اللغات الأجنبية في البرامج الدراسية وأثرها على هوية المتعلم المغربي
اللغات الأجنبية في البرامج الدراسية وأثرها على هوية المتعلم المغربي/ ذ. يونس الجزولي
اللغات الأجنبية في البرامج الدراسية
وأثرها على هوية المتعلم المغربي
ذ. يونس الجزولي[1]
نشر بمجلة النداء التربوي، العدد 25-26، السنة الثالثة والعشرون 1441 هـ – 2020م،
الصفحات من 91 إلى 113
أولا: مقدمات منهجية:
الملخص:
تروم هذه الدراسة محاولة الكشف عن تجليات الحمولة القيمية للغات الأجنبية في المقررات الدراسية بالتعليم المدرسي، وبيان كيفية تأثيرها على هوية المتعلم المغربي ومنظومة قيمه الإسلامية والوطنية، فضلا عن إبراز مدى وجود تعارضات بين التشريعات التربوية والقانونية التنظيمية الرسمية ومضامين المقررات الدراسية للغات الأجنبية، من خلال دراسة تطبيقية فاحصة لمحتوى منهاج وبرامج اللغة الفرنسية في المنظومة التربوية المغربية بالسلكين الابتدائي والثانوي التأهيلي.
وإيمانا منا بكون المقررات الدراسية ليست فقط وسيطا ديداكتيكيا في المنهاج التربوي، بل تحمل رؤية سياسية واجتماعية وثقافية تساهم في بلورة الرؤية التعليمية التي تحددها الفلسفة التربوية للمجتمع. مما يستدعي افتحاصها للوقوف وبالملموس على هذه محتويات هذه المقررات ومدى انسجامها مع التوجيهات التربوية الرسمية للنظام التربوي التعليمي المغربي، وملاءمتها مع قيم المجتمع المغربي.
على أننا لسنا ضد تعليم اللغات الأجنبية باعتبارها أداة للتواصل والانفتاح على العالم، لكن ينبغي أن تنسجم مضامينها مع مقتضيات الهوية الحضارية للأمة المغربية بتكييف محتويات مواد اللغات الأجنبية مع خصوصيات النظام التعليمي المغربي لجعلها مواد حاملة للقيم الإنسانية المنطلقة من عالمية رسالة الإسلام.
الكلمات المفاتيح: اللغات الأجنبية، الهوية، الحمولة الثقافية، البرامج الدراسية.
تقديم
أضحى تدريس اللغات وتعلمها بالنظر لأهميتها وخطورتها في نفس الآن على المتعلم المغربي، إحدى القضايا الأفقية الأساسية للمنظومة التربوية، ذات الانعكاس المباشر على مردوديتها الداخلية والخارجية، كما تعد حجر الزاوية في بناء الكفايات التواصلية والثقافية، عبر الانفتاح على اللغات العالمية الذي بات مطلبا ضروريا للتواصل مع العالم المتقدم لمواكبة الركب الحضاري والتثاقف المعرفي والتكوين الذاتي، لهذا أوليت مسألة الانفتاح على اللغات اهتماما خاصا في المنظومة التربوية المغربية.
بيد أن هذا الانفتاح على اللغات الأجنبية، يطرح بحدة مسألة مراعاة ثوابت الأمة الوطنية والدينية، ومسألة الحفاظ على هويتها والاعتزاز بقيمها، خصوصا في البرامج التعليمية للغات الأجنبية وما تتضمنه من حمولة ثقافية تؤثر في الخصوصية القيمية والهوياتية للمتعلم المغربي، مما يتطلب الكشف عن مدى توافقها مع التوجيهات التربوية الرسمية للنظام التربوي التعليمي المغربي، وملائمتها لقيم بيئتنا المجتمعية. ولعل السبيل الأنجع للتحقق من ذلك هو افتحاص الكتاب المدرسي باعتباره أداة لتصريف المنهاج وأصدق اختبار لفروض هذه الدراسة.
إشكالية الدراسة:
تسعى الدراسة الإجابة عن الإشكالية الرئيسية التالية: أين يتجلى تأثير تدريس اللغات الأجنبية في البرامج الدراسية على هوية المتعلم المغربي؟
فرضيات الدراسة:
وذلك من خلال التحقق من فرضيتين اثنتين وهما:
- محتوى البرامج الدراسية للغات الأجنبية، يخالف ما نصت عليه الوثائق الرسمية للمنظومة التربوية المغربية.
- محتوى البرامج الدراسية للغات الأجنبية، يؤثر سلبا في الخصوصية القيمية والدينية للمتعلم المغربي.
- المنهج المتبع وتقنية البحث:
اعتمدت على: المنهج الوصفي التحليلي عن طريق التحليل الكمي والكيفي لمحتوى الكتب المدرسية المستوردة والمؤلفات الأدبية لمادة اللغة الفرنسية، باستخدام تقنية تحليل المضمون، وذلك لاستجلاء الحمولة الثقافية والدينية المخالفة لهويتنا وقيمنا وحضارتنا، وبيان كيفية تأثيرها على الأمن الروحي للمتعلم المغربي.
- عينة الدراسة:
- مؤلفان أدبيان لمادة اللغة الفرنسية في السلك الثانوي التأهيلي، وكتاب مدرسي للغة الفرنسية بالتعليم الخصوصي الابتدائي، وكتاب للتاريخ والجغرافيا مقرر بمدراس البعثة الفرنسية بالسلك الابتدائي.[2]
وقد انتظمت هذه الدراسة في شقين: الشق النظري والشق التطبيقي.
- الشق النظري يتضمن المحاور الآتية:
- اللغات الأجنبية في برامج التعليم الخصوصي بالابتدائي.
- اللغات الأجنبية في السلك الثانوي التأهيلي.
- قراءة في منهاج اللغة الفرنسية في السلك الثانوي التأهيلي.
- الشق التطبيقي يتطرق إلى العناصر التالية:
- الحمولة الثقافية والدينية في كتاب: Français 6/ Hatier
- الحمولة الثقافية والدينية في كتاب: Hatier/ Histoire-Geo 5
- الحمولة الثقافية والدينية في مؤلف: La Boite à Merveille
- الحمولة الثقافية والدينية في مؤلف: Candide
- إحصائيات عن المفاهيم الدينية بالمؤلفات الأدبية المقررة بالثانوي التأهيلي.
- خاتمة الدراسة، نتائجها ومقترحاتها.
أولا: الشق النظري:
1. اللغات الأجنبية في برامج التعليم الخصوصي بالابتدائي بين القوانين المنظمة والواقع المشهود:
ما فتئت وزارة التربية الوطنية تسهر على وضع قوانين مهمة وآليات للزجر والمراقبة التربوية والإدارية لهذا النوع من برامج هذه المؤسسات وكتبها المقررة. فمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، تخضع للقانون رقم 06-00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي. إذ نجد المادة 4 تلزم هذه المؤسسات الخاصة بتلقين البرامج والمناهج المعمول بها في التعليم العمومي: “تلتزم مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي كحد أدنى بمعايير التجهيز والتأطير والبرامج والمناهج المقررة في التعليم العمومي”.
وتعتبر المادة 8 بمثابة الثغرة القانونية التي يستغلها المشرفون على هذه المدارس باستيراد الكتب المدرسية المتعلقة باللغات الأجنبية وإلزام المتعلمين باقتنائها وتدريسها لخدمة ما يسمى “المشروع التربوي للمؤسسة”.
هذا الأخير لكي يكون منسجما ومتماشيا مع المناهج الرسمية، تشترط المادة 8 من القانون المذكور عرض مشروع المؤسسة لموافقة الأكاديمية الجهوية حيث ترى أنه “يمكن لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تقديم مشروع تربوي يتضمن على الخصوص برامج ملائمة للتوجهات العامة للنظام التربوي، شريطة أن يهدف هذا المشروع إلى التهييء لنفس الشهادات الوطنية وأن يعرض على موافقة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية”[3].
لكن في الواقع لا يوجد ما ينص بصريح العبارة على استعمال كتب موازية لبرامج أجنبية، إذ يلاحظ لجوء هذه المؤسسات الخاصة إلى إدخال تعديلات على البرامج والمناهج الرسمية المقررة من طرف وزارة التربية الوطنية دون ترخيص من الإدارة وأحيانا الاستغناء عنها بالمرة، وتطبيق برامج مستوردة، دون أن تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات أعضاء هيأة التأطير والمراقبة التربوية ولا تنبيهات المصالح التربوية بالنيابات والأكاديميات.
ورغم كل الإجراءات الرقابية التي تقوم بها الوزارة الوصية، فإن واقع بعض المؤسسات الخصوصية يشهد على كونها بعيدة عن تلك النصوص بل تتجاوزها من حيث ما يلاحظ من اختلالات على مستوى التزامها بتلك النصوص، نظرا لبعدها عن هدفها التربوي، وتوجهها نحو الربح والتجارة، واعتبارها المتعلم مجرد زبون لديها، ولإرضاء هذا الزبون بما يحقق أكبر قدر من الربح. فإنها تعمد إلى تزويق وتزيين بضاعتها -من أجل ترويج أفضل- إلى اعتماد المؤلفات الأجنبية حيث أصبح التعليم الخصوصي بنسبة مهمة منه يدبر في شكل مقاولة، هدفها الربح على حساب أجيال من المتعلمين، وهذا الأمر له انعكاسات سلبية عديدة، فأصبح التعليم الخصوصي يكرس الطبقية بكل تجلياتها؛ إذ أن كثيرا من هذه المؤسسات أصبحت تتنافس على ما هو أجنبي ولو من باب التقليد، وطبعا في غياب المراقبة الصارمة، وتفعيل مقتضياتها القانونية، نتيجة لعدة عوامل موضوعية تخص جهاز المراقبة والتفتيش، والتملص من هذه المراقبة من قبل بعض المؤسسات المعنية، وعدم تكوين مناسب لأطر التدريس والتأطير والإدارة بالتعليم الخصوصي… يجعل رواد هذه المؤسسات يتعرضون لمضامين حاملة لقيم مخالفة للتوجهات الرسمية ومشوشة على مفاهيمهم العقدية ومهددين في أمنهم الروحي.[4]
2. اللغات الأجنبية في السلك الثانوي التأهيلي:
- 2.1 مدخل القيم لمنهاج اللغات في السلك الثانوي التأهيلي.
بما أن الدراسة في جانبها التطبيقي ستنصب على تحليل الحمولة القيمية للغات الأجنبية وأثرها على هوية المتعلم من خلال المقرر الدراسي؛ من خلال مؤلفات أدبية، نرى أنه من المفيد إدراج مدخل القيم لمنهاج السلك الثانوي التأهيلي ليسهل الكشف عن مدى انضباط المقررات الدراسية للغات مع هذه التشريعات الرسمية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف سنقوم بتحليل نموذج كتيب التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة لتدريس اللغة الفرنسية.
تنبثق المراجعة الجديدة لمنهاج سلك التعليم الثانوي التأهيلي، إذن، من تصور فلسفي يؤسس لمشروع مجتمعي تربوي قوامه:
- التمسك بالعقيدة الإسلامية وما تنص عليه من تسامح وانفتاح.
- الانخراط الإيجابي في الحداثة وترسيخ ثقافة الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان.
- حفظ التراث الحضاري والثقافي للبلاد بتنوع روافده والعمل على تجديده.
- مراعاة درجات التوفيق والتكامل والتركيب والتفاعل في مجال القيم الإسلامية والحضارية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان؛
تعتبر المؤسسة المدرسية فضاء لتعلم التفكير المستقل والمسؤول، ومن ثمة تعتبر رافدا أساسيا لإنتاج القيم واستضمارها، والتشبع بها نظريا وتطبيقيا[5].
وفي هذا الصدد، تم تحديد اختيارات وتوجهات المنظومة التربوية، انطلاقا من المرتكزات الأساسية التي حددها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:
- تعزيز قيم العقيدة الإسلامية السمحة.
- ترسيخ الهوية المغربية الحضارية والوعي بتنوع وتكامل روافدها.
- نشر ثقافة حقوق الإنسان والمواطنة وتريخ قيم المعاصرة والحداثة.
- التشبع بروح الحوار والتسامح واحترام الحق في الاختلاف.
- ترسيخ قيم البحث والاستكشاف العلمي والتذوق الفني والجمالي[6].
2.1.1 قراءة في منهاج اللغة الفرنسية بالثانوي التأهيلي:
طرأت تغييرات على مناهج وبرامج تدريس اللغة الفرنسية بالتعليم الثانوي التأهيلي. فقد أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرتين بتاريخ 25/06/2002 الأولى تحت عدد 02/104 والثانية عدد 12131، دعت فيهما إلى تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين “الخاصة بدعم وتقوية اللغة الفرنسية وتعميم خمس ساعات على جميع أقسام شعب ومستويات التعليم الثانوي التأهيلي بسلك الجذوع المشتركة وسلك البكالوريا بالإضافة إلى تنظيم ندوات تكوينية لفائدة مفتشي وأساتذة اللغة الفرنسية على مستوى الأكاديميات الجهوية ووضعت برنامجا مفصلا لذلك. كما أرفقت المذكرة رقم 12131 بوثيقة مرجعية اعتبرتها الوزارة تدعيما لتكوين أساتذة اللغة الفرنسية العاملين بالسلك الثانوي التأهيلي.
وتعتبر المذكرة الوزارية رقم 100 الصادرة بتاريخ 10 شتنبر 2002 إعلانا بتطبيق منهاج جديد للغة الفرنسية في التعليم الثانوي التأهيلي: “يهدف إلى تعزيز تمكين التلميذات والتلاميذ من اللغة الفرنسية باعتماد مؤلفات أدبية شعرية ونثرية ومسرحية تدخل في إطار مشاريع تربوية يتم اختيارها وتحديد أهدافها انطلاقا من حاجات التلاميذ والتلميذات”.[7] وبالتالي أصبح الأساتذة مطالبون بتطبيق برنامج جديد يتمحور حول مفهوم “المشروع البيداغوجي” باعتباره عنصرا منتظما لتعليم وتعلم اللغة، ويتأسس على دراسة مؤلفات أدبية كاملة مأخوذة ضمن سياقها السوسيوثقافي باعتباره إطارا لاكتساب اللغة.
وللإشارة فإن بوادر تطبيق المنهاج الجديد يعود إلى ما قبل سنة 2002، فقد كانت هناك تجربة سميت بالمسالك المزدوجة سنة 1997 في عهد وزير التعليم السابق رشيد بلمختار باتفاقية مع نظيره الفرنسي آنذاك “فرونسوا بوارو” لدراسة المؤلفات الأدبية الفرنسية بالإضافة إلى مقرر عبارة عن كتاب مدرسي مستورد من فرنسا في بعض الثانويات المغربية المختارة للتجريب، تحتوي على نصوص أدبية وشعرية فرنسية في حقب زمنية مختلفة. وحاليا كتتويج لهذا المسار تم ترسيم الباكلوريا الدولية.
سنة 2007 أصدرت الوزارة المعنية مذكرة رقم 57 بتاريخ 9 أبريل 2007 دعت إلى اعتماد مؤلفات جديدة بالسنة الثانية من سلك الباكالوريا.
في الكتيب المتعلق بالتوجيهات التربوية والمناهج الخاصة بتدريس مادة اللغة الفرنسية بالسلك الثانوي التأهيلي الصادر في نونبر 2007، نجد في المقدمة الحديث عن الالتزام بمدخل التربية على القيم من خلال الفقرة التالية:
“A l’instar des autres disciplines, le français contribue au développement” valeurs nationales et universelles, telles qu’elles sont énoncées dans les textes de référence officiels. Les propositions pédagogiques retenues prennent en compte cette exigence. Il revient à l’enseignant de mettre en évidence les valeurs véhiculées dans les œuvres étudiées”[8].
نستخلص من مضمون هذه الفقرة التزام المنهاج الجديد للغة الفرنسية بتنمية القيم الوطنية والكونية، كما نسجل الإحجام عن ذكر مصطلح قيم العقيدة الإسلامية المسطرة في المرجعيات الرسمية والتوجيهات البيداغوجية، وهو ما يعتبر تحايلا وهروبا من المسؤولية التربوية، وتمنح للأستاذ مهمة تمرير هذه القيم بشكل ضمني للمتعلمين عند دراسة المؤلفات الأدبية الفرنسية. وهو معطى غير منطقي لأن تلك المؤلفات تدرس بثقافة ومرجعية مؤلفيها.
لقد رسمت هذه الوثيقة الطريق لإكساب المتعلم المغربي ثقافة فرنسية خالصة تضمن إعداده إما للاندماج في الحياة العملية أو ولوج سلك التعليم العالي. وفي هذا الصدد أشارت الوثيقة إلى أن: “وضع مقررات جديدة للغة الفرنسية يندرج في إطار ديناميكية تغير وتجديد مختلف مكونات المنظومة التربوية ويتوخى الإعداد لتأسيس تعليم نوعي يستجيب لتوصيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وفي إطار الديناميكية الناتجة عن هذا التغيير تم اتخاذ عدة تدابير تهدف إلى تحسين جودة تعليم وتعلم اللغة الفرنسية سواء في السلك الابتدائي أو الثانوي وبكيفية تضمن إعدادا جيدا للتلاميذ إما الاندماج في الحياة العملية أو ولوج السلك العالي”[9].
وما يمكن أن نستشفه من خلال هذه الوثيقة الخاصة بالتوجيهات العامة لتدريس اللغة الفرنسية أن الوزارة ربطت تحقيق جودة التعليم باكتساب الثقافة الفرنسية تدريجيا، من مرحلة التدريب والتحسيس إلى مرحلة عن طريق دراسة مؤلفات أدبية فرنسية تنتمي لحقب زمنية مختلفة وتجسد تيارات فلسفية وفكرية ساهمت في بلورة الثقافة الفرنسية وإغناء رصيدها، وصولا إلى إغماس immersion المتعلم المغربي في الآداب والثقافة الفرنسية والفرونكفونية وإكسابه تقنيات التحليل الأدبي، وتقوية الاستقلالية وذلك من أجل معرفة جيدة للغة المستهدفة باعتبارها جسرا لولوج ميدان الشغل، وبداهة لن يتم ذلك إلا على حساب المواد الدراسية الحاملة للهوية الوطنية[10].
بعد هذا الفرش النظري لواقع تدريس اللغة الفرنسية في برامج التعليم الخصوصي والعمومي، سنلج إلى المختبر التطبيقي للتأكد بالملموس من صدق الفرضيات التي وضعناها في مستهل هذا البحث، من خلال دراسة قيمية لعينات من مقررات اللغة الفرنسية بالتعليم الخصوصي الابتدائي والتعليم العمومي بالثانوي التأهيلي.
ثانيا: الشق التطبيــــــــقي
- بطاقة تقنية مفصلة عن نماذج من الكتب المدرسية التكميلية بالتعليم المدرسي الخصوصي:
1. الحمولة الثقافية والدينية في كتاب: Français 6/ Hatier
هذا الكتاب يجسد الذات الإلهية، ويظهر سيدنا آدم وحواء عاريان وسط “حديقة” ويقدم معلومات مغلوطة عن قصة النزول إلى الأرض من وجهة نظر التوراة، ومن ذلك أن الأفعى هي التي أغوت أمنا حواء بالأكل من الشجرة وقالت لها أنك ستصبحين مثل الله إن أكلت منها، بل الأكثر من ذلك يبرز في أكثر من صورة قصة التصليب وعقيدة المعمودية عند المسيحيين، ومن خلال هذا الكتاب دائما يتم عرض نصوص مقتطفة من “الكتاب المقدس” تقول بأن الله عز وجل خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع.
وهنا أستعرض بعضا من هذه الأدلة والشواهد:
2. الحمولة الثقافية والدينية في كتاب: Histoire-Geo 5
فيما يخص هذا الكتاب – ونماذج منه كثيرة- مقرر بمدارس البعثة الفرنسية وهو موجه بالأساس لأبناء الجالية الفرنسية بالمغرب، والحال أن السواد الأعظم ممن يدرس بهذه المدارس هم تلاميذ مغاربة. وبالتالي فهو الأكثر خطورة وتأثيرا على دينهم وقيمهم؛ لأنه يتعلق بمجال تخصصي هو التاريخ والجغرافيا، ويحتوي هذا الكتاب على فصل خاص عن العالم الإسلامي، حيث يصف الكعبة المشرفة على أنها ضريح، كما يحتوي على صورة مجسمة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع الملك جبريل، بالإضافة إلى مقتطفات من آيات قرآنية تركز على تعدد الزوجات مع إظهار الخط العربي بطريقة صعبة للقراءة، فضلا عن كل هذا تم التركيز على تاريخ مسيحيي الشرق، ربما لمحاولة التأثير في المتعلم وإيهامه أن من يتحدث العربية يدين بالديانة المسيحية. مع التعرض لتاريخ وأنواع التوراة في العهدين القديم والجديد. وهذه هي النصوص والصور الدالة على ما أسلفت:
ربما قد يلاحظ القارئ الكريم أن طبعات هذه المقررات التي اشتغلت عليها قديمة نوعا ما، لكن أريد أن أؤكد من خلال تتبعي للموضوع أن طبعاتها الجديدة ظلت وفية لنفس المحتوى الثقافي والقيمي. وسأعضد هذا الطرح بنموذجين اثنين اثارا ضجة كبرى سنة 2018 وسنة 2019م:
الأول من مقرر لمادة اللغة الفرنسية بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي Cahier de français 5 في إحدى مدارس التعليم الخصوصي في الرباط يتضمن نصا “يصور الله على أنه إله صغير، أخذ ورقة وألوانا وبدأ في خلق العالم“.
وقد تفاعلت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي مع ما تم تداوله على نطاق واسع عن هذا الكتاب المدرسي، الذي تستعين به بعض مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي على خلفية احتوائه لعبارات وصور تتناقض ومنظومة القيم التي تعتمدها المدرسة المغربية، فسارعت الوزارة الوصية إلى إصدار بلاغ[11] بتاريخ 17 شتنبر 2018م تؤكد من خلاله تبرؤها من المصادقة عليه،
من جهتها، أكاديمية الرباط سلا القنيطرة لم تتأخر هي الأخرى في إصدار بلاغ صحفي في حق الكتاب المذكور، يتضمن إجراءات زجرية متمثلة في سحب جميع نسخ الكتاب من المؤسسة، وسحب ترخيص المديرة التربوية للمؤسسة اعتبارا لمسؤوليتها المباشرة في الموضوع، وكذا توجيه إنذار للمؤسسة تحت طائلة اتخاذ قرار الإغلاق في حالة العود.
أما فيما يتعلق بالكتاب الثاني: “je lis avec MONA ” فقد مس بالوحدة الترابية للمملكة من خلال بتره للصحراء المغربية من الخريطة، اضطرت معه الوزارة لسحب النسخ الموجودة في السوق. ونفت الوزارة نفيا قاطعا بواسطة بلاغ توضيحي[12] بتاريخ 26-10-2019م مصادقتها على كتاب للغة الفرنسية الحامل لاسم “أقرأ مع منى”، وهو من إصدار دار نشر فرنسية، مقررا دراسيا معتمدا ضمن لائحة الكتب المدرسية المقررة والمصادق عليها من طرف الوزارة. وأكدت أنها ستعمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل دعوة الجهة المسؤولة عن إصدار هذا الكتاب إلى سحبه.
للأمانة فقط، واستحضارا لروح الموضوعية في البحث، فقد ظهرت كتب أخرى مكيفة مع الواقع المغربي وثقافته وهي مطبوعة في فرنسا أو لبنان من خلال دور نشر معروفة، وحاولت هذه الكتب إلى حد مراعاة الخصوصيات القيمية للمجتمع المغربي، من جهة أخرى نسجل ونثمن مبادرات قيمة من لدن بعض من فرق التأليف المغربية الخاصة، في إنتاج مقررات تضاهي من حيث القيمة العلمية والمنهجية والفنية نظيراتها المستوردة، وتقترحها على بعض المؤسسات الخاصة لجعلها كتبا مدرسية تكميلية موازية للمقررات العمومية.
عينات البحث في المؤلفات الأدبية للغة الفرنسية بالثانوي التأهيلي:
3. الحمولة الثقافية والدينية في مؤلف: La Boite à Merveille
4عدد الصفحات | سنة التأليف | سنة الإصدار | دار النشر ومكانه | نوع الجنس الأدبي | اسم المؤلف | اسم الكتاب |
256 | 1954 | 2006 | librairie des Ecoles Casablanca | سيرة ذاتية | Ahmed Sefrioui | La Boite à Merveille |
لم يأت اختياري للاشتغال على هذه الرواية بمحض الصدفة أو من باب تنويع عينات البحث، بل قصدت من اختيارها التحقق من درجة احترام الأدب المغربي أو المغاربي بصفة عامة، المكتوب باللغة الفرنسية للخصوصيات القيمية المغربية.
قد يكون هدف الكاتب من هذا العمل الأدبي نقل تفاصيل سيرته الذاتية التي تعكس صورة مصغرة لحياة المجتمع المغربي أنذاك من خلال “عجائب وغرائب صندوقه” إلى القارئ الفرنسي، من خلاله إعطائه صورة فولكلورية ممتعة وأحيانا كاريكاتورية. بيد أن ما يهمنا في هذه الدراسة هو معالجة وتحليل القضايا التي لها علاقة مباشرة بالكتاب بصفته مقررا دراسيا في مرحلة عمرية جد حساسة تؤثر مضامينه بشكل مباشر أو غير مباشر على شخصية المتعلم المغربي المراهق.
وبناء على ما تقدم، يمكن أن نقسم شواهد ونصوص هذه الرواية حسب التيمات التي تعالجها والتي تهمنا في هذا البحث إلى تيمة المرأة المغربية المسلمة، وتيمة الجنس وتيمة الدين.
- تيمة المرأة المغربية المسلمة
تم تصوير واقع المرأة المغربية بكثير من الامتهان والمبالغة: فهي قليلة الصلاة كثيرة الكلام والنميمة والإشاعات، وشديدة الخصام ومشعوذة تدعي الغيب تقصد العرافات والأولياء والأضرحة طلبا لإنجاب الأولاد، أو من أجل شفاء الأطفال من عدم الانصياع والطاعة.
الصورة السلبية للمرأة المغربية المسلمة:
النص الأصلي
| ..” habitait une voyante de grande réputation. Des quartiers les plus éloignés, des femmes de toutes les conditions venaient la consulter. Elle était voyante et quelque peu sorcière. Adepte de la confrérie des Gnaouas (gens de Guinée) elle s’offrait, une fois par mois, une séance de musique et de danses nègres. Des nuages de benjoin emplissaient la maison”. (P :10) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | تسكن في حينا “شوافة” ذائعة الصيت، تأتي إليها النساء من كل صوب وحدب لتنظر في مستقبلهن وتقرأ لهن الطالع ويرافق ذلك أغاني كناوة ورقصات العبيد وأنواع البخور تجتاح منزلنا. |
النص الأصلي | ” Mariés depuis trois ans ils désiraient vivement avoir un enfant. La pauvre Khadija a consulté les guérisseurs, les fqihs, les sorciers et les chouafas sans résultat. Il y a un an, ils sont allés en pèlerinage à Sidi Ali Bou Serghine. Khadija se baigna dans la source, promit au saint de sacrifier un agneau si Dieu exauçait son voeu. Elle a eu son bébé” (P :109) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | بعد ثلاث سنوات من الزواج خديجة وزوجها يريدان إنجاب الأطفال. خديجة الزوجة ذهبت عند الفقهاء والساحرات بدون جدوى. لكن منذ سنة “حجت” إلى الولي سيدي علي بوغالب، واستحمت في مياهه وندرت ذبح خروف إن استجاب الله لأمنيتها فرزقت بمولود. |
- تيمة الدين
نجد الصورة القاتمة التي انطبعت في ذهن الطفل -بطل الرواية- عند حديث أبيه عن الجنة بمفاهيم صعبة على الاستيعاب مما جعله يعيش قلقا نفسيا مادام الوصول إليها يتطلب الموت أولا.
الفقيه في هذه الرواية كان محط سخرية واستهزاء، واعتباره شخصا لا تعرف الرحمة طريقا إلى قلبه كما تدل على ذلك سحنته وملامحه، ويتحول إلى إنسان انتهازي كلما اقتربت المناسبات الدينية طمعا في الهدايا. كما يصوره الكاتب يغط في نوم عميق يجعل الأطفال يرددون قراءة الصور القرآنية في شكل ببغائي. كما يصوره كمشعوذ يكتب الطلاسيم لحل مشاكل النسوة اللائي يقصدنه طمعا في “بركته”.
النص الأصلي | ” Le Fqih, un grand maigre à barbe noire, dont les yeux lançaient constamment des flammes de colère qui n’étaient perméables à aucune pitié”.)p :39) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | الفقيه رجل ضعيف البنية، له لحية سوداء، وعينان تنبعث منهما باستمرار شرارة الغضب. ولا تعرف الشفقة طريقا إلى قلبه. |
- تيمة الجنس:
تحضر بشكل أقل من الروايات التي كتبها أدباء فرنسيون ونلاحظ هذه التيمة عند وصف ما يجري بين النساء في الحمام التقليدي واصفا أجسادهن بشكل دقيق بما يخدش الحياء والعفة.
الحمولة الثقافية والدينية في مؤلف Candide
عدد الصفحات | سنة التأليف | سنة الإصدار | دار النشر ومكانه | نوع الجنس الأدبي | اسم المؤلف | اسم الكتاب |
144 | 1759 | 2007 | دار الحرف القنيطرة | رواية فلسفية | Voltaire | Candide |
وقفت عند قراءتي لهذه الرواية على عدد من النصوص والمواضيع التي تمس قيمنا وعقيدتنا الإسلامية التي سأعرضها أدناه، كما تعرضت للرسول الكريم بطريقة تهكمية.
فقد تناولت هاته الرواية أيضا تيمة الجنس بشكل مثير يخدش حياء المتعلم المسلم، كما عرضت أدعية دينية غربية، فضلا عن الحديث عن وطننا المغرب بكثير من الازدراء والتحقير واصفا أهله بالهمجية والبربرية مقارنة بالأوربيين المتسمين بالهدوء والتسامح، كما تم التشكيك في وجود الله وقدرته، والتهكم الواضح على الإمام وأماكن العبادة كالمسجد. وهنا أتساءل عن إدراج هذا المؤلف كمقرر دراسي يدرس لأبناء المغاربة المسلمين في ظل وجود خيارات متاحة أكثر انضباطا لهويتنا الحضارية.
في هذه النصوص الأصلية أدناه، سأعمل على استنطاقها لتكون شاهدة ومعبرة عن مخالفة منظومة القيم التي تعتمدها المدرسة المغربية من خلال هذه المقررات:
النص الأصلي | ” Maroc nageait dans le sang quand nous arrivâmes Cinquante fils de l’empereur Muley-Ismaël avaient chacun leur parti: Il semble que vos Européens aient du lait dans les veines; c’est du vitriol, c’est du feu, qui coule dans celles des habitants du mont Atlas et des pays voisins“(P :44) . |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | كان المغرب غارقا في الدماء حين وصلنا وكان خمسون فتى من فتيان الإمبراطور المولى إسماعيل قد تقاسموا المناطق. يبدو أن الأوربيين يسري الحليب فعروقهم في حين أن حامض الكبريت والنار هي التي تسري في عروق سكان جبال الأطلس والبلدان المجاورة. |
النص الأصلي | ” Un Maure saisit ma mère par le bras droit, le lieutenant de mon capitaine la retint par le bras gauche ; un soldat maure la prit par une jambe. Enfin, je vis toutes nos Italiennes et ma mère déchirées, coupées, massacrées par les monstres qui se les disputaient. Des scènes pareilles se passaient, comme on sait, sans qu’on manquât aux cinq prières par jour ordonnées par Mohamet“. (P :54) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | ثم أمسك مغربي بوالدتي من ذراعها الأيمن وأمسك بها آخر من ذراعها الأيسر وجندي مغربي من رجلها. بعدها رأيت كل فتياتنا الإيطاليات ووالدتي ممزقات ومقطعات ومذبوحات على يد الوحوش الذين كانوا يتنازعون عليهن كانت تحدث مشاهد مماثلة دون التخلي عن الصلوات الخمس التي أمر بها محمد. |
النص الأصلي
| ” Nous avions un imam très pieux et très compatissant, qui leur fit un beau sermon par lequel il leur persuada de ne nous pas tuer tout à fait. Coupez, dit-il, seulement une fesse à chacune de ces dames, vous ferez très bonne chère ; s’il faut y revenir, vous en aurez encore autant dans quelques jours ; le Ciel vous saura gré d’une action si charitable, et vous serez secourus“. (P :29) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | كان لدينا إمام تقي جدا ورحيم جدا ألقى عليهم موعظة أقنعهم بها أن لا يقتلونا كليا قال لهم: اقطعوا ردفا واحدا من كل امرأة وستشبعون، وإن جعتم مجددا سيكون لديكم مزيدا من الطعام للأيام المقبلة وستكون السماء في غاية الامتنان لكم على هذا العمل الرؤوف وستنجون. |
النص الأصلي | “Un jour il me prit fantaisie d’aller dans une mosquée ; il n’y avait qu’un vieux imam et une jeune dévote très jolie qui disait ses patenôtres ; sa gorge était toute découverte ; elle avait entre ses deux tétons un beau bouquet de tulipes, de roses, d’anémones, de renoncules, d’hyacinthes et d’oreilles d’ours; elle laissa tomber son bouquet ; je le ramassai, et je le lui remis avec un empressement très respectueux. Je fus si longtemps à le lui remettre que l’iman se mit en colère, et, voyant que j’étais chrétien, il cria à l’aide. On me mena chez le cadi, qui me fit donner cent coups de latte sur la plante des pieds et m’envoya aux galères” (p :87) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | وذات يوم رغبت في دخول المسجد، ولم يكن هناك إلا إمام عجوز وناسكة شابة جميلة جدا تتلو صلواتها وكانت رقبتها مكشوفة، كانت تحمل بين نهديها باقة جميلة من الخزامى والورد فوقعت الباقة من يديها فالتقطتها وأعدتها لكن أخذت بعض الوقت قبل إعادة الباقة إلى الشابة مما أغضب الإمام وعندما لاحظ أنني مسيحي صرخ طالبا النجدة فاقتادوني إلى القاضي الذي أمر بضربي مئة مرة على باطن القدمين وأمر بإرسالي إلى السجن. |
- العبارات الجنسية وخدش حياء المتعلم:
النص الأصلي | ” Le lendemain, après le dîner, comme on sortait de table, Cunégonde et Candide se trouvèrent derrière un paravent; Cunégonde laissa tomber son mouchoir, Candide le ramassa; elle lui prit innocemment la main, le jeune homme baisa innocemment la main de la jeune demoiselle avec une vivacité, une sensibilité, une grâce toute particulière; leurs bouches se rencontrèrent, leurs yeux s’enflammèrent, leurs genoux tremblèrent, leurs m mains s’égarèrent ” (P:36 ( |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | وفي اليوم التالي وبعد تناول العشاء وجد “كانديد” و”كونيغوند” نفسيهما وراء ستارة تفصل بين الغرف فأسقطت “كونيغوند” محرمتها فالتقطها “كونديد” حينها أمسكت بيده ببراءة وقبل الشاب يدها ببراءة وحيوية ورقة ولطافة كبيرة فالتقت شفتاهما وتأججت نيران الحب في عينيهما وارتجفت ركبتاهما وضاعت يداهما. |
- عرض أدعية دينية غربية:
النص الأصلي | “Mangez, buvez, dormez, lui dit-elle, et que Notre-Dame d’Atocha, monseigneur saint Antoine de Padoue et monseigneur saint Jacques de Compostelle prennent soin de vous.” (P :78) |
ترجمة معانيه أو مضمونه الإجمالي | “كل واشرب ونم ولتحرسك سيدة أتوشا وسيدنا القديس مار أنطونيوس وسيدنا القديس جاك دي كونبوستيل”. |
4. المصطلحات الدينية في المؤلفات الأدبية الفرنسية:
إن ما استوقفني وأثار اهتمامي أكثر من خلال تحليل هذه المؤلفات هو العدد الكبير من المصطلحات الدينية المسيحية واليهودية واللادينية التي روجها المؤلفون في رواياتهم مما دفعني إلى جردها، حيث حصلت على مئتان وثلاثة مصطلحا ومفهوما دينيا. وهذا يؤشر على حمولة ثقافية ودينية غربية خطيرة يتلقاها المتعلم المراهق المغربي في فترة تشكل الأفكار والمفاهيم تزعزع ما تلقاه من مبادى إسلامية في طفولته.
ويمكن تفسير معطيات الرسم المبياني، كون أغلب المؤلفات المقررة أصحابها يعتنقون الديانة المسيحية، فطبيعي جدا أن نجد بين طيات كتبهم وبين ثنايا أفكارهم وتصوراتهم حمولتهم الثقافية والدينية تمرر سواء بشكل صريح أو ضمني.
في حين نفسر ضعف حضور المفاهيم الدينية الإسلامية، ورغم وجود مؤلفات مقررة كتبها أدباء مغاربة بالفرنسية إلا أنهم يكتبون بالثقافة الفرنسية، بدل استعمال اللغة كأداة للتعبير عن الثقافة الإسلامية، وحتى إن عثرنا على بعض المفاهيم الدينية الإسلامية فهي تروم التهكم على رجال الدين والاستخفاف بالقيم الإسلامية.
خاتمة:
قادتنا هذه الدراسة المتواضعة إلى مجموعة من الخلاصات والمقترحات مرتبطة أساسا بالتحقق من فرضيات الدراسة، يمكن أن نجمل أبرزها في ما يلي:
- الخلاصات والاستنتاجات:
- إن اكتساب اللغات بمعزل عن حمولاتها الثقافية أمر غير ممكن إطلاقا، بل ينتج عنه في أحيان كثيرة استيلاب ثقافي واستتباع فكري خصوصا في اللغات الأجنبية.
- توجد تناقضات وتعارضات واضحة بين المناهج والبرامج التعليمية المتعلقة بتدريس اللغات الأجنبية، وبين مقتضيات الوثائق الرسمية للمنظومة التربوية على مستوى منظومة القيم، وهو ما تسنى لنا التأكد منه عند تحليل محتوى المقررات الدراسية للغة الفرنسية، إذ يلاحظ مخالفة التوجيهات التربوية الرسمية على صعيد احترام مبادئ العقيدة الإسلامية والخصوصيات الحضارية والثقافية للمتعلم المغربي.
- يتضمن محتوى الكتب المدرسية والمؤلفات الأدبية للغات الأجنبية حمولة ثقافية ذات مرجعيات فكرية غربية تؤثر سلبا في الخصوصية القيمية والدينية للمتعلم المغربي.
- المقترحات:
انطلاقا مما توصلت إليه في هذه الدراسة من خلاصات ونتائج، فإنني أتقدم بمقترحات وهي كالآني:
- الدعوة إلى تعميق البحث في جوانب أخرى في هذا الموضوع في دراسة مستقبلية تروم دراسة تحليلية للحمولة الثقافية للمناهج التعليمية في اللغات للبعثات الأجنبية في المغرب، أو دراسة صورة الإسلام في المناهج الغربية المعاصرة.
- تفعيل الترسانة القانونية والتشريعات التربوية في المراقبة الصارمة لمصادر المناهج والمقررات الدراسية في اللغات الأجنبية.
- دعوة المشرفين على المناهج والبرامج التعليمية الحرص على حسن انتقاء مقررات دراسية مغربية في اللغات الأجنبية تستجيب فعلا لخصوصياتنا الثقافية والحضارية وتحترم مقومات الدين الإسلامي.
- الدعوة إلى بذل مجهودات كبرى لتكييف محتويات اللغات الأجنبية المدرسة مع متطلبات النظام التعليمي لجعلها مواد حاملة للقيم الإنسانية النبيلة العامة والقيم الإسلامية التي تأخذ طابع الإنسانية وعالمية رسالة الإسلام.
لائحة المصادر والمراجع:
- القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي.
- وزارة التربية الوطنية. (2007). التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة لتدريس مادة اللغة الفرنسية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي.
- وزارة التربية الوطنية. (2007). التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة لتدريس مادة اللغة الإسبانية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي.
- 4. وزارة التربية الوطنية المذكرة الوزارية، المذكرة رقم 100 الصادرة بتاريخ 10 شتنبر 2002 حول تطبيق منهاج جديد للغة الفرنسية في الثانوي التأهيلي.
- المذكرة الوزارية رقم 100 الصادرة بتاريخ 10 شتنبر 2002.
- المذكرة الوزارية رقم 57 بتاريخ 9 أبريل .2007.
- المراجع بالفرنسية:
- Ahmed, Sefrioui. (2006). La Boite à Merveille. CASABLANCA: La librairie des Ecoles.
- Curriculum_ sec_ français, Men, Novembre 2007.
- M. Ivernel, P. Cottet. ( 2012). Histoire Geographie 5. Paris: Hatier.
- P.Laporte, H. Potelet, P. Jeunon. ( 2011). Français 6. Paris: Hatier.
- Voltaire. (2007). Candide. Kénitra: Dar Al Harf.
- المواقع الإلكترونية:
- محمد احساين. (20 2، 2014). التعليم الخصوصي بين الكتب المستوردة وإشكالية الخصوصية القيمية. تم الاسترداد من موقع: http://howiyapress.com
- نور الدين الملاخ. (15 1، 2007). تطبيق منهاج جديد للغة الفرنسية في الثانوي التأهيلي. تم الاسترداد من موقع: http://www.aljamaa.net
- بلاغ لوزارة التربية الوطنية. (17 9، 2018) بخصوص كتاب مدرسي يمس الذات الإلهية. تم الاسترداد من موقع: https://www.men.gov.ma
[1] عضو المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية بالرباط، أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، باحث في سلك الدكتوراة.
[2] تراجع التفاصيل التقنية عن عينة الدراسة في الجانب المتعلق بالشق التطبيقي.
[3] المادة 8 من القانون المنظم للتعليم الخصوصي بالمغرب قانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي.
[4] يعود السبق في مطارحة جانب من موضوع دراستنا وإثارة فضولنا المعرفي لسبر أغواره بمنهجية علمية إلى ذ. محمد احساين. يراجع حواره مع الصحفي ابراهيم بيدون بعنوان التعليم الخصوصي بين الكتب المستوردة وإشكالية الخصوصية القيمية، موقع http://howiyapress.com ، تاريخ الإضافة: 20/02/2014، آخر تصفح: 17/11/2019م.
[5] ينظر التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة لتدريس مادة اللغة الإسبانية بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، نونبر 2007. نشير إلى أن هذه التوجيهات مشتركة بين جميع مواد اللغات الأجنبية، وقد اخترنا الاعتماد على هذا المرجع لأنه مترجم ترجمة جيدة إلى اللغة العربية.
مقتطف من المذكرة الوزارية رقم 100 الصادرة بتاريخ 10 شتنبر 2002.[7]
Curriculum_ sec_ français, Men, Novembre 2007. [8]
نفس المرجع السابق مترجم إلى العربية. [9]
[10] نور الدين الملاخ، تطبيق منهاج جديد للغة الفرنسية في الثانوي التأهيلي، https://www.aljamaa.net، تاريخ الإضافة:15-2-2003م آخر تصفح: 03-07-2019م. بتصرف.
[11] راجع الموقع الرسمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي ضمن قائمة البلاغات الصادرة عنها بتاريخ 17 شتنبر 2018م، آخر تصفح: 17-11-2019م.
[12] نفس المرجع السابق، آخر تصفح: 27-10-2019م. ينظر ايضا البلاغ التوضيحي بتاريخ 26-10-2019م بالصفحة الرسمية للوزارة على الفايس بوك.