الاقتصاد الإسلامي وأهميته
الدكتور عبد اللطيف بن رحو
باحث في التراث المغربي
جامعة محمد الأول
وجدة
تأتي أهمية الاقتصاد الإسلامي على أنه علم من العلوم الشرعية التي تجري عليه المبادئ العشرة. وهو من العلوم التي ازدوج فيها العقل والنقل، لأن العلوم الثلاثة علوم عقلية كالطب والهندسة وعلوم نقلية كالعقيدة والعبادة وعلوم عقلية ونقلية، والاقتصاد والفقه والاجماع.
وهذه المادة ازدادت العناية بها فصارت تدرس بالجامعات واهتزت أقلام وربت دراسات في الحفر عن المادة وبيان أهميتها ومقاصدها حتى صارت موضوعاً للدرجات العلمية العالمية كبحوث الإجازة والماستر والدكتوراه. والاهتمام بالاقتصاد الإسلامية لم يمثل عنه في الأبحاث والدراسات عنه فحسب وإنما في التطبيق أيضا، فقد شهدت السنوات الأخيرة بذور كثير من المؤسسات الاقتصادية التي تقوم على أساسا لاقتصاد الإسلامي، تمثل هذا في الشركات والمصانع بأنواعها المتعددة وهذه المؤسسات كانت موضع دراسة ومتابعة حتى من غير المسلمين، وذلك لما نتج من آثارها الاقتصادية وغير الاقتصادية للنهوض بالعالم الإسلامي، ولقد نشأت خلايا الاقتصاد الإسلامي وجمعياته، وأصبح لها أعلام وصحف ومجلات ودوريات ومصادر ومراجع.
فكان الاهتمام بقضايا الاقتصاد الإسلامي وحلقة للبحث في الزكاة والوقف ونفقات الأقارب سنة 1952م، والمؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قدمت فيه بحوث أصلية حول الملكية للدكتور محمد بنعبد الله العربي، والدكتور عبد الله عفيف، والدكتور علي السايس.
فالاقتصاد الإسلامي فرصة للوحدة الاقتصادية والسياسية يمكن له أن يثمن دوره لو وجد المجال للتطبيق داخل العالم الإسلامي، وهو التطبيق الذي يؤدي إلى الوحدة الاقتصادية لهذا العالم، وهذه الوحدة هي مدخل هام إلى الوحدة السياسية، وفي اعتقادنا أن العالم الإسلامي إذا رجع عبر الماضي كان على بصيرة بمعطيات الحاضر وتطلع إلى تحقيق المآل الذي ينتظر في المستقبل، لأن ما شهدناه بالأمس وما نشاهده اليوم يدل بوضوح على أنه لا مكان في هذا العالم للكيانات الهزيلة والضعيفة المتدهورة.
والعقلاء من علماء الاقتصاد يشكون اليوم من الاقتصاد الوضعي بأنه لا يتقيد بصرامة المنهج العلمي ولا يلتزم بالموضوعية في البحث وتختفي فيه الحيوية، ولا يوجه المعرفة للارتقاء بالإنسان ويتجاهل تأثيرات العلوم الأخرى المجاورة له ويتجه إلى الزيادة الكمية ويهمل النوعية ويدعوا هؤلاء العقلاء الباحثون الاقتصاديين إلى توسيع أفق البحث، بحيث يجري الاهتمام بالبيئة وباقتصاد الوسائل النادرة وبالتنظيم الأكثر عدلا وتوازناً حتى لو كان من شأن ذلك تباطؤ بعض المقادير الكمية والنسب والمعادلات التي تضمن للكثيرين مدة طويلة أنها تصنع السعادة للبشر.
كما يرى هؤلاء العقلاء أن الاقتصاد يجب أن يصبح اقتصادا غائباً بحيث توضح أهداف المستقبل ثم يوجه الحاضر صوب هذه الأهداف بخلاف النظرية الاقتصادية التي تعتبر المستقبل خلاف للحاضر، إذ يجب أن نصوغ الحاضر وفق المستقبل لأهدافه لما يجب أن تكون عليه.
إن الاقتصاد الإسلامي مرشح للنهوض بهذه التطلعات وإلى ما يزيد عليها لكي ينطفئ الصراع بين الاقتصاد والدين، وبين ما هو كائن، وما يجب أن يكون، ولكي يصير الاقتصاد محكوما بالدين، لا الدين محكوما بالاقتصاد.