التراث الثقافي وأهميته في التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية
التراث الثقافي وأهميته في التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية / جفجاف أمين
التراث الثقافي وأهميته في التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية
Patrimoine culturel, un moteur de cohésion sociale et développement économique
تحت إشراف:
الأستاذ الدكتور: عزيزي عبد النبي
جامعة محمد الأول
كلية الآداب والعلوم الانسانية، وجدة – المغرب
من إعداد:
جفجاف أمين – JEFJAF Amine
جامعة محمد الأول
كلية الآداب والعلوم الانسانية، وجدة – المغرب
مختبر التراث الثقافي والتنمية
الملخص
يتناول هذا المقال دور الحفاظ على التراث الثقافي في تعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية المحلية، ويستعرض التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي وسبل التغلب عليها. كما تهدف الدراسة إلى توضيح المفاهيم المتعلقة بالتراث الثقافي ومكوناته، وكذلك إلى إبراز أهمية حماية التراث الثقافي للحفاظ على هوية الشعوب وتعزيز التنمية المحلية. كما تشير الدراسة إلى دور التراث الثقافي في جذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية، وكذلك التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي، وتوفير الحماية اللازمة له وإعادة اكتشافه وتوثيقه بشكل دقيق. وبناء على ذلك، يمكن اعتبار الهدف الرئيسي للدراسة هو توعية المجتمع والمسؤولين بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والتحديات التي يواجهها، وتوفير الحماية والدعم اللازمين لهذا الهدف.
الكلمات المفاتيح: التراث الثقافي، الانتماء، الروابط الاجتماعية، السياحة، الأنشطة الاقتصادية المحلية، التحول الحضاري.
Résumé
cet article aborde le rôle de la préservation du patrimoine culturel dans le renforcement des liens sociaux et des activités économiques locales, et examine les défis auxquels est confrontée la préservation du patrimoine culturel ainsi que les moyens de les surmonter. L’étude vise également à clarifier les concepts liés au patrimoine culturel et ses composantes, ainsi qu’à souligner l’importance de la protection du patrimoine culturel pour préserver l’identité des peuples et renforcer le développement local. L’étude souligne également le rôle du patrimoine culturel dans l’attrait du tourisme et la promotion des activités économiques locales, ainsi que les défis auxquels est confrontée la préservation du patrimoine culturel, la nécessité de sa protection, de sa redécouverte et de sa documentation précise. Par conséquent, l’objectif principal de l’étude peut être considéré comme étant la sensibilisation de la société et des responsables à l’importance de la préservation du patrimoine culturel et des défis auxquels il est confronté, ainsi que la fourniture de la protection et du soutien nécessaires à cette fin.
Mots-clés: patrimoine culturel, appartenance, liens sociaux, tourisme, activités économiques locales
مــــقدمة
يعتبر التراث الثقافي من أهم مكونات الهوية الوطنية والتراث الحضاري لأي مجتمع، فهو يحمل في طياته العديد من العادات والتقاليد والتراث المعماري والفنون والحرف التي تميز كل مجتمع عن الآخر. يحتفظ المجتمع بهذا التراث الثقافي عبر الأجيال ويحافظ عليه وينقله إلى الأجيال اللاحقة، وبذلك يسهم في تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع ويسهم في تماسكه وتعزيز وحدته وهو ما يجعل الحفاظ على هذا التراث مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع.
إلى جانب دور التراث الثقافي في التماسك الاجتماعي، فإنه يلعب دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية، فقد أصبح موردا اقتصاديا وجب الحفاظ عليه من أجل المستقبل، والاستثمار فيه، في إطار التعاون الثقافي وطنيا ودوليا، فالاستثمار في مجال التراث كان لسنوات أمرا غير مجد من الناحية التجارية والاقتصادية سعيا من المستثمرين للربح السريع قصير المدى، متجاهلين بذلك الحفاظ علي التراث الثقافي أو الاستثمار فيه. إذ يمكن استخدامه في تطوير المنتجات الثقافية والحرفية وتسويقها لزيادة الدخل المحلي، كما يمكن استغلاله لجذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية التي ترتبط به.
ومع ذلك، فإن الحفاظ على التراث الثقافي الذي يشكل “كل الممتلكات الثقافية الثابتة والمنقولة والتي تمثل قيمة وطنية استثنائية من الناحية العلمية والتاريخية أو الفنية كالآثار والمجمعات والمواقع[1]. يواجه تحديات كثيرة، أبرزها التحول الحضاري الذي يشهده العالم وتهديد التراث الثقافي بالاندثار، وهو ما يستدعي إعادة اكتشاف التراث الثقافي وتوثيقه بشكل دقيق وتوفير الحماية اللازمة له.
وعليه، تتمحور إشكالية هذا المقال حول دور التراث الثقافي في التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وكذلك التحديات التي تواجه الحفاظ على هذا التراث وسبل التغلب عليها.
نهدف من خلال هذه الإشكالية إلى الكشف عن أهمية الحفاظ على التراث الثقافي، ودوره في التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وكذلك استعراض التحديات التي تواجه الحفاظ على هذا التراث والحلول الممكنة لهذه التحديات.
يتناول هذا المقال دور الحفاظ على التراث الثقافي في تعزيز وتنمية الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية في ظل التحديات الحضارية الراهنة. ويستعرض كذلك التحديات التي تواجه الحفاظ على هذا التراث وسبل التغلب عليها، وستتم معالجة هذه الإشكالية بالإجابة عن التساؤلات الآتية:
- ما هي المكونات والعناصر الأساسية للتراث الثقافي؟
- كيف يمكن للتراث الثقافي أن يساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية المحلية؟
- ما هي التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي وتهديدات اندثاره؟
- ما هو الدور الذي يمكن للتراث الثقافي أن يلعبه في جذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية؟
- ما هي الخطوات الضرورية لإعادة اكتشاف التراث الثقافي وتوثيقه بشكل دقيق وتوفير الحماية اللازمة له؟
كما أن مقالنا هذا سيتناول هذا موضوعاً هاماً وملحاً يتعلق بالحفاظ على التراث الثقافي وتأثيره على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، إذ يتصل هذا الموضوع بالعدبد من المجالات والمصالح المختلفة، بما في ذلك الحفاظ على الهوية الثقافية، وتطوير السياحة المحلية، وتعزيز العملية التعليمية والتربوية، وتوفير فرص العمل، وتحسين جودة الحياة في المجتمعات المحلية. لذلك، يمكن القول إن هذه الدراسة تحمل أهمية كبيرة في فهم التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي وتطوير الاستراتيجيات والحلول اللازمة للحفاظ عليه وتنميته.
و إننا لنهدف أيضا هذه مقالنا هذا، تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي ودوره في تعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية، ومحاولة تحليل التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي واستكشاف بعض سبل التغلب عليها، كما أنها مساهمة في تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيز الحرص على الاهتمام به.
المحور الأول: مكونات وعناصر التراث الثقافي
الفرع الأول: مفهوم ومكونات التراث الثقافي
هو تعبير عن طرق المعيشة التي طورها المجتمع وانتقلت من جيل إلى جيل، والتي تشمل الأماكن، والأشياء، والعادات، والممارسات، والتعبيرات، والقيم الفنية[2]، يتصف دائماً هذا المفهوم بعدم الاستقرار، إذ تحدث عليه تغييرات واضحة ومستمرة ناتجة عن تأثيرات المجتمع على مجموعة مكونات التراث الثقافي ومن خلال هذه الرؤية، فمن المفروض الاشارة إلى أن هذا المفهوم يستلزم ضرورة المقاربة بين مفاهيمه من وجهات نظر مختلفة تتطلب تضافر الجهود سواء على المستوى التربوي أو السياسي أو الاجتماعي من أجل تطوير أجندة عمل قادرة على المساهمة في المحافظة على التراث الثقافي.[3]
يتشكل التراث الثقافي من المعالم الثقافية؛ التي تشمل الأبنية والأعمال الهندسية والتماثيل واللوحات الفنية والمخطوطات والرسوم على الجدران. والمباني التي تشتمل على بناء واحد أو مجموعة من الأبنية المرتبطة مع بعضها البعض، والأماكن التي تشمل أعمال الإنسان أو الظواهر الطبيعية والأماكن التاريخية، والمعالم الطبيعية والجيولوجية، والأماكن الطبيعية التي تعد مناطق تحتوي على مجموعة كبيرة من الكائنات الحية الطبيعية.
أشارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في أول مؤتمر لها حول المحافظة على التراث الثقافي؛ إلى أن هذا المفهوم يضم مجموعة من المكونات الثقافية الهامة. ومن أجل المحافظة على التراث الثقافي، يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الحكومات والمجتمعات المحلية والمنظمات الدولية، للحفاظ على هذا التراث الثمين وتأمين إتاحته للأجيال القادمة.
تنص توصية اليونسكو لعام 1976 بشأن المشاركة والمساهمة في الحياة الثقافية من قبل الجمهور بشكل عام على أن المشاركة في الحياة الثقافية تعني “الفرص المضمونة لجميع المجموعات أو الأفراد للتعبير عن أنفسهم والتواصل والإبداع والتفاعل بحرية لضمان تنمية حياة متناغمة والتقدم الثقافي للمجتمع”، وتُقدم الباحثة الاسترالية Annamari Laaksonen تعريفًا متقدمًا لها فتذهب بأنها: عالم من الفرص للناس للعمل في وقت واحد في مناخات ثقافية وخطابات مختلفة[4]. هذا التعريف هو المحك الأساسي في استيعاب مفهوم التراث الثقافي والسعي إلى الحفاظ عليه بشكل عام، فهو من ضرورات التكامل الإنساني، وتكمن الإشكالية الأساسية في هذا المفهم في تنوعه و كيفية إدارته والحفاظ عليه، فبينما تستطيع مجتمعات استثماره وحمايته بشكل جيد وتستفيد من مزاياه، هناك مجتمعات أخرى تفشل في ذلك ويكون مصيرها هو الانجرار إلى الفوضى والتفكك الاجتماعي.
وفي السياق ذاته، يدفعنا الحديث عن هذا المفهوم إلى الإشارة ولو بشكل مقتضب إلى قضية أخرى ذات الصلة به وهي قضية “الكفاءة الثقافية” التي يعرفها البعض على أنها: مجموعة من السلوكيات والمواقف والسياسات المتطابقة التي تجتمع في نظام أو وكالة أو بين مهنيين، وتمكن هذا الطرف من العمل بفعالية في المواقف بين الثقافات.
الفرع الثاني: عناصر التراث الثقافي
حددت اليونسكو العناصر التالية للتراث الثقافي:
1– الآثار: وتشمل جميع الأعمال المعمارية والنحت والتصوير على المباني، وكل العناصر والتكوينات ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف، ومجموعات المعالم التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.
2– المجمعات: وهي مجموعات المباني المنفصلة أو المتصلة، التي لها بسبب عمارتها أو تناسقها أو اندماجها في المنظر الطبيعي قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.
3– المواقع: وهي أعمال الإنسان أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة، وأيضاً المناطق بما فيها المواقع الأثرية التي لها قيمة استثنائية من الوجهة التاريخية أو الجمالية، أو الإثنولوجيا أو الأنثروبولوجيا.
يعتبر التراث الثقافي شكلاً متميزاً يعكس الصفات الإنسانية الجوهرية، ويتم نقله بين الأجيال، ويستمر عبر فترات زمنية مختلفة مع تغيرات، ولكنه يحتفظ دائماً بوحدته الأساسية.
هناك من يرى أن التراث يمثل مجموعة من القيم والمعتقدات والآداب والفنون والمعارف التي تغطي جميع نواحي الحياة الإنسانية، وتعكس تاريخ الأمم وظروفها، ويتألف من عناصر مترابطة ومتكاملة مع بعضها البعض في الغالب، ويحتوي على مكونات ثابتة ومتغيرة. بشكل عام، يمثل التراث هوية الشعوب، ويتطلب ذلك الحفاظ على أصالته، وهو يمثل التاريخ المادي والحقيقي لأي حضارة. لذلك، فإن علاقة الإنسان بتراثه تشكل علاقة عضوية ترتبط بوعيه بأبعاد حضارية وتاريخية ودينية وثقافية واجتماعية وسياسية.
يتألف التراث الثقافي من عناصر مادية وغير مادية. فالتراث المادي المباني والأماكن التاريخية والآثار والتحف والعناصر الثقافية الأخرى التي يمكن رؤيتها ولمسها. يتطلب الحفاظ على هذه العناصر الحماية المستدامة لها ليتمكن الأجيال المقبلة من الاستفادة منها ودراسة تاريخ البشرية.
أما التراث الثقافي غير المادي فهو يشمل التقاليد والأشكال الحية للتعبير الموروثة عن السلف، والتي تم تداولها عبر الأجيال. ويشمل هذا النوع من التراث العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية والفنون الشعبية واللغات والقصص والحكايات والموسيقى والرقص والرياضة القتالية والمهرجانات والطب والطهي، وغيرها من العناصر التي يتم تداولها عبر التقاليد والتي تشكل جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية والوطنية.
وبما أن التراث الثقافي يمثل جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية، فإن فقدان أي من عناصره يعني فقدان جزء من هذه الهوية وخسارة لقيم متميزة لا تقدر بثمن. لذلك، يتم تقسيم التراث الثقافي إلى قسمين رئيسيين: التراث المادي والتراث غير المادي.
المحور الثاني: دور التراث الثقافي في تعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية المحلية
تعتبر الهوية الثقافية لأي مجتمع جزءًا حيويًا من تراثه الثقافي، فهي تمثل الصورة الحقيقية لهذا المجتمع وتعبر عن قيمه ومعتقداته وتقاليده وتراثه التاريخي والثقافي لذلك، فإن الحفاظ على الهوية الثقافية يعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية هذا التراث وتفادي اندثاره. ويمكن للحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع أن يحدث عن طريق توثيق التراث الثقافي، وإعادة اكتشافه ونشره، وتعزيز الوعي الثقافي لدى الأفراد في المجتمع، كما يمكن الحفاظ عليها عن طريق دمج القيم الثقافية في الحياة اليومية للأفراد وتحفيزهم على التعلم والاحتفاء بتراثهم الثقافي.
من المهم أن نتذكر أن الهوية الثقافية للمجتمع لا تقتصر فقط على الماضي، بل يمكن للمجتمع أن يحتفظ بتراثه ويتعرف على ماضيه، وفي الوقت نفسه يمكن له أن يتطور ويتغير في الحاضر والمستقبل بما يتلاءم مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يشهدها لذلك، فإن الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع يعتبر أمرًا حيويًا وضروريًا للحفاظ على تراثه الثقافي وتعزيز التماسك الاجتماعي والانتماء والتفاعل الإيجابي بين أفراد المجتمع.
يعتبر الحفاظ على التراث الثقافي حماية للخصوصيات المحلية والهويات الثقافية، وبالتالي ضمان التنوع الثقافي للبشرية، فقد أصبح واحدا من أولويات بعض الدول في سياساتها الثقافية والمنظمات العالمية في المجال الثقافي، ونظرا للدور الكبير الذي يلعبه هذا التراث في الحفاظ على هوية وكينونة الشعوب وضمان استمراريتها كونه الذاكرة الحية لها أصبح لجميع الدول في المحافظة على ممتلكاتها الثقافية سواء المادية أو المعنوية، وقد تضافرت الجهود على صون وحماية هذه الموروثات الثقافية عن طريق الاتفاقيات والتوصيات والمؤتمرات الدولية التي تعزز هذه العملية و تحقق المزيد من التعاون والتفاهم بين الشعوب.
بعد عدة منظمات دولية اهتمت بهذه المسألة أي الحفاظ على التراث الثقافي كونه جزء لا يتجزأ من التراث المشترك للإنسانية. وإن ذاتية الشعب تتحدد وتسري من خلال الاتصال بتراث الشعوب الأخرى – رؤية اليونسكو للتراث العالمي وتقدم العادات والتقاليد المتنوعة. وبالتالي إتاحة الفرصة للحصول والتعلم ونقل الخبرات بين الشعوب وتعزيز التفاعل المتميز بين الثقافات وتأصيل القيم الثقافية وتأصيل التنوع الثقافي[5]، ومن بين هذه المنظمات الدولية السابقة لحماية كل ما هو ثقافي خاص بالشعوب سواء كان مادي أو لا مادي نذكر:
- منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (unesco):
تعتبر منظمة اليونسكو إحدى الوكالات المتخصصة والتابعة للأمم المتحدة نشأت في 1945 عقب انعقاد مؤتمر وزراء التربية والتعليم بلندن ومن الأهداف الرئيسية لإنشاء هذه المنظمة الإسهام في صيانة السلم والأمن والثقافة[6].
على هذا الأساس تعد اليونسكو تلك الجهة الممثلة للجهد الدولي المشترك في الميدان الثقافي، فهي تنظم علاقات وثيقة مع المنظمات الدولية والإقليمية والهيئات والمؤسسات والمراكز الثقافية والعلمية، ومن أبرز أهدافها في مجال حماية التراث الثقافي وتعزيز التنوع الثقافي من خلال صون التراث بمختلف أصنافه وأبعاده والنهوض بأشكال التعبير الثقافي وكذا تعزيز الدور المركزي للثقافة في تحقيق التنمية المستدامة[7].
تقوم اليونسكو بالحفاظ على التراث الثقافي العالمي خلال العديد من الأعمال والجهود والآليات كالاتفاقيات والتوصيات والمؤتمرات ومن أبرز الاتفاقيات في هذا المجال:
- اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي المنعقدة في 17 أكتوبر 2003 جاءت هذه الاتفاقية للحماية والحفاظ على التراث الثقافي غير المادي نظرا للأهمية التي بقدمها للشعوب حيث ترى المنظمة أنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يساهم مع الدول الأطراف في هذه الاتفاقية في صون هذا التراث بروح من التعاون والمساعدة المتبادلة، حيث تهدف هذه الاتفاقية حسب نص اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي إلى:
- صون التراث الثقافي غير المادي.
- احترام التراث الثقافي غير المادي والمجموعات المعنية والأفراد غير المعنيين.
- التوعية على الصعيد المحلي والوطني والدولي بأهمية التراث الثقافي غير المادي وأهمية التقدير المتبادل التراث.
- التعاون الدولي والمساعدة الدولية.
- المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) أنشئ في عام 1946 من طرف مهني المتاحف يعتبر هذا المجلس مساحة دبلوماسية يجمع ما بين 136 بلد أو إقليم ومن بين الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها في المجال الثقافي نجد
- التركيز على التوعية الدولية بشأن الحاجة إلى حماية التراث الثقافي.
- العمل على إدارة المخاطر التي تتعرض لها الممتلكات الثقافية.
- خدمة المجتمع وتنميته من خلال ضمان حفظ ونقل الممتلكات الثقافية نحو المتاحف والمصالح الأمنية قصد تسهيل عمليات البحث والتعرف على التحف الفنية والأثرية في حالة الضياع.
- المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMIS): يعمل في مجال حماية التراث الثقافي المادي والحفاظ عليه ويشمل مختلف المواقع الأثرية والمعمارية، أنشئ عام 1965 ويسمى هذا المجلس إلى تحقيق مجموعة من الأهداف نذكر منها:
- الارتقاء بعملية صون وحماية واستخدام وتحسين الآثار ومجمعات الأبنية.
- العمل على نشر حملات التوعية لحماية التراث الثقافي المادي خاصة من خلال مشاركته في الأنشطة التدريبية.
- حماية الممتلكات الثقافية، حيث تبين مثال للحفاظ على القرى والمناطق الحضرية والتاريخية بما تحتوي من قرى وأحياء وغيرها.
- المنظمة العالمية للملكية الفكرية (OMPI) أنشئت هذه المنظمة عام 1967 لتحل محل المكتب الدولي الموحد لحماية الملكية الذي أنشئ عام 1883 وعام 1974، أصبحت المنظمة وكالة متخصصة مرتبطة بالأمم المتحدة مقرها مدينة جنيف بسويسرا ويتجسد دورها في مجال التراث الثقافي غير المادي في حماية المعارف التقليدية كونه مجال يتطلب استطلاعا شاملا ووجوب الحفاظ عليه كونه يتميز بطابع هش وبتأثير متغيرات العولمة وقد عملت المنظمة على تعزيز حماية حقوق الملكية الثقافية في شقها غير المادي في شتى أنحاء العالم عن طريق التعاون بين الدول، وتشجيعها على إبرام المعاهدات لحماية الملكية الفكرية للتراث الثقافي غير المادي. إسماعيل رفيق الآليات الدولية والإقليمية لحماية الممتلكات الثقافية، مقال منشور في مجلة أبحاث عدد3 تيسمسيلت دار الثقافة لولاية تيسمسيلت، 2014، ص 203، ص 204.
أما على المستوى العربي فقد كان اهتمام المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدول العربية بالتراث الثقافي كبيرا كونه ركيزة أساسية من ركائز الهوية الثقافية وأداة ضرورية لاستمرار الشعوب حيث نجد:
- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ALECS0) التي تأسست عام 1970 حيث ساهمت هذه المنظمة في الحفاظ على التراث الثقافي، ويتجسد ذلك في برامجها ومشاريعها، عززت عملها في هذا المجال من خلال التوجه إلى تنسيق السياسات الثقافية العربية المعنية بالتراث الثقافي من خلال مؤتمرات الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي والمؤتمرات التي يتواصل انعقادها في إطار المنظمة العربية منذ إنشائها حتى اليوم ومن أهم أعمالها في هذا المجال نذكر منها ما يلي:
- وضع القوانين والتشريعات على المستوى القومي في مجال حماية التراث الثقافي وجمع القوانين الخاصة بالآثار في الدول العربية ونشرها في وثائق توزع عن المسؤولين عن الآثار في الدول العربية وإتاحتها على مواقع في شبكة الانترنت لتعميم الاستفادة منها وكذا تبادل الخبرات القانونية بين الدول العربية، أما في التراث الثقافي غير المادي فقد عملت المنظمة على وضع مشروع اتفاقية الحماية المأثورات الشعبية في الدول العربية وكذلك مشروع قانون نموذجي لنشأتها؛
- النشر والتوثيق ووضع قواعد البيانات حيث تتميز الدراسات والأبحاث في موضوعات التراث المادي بوضعها وإعدادها في كتب ومجلات وتوزيعها على أوسع نطاق؛
- التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية في مجال حفظ التراث الثقافي وتنسيق العمل المشترك في إطار عملها في هذا المجال العمل مع منظمة اليونسكو سنة 2003، وكذا اتفاقية حماية وتعزيز تنوع التعبير الثقافي.
- منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافةأو الإيسيسكو: الغرض من تأسيسها حماية التراث الثقافي المادي واللامادي في العالم الإسلامي تأسست لجنة التراث في العالم الإسلامي والتي تعمل في إطار المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم حيث تهدف اللجنة حسب عبد العزيز عثمان التويجري[8] إلى:
- تسجيل المواقع الثقافية الأثرية في قائمة تراث العالم الإسلامي.
- المحافظة على المعالم التاريخية والمحميات الطبيعية في دول الأعضاء.
- حماية التراث الثقافي غير المادي والنهوض به.
- تقديم المساعدة العاجلة لحماية المواقع الأثرية المتضررة من الثورات الطبيعية.
- توفير الخبرة والدعم التقني من أجل جرد التراث الثقافي في العالم الإسلامي.
الفرع الأول: تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع من خلال التراث الثقافي.
التراث هو التاريخ الذي يعيش فينا ونعيش فيه في كل لحظة واحدة [9]. لذلك فإن تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع هو جانب آخر مهم لدور التراث الثقافي في المجتمعات. فبحفاظ المجتمع على تراثه الثقافي، يستطيع أفراده الشعور بالانتماء إلى هويتهم الثقافية والتعرف على تاريخهم وتقاليدهم. كما يمكن للتراث الثقافي أن يكون مصدرًا للروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، حيث يمكن للأشخاص الاجتماع والتفاعل من خلال المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي تتعلق بالتراث الثقافي. وبالتالي، يساهم الحفاظ على التراث الثقافي في تعزيز الانسجام الاجتماعي وتقوية الروابط بين أفراد المجتمع.
يؤكد العديد من الباحثين على أن التراث الثقافي يمكن أن يكون مساهماً في إعادة بناء وتعزيز العلاقات الاجتماعية في المجتمعات التي تعاني من التفكك والتمزق. فعلى سبيل المثال؛ تم استخدام التراث الثقافي في المغرب كأداة للمصالحة والتوحيد بعد فترة طويلة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية. ويعتبر تحويل المدن العتيقة في المغرب إلى مواقع سياحية تعزز الثقافة المحلية، أحد الأمثلة البارزة على كيفية تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية من خلال التراث الثقافي.
المغرب هو دولة عربية وإفريقية ذات تاريخ غني بالحضارات والثقافات المتنوعة. وقد كان التراث الثقافي للمغرب عاملاً هاماً في تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية في المجتمع المغربي. فقد تم استخدام التراث الثقافي في المغرب كأداة للمصالحة والتوحيد بعد فترة طويلة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، وتم الاستفادة منه في تعزيز التفاعل بين أفراد المجتمع والتعرف على تراثهم الثقافي المشترك.
إن تحويل المدن العتيقة في المغرب إلى مواقع سياحية تعزز الثقافة المحلية، يعد أحد الأمثلة البارزة على كيفية تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية من خلال التراث الثقافي. فقد تم الاستثمار في الحرف التقليدية والمباني العتيقة والمعالم الأثرية، وتم تطوير البنية التحتية لتسهيل وصول الزوار إلى هذه المواقع، مما ساعد في تعزيز الحركة السياحية والتفاعل الثقافي بين السكان المحليين والزوار[10].
بشكل عام، يمكن القول إن المغرب استخدم التراث الثقافي كأداة فعالة في تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وتم الاستفادة منه في تعزيز الحوار الثقافي والتفاعل المجتمعي، وهذا يعد مثالاً يحتذى به في العديد من الدول التي تعاني من التمزق الاجتماعي والثقافي.
علاوة على ذلك، فإن المغرب يحرص على الحفاظ على التراث الثقافي وتطويره وتعزيزه، ويتضمن ذلك إدماج التراث الثقافي في المناهج الدراسية وتنظيم العديد من المهرجانات والفعاليات التي تعرض التراث الثقافي المغربي. وفي السنوات الأخيرة، تم العمل على تطوير مفهوم السياحة الثقافية في المغرب، حيث يعتبر السياح الآتين لزيارة المدن العتيقة والمعالم التاريخية في المغرب كمصدر للدخل السياحي وللتعرف على التراث الثقافي المغربي.
من هذا المنطلق، يمكن القول بأن التراث الثقافي في المغرب لعب دورًا هامًا في تعزيز الانتماء والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وأنه يمثل جزءًا مهمًا من الهوية الوطنية للمغرب
الفرع الثاني: دور التراث الثقافي في جذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية
تشير العديد من الدراسات إلى أن التراث الثقافي، يمكن أن يشكل موردًا هامًا لجذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية. فالتنمية السياحية المستدامة هي المحور الأساسي في إعادة التقويم لدور السياحة في المجتمع، فهي تعرف بأنها يبدأ تنفيذها بعد دراسة علمية كاملة في إطار التخطيط المتكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل الدولة ككل، أو داخل أي إقليم تتجمع فيه مقومات التنمية السياحية من عناصر جذب طبيعية وحضاري.
عرفها الاتحاد الأوروبي للبيئة والمنتزهات القومية سنة 1993 التنمية السياحية المستدامة على أنها نشاط يحافظ على البيئة ويحقق التكامل الاقتصادي والاجتماعي وبرتقي بالبيئة المعمارية كما تعرف على أنها التنمية التي تقابل وتشبع حاجات السباح والمجتمعات الخالية وضمان استفادة الأحبال المستقبلية. كما أنها التنمية التي تدير الموارد بأسلوب يحقق الموائد الاقتصادية والاجتماعية والجمالية مع الإبقاء على الوحدة الثقافية واستمرارية العمليات الإيكولوجية والتنوع البيولوجي ومقومات الحياة الأساسية[11].
بناء على ما ورد في الأجندة (21) التي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المسمى “قمة الأرض” والذي انعقد في (ريو دي جانيرو) عام 1992 والتي توضحت فيها فكرة التنمية المستدامة بصورة أدق قامت منظمة السياحة العالمية ووكالات دولية أخرى بإعدادها وهي مخصصة لقطاعي السفر والسياحة بعنوان: “نحو تنمية مستدامة رافقة بالبيئة”، تشرح الدور الذي ينبغي لهذين القطاعين أن يؤدياه لتحقيق تنمية سياحية مستدامة. كما وضعت منظمة السياحة العالمية تعريفاً لمفهوم السياحة المستدامة على النحو التالي: إن التنمية المستدامة للسياحة تقتضي من جهة أولى تلبية الاحتياجات الحالية للسياح وللمناطق المضيفة وتستوجب من جهة ثانية وقاية وتحسين فرص المستقبل[12].
في هذا الصدد، يمثل المغرب نموذجًا بارزًا للاستفادة من التراث الثقافي لتعزيز السياحة وتحفيز النمو الاقتصادي. فقد تمكن المغرب من تحويل المدن العتيقة والأحياء التراثية إلى مواقع جذب سياحي تتميز بالتنوع الثقافي والتاريخي الغني. ومن النتائج الإيجابية لهذه الجهود، زيادة عدد السياح الذين يزورون المغرب سنويًا، مما يعزز الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسياحة، ويساهم في توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين. كما تشكل الصناعات الحرفية والتقليدية المرتبطة بالتراث الثقافي، مصدرًا هامًا للعمل والدخل في المجتمعات المحلية. وفي الوقت نفسه، يجب مراعاة أهمية التنمية المستدامة في استخدام التراث الثقافي كمورد اقتصادي. وعليه، يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على التراث الثقافي وتنظيم السياحة بطريقة تحافظ على البيئة وتحافظ على القيم الثقافية والاجتماعية للمجتمعات المحلية. ويمكن الإشارة إلى العديد من الأمثلة الناجحة في استخدام التراث الثقافي لجذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية، مثل تطوير الحرف اليدوية في المغرب وجذب السياح الراغبين في شراء المنتجات التقليدية.
إن استخدام التراث الثقافي كأداة لجذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية التي ترتبط بهذا التراث، يساعد ذلك في دعم الأنشطة الاقتصادية المحلية، حيث يستفيد السكان المحليون من زيادة الطلب على السلع والخدمات التي ترتبط بالسياحة، كما يشجع الاستثمار في قطاع السياحة ويخلق فرص عمل جديدة. ويتم ذلك بالاستفادة من التراث الثقافي والحفاظ عليه وتطويره، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للمجتمعات المحلية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
يعكس النموذج المغربي جهودًا ناجحة في تعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية المرتبطة بالتراث الثقافي، فالسياحة مثلا تعتبر من “أهم قطاعات الاقتصاد في المغرب، إذ تمثل حوالى سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تعد واحداً من المجالات التي تعوّل عليها الدولة في توفير فرص عمل، إذ أسهمت في خلق أكثر من 500 ألف منصب شغل مباشر سنة 2019، أي ما يعادل خمسة في المئة من إجمالي نسبة العمل في القطاع الاقتصادي.كما تعد واحداً من أكبر مصادر جلب العملة الصعبة إلى البلاد، إضافة إلى تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج، وقد ناهزت العائدات المحصلة من قبل السياح غير المقيمين الذين حلوا بالمغرب سنة 2019، من دون احتساب مصاريف النقل الدولي، حوالى 78.6 مليار درهم. وتمثل هذه العائدات من العملة الصعبة نحو 19 في المئة من صادرات السلع والخدمات خلال العام ذاته. لهذا تولي الدولة المغربية أهمية كبيرة لقطاع السياحة في سياستها التنموية التي اتبعتها خلال السنوات الـ 20 الأخيرة”[13].
لهذا تم السعي إلى تطوير العديد من المناطق السياحية في المغرب، وتحويل المدن العتيقة والأسواق التقليدية إلى وجهات سياحية مميزة. كما ساعد ذلك في توفير فرص عمل جديدة للمجتمعات المحلية، وتحسين الخدمات المتاحة في المناطق السياحية. وبالتالي، فإن تطوير واستغلال التراث الثقافي في المغرب يمثل نموذجاً ملهماً يمكن تطبيقه في العديد من البلدان الأخرى.
المحور الثالث: التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي
الفرع الأول: التحول الحضاري الذي يشهده العالم وتهديد التراث الثقافي بالاندثار.
يتميز العالم المعاصر بتحولات حضارية سريعة ومتلاحقة، ما ينعكس على التراث الثقافي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للشعوب. ومع تزايد تلك التحولات وانتشار العولمة، تزداد مخاطر تهديد التراث الثقافي بالاندثار. وفي هذا الصدد، تعتبر التقنية والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقليص الاهتمام بالتراث الثقافي وتقليل قيمته الثقافية والاقتصادية.
يتعرض التراث الثقافي إلى خطر التدمير والنهب والاتجار غير المشروع حول العالم، كما ظهرت العديد من التهديدات في العقود الأخيرة وذلك بفعل عدم الاستقرار السياسي، والفقر بالإضافة إلى انتشار الآليات الثقيلة، والمتفجرات، ومن التهديدات الأخرى التي يتعرض لها التراث الثقافي؛ تغير المناخ، والتنمية، والسياحة، والكوارث الطبيعية[14].
تختلف أنواع المخاطر التي تهدّد تراثنا الثقافي من أحداث مفاجئة وكارثية (مثل الزلازل الكبرى والفيضانات والحرائق، والصراع المسلح) إلى عمليات التدهور والتلف التدريجي والتراكمي التي تسببها العوامل البيولوجية الكيميائية والفيزيائية ومديرو التراث والقائمون عليه في حاجة إلى فهم هذه المخاطر فهما جيدا كي يكونوا قادرين على اتخاذ قرارات فعّالة لتحسين حماية التراث الثقافي إلى أعلى درجة وتسهيل الوصول إليه لأجيال الحاضر والمستقبل. فعلى سبيل المثال، إذا شب حريق في منزل تاريخي سيتعرض المبني عادة لخسارة تامة كاملة في قيمته وفي قيمة محتوياته. وعندما تتعرض قطع متحفية هشة من المقتنيات للتكسير خلال حدوث زلزال أو (هزة) أرضية تسجل خسارة للقيمة في تلك المجموعة. كما أن ألوان الأنسجة التقليدية تخبو وتذبل بسبب تعرضها لأشعة الشمس وهو ما يلحق بها خسارة في القيمة. وفي بعض الأحيان لا يتضمن الخطر أي نوع من أنواع الأضرار المادية في الأصول التراثية، ولكنه، بدلاً من ذلك. يلحق بها خسارة معلوماتية. أو يتسبب في عدم القدرة للوصول إلى تلك القطع التراثية. مثلاً، تلحق بالمقتنيات المتحفية أو الموقع الأثري خسارة في القيمة إذا لم يكن هناك توثيق صحيح أو إذا ضاع التوثيق الموجود[15].
وللحيلولة دون ذلك، فإن الحفاظ على التراث الثقافي يجب أن يكون من أولويات الدول والمجتمعات، وينبغي توفير الإمكانيات اللازمة للحفاظ على تلك الموارد الثمينة. وبذلك، يمكن تعزيز الانتماء والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية التي ترتبط بالتراث الثقافي.
يعتبر “القطاع السياحي من بين المجالات التي أصبحت لها مكانة واهتمام واضحين في السياسات العامة المقدمة من طرف البلاد، باعتباره قطاعا يلبي الحاجيات الاجتماعية للسائح المتمثلة في التنقل والترحال والاستكشاف، وكذلك موردا اقتصاديا هاما يساهم في جلب العملة الصعبة للدول ذات الإمكانات السياحية”[16] فالتراث الثقافي بشقيه المادي واللامادي مقومات أصبحت تعرف اهتماما متزايدا، لكونه إحدى الركائز الأساسية للسياحة الثقافية، وذلك لما يتميز به من مكونات وعناصر غنية تندرج ضمن مؤهلات الجذب السياحي، الذي ينبني على تسخير الموارد التراثية كمصدر هام لجلب السياح وتحقيق تنمية شاملة اقتصادية واجتماعية. فالقطاع السياحي اليوم أصبح عنصرا فعالا ومحركا حياً من خلال تثمين الموروث الثقافي سواء فيما يتعلق بالتراث المادي كالقصور والبنايات، أو التراث اللامادي مثل العادات والتقاليد والمهارات اليدوية والغناء الشعبي… ولعل موضوع السياحة الثقافية والتراث الثقافي من بين المواضيع التي أعطت قيمة للمدن القديمة مثلا من خلال معرفة واكتشاف ما تختزنه المدن من تراث ثقافي متنوع من شأنه المساهمة في جلب السياح قصد التعرف على هذا التراث عن قرب. بالتالي فإن الحفاظ على التراث الثقافي يعد مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع. ففي نفس السياق تحرص العديد من المنظمات الدولية على تحفيز الحفاظ على التراث الثقافي من خلال الدعم المالي والتقني لمشاريع الحفاظ عليه، بالإضافة إلى إقامة العديد من المؤتمرات والندوات التي تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي.
الفرع الثاني: ضرورة إعادة اكتشاف التراث الثقافي وتوثيقه بشكل دقيق وتوفير الحماية اللازمة له.
في هذا الصدد، يلعب التوثيق الدقيق للتراث الثقافي دوراً مهماً في الحفاظ على الثقافات واللغات والممارسات التراثية التي تواجه الاندثار، حيث يمكن أن يتم استخدام هذه الوثائق كمصدر للمعلومات والبيانات التاريخية والثقافية، ويعد انخراط الشباب في عمليات حفظ التراث الثقافي وبعته أمرا جوهريا ينبغي على الحكومات إيلائه الأهمية المطلوبة وتشجيعه عبر إقامة الحوارات العامة حول المفاهيم الاجتماعية والتربوية والثقافية للتراث وتطوير برامج خاصة ترمي إلى التوعية حول التراث الثقافي تحديداً في أوساط الشباب، وتوليد حس الفخر لديهم بتراثهم وتصميم مواد ومسافات في إطار مؤسسات التعليم العالي والعمل على بيان الأبعاد الاقتصادية لحفظ التراث الثقافي غير المادي، وتشجيع الوسائل والطرائق الرسمية وغير الرسمية لنقل التراث، وإن التربية تؤدي دوراً فاعلا في ذلك وبأبعاد مختلفة، وذلك بمحاولة دمجه في العملية التربوية والتعليمية ليساعد على تنشئة جيل من الشباب الواعي بترائه وينعكس بالتالي على وجودهم ومكانتهم في المجتمع[17].
علاوة على ذلك، ينبغي توفير الحماية اللازمة للتراث الثقافي بطريقة مستدامة، مثل المحافظة على المواقع التاريخية والآثار والمباني الأثرية والحفاظ عليها، وتشجيع السياحة الثقافية والترويج للثقافة المحلية والممارسات التراثية كوسيلة لتعزيز الحفاظ على التراث الثقافي وتطوير الاقتصاد المحلي. ففي المغرب، يشهد التراث الثقافي جهوداً كبيرة لا يستهان بها في توثيقه وحمايته، ويعمل كذلك على تشجيع السياحة الثقافية وتنمية الاقتصاد المحلي من خلاله. كما أن هناك العديد من المنظمات المحلية والدولية والحكومية التي تسعى إلى حماية التراث الثقافي وتوثيقه لكن هذه المجهودات تبقى في حاجة الى المزيد من الوعي بأهمية التراث الثقافي كمحرك للتنمية وفاعل في التماسك الاجتماعي.
يشير هذا المحور إلى ضرورة إعادة اكتشاف التراث الثقافي وتوثيقه بشكل دقيق، وذلك لأن العديد من الثقافات واللغات والممارسات التراثية تواجه خطر الاندثار بسبب التحولات الحضارية والتكنولوجية السريعة في العالم الحديث.
خـــاتمة
بناءً على المحاور السابقة، يتضح أن الحفاظ على التراث الثقافي يعتبر أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي. لذلك، يمكن استخلاص الخلاصات والتوصيات التالية:
زيادة الوعي والتثقيف: يجب تعزيز الوعي بأهمية التراث الثقافي وتعميق فهم الناس لقيمته الثقافية والاجتماعية. يمكن تحقيق ذلك من خلال تضمين المناهج الدراسية والبرامج التعليمية بمحتوى تراثي ثقافي غني وتنظيم حملات توعية وفعاليات ثقافية.
توثيق وحماية التراث: ينبغي إعادة اكتشاف وتوثيق التراث الثقافي بشكل دقيق وتطبيق تدابير الحماية المناسبة للحفاظ عليه. يتطلب ذلك التعاون بين الحكومات والمؤسسات ذات الصلة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل التصوير بالأشعة تحت الحمراء وتقنيات التخزين الرقمي للمساعدة في الحفاظ على التراث.
تعزيز الأنشطة الاقتصادية والسياحية: يمكن استغلال التراث الثقافي في إنشاء فرص اقتصادية وسياحية مستدامة. يجب تطوير البنى التحتية وتقديم الدعم للمشاريع التجارية المرتبطة بالتراث الثقافي، مثل الحرف التقليدية والمهارات اليدوية، وتعزيز السياحة الثقافية لجذب الزوار وتعزيز الاقتصاد المحلي.
توطين الجهود: ينبغي تشجيع المجتمعات المحلية على المشاركة الفعالة في الحفاظ على التراث الثقافي. يمكن توفير التدريب والدعم المالي لمبادرات المجتمع المحلي للمساهمة في الحفاظ على التراث الثقافي، مثل تدريب السكان المحليين على تقنيات الحفاظ على التراث وتنظيم ورش عمل وفعاليات ثقافية. يجب أيضًا تشجيع المشاركة المجتمعية من خلال إنشاء جمعيات ومنظمات محلية تهتم بالتراث الثقافي وتعزز الوعي به.
تخصيص الموارد والدعم: تعتبر الحكومات والمؤسسات المعنية بالثقافة والتراث الثقافي مسؤولة عن تخصيص الموارد الكافية للحفاظ على التراث. يجب توفير التمويل اللازم للمشاريع المتعلقة بالتراث الثقافي وتوفير الدعم الفني والتقني للمؤسسات والجمعيات المعنية.
تطوير السياسات والخطط: يجب أن تعمل الحكومات على تطوير سياسات وخطط وطنية وإقليمية ومحلية لحماية وتطوير التراث الثقافي. ينبغي أن تكون هذه السياسات شاملة ومستدامة، وتشمل توجيهات للحفاظ على التراث، وتنظيم النشاطات الثقافية والاقتصادية المرتبطة به، وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية.
باختصار، يتعين على المجتمعات المحلية والحكومات والمؤسسات المعنية العمل سويًا لحماية وتعزيز التراث الثقافي. ويجب تعزيز الوعي الثقافي وتطوير الأنشطة الاقتصادية والسياحية المرتبطة به، بالإضافة إلى توفير الموارد اللازمة وتطوير السياسات والخطط الوطنية لتحقيق هذه الأهداف.
القائمة البيبليوغرافية
المصادر والمراجع:
- أحمد علي مرسلي، صون التراث الثقافي غير المادي، أرشيف الحياة والمأثورات الشعبية، ط 1، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، عدد الصفحات: 308، الطبعة: الأولى 2013.
- حسن نافعة، العرب واليونيسكو، الكويت، مجلة عالم المعرفة، العدد 135، عدد الصفحات: 256، 1989.
- خوسيه لويز بيدروسولي جونيور، ترجمة ماري عوض، حكومة كندا، المعهد الكندي لحفظ التراث، 2016.
- عبد العزيز عثمان التويجري، في البناء الحضاري للعالم الاسلامي، ج 13، الرباط، المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 2014.
- عبد اللطيف القادري،، “التراث الثقافي ودوره في تعزيز الهوية الوطنية والمواطنة، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2014.
- علي خليل اسماعيل الحديثي، حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1999، عدد الصفحات 296.
- محمد زغو، أثر العولمة على الهوية الثقافية للأفراد والشعوب، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية، 2010.
- محمد عابد الجابري، التراث والحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2، بيروت، 1999.
المصادر والمراجع الأجنبية:
- Stephennie Mulder and Dr. Debora Trein., “Cultural heritage “in Crisis””, khanacademy, Retrieved 24/1/2022.
المجلات والبحوث والمقالات:
- المبادئ التوجيهية لإدارة مواقع التراث العالمي، إعداد م برنار ويوكا يوكليتو اكروم، ترجمة برنامج الحفاظ على التراث الاثري في المنطقة العربية 1985.
- محمد إبراهيم عراقي وفاروق عبد النبي عطا الله، التنمية السياحية المستدامة في جمهورية مصر العربية، ” دراسة تقويمية بالتطبيق على محافظة الإسكندرية” المعهد العالي للسياحة والفنادق والحاسب الآلي – السيوف الإسكندرية.
- مصطفى قموري، السياحة الثقافية ودورها في تحقيق جذب سياحي للمدن الامبريالية المغربية: مدينة مراكش أنموذجا. مجلة التمكين الاجتماعي، المجلد 03 / العدد 01 / مارس 2021.
المواقع الالكترونية:
· ثريا فرج الرميح، السياحة المستدامة، المفهوم والأهداف، جامعة الفاتح، نفلا عن الموقع الإلكتروني: https://geopot.wordpress.com/2010/05/12/turismo-sostenibile-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%87%D8%AF/ |
· يوسف شكري، صحافي متخصص في الشؤون الاقتصادية، مقال بعنوان: هل يتجه اقتصاد المغرب للانكماش وسط تراجع السياحة في 2021؟، نشر يوم الخميس 3 يونيو 2021 ، 10:16. على الموقع الالكتروني: https://www.independentarabia.com ·هشام صحراوي، دور مؤسسات المجتمع المدني في المحافظة على التراث الثقافي، نشر في بوابة القصر الكبير، يوم: 04 غشت 2015، نقلاً عن الموقع الإلكتروني بتصرف: https://www.maghress.com/ksarforum/4324%E2%80%8F |
· “What is Cultural Heritage”, www.cultureindevelopment.nl, Retrieved 2-7-2018. Edited.
|
· Annamari Laaksonen “Measuring Cultural Exclusion through Participation in Cultural Life”. (2005). Paper presented in Third Global Forum on Human Development: Defining and Measuring Cultural Exclusion: 2-3, on the link: https://culturalrights.net/descargas/drets_culturals135.pdf |
الفهرس
المحور الأول: مكونات وعناصر التراث الثقافي. 4
الفرع الأول: مفهوم ومكونات التراث الثقافي. 4
الفرع الثاني: عناصر التراث الثقافي. 5
المحور الثاني: دور التراث الثقافي في تعزيز الروابط الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية المحلية 6
الفرع الأول: تعزيز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع من خلال التراث الثقافي. 10
الفرع الثاني: دور التراث الثقافي في جذب السياحة وتعزيز الأنشطة الاقتصادية المحلية 11
المحور الثالث: التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي. 14
الفرع الأول: التحول الحضاري الذي يشهده العالم وتهديد التراث الثقافي بالاندثار. 14
الفرع الثاني: ضرورة إعادة اكتشاف التراث الثقافي وتوثيقه بشكل دقيق وتوفير الحماية اللازمة له. 15
[1] – المبادئ التوجيهية لإدارة مواقع التراث العالمي، إعداد م برنار ويوكا يوكليتو اكروم، ترجمة برنامج الحفاظ على التراث الاثري في المنطقة العربية 1985 ص 17.
[2]– “What is Cultural Heritage”, www.cultureindevelopment.nl, Retrieved 2-7-2018. Edited.
[3] – محمد زغو، أثر العولمة على الهوية الثقافية للأفراد والشعوب، الأكاديمية للدراسات الاجتماعية والانسانية، 2010.
[4] – Annamari Laaksonen “Measuring Cultural Exclusion through Participation in Cultural Life”. (2005). Paper presented in Third Global Forum on Human Development: Defining and Measuring Cultural Exclusion: 2-3, on the link: https://culturalrights.net/descargas/drets_culturals135.pdf
[5] – أحمد علي مرسلي، صون التراث الثقافي غير المادي، أرشيف الحياة والمأثورات الشعبية، ط 1، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، عدد الصفحات: 308، الطبعة: الأولى 2013، ص 11.
[6] – حسن نافعة، العرب واليونيسكو، الكويت، مجلة عالم المعرفة، العدد 135، عدد الصفحات: 256، 1989، ص 39.
[7] – علي خليل اسماعيل الحديثي، حماية الممتلكات الثقافية في القانون الدولي، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1999، عدد الصفحات 296، ص 126.
[8] – عبد العزيز عثمان التويجري، في البناء الحضاري للعالم الاسلامي، ج 13، الرباط، المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 2014، الصفحات 333 و 334.
[9] – محمد عابد الجابري، التراث والحداثة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط 2، بيروت، 1999، ص23.
[10] – القادري عبد اللطيف، التراث الثقافي ودوره في تعزيز الهوية الوطنية والمواطنة، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2014. ص 65-75.
[11] – محمد إبراهيم عراقي وفاروق عبد النبي عطا الله، التنمية السياحية المستدامة في جمهورية مصر العربية، دراسة تقويمية بالتطبيق على محافظة الإسكندرية، المعهد العالي للسياحة والفنادق والحاسب الآلي – السيوف الإسكندرية.، ص4.
[12] – ثريا فرج الرميح، السياحة المستدامة، المفهوم والأهداف، جامعة الفاتح، نفلا عن الموقع الإلكتروني: |
https://geopot.wordpress.com/2010/05/12/turismo-sostenibile-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%87%D8%AF/ |
[13] – يوسف شكري، صحافي متخصص في الشؤون الاقتصادية، مقال بعنوان: هل يتجه اقتصاد المغرب للانكماش وسط تراجع السياحة في 2021؟، نشر يوم الخميس 3 يونيو 2021 ، 10:16. على الموقع الالكتروني:
https://www.independentarabia.com
[14] – Dr. Stephennie Mulder and Dr. Debora Trein., “Cultural heritage “in Crisis””, khanacademy, Retrieved 24/1/2022.
[15] – خوسيه لويز بيدروسولي جونيور، ترجمة ماري عوض، حكومة كندا، المعهد الكندي لحفظ التراث، 2016، ص 10.
[16] – مصطفى قموري، السياحة الثقافية ودورها في تحقيق جذب سياحي للمدن الامبريالية المغربية: مدينة مراكش أنموذجا. مجلة التمكين الاجتماعي، المجلد 03 / العدد 01 / مارس 2021، ص 16.
[17] – هشام صحراوي، دور مؤسسات المجتمع المدني في المحافظة على التراث الثقافي، نشر في بوابة القصر الكبير، يوم: 04 غشت 2015، نقلاً عن الموقع الإلكتروني بتصرف: |
https://www.maghress.com/ksarforum/4324%E2%80%8F |