقفات من النساء، وسأحاول التركيز على أهمها.
المبحث الأول: أوقاف المجال الاجتماعي
نظرا للأهمية التي أولاها الشارع الحكيم للجانب الاجتماعي وللتكافل والتعاون الذي يقوي الأواصر والروابط بين الناس يقول الله تعالى ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) [13]. ويقول سبحانه وتعالى (ليس البر أن تلوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتب والنبيين وأتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة) [14] من هنا، من باب البر والإحسان حظي الوقف في الجانب الاجتماعي بالتنوع والسبق في أولويات المحبسين في الغرب الإسلامي، ومن أهم مظاهر وتجليات هذا النوع من الوقف أذكر ما يلي:
– إنشاء دور العجزة والأرامل: استكمالا لواجب البر والإحسان الذي أمر به الحق سبحانه اتجاه ذوي الأرحام والأقارب، أوقف المرأة وهي مصدر الرعاية والرحمة إلى جانب الرجل دورا وأنشأت مرافق لإيواء واحتضان من لا عائل له ولا مأوى، في حين حبست أخريات منافع وأصول عقارات لتوفير مستلزمات العيش الكريم لنزلاء دور الأوقاف من مأكل وملبس.
– تكاليف الأعراس والولائم: هذا من روعة المطلب الإحساني للوقف، فلكي لا يشعر فرد في المجتمع الإسلامي بالدون وبالفارق الاجتماعي تسابق النساء في وقف الحلي والملابس ومستلزمات تزين العرائس، كما تكلف الرجال بتجهيز الدور المخصصة لإقامة الحفلات، وقد اشتهرت مدينة فاس، ومكناس ومراكش وغيرها من المدن العتيقة بهذا النوع من التكافل الاجتماعي المتميز الذي يستهدف للفئات المتوسطة والمعوزة.
وفي مدينة فاس وهي المعروفة بتعدد أوقافها وتنوعها، كان هناك أربع رياضات وقفية، توزعت بين بدرب السعود في حي الجزيرة، ورياض جحا، والصاغة، ورحبة القيس، جُهِّزت كلُّ واحدة منها بالفرش والأثاث اللائق بوليمة التزويج، وخصصت واحدة منها لتعريس المكفوفين المحتاجين الذين لا سكَن لهم، ولإقامة مراسيم زفافهم، وتجهيز وتزيين عرائسهم.
كما أوقفوا أملاكا وسبلوا مداخيلها لتزويج الشباب العزاب الذين تضيق أيديهم وذويهم عن تكاليف الزواج من مهر وتوابعه.
- دور إصلاح ذات البين: إن محورية الأسرة في الإسلام، مركزيتها التي تقوم عليها باقي أسس الحياة الإنسانية، جعلها أولوية في بناء مشروع مجتمع مترابط قوامه المودة والرحمة، ومن سنة الله في الكون الاختلاف، ومن طبيعة البشر التحاور والنقاش، والاختلاف والخلاف نتيجة طبيعية لحياة زوجية تجمع بين طرفين يحتاجان إلى مدة زمنية للتأقلم والتقارب. وحدوث خصام وتنافر بين الطرفين وارد، لهذا كانت رؤية المحبسين والمحبسات ذات البعد الاجتماعي على دراية كبيرة بهذا التشنج الذي قد يعصف باللبنة الأساس في تماسك وترابط بل وتقدم المجتمعات وضمان استقرارها.
من هنا أسس الواقفون رجالا ونساء دورا خصصوها للعناية بالنساء في وضعية خصام وتنافر بين أزواجهن، لاحتواء الوضع وعدم ترك الباب مفتوحا أمام أي تدخل قد يزيد من تعقيد الوضع.
وتعتبر مدينة مراكش وهي التي تنافس العاصمة العلمية للمغرب في الأعمال الخيرية ذات البعد الإنساني من أوائل المدن المغربية التي اهتمت بهذا جانب الاجتماعي وخصصت دار وقف للنساء اللاتي يقع بينهنَّ وبين أزواجهنَّ خصام وتنافُر، يُقِمْنَ فيها آكِلات شاربات، حتى يزول هذا الخصام والتنافُر، وكانت هناك أوقاف عديدة حبست على الوجه الخاص من وجوه البر والإحسان، وذلك بالإنفاق على المُقيمات فيها، والقائمات على خدمة الوافدات عليها[15].
- دور الضيافة والاستراحة: إن حافظيه المرأة وانخراطها بشكل كلي في الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم، جعلها تساهم جنبا إلى جنب مع الرجل في تسهيل وتيسير عملية الترحال والتنقل بين الأقطار الإسلامية، فخصصت أوقاف لإنشاء دور – وهو ما يعرف ألان بالفنادق- لإيواء الغرباء المارُّون دون مقابل، بل حبست مداخيل وقفية من أجل الإنفاق على رواد هذه المحلات والعاملين عليهم، كما أنشأت الملاجئ الخيرية لمن لا سكَن لهم ولا مأوًى، يَقطنون فيها مجانًا، ويُزَوَّدون بالطعام والملابس صيفًا وشتاء [16].
- الإنارة العمومية: مما حفلت به الحوالات الحبسية أوقاف تدل على عظمة التكافل في المجتمع الإسلامي، لا أظن ان المجتمعات الغربية قد سبقت إليها، هي الأوقاف الخاصة بإنارة الدروب المُظلمة كمدينة “فاس”، وقد تضمَّنت “الحوالة العبد الرحمانية” لائحةً لعدد من السوامر (الفوانيس) التي كانت تُوقد بعد غروب الشمس لإنارة الأمكنة المظلمة من “فاس”، مصحوبةً بلائحة الموقوفات على ذلك[17].
- وأوقاف المياه وسقاية السبيل: وهو ما اشتهر به المغاربة وخصوصا أهل فاس، فلا تكاد تخلو حومة من أحياء المدينة العتيقة لفاس من سقاية و”معدة “[18]، ولا زالت بعضها إلى الآن شاهدة على الدور الفعال الذي قامت به الأوقاف في المغرب في مجال المياه باعتبار الماء هو الحياة، كما حبست أملاكا ومداخيل على حفْر الآبار، والعيون، ومدِّ القنوات لنقْل المياه من منابعها إلى أماكن استعمالها.
وبما ان الماء هو مصدر النظافة والطهارة، فقد حبست معظم حمامات المدن العتيقة في سبيل الله، وحدد ثمن رمزي للمستفيدين من هذه المرافق الحيوية لتصرف على مختلف احتياجات الفئات المعوزة، وقد ذكَر الشيخ محمد المكي الناصري أن الحمامات يرجع أكبر عددٍ منها في المدن المغربية إلى الأحباس؛ لأن المُحبسين كانوا يَعتبرونها مراكز للطهارة الإسلامية، فكانت أَكْرِيَتُها منخفضة، وأُجْرة الاستحمام بها رخيصةً[19]،
- أوقاف سداد الديون: إن أكثر ما يهدد راحة بال واستقرار الإنسان وهو كثرة الديون، فكما يقال الدين مذلة بالنهار ومهانة بالليل، فكان من باب صيانة الكرامة الإنسانية، وحفظ ماء وجه المدين، ان حبست أوقاف مهمة نص أصحابها على صرفها في باب سداد ديون المدينين، وقد اشتهر هذا النوع من الوقف في عهد السلطان “أبو عنان المريني”؛ حيث خصص صندوقا لأداء ديون المعسرين المسجونين من ماله الخاص بسائر الجهات المغربية، وإطلاق سراحهم، وقضاء ديون مَن توفِّي وعليه ديْن من الديون من بيت المال[20].
- أوقاف الأواني او الماعون: جبرا لقلوب الصناع والمتدربين الذين قد يحدث لهم عارض ما فتنكسر آنية رب المعمل أو الصنعة، فخصص الواقفون أحباسا وجعلوا ريعها لتعويض ما أتلفه المستخدمون والمساعدون لأسيادهم.
- أوقاف رعاية اليتيم: الإحساس باليتم شيء صعب، والمرأة بخصوصياتها وبعاطفتها التي تميزها عن الرجل، شريكها في الحياة، أنشأت أوقاف وخصَّصْت جانبًا كبيرًا من عائدات أوقافها لصالح رعاية اليتيمات ماديًّا ومعنويًّا وتربويًّا؛ لضمان حُسن تنشئتهنَّ، واشترَطت المرأة وهي صانعة الأجيال، في نصوص حبسها أن تصرف المردوديات على تعليم فتيات الملاجئ الوقفية الكتابةَ والقراءة، وحِفظ القرآن، وتعليم القراءة في المصحف الشريف، ومبادئ الحساب، وفنون الطبخ، والخياطة والتطريز، وكل ما يتعلق بمستقبل ربات البيوت الناجحات سواء أكانت زوجة أو أما.
وبذلك يكون هذا النوع من الوقف قد ساهم بشكل مباشر في التنمية البشرية، واحتضن فئة من المجتمع قد يكون مصيرها التشرد والضياع إن لم تجد من يمد يد المساعدة ويوجه ويبنى.
يقول عيسى القدومي: “رعاية الأيتام لم تكن صفحات تُسطّر بها الكتب العلمية والفقهية بل كانت واقعًا يتنافس على توفيره أهل الخير والبر والعلماء والسلاطين وعامة الناس كذلك، لتوقير حياة كريمة للأيتام ليعيشوا مثل باقي أفراد مجتمعهم، والوقف كان له دور كبير في سد ثغرة اجتماعية كان سيعاني منها المجتمع المسلم في حالة إهمالها، وهذا يؤكد أهمية الوقف في علاج المشكلات الاجتماعية في المجتمع”[21].
المبحث الثاني: أوقاف المجال الديني والعلمي والثقافي
تعتبر المنشآت الدينية أكثر العمائر القائمة في أرض المغرب وتشتمل على المساجد والزوايا والأضرحة، التي يمتد تاريخها من الفتح الإسلامي إلى العصر الحاضر[22]، يقول صاحب كتاب الوقف وبنية المكتبة العربية: ” أسهم الوقف في إرساء دعائم ثقافة متنوعة، في المجتمعات الإسلامية على مدى قرون طوال منها:
- تشييد المدارس وتعيين المدرسين فيها، والإنفاق على طلبة العلم
- الاستفادة من المساجد في التعليم، بإيجاد زوايا العلم وحلقات الدرس.
- العناية بتوفير مصادر للمعلومات في المدارس والمساجد والربط والمارستانات.[23]
ولا يتخلف اثنان على أن الدور الأساس للأوقاف الدينية والتعليمية له دور بارز في المساهمة الفعالة في التنشئة الدينية والتعليمية والثقافية، من هنا انتقلت مساهمة الواقفون في الحياة الاجتماعية باعتبارها فاعلا رئيسيا فيها إلى مساهمتهم في مجال العلم والتعليم عبر العصور، خاصة وأن المغاربة جعلوا من الأحباس مصدرا وموردا شبه دائم لتمويل الجامعات ودور التعليم ومكتبات الكتب على اختلاف أنواعها ومشاربها.
- أوقاف الجوامع والمساجد: إن همم الصالحين تشرئب دائما للمعالي، فقد كان الإنفاق والبذل في سبيل الله من أعظم القربات التي تنافس فيها الرجال والنساء – ولا يزالون – ونظرا لمركزية المسجد وتعدد وظائفه التربوية والتعليمية، ونظرا لمحوريته في حياة المسلمين، كان ولا يزال أول مرفق يقام عند الفتح والحلول في أي بقعة من الأرض، إتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه، ومعلوم أن المساجد هي وقف لله تعالى منذ القدم باعتبارها بيوت لله يذكر فيها اسمه عز وجل.
فها هي السيدة الفاضلة فاطمة الفهرية، أم البنين بنت الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد الله الفهري القيرواني، التي ورثت رحمها الله تعالى ثروة عن والدها تأبى إلا أن يكون لآخرتها نصيب منها، فاهتدت وهي المرأة الصالحة إلى أن تترك صدقة جارية امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة”[24]؛ فأسست جامع القرويين[25]، وحرصت على ألا تشوب بناءه شائبة، وألا يدخل في بنائه إلا ما هو حلال صرف، ونذرت أن تصوم طيلة مدة بنائه.
ولا يخفى على أحد الدور الذي تقوم به القرويين كجامع وجامعة، فهو قبلة الزوار والمارين، وإليه يحج طلاب العلم الشرعي من كل البلدان، فقد تخرج منه ولا يزال كبار شيوخ المذهب المالكي الذين تفرق تلامذتهم في الآفاق، وقد سمي بالمسجد الجامع لاجتماع أهل المدينة فيه، ليبقى صرحا تاريخيا شاهدا على دوره في حفظ الحياة الدينية والعلمية، ووقفا على صاحبة المبادرة الطيبة.
وإليه ترجع معظم أوقاف مدينة فاس[26]، بل انتشرت أوقاف القرويين داخل المغرب وخارجه، ونظرا لهذه المكانة العالية للجامع والجامعة حرص الواقفون والمحبسون عبر مختلف العصور رجالا ونساء، حكاما ومجتمع مدني، على وقف أملاكم من أراضي ورباع، من أجل توسعته، وترميمه، وتجهيزه بكل ما يلزم رواده من علماء وطلبة وزوار، حتى أصبحت القرويين مركز إشعاع علمي ذائع صيته في الآفاق.
في الشق المقابل لعدوة القرويين أنشأت مريم[27] الأخت الصغرى لفاطمة الفهرية جامع الأندلس لتدعم الحركة العلمية في عدوة الأندلس، وقفا منها لتقريب مصدر العلم من ساكنة العدوة الفاسية. وقد اعتبرته الباحثة عفاف عبد العزيز حميد الشقيق الأصغر لمسجد القرويين[28]. وقد أصابت في ذلك، ولا زال جامع القرويين وجامع الأندلس معلمتان بارزتان قسمتا مدينة فاس إلى عدوتين: عدوة القرويين وعدوة الأندلس.
كما شيدت السيدة الوزكيتية مسجد باب دكالة بمراكش، وجهزته بالكتب، وخصصت أحباسا للكراسي العلمية به[29].
هذه بعض أوقاف النساء على الجوامع والمساجد، أما أوقاف المحبسين من الرجال فلا تعد ولا تحصى، بل انتشرت في الحواضر والبوادي وساهمت في الوعي الديني والثقافي بين الناس، وكما ساهمت في دعم الحركة التعليمية وتوفير ما يلزم لها.
- أوقاف المدارس والمكتبات والكتب:
لقد اهتم الواقفون المغاربة بالمدارس ودور التعليم ورباطات تحفيظ القرآن وتلقين تعاليم الدين الإسلامي منذ القدم، نظرا لمحورية التعليم في حياة المسلمين، ومركزيته في رقي وتقدم المجتمع، فظهر تأثير ذلك على جميع مناحي الحياة، وتسابقوا لبناء المدارس ووقفها في سبيل الله من اجل دعم الحركة العلمية والثقافية بين مختلف شرائح المجتمع، ووفروا كل حاجات التعليم إضافة إلى ضرورياته من مدرسين ومساكن وأدوات ومعدات وتجهيزات مدرسية.
بل لم يقتصر المغاربة على وقف ممتلكاتهم ومنافع أصولهم العقارية على بلاد الغرب الإسلامي، بل لفائق شغفهم بالعلم والمعرفة ورغبة منهم في تعميم الاستفادة منه، شملت أوقافهم في هذا المجال العلمي بلدانا مختلفة كمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والقدس الشريف، وغيرهم من العواصم التي كانت تعتبر نقطة إشعاع ومحور تواصل بين العديد من الناس على اختلاف أجناسهم ومشاربهم،
ولما كان الإنسان كما يقول ابن خلدون: ” قد شاركته جميع الحيوانات في حيوانيته من الجنس والحركة والغذاء والكن وغير ذلك، إنما تميز عنها بالفكر الذي يهتدي به لتحصيل معاشه، والتعاون عليه بأبناء جنسه، والاجتماع المهييء لذلك التعاون، وقبول ما جاءت به الأنبياء عن الله تعالى والعمل به وإتباع صلاح أخراه” [30] كان حفظ هذا العقل من جهة الوجود واجب شرعي، وتحقيق ذلك بتغذيته بالعلم النافع المنشئ للعمل، يقول ابن خلدون: ” أن التعليم ضروري وطبيعي في البشر لحاجة الإنسان إلى معرفة العلوم المختلفة التي لا تتيسر بالفهم والوعي فقط، بل بملكة خاصة تحصل بالتعليم”[31]،ومن أهم الوسائل الحبسية التي ساهمت بشكل ملحوظ في العملية التعليمية هي بناء المدارس، والمكتبات ووقف الكتب عليهما.
وعيا من المحبسين بأهمية الكتاب في العملية التعليمية والثقافية، ونظرا لارتفاع تكلفة الكتاب وندرته أحيانا، تنافس ذوو الهمم العالية ومحبو الدار الآخرة على إنشاء المكتبات الوقفية في العواصم والحواضر وقرب المساجد الجامعة، لذا فقد انتشرت مكتبات الوقف في الأندلس والمغرب على مر العصور، بل هناك من اعتبر أن مكتبات المساجد – باعتبار المسجد وقفا لله – النواة الأولى التي قامت عليها كل أنواع المكتبات الأحرى.
ففي الأندلس كثرت المكتبات الحبسية، لذا سأتحدث عن بعضها:
- مكتبة مسجد طليطلة: التي كان يحج أليها الطلاب من العرب المسلمين وغيرهم، ليستلهموا من تنوع وكثرة كتبها، وقد بلغ صيتها كافة أنحاء أوروبا[32].
- مكتبة مسجد مالقة: دعمه العديد من المحبسين بالكثير من الكتب، وعلى رأسهم الفقيه ابن لب الذي حبس جزءا مهما من مكتبته الخاصة.
- مكتبة الجامع الكبير بقرطبة: التي أسسها الحاكم الأموي المستنصر بالله، وقد عين لها طاقما إداريا، وجمع لها أفضل النساخ، واختار أفضل الصناع لتغليف وتجليد الكتب، وأوقف عليها أوقاف جعلتها تحتل مرتبة كبيرة في أوربا وإفريقيا وآسيا.
- مدرسة ومكتبة الشاري بسبتة: نسبة إلى صاحبها أبي الحسن علي الشاري[33]، الذي أفنى عمره في خدمة العلم والتنقيب عن أمهات الكتب والمصادر، يقول جمال بامي الباحث في التاريخ: “أود هنا أن أشير إلى أن المدرسة التي أسسها أبو الحسن الشاري بمدينته سبته تعتبر الأول من نوعها في المدينة، وقد بناها علامتنا من ماله الخاص، ووقف عليها مكتبة زاخرة ضمت أعلاما ونفائس كما أعلمنا بذلك تلميذه ابن الزبير في كتابه “صلة الصلة”… وقد كانت هذه المدرسة المباركة باعثا لاحتضان مدينة سبتة لمراكز علمية متعدّدة، من مساجد وجوامع وكتاتيب ورباطات”[34].
كما انتشرت ظاهرة وقف الكتب في الأندلس والمغرب على مر العصور، وبفضل وقف الكتب انتشرت الثقافة في العالم الإسلامي وشملت جميع طبقات الناس، تنافس المحبسون على وقف كتبهم ووضعها رهن إشارة المكتبات والخزانات الحبسية، وقد ساهم وقف الكتب في تنشيط حركة التأليف في الأندلس، وظهرت أنواع كثيرة من المؤلفات في شتى أصناف العلوم نظرا لوجود مناخ مناسب داخل المكتبات الوقفية من موظفين ونساخ وكتب وضيافة.
هذا جعل المكتبات بكتبها الوقفية تفتح أبواب المعرفة أمام الجميع، فارتفعت نسبة الوعي عند العامة قبل الخاصة، فتخرج العديد من العلماء والكتاب والشعراء والنقاد وغيرهم.
ففي المغرب الأقصى عرفت المدن العتيقة كفاس ومراكش وطنجة وتطوان وغيرها العديد من المكتبات الحبسية، والحزانات الوقفية التي ساهمت بنصيب وافر في العملية التعليمية التربوية، وسأتحدث عن أوقاف بعض مدارس العاصمة العلمية للمغرب فاس، لكونها أعرق المدن الوقفية.
وأمام هذا الازدهار العلمي الذي عرفته القرويين في هذه الفترة ستبرز ظاهرة علمية فريدة سيكون لها أثر واضح في خدمة الشخصية الدينية للمغرب بمختلف تجلياتها، وسيستمر أثرها ومداها إلى اليوم وهي ظاهرة الكراسي العلمية التي كان لها دور بارز في خدمة الثقافة الإسلامية في عمومها بمختلف تفريعاتها المعرفية، وكذا في ترسيخ قيم التدين في جوانبه العملية والعقدية والسلوكية كما اختارها المغاربة وذلك من خلال تخصص بعض منها في جانب من هذه الجوانب، حيث كانت ثمة كراسي لتدريس كتب الفقه المالكي، وأخرى لتدريس متون في العقيدة الأشعرية، وأخرى لتدريس كتب التصوف. وهذه الكراسي هي بمثابة مناصب علمية تُخصص لتدريس علم من العلوم أو كتب معينة، تُحبّس عليها أوقاف يستفيد منها الأساتذة والطلبة، ويرجع تأسيس هذه الكراسي إلى عام 651هـ/1253م حين تم إنشاء أول كرسي للأستاذية لتفسير الثعالبي، وكتاب حلية الأولياء لأبي نُعيم[35].
وقد تصدى للتدريس والتلقين في هذه الكراسي العلمية خيرة العلماء الذين كانوا يفدون إليها من داخل وخارج المغرب، نظرا لأهميتها وكثرة طلابها ومتعلميها الوافدين من أقطار شتى، الشيء الذي دفع المحسنين إلى دعمها وزيادة الأوقاف عليها. وصرف ريع الأملاك المحبسة عليها وعلى من يدور في فلكها.
مدرسة الصفارين[36]: التي استرجع إليها يعقوب المنصور معظم الكتب التي هربت خارج المغرب
مدرسة فاس الجديد أو مدرسة دار المخزن[37]، خصصت لقراءة القرآن وتدريس العلم، وأوقفت عليها المرتبات والمؤن الشهرية.
مدرسة الصهريج[38]: تعد من أجمل المعالم التاريخية الوقفية في العهد المريني، كانت مؤلفة من بنايتين تحيط كل واحدة منها بصحن، أطلق عليها أولاً المدرسة الكبرى والمدرسة الصغرى، ثم سميت الأولى مدرسة الصهريج لأن صهريجاً مربعاً يتوسط الصحن كله، ثم سميت الأخرى مدرسة السبعيين نسبة إلى القراءات السبع التي من المحتمل أنها كانت تدرس بها، كما كانت تتوفر على بيوت خاصة بالطلبة الذين كانوا يفدون عليها من مختلف ربوع البلاد للأخذ والتتلمذ على أيدي علمائها وشيوخها.
مدرسة العطارين[39]: بنيت بالقرب من جامع القرويين، وهي ثالث أجمل مدرسة من بناء المرينين، ساهمت بدورها في العملية التعليمية والثقافية، وخرجت العديد من العلماء، و لا زالت معلمة تاريخية تدل على العمق الوقفي بالمدينة.
المدرسة البوعنانية[40] بفاس: احتلت مكانة مرموقة في وقتها، واعتبرت مفخرة مدارس فاس، والتي شملت أوقافا كثيرة نظرا لموقعها وكثرة طلابها وتوفرها على سكن طلابها وروادها وإدارييها.
وتعتبر الخزانة الصبيحية [41]بسلا معلمة أخرى من معالم الوقف بالمغرب الذي حبسها صاحبها لتكون وقفا على العلماء وطلبة العلم وعامة القراء، وكانت تضم حوالي أربعة آلاف كتاب بين مطبوع ومخطوط، كما جعل لها موردا ماليا قارا يصرف عليها وعلى القائمين بإدارتها، وقد حافظ ابنه عبد الله على إرث والده الحبسي بل قام بتحبيس بناية سكنية لتوسعة الخزانة.
المبحث الثالث: الوقف والرعاية الصحية
من الكليات الشرعية التي يجب حفظها وجودا وعدما، حفظ العقل، وبالتالي الحفاظ على الإنسان السوي عقلا، ومتزن جسما، لأن العقل السليم في الجسم السليم، من هنا جاء اهتمام الوقف الإسلامي برعاية المسلم بدنيًّا وعقليًّا، فكان أن تنافس أغنياء المسلمين في هذا الوجه من وجوه البر والإحسان، فحبسوا أملاكا وأراضي واسعة لإنشاء المستشفيات، وكليات الطب التعليمية، وتطوير الطب والصيدلة والعلوم المرتبطة بها، والإنفاق على تأليف كُتب الصيدلة والطب؛ ككتاب “الكليات في الطب”؛ لابن رشد، كما أوقَفوا الأوقاف الكاملة للمجمعات الصحية التي عُرِفت باسم: “دُور الشفاء”، و”دُور العافية”، و”البيمارستانات” الخاصة بمعالجة الأمراض النفسية والعقلية والعصبيَّة، وبناء أحياء طبية متكاملة الخِدمات والمرافق؛ لتقوم بمهامِّها على أحسن وجهٍ[42].
ففي مدينة فاس ونظرا للأوقاف التي حبست على المارستانات، فقد خصصت لها نظارة خاصة سميت نظارة المارستان، تشرف على تسيير هذه الأملاك، قبل أن تدمج في نظارة أوقاف فاس، وتكلفت الأوقاف برعاية الصحة العامة اهتماماً عظيماً، وتمثل ذلك فيما وقفوه من الأموال لإنشاء المستشفيات والدور الصحية لعلاج الإنسان بل والحيوان. فتحركت عجلة التطبيب والعلاج بوثيرة مرتفعة جعل كل طبقات المجتمع المغربي تنخرط في بناء مجتمع أخوي ينعم بالصحة والعافية.
ومن أهم المارستانات التي داع صيتها في المغرب، نذكر: مارستان “سيدي فرج“[43] الذي أُسِّس في القرن السابع الهجري، واستمرَّ العمل به إلى القرن العشرين الميلادي، وكان يعتني بصحة الإنسان والحيوان والطير، وخُصِّصت به أوقاف لعلاج الطيور، خاصة طيور اللَّقْلاق إذا انكسَرت أو أُصيبت بأذًى، ويُصرف من هذه الأوقاف على مَن يُضمدها ويُداويها ويُطعمها[44]
يقول عنه صاحب سلوة الأنفاس: ” مكان يقيم به المرضى الذين بعقولهم مرض وهو المجانين، ويسمى ذلك النكان سيدي فرج… بنى هذا المكان أحد السلاطين ليضم مرضى المسلمين الذين لا ملجأ ولا مأوى يأوون إليه، وسمي باب الفرج لأن المرضى كانوا يجدون فيه ما يفرج كربهم، وقد حبست عليه الحبوس التي كانت تصرف علتها عليه”[45].
ويقول الدكتور البشير بنجلون حول مستشفى سيدي فرج: وخُصِّصت به أوقاف لعلاج الطيور خاصة طائر اللقلاق إذا انكسرت أو أصيبت بأذى، ويصرف من هذه الأوقاف على من يضمدها ويداويها ويطعمها، كما رُصِدت أوقاف للموسيقيين الذين يعزفون للمرضى كل أسبوع ليخففوا عنهم آلامهم، ويُنفَق من هذه الأوقاف على ما يتطلَّبه غسل الموتى الغرباء وتكفينهم وإقبارهم[46].
وكان بالرباط مارستان “محمد الغازي“، مفتوحا في وجه المجانين من أنحاء المغرب، بقصْد العلاج والاستشفاء، وكانت له أوقاف خاصة لهذا الغرض[47].
كما خُصِّصت محلات حبسية تأوي بعض أصناف المعاقين، والمصابين بالأمراض المُعدية المُستعصية العلاج، فكان بفاس ربضٌ يَسكنه المجذومون، ولهم رئيس يَجمع مداخيل العقارات الموقوفة عليهم، ويوفر لهؤلاء المرضى كلَّ الضرورات، بحيث لا يحتاجون إلى شيء[48].
وفي مراكش كان هناك مستشفى حبسه أبي العباس السبتي على فاقدي البصر وذوو الأمراض المزمنة والمستعصية [49]. ويرى الباحث المغربي العلامة محمد بن عبد العزيز بنعبد الله أن أول بيمارستان عُرف بإفريقيا الشمالية هو الذي أسسه المنصور الموحدي بمراكش.
المبحث الرابع: الوقف والنهوض الاقتصادي
لقد أثبتت التجربة التاريخية عبر القرون الماضية الدور الكبير والعطاء المتميز لمؤسسة الوقف في تمويل التنمية الاقتصادية في الدول الإسلامية، والمتتبع لأساليب الانتفاع الاقتصادي لمؤسسة الوقف مند نشأته سيجد أنه شمل أنواعاً مختلفة من مصادر ثروة المجتمع تمثلت في عائدات واستثمارات الأملاك المحبسة سواء كانت رباعا أو فلاحة، أراض زراعية، وحدائق وبساتين، إلى مختلف العقارات والدكاكين وأدوات الإنتاج، فضلاً عن السفن التجارية والنقود. وسأذكر بعض مجالات الوقف الاقتصادي:
- الوقف وسد الخصاص: إن الغرض المباشر من الشيء الموقوف هو إسداء خدمة للموقوف عليه، وسد خلة ظهرت في المجتمع قد تؤثر سلبا على أفراده، فأموال الوقف تنتج خدمات استهلاكية مباشرة للغرض الموقوفة عليه، مثال ذلك ما سبق وان تحدثت عنه في المجالات السابقة، وهذا النوع من الوقف يمكن أن يكون غرضه وجهاً من وجوه الخير العامة، كغلات الزيتون والأراضي الفلاحية البورية منها والسقوية، ويقصد منه أساسا إشباع حاجات الناس.
لا شك أن كل ذلك يحقق تكافلاً اجتماعياً فريداً من نوعه؛ لأن أصحاب رؤوس الأموال سخروا هذه الأموال التي أوقفوها في سد حاجات المعوزين من أفراد المجتمع، فكفلوا لهم بذلك حياة كريمة، وحفظوا عليهم إنسانيتهم وعزتهم من غير إراقة ماء وجوههم في سؤال الناس. وبذلك يكون الإسلام قد أوجد وسيلة لعلاج مشكلة من المشاكل الاقتصادية التي تواجه العالم وهي مشكلة الفقر والبطالة فشكل الوقف بذلك حلقة من حلقات التكافل والتضامن، لا سيما وأنه يتميز بدوره المستمر في العطاء والإنفاق، حيث إن عينه لا تستهلك، وهذا بدوره يضمن لنا ضمن الظروف الطبيعية دواماً في إمكانية سد الحاجات الملحة للمجتمع[50].
الوقف والحد من أزمة الإسكان: فمعظم محلاته السكنية تكرى لأصحاب الدخل المحدود، والفئات المعوزة على أساس ضآلة مبلغ الكراء. وهذا يلاحظ في المدن العتيقة كثيرا، بالإضافة إلى سكنى الأرامل والمعوزين والغرباء. والأيتام.
الوقف والدور التجاري التداولي: تلعب المحلات الحبسية التجارية التي تحتل نسبة مهمة من دكاكين المدن العتيقة دورا كبيرا في الحركة الاقتصادية بشكل مباشر، كما تعمل على تشجيع الاستثمارات المحلية، والتأثير في العرض والطلب، وتنمية الحركة التجارية داخل المدن.
يقول محمد أيمن العمر: ” والوقف بكونه نوعاً من التمويل الذي جاء به النظام الإسلام، يمكن الاستفادة منه في تحريك المال وتداوله؛ وذلك لأن الأموال المدخرة عند الأغنياء إذا أوقفوها بحيث تستغل استغلالاً تجارياً يدرّ بربح على الموقوف عليهم، فإننا بذلك الاستغلال التجاري وجهنا جزءاً من المال إلى السوق التجارية، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة في الطلب، وعندما تحدث الزيادة في الطلب يترتب على ذلك زيادة في الإنتاج لتلبية رغبات الطالبين”[51]
الوقف والحد من البطالة: إن الوقف بتنوع أهدافه وتداخلها يصبح مصدر حركة عمودية وأفقية متصلة، تنتج عنها زيادة المنافسة في اتجاهين، تنافس على النوعية، وتنافس على الكمية. هذا التنافس ينتج عنه إقامة منشآت تجارية من مصانع، ومستشفيات، وبالتالي ينشأ لدينا سوق عمل لتلبية احتياجات هذه المنشآت التجارية مما يترتب على ذلك من تشغيل أيدي عاملة كانت في السابق تعاني البطالة وقلة العمل، وهذه الأيدي العاملة يتحرك في يدها المال ويصبح لديها احتياجات، فيزيد الطلب على السلع في الأسواق بسبب توفر السيولة النقدية، وهكذا نلاحظ أن العملية أصبحت متوالية ونشطة [52].
الوقف الاستثماري: يقول الدكتور شوقي: (( شيوع ظاهرة الوقف في المجتمع الإسلامي، والتنوع الكبير في الأموال الموقوفة، والجهات الموقوف عليها، ولّد حركة استثمارية شاملة من خلال إنشاء الصناعات العديدة وتطويرها التي تخدم أغراض الوقف، ومن ذلك على سبيل المثال: صناعة السجاد، وصناعة العطور والبخور، … هذه الصناعات التي ازدهرت من جراء عملية الوقف وما تولد عنها من صناعات خادمة ومكملة، ومن عمل فيها من عمال وفنيين، وما تولد عنها من دخول ومرتبات وأثمان، كل ذلك يعدّ إضافات مستمرة إلى الطاقة الإنتاجية القائمة، أو بعبارة أخرى : مزيداً من الاستثمارات الإنتاجية، والتي تعتبر دعامة لأي تقدم اقتصادي)) [53](.
الوقف والمساهمة في مالية الدولة: تعمل الأوقاف كما سبقت الإشارة إلى ذلك على سد حاجات المجتمع ومتطلباته الملحة، بل وساهمت بشكل واضح في تحمل نفقات ومصاريف كثيرة عن الدولة، وذلك بتكفلها بمشاريع البنية التحتية الأساسية وتنميتها من خلال الوقف على الطرق والآبار والجسور والقلاع ومحطات المياه وغيرها.” ولقد كان للإنفاق على هذه الخدمات المتعددة أثر بارز على الإنفاق العام، ويبرز هذا الأثر من حيث إنه خفف كثيراً من الضغوط التي يمكن أن تقع على الدولة لتمويل هذه الخدمات المتعددة “[54].
من الأمور التي أصبحت ترهق كاهل الدولة ماديا، وأصبح الكل يتملص من الوضع الكارثي في مجالي التعليم والصحة، نجد الأوقاف التي حبست على الشئون التعليمية والصحية قد تحملت جزءا كبيرا في تخفيف العبء عن الميزانية العامة للدولة.
من هنا يعتبر الوقف منهجا متكاملا دينياً وتعليمياً واجتماعياً واقتصادياً… انفرد الإسلام بتشريعه والحث عليه، رَابِطا فيه بين السلف والخلف، مما أدى إلى كثرة النماذج الوقفية في التاريخ الإسلامي.
خاتمــة:
بعد هذا العرض الموجز لبعض جوانب موضوع الوقف، يمكنني أن أخلص إلى بيان أهم الخلاصات من هذا البحث:
1 – الوقف من المعاملات الشرعية التي ندب ديننا الحنيف إلى فعلها وألح عليها لما فيها من المصالح الدنيوية والأخروية.
2 – من خصوصية الإسلام أن ترك باب الاجتهاد مفتوحا أمام الواقفين رجالا ونساء.
3- تنوع مظاهر الوقف وتعدد أوجه استغلاله في الفقه، كان له الأثر البارز في تحقيق مصالح متعددة للمجتمع الإسلامي.
4- مركزية المسجد في وجدان المحبسين جعلت المسجد والجامع محور معظم الملاك المحبسة، فمنه ينبثق وإليه يعود ريع الوقف.
5 – طبقاً للموقف الفقهي الذي ييسر عملية التصرف في الوقف، فإن فرص تحسين الاستثمار وتطويره تكون أكبر.
6 – مساهمة المرأة في عملية الوقف والسهر على حسن استغلاله جعلها في صلب المشاركة الفعالة في استمرار مقومات الحضارة الإسلامية.
7 – العناية بالأملاك المحبسة سواء كانت رباعا أو فلاحة تجعل الوقف صالحاً للبقاء والدوام من خلال الإنفاق عليه من غلته، أو من الأموال الموقوفة. وبذلك نضمن دوام الدخل وسد حاجات المعوزين من أفراد المجتمع.
8- مساهمة مؤسسة الوقف في تمويل الاستثمار البشري من خلال الإنفاق على التعليم والصحة. ومن خلال توفير أيدي عاملة متخصصة ومتنوعة في مجالات مختلفة، بتنوع لأشكال الوقف والجهات الموقوف عليها.
9 – يعد استثمار الوقف مجالاً من مجالات تحريك الأموال وعدم تركزها في ناحية معينة.
10 – يعد الوقف موردا مهما يعمل على تعزيز الموازنة العامة للدولة من خلال تكفله بكثير من النفقات التي تثقل كاهل الدولة وفي نفسه يعتبر من أهم العوامل التي ترقى بالأمة إلى ركب الحضارة والتطور.
ولكي تستمر الأحباس في القيام بدورها الريادي في خدمة الإنسان وتحسين وضعيته يجب على الساهرين على تسيير الأوقاف أفرادا ومؤسسات حكومية أن تعمل على تطوير الأسس التشريعية والتنظيمية المؤطرة للوقف الخيري. وتسهيل الضوابط الحبسية.
لائحة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم برواية ورش.
- آثار الوقف في الحياة المجتمعية بالمغرب عبر التاريخ؛ السعيد بوركبة، مجلة دعوة الحق – العدد (284)، السنة 1991م.
- أثر الوقف في تنمية المجتمع؛ نعمت عبد اللطيف مشهور، مركز صالح عبدالله كامل للاقتصاد الإسلامي، جامعة الأزهر 1997م.
- الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة 1، 1990م
- الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، ابن أبي زرع ط 1326.
- أوقاف النساء، نماذج لمشاركة المرأة في النهضة الحضارية، دراسة للحالة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين؛ ريهام أحمد خفاجي، مجلة أوقاف، العدد (4)، السنة 1424 هـ – 2003م.
- أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل؛ رقية بلمقدم، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط 1413 هـ – 1993م.
- البعد الثقافي والمجتمعي للوقف الخيري في الإسلام؛ السعيد بوركبة، مجلة دعوة الحق، العدد (363 – 365)، السنة 2002م.
- تاج العروس من جواهر القاموس، محمد الزبيدي، مجموعة من المحققين، دار الهداية.
- تاريخ البيمارستانات في المغرب، البشير بنجلون، مجلة الجمعية المغربية للتواصل الصحي.
- تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة وتحقيق عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية، ط 1938.
- تاريخ المغرب في العصر الإسلامي، عبد العزيز سالم، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية، ط 1999.
- تهذيب اللغة، محمد الأزهري الهروي، تحقيق: محمد عوض، دار إحياء التراث العربي بيروت، ط 2001.
- التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ، محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني، المحقق: محمَّد إسحاق محمَّد إبراهيم، مكتبة دار السلام، الرياض، ط: 1، 2011 م.
- سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت.
- الكراسي العلمية بجامعة القرويين، عبد الرحيم السوني، مركز دراس ابن إسماعيل، الرابطة المحمدية للعلماء.
- كشاف القناع، منصور ين يونس البهوتي، ت: هلال مصطفى مصيلحي، دار الفكر بيروت، ط 1402هـ
- صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، المحقق: محمد زهير بن ناصر الناصر
- دار طوق النجاة الطبعة: الأولى، 1422هـ.
- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
- لسان العرب، ابن منظور، دار صادر بيروت.
- المغني، ابن قدامة، مكتبة القاهرة، تاريخ النشر: 1968.
- مساهمات المرأة في الوقف الإسلامي العلمي، عفاف عبد العزيز حميد، ط وزارة الأوقاف المغربية 1993.
- معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر ط 1979.
- مقدمة اين خلدون، ت: خليل شحادة، دار الفكر بيروت، ط 2001.
- الوقف في الفكر الإسلامي؛ محمد بن عبد العزيز بن عبد الله، منشورات وزارة الأوقاف المغربية.
- الوقف وبنية المكتبة العربية استيطان للموروث الثقافي، يحيى محمود ساعاتي، مركز الملك فيصل للبحوث، ط 2، 1996.
[1] – معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، 6/135.
[2] – ينظر لسان العرب، ابن منظور، 6 / 276، تهذيب اللغة 9/ 333، تاج العروس، للزبيدي، 6/ 369.
[3] – المرجع السابق 3 / 69.
[4] – المغني 5/ 544.
[5] – أصل الحديث: عن ابن عمر رضي االله عنھما قال: أصاب عمر بخیبر أرضا أنفس منه، فكیف تأمرني به؟ قال: “إن شئت حبست، لم أصب قط مالاً ً أصبت أرضا أصلھا وتصدقت بھا». فتصدق عمر أنھ لا یباع أصلھا، ولا یوھب، ولا یورث، في الفقراء والقربى، وفي سبیل االله، والضیف وابن السبیل، لا جناح على من ولیھا أن فیه.” أخرجه البخاري في الوصایا، باب: الشروط في الوقف، برقم (2737) ومسلم في الوصیة، باب الوقف، برقم (1632) واللفظ لمسلم.
[6]– كشاف القناع، منصور بن يونس البهوتي، ت: هلال مصيلحي مصطفى، دار الفكر، بيروت، د.ط 1402هـ، 4 / 240.
[7] – البرقة/ 280.
[8] – آل عمران/ 115.
[9] – صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته تحت رقم 1631، 3 / 1255.
– أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في الصدقة عن الميت، حديث رقم 2880، 3 / 117.
[10]– التنوير شرح الجامع الصغير، محمد بن إسماعيل الكحلاني الصنعاني، تحقيق: محمد إسحاق، مكتبة دار الإسلام الرياض، ط: 1 2/ 208.
[11] – حاشية البجيرمي على تحفة الحبيب على شرح الخطيب، سلمان البجيرمي المصري، دار الفكر، ط 1995، 2 / 242.
[12] – المرجع السابق.
[13] – النساء: 114.
[14] – البقرة: 177.
[15] – الوقف في الفقه الإسلامي، عبد العزيز بن عبد الله، منشورات وزارة الأوقاف المغربية، 1/ 140.
[16] – البعد الثقافي والمجتمعي للوقف الخيري في الإسلام؛ السعيد بوركبة، مجلة دعوة الحق، العدد (363 – 365)، السنة 2002م. ص:84
[17] – المرجع السابق ص 84.
[18] – وهي عين جارية توجد بجوار الرياضات والدور ببعض ازقة مدينة فاس،
[19]– أوقاف النساء نماذج لمشاركة المرأة في النهضة الحضارية، ريهام أحمد خفاجي، مجلة أوقاف، العدد 4، سنة 2003م/ ص 27.
[20] -البعد الثقافي والمجتمعي للوقف الخيري ص 84.
[21] – من روائع أوقاف المسلمين كفالة الأيتام ورعايتهم، عيسى القدومي، مقال منشور بمجلة: الحضارة سبق وريادة وتجديد.
[22] – تاريخ المغرب في العصر الإسلامي، د عبد العزيز سالم، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ط 1999، ص 5.
[23] -الوقف وبنية المكتبة العربية استيطان للموروث الثقافي، يحيى محمود ساعاتي مركز الملك فيصل للبحوث، ط 2، 1996، ص 16.
[24] – الحديث سبق تخريجه.
[25] – أسس جامع القرويين سنة 245ه.
[26] – التي بلغت حوالي 7125 ملكا محبسا بالإضافة إلى الأراضي الفلاحية والقطع العارية والتي تشرف عليها نظارة أوقاف فاس.
[27] – عمر رضا كحالة 5/ 42.
[28] – عفاف عبد العزيز حميد، بحث “مساهمات المرأة في الوقف الإسلامي العلمي: نماذج عبر التاريخ ” ص 10.
[29] – أوقاف مكناس في عهدا لمولى إسماعيل ط وزارة الأوقاف المغربية 1993، ص82.
[30] – ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الكبر، المشهور بمقدمة ابن خلدون، عبد الرحمان بن خلدون، تحقيق: خليل شحادة، دار الفكر بيروت، ط: 2001، 1/ 542-543
[31] – المرجع السابق 1/ 542.
[32] -تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة وتحقيق محمد عبد الهادي أبو ريدة، دار النهضة العربية،1938م ص238.
[33] -أبو الحسن الغافقي الشاري، نسبة إلى بلدة شارة شرق الأندلس، المقريء، توفي سنة694هـ، ينظر: الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب، ابن ماكولا، 4/524.
[34] – مقال حول أبي الحسن الشاري السبتي، جمال بامي، الجريدة الإلكترونية ميثاق الرابطة.
[35] – الرابطة المحمدية للعلماء، مركز درا سيا إسماعيل، عبد الرحيم السوني، مقال بعنوان: الكراسي العلمية بجامعة القرويين.
[36] – اختلف في تاريخ نشأتها والمرجح هو سنة 675هـ من طرف السلطان أبو يوسف المريني
[37] – انشأت سنة 720هـ من قبل السلطان أبو سعيد المريني.
[38] – أسست سنة 721هـ من طرف أبو الحسن المريني قبل أن يتولى الحكم.
[39] – أنشأت سنة 723هـ من طرف أبو سعيد المريني.
[40] – مدرسة البوعنانية بفاس، أسسها السلطان أبو عنان المريني ما بين 1350–1355، تعتبر من أشهر مدارس فاس والمغرب فبالإضافة إلى دورها كمؤسسة لتعليم وإقامة الطلبة، كانت تقام فيها صلاة الجمعة. تشغيلها مجهولة.
[41] – نسبة إلى محبسها المرحوم محمد بن الطيب الصبيحي الذي أوقفها سنة 1378هـ.
[42] – أثر الوقف في تنمية المجتمع؛ نعمت عبد اللطيف مشهور، مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامي، جامعة الأزهر 1997م. ص 89 -90.
[43] – أنشأه السلطان أبو يعقوب يوسف سنة 685هـ، وجدده السلطان أبو عنان سنة 766هـ.
[44] – أوقاف النساء، نماذج لمشاركة المرأة في النهضة الحضارية، دراسة للحالة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين؛ ريهام أحمد خفاجي، مجلة أوقاف، العدد (4)، السنة 1424 هـ – 2003م. ص 34.
[45] -نقلا عن كتاب الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، ابن أبي زرع، سنة1326ه، ص 216.
[46] — مقال حول تاريخ البيمارستانات في المغرب، البشير بنجلون بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، مجلة الجمعية المغربية للتواصل الصحي.
[47] – أوقاف النساء، نماذج لمشاركة المرأة في النهضة الحضارية، مجلة أوقاف، ص 35.
[48] – المرجع السابق ص 35.
[49] – المرجع السابق ص 35.
[50] – الوقف ودوره في التنمية الاقتصادية، أيمن محمد العمر، ص 26.
[51] – المردع السابق ص 27.
[52] – المرجع السابق ص 28.
[53] – شوقي دنيا: أثر الوقف في إنجاز التنمية الشاملة ص139.
[54] – الوقف ودوره في التنمية الاقتصادية، أيمن محمد العمر، ص 31.