منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

ديداكتيك علم التوحيد وإشكالية المضامين

ديداكتيك علم التوحيد وإشكالية المضامين/ د. عزيز أحمد اركيبي

0

ديداكتيك علم التوحيد وإشكالية المضامين

The didactics of monotheism science and the issue of contents

د. عزيز أحمد اركيبي

أستاذ مبرز بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الدار البيضاء

– المغرب- 

 

نشر هذا المقال في مجلة ذخائر العدد العاشر

ملخص:

إنَّ علم التوحيد من أشرف العلوم، وأجلها؛ لأنه العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وحقوقه على عباده، ولأنه مفتاح الطريق إلى الله تعالى، وأساس شرائعه. ولما كان هذا شأن هذا العلم، كان لابد من تيسير تعلمه للصغار قبل الكبار، ولما كانت مسائله تستدعي استيعابا قلبيا وروحيا ووجدانيا، كان لزاما من التدرج في عرض معارف هذا العلم الجليل، ومقاربة ذلك من خلال اختيار مضامينه بحسب سياقات تعلمه.

إن تعلم علم التوحيد وفهم أصول العقيدة و أركان الإيمان وتناول معطياته، يجب أن يخضع مصادر هذا العلم لتحليل ديداكتيكي عميق ودقيق، يختار المضامين المناسبة، والتي يمكن استثمارها بيداغوجيا في وضعيات حقيقية تمكن المتعلم من اكتسابها تدريجيا..

كما أن التدخلات التربوية للمدرس يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مراحل نمو التلميذ وتطور قدراته التعلمية عامة وقدراته العقلية على وجه الخصوص.

فالغاية من هذا البحث ليس فتح باب الجدال والخلافات الكلامية العقيمة، ولا ترديد ما سبق تأليفه في علم التوحيد والعقيدة – دون الاستغناء عنه – ولكن محاولة مساعدة المعلمين والمتعلمين في اكتساب هذا العلم في السياقات التربوية الحديثة. ولن يتأتى ذلك إلا بتحليل علمي وديداكتيكي لأصول هذا العلم الشريف، وانتقاء مضامينه بكل دقة وسداد..

لتحقيق هذه الأهداف لابد في البداية تحديد معاني المفاهيم المفاتيح والوقوف عن الفروق، بين مصطلحات علم التوحيد والعقيدة والإيمان، وغيرها من المصطلحات والمفاهيم التي تقارب معارف هذا العلم الجليل. ثم ننتقل بعد ذلك لتحديد مفهوم ديداكتيك علم التوحيد…

ويشكل كل ذلك الإطار النظري لهذا البحث التأصيلي، وتبقى محاولة تنزيل المضامين المناسبة لعلم التوحيد عبر وضعيات واقعية محفزة الإطار العملي والتطبيقي، والذي يمكن اعتباره التتويج المرتقب لهذا العمل والعلامة المميزة في حقل البحوث التربوية الإسلامية.

الكلمات المفتاحية: علم التوحيد – ديداكتيك – المضامين.

Abstract:

Monotheism science is one of the most honorable and glorified sciences because it is the science of and about Allah (God), His names, attributes and rights over His servants. Since it is a key path to Almighty God and the basis of His laws, it is necessary to facilitate its learning for young people and others. It requires in-depth study to choose its contents according to learning contexts as its issues require spiritual and emotional understanding. So, learning monotheism science and understanding the origins and the pillars of faith necessitate a precise didactic analysis and appropriate content selection which can be invested pedagogically in real situations that allow the learner to progressively acquire it. Teacher’s educational interventions, then, have to take into account student’s development stages such as learning abilities and particularly mental capacities. On these bases, this research aims to help teachers and learners to acquire this science in modern educational contexts which can only be done through scientific and didactic analysis of its origins and a careful selection of its contents.

Key words: Monotheism, Didactics, Contents, Science, Allah (God).

مقدمة:

إنَّ علم التوحيد من أشرف العلوم، وأجلها؛ لأنه العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وحقوقه على عباده، ولأنه مفتاح الطريق إلى الله تعالى، وأساس شرائعه. و «لأن شرف العلم وعظمته بحسب المعلوم، ولا معلوم أكبر من ذات الله تعالى وصفاته، الذي يبحث فيه هذا العلم[1] «.

ولما كان هذا شأن التوحيد؛ كان لزامًا على كل مسلم أن يعتني به تعلُّمًا، وتعليمًا، وتدبُّرًا، واعتقادًا؛ ليبني دينه على أساس سليم، واطمئنان، وتسليم، يسعدُ بثمراته، ونتائجه. وكان لابد من تيسير تعلمه للصغار قبل الكبار، ولما كانت مسائل علم التوحيد تستدعي استيعابا قلبيا وروحيا ووجدانيا، كان لزاما من التدرج في عرض معارف هذا العلم الجليل، ومقاربة ذلك من خلال اختيار مضامينه بحسب سياقات تعلمه

والتوحيد له قاعدة وأساس في قلب كل إنسان، والفطرة السليمة تظهره، وغبار الشك قد يلفه في وقت الغفلات، وهجوم الشبهات ومنافذ اللذات في كثير من ضعف الفترات.. وقد أقام الله الحجة على عباده في أصلاب آبائهم، وشهدوا على أنفسهم، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾. الأعراف 172

ومن ذلك حرص المسلمون على تركيز أسس علم التوحيد والعقيدة الصحيحة في قلوب ونفوس أبنائهم، وجعلوا كلام الله وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح في هذا الفن قدوتهم وطريقتهم وكان المسجد والكُتاب يربي أبناء المسلمين على التوحيد، ويردون منه العقيدة الصافية ويقوم بهذا العمل الجليل بكل إنسيابية، ومضى زمن جميل على ذلك ودخلت المدرسة الحديثة إلى البلدان الإسلامية، فخَفَتَ دور هذه المؤسسة التربوية في تعليم أصول العقيدة وأركان الإيمان.

وأصبح تعلم علم التوحيد محصورا على بعض الإشارات، التي تزين بعض المضامين المحتشمة في مادة تعليمية تسمى التربية الدينية في بعض البلدان الإسلامية. أو التربية الإسلامية في بلدان أخرى كالمغرب.

فكان من الواجب على المربيين في الروض والأساتذة في المستوى الابتدائي والإعدادي أن يطوروا من قدراتهم التعليمية واستراتيجياتهم التعلمية لإنقاذ عقيدة النشء، وخصوصا وأنها تتعرض لحرب ضروس من التشكيك والاستخفاف والاستهزاء بمقوماتها.

وأضحى من المفروض الإفادة من أسس التربية الحديثة حتى يمكن لتدريس علم التوحيد أن يجد مكانه بين العلوم والمواد الدراسية الأخرى.

والتدرج في إكساب واكتساب المعارف الإيمانية المجردة، من توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته؛ أصبح ضرورة تعليمية للحفاظ على الهوية الدينية والوطنية.. وأصبح اختيار المضامين بحسب السياقات التعليمية المختلفة وظيفة ديداكتيكية لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال..

فكيف يمكن للمناهج أن تسطر للمدرس خريطة تعليمية تيسر له استيعاب المضامين في أصولها العليا عند علماء المسلمين في العصور المتقدمة؟ وكيف يمكن وضع مضامين تعليمية مناسبة داخل سياق تربوي غريب عن طبيعة تعلم هذا العلم؟

إن تعلم علم التوحيد وفهم أصول العقيدة و أركان الإيمان وتناول معطياته في حصص مادة التربية الدينية أو الاسلامية، يجب أن يخضع مصادر هذا العلم لتحليل ديداكتيكي عميق ودقيق، يختار المضامين المناسبة، و التي يمكن استثمارها بيداغوجيا في وضعيات حقيقية تمكن المتعلم من اكتسابها تدريجيا..

كما أن التدخلات التربوية للمدرس يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مراحل نمو التلميذ وتطور قدراته التعلمية عامة وقدراته العقلية على وجه الخصوص.

فالغاية من هذه الدراسة ليس فتح باب الجدال و الخلافات الكلامية العقيمة، ولا ترديد ما سبق تأليفه في علم التوحيد والعقيدة – دون الاستغناء عنه – ولكن محاولة مساعدة المعلمين والمتعلمين في اكتساب هذا العلم في السياقات التربوية الحديثة.

لتحقيق هذه الأهداف كان لابد في البداية من تحديد معاني المفاهيم المفاتيح والوقوف عن الفروق، بين مصطلحات علم التوحيد والعقيدة والإيمان، وغيرها من المصطلحات والمفاهيم التي تقارب معارف هذا العلم الجليل. ثم الوقوف على مفهوم ديداكتيك علم التوحيد وعلاقته بديداكتيك مادة التربية الدينية أو الإسلامية…

ويشكل كل ذلك الإطار النظري لهذه الدراسة التأصيلية، وتبقى محاولة تنزيل المضامين المناسبة لعلم التوحيد عبر وضعيات واقعية محفزة الإطار العملي والتطبيقي، والذي يمكن اعتباره التتويج المرتقب لهذا العمل والعلامة المميزة في حقل البحوث التربوية الإسلامية..

مفاهيم ومصطلحات علم التوحيد:

إن الكلمات والمصطلحات المرادفة أو القريبة من علم التوحيد كثيرة، وأشهر الأسماء والمسميات المعتبرة عند العلماء: العقيدة، والإيمان، والسنة، وأصول الدين، والشريعة، والفقه الأكبر.

و»التوحيد هو إفراد الله بالعبادة» أي أن تعبد الله وحده لا تشرك به شيئاً، لا تشرك به نبياً مرسلاً، ولا ملكاً مقرباً ولا رئيساً ولا ملكاً ولا أحداً من الخلق، بل تفرده وحده بالعبادة محبة وتعظيماً، ورغبة ورهبة، وهناك تعريف أعم للتوحيد وهو: «إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به[2].

أما العقيدة في الاصطلاح: فهي الأمور التي يجب أن يصدق بها القلب، وتطمئن إليها النفس؛ حتى تكون يقيناً ثابتاً لا يمازجها ريب، ولا يخالطها شك؛ فإن لم يصل العلم إلى درجة اليقين الجازم لا يسمى عقيدة.

والعقيدة الإِسلاميَّة: هي الإِيمان الجازم بربوبية الله تعالى وأُلوهيته وأَسمائه وصفاته، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر ما ثَبَتَ من أُمور الغيب، وأصول الدِّين، وما أَجمع عليه السَّلف الصَّالح، والتسليم التام لله تعالى في الأَمر، والحكم، والطاعة، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ويبقى علم العقيدة وعلم التوحيد مترادفين عند أهل السنة، وإنما سمي علم التوحيد بعلم العقيدة بناء على الثمرة المرجوة منه، وهي انعقاد القلب انعقادا جازما لا يقبل الانفكاك…

مصادر المعرفة ومباحث علم التوحيد:

تشكل مصادر المعرفة في كل علم من العلوم مبحثا هاما يؤصل لنظرية المعرفة، إذ من هذه المصادر المعرفية تُسقى المعارف والأدلة لكل علم من العلوم.

وتميز التصور الإسلامي لهذه المصادر عن غيره من المذاهب والمدارس الفلسفية بالتكامل والشمول، حيث اعتبر مصادر المعرفة مصادر متنوعة منها النقل والعقل والحس والتجربة، ولا يمكن حصر المعرفة في مصدر منها وتجاهل الآخرين، وللوصول إلى الحقيقة يجب أن يُستخدم كل مصدر في مجاله….

وأهم مصادر المعرفة في علم التوحيد هي: النقل والعقل والحس، والوحي يندرج تحت مصدر النقل:

النقل والوحي:

ويُعتبر الوحي أحد أهم مصادر المعرفة في الإسلام، ومما اختص بتناوله في علم التوحيد، أخبار اليوم الآخر، ومصير الإنسان بعد الموت، وحقيقة الروح، وعلم الساعة، وغير ذلك؛ والنقل غني جدًا بالدلالات العقلية التي تثبت سائر أصول الاعتقاد. ولا يمكن بحال الحديث عن النقل في غياب العقل. وهو المصدر الثاني للمعرفة:

العقل:

يأتي مصطلح أو مفهوم العقل بمعان متعددة: فيدل عادة على الغريزة التي ميز الله بها الإنسان عن الحيوانات وبفقده يسقط التكليف. كما يعنى المعارف الفطرية والعلوم الضرورية التي يشترك فيها جميع العقلاء، مثل «الواحد نصف الاثنين والحادث لابد له من مُحدِث والكل أكبر من الجزء»… وقد يُستعمل العقل بمعنى العلوم النظرية التي تحصل بالنظر والاستدلال.

ويُطلق العقل أيضًا على العمل بمقتضى العلم، وهذا المعنى نفاه الكفار عن أنفسهم عند دخولهم النار ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ الملك 10.

وللعقل بمخرجاته المختلفة في علم التوحيد أدوار هامة في إثبات كثير من المسائل العقدية كوجود الله ووحدانيته والنبوة والبعث وهو ما يسمى الغيب المتعقّل، بخلاف الغيب المحض الذي هو من خصائص الوحي، فمن الغيبيات ما يمكن الاستدلال عليها بالعقل ومنها ما لا يمكن التعرف عليها إلا بدلالة الوحي عليها.

وإثبات الإسلام لدور العقل وفاعليته وتأثيره يجعله بذلك يخالف العديد من المذاهب والفلسفات التي عطلت دور العقل إما كليًا أو جزئيًا، وعلى رأس هذه المذاهب المذهب الحسي، فقد أنكر أتباعه دور العقل والغيبيات واعتبروا الحواس المصدر الحصري للمعرفة.

الحس:

امتن الله تعالى على عباده في آيات كثيرة بنعم الحواس، وهي مُنطلق الإنسان نحو المعرفة ووسيلة الإدراك المباشرة، ولكن الإسلام لم يحصر المعرفة في هذا المصدر فقط كما فعل أتباع المذهب الحسي، وإنما جعله مصدرا متكاملا مع المصادر الأخرى وهي العقل والوحي، ولكن قد يكون هناك غلو في التجربة والحس فيقول القائل: أن العلم الحديث يجيب على كل الأسئلة، والصحيح أن العلم التجريبي الحديث له حدود لا يخرج عنها. فالإيمان بالتجربة فقط فيه تعطيل لكل المعارف بما فيها التجربة، فلو عطلنا النقل والعقل لما قامت تجربة.

فمصادر المعرفة في علم التوحيد تميزت بالتكامل والشمول والانفتاح دون ذوبان في المذاهب والمدارس الفلسفية الأخرى والالتزام بالمنهج الإسلامي للوصول النسبي إلى الحقيقة الكاملة.

من خلال تتبع هذه المعارف، تبين أن كتابات القرون الأولى شكلت اللبنات الأساس في تدوين أهم مباحث علم التوحيد، باعتبار القرآن والسنة فوق المعارف والعلوم.

وهذه المؤلفات منذ القرن الرابع تكاد تتكرر في مباحثها ومواضعها، وفي فصولها وتصنيفاتها، ولذلك سنركز على أهمها وأشهرها: وهي العقيدة الطحاوية والعقيدة الأشعرية. وهذا الاختيار جاء من ضرورة الوقوف على ما يمكن اعتباره أهم ممثل للعلوم العقدية التي تؤطر علم التوحيد كمادة قابلة للتدريس، وهذا لا يعني بالضرورة إقصاء المصادر والمراجع الأخرى، بقدر ما هي عملية ديداكتيكية تمهيدية تسعى لتحديد نسبي لهذه التراكمات التأصيلية لعلم التوحيد، وتجميع واختزال التكريرات المملة لبعض الكتب والكتاب الذين يشتتون أكثر الاختيارات الديداكتيكية في مراحلها الأولى..

العقيدة الطحاوية:

لصاحبها العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، مُحَدِّثُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ وَفَقِيْهُهَا، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَمَةَ بنِ سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الأَزْدِيُّ، الحَجْرِيُّ المِصْرِيُّ، الطَّحَاوِيُّ.[3] ورسالته في علم التوحيد موضوع بحثنا أسماها «بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة «، وقد جاءت في صفحات يسيرة، وجاء من يشرحها بعده بقرون ويفصل في مسائلها. وهذه العقيدة التي كتبها الطحاوي من عقائد السلف الصالح ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة، على مذهب أبي حنيفة – وقد بين ذلك في المقدمة فقال: « هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء المِلَّة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين، ويدينون به رب العالمين « و بدأ في رسالته بالتطرق لأصول العقيدة، و بلغ ما ذكره مائة و خمسة مسألة من الأمور التي يؤمن بها أهل السنة والجماعة عامة. الساعة وما يكون يوم القيامة، ثم ختم رسالته ببيان وسطية هذا الدين، وأنه وسط بين الغلو والتقصير.

والعقيدة الطحاوية سهلة العبارة، واضحة المعنى، تتسم بالجمع والاختصار، وقد اجتمع على مجملها أهل السنة والجماعة، فهي بذلك محل إجماع واتفاق بين أهل العلم. وقد اهتم كثير من العلماء بشرح هذه العقيدة وتفسير كلماتها ومعانيها، ومن أشهر شراحها ابن أبي العز الحنفي، حيث كتب شرحا مطولا [4]عليها، والذي كان سببا في ذيوعها وشهرتها ثم من المتأخرين، وقد استقى معظم شروحها من كتب أهل السنة، لاسيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم رحمه الله…

العقيدة الأشعرية:

وسميت بالعقيدة الأشعرية نسبة إلى واضعها أبي الحسن الأشعري، و قد اشتهر بالكلام و صنف الكتب والتواليف في الرد على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة، والجهمية، والخوارج وسائر أصناف المبتدعة.

وأخذ علم الكلام عن شيخه زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة. وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته. ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة ولما تبحر في كلام الاعتزال وبلغ فيه الغاية كان يورد الأسئلة على أستاذه في الدرس ولا يجد فيها جواباً شافياً فتحير في ذلك.، و اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه، وأعلن البراءة من الاعتزال و ثار على المذهب الذي كان ينافح عنه وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل، في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل، ووَافِقُ السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ عَلَى إثْبَاتِ “ صفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ « وَبَيَّنَ أَنَّ “ الْعُلُوَّ عَلَى خَلْقِهِ « يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ وَ “ اسْتِوَاؤُهُ عَلَى الْعَرْشِ « يُعْلَمُ بِالسَّمْعِ [5]، وهذه هي المرحلة التي ما زال كثير من الأشاعرة عليها..

بعد هذه المرحلة اقترب الأشاعرة من عقيدة أهل السنة الجماعة خصوصا فيما يتعلق بإثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف ولا تبديل ولا تمثيل، وفي هذه المرحلة كتب أبو الحسن الأشعري كتاب « الإبانة عن أصول الديانة « الذي عبّر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم. فأضحى بذلك كبير أهل السنة بعد الإمام أحمد بن حنبل وعقيدته عقيدة واحدة لا شك في ذلك ولا ارتياب.[6]

وقد انتشر المذهب الأشعري في العالم الإسلامي منذ عهد السلاجقة[7]، كما تبناه وعمل على نشره المهدي بن تومرت أمير الموحدين، ولا زالت العقيدة الأشعرية قائمة في المغرب إلى اليوم، بالإضافة إلى اعتمادها من جلة من العلماء، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين. ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله، وله جامعاته ومعاهده المتعددة.

وتفصيل العقيدة الأشعرية ومباحثها ومضامينها ضروري لكل تحليل ديداكتيكي لعلم التوحيد، خصوصا إذا كانت الدولة تتبناه وتعمل على إدماجه في المقررات الدراسية، ولذلك وقفنا على أهم أصول هذا المذهب العقدي إلى حين تناوله عند تسطير المنهاج، ووضع البرنامج في مادة التربية الإسلامية بصفتها الإطار التعليمي التعلمي لهذا المكون الديداكتيكي.

وإذا تعددت تصنيفات علم التوحيد فإن مخرجاتها لا تكاد تتعدى ما ورد في حديث جبريل قال «أخبرني عن الإيمان» قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره…[8] في هذا الحديث بيان أركان الإيمان الستة، وهي: « أنْ تُؤمِنَ بالله، وملائكته، وكُتُبِه، ورُسُلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ»، ونركز على ركني الإيمان باليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره.

الإيمان باليوم الآخر:

الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان العبد بدونها، وهو ما يكون بعد الموت مما أخبر به الله تعالى في كتابه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم من أهوال الموت، والقبر والموقف، والجنة والنار.

وكثيرًا ما يقرن الله تعالى الإيمان به بالإيمان باليوم الآخر؛ لأن الإيمان باليوم الآخر يحمل الإنسان إلى الامتثال لأوامر الله، وبمعرفة ما يكون في اليوم الآخر من الجنة والنار والحساب والجزاء – يجعل العبد دائمًا مستعدًّا لهذا اليوم بالأعمال الصالحة، طمعًا في الجنة وخوفًا من النار.

وسمي باليوم الآخر لتأخره عن الدنيا فلا يوم بعده، وقد دل عليه العقل والفطرة كما صرحت به جميع الكتب السماوية ونادى به الأنبياء والمرسلون.

ويبقى الركن السادس من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقدر خيره و شره، و هو من المواضيع التي طرحت إشكالات عديدة لدى الفرق الكلامية في العصور المتقدمة، و لازالت تثير كثيرا من الجدل إلى يومنا هذا، فكيف تناول القرآن الكريم و السنة المطهرة هذا الركن العقدي الشديد؟

الإيمان بالقدر خيره وشره:

والقدر: القضاء الذي يقدره الله – عز وجل –[9] ويُقَالُ: قَدَّرَ الإِله كَذَا تَقْدِيرًا، و يقال جَاءَهُ قَدَرُه. فالقَضاء والقَدَرُ أَمران مُتَلازمان لَا يَنْفك أَحدهما عَنِ الْآخَرِ، لأَن أَحدهما بِمَنْزِلَةِ الأَساس وَهُوَ القَدر، وَالْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ وَهُوَ القَضاء، فَمَنْ رَامَ الفَصْل بَيْنَهُمَا فَقَدْ رَامَ هَدْمَ الْبِنَاءِ ونَقْضه. والمؤمن يعلم أن كل ما يصيبه هو من عند الله فيرضى، وللبُعد من التقوُّل على الله بحجَّة القضاء والقدر كَرِهَتِ الشريعة الإسلاميَّة البحث في القدر؛ لأنها من الأمور التي لا يُدْرِك العقلُ حقيقتَها.

واستجابَ الصحابة – رضوان الله عليهم – لعزيمة نبيِّهم وتوجيهه، فلم يُعرَف عن أحدٍ منهم أنَّه نازَع في القَدَر في حياة الرسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – أو بعد وفاته.

وفي آخر حديث جبريل لفظ خيره وشره، ولابدَّ هنا من البيان أن تقسيم القدر إلى خير وشر، إنما هو بإضافته إلى ما تعارف عليه الناس، لا بالنسبة لله عز وجل، قدره سبحانه كله خير وحكمة وعدل ورحمة، وما قضى وقد ر من المصائب والبلايا وكل ما قد يكرهه الإنسان فلحِكم كثيرة.

لا بد للمشتغلين بتربية النشء أن يختاروا للمتعلمين مضامين تستجيب وحاجياتهم الروحية وقدراتهم التصورية والعقلية، و يفيدوا من الموارد العلمية الأساسية الحديثة بتوازي وتوازن مع الموارد والمصادر الإسلامية الأصلية.. وهذا أهم مطلب في التحليل الديداكتيكي لعلم التوحيد..

ديداكتيك علم التوحيد:

يعرف الباحثون الديداكتيك بأنه «استراتيجية تعليمية، تواجه مشكلات كثيرة: مشكلات المتعلم، مشكلات المادة، أو المواد، وبنيتها المعرفية، مشكلات الطرائق، ومشكلات الوضعيات التعليمية التعلمية»[10]؛ والهدف تسهيل عملية التعلم، الشيء الذي لا يمكن أن يتم إلا باستحضار حاجيات التلميذ، وتحديد الطرق المناسبة، وتحضير الوسائل الناجعة، ويتطلب ذلك الاستعانة بمصادر معرفية متعددة ومتنوعة، كالسيكولوجيا والبيداغوجيا؛ ويرمي هذا التنظيم المنهجي للعملية التعليمية التعلمية إلى تحقيق أهداف، تراعي شمولية السلوك الإنساني. أي أن نتائج التعلم ينبغي أن تتجلى على مستوى المعارف العقلية، والمواقف الوجدانية، والمهارات الحس- حركية للمتعلم[11]. بالإضافة إلى أن الديداكتيك تهدف إلى الإجابة عن سؤال: كيف ندرس؟ حيث إن «أهم مشكل يعترض المربين، وخاصة المبتدئين منهم هو قضية طرائق التدريس، وما هي الطرق التي تؤمن أكثر نجاعة للعملية التدريسية؟»[12].

نركز هنا على الديداكتيك الخاصة التي تهتم بتخطيط عملية التدريس أو التعلم لمادة دراسية معينة[13].. وارتباطا بهذه الديداكتيك الخاصة، لابد من الوقوف على مفهوم يؤطر المفعول المضاميني لكل مادة دراسية، و يتعلق الأمر بعملية النقل الديداكتيكي، و النقل الديداكتيكي» هو مجموعة التحولات التي تطرأ على معرفة معينة في مجالها العالم، من أجل تحويلها إلى معرفة تعليمية قابلة للتدريس».فهو نقل المعرفة من فضائها العلمي الخالص الى فضاء الممارسة التربوية لتناسب خصوصيات المتعلمين وتستجيب لحاجاتهم عن طريق تكيُّفها وفق الوضعيات التعليمية-التعلمية. ويستدعي الأمر قبل ذلك القيام بمعالجة ديداكتيكية، وتنبني هذه الأخيرة على تدرج محكم لعملية التعلم وعلى تبسيط مناسب يوفر للمتعلم فرصة إثراء خبرته وهيكلتها مع امتلاك جرأة الاجتهاد والابتكار، مما يؤسس للتكوين الذاتي والاستقلالية في اكتشاف المعرفة. فما هي مراحل هذه المعالجة في علم التوحيد؟

المعالجة الديداكتيكية لعلم التوحيد في المقررات الدراسية المغربية:

لا بد من الإشارة في البداية إلى أن التوحيد كمادة دراسية مستقلة قائمة بذاتها، لا تجد لها مكانا في المنهاج الدراسي المغربي، لا على مستوى التعليم الأساسي والإعدادي والتأهيلي؛ اللهم إذا استثنينا بعض المحطات اللا ديداكتيكية في التعليم العتيق، حيث نجد ها مبرمجة في السنة الأولى والثانية إعدادي.

أما المسالك الدراسية الغالبة على التعليم بالمغرب[14]، فدراسة وتعلم التوحيد فيها لا يظهر إلا عن استحياء في مادة التربية الإسلامية، ونجده بالأساس في مدخل التزكية، و يأتي تناوله عبر ثيمات و مواضع تحاول ملامسة المقاربة بالكفايات من خلال وضعيات مصطنعة، هذه الوضعيات التي قد توصم تكلفا بالوضعيات -مسألة، لا يمكن بحال تصنيفها إلا خارج الإطار الديداكتيكي.

و المداخل في مادة التربية الإسلامية تجانب إشكالية المضامين المعينة و الملائمة، لتجعل من حل الوضعية التعليمية سببا في البحث في المعارف و المراجع العلمية للعلوم الدينية عموما، و العلوم الشرعية على وجه الخصوص، ليس باعتبارها مصدرا من المصادر أو علم من العلوم العارفة، ولكن في أقصى حالاتها موارد مساعدة ومكملة.. هكذا نجد مثلا في مدخل التزكية في السنة الأولى إعدادي درسا في العقيدة، العقيدة الصحيحة و العقائد الفاسدة، يثير تعلم العقيدة الصحيحة من خلال المقارنة مع العقائد الأخرى.فالمنطلق ليس من داخل مكونات علم التوحيد و مباحث العقيدة، و هذا الاختيار بعيد عن طبيعة المناولة الديداكتيكية و التي تأخذ بعين الاعتبار قدرات المتعلم في استيعاب المضامين المختارة..

أما في التعليم العتيق فدراسة هذا العلم لا يخضع لقوانين الديداكتيك ، حيث يعتمد بالأساس المقاربات التقليدية في تدريس علم التوحيد؛ و ذلك بالرجوع إلى ترديد نظم من النظوم المشهورة في العقيدة الأشعرية كمصدر أساس، و بعض المراجع المساعدة لشرحها و تقريبها للمتعلم.. فجاءت مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في أصول العقيدة ملائمة لاعتماد مذهب الإمام مالك في المغرب الأقصى.. ومتن العقيدة السنوسية المعروفة بأم البراهين و مكمل و كتاب الرائد في علم العقائد للعربي اللوه، شرح الصاوي على جوهرة التوحيد، المختصر المفيد على جوهرة التوحيد للدكتور نوح علي سليمان القضاة، و شرح الشيخ الطيب بن كيران لتوحيد المرشد المعين كمراجع مساعدة.. والمضامين المدرسة هي مواضيع النظم مع شرحه، وحتى تبقى آثار المقاربة بالكفايات جاءت التعلمات متسلسلة في الزمن المدرسي، وهذا في السنة الأولى إعدادي.

أما في السنة الثانية فقد تم الاقتصار على المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لابن عاشر، بشرح مختصر الدر الثمين و المورد المعين لميارة، كما تم الاحتفاظ بمقدمة ابن أبي زيد القيرواني بشرح أبي الحسن كمرجع مساعد، مع اعتماد شرح الخريدة البهية لناظمها أبي البركات الدردير المالكي.. لكن يلاحظ بعض التطور في تناول المضامين العقدية في هذه السنة؛ حيث لم يتم اعتماد التتبع الصارم لمواضيع النظم، بل جاءت العناوين المرحلية لتعلم علم التوحيد أكثر تعليمية، كما ركزت على التسلسل التدريجي في تدريس أمور العقيدة، و ركزت بالأساس على توحيد الأسماء و الصفات، و فصلت في ذلك، و هذا الترتيب في دراسة الصفات جاء من منطلق أن دراسة توحيد الربوبية و توحيد الألوهية قد تم تعلمه في السنة الأولى.. إلا أنه يلاحظ أن الحديث عن تيمة اندراج العقائد في لا إلاه إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهاية المقرر مع تيمة بيان معنى الإسلام وأركانه وتيمة الإيمان وأركانه وحقيقة الإحسان والدين، يطرح تساؤلات وجيهة: هل بالفعل لابد من دراسة وتعلم توحيد الأسماء والصفات للحديث عن أركان الإسلام والإيمان في النهاية؟ أم يتعلق الأمر بمحاولة لتجميع ما تمت دراسته والوقوف على خلاصاته؟ لا يمكنني الخوض في مثل هذه الإشكاليات لأن الغرض من البحث هو الوقوف على مصوغات ديداكتيكية لتدريس علم التوحيد، والتي غابت في هذه البرمجة القديمة الحديثة من خلال تغييب قدرات المتعلم كمكون لا يمكن الاستغناء عنه في اختيار المضامين المناسبة في هذه السنوات الدراسية الحرجة على مستوى نمو التلميذ:

مراحل النمو الديني والتعلمات العقدية:

إن تعلم علم التوحيد وأمور العقيدة لا يخضع لمنطق التعلمات الأخرى، ذلك أن الأمر يتعلق بتعلم أمور باطنية يصعب الكشف عنها، وتزيد الصعوبة عندما تكون مؤشرات التعلمات ظنية، لأن التوحيد من أعمال القلوب وتعلم مسائل التوحيد يكون بالتدريج بحسب نضج الطفل لأن أغلب المضامين غيبية، ولكن الإشكالية المطروحة تتعلق بالأساس حول تحديد أي نوع من النمو يحتاجه التلميذ لهذا التعلم، هل هو النمو العقلي ‘الجسدي، الاجتماعي ‘الخلقي…أم أن جميع أنواع النمو تدخل في تعلمات مسائل علم التوحيد؟

في حقيقة الأمر و بعد تتبع أهم مراحل النمو عند الطفل، تبين أن النمو الخلقي أقرب إلى تعلم أمور العقيدة، لكن بعد تمحيص مظاهر النمو الخلقي تبين أن مخرجاته مجموعة من السلوكات التي قد ترتبط بتعلم أسس العقيدة؛ و ما قيل عن النمو الخلقي يمكن سحبه على باقي أنواع النمو، لكن يبدو أن أقرب نوع لتعلم مضامين علم التوحيد يبقى النمو الديني، باعتبار العقيدة الأساس الذي يقوم عليه الدين بصفة عامة، و هذا النمو الديني له جوانب مشتركة مع باقي أنواع النمو لكن ارتباطه بتعلم التوحيد أكثر وضوحا، و لأن الدين شعور ينشأ بالتدريج ، لذلك تنوعت مراحل النمو الديني و أدلى كل باحث بدلوه للوقوف على عتبات نمو الدين لدى الطفل من خلال تصانيف مختلفة اختارت كل واحدة منها تسميات لمراحل هذا النمو الديني، و التصنيف الذي نقدمه حاول تقريب المراحل من التوصيف للشعور الديني دون أن يغفل التصنيفات والمراحل التقليدية للنمو، وهكذا يمكن الوقوف على أربعة مراحل: -مرحلة الخيال، التقليد، الإدراك، و مرحلة الجدل [15]:

مرحلة الخيال:

وتتكون فيما بين (3-6) سنوات، وهي المرحلة ما قبل المدرسي أو ما يطلق عليه اليوم بالتعليم الأولي؛ وابتداء من السنة الثالثة من العمر تبدأ قوة الادراك الديني لدي الطفل بالنمو، ولغاية السنة السادسة في العمر؛ ويسعي من خلال تساؤلاته توسيع دائرة معلوماته عن الغيب. فيقوم بطرح الاسئلة حول الله تعالي بحدود السنة الخامسة من العمر ويشعر بالحيرة جراء عدم قدرته رؤية الله تعالي وفي نفس الوقت يبرز تمسكه وتعلقه بالله تعالي. كما يتصور الله والملائكة والشياطين بصورة خيالية لا صلة لها بالحقيقة، يؤلفها خياله الخصب من عناصر استمدها من واقعه الحسي؛ فقد يتصور الله على سبيل المثال رجلا مسناً وقوراً بلحية طيب القلب ويتمثل الملك صورة جميلة، والشيطان مارداً غليظاً تنفر منه الطباع، وقد يصوره حيواناً مفترساً مكشراً عن أنيابها، وغير ذلك من الصور التي تختلف باختلاف مشاعر الطفل نحو الله. بعد هذه المرحلة والذي يغلب الجانب الحسي والخيالي على الشعور الديني لدى الطفل قبل مرحلة التقليد:

مرحلة التقليد:

وتبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة وتلاحظ في مرحلة الطفولة المتوسطة، و هي مرحلة السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، و تبرز لدى الطفل الرغبة في ان يكون فرداً دينياً وان يؤدي نفس الاعمال التي يؤديها أبواه في مجال الدين، فطفل السادسة مثلا يرغب في ان يستيقظ في وقت السحور في شهر رمضان المبارك ويطلب من والده الذهاب للصلاة في محاولته الصادقة والتي يبذلها لمجاراة من حوله واتباع ما هو مطلوب منه بحذافيره، والجدير بالذكر ان تعاليم الدين عند الطفل في هذه المرحلة لا تخرج عن كونها مجموعة عبارات يرددها دون ان تنطوي على دلالة واضحة وتكون العبادة عنده قاصرة على أداء بعض الطقوس تقليداً مسايراً للجميع دون ان تنطوي على شعور التقوى والورع اللذين يتوفران لدى الكبار عند أداء هذه العبادات، بالإضافة الى ترديد بعض الألفاظ و الأذكار مثل: الحمد لله، سبحان الله…. والتي اكتسبها هي الاخرى عن طريق تلقين الكبار له وتقليده لهم، ولهذا تتسم هذه المرحلة (بالشكلية) كما يتميز النمو الديني لدى الصغار في مرحلة الطفولة المتوسطة (بالنفعية) فالصلاة والصوم والزكاة وسائل لتحقيق امانيهم ومنفعتهم الشخصية مثل الحصول على لعبة أو النجاح في الامتحان او الحصول على الامن عن طريق الوالدين ويطلق البعض على هذه المرحلة اسم (المرحلة الفردية) لأن الطفل يبدأ فيها باختيار العناصر التي ترضي حاجاته من الدين اي ينتقي العناصر الدينية التي تشبع حاجاته الفردية.

مرحلة الإدراك:

وهي مرحلة الطفولة المتأخرة من 9 إلى 12 سنة، وهي السنوات الأخيرة من المرحلة الابتدائية، وذلك أن الطفل في المرحلة السابقة لما يشعر بقصور والديه عن تلبية امانيه وحاجاته يتوجه الى الله ليحققها له؛ وبتقدم السن يدرك الاطفال شيئا فشيئا أن دعواتهم لا تجاب جميعا ولكنهم يدعون بحكم العادة التي تأصلت في نفوسهم.

ومع تقدم السن يدرك الأطفال في مرحلة الطفولة المتأخرة العلاقة بين الدعاء والعمل كما يدرك ان الدعاء وسيلة لتغيير السلوك حتى يصبح مقبولاً مجاباً؛ وفي سن العاشرة تقريبا ينمو اعتزاز الطفل بدينه على اساس وحدة المعتقد والثقة برب واحد والتوجه إلى قبلة واحدة والاقتداء بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ابتغاء مرضاة الله.

وتسمى هذه المرحلة بالمرحلة الاجتماعية لأن الطفل هنا يتأثر بالبيئة الاجتماعية فإذا كانت متدينة نشأ على ما تربى عليه. ولأن أداء الفرائض يأخذ شكلا اجتماعيا فإنه يسهم في التوافق الاجتماعي ويتميز النمو في هذه المرحلة باتساع آفاق الطفل وخروجه من ذاته الضيقة فيعرف أن الله ليس ربه وحده، بل هو إله كل الناس وأن الدين يجمع جماعة كبيرة اوسع من اسرته وأن هناك جماعات أخرى تتبع أديانا أخرى، وتتسع لدى طفل هذه المرحلة المفاهيم الدينية فيفهم الدين أكثر من قبل وينمو إدراكه الديني.

مرحلة الجدل:

عندما يصل الطفل إلى مرحلة الطفولة المتأخرة يستطيع أن يناقش الأمور الدينية، ويأخذ في القاء الأسئلة التي تدور حول الخلق والبعث واصل العالم.

وهكذا، وفي أول الامر يقبل الطفل ما يلقى عليه من إجابات ثم بتقدمه في العمر يعيد النظر فيها وفي بداية مرحلة المراهقة ومع طفرة النمو المشاهدة يحدث تغيير وتطور في الشعور الديني و ذلك بإعادة تقييم القيم الدينية لديه، و يميل إلى الجدل ومحاورة الاخرين في القيم الدينية التي تعلمها في مرحلة الطفولة وعند بلوغه سن السادسة عشرة تقريبا يتمسك بالمبادئ ويعتز بدينه اعتزازاً كبيراً وتعرف هذه الفترة بفترة اليقظة الدينية[16]، وقد يشاهد بعد ذلك ازدواج في الشعور الديني، فيظهر عنده مركب مزدوج يحوى عناصر متناقضة مثل حب الله والخوف منه والإيمان بالموت و كراهيته. كما يشاهد في مرحلة المراهقة الحماس الديني الذي يصل إلى درجة التطرف والذي يحل محل الاتجاه الديني التقليدي، والتحمس المصحوب بالتحرر من البدع وقد يصاحب هذا نقد لاذع، وهناك الاندفاع إلى النشاط الخارجي والاجتماعي والديني والانضمام إلى الجماعات الدينية لإقامة دعائم الفضيلة في المجتمع وتحطيم أماكن اللهو والفساد ومهاجمة الإباحية والاختلاط؛ وقد يعتري المراهق بعض الانطوائية فيبالغ في العزلة ومظاهر التصوف الموغلة في الرهبانية[17]

ومن الملاحظ ان هذه المراحل متداخلة وليست هنالك حدود فاصلة بينها شأنها في ذلك شأن مراحل النمو بشكل عام.[18]كيف نختار المضامين العقدية من بين أهم مباحث علم التوحيد؟

مباحث و مواضيع علم التوحيد القابلة للتدريس

تدور مواضيع علم التوحيد حول حقيقة الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وما يجب له تعالى من صفات الجلال والكمال، مع إفراده وحده بالعبادة دون شريك، والإيمان بالملائكة الأبرار والرسل الأطهار، وما يتعلق باليوم الآخر والقضاء والقدر.

ويمكن حصر مباحث علم التوحيد في ثلاثة محاور:

1- ذات الله و ما يتصف به تعالى… وما يتنزه عنه… وحقه على عباده….

2- الرسل الكرام و الأنبياء و ما يلزم ويجب عليهم…و ما يجوز و ما يستحيل في حقهم… وما يجب على أتباعهم.

3- الإيمان بالغيب: وهو ما يتوقف الإيمان به على مجرد ورود السمع أو الوحي به، وليس للعقل في إثباتها أو نفيها كأشراط الساعة وتفاصيل البعث…فمتى ما صح النقل عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فإن الواجب اعتقاد ذلك والإقرار به، ودفع كل تعارض موهوم بين شرع الله وهو الوحي وبين خلقه وهو العقل،… والقاعدة الذهبية هو أنه لا يتعارض وحي صحيح مع عقل صريح عند التحقيق، كما يختلط عند تدريس مادة علم التوحيد ما هو ديداكتيكي وما هو بيداغوجي، و سنحاول تحديد بعض المضامين في السنوات الأولى من التعليم، بالتركيز بالأساس على مراحل النمو الديني و التدرج البيداغوجي باعتماد مقاربات متنوعة مبسطة تساعد المربين على تدبير وضعيات تعليمية تعلمية تساعد الطفل على تثبيت عقيدة صحيحة تتلاءم و فطرته التي فطرها الله عليه..

خصائص الدرس العقدي عند طفل الروض:

طفل الروض بين سن الثالثة والسادسة يكتشف عالما جديدا في المدرسة، فهو في أوج أطوار نموه الجسدي والنفسي والعقلي، ويجب أن يجد له مكانا بين أطفال من أسر مختلفة، وطباع غريبة يصعب عليه التأقلم معها في البداية، هذه العوامل تؤثر على تعلماته المختلفة، كما أن تطور أجهزته المختلفة ينعكس على تعلماته العقدية والإيمانية، فما هي أهم خصائص نمو أجهزة طفل الروض وأثرها في الدرس العقدي؟

مرحلة الروض تتأثر بالخصائص البيولوجية والنفسية لما قبل سن الثالثة، ففترة الثانية والنصف فترة هامة في نمو الجهاز العصبي للصغير، يحاول خلالها التنسيق بين رغباته المتعارضة، ولقلة خبراته يتأرجح بين القبول والرفض، وبين الصراخ والسكون …

إن هذه التعبيرات لا تشير إلى أن الطفل عنيداً، وإنما ترجع إلى أن تنظيم الخلايا العصبية التي تحكم عملية المنع ما زالت غير مكتملة النضج.

كما يتصف الطفل في هذا العمر وإلى سن الثالثة بميله إلى التباطؤ عند الانتقال من عمل إلى آخر، وميل إلى التلكؤ في الانتقال من نشاط إلى آخر، وتفسر هذه الخاصية أيضاً بعدم اكتمال نضج جهازه العصبي.

فالعمل على ممارسة الطفل للعمل ونقيضه تكسبه خبرة في الأداء تؤهله فيما بعد للاختيار والتوازن. وفي هذا السن ينمو نشاط الطفل ومهاراته الحركية عموما.

وأما بالنسبة للنمو الديني – وكما مر بنا – فالطفل في هذه المرحلة يسعي من خلال تساؤلاته توسيع دائرة معلوماته عن الغيب. فيقوم بطرح الاسئلة حول الله تعالي بحدود السنة الخامسة من العمر ويشعر بالحيرة جراء عدم قدرته رؤية الله تعالي وفي نفس الوقت يبرز تمسكه وتعلقه بالله تعالي. كما يتصور الله والملائكة والشياطين بصورة خيالية لا صلة لها بالحقيقة، يؤلفها خياله الخصب من عناصر استمدها من واقعه الحسي؛ وذلك باختلاف مشاعر الطفل نحو الله.

فعلى المربي أن يأخذ هذه العوامل والمتغيرات في اختيار مضامين الدرس العقدي، وهذا ليس أمرا تطوعيا بل واجب ديني وتربوي، لأن للطفل حقوقًا تربوية كثيرة وآكد هذه الحقوق الحق في التربية العقدية، وهي من أهم حقوق الطفل التي أقرها الإسلام وعمل على توفيرها بصورة تكاملية وشمولية.

إن مسؤولية التربية العقدية يقع أصالة على الأسرة أولا قبل المربية في الروض، وذلك لأن الأطفال في هذه المرحلة العمرية أمانة في أعناق آبائهم، فهم يولدون على الفطرة، وآباؤهم هم الذين يشكلون عقيدتهم وتوحيدهم لله في البداية ثم في الروض، بالتدريج والتبسيط مع استغلال كل فرصة سانحة للتحدث مع الطفل وتوجيهه إيمانيا، هذا مع العمل على تطوير مستوى استيعابه للغيبيات و تغيير رقيق لتمثلاته المتحولة بالمقاربات الحسية التي تدل على الله تعالى وبالإرشادات التي تثبت الإيمان، وباللفتات التي تقوي منه جانب العقيدة، وبوسائل وأساليب تساعد على البناء العقائدي السليم لديه.

و لا يستقيم كل ذلك إلا بالتدريب والتعويد والتكرار نحو العاطفة الدينية و الشعور الإيماني، وذلك لأن الطفل في هذه المرحلة العمرية بحاجة إلى التكرار؛ حتى ترسخ الحقيقة في بنيته العقلية وتصبح صفة راسخة تصدر عنها الأفعال والأقوال بسهولة ويسر، ذلك أن الطفل في هذه المرحلة لا يستطيع أن يميز بين الصح والخطأ و بين الخبيث و الطيب، وبالتالي ليس عنده من البعد العقلي ما يمكنه أن يتزود بالمعرفة والإيمان الجاف ويتطلب ذلك أن ترعاه المربية وتزوده بالمعارف والمعلومات البسيطة و المحسوسة، ليكون له عدة في سنواته القابلة، وتغرس في نفسه أسس البناء العقائدي المتمثلة في تلقينه كلمة التوحيد وترسيخ حب الله وحب الرسول ﷺ في قلبه و كذلك الحرص على تعليمه القرآن الكريم.

ولا يركز في هذه المرحلة على كثرة المعلومات الغيبية المعقدة، ويكتفي بالسور ذات الآيات المعدودة، والتي تحوي آيات التوحيد كسورة الإخلاص والكافرون والمعوذتين ولا يطيل في ذلك فيجعل طفل الروض يمل وهو – كم رأينا – في هذه المرحلة كثير الحركة وسريع تغير المزاج.

هذا من حيث طول مضامين الدرس العقدي؛ أما من حيث المتغيرات الديداكتيكية التي تحكم تأطير المضمون المقدس فعلى المربية أن تركز بالأساس في هذه المرحلة على التفريق بين الغيبي والمحسوس، فمثلا لما يتصور الطفل الله بالرجل الطيب الجميل القادر على كل شيء، يوجهه بأن الله أجمل وأفضل، ويركز على صفة القدرة الالاهية لأن آثارها بارزة في الكون و في ما حوله.

ويعتمد المربي استراتيجيات تعلم مختلفة تركز بالأساس على التَّقليد والمحاكاة من الطفل لألفاظ ذكر الله تعالى من كلمة التوحيد عبر أناشيد وصور تبرز بالأساس مخلوقات الله الجميلة وعظمة قدرته في تدبير الكون، ثم يكون دعم إيجابي لما يصدر عن الأطفال من أقوال إيمانية وسلوكات خلقية إيجابية..

وفائدة هذه الطريقة، أنها تحفز المتعلمين الصغار، وتجعلهم يبتعدون على طرح كثير من الأسئلة حول الله والغيب، ويساعد ذلك على ما يمكن تسميته بالإيمان الجماعي، لأن كثيرا من الأطفال في هذه المرحلة يعتقدون بأن الله ربهم وحدهم دون غيرهم، فمثل هذه الطرق البيداغوجية تهيئ طفل الروض لتعلم أنه يشترك مع أقرانه في نفس العقيدة.

كما أن العمل على تحبيب الطفل في الخير وكراهة الشر وأن الله يحب من يقوم بأعمال الخير، كالإحسان إلى الفقير ومساعدة الضعيف، وعدم إيذاء الآخرين بدءا بأصدقائه، يجعل اهتمامه العقدي يترك الخيال للوقوف على الجميل من المحسوس، كما أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما فيها من أحداث تنمي وتربي خيال الطفل ويزيد من إيمانه بنبيه وحبه والاقتداء به، فكلما قام بفعل جميل يحفزه المربي بأن ذلك العمل كعمل سيدنا محمد عليه الصلاة السلام.

و الخلاصة أن الدرس العقدي في الروض من الأنشطة الضرورية، و لذلك نجد في كثير من أقسام الروض في البلدان المتقدمة ركن العبادة، و الذي لا نجده مع الأسف في البلدان العربية والإسلامية..

ولتأطير هذه التعلمات العقدية لابد من وضعها في مراحلها الديداكتيكية بحسب نمو قدرات الطفل المختلفة وخصوصا النمو الديني.

بعد مرحلة الطفولة المبكرة، يزداد النمو الديني لدى طفل الابتدائي، ويكون التقليد السمة الأساسية لهذا النمو، وسيعمل أستاذ اللغة العربية الذي يدرس مادة التربية الإسلامية على العمل على موازاة الاختيارات الديداكتيكية لخصائص المتعلم الدينية، ولن نفصل في هذه المرحلة ولا المراحل التي تليها لأن المقال سيأخذ طابع المؤلف والكتاب، و لكن تبقى تناول مرحلة الروض محاولة لبرمجة مضامين تسهم في بناء مشروع تعليمي عقدي يعيد لعلم التوحيد ريادته المتميزة في كل إصلاح يرجع للأمة هيبتها و مكانتها التي لم تصل إليها إلا بعقيدتها الصافية.

خـاتمـة:

إن هذا الدراسة جاءت كمحاولة لسد ثغرة في تدريس مادة أخذت اختيارات مضامينها أبعادا فاقت الإطار التربوي والتعليمي وعلى الرغم من المقاربات البيداغوجية التي حاولت احتواء خصوصيات هذه المادة لم تأخذ الديداكتيك نصيبها في تحديد المضامين التعليمية بحسب المستويات الدراسية.

لذلك جاء هذه الدراسة ليثير موضوعا كان ولا زال يعد غريبا عن مجال مادة التربية الإسلامية. فالوقوف على أهم المفاهيم التي تستوعبها هذه المادة دفع إلى الكشف عن ماهيتها ومكوناتها، وكان لابد من طرح فرضية تعدد ديداكتيكات مادة التربية الإسلامية وتخصيص علم التوحيد بواحدة، الأمر الذي لم يسبق الوقوف عليه بالتدقيق في الكتابات التربوية السابقة.

فالبحث يقدم للقارئ المتعلم وللأستاذ المعلم وللباحث في علم التوحيد أهم مصادر المعرفة في الباب، كما أن الدراسة الشاملة لأهم العقائد السنية، ومباحث ومواضيع علم التوحيد ستزيل الغبار عن مجال لا زال غامضا عند الكثير.

كما مكنت هذه الدراسة من بناء تصور راق لدرس عقدي نابع من معالجة ونقل ديداكتيكي سلس، خصوصا بعد وضع مراحل ومحطات ديداكتيكية تأخذ بعين الاعتبار تطور القدرات العامة للتلميذ وخصوصا القدرات الإيمانية الدينية في مساره الدراسي من الروض إلى الثانوي.

والوقوف على أجرأة ذلك بمثال لمرحلة الروض يعطي فرصة لتبني مشروع ديداكتيكي بناء في المراحل الأخرى.

ومن أهم النتائج التي تم التوصل إليها:

– تعدد العلوم المكونة لمادة التربية الإسلامية وضرورة تخصيص دراسة كل علم على حدة وتناول معارفه المصدرية ديداكتيكيا، حتى تستوي عملية اختيار المضامين وفق المناهج التربوية المسطرة.

– تطور الدرس العقدي منذ العهد النبوي ومحاولة مقاربته التربوية تدريجيا عبر مراحل الدراسة المختلفة.

– اعتبار مراحل النمو لدى المتعلم أهم المفاتيح الي تساعد في استيعاب مسائل علم التوحيد الصحيحة عبر المحطات الديداكتيكية للتعلمات المتنوعة.

والمقصود أن يجد في هذه الدراسة الطالب والأستاذ والباحث، إجابات شافية عن كل الإشكالات التي تطرحها العقيدة وعلم التوحيد، كما أن المعالجة الديداكتيكية الخاصة تعطي فرصة أكبر للمدرسين لبلورة استراتيجيات تعليمية مميزة وفق السياقات التعلمية في مختلف المراحل التعليمية.

والله نسأل أن ينفع بهذا العمل وأن يكمل ما نقص منه إنه ولي ذلك والقادر عليه.


المصادر والمراجع:

– ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم الحراني، الفتاوى الكبرى لابن تيمية: دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى، 1408هـ.

– ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم الحراني، الفتوى الحموية الكبرى تحقيق: حمد بن عبد المحسن التويجري، دار الصميعي – الرياض، الطبعة2. 1425هـ / 2004م.

– ابن تيمية، تقي الدين أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم الحراني، مجموع الفتاوى، تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية: 1416هـ/1995م.

– ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1393ه – 1973م.

– ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر، البداية والنهاية. تحقيق: علي شيري: دار إحياء التراث العربي الطبعة: الأولى 1408، هـ – 1988 م.

-أبو حنيفة، النعمان بن ثابت، الفقه الأكبر: مكتبة الفرقان – الإمارات العربية، الطبعة: الأولى، 1419هـ – 1999م.

– أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني، سنن أبي داود، أول كتاب السنن، تحقيق: شعَيب الأرناؤوط.

– الأذرعي، صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الصالحي الدمشقي، شرح العقيدة الطحاوية: تحقيق: أحمد شاكر الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية، والأوقاف والدعوة والإرشاد الطبعة: الأولى – 1418 هـ.

– البخاري، عبد العزيز بن أحمد الحنفي، كشف الأسرار شرح أصول البزدوي، دار الكتاب الإسلامي، بدون تاريخ الطبعة.

– التميمي، محمد بن خليفة بن علي، معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات، الناشر: أضواء السلف، الرياض، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1419هـ/ 1999م.

– الجبرين، عبد الله بن عبد العزيز بن حمادة، تسهيل العقيدة الإسلامية، دار العصيمي للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية.

– الجرجاني، علي بن محمد بن علي، كتاب التعريفات، دار الكتب العلمية بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1403هـ – 1983م.

– دراز، محمد عبد الله، المختار من كنوز السُّنّة النبوية، الطبعة 2، مديرية الشؤون الدينية، دولة قطر.

– الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405 هـ/ 1985 م.

– الرازي، أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني، مجمل اللغة: دراسة وتحقيق: زهير عبد المحسن سلطان: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية – 1406 هـ – 1986 م.

– الزَّبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، تاج العروس من جواهر القاموس، دار الهداية.

– زهران، حامد، علم نفس النمو القاهرة، عالم الكتب، 1999.

– السعدي، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيثمي الأنصاري شهاب الدين شيخ الإسلام، الفتاوى الحديثية، دار الفكر دون تاريخ الطبعة.

– السعدي، حماد بن محمد الأنصاري الخزرجي، كتاب أبو الحسن الأشعري، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الطبعة، السنة السادسة، العدد الثالث، رجب 1394هـ – فبراير 1974م.

– السقاف، عَلوي بن عبد القادر (مشرف على عمل جماعي)، الموسوعة العقدية، الناشر: موقع الدرر السنية على الإنترنت:  www.dorar.net

– شبشوب، أحمد، مدخل إلى الديداكتيك – الديداكتيك العامة، دفاتر التربية، عدد4 ، رمسيس، الرباط، يونيو1997.

– الشاطبي، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، الاعتصام، تحقيق: سليم بن عيد الهلالي: دار ابن عفان، السعودية الطبعة: الأولى، 1412هـ – 1992م.

– شريف، عبد القادر، التربية الاجتماعية والدينية في رياض الأطفال، المرجع الإلكتروني للمعلوميات بتاريخ 19/5/2017.

– الصَّفديّ، صلاح الدين أبو الصَّفاء خليل بن أيبك بن عبد الله، الوافي بالوفيات، دار إحياء التراث، بيروت، 1420هـ- 2000م.

– ضميرية، عثمان جمعة، مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية، مكتبة السوادي للتوزيع الطبعة، الثانية 1417هـ / 1996م.

– الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، جامع البيان في تأويل القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1420 هـ – 2000 م.

– العثيمين، محمد بن صالح بن محمد، شرح ثلاثة الأصول، دار الثريا للنشر، الطبعة الرابعة، 1424هـ – 2004م.

– العثيمين، محمد بن صالح بن محمد، كتاب المفيد على كتاب التوحيد، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية، محرم 1424ه.

– عطا صوفي، عبد القادر بن محمد، المفيد في مهمات التوحيد، دار الاعلام الطبعة، الأولى 1422هـ.

– عمر، إدوارد معاد، ماهية علم الكلام الإسلامي التحليلي:  https://yaqeeninstitute.org/

– الفارابي، عبد اللطيف، وآخرون، معجم علوم التربية، مصطلحات البيداغوجيا الديداكتيك.

– مسلم، أبو الحسن القشيري النيسابوري بن الحجاج، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي دار إحياء التراث العربي – بيروت.

– مكسي، محمد، الدليل البيداغوجي – مفاهيم مقاربات، منشورات صدى التضامن، ط 2003.

– النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، المجتبى من السنن = السنن الصغرى للنسائي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة: مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب الطبعة: الثانية، 1406 – 1986.

– وفيق، صفوت مختار، سيكولوجية النمو والارتقاء في المراهقة، دار حرف للنشر والتوزيع.

–  Legendre, Renald, Dictionnaire actuel de l’Éducation, Éditions Larousse, Paris, 1988.


[1] – عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين البخاري الحنفي: كشف الأسرار شرح أصول البزدوي: دار الكتاب الإسلامي الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ.

[2] – محمد بن صالح بن محمد العثيمين: شرح ثلاثة الأصول دار الثريا للنشر الطبعة الرابعة 1424هـ – 2004م، ص 3  .

[3]1- انظر سير أعلام النبلاء للذهبي مؤسسة الرسالة الطبعة: الثالثة، 1405 هـ / 1985 م، و الوافي بالوفيات للصفدي: دار إحياء التراث – بيروت:1420هـ- 2000م ا 18 ? 15/27-28-29لطبقة 18 ج 15/27-28-29.

[4] – صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي (المتوفى: 792هـ): شرح العقيدة الطحاوية: تحقيق: أحمد شاكر الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية، والأوقاف والدعوة والإرشاد الطبعة: الأولى – 1418 هـ.

[5] – ا نظر مجموع الفتاوى: لتقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ) تحقيق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية عام النشر: 1416هـ/1995م

[6] – ا نظر الفتاوى الكبرى لابن تيمية: دار الكتب العلمية الطبعة: الأولى، 1408هـ

[7] – دولة السَّلاجقة العظام واحدة من الدول الكبرى في تاريخ الإسلام توطنت إقليم وسط آسيا، و لعبت دوراً كبيراً في تاريخ الدولة العباسية والحروب الصليبية والصِّراع الإسلامي البيزنطي ( 421 ه – 552 ه )

[8] -صحيح البخاري: كتاب الإيمان باب معرفة الإيمان، والإسلام، والقدر وعلامة الساعة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي 1/36.

[9] – مجمل اللغة لابن فارس المؤلف: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (المتوفى: 395هـ) دراسة وتحقيق: زهير عبد المحسن سلطان دار النشر: مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية – 1406 هـ – 1986 م .

[10] – محمد مكسي: الدليل البيداغوجي ـ مفاهيم مقاربات. منشورات صدى التضامن. ط 2003. ص35 .

[11] – عبد اللطيف الفارابي وآخرون: معجم علوم التربية ـ مصطلحات البيداغوجيا الديداكتيك. ص69 .

[12] – أحمد شبشوب: مدخل إلى الديداكتيك ـ الديداكتيك العامة. دفاتر التربية. عدد 4. رمسيس ـ الرباط. يونيو1997. ص11.

[13]  Legendre, R., Dictionnaire actuel de l’Éducation, Éditions Larousse, Paris, 1988.

[14] – المسالك: علوم تجريبية، رياضية، تقنية – آداب عصرية.

[15] – انظر: كتاب حنان عبد الحميد العناني: تنمية المفاهيم الاجتماعية والدينية والأخلاقية.

[16] – انظر: كتاب حامد زهران: علم نفس النمو القاهرة عالم الكتب 1999.

[17] – وفيق صفوت مختار: سيكولوجية النمو والارتقاء في المراهقة، دار حرف للنشر والتوزيع.

[18] – بتصرف عن: مقال: التربية الاجتماعية والدينية في رياض الأطفال، د. عبد القادر شريف، بالمرجع الإلكتروني للمعلوميات بتاريخ 19/5/ 2017. ص206-208.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.