قدرات اللغة العربية بين الحقيقة والتشكيك المصطنع
قدرات اللغة العربية بين الحقيقة والتشكيك المصطنع/ د. لطفي الحضري و د. العربي الهداني
قدرات اللغة العربية
بين الحقيقة والتشكيك المصطنع
د. لطفي الحضري[1] و د. العربي الهداني[2]
نشر بمجلة النداء التربوي، العدد 25-26، السنة الثالثة والعشرون 1441 هـ – 2020م،
الصفحات من 113 إلى 127
مدخل
الخلط الكبير في النقاش حول اللغة يتمثل في عدم التمييز بين الإنتاج العلمي وقدرة اللغة على مسايرة هذا الإنتاج. يعجز التوجه “التغريبي” عن تقديم أسس علمية مقنعة حول عدم قدرة اللغة العربية على مسايرة التطور العلمي. ولا تتجلى المشكلة الأساسية في أي مجتمع في قوة اللغة أو ضعفها ولكن تظهر في قوة الإنتاج العلمي لأصحاب هذه اللغة.
أما اللغة فلها من المرونة لكي تساير أي إنتاج علمي. فكيف استطاعت اللغة الفرنسية أن تساير العلم رغم أن عمرها لا يتجاوز قرنيين من الزمن؟، بعدما كانت اللغة اللاتينية لغة الثقافة والعلم. ولكن بالإرادة والإيمان بلغة وطنهم استطاع هؤلاء أن يجعلوا منها – في مرحلة تاريخية طويلة- لغة عالمية، وإن كان بعض التلاشي بدأ يذب فيها منذ وقت قصير، وذلك ليس بسبب ضعف في أضلاعها، ولكن بسب انتقال الإنتاج العلمي إلى الدول الناطقة باللغة الإنجليزية. وكيف لا يمكن للغة الضاربة في التاريخ السحيق أن يكون لها من الإمكانات الداخلية ومن المرونة الصرفية أن تتكيف مع أي زمن ومع أي ظروف؟
إن اللغة العربية كما يقول د. الشنبري :” ذات تاريخ طويل، يبدأ هذا التاريخ في القرن الخامس قبل الميلاد إذا أدخلنا في اعتبارنا النقوش الثمودية والنقوش الشبيهة بها، أو في عام 328م بنقش النمارة. ويستمر تاريخ العربية في خط متصل محافظ لم يقدر مثله إلا لقلة قليلة من لغات العالم”[3].ناهيك عن ارتباط هذه اللغة بالحضارة الإسلامية التي كانت من أقوى حضارات العالم، فقد كانت نبراسا للتقدم العلمي الأوروبي، وما زال العديد من الألفاظ العربية مغروزة في الكتب العلمية الحالية ومتداولة إلى حد الآن في المعاهد والجامعات العليا. يكتب فلوريان كولماس” فالكلمات- مثلها مثل العملات المعدنـيـة والورقيةــ لا تستمد قيمتها ومعناها إلا من الاستعمال الذي يضعه لها هؤلاء الذين يتخذونها وسيلة لتعاملاتهم”[4].ومن هنا ينبثق السؤال المحوري التالي: أين يتجلى ضعف اللغة العربية؟ وأين هو مَكْمَنُ عيبها إن كان؟
- الإشكالية
نعتبر أن مغالطة ضعف اللغة العربية المروجة لها في المغرب وفي دول عربية أخرى تنطوي على مواقف إيديولوجية، أهمها الخلط بين “اللغة الماهية واللغة الوظيفية”[5] ولهذا وجب فضح هذه الإيديولوجية وتبيان أهدافها، لأن هذا التصرف من شأنه إفادة الفاعلين السياسيين والمثقفين الوطنيين لاتخاذ مواقف سليمة. كما أن هذا سيقوي عزيمة المغاربة على تطوير طرق المقاومة. وهذا بالطبع من سنن التدافع، في نظرنا تتمثل بعض عناصر هذا المشكل/ الخلط الإديولوجي في:
– عنصر إخضاع الشعب، لأن اللغة تمثل محورا أساسيا في السيادة. فحين تصبح لغة الآخر هي “لغة ماهية” الشعب، يصبح تابعا وخادما أي عبدا له. وهذه “العبودية المجانية” التي يقدمها للآخر تكون في خدمة مشروعه الحضاري. ويكفي أن نذكر في هذا السياق توظيف الإنتاج العلمي بلغة الآخر لصالحه مما يساعده على التقدم على حساب الشعب الخاضع.
– عنصر الاستهلاك، فالقوة الاقتصادية تعتبر مصدر السيادة. واللغة لها علاقة مباشرة مع الاقتصاد، لأنك في النهاية حين يحمل شعب لغة الآخر، فإنه يحمل معها ثقافته، وخاصة ثقافة الاستهلاك بمعنى نمط استهلاكه، مما يجعل من هذا الشعب مستهلكا لمنتوج الآخر على حساب التطور الاقتصاد الوطني.
وتتمثل المشكلة الثانية الخطير لدرجة كبيرة فيما تشكله التبعية اللغوية من مخاطر على الأمن القومي، حيث يعتبر هذا العنصر هو مصدر السيادة. فالذي يضع المنظومة اللغوية والثقافية تحت سيطرة الآخر، يتخلى عن السيادة القومية لكون الترابط بين هذه المنظومة والسيادة الوطنية هو رباط وثيق. في هذا السياق، يتعين الحديث عن “الأمن القومي النفسي” الذي يتجلى في مفهومي «الولاء والانتماء” للوطن. إذ من غير المنطقي السعي لتلقين الولاء لأطفال وطن ما بلغة غيرهم. والولاء هو منبع الإنتاج العلمي وطاقة الدفاع عن الوطن. إنه من الأكيد أن يترتب عن تضمين لغة الآخر في التدريس والحياة اليومية خلق أجيال يشمون هواء الوطن بثقافته ولغته مما سيخلق عندهم انتماءً ثقافيا له وإحساسا بالدونية أمامه. ولا يكون هذا الآخر إلا السيد الذي يستميت لتوثيق العلاقة التراتبية التي تربطه بالبلد المستعبد.
في ظل ما سبق يطرح هذا الوضع إشكالية كبرى في تعاملنا مع لغة الغير. لابد من طرح السؤال الخطير المتعلق بمستوى الانتماء للوطن. كيف يمكن أن نصحح هذا الانحراف في الولاء والانتماء؟ إنه لمن الواجب العمل على هذين العنصرين النفسانيين لأهميتهما كرافعة اقتصادية وعلمية للوطن.
1. اللغة العربية وتحدي الترجمة العلمية
في سياق بحث حول “العنصرية اللغوية” طرح “فيليب بلونشي”(2008) لفظ “كلوطُوفوبي”“glottophopie” للتحذير من مخاطر التمييز على معيار لغوي. ومن الوهلة الأولى التي يتعامل بها “الفرنكفيون” المتخصصون منهم وغيرهم مع هذا اللفظ الجديد مثلا، سيعتبره هؤلاء “لفظا علميا” لأنه خرج من عدم. وفي المقابل يطرحون سؤال أين سنجد مقابلا في العربية؟ وهذا خلطٌ مشين بين اللغة والإنتاج العلمي.
فما فَتِئَ هؤلاء أن اندهشوا منذ أن اندمجوا في “غربيتهم”، وكنا نعتقد أن هذا الاندهاش هو مرحلي، ولكننا نرى الآن أن حالة “الاندهاش المرضي” بنيوية ذهنية خالدة مما يعرض أصحابها للحرمان من استشعار سعادة ” الانتماء الوجودي للوطن”.
في سياق التفاعل مع لفظ “كلوطفوبي”[6] لم نبحث في الكلمات التي لها علاقة بالفزع، والهلع، والخوف، والحمق، والبلادة وغيرها من الألفاظ التي يمكن أيضا أن نستخرج منها ألفاظا وعائيةً قادرةً على احتضان لفظ “glottophopie “. واكتفينا بالألفاظ التي لها علاقة باللغة، والكلام، والنطق. والتي يمكن الغَرفُ منها لوضع ترجمة لهذا اللفظ الجديد.
كما أننا لم نستند في هذا البحث إلا إلى ثلاث مجلدات من أصل عشر مجلدات من لسان العرب، ورغم ذلك فالزخم اللفظي تجاوز انتظاراتنا، بحيث يمكن أن نتوسع وبكل أريحية في ترجمة هذا المفهوم وغيره من المفاهيم. كما ذكرنا لم نشتغل إلا على لسان العرب دون القواميس العربية الأخرى والتي تتوفر على زخم لغوي بديع، يمكن الرجوع إليه، مثل: تاج اللغة، وتاج العروس، وقاموس المحيط،…إلخ.
وتجدر الإشارة أن “سلطة اللفظ” لها مدلولها في الترجمة لما تكتسيه من الغرابة. حيث أن غرابة اللفظ تحيل إلى العلمية في ذهن العديد من المثقفين، ولا ينفلت من هذا التأثير حتى المتخصصين منهم. ناهيك عن المندمجين كليا في الثقافة الفرنسية والذين يطنطنون بها في حياتهم.
ولنعرض بعض الألفاظ اللاتينية الغريبة التي يمنح لها الصبغة العلمية، ويعتقد البعض انه لا يمكن ترجمتها:
Médecine, chirurgie, Alambic, Ambre, Baroud, Caroube, Goudron, Larousse, talc[7]…
وحين نفكك هذه الغرابة نجد التالي:
- Médecine : من اللاتينية أي “مديسنا” من ابن سينا، أي المادة التي كان يدرسها ابن سينا؛
- Surgerie / Chirurgie : سَرَجِّي الذي يخيط السروج.
- Alambic : الأنبيق
- Ambre: العنبر
- Baroud : البارود
- Caroube : ثمرة الخروب
- Goudron : القطران
- Larousse: العروس / من قاموس “تاج العروس”.
- talc: طلق.
والأمثلة عن هذه المادة “العلمية” التي يعتقد أنها غير قابلة للترجمة تؤشر فقط عن الكسل العلمي[8] .
2.القرار السياسي وأثره على مواكبة اللغة للمستجدات العلمية
يجب أن تقوم العلاقة بين السياسة والعلم على المسؤولية المشتركة. نقدم تصورا يتعين اعتماده لكي تكون هذه العلاقة سليمة وبناءة:
- العالم والمتخصص يوفر قاعدة معلومات صحيحة تساعد السياسي على اتخاذ القرارات؛
- العالم يساعد السياسي على الخروج من العشوائية؛
- السياسي يعتمد على العالم لاتخاذ القرارات الصائبة؛
- السياسي يوفر للعلم الظروف والمال ليتقدم العلم.
والتصالح بينهما هو الذي يؤسس لنهضة الأمة، ولا بديل عن هذا الثنائي. يوجد تباين صارخ بين موقف السياسيين من اللغة في فرنسا والمغرب. ففي فرنسا، أصدر ملك فرنسا سنة 1573 بيانا يلزم فيه الفرنسيين بالتكلم بالفرنسية ويقصي تسع لغات أخرى فصحى كانت تنافس الفرنسية: البروكونية، كطلانية، بسكية…كما تم تجاوز كذلك 100 لهجة كان يتكلم بها سكان فرنسا. كما قام الفرنسيون في وقت لاحق بتأسيس الأكاديمية الفرنسية[9] للغة الفرنسية، حيث كانت هذه الأكاديمية القلعة الحصينة التي وفرت للغة الفرنسية قوة البقاء وقوة العطاء. خلافا لذلك، لم يؤد في المغرب صدور قانون الأكاديمية المغربية للغة العربية إلى إنشائها إلى يومنا هذا. يمكن فهم هذا التراجع إذا استحضرنا مهام الأكاديمية الفرنسية والمتمثلة في الإشراف على التعليم؛ والإشراف على الإعلام؛ والتمتع بالسلطة القضائية وجزائية؛ وإصدار قرارات إلزامية لصالح اللغة الفرنسية (قراراتها تعتبر قرارات قاضية ملزمة للشعب والإدارة والحكومة الفرنسية).
نضيف في هذا السياق قانون “توبون” لمعرفة مكمن العيب الحقيقي ولنقارن وضعية القرار السياسي المغربي مع نظيره في فرنسا حيث يقدم المعنيون على تحمل المسؤولية مستشعرين الواجب الوطني فيضعون القوانين ويشرعون في البحث من الداخل رافضين الاستهلاك المجاني.
فقانون رقم 94-665 في 4 أغسطس 1994 المتعلق باستخدام اللغة الفرنسية ويعرف باسم قانون توبون[10]، نسبة إلى وزير الثقافة جاك توبون، هو قانون سنّته الجمهورية الفرنسية في 4 أغسطس 1994، يهدف إلى حماية اللغة الفرنسية وتراثها، ويتركز على ثلاثة أهداف رئيسية هي:
مجملة في إثراء اللغة؛ والالتزام باستخدام اللغة الفرنسية؛ والدفاع عن الفرنسية كاللغة الرسمية للجمهورية (المادة 2 من دستور عام 1958).
كما تهدف لضمان أسبقية استعمال المصطلحات الفرنسية التقليدية عوض مصطلحات الأنجليسم، لضمان سيادة الفرنسية في فرنسا. واستجابة لتزايد استخدام اللغة الإنجليزية في فرنسا، ولا سيما في الإعلانات التجارية، حيث يلزم قانون “توبون” جميع الإعلانات والملصقات الترويجية أن تكون مكتوبة باللغة الفرنسية. تدخلت الدولة الفرنسية في الواقع اللغوي عبر عدة قوانين، أهمها التي أصدرتها سنوات 1490، 1510، 1539م وهذا الأخير هو الأشهر والمعروف بقانون “فيلي كوتري“، حيث سعت هذه القوانين إلى إبعاد اللاتينية والإسبانية والإيطالية من الساحة الفرنسية.
كما أبعدت هذه القوانين لغات فرنسا ولهجاتها الأصلية التي تعدّ بالعشرات إلى جانب ما يعتبره اللغويون الفرنسيون بلهجات فرنسا كاللهجة الفلامانيكية المنتمية إلى اللغة الهولندية؛ واللهجة الألزاسية المنتمية إلى اللغة الألمانية؛ واللهجة الكورسيكية المنتمية إلى اللغة الإيطالية. بواسطة قانون “توبون” الصادر سنة 1994 قامت بمنع استعمال اللغات الأجنبية خصوصا الأنجليزية في المعاملات التجارية وإعلاناتها. ووصل هذا القانون قمته عندما أراد الوزير “توبون” إزالة بعض الكلمات الإنجليزية المترسخة في القاموس اللغوي الفرنسي منذ قرون. كما يخضع البث الموسيقي لقواعد ذات صلة بهذا القانون تلزمه بحد أدنى من الأغاني باللغة الفرنسية في الإذاعة والتلفزيون. وبجانب أي مصطلح أو جملة بلغة أجنبية يجب أن تظهر ترجمتها الفرنسية. هذا النموذج يؤشر على مدى قوة الولاء لهؤلاء الساسة لوطنهم وهويتهم ولغتهم. كما يؤشر على الإيمان بضرورة احترام خيارات شعبهم.
يتبين من خلال ما سبق كيف تم تحويل اللغة الفرنسية إلى أرقى لغات العالم وأبعدها في الإنتاج العلمي ولو في مرحلة زمنية معينة. فنحن نقصد في سياق اللغة الميتة القول بأن الغرف من اللغات الحية “ألفاظ غريبة” منهج ذكي لإنتاج ألفاظ جديدة. وهكذا تلبس هذه الألفاظ لباسا بديعا ذا رونق جديد. وهذا ما يفعله المتخصصون في اللغة الفرنسية.
ويمكن– في أقل مستوى- أن تنحى اللغة العربية نفس المنحَى، وذلك باقتراح ألفاظ جديدة قد تكون غريبة عن المسامع ولكنها تحمل معنى متناغما مع اللفظ. ثم نعطيها، كما يفعل اللغويون في البلدان الأخرى، معنى جديدا. إن هؤلاء يبحثون في لغةٍ ميتةٍ ليعيدوا لها “نَفَسًا عِلميا”. وما ذلك بالشيء الصعب، أن يأخذوا من اللغة اللاتينية القديمة ومن الإغريقية ومن الرومانية. كما هو الشأن في لفظ «Glottophobie»، المأخوذ من اللاتينية القديمة: المشار إليه سابقا (: حيث تعني لفظة Glotto اللغة، ولفظة Phobie تعني الهلع)
وقد تطرح في نفس السياق أسئلة وجيهة من قبيل: أين يتجلى العلم في هذا النوع من إنتاج الألفاظ؟ هل هو في اللفظ الميت؟ أم هو في البحث العلمي المرتبط بالمضمون؟ الشيء الذي يظهر بجلاء أن هناك خلطا لا أخلاقيا ومتعمدا يتغيا التنقيص من الانتماء للغة والحضارة عبر وسائل الإعلام والثقافة والتعليم.
3.مغالطات حول قدرات وإمكانات اللغة العربية
يشير د. علي لغزيوي[11] قائلا:”… ولم يثبت أن اشتكى أحد من عيب أو قصور أو عجز فيها- أي اللغة العربية-، بل كان التنويه كبيرا بإمكاناتها المتعددة، وخصائصها المميزة لها عن غيرها من اللغات بالنظر إلى مكوناتها وقابليتها للاشتقاق، وتعدد مجالات إغنائها، وقدرتها على استيعاب مختلف الحمولات والمعارف فضلا عن جمالية إيقاعها وموسيقيتها المتميزة”. ويضيف قائلا:” والإجماع حاصل عند علماء الغرب أنفسهم على أن العربية من أكمل اللغات، ويكفي الاطلاع على مجموعة من معاجمهم كمعجم لاروس، أو معجم “لالند” للوقوف على هذه الشهادات. ليس من العلم أن يتجاهل التوجه الفكري والسياسي هذه الحقائق، اختلاق أسباب للتشكيك في إمكانات اللغة العربية لا تقوم على أسس سليمة وأدلة دامغة. لا يخفى على الباحث أن التباين الأيديولوجي والحضاري يقف بقوة وراء إبعاد اللغة العربية من مصادر القرار. وقد ترتب عن هذا الموقف السلبي المعادي للغة العربية فصل المسلمين عن ماضيهم لإخفاء إنجازات أسلافهم بلغتهم العربية. ومن جهة أخرى، يعمل هذا التوجه المعادي للغة العربية على تلميع اللغات الأجنبية، وتشجيع اللهجات بكل الوسائل الممكنة. نذكر في هذا السياق أحد المنتمين لهذا التيار المعادي للعربية سلامة موسى الذي يصرح في كتابه “البلاغة العصرية واللغة العربية”: “أن اللغة العربية تعطل شعب مصر عن الرقي الثقافي”[12].
يتعين استحضار الطريقة التي تعامل بها علماء الغرب في مرحلة الضعف العلمي زمان الأندلس وصقيلية والقاهرة ودمشق حيث اغترفوا من علم المسلمين دون الأخذ باللغة العربية. موقفهم هذا يقوم على فكرة أن اللغة هي قضية سيادة وأمن قومي وحضاري. ترجم هؤلاء العلوم الإسلامية دون الأخذ باللغة وأمام الألفاظ العلمية التي لا توجد في لغتهم، أدخلوها في لغتهم لدرجة أن ترجمتها أفقدت كل علاقة لها باللغة العربية ومثال على ذلك:
ألكوريتم؛ ألجبر؛ أفيسن؛ افروويس؛ إشيكإماط؛ بكالوريا؛ إكس؛ زرو:
- ألكوريتم، الخوارزمي، Algoritme؛
- ألجبر، جابر ابن حيان التوحيدي، Algebre؛
- أفيسن، ابن سينا، Avicene؛
- افروويس، ابن رشد، Averowes؛
- إشيكإماط، شاه مات، Echec et mat؛
- بكالوريا، بحق الروية، Bacaleurrat؛
- إكس، الشيء، X؛ زرو، صفرZero –
ويمكن ملاحظة الاندفاع إلى الدفاع عن لغتهم إلى حد الآن حيث يذكر د. الشويريف قائلا[13]:” ففي فرنسا مثلا كُوِّنت المؤسسات، وألفت اللجان، وعقدت المؤتمرات والندوات، وكتبت مئات المقالات والبحوث والتحقيقات في الصحف، من أجل صد بعض كلمات أجنبية دخلت إلى لغتهم في غفلة من عين الرقيب، حيث عدوها احتلالا أجنبيا تجب مقاومته، وغزوا ثقافيا عليهم دفعه، وخطرا يهدد لغتهم إن لم يحسموا أمره في الوقت المناسب. والإنجليز أيضا من أحرص الناس على سلامة لغتهم وعدم التساهل في أمر قواعدها وخصائصها، ولا يسمحون بأي حال بخرق هذه القواعد أو التغيير في حرف واحد أو نقصه، بل يتشددون في وضع الفواصل والقواطع وغيرها من علامات الترقيم، ويعيدون طباعة صفحة كاملة لوجود فاصلة موضوعة في غير موضعها الصحيح”.
ولمناقشة النقص أو العيب اللغوي نبدأ بتحليل قضية استيعاب اللغة العربية للمفردات الجديدة، فنشير إلى أن الترجمة التي يمكن أن تعتمد على أربع مستويات:
- المستوى الأول: مستوى الترجمة اللفظية في حالة عدم وجود لفظ مماثل. وقد يكون هذا في المرحلة الأولى قبل الخوض في البحث العلمي للفظ المقصود ترجمته. في هذا الحالة يكون: “كلوطفوبي” مثلا.
- المستوى الثاني: بحث عن لفظ يتهيكل في “الإطار الصرفي” للغة العربية”.
- المستوى الثالث: مستوى ترجمة المعنى. مثال للفظ “كلوطفوبي” يكون “الهلع اللساني”.
- المستوى الرابع: مستوى ترجمة المعنى بشرط أن يحتمل معناً عربياً.
اللغة العربية: غنى معجمي أصيل ومجهود بحثي ضئيل
تتضمن المقولة التي ابتدأنا بها مقالتنا جزءا من الحقيقة المتعلقة باللغة ومسايرتها للتطور العلمي. تقول المقولة بصيغة أخرى ” ليس العيب في لغتنا ولكن العيب فينا”، العيب فيمن يعتبر اللغة العربية لغته ولكنه لم يتحمل مسؤولية البحث الجدي في قدراتها الكامنة و وإنجازاتها التاريخية.
رموني بعقم في الشباب وليتني عقمت فلم أجزع لقول عداتي
أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
(حافظ إبراهيم)
في هذا الإطار يتعين التمييز من ناحية العيب المتحدث عنه بين ثلاثة مواقف اتجاه اللغة العربية:
- موقف فئة المغربين الذين يكنون الكراهية للغة الوطن. ينخرط في كنفها هؤلاء الذين ينسلخون عن حضارة وطنهم، وحضارة أمتهم، وهويتها. ينخرطون في تيار إعداد عوامل تغريب التعليم وتهميش ثقافة ولغة الوطن بعيدين كل البعد عن الموقف الايجابي من التعامل والتفاعل البناء مع الحضارة الغربية والحضارات الأخرى بصفة عامة. باعت فئة المغربين نفسها وانسلخت عن «مسؤولية الهوية” والمسؤولية الحضارية.
- موقف اللامبالين والراكنين إلى الكسل والفاقدين للثقة بقدرات وطنهم وثقافته ولغته. فهم يعتقدون أن خط التاريخ نهايته التقدم الحضاري الغربي ونهوض أمتهم أصبح من المستحيل. تتجلى خطورة هذه الفئة في كونها تشكل بعضا من المثقفين.
- الفئة الثالثة هي فئة بعض العامة الذين يعوزهم الفهم الحضاري، ولكن بدل أن يقاوموا ولو بمواقف بسيطة[14]، ركنوا إلى الفئة الثانية. هنا تتجلى المسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتق الفئة الثانية.
وبوجود فئات ثلاثة داخل مجتمعٍ يحاول أن يشق طريقة إلى الممارسة الحضارية يكون جهد “فئة الوطنيين” أكبر وأصعب. يجب أن تؤمن هذه الفئة بإمكانية التغيير خاصة أن تاريخها المجيد وقدوة أجدادها يشكلان مرجعين ومصدرين لروح وطاقة مشتعلتين لا تنطفئان أبدا. بوعيها لحقيقة البيت الشعري «: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا من عيب سوانا” يتعين عليها تحمل مسؤولية اعادة الاعتبار للغة العربية والذود عنها مهما كلف الثمن. إن العيب مهما حاول البعض ترسيخه وتركيزه فهو نقص مرحلي، ليس مدموجا إلا في الفئة الأولى دمجا مُطْبقا.
إن الآخر لا يعمل دائما على تحقيق علاقة رابح-رابح مع المجتمع المستضعف، ويستثني من هذا التعامل المجتمع القوي. إن الدول القوية التي يكون استغلالها للمجتمعات الضعيفة أبشع تتبنى بعض المفاهيم كمفهوم البقاء للأصلح؛ ومفهوم الغاية تبرر الوسيلة؛ ومفهوم الريادة للجنس البيض؛ ومفهوم نهاية التاريخ. ولا تنتج هذه المفاهيم إلا مواقف تسعى إلى محاولة الفتك بذكاء أفراد المجتمع الضعيف وتحويليهم إلى تابعين وذلك من خلال تنميط عقولهم لدرجة تصبح بليدة ومستهلكة لفكر الآخر غير قادرة على إنتاج الفكر الجديد. إن إنتاج نمط الاستهلاك الغربي العولمي في المجتمعات المستضعفة يستجيب لمطامع اقتصادية وطموح ترسيخ التبعية الثقافية والفكرية والحضارية. تتضمن إستراتيجية الدول الاستعمارية المتعلقة بتدمير والفتك بالشخصية المسلمة، خصوصا هنا الحديث عن الاستعمار الغربي، الخطوات التالية:
- تقليص القدرة على معرفة جوانب القوة الشخصية[15]؛
- تحقير حضارة الأمة واعتبارها إرث ثقافي ميت؛
- جعل كل الاختراعات من نصيب الآخر؛
- تناسي وإهمال علماء الأمة، وإشهار وتقدير العلماء ذوي الأسماء الغربية؛
- ترسيخ مفهوم السيبة في المجتمع المغربي قبل الاستعمار؛
- محاولة إقناع المغاربة بأنه لم يكن شيء قبل الاستعمار؛
- التركيز على الحضارة الأحادية من اليونان إلى فرنسا؛
- التشكيك في الحضارة العربية الإسلامية؛
- الإعلاء من أهمية الاستعمار، وتحويل مساوئه إلى محاسن؛
- خلع وعي الفرد بحالاته الانفعالية؛
- محاولة إقناع الفرد بأنه غير قادر على ضبط انفعالاته، ولهذا فهو يحتاج إلى سيد من الخارج؛
- محاولة تقليص التحفيز الذاتي؛
- محاولة تقليص الوعي بالذات؛
- محاولة تذويب الوعي بالحضارة الأمة العربية؛
- التشكيك في المهارات العقلية والاجتماعية للمغاربة.
في سياق هذا المخطط المستهدف لإضعاف الشخصية المسلمة تندرج عملية الهجوم على اللغة العربية والسعي لتبخيس قيمتها ودورها الحضاري. وقد سبق مفكرون مسلمون أن نبهوا لهذا الأمر ومن بينهم ياسين خليل الذي يقول: “لقد أدركت القوى الأجنبية أهمية اللغة العربية في تماسك الوجود القومي العربي، فاتخذت أساليب متعددة من أجل منع الإنسان العربي من التحدث بها، أو إبدالها بلغة المستعمر بالقوة والقهر، أو العمل باستمرار في سبيل شيوع اللهجات المحلية”[16].
خلاصات
لابد من الإشارة في خلاصة هذا البحث إلى الأسباب الخفية والمعلنة التي تحاول أن تصد اللغة العربية وتحاول أن تقلعها من الوجود، ومحاولة ضرب اللغة العربية هي بالأساس محاولة اقتلاع الإسلام من الوجود. وإننا نجد في الشهادات التالية ما نذهب إليه من الربط الوثيق بين اللغة العربية والإسلام حيث يقول الجنرال اليوطي المقيم العام لسلطة الحماية الفرنسية في المغرب:” إن العربية عامل من عوامل نشر الإسلام، لأن هذه اللغة يتم تعلمها بواسطة القرآن”. كما اعترف موريس لوجلي بأنه:” ليس هناك إسلام حقيقي دون نشر اللغة العربية”. ويقول عمار بوحوش[17]:” التعليمات التي صدرت في بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر تقول بأن: ” إيالة الجزائر لن تصبح حقيقية، أي ممتلكة فرنسية، إلا عندما تصبح لغتنا هناك قومية، والعمل الجبار الذي يترتب علينا إنجازه هو السعي وراء نشر اللغة الفرنسية بين الأهالي، بالتدرج إلى أن تقوم مقام اللغة العربية”[18]. وقد توجت فرنسا محاربتها للغة العربية بإصدار قرار حكومي رسمي في 8 آذار/مارس 1938 تعتبر اللغة العربية في الجزائر لغة أجنبية[19].
خاتمة
لقد أدرك أعداء الهوية الثقافية الأصيلة والحضارية الأثيلة أن حربهم عليها يمر عبر محاربة اللغة العربية، سعيا إلى تقليص معاني التشبث بالثوابت، وتهميش المقومات الأساسية. كما أن العلاقة بين السلوك واللاشعور تجعل أعداء الحضارة الاسلامية يسعون جادين إلى دمج اللغة الأجنبية في الحياة اليومية للمواطن المغربي وذلك لأن الشعور هو القائد الحقيقي للسلوك، وهذا هو الذي يفسر تغيير سلوك المجتمع نحو تبني أطروحات الآخر رغم عدائه الواضح.
المراجع
- ابن منظور. للسان العرب، القاهرة، مصر.
- إدريس، الكتاني، (1970). ثمانون عاما من الحرب الفرنكفونية ضد الإسلام واللغة العربية. منشورات نادي الفكر الإسلامي، الرباط.
- الترريد وأورال روبرت، (2009). الاسرار الخفية لبرمجة العقل، ترجمة: هند رشدي، كنوز، القاهرة.
- حامد، بن أحمد، بن سعد، الشنبري. (2002). دور العربية في نشأة التأليف في الدراسات اللغوية السامية المقارنة وتطويره. –في كتاب- اللغة العربية إلى أين؟ أبحاث الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية، الرباط. ص.79.
- زينب، بن دالي. (2017). اللغة في التحليل النفسي، -في كتاب- الظاهرة اللغوية مقاربات متعددة التخصصات، نشر كلية متعددة التخصصات بتازة، المغرب. ص.207
- سلامة موسى، 1945، البلاغة العصرية واللغة العربية، مصر
- عبد اللطيف، أحمد الشويريف. (2002). الضعف العام في اللغة العربية: مظاهره –أثاره- علاجه. – في كتاب-اللغة العربية إلى أين؟ أبحاث الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية. الرباط. ص.177.
- علي، لغزيوي. (2002). دور الإعلام والفنون في النهوض بالفصحى ومواجهة التغريب والعامية. في كتاب- اللغة العربية إلى أين؟ أبحاث الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية.، الرباط. ص.135،136.
- عمار بوحوش، (2005). لغتنا جزء من هويتنا. -في كتاب- اللغة العربية أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان. ص.20
- فلوريان كولماس. (2000). اللغة والاقتصاد. ترجمة أحمد عوض ومراجعة عبد السلام رضوان. سلسلة عالم المعرفة. ص.9
- لطفي، الحضري، (2019). موجز في أساسيات علم النفس الفطري، الرباط.
- مسلم بن الحجاج بن مسلم. صحيح مسلم، القاهرة، مصر.
- هونكه، زيغرد، (1960). شمس العرب تسطع على الغرب، القاهرة، مصر.
- والترريد وأورال روبرت، (2009). أسرار الخفية لبرمجة العقل، ترجمة: هند رشدي، كنوز، القاهرة.
- ياسين خليل، (2005). اللغة والوجود القومي، -في كتاب- اللغة العربية أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان. ص.49.
- Blanchet, Philippe. (2016). Discriminations: combattre la glottophobie. Amazone.
- .https://ar.wikipedia.org/wiki/ دخيل_عربي_في_الفرنسية/2019
[1] أستاذ جامعي في علم النفس، استشاري ومعالج نفساني.
[2] أستاذ جامعي في علم التدبير واقتصاد التنمية، مركز التوجيه والتخطيط التربوي.
[3] – حامد بن أحمد بن سعد الشنبري (2002). دور العربية في نشأة التأليف في الدراسات اللغوية السامية المقارنة وتطويره. ص.79
[4] – فلوريان كولماس. (2000). اللغة والاقتصاد. ترجمة أحمد عوض ومراجعة عبد السلام رضوان. سلسلة عالم المعرفة. ص.9
[5]دريس، الكتاني، (1970). ثمانون عاما من الحرب الفرنكوفونية ضد الإسلام واللغة العربية. منشورات نادي الفكر الإسلامي، الرباط.
[6] بحث لم ينشر يتحدث عن أكثر من 60 إمكانية لاستخراج مقابل علمي لهذا المصطلح بالضبط.
[7] – يمكن العودة في هذا المقام إلى الكتب المتخصصة التي تناولت وجود الألفاظ العربية في اللغة الفرنسية والإنجليزية. وعلى سبيل المثال نذكر، كتاب: شمس العرب تسطع على الغرب، للكاتبة زنكردهنكل. وكتاب «معجم الفردوس” لمهند الفلوجي.
[8]– اقصد الجانب الاغترابي المرتبط بالهوية فقط.
[9]تم تأسيسها سنة 1635 في عهد الملك لويس الثالث عشر من قبل الكاردينال ريشيليو ، وهي من أقدم الهيئات في فرنسا.
[10]– ويكبديا، 2019
[11]– على لغزيوي (2002). دور الإعلام والفنون في النهوض بالفصحى ومواجهة التغريب والعامية. – في كتاب- اللغة العربية إلى أين؟ أبحاث الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية. الرباط. ص.135-136
[12] – سلامة موسى. (2016). “البلاغة العصرية واللغة العربية”، مصر.
[13] – عبد اللطيف أحمد الشويريف. (2002). الضعف العام في اللغة العربية: مظاهره –أثاره- علاجه. – في كتاب-اللغة العربية إلى أين؟ أبحاث الندوة التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية. الرباط. ص.177
[14]في التنزيل الحكيم: “إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُنْ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40). النساء
- “وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)، يونس.
- ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه (8)»، الزلزلة. وهو ما نسميه في علم النفس الفطري: ب «السلوك الذري”.
[15]– والترريد وأورال روبرت، (2009). الأسرار الخفية لبرمجة العقل لغويا، ترجمة: هند رشدي، كنوز القاهرة.
[16]ياسين خليل، اللغة والوجود القومي، -في كتاب- اللغة العربية أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية،2005، بيروت لبنان. ص.49
[17]– عمار بوحوش، (2005). لغتنا جزء من هويتنا. -في كتاب- اللغة العربية أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان. ص.20
[19]ياسين خليل، (2005). اللغة والوجود القومي، -في كتاب- اللغة العربية أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان. ص.49