اعتناء بني مرين بأوقاف المدارس المرينية| المؤسسات التعليمية
الدكتور عبد اللطيف بن رحو
اعتناء بني مرين بأوقاف المدارس المرينية| المؤسسات التعليمية
بقلم: د. عبد اللطيف بن رحو
يمكنكم تحميل كتاب العمل الاجتماعي في عهد الدولة المرينية (1244 – 1465م) من الرابط التالي
المبحث الثاني: أوقاف المدارس المرينية
كان للمدارس دور كبير في تنمية الحركة العلمية في العهد المريني، فهم (المرينيون) شجعوا النهضة العلمية والفكرية وأوفقوا الأوقاف لها لضمان استمرارها.
والمدارس كانت تعتمد في تمويلها على الأحباس بالدرجة الأولى، ثم على الإعانات التي تأتي من المحسنين التجار، والعلماء وميسوري الحال ومن السلطان والأمراء.
ومن خلال تصفح المصادر المتاحة يتضح أن المدرسة في العهد المريني كانت مركز إشعاع في الحقل الفكري والثقافي، وكانت تزود من طرف السلطة القائمة بالبلاد بأموال كثيرة متعددة المصادر، سواء من الأموال المتحل عليها من جباية الزكوات والأعشار، أو من أخماس غنائم الحروب، أو من أموال الأوقاف.
يقول العلامة محمد المنوني في هذا الباب: «أوقاف المدارس والمستشفيات، وكانت لها مداخيل وافرة، إلى أن فوت أكثر أملاكها أبو سعيد الثاني ليسدد بثمنها نفقات حروبه، فقلت مداخيل هذه المؤسسات.»
والثابت تاريخيا أن القرن السابع والثامن شَهِدَا على عهد المرينيين حركة كبيرة في تأسيس المدارس وتحبيسها على طلبة العلم بما رصد لها من موارد وأجرى عليهم من رتبات.
غير أن بعض الكتابات التاريخية رأت في التحبيس وجها آخر، لأنه حسب رأيها يوجه المدارس حسب رغبات المحبسين وشروطهم، مما جعل التدريس يفقد تدريجيا حريته وديناميكيته السابقة، كما اتجه مضمونه نحو العلوم النقلية، بينما أقصيت بعض العلوم العقلية كالفلسفة مثلا، فكان الطالب الفقير الذي يلجأ إلى المدارس، لا يجد من العلوم إلا ما حبس عليه بهذه المدارس، وتقلص مجال الاختيار أمامه.
وقد حبست أوقاف على تشجيع بعض العلوم، ففي نشر المثاني أن من أحباس جامع الأندلس قراءة التفسير وقراءة صحيح مسلم وكراسي العلم في التفسير وابن الحاجب وصغرى السنوسي والرسالة ونظم ابن زكري لها أحباس خاصة، وفي نيل الابتهاج أن من أحباس فــــــــاس وقف على استيفاء ابن حجر على الصحيح.
المطلب الأول: أوقاف مدرسة الحلفاويين
احتفظت الحوالات الوقفية القديمة بلائحة تحتوي على 25 بقعة في البلابغيين وفي البراطليين. وقد ورد في حوالة المدارس القديمة بفاس أن عدد أوقاف مدرسة الحلفاويين 30 ما بين حوانيت ورحى وبقعة جنان.
المطلب الثاني: أوقاف مدرسة الصهريج والسبعيين
وقف على هاتين المدرستين 45 حانوتا وعُشْر فندق ابن خنوسة ونِصْف حمام درب اللميفي، والرحى العليا من زنقة الرطل، وأرحى الزليج السفلى وثُلُث رحيات ونِصْف رحى، كما وقفت عدة أجزية منها بقعة جنان عقيرية وبقعة ثُلُث جبيل عقيرية، وبقعة جنان حضارة المختلطة، وبقعة أجنان ابن الشراط.
وثمن ونصف من أجنان سيدي أبي جيدة، وبقعة النصف من جنان، وبقعة عرصة، وبقعة أرحى، وبقعة أجنان ابن علي لِبَا بلخير، وبقعة عرصة، وبقعة عريصة، ونصف بقعة أرحى الكغادين، وبقعة حمام، وبقعة بدار محمد بوطيب، وبقعة أرحى الزليج ونصف غرز بأرحى، تستفيد منه حوالي سبعة دور.
المطلب الثالث: أوقاف مدرسة العطارين
ذكرت أوقاف مدرسة العطارين فوصلت إلى 51 وقف ما بين حوانيت وواجب رحى، أو فيض ماء.
المطلب الرابع: أوقاف المدرسة المصباحية
وقف على سير هذه المدرسة 22 حانوتا مع أجزائها و15 من الأراضي والزيتون و39 من الأجنة والعرصات، و25 من البقع الأرضـــية و11 من البقع في الوطـــــــا الكــبير و14 من أرض الوطــــــــا الصـــغير و9 من الأجزية.
تذكر الحوالات الإسماعيلية من أوقافها 19 عقارا و14 غابة من الزيتون و39 بقعة فيها الجنات وخزائن الدبغ و50 أروى وعددا من الحوانيت بحيث تعد المدرسة المصباحية أغنى مدرسة من حيث الموقوفات.
فإن كانت المدرسة تعد من أغنى المدارس من حيث الموقوفات، فهذا يدل على اهتمام الواقفين بالنشاط الثقافي، وتشجيع كل من ينتمي إلى الثقافة، طلبة وعلماء.
المطلب الخامس: أوقاف المدرسة البوعنانية أو المتوكلية
ذكرت حوالة المدارس القديمة بفاس أوقاف هذه المدرسة فنصت أن لها 46 حانوتا، ودارا بزنقة الفرن، وأرحى المزداع، وأرحى بطريانة، وحماما بشطارة، وربع كافة حمام السلطان، وحانوتا عن يسار الخارج منه، ومصرية، ونصف حانوت، وثلث حانوت، وأن 24 حانوت مما سبق ذكرنا متقابلة و11 حانوتا منها توجد في اللزازين.
المطلب السادس: أوقاف مدرسة الوادي
أوقاف هذه المدرسة 41 حانوتا وأربعة أنصاف حوانيت، وخمس أثمان حانوت وأرضون وزيتون.
المطلب السابع: أوقاف مدرسة الشهود أو القاضي بمكناسة
كانت هذه المدرسة محدقة المشاجر من كل جهة، كل مشجر بمزارعه وغراساته ومراعيه، وكان زيتونها الذي تنسب إليه متصلا بها وبحارتها من كل جهة، وكانت له غلة عظيمة لا يأتي عليها الحصر.
المطلب الثامن: أوقاف المدرسة العظمى بطالعة سلا
ذكر صاحب كتاب الإِتْحَاف الوجيز قائمة الأملاك المحبسة على المدرسة المرينية بتاريخ الجمعة 19 جمادى الثاني عام 742ه فقال: «فمن ذلك بداخل سلا المحروسة ثلاثة فنادق وربع الفندق، وذلك ففندق السبطريين، وفندق بأبي العاص، وفندق المصْدَع، وربع فندق ابن أحمد، وطرازان وهما طراز القصري، وطراز الحاج يعقوب، وخربة بإزاء فندق السبطريين، وثمانية وعشرون حانوتا ونصف حانوت، منها عشرة بسوق السبطريين، ومنها أربعة بالرحبة، وسائرها بالفندق الكبير، ومخزن للملح. ومن ذلك بخارج سلا المقصر، والملاحتان القديمة والصغرى وثلث ملاحة الشريف، وثلث ملاحة الخباط، وثلث ملاحة التيابن (كذا) وبحيرة الإفرنج، وأربعة فدادين بولجة بني معدان ومربعة بإسمير.
المطلب التاسع: أوقاف مدرسة العباد بتلمسان
ذكرت أوقاف مدرسة العباد داخل مسجد سيدي بومدين وهي مكتوبة على لوح رخامي أبيض، عليه كتاب بالخط الأندلسي المغربي يشير إلى تأسيس الجامع والمدرسة ويذكر الأملاك المحبسة لكليهما بالتفصيل وهو كالتالي: «بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله عل سيدنا محمد وآله وسلم تسليما، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، أمر ببناء هذا الجامع المبارك مع المدرسة المتصلة بغربيه مولانا السلطان الأعدل أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين، أبو الحسن ابن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل الله أبي سعيد ابن مولانا أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين، أبي يوسف بن عبد الحق أيد الله أمره وخلد بالعمل الصالح ذكرهن وحبس المدرسة المذكورة على طلبة العلم الشريف وتدريسه، وحبس على الجامع المذكور والمدرسة المذكورة من الجانب العلي نفعهم الله بذلك جميع الجنات القصير وجميع الذي بالعباد الفوقي المشتري من ولدي عبد الواحد القصير، وجميع جنان العلوج المشتريمن علي بن المراني وجميع الجنان المعروف بابن حويته الكاين بزواغة المشتري من ورثة الحاج محمد بن حويته، وجميع الجنان الكبير والدار المتصلة من جهة غربيه المعروف ذلك باسم داود بن علي المشتري من ورثته وهو أسفل غربيه العباد السفلي، وجميع الرقعتين الموروثتين أيضا عنه، واشتريـــنا من ولـــده علي ونعـــزو إحداهمــا بابن ابي إسحـــاق والثانيــــة بابن الصـــلاة المغــروس منهــا وغــير المغروس منها وغير المغروس وجميع الجنان المعروف بجنان الباديسي الموروث أيضا عنه المشتري من يحيى بن داود المذكور وهو بأسفل العباد السفلي، وجميع الجنان المسمى بن فرعوش القريب من جنان الباديسي المذكور الموروثتين عنه أيضا واشترى من ولديه عبد الواحد وعيسى وجميع غروسا لأربعة أن الفوقي منها يعرف بابن مكية والثاني بمحمد بن سراج والثالث بفج المدلسي والرابع بابن الفدا قيصن، وهي التي ورثت أيضا عنه واشتريت من جميع ورثته، وجميع دراية التين بجوفي مسجد العباد السفلي المشترات أيضا منهم والنصبي الواحد من جنان الزهري مع جميع بيتي الأرض المبني بغربه وذلك بجهة الوريط وجميع بيتي الأرض المبنى بقلعة بنى معلى خارج باب كشوط المذكورة بجهة باب الحديد مع حانوتية متصلة به على يمين الخارج من باب القبلي، ودويرته المتصلة به من جهة جوفه ومعصرته المحملة على أسطوانة، والنصف الواحد الحمام القديم الظي بداخل مدينة المنصورة حرسها الله، وخزن عشرين زوجا من زيدور من قطر تلمسان المذكورة برسم إطعام الطعام بزاوية العباد عمَّرها الله للفقراء والحجاج المقيمين والواردين عليها وأثره عشرة أزواج بالموقع المذكور باسم ساكني المدرسة المذكورة بحساب خمسة عشر صاعا للطالب الواحد في كل شهر، وجميع جنان سعيد ابن الكماد المشترى من ورثته وهو الكائن فوق العباد العلوي وتحت ساقية النصراني وجميع جنان القايد مهدي المشترى من ورثته الكاين بزواغ المحروسة وجميع جنان ورثة التفريسي الكاين تحت الطريق المارين عليها للوريط المشترى من ورثته وجميع أرض جنان ورثته التفريسي المذكور الكاين غربي الزاوية المشتراة منهم وبقية الرجال المتصلة بالجامع المذكور الباقية من الجنان المريد بعضه في الجامع المشتري من ورثة محمد بن عبد الواحد ومن ورثة أبيه وأمه وعمتهم ميمونة.»
وخلاصة القول إن بني مرين نقشوا تلك الموقوفات على رخامات غرزوها في جدران تلك المدارس. ونعيد إلى الذاكرة تلك اللوائح الطويلة الموقوفة على المدارس المرينية بما فيها الفنادق والتربيعات والمصانع، والبيوت والأفران والأرحية في شتى الجهات، فإذا قمنا بتجريد كل ذلك، تصورنا ما كان عليه سجل الأوقاف في ذلك العهد.