منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

“أي أب أنت؟ …” ورشة تفاعلية في فن التواصل مع الأبناء للاستشاري الاسري مصطفى أبو السعد ضمن برنامج سفراء المكارم -دورة فطرة-

الأستاذ يوسف ألويز

0

“أي أب أنت؟ …”

 ورشة تفاعلية في فن التواصل مع الأبناء للاستشاري الاسري مصطفى أبو السعد ضمن برنامج سفراء المكارم

-دورة فطرة-

تقرير: الأستاذ يوسف ألويز

استمرارا لأشغال البرنامج الأساسي لسفراء المكارم – دورة فطرة، نظم المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري مساء يوم السبت 20 مايو 2023 عبر تقنية زووم ورشة تفاعلية في موضوع “فن التواصل مع الأبناء” قدمها فضيلة الدكتور مصطفى أبو السعد الاستشاري الاسري والنفسي والتربوي من الكويت، وأدارتها الاستاذة عتيقة كنهاني أستاذ مكون بالتعليم الثانوي وفاعلة جمعوية من الجزائر.

استهل الدكتور مصطفى أبو السعد محاضرته بافتخاره بهذا النشاط نظرا لأهمية موضوع الفطرة، والقيم ولكون الملتقى يجمع الأمة العربية من كل البلدان. ثم مهد للموضوع بكون التواصل هو فن التربية، والتربية لا تتم إلا بالتواصل. وتضمنت كلمة المحاضر محورين أساسيين:

الأول: اختبر نوع علاقتك مع أبنائك: هل أنت إطفائي أم مروّض أم مربّي؟

الثاني: سمات المربي في تواصله مع الأبناء.

تطرق الدكتور في المحور الأول لأنواع الاباء في علاقتهم مع الأبناء، فحددها في ثلاثة أنواع:

1-الإطفائي: هو من يتدخل في الحالات الطارئة. %90 من الأباء في علاقتهم بأبنائهم إطفائيون، وتزداد هذه الحالة وسط الرجال أكثر من النساء. فيفهم الأب والأم يأن دورهما يتجلى في الإعاشة: مأكل ومسكن وملبس، ويتدخلون في الحالات الطارئة، إما يتدخلان فيما يعرفان أو يبحثان عن حلول. يستعملون كل الطرق لإسكات أو إطفاء المشكلة أو السلوك الذي يزعج الابناء. أكثر الرجال يميلون لهذا ظنا منهم أن هذا هو دورهم. قال أحدهم (دور الرجل جلب الرزق، داخل البيت الدور للأم فقط) قال آخر (دور الأب لا يبدأ إلا عند المراهقة).. والاستشارات تدل على أن الأهل يسألون عن الإرشاد للحصول عن حلول للمشاكل.

2-المروّض: وقد استعار الدكتور مصطفى أبو السعد المصطلح من الشخص الذي يروض الحيوانات (السائس) وهي نقطة توقف عندها الدكتور كثيرا بعدد من الأمثلة الواقعية. ميز فيها بين صورتين للإنسان، الأولى أنه مخلوق خلقه الله وسخر له الكون، شخص مكرّم وهذه نظرة تحملها الأديان منها الإسلام. والثانية أن الإنسان حيوان عاقل ناطق يفكر، فهو مجرّد حيوان ببعض المميزات، وهذه نظرة الغرب، ولذلك فلسفة التربية في الغرب هي فلسفة ترويض. ولكن الحيوان هو الذي يروّض وليس الإنسان، لأن الترويض يخفي شخصية الإنسان والأنا عنده، فهل كل البشر لهم “أنا”. برأي الدكتور النسبة في أحسن الأحيان %30 والباقين يتعلّقون بغيرهم (مثال الموضة). فإذا كانت العلاقة مبنية على الترويض يدمّر الأنا عند الطفل. وهذا فخ يسقط فيه الوالدان بحثا عن راحتهم. يريدون من أطفالهم أن يقولوا “حاضر” مطيعين لا يجادلون، ليس لهم الحق في الاستقلالية ولا المبادرة وبين 16 و21 سنة يحدث تمرّد غير طبيعي سماه الدكتور التمرّد الكامل وهو وإحدى علامات أن التربية في الطفولة لم تبن على قيم، ولكن على ترويض تحت التهديد والترغيب وليس الاقناع. داعيا الحضور أن لا يقعوا في فخ الترويض. ضاربا مثال الطبيب النفسي الذي يقول تعلّموا كيف تربوا أبناءكم من رجل يلعب ويروض الدلافين)! خطأ كبير أن نشبه تربية الأطفال بترويض الدلافين.

مفهوم الترويض ينبني على الجزاء والعقاب فقط، يلغي القيم يلغي المحفز الداخلي ويحيل إلى المحفز الخارجي فقط. وبعضهم يقول العصا لمن عصى، التربية ليست ترويض وتلويح بالعصا. وصاحب هذا القول اتصل بالدكتور طالبا استشارة تربوية لابنه ذو 16 سنة الذي حاول القيام بسلوك انتقامي من تربية والده. فالمروًّض سيحاول الانتقام من المروِّض.

3-المربّي: قدم لها بقول الله تعالى “وقل ربي ارحمهما كما ربّياني صغير …”، التربية شرف.

وتناول هذه الشخصية في نقطته الثانية والمتعلقة بعلامات وسمات المربّي، والتي حددها في ثلاث سمات:

1-علاقة إيجابية بالأبناء مبنية على المحبة والرحمة والاحترام، دون تهديد وانتقام ولا عتاب ولا كثرة نقد “فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضوا من حولك …” وهي التربية النبوية التي تنبني على الرأفة، الرحمة، الحلم والحكمة. والعلاقة الإيجابية لا تكون إلّا بانتفاء مدمّرات العلاقة التي تدمر شخصية الطفل (الصراخ، الضرب، الانتقاد، الشماتة، التأنيب…).

2-التعامل بعقلية مربي دوره الإصلاح معناه أن كل السلوكيات المزعجة (عناد، تمرّد، تبوّل لا إرادي، بكاء، انطواء…) هي أعراض لمشكلات وجب البحث عن أصلها وعلاجها ومنها تسلط الوالدين.

3-تربية ولد قوي الشخصية قبل أن يكون صالحا. وهي علامة مغيّبة عند المتدينين كثيرا، فإن كان الصلاح أولوية سيستعمل الاباء كل الوسائل للحصول على الصلاح، حتى لو فيها تدمير شخصية الابن. ولكن بناء الشخصية أساس ووقته محدود. القوة مكانها السبع سنوات الأولى، ثم حتى عمر 14، وبعدها تصبح تقوية الشخصية أصعب بكثير. إذن القوة هي الأولوية ثم الصلاح “خير من استأجرت القوي الأمين”. القوي قادر على أخذ القرارات في حياته، مستقل، مبادر، ثابت، صامد….

وختم محاضرته بخلاصة أهم نقاط كلمته المتمثلة في أننا نريد في أسرنا مربيا لا مروضا ولا إطفائيا لبناء علاقة إيجابية مع أبنائنا مشبعة بالرأفة والحب والحكمة والحلم. وأن لا نتعامل مع المشكلات باعتبارها مشكلة، إنما هي أعراض لمشكلات نريد معالجة أصلها، وأن غاية التربية تنشئة ابن يتمتع بشخصية قوية، ثم ولد صالح.

لقيت المحاضرة تفاعلا واسعا ومشاركة إيجابية من قبل المشاركين المسجلين في برنامج سفراء المكارم، الذين ساهموا في اغناء النقاش بإضافات قيمة تصب في لب الموضوع أو بتساؤلات تؤرق كل مهتم بالشأن التربوي والاسري.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.