الطب الاستعماري الفرنسي بقبائل بولمان المغربية خلال فترة الحماية (1912- 1956)
د. محمد سليماني
الطب الاستعماري الفرنسي بقبائل بولمان المغربية خلال فترة الحماية
(1912- 1956)
The French colonial Medicine in Moroccan Boulmane tribes during the protectorate period (1912-1956)
د. محمد سليماني
الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس / مكناس – المغرب
ملخص:
ركزت السياسة الصحية الفرنسية بالمغرب خلال فترة الحماية – إلى جانب المحافظة على سلامة وحياة الفرنسيين والأجانب المقيمين، وتوفير وسائل الوقاية والعلاج لهم- على إرساء الخدمات الصحية ذات الطابع البراغماتي، بغية توفير الشروط الموضوعية للاختراق السلمي من جهة، واستغلال اليد العاملة المغربية والاستفادة منها في المشاريع الاقتصادية الاستعمارية داخل البلاد من جهة أخرى، وفي الوقت ذاته إظهار فرنسا بمظهر المتوفق الحضاري، كما حرصت هذه السياسة الطبية الكولونيالية أيضا على ضمان بيئة سليمة تكفل للاستعمار ظروفا صحية تساعد على الاحتلال أولا، واستغلال موارد البلاد المتنوعة ثانيا.
الكلمات المفتاحية: السياسة الصحية الفرنسية، فترة الحماية، السياسة الطبية الكولونيالية، الاحتلال، استغلال موارد البلاد.
Abstract:
During the French protectorate period, health policy focused on both preserving the safety and life of the French and foreign residents and providing the means of prevention and treatment for them. In addition, the policy aimed to establish pragmatic health services in order to prepare relevant conditions for a peaceful control and to exploit Moroccan workforce for the implementation of colonial economic projects in the country and to present France as a civilized power. Also, this colonial health policy tried to ensure an appropriate environment of health safety which could mainly reinforce the occupation and exploit the diverse resources of the country.
Keywords: Colonial, French, Health Policy, Protectorate Period, Occupation, Exploiting Resources, Morocco.
مقدمة:
لقد اعتبر الفرنسيون القطاع الصحي كجهاز لخدمة التغلغل الاستعماري وتسهيله، وتحسين ظروف استغلال خيرات القبائل المغربية ومنها قبائل بولمان المتواجدة في قلب الأطلس المتوسط، بالإضافة طبعا للسهر على صحة المقيمين من الفرنسيين، وضمان بيئة سليمة تكفل للاستعمار ظروفا صحية تساعد على الاستغلال، وتضمن له معينا لا ينضب من اليد العاملة، وتهدف هذه الدراسة إلى إبراز المقومات الطبيعية والبشرية لهذه القبائل المغربية وكيفية مواجهتا للأمراض قبل خضوعها للاستعمار الفرنسي، ثم كيف وظف هذا الأخير الطب كآلية لاستغلال ثروات القبيلة وتسهيل السيطرة عليها، وسنحاول مقاربة هذا الموضوع من خلال أربعة محاور أساسية.
المحور الأول: المعطيات الطبيعية والبشرية لقبائل بولمان
1– طبيعيا: تنتمي قبائل بولمان إلى منطقة الأطلس المتوسط، وهي مناطق جبلية تختلف عن باقي المناطق الجبلية الأخرى بالمغرب، تتميز خصائصها الطبيعية وظروفها المناخية بالتنوع والتشابه في أحيان كثيرة، وبسبب ارتفاعها الكبير عن سطح البحر(حوالي 1560m) وسيادة طابعها الجبلي، فهي منطقة تكثر فيها المراعي والمنتجعات، تعتمد ساكنتها الناطقة باللغة الأمازيغية بشكل كبير في اقتصادها على تربية الماشية وبعض الزراعات المعيشية، منذ القدم وسكانها يتميزون بكثرة الترحال وعدم الاستقرار، ويستغلون منطقتهم حسب فصول السنة، ففي فصل الشتاء يرحلون بماشيتهم في اتجاه السهول والهضاب المجاورة حيث توفر الكلأ لماشيتهم واعتدال درجة الحرارة مقارنة بالجبال التي تعرف انخفاضا كبيرا لها، بالمقابل يعودون في فصل الصيف إلى مناطقهم الجبلية لتوفر الماء والكلأ وملائمة الظروف الطبيعية للعيش لهم ولماشيتهم، تستقر وتستوطن بمنطقة بولمان ستة قبائل كبرى وهي: ألميس مرموشة، المرس، أيت أيوب، سكورة، كيكو، وأولاد علي يوسف، ونظرا لما يحضى به الموقع الجغرافي لكل قبيلة من أهمية كبرى في تنميتها، ومساهمته في نموها وتطورها، وتحديد الوظيفة المميزة لها، إذ الإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة، والطبيعة هي الموطن والمنشأ والمأوى والحاضن لابتكارات ونجاحات وإخفاقات الإنسان، فلا أحد يمكن له أن ينكر هذا الأمر، وفي نفس السياق يبين لنا المؤرخ عبد الله العروي ذاك التفاعل الحاصل بين الإنسان والبيئة كيفما كانت الأحوال قائلا: «لا بد للإنسان أن يتأثر بكل ما يحيط به في المنطقة التي يعيش فيها، إذ يتأثر حتما بما يحيط به، كما أن تلك المشاريع بعد إنجازها تترك آثارا ثابتة في الرقعة الأرضية التي أنجزت فيها»[1].
2– بشريا:إن دراسة تاريخ القبائل المغربية عامة، وقبائل الأطلس المتوسط وخاصة قبائل منطقة بولمان، لم تحظ بأي اهتمام ولا يعرف عنها إلا القليل، عكس بعض القبائل الأخرى والمدن المغربية التي تعددت حولها الدراسات والأبحاث التاريخية، خصوصا وأن تيار البحوث المنوغرافية قد أصبح يمثل أحد أبرز اتجاهات المدرسة التاريخية المغربية الحديثة، دون أن ننسى أن أغلب الدراسات الاستعمارية ركزت اهتمامها على القبائل، وأولت ظواهر وتنظيمات المجتمع المغربي القبلي تأويلا يساير أهدافها الاستعمارية [2]، وهذا ما يفرض علينا كباحثين المساهمة في كتابة تاريخنا بالرجوع إلى خصوصيات مجالاته المتعددة التي تعتبر في النهاية مجموع التواريخ المتلاحقة في تفردها وخضوعها لمنطق التفاعل الذي تعكسه تشكيلاتها الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا يمكن أن نطلق عليه «التاريخ المحلي» الذي يعتبر «علامات في التمثل الجمعي عن الأرض»[3] من قبل ساكنة في علاقاتها بباقي مكونات المجالات البعيدة والمشكلة في نهاية المطاف للبلد.
وما ينبغي معرفته والإشارة إليه بخصوص هذه المنطقة، هو ما أورده أبو عبيد الله البكري في كتابه: «المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب» وبالضبط عندما تحدث عن أهم التجمعات القبلية المتواجدة على الطريق الرابطة بين فاس وسجلماسة، إذ يقول في هذا الشأن: «… ومنه إلى مطماطة أمسكور بلد كبير على نهر ملوية، وهو بلد كثير الزرع سقي كله من نهر ملوية، كثير البقر والغنم وبها جامع وسوق مرحلة، ومنه إلى موضع يقال له سوق ألميس مرموشة، فيه سوق ومسجد وحواليه مياه سايحة، عامرأهل، كان لمدين بن موسى ابن أبي العافية مرحله…»[4].
ومن هنا يتبين على أن قبيلة «ألميس مرموشة» والتي تعتبر القلب النابض لأقاليم بولمان يعود تعميرها على الأقل إلى عهد مدين بن موسى ابن أبي العافية، كما كانت لها أهمية إستراتيجية وطبيعية ملائمة أهلتها لأن تنال نصيبها من الاستقرار البشري الذي يمكن أن نرجعه على الأقل إلى حدود القرن العاشر الميلادي أي عصر أبي عبيد الله البكري.
إن النظام القبلي متأصل في هذه المنطقة ويلعب دورا فعالا في تنظيم السكان وتسيير شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، وهكذا فتحديد أصول التجمع القبلي الذي تتشكل منه قبائل مرموشة ليس بالأمر السهل، ومن الصعوبة بمكان تحديده نظرا لتعدد الآراء وتضاربها، فالبحث في أصل تجمع منطقة معينة هو الإجابة عن أهم الإشكاليات التي ترتبط بالتاريخ العام أو التاريخ الوطني، وبالنسبة لهذه المنطقة فيقول عنها ابن خلدون: « ويسكن هذا الجبل من البرابرة أمم لا يحصيهم إلا خالقهم حسب ما يأتي ذكره،… وهذا الجبل مطل على هذه البلاد كلها، وهو قليل الثنايا والمسالك في هذه الناحية الغربية إلى أن يسامت نهر ملوية فتكثر ثناياه، وفي هذه الناحية منه أمم المصامدة ثم هيتاتة ثم مسكورة ثم قبائل صنهاجة، وفي آخر هذا الجزء بعض قبائل زناتة، ويتصل به كذلك في جوفيه جبل أوراس وهو جبل كتامة…»[5].
كانت المواطن الأصلية لقبائل بولمان في أقصى الجنوب، وفي سنة 1094 هجرية، كانوا بملوية العليا بجبل العياشي، وقد أنزلهم السلطان مولاي إسماعيل بالأطلس التوسط لحفظ الأمن بجزء من ربوعه وبالأخص لحراسة الطريق الرابطة بين فاس وتافيلالت[6].
المحور الثاني: الأشكال التقليدية للمداواة والتطبيب بالمغرب قبل فترة الحماية:
عمل المغرب منذ العصور القديمة على تدبير أحواله الصحية والتخلص من الأمراض التي تلم به بشتى الطرق والوسائل، سواء كانت سحرية أم عقلانية، وبذلك اعتبرت المداواة سابقة في وجودها للأطباء، والأطباء بدورهم سبقوا في وجودهم المؤسسات الطبية، ولذلك ارتبط الطب وتاريخه بالإنسان وحده دون سائر الكائنات الحية، فكان تطورهما نابع من تقدم الإنسان ورفاهيته، وانحطاطهما مرتبط بما يصيب المجتمع من نكبات[7].
وقبل دخول الاحتلال الفرنسي، لم يكن المغرب يتوفر على جهاز لحفظ الصحة، أو إدارة تتعهد الناس بالعلاج والتطبيب، بل ظلت الأوبئة والأمراض تعيث في أنحاء البلاد وتذهب بالكثير من سكانها. ولا يعني هذا البتة، أن سوق الطب كانت كاسدة في البلاد، إذ وجد بالمغرب أطباء طبقت شهرتهم الآفاق، ذكرهم الكانوني في مخطوط خصصه لتاريخ الطب في دول المغرب، ومن الأطباء الذين شاع ذكرهم الوزير الغساني الذي كان طبيبا لأحمد المنصور الذهبي والذي خلف مؤلفين شهيرين هما: «الروض المكنون في شرح رجز ابن عزرون» و«حديقة الأزهار في ماهية العشب والعقار»، وعبد الرحمان الفاسي الذي كان طبيبا بما يسعه معنى هذه الكلمة، وله مؤلفات عديدة أشهرها: «الأقنوم في مبادئ العلوم»، وفيه عقد فصولا لفن الجراحة وفن الصيدلة والطب الذي يعتمد على الرقى والطلمسات[8].
وقد استغرب الفرنسيون وغيرهم من الأوربيين وهم ينزلون بالمغرب، بعد توقيع معاهدة الحماية، مما كان يستعمله المغاربة من وسائل العلاج ودرء الأمراض، إذ ألفوهم يجترون طرق العلاج التي وجدوا عليها آباءهم، متشبثين بما تبقى مما أكل عليه الزمن من الوصفات التي تعود في معظمها إلى عهود خلت، وهي وصفات اصطبغت، أمام ما حاق بالطب من الانتكاس وتوقف الاجتهاد، بما يشبه المزيج من التعاويذ والسحر والخرافات والرقى والتمائم والتنجيم «حتى أصبح من المستحيل التمييز بين الطقوس السحرية والطقوس الطبية»[9].
لقد اعتمد المغاربة على وسائل الطب التقليدي في مداواة أمراضهم، فلعلاج الحمى بمناطق الأطلس المتوسط التي كانت تنتمي لها قبائل بولمان، كانت توضع على رأس المريض خبزة من عجين الذرة، ثم يعصب رأسه بخرقة مغطوسة في الحناء، وبعد لحظات تزال العجينة من على رأس المصاب، وترمى لكلاب الدوار لكي يأكلوها[10]، ولعلاج مرض الزهري كان المريض يقوم باستسفاف مسحوق الكامون كل يوم لمدة خمسة عشر يوما[11].
وبما أن المجتمع المغربي خلال هذه الفترة كان يعاني من عدة اختلالات اجتماعية واقتصادية وسياسية، لم يكن القطاع الصحي يخرج عن هذه القاعدة، إذ وصف أحد الاستعماريين وهو روبير دوربري Robert Dorbré خراب الأجساد بمنطقة الشاوية خلال جولته بين الدار البيضاء ومراكش في قوله: « جروح مقيحة، مفاصل منتفخة، أعضاء مشوهة بفعل كسور سيئة المعالجة، جفون منتفخة، مقل مصابة بشكل خطير، أورام جلدية، كثير من الأطفال ببطون منتفخة، وأحيانا شيوخ يعرجون ويمشون بصعوبة»[12].
كما اعتقد روبير دوربري Robert Dorbré وجود أمراض السل، والسرطان، والطفيليات الجلدية، والرمود الحسية، والكسور القبيحة، وحمى المستنقعات المزمنة بمنطقة الرحامنة [13]، واكتشف الطبيب ميرات Murat الذي كان يسير المستوصف الذي فتح بفاس زمن التدخل السلمي أجساما متآكلة بحمى المستنقعات، هذا المرض الذي عرفته جريدة السعادة بكونه « مرض خطير يظهر على الإنسان بارتفاع درجة حرارته الطبيعية مع الرعشة واشتداد وجع الرأس وتصبب العرق ووجود التعب في كل حركة… وهو عبارة عن تسلط الميكروبات الغريبة على دم الإنسان تعرف بالهيماتوزوير… أما وقت انتشار هذا المرض فيبتدئ من شهر ماي إلى غاية شهر نونبر، حيث تكون الأجساد منهوكة بالإسهال ومجروفة دوريا بحمى التيفويد Thyphoide نتيجة هذه العلل الثلاث التي غذتها المعالجة السيئة التي دنست واد فاس في عالية المدينة» [14].
وقد انتشرت بالبلاد خلال هذه الفترة عدة أمراض أهمها بالإضافة إلى حمى التفويد والحصبة Rougeole[15]، الجذري الذي خلف سبع حالات إصابة في فاس سنة 1920، ومرض الطاعون الذي كانت له مخلفات كثيرة بمنطقة دكالة، إذ قدر عدد ضحايا هذا المرض في تلك الفترة ب 14.000 مريضا في غضون شتاء 1911م، وكذلك في مدن البيضاء وأسفي ومنطقة عبدة [16]، كما انتشر أيضا بالرباط حيث لم يتم استئصاله قبل سنة 1917 [17]، بالإضافة لمرض التيفوس الذي أصاب عشرات الأشخاص في الحواضر الكبرى كالرباط والبيضاء والقنيطرة بسبب اعتماد الطب على أساليب كانت متبعة في القرون الوسطى[18]، بحيث لم يكن هناك طب بالمفهوم الحديث للكلمة سواء من حيث جودة ونوعية العلاج أو من خلال الغياب الشبه التام للأماكن المخصصة له، وبذلك كانت إدارة الحماية تدرك صعوبة المهمة الملقاة على عاتقها في المجال الصحي بالمغرب، وهو ما جعلها تتخذ من جملة « تحسين المستوى الصحي للسكان» شعارا لها لإبهار المغاربة بما حققه الأوربيون في المجالات العلمية وإبراز تفوقهم، وكانت هذه الخطة وسيلة للتوغل السلمي في المجتمع المغربي وكسب ثقة أفراده [19].
المحور الثالث: المشروع الصحي الكولونيالي بالمغرب خلال فترة الحماية
لقد شرع رواد الفكر الاستعماري الأوائل ومنظريه في وضع تصورات ومخططات ومناهج وأساليب للتسرب السلمي، تستبعد من جهة المواجهات العسكرية واللجوء إلى العنف والقوة، ومن جهة أخرى السعي إلى إيجاد حلول توفيقية مع الدول المهتمة والمعنية بالقضية المغربية، وذلك بمنحها امتيازات وترضيات في أماكن أخرى مقابل غضها الطرف على تفرد فرنسا باحتلال المغرب لاستكمال سيطرتها وهيمنتها على بلدان شمال إفريقيا بأكملها المطلة على ضفة البحر الأبيض المتوسط المقابلة للضفة الأخرى للبلدان الأوربية المتوسطية [20]، ونجد في مقدمة هؤلاء الرواد رايموند طوماسي Raymond Thomassy الذي وجه تقريرا إلى حكومة بلاده يقول فيه: «… على فرنسا أن تبادر إلى التعرف على ساحة المعركة حيث تنتظرها مصائر تزداد مجددا كلما كانت أقل دموية، وانتصارات تزداد رسوخا كلما نيلت بأسلحة سلمية، والعلم هو أحد هذه الأسلحة وأول سلاح ينبغي توظيفه، لأنه هو الذي سيعمل على تعبيد الأرضية التي ينبغي الزحف إليها» [21].
على أساس هذه التوجهات التي توصي بتوظيف العلم والمعرفة لخدمة الأهداف الاستعمارية، عملت سلطات الحماية على تجنيد وتشجيع العديد من الجامعيين والأطباء والمهندسين للقيام بجولات داخل المغرب يخترقونه طولا وعرضا في لبوس شتى، وبتقمص شخصيات إسلامية تحظى من لدن المواطنين المغاربة سواء في البوادي والحواضر بالتوقير والاحترام[22]، وبهذا التنكر والتحايل تمكن نفر من هؤلاء الفرنسيين من إنجاز دراسات وبحوث حول البلاد، أرضا، وشعبا، وتاريخا، وعادات وتقاليد، ونظام الحكم وعلاقاته بالمحكومين[23].
وفي بداية عمله بالمغرب، بعث الجنرال ليوطي[24] برقية مخاطبا الطبيب «كالييني»: « أرسلوا لي أربعة أطباء، أرجع لكم أربعة فيالق»، ومن هنا يتبين أن ليوطي كان يعي جيدا الدور الطلائعي لسلك الأطباء في حملته الاستعمارية على المغرب، فإلى جانب الدور الاستخباراتي الذي لعبه هؤلاء، كان لهم بالغ الأثر في عملية التقرب من الأهالي، وضمان بيئة صحية سليمة لتحرك الجيوش الغازية.
إن المغرب قبيل الاستعمار كان يعرف دورات مميتة من الأوبئة والقحط، كادت العديد منها أن تدفع بالمغاربة إلى حافة الانقراض، لولا سياسة الحجر الطبي التي مورست منذ القدم لتطويق تلك الأمراض ذات الفتك الجماعي[25]، لكن مع قدوم المحتل سواء الفرنسي في المنطقة السلطانية، أو الإسباني في المنطقة الخليفية، سوف تعرف الوضعية الصحية والغذائية للمغاربة تحولات جذرية، كان لها الأثر الكبير على التزايد المطرد في معدلات التكاثر الطبيعي وارتفاع عدد السكان، الذي كان مطلبا ملحا للرأسمالية الاستعمارية في بحثها عن «قوة عمل» بشرية لمشاريعها وطموحاتها التوسعية بالمغرب[26].
لقد دافع مؤرخو النزعة الاستعمارية عن الظاهرة الكولونيالية مبرزين الجوانب التي استفادت منها الشعوب المستعمرة، ومنها الطب الاستعماري، إلا أن مؤرخين آخرين تصدوا لمزاعم هؤلاء وأطروحاتهم، ومن بينهم محررو كتاب « الطب الإمبريالي.»[27]، الذين شرعوا في طرح عدة أسئلة من قبيل «… هل كان الطب الغربي في المستعمرات حقا طبا عقلانيا وإنسانيا كما يدعي الكثيرون؟ وهل يعد حقا إحدى فوائد الإمبريالية التي لا يمكن إنكارها؟ ألا يمكن أن يكون هذا الطب في الحقيقة سلاحا آخر من ترسانة الأسلحة الإيديولوجية للحكم الأجنبي التي يستخدمها في محاولته للهيمنة؟ لمصلحة من استخدم هذا الطب؟ هل كان أساسا لمصلحة أفراد الإدارة الاستعمارية والجيش؟ أم لمصلحة شعوب المستعمرات أو الإثنين معا.»[28].
لمقاربة هذه الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها، يمكن القول بأنه إذا كان جل الأطباء قد قاموا بواجبهم المهني والإنساني حسب ما يمليه عليهم ضميرهم، فإن هناك أطباء آخرين تم توظيفهم لأغراض سياسية أو عسكرية أو دبلوماسية أو تجسسية، حيث عهد إليهم بالتسرب إلى داخل البلاد والاحتكاك بشرائحها الاجتماعية، وربط علاقات ودية مع الحكام ورجالات المخزن وأعيان المدن والقبائل، مما أتاح لهم فرصة الإطلاع على أحوال البلاد والعباد، وإعداد تقارير وكتابات وأبحاث وكتب ومقالات صحفية تستفيد منها السلطات الاستعمارية في توجيه وتحديد أساليب التغلغل الاستعماري السلمي[29]، كما تم في نفس الإطار توظيف أطباء عسكريين من مختلف المراتب لمرافقة البعثات الديبلوماسية لدى سلاطين البلاد، فأعدوا عنها خلال رحلاتهم دراسات جغرافية وخرائط عسكرية وتقارير سياسية واستخباراتية، وبهذه المهمات حول هؤلاء الطب عن وجهته الإنسانية والنبيلة إلى طب أصبح كأداة للتغلغل الاستعماري، وسيزداد نفوذ الأطباء العسكريين ويتقوى خلال مرحلة حملات التهدئة العسكرية، أو محاربة القبائل الثائرة والمجاهدة ضد التغلغل الاستعماري العسكري بالبوادي[30]، وبالتالي حول هؤلاء الأطباء مهنة الطب من وجهتها الإنسانية النبيلة، إلى أداة للتغلغل الاستعماري، إذ سيلعبون دورا مهما في تعبيد وتسهيل طريق الاحتلال والهيمنة العسكرية طبقا للسياسة والخطط التي وضعها الجنرال ليوطي، هذا الأخير اعتبر أن الطبيب يعد أداة قيمة وفعالة للاستقطاب والاحتواء، واعتبر أن «طبيبا واحدا يمكنه معادلة فيلق عسكري»[31]، وشرح أفكاره هاته بوضوح في المقدمة التي تصدرت كتاب أحد الأطباء العسكريين، إذ جاء فيها: «أفكاري حول أهمية الطبيب في المستعمرات ووظيفته ومساهمته في عمليات التهدئة معروفة… فكثير من سوء الفهم يزول بمجرد ما تحصل الثقة ويتم التفاهم… ولا أحد أفضل من الطبيب لبناء هذه الثقة، إنها تتحقق بين عشية وضحاها بمجرد أن يقتنع أحد الأعيان أو الحكام أو أي إنسان عادي بزيارة الطبيب الفرنسي كلما ألم به مرض أو شعر بالآم توجعه، فإذا خرج من عند هذا الطبيب وخفت آلامه، يتم التغلب على الحاجز النفسي مما يسهل الإقدام على القيام بالخطوات الأولى لربط علاقات المودة»[32].
المحور الرابع: دور الطب الاستعماري كآلية لإنجاح وتسهيل استغلال قبائل بولمان:
وتقديرا منه لدور الطبيب في التدخل السلمي، اعتبره الجنرال ليوطي عنصرا أساسيا إلى جانب المعلم في عملية التهدئة، وأضاف قائلا: « في اليوم الذي يقرر فيه أحد الأعيان، أو أحد القواد، أو أحد الفقراء، كيفما كان نوعه الذهاب عند الطبيب الفرنسي، ويخرج من عنده مرتاحا، آنذاك ستتم إذابة الجليد وتوطد العلاقات» [33]، ذلك أن الإنسان المغربي بصفة عامة كان يتردد في الذهاب إلى المستشفى للعلاج على يد الفرنسيين بدعوى أنهم (نصارى)، لذلك كان التأثير الشخصي للممرضات والطبيبات الأوربيات من أهم ما تم التركيز عليه للتوغل وسط المجتمع المغربي، والوصول إلى تغيير نظرة الرجال والنساء على حد سواء إلى أهمية الخدمات الطبية التي يمكن أن تقدمها الطبيبة الأوربية[34].
لقد عبر الجنرال ليوطي غير ما مرة عن إعجابه بالطبيب، ورأى في عمله وسيلة فعالة في نشر وإشعاع الحضارة الأوربية، ويقول في هذا الإطار: « إن الطبيب عندما يزور مناطق ترفض الدخول تحت سيطرتنا، ويجد سكانها عرضة لأمراض فتاكة، فإنه هو الرئيس الأمثل هناك، لأنه يمكن أن يقوم مقام الموظفين وجيوش الاحتلال»[35].
والجدير بالذكر أن سلطات الحماية انصب عملها بعد التعليم على القطاع الصحي، ففي قلب الأطلس المتوسط مدينة خنيفرة أنشأت مستوصفا، وكان هذا المستوصف نقطة التقاء بين المرضى والمنصرين، إذ أصبح منذ النصف الثاني من سنة 1914 جاهزا لفعل كل شيء:
– التقاط المعلومات المختلفة عن المقاومة.
– زرع بذور التناقض والشقاق بين قادة المقاومة.
وللتعرف على المراكز الصحية التي تم إنشاؤها في فترة الحماية بقبائل بولمان، يبين الجدول أسفله هذه المراكز الصحية وسنة تشييدها (الجدول رقم 7)[36]:
المراكز الصحية | سنة إنشائها |
المركز الصحي ببولمان | 1946 |
المركز الصحي بإيموزار مرموشة | 1951 |
المركز الصحي بكيكو | 1952 |
المركز الصحي بسكورة | 1953 |
المركز الصحي بالنجيل | 1955 |
بدون شك، فقد لعب الطب دورا مركزيا في مساعدة الدول الأوربية – عموما – للسيطرة على المستعمرات، إذ اعتبر الطب كآلية من آليات التفوق التي توفرت في الجانب الأوربي، وظفوها بمنهجية احترافية، وحصلوا بذلك على منفعتين:
_ الأولى هي ضمان بيئة صحية سليمة لتحرك جيوشهم.
_ الثانية تتمثل في توفير أمثل الظروف للاستغلال الاستعماري. [37]
بالإضافة إلى المراكز الصحية، أنشأت سلطات الحماية «المجموعات الصحية المتنقلة Groupe Sanitaire Mobile»، وهي أجهزة طبية اعتمدتها فرنسا في عملية التغلغل السلمي بالمغرب، وهي حسب تعبير ليوطي «مستوصفات متنقلة للفحص والعلاج»، وحسب الأستاذ بوجمعة رويان فإن هذه المجموعات الصحية المتنقلة « كانت تعالج المصابين بالزهري والرمد وغيرهما من الأمراض التي كانت منتشرة بين المغاربة، ولعبت وهي تجوب شعاب البلاد ومفاوزها، دورا مهما في نشر نفوذ فرنسا الطبي، وساعدت بما كانت تتلقفه في جولاتها من معلومات وأخبار، في جعل مصالح الشؤون الأهلية على دراية بما يجري في المناطق النائية، وأمدتها بمزيد من الكشف عن الأراضي التي كانت تتقدم نحوها الجيوش، في إطار تمشيط الساحة قبل اقتحامها، كما تمكنت تلك المجموعات بما كانت تقدمه من علاجات وأدوية من كسب كثير من السكان المرضى والتقرب منهم حتى ولو كانوا منزوين في أقاصي الجبال.»[38].
لقد كان ليوطي معجبا أيما إعجاب بما كانت الفرق الصحية تقدمه من خدمات وهي تزدلف إلى الناس بما لديها من وسائل العلاج فتملأ صدورهم بالترغيب، يقول ليوطي في هذا الصدد: «لقد قدمت لنا الفرق الصحية المتنقلة خدمات لا تحصى، إذ كانت تنتشر كقاعات تمريض متنقلة… في المجموعات السكنية النائية لتبحث عن الزبون الأهلي وتقيم هناك ما يكفي من الوقت لإنجاز عمل فعال، وأحيانا تتقدم إلى الأمام في مناطق لم يتم التغلغل فيها بعد لتلعب دور الجلب والأخذ بألباب الناس بفعالية أقوى من طلقة البندقية، آه على مجموعاتنا الصحية المتنقلة الرائعة كم أننا مدينون لها بما سهلته من اتصالات وما ساعدت عليه من جلب الناس وكسب عطفهم بل وخضوعهم.»[39]، ورأى الدكتور شاتنيير(Chatinières) في نفس الإطار: «أن المجموعات الصحية المتنقلة وهي تتقدم فيالق الغزو وتسهل تغلغل التأثير الفرنسي وتهيئ البلاد لقبول الحماية.»[40].
لقد كان ليوطي حريصا على عدم إثارة المشاعر الدينية للمغاربة، فهو نفسه رفض ولوج حرم مولاي إدريس مخاطبا أعيان فاس: «أنا لست مؤمنا وغير مسلم، لكني أحترم حرم مولاي إدريس.»[41]، فرغم المجهودات الطبية الكبيرة التي وظفتها السلطات الفرنسية لمداواة المغاربة وعلاج سقمهم وعللهم، إلا أن الاستفادة منها لم تكن على قدم المساومة، فمثلا منطقة بولمان (المنطقة الجبلية) التي نحن بصدد البحث فيها لم تستفذ كثيرا من هذه الحملات الطبية المتنقلة، وهذا ما أكده الأستاذ بوجمعة رويان في قوله: «فمغرب المدن والسهول حيث تواجد المعمرون الأوروبيون، استفاد كثيرا من الخدمات الصحية، أكثر من مغرب الجبال والمناطق النائية»[42].
لقد كانت المجموعات الصحية المتنقلة G.S.M تزور الأسواق الأسبوعية والقرى لتقديم العلاجات للمغاربة، ومن المهام الأخرى الموكولة إلى هؤلاء الأطباء جمع المعلومات والعمل كحرس متقدم لمكتب الشؤون السكان المحليين، وهكذا تمكنوا من رسم خرائط للمناطق الريفية والجبلية، وقدروا عدد السكان والموارد الطبيعية بها، وأحصوا الآبار والقرى وطرق المواصلات، وأكثر من ذلك، تمكنوا من الحصول على معلومات حول التركيبات السياسية التي يمكن أن توظف كأساس للسيطرة السياسية الاستعمارية[43].
أما في المناطق الأكثر استقرارا من الناحية السياسية، فقد قام ضباط شؤون السكان المحليين بنشاطات الاستخبارات، بينما اهتم الأطباء بالدعاية وتقديم العناية الصحية للطبقة العاملة المغربية الناشئة، وقد وصف الدكتور «كولومبانيColombani» مدير الصحة في هذه الفترة هذه العملية سنة 1932 بأنها مزدوجة: إنسانية ونفعية، إذ يقول: «الهدف الإنساني يعني التأكيد منذ البداية على دورنا كرسل للحاضرة…، والهدف النفعي هو المحافظة بكل الوسائل التي تحت تصرفنا، على رأس المال البشري المحلي من أجل أن نحصل من العمل على أعلى ما يمكن من الإنتاج، إن مستلزمات ذلك تفرض نفسها منذ البداية من أجل البلد المحتل الجديد»[44].
والواقع الذي لا ينكره أغلب الباحثين، هو أن استفادة المغاربة من الخدمات الطبية كانت ضعيفة، لأنها لم تكن موجهة إليهم بالدرجة الأولى بقدر ما كانت موجهة للقوات الفرنسية والجالية الأوربية، الشيء الذي أثار سخط وانتقادات المغاربة، ويؤكد ذلك محمد الحجوي في قوله: «لقد رأينا وسمعنا الناس يتحدثون في كثير من التأمل والملائمة، أن حكومة الحماية أحدثت مستشفيات خاصة بالمسلمين وأخرى خاصة بالأجانب، وليس هذا التخصص هو محل النقد والملام، وإنما ينتقدون مابين هذه المستشفيات وتلك بناءا على التمييز والفرق، فمستشفيات الأوربيين مستكملة كاملة الشروط واللوازم، متوفرة فيها أسباب المداواة والتمريض والراحة، وهي كلها كسائر المستشفيات بأوربا نظاما وترتيبا، بل فيها ما يفوق أخواتها في الأقطار الأخرى…، وأما المستشفيات الأهلية فليس لها من ذلك إلا الإسم المتخذ للدعاية والإشهار.»[45]، وعموما يمكن القول أن عمل هؤلاء الأطباء خلال هذه المرحلة بالمغرب كان « يتلخص في القيام بقليل من الطب وكثير من السياسة.»[46].
خلاصة:
بالنسبة للطب الفرنسي، لم يكن منذ بداية انغراسه بين المغاربة يهدف إلى تطويق ما كان يواجههم من أوبئة وأمراض بشكل يستأصل دابر تلك الآفات، بل كان يرمي إلى الحفاظ على حياة الفرنسيين والاستفادة من المغاربة كقوة بشرية، بالإضافة إلى تهييء ظروف أمثل للاستغلال، إذ انصب الاهتمام في الإسعاف على العناصر الحية والنشيطة من الناس، وهو ما عبر عنه في تلك الفترة مدير الصحة الدكتور «كولومبانيColombani» في قوله: « كما هو الشأن بالنسبة لجيش يريد أن يصل مباشرة إلى هدفه، ويكون ملزما بالتخلص من كل ما من شأنه أن يعرقل سيره في بعض اللحظات العصيبة، فكذلك الأمر بالنسبة لهذا الإسعاف الصحي الذي عوض أن ينشغل بحثالة البشر والمعتوهين والبؤساء والمرضى الذين لا أمل لهم في الشفاء وحماية العجزة والأطفال، صرف عنايته للحفاظ بلا تأخير على العاملين وذوي النشاط من السكان.»[47].
قائمة المراجع باللغة العربية:
1 – ابن خلدون، عبد الرحمن، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، مطبعة دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1962.
2 – أرنولد، دافيد، الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، نشر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، ع. 236، غشت 1998.
3 – أنور، مصطفى، المقاومة المسلحة والحركة الوطنية في الأطلس المتوسط الأوسط الشمالي مابين سنتي 1911و1956 – قبائل أيت يوسي وأيت سغروشن ومرموشة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012.
4 – البكري، أبو عبيد الله، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.
5 – بلكامل، البيضاوية، الوضع الطبي بالمغرب في بداية فترة الحماية من خلال تاريخ الطب العربي بالمغرب لمحمد بن أحمد العبدي الكانوني، مجلة المناهل، منشورات وزارة الثقافة المغربية، الرباط، ع. 89 -90، يونيو 2011.
6 – بناني، محمد، آثار المعاهدات الدولية المبرمة خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على سيادة الدولة المغربية، أشغال الجامعة الصيفية المنظمة بمدينة المحمدية، يوليوز 1987.
7 – بوطالب، إبراهيم، البحث الكولونيالي حول المجتمع المغاربي في الفترة الاستعمارية، نشر ضمن أعمال: «البحث في تاريخ المغرب: حصيلة وتقويم»، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 14، 1989.
8 – الحجوي، محمد بن عمر، خطرات الصحة العمومية، مجلة المغرب، المطبعة الجديدة، الرباط، ع. 7، السنة الرابعة، ماي 1935.
9 – الخديمي، علال، احتلال وجدة، مذكرات من التراث المغربي، المطبعة الجديدة، الرباط، 1985.
10 – رويان، بوجمعة، الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912 – 1945، نشر مطابع الرباط نت، 2013.
11 – ريفي، دانيال، الطب الاستعماري أداة استعمارية متسامحة لمراقبة السكان، ترجمة عزوز هيشور وعبد القادر مومن، مجلة أمل،ع. 6، 1995.
12 – زكي، مبارك، الطب الاستعماري من عمل إنساني إلى أداة للتسرب الاستعماري السلمي، بحث نشر ضمن اليوم الدراسي المنظم من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تحت عنوان: «تاريخ الاستعمار والمقاومة بالبادية المغربية خلال القرن العشرين، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 22، تنسيق المحفوظ أسمهر، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، 2010.
13 – العروي، عبد الله، مفهوم التاريخ: الألفاظ والمذاهب، المفاهيم والأصول، منشورات المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 4، 2005، ج. 2.
14 – العلوي، التقي، أصول المغاربة – القسم البربري – اتحادية أيت يدراسن، مجلة البحث العلمي، ع. 24، يناير 1975.
15 – عياش، جرمان، التاريخ والاستعمار، بحث نشر ضمن مجموعة من الدراسات بعنوان: «دراسات في تاريخ المغرب»، منشورات الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الدار البيضاء، 1986.
16 – منصف، يوسف، هكذا راهن الاستعمار على الأطباء والراهبات لاختراق المجتمع المغربي، مقال نشر بجريدة المساء، الملف الأسبوعي، ع. 2383، يومي السبت والأحد 24 – 25 / 05/ 2014.
17 – نعيمي، مصطفى، منطقة أزرو على عهد الحماية 1911 – 1956: التدخل، البنيات والمقاومة، نشر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الرباط، ط 1، 2013.
18- الوزاني، محمد حسن، مذكرات حياة وجهاد، نشر مؤسسة جواد للطباعة والتصوير، الرباط، 1985.
قائمة المراجع باللغة الفرنسية:
1- Arnaud, Lembert, Comment les Marocains soignaient jadis leurs maladies vénériennes, Revue Maroc- Médical, Décembre 1950.
2- Bertrand, Muller, Ecrire l’histoire locale: le genre monographique, Revue d’histoire des Sciences Humaines, N°: 9, 2003.
3- Corjon, François, Maladies, Soins, Rites magiques de protection ou l’expulsion du mal chez les enfants du Moyen Atlas, BEPM, N°: 121, Mai 1932.
4- Gaud, Gandini, Politique de santé publique au Maroc, Document du C.H.E.A.M, N°: 2456, 8 Mars 1955.
5- Ocher, Amina, Colonisation et campagne berbère au Maroc, Edition Afriquia chark, Casablanca, Maroc, 2002.
6- Rivet, Daniel, Lyautey et l’institution du protectorat français au Maroc, 1912-1925, Edition L’Harmattan, Paris, 1988.
[1] – العروي، عبد الله، مفهوم التاريخ: الألفاظ والمذاهب، المفاهيم والأصول، منشورات المركز الثقافي العربي، بيروت، ط 4، 2005، ج. 2، ص253.
[2] – أنور، مصطفى، المقاومة المسلحة والحركة الوطنية في الأطلس المتوسط الأوسط الشمالي مابين سنتي 1911و1956- قبائل أيت يوسي وأيت سغروشن ومرموشة، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، 2012، ج. 1، ص45.
[3] – Bertrand, Muller, Ecrire l’histoire locale: le genre monographique, Revue d’histoire des Sciences Humaines, N°.9, 2003, p. 39.
[4] – البكري، أبو عبيد الله، المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ص 147.
[5] – ابن خلدون، عبد الرحمن، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، مطبعة دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1962، ج. 1، ص35.
[6] – العلوي، التقي، أصول المغاربة – القسم البربري- اتحادية أيت يدراسن، مجلة البحث العلمي، ع. 24، يناير 1975، صص 74 – 75.
[7] – بلكامل، البيضاوية، الوضع الطبي بالمغرب في بداية فترة الحماية من خلال تاريخ الطب العربي بالمغرب لمحمد بن أحمد العبدي الكانوني، مجلة المناهل، ع. 89 -90، منشورات وزارة الثقافة المغربية، الرباط، يونيو 2011، ص 301.
[8] – رويان، بوجمعة، الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945، نشر مطابع الرباط نت، 2013، ص 81.
[9] – الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945، م س، ص 83.
[10] – Corjon, François, Maladies, Soins, Rites magiques de protection ou l’expulsion du mal chez les enfants du Moyen Atlas, BEPM, N°: 121, Mai 1932, p. 251.
[11] – Arnaud, Lembert, Comment les Marocains soignaient jadis leurs maladies vénériennes, Revue Maroc- Médical, Décembre 1950, p.1064.
[12] – Rivet, Daniel, Lyautey et l’institution du protectorat français au Maroc, 1912-1925, édition L’Harmattan, Paris, 1988, T. 2, p. 225.
[13] – Ibid, p. 105.
[14] – ريفي، دانيال، الطب الاستعماري أداة استعمارية متسامحة لمراقبة السكان، ترجمة عزوز هيشور وعبد القادر مومن، مجلة أمل، ع. 6، 1995، ص 109.
[15] – Lyautey et l’institution du protectorat français au Maroc, op.cit., p.109.
[16] – Bulletin officiel du protectorat, 1914, pp. 551 – 562.
[17] – Ibidem.
[18] – Gaud, Gandini, Politique de santé publique au Maroc, 8 Mars 1955, Document du C.H.E.A.M, N°: 2456, p. 2.
[19] – Ibidem.
[20] – بناني، محمد، آثار المعاهدات الدولية المبرمة خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على سيادة الدولة المغربية، أشغال الجامعة الصيفية المنظمة بمدينة المحمدية، يوليوز 1987، ج. 2، ص 103.
[21] – عياش، جرمان، التاريخ والاستعمار، بحث نشر ضمن مجموعة من الدراسات بعنوان: «دراسات في تاريخ المغرب»، منشورات الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الدار البيضاء، 1986، ص 13.
[22] – زكي، مبارك، الطب الاستعماري من عمل إنساني إلى أداة للتسرب الاستعماري السلمي، بحث نشر ضمن اليوم الدراسي المنظم من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تحت عنوان: «تاريخ الاستعمار والمقاومة بالبادية المغربية خلال القرن العشرين، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 22، تنسيق المحفوظ أسمهر، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الرباط، 2010، ص 8.
[23] – بوطالب، إبراهيم، البحث الكولونيالي حول المجتمع المغاربي في الفترة الاستعمارية، نشر ضمن أعمال: «البحث في تاريخ المغرب: حصيلة وتقويم»، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 14، 1989، ص 116.
[24] – هو أول مقيم عام فرنسي بالمغرب.
[25] – منصف، يوسف، هكذا راهن الاستعمار على الأطباء والراهبات لاختراق المجتمع المغربي، مقال نشر بجريدة المساء، ع. 2383، الملف الأسبوعي ليومي السبت والأحد 24-25 / 05/ 2014، ص7.
[26] – هكذا راهن الاستعمار على الأطباء والراهبات لاختراق المجتمع المغربي، م س، ص 7.
[27] – أرنولد، دافيد، الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية، ترجمة مصطفى إبراهيم فهمي، سلسلة عالم المعرفة الكويتية، ع. 236، نشر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، غشت 1998، ص 6.
[28] – الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية، م س، ص 7.
[29] – الطب الاستعماري من عمل إنساني إلى أداة للتسرب الاستعماري السلمي، م س، ص 15.
[30] – م ن، ص 15.
[31] – الوزاني، محمد حسن، مذكرات حياة وجهاد، نشر مؤسسة جواد للطباعة والتصوير، الرباط، 1985، ج. 1، ص 174.
[32] – Ocher, Amina, Colonisation et campagne berbère au Maroc, édition Afriquia chark, Casablanca, Maroc, 2002, p. 218.
[33]– نعيمي، مصطفى، منطقة أزرو على عهد الحماية 1911- 1956: التدخل، البنيات والمقاومة، نشر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، الرباط، ط 1، 2013، ص 115.
[34] – م ن، ص 115.
[35] – الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945، م س، ص 80.
[36] – مصدر هذه المعلومات قسم حفظ الصحة التابع للمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة العمومية بإقليم بولمان بميسور.
[38] – الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945، م س، ص 280.
[39] – نفسه.
[40] – نفسه.
[41] – نفسه.
[42] – نفسه.
[43] – هكذا راهن الاستعمار على الأطباء والراهبات لاختراق المجتمع المغربي، م س، ص 9.
[44] – نفسه.
[45] – الحجوي، محمد بن عمر، خطرات الصحة العمومية، مجلة المغرب، ع. 7، السنة الرابعة، المطبعة الجديدة، الرباط، ماي 1935، ص 1.
[46] – الخديمي، علال، احتلال وجدة، مذكرات من التراث المغربي، المطبعة الجديدة، الرباط، 1985، ج. 5، ص 78.
[47] – الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب 1912- 1945، م س، ص 422.