تقرير مفصل عن ندوة مدونة الأسرة وأفق التعديل
تقرير مفصل عن ندوة مدونة الأسرة وأفق التعديل/ محمد جعدان
تقرير مفصل عن ندوة مدونة الأسرة وأفق التعديل
محمد جعدان
أستاذ متدرب لمادة التربية الاسلامية
نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية بشراكة مع محكمة الاستئناف بوجدة يوم 24 فبراير 2023 ندوة وطنية في موضوع “مدونة الأسرة وأفق التعديل” بمشاركة ثلة من المفكرين والأساتذة الباحثين والخبراء من رجال الفقه والقانون والقضاء على رأسهم الدكتور مصطفى بنحمزة.
وقد ترأس هذه الندوة العلمية المتميزة الأستاذ عدي وردا، نائب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بوجدة، وبعد ترحيب بالحضور، أكد على أهمية هذه الندوة نظرا لأنها تتدارس موضوع مدونة الأسرة وأفق التعديل، وقد أشار في مقدمته إلى الخطاب الملكي لعيد العرش لسنة 2022 الذي دعا إلى إعادة النظر في بعض بنود مدونة الأسرة والتي نتج عن تطبيقها إشكالات تمس بجوهر المدونة، كما أنه أكد أن أي تعديل أو إضافة في مدونة الأسرة يجب أن لا يمس الثوابت الإسلامية من القرآن الكريم والسنة النبوية والمذهب المالكي.
ثم افتتحت جلسة أشغال هذه الندوة بمداخلة عامة للدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، وعضو المجلس العلمي الأعلى، استعرض فيها جملة من المفاهيم المتعلقة بموضوع المدونة والمساواة، وأشار الدكتور إلى ضرورة تحديد المقصد الأساسي من تعديل المدونة، هل هو تحديث بمعنى فصل الأحكام الشرعية عن المدونة أم أنه تحديث بمعنى التجديد؟ فإذا كان المقصود بالمدونة الحداثية هو التجديد فالإسلام أول من يطلب التجديد ويتبناه.
ثم تطرق بعد ذلك الدكتور إلى مفهوم المساواة في الإسلام وأكد أنها من مقاصد الشريعة الأساسية، وعلماء المسلمين يطبقون المساواة في اجتهاداتهم بطريقة ذكية، أما المساواة التي يدعو إليها البعض اليوم ليست مساواة حقيقية وإنما هي متوهمة وليس في مصلحة المجتمع، وأكد أيضا أن أي تعديل يجب أن ينظر فيه إلى الشرع ومصلحة الأسرة.
أما الدكتور الحسين بلحساني، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، فقد خصص مداخلته لموضوع أثر التجاذب بين أحكام الفقه الإسلامي والاتفاقات الدولية على التعديلات المرتقبة في مدونة الأسرة ” زواج المسلمة بغير المسلم نموذجا”، وأشار إلى أنه لا يوجد إجماع في حكم منع زواج المسلمة بغير المسلم وذلك لعدم وجود أي نص قطعي من حيث دلالته وثبوته.
من جانبه اقترح الدكتور إدريس الفاخوري، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، في مداخلته مجموعة من الاقتراحات المتعلقة ببعض مواد المدونة أهمها اقتراحه تحديد السن الأدنى للزواج في 16 سنة، كما اعتبر أن ما تقوم به الزوجة من عمل داخل البيت، هو منتج وتستحق عنه التعويض، أما أعمال النظافة وتربية الأبناء فهذا لا يستحق عليه التعويض.
وفي مداخلة الأستاذ رشيد العماري، رئيس المحكمة الابتدائية ببركان، والتي خصصها للحديث عن مجموعة من الإكراهات والصعوبات التي تواجه القضاة في تنزيل المدونة، ولعل أهمها قلة القضاة المتخصصين في مدونة الأسرة، كما اعتبر أن المدونة خليط بين الشريعة الإسلامية والقانون والواقع، فلا تعديل بدون احترام الشريعة الإسلامية.
أما الدكتور عبد الهادي طالبي، رئيس المحكمة الابتدائية ببوعرفة، فقد جاءت مداخلته تحت عنوان: “دور قاضي المستعجلات في حماية المصلحة الفضلى للطفل بين الواقع والمأمول”، استعرض فيها مجموعة من التطبيقات العملية في مدونة الأسرة وطرح مجموعة من الإشكالات التي تواجه تنزيل المدونة على رأسها اللبس الذي يوجد لدى بعض المؤسسات في فهم مجموعة من نصوص المدونة، أهمها شهادة الولاية الشرعية للأم على الأبناء بعد وفاة والدهم، وأكد أن القانون اعتبرها هي الولي الشرعي بنص صريح لذلك تساءل لماذا تطالبها هذه المؤسسات بهذه الشهادة.
أما المداخلة الأخيرة للدكتور توفيق فاطمي، مستشار بمحكمة الاستئناف بوجدة، جاءت تحت عنوان: “إثبات النسب ونفيه في ضوء العمل القضائي”، توقف فيها على عدة قرارات وأحكام قضائية متعلقة بموضوع إثبات النسب وتفسيرها قانونيا، واقترح في الأخير مجموعة من الاقتراحات لتعديلات ممكنة في مدونة الأسرة.