منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

الرعاية الصحية بالمغرب الأقصى في عهد بني مرين

عبد اللطيف بن رحو

2
الفهرس إخفاء

 

 

ملخص البحث

جاء هذا البحث ليواكب الدراسات التي حظيت بها الدولة المرينية في باب الرعاية الاجتماعية، الذي ساهم في واقع الدولة في مختلف الجوانب التي تهم المجتمع خصوصا الجانب الصحي الذي خصته الدولة المرينية بعناية فائقة لما له من دور بارز في حماية صحة مواطنيها، فأنشأت المارستانات لأجل التطبيب والتداوي والعلاج من الأمراض.

وكان لزاما على كل من تعاقب على حكم الدولة المغربية سواء من الأدارسة أم المرابطين أم الموحدين أم المرينيين أم الوطاسيين أم السعديين وصولا إلى العلويين، أن يلتزموا بالرعاية الصحية، والتي هي حق لكل أفراد الشعب لذلك كانت محطة اهتمام، من طرف الدولة المرينية موضوع بحثنا.

فقامت أولا بتشييد المارستانات في مختلف المدن المغربية لتكون مراكز استقبال للمرضى لتلقي العلاج الضروري، وخصت المارستانات بالوسائل اللوجستيكية من أطباء وممرضين وكتاب ومعاونين وأدوية.

كما ساهم الوقف بدعم الرعاية الصحية، وهي الأحباس التي كان يقتطعها المغاربة من ممتلكاتهم فيخصصونها لحفظ الصحة من أجل الوقاية من الأمراض والأوبئة قبل وقوعها أو بالتكفل بالمرضى بعد حدوث المرض أو الوباء.

التزمت في هذا البحث بالنصوص التاريخية وجعلتها هي الحكم في تدعيم كل حدث وقول، لأسلك بذلك الموضوعية ما استطعت.

الكلمات المفتاحية:

الرعاية الصحية، الأوقاف، البيمارستانات، الأمراض، الأطباء، الخدمة الاجتماعية للبيمارستان.

ملخص البحث بالإنجليزية

 

Health care in Morocco Far in the era of Beni Marin

That recherche come to complet the studies of marinien contry in social culture wish touch all the sides especialy the helth side wish the marinien contry focus in cause it help for being healthy so they create maristanat for medication, it was obligatry for all rulers of morrocan contry from adarissa to morabitin to mouwahidine to mariniyine to saadiine ; to respect health care wish is right for each person,so because of that i chose marinien contry.

They create maristanat in all cities to recept patients and take care of him.

The endowment also contributed to support health care by giving alms in order to prévente épidémies befor they happen ans taking care of the sick.

key words: Care the health , Endowments , The bimaristans(Hospitals),

Diseases , the doctors.

تمهيد

من المبادئ التي قامت عليها حضارة المغرب الأقصى، جمعها بين حاجة الجسم، والروح واعتبار العناية بالجسم ومطالبه ضرورة لتحقيق سعادة الإنسان وإشراق روحه، ومن الكلمات المأثورة عن واضع أسس هذه الحضارة رسول لله ﷺ: “إن لجسدك عليك حقا”.([1]) ومن الملاحظ في عبادة الإسلام تحقيقها أهم غرض من أغراض علم الطب وهو حفظ الصلاة والصيام والحج وما تتطلبه هذه العبادة من شروط وأركان وأعمال، كلها تحفظ للجسم صحته ونشاطه وقوته، وإذا أضفنا إلى ذلك مقاومة الإسلام للأمراض وانتشارها، وترغيبه في طلب العلاج المكافح لها، علمت أية أسس قوية قام عليها بناء حضارتنا في ميدان الطب، ومبلغ ما أفاده العالم من حضارتنا في إقامة المشافي والمعاهد الطبية، وتخريج الأطباء الذين لا تزال الإنسانية تفخر بأياديهم على العلم عامة والطب خاصة. ([2])

وليس من شك في أن علم الطب كان ولا يزال من العلوم المفيدة والقريبة من الناس، وسكان المغرب الأقصى ظلوا وعلى مختلف العصور شأنهم شأن الأمم الأخرى يسعون إلى تطوير هذا العلم، ورعاية المختصين به، لاسيما أهل القرنين الخامس والسادس والسابع والثامن الهجري الذين بلغوا إلى مرتبة الازدهار. ويكفي أن نقول إن هذا العلم ظل بعيدا عن أذى أو محاربة السلاطين. ([3])

وللإشارة فقد تحدث بعض الباحثين على أن هذا الميدان لم يحقق نجاحا على مستوى الدراسة النظرية في العصر المريني، إلا أنه حقق المطلوب على صعيد الطب التقليدي، إضافة إلى دورهم في المستشفيات المنتشرة في قسم من المدن المغربية كما سيأتي لاحقا.([4])

وعبرت الكتب التاريخية عن المستشفيات بكلمة البيمارستان ([5]) وهي إحدى المنشآت والعمائر كالمســاجــد والمــدارس… التي كــان يشيــدها الســلاطيــن والخــلفــاء وأهــل الخــير والإحســان على العمــوم صدقــة وحسبــة وخدمــة إنســانية وتخليــدا لذكـراهم. ولم تقتصــر مهـنة هذه البيــمــارستــانـــات على مــداواة المرضى، بل كانت في نفس الوقت معاهد علمية ومدارس لتعليم الطب يتخرج منها المتطببون والجراحون.([6])

وكل المصادر التي اهتمت بتاريخ بني مرين تعرضت إلى الحديث عن هذه المنشآت العمرانية التي أسست في هذا العصر لكنها في تعرضها هذا كانت وجيزة عابرة ثم كثيرا ما اختلفت في تسمية هذه المؤسسات التي كانت في نظر البعض مدارس طبية أو مستشفيات بمعناها الحديث أو مارستانات خاصة بالعلاج وإطعام المساكين والمعوزين، وهكذا وقع الخلط والالتباس في موضوع يكتسي صبغة مهمة بالنسبة لتاريخ الحضارة المغربية في عصر بني مرين ولاسيما الجانب الاجتماعي منها. مثال ذلك ما وقع في تسمية المارستان الذي بناه أبو عنان المريني([7]) بسلا.

فقد ذكر الكانوني أنه كان مدرسة على ما جزم به الشيخ الوالد المقدس في تاريخ الإستقصا أو مارستانا على ما حققه تلميذه المحقق الفاضل السيد محمد بن علي في تاريخه الاتحاف ويتدخل الكانوني للتوفيق بين هذا الخلاف قائلا: “”ويمكن الجمع بين كونه مدرسة ومارستانا بأنه كان أقساما على حسب المدارس الكبرى الطبية والعلمية، فقد كانت المارستانات الإسلامية جامعة بين مواضع المرضى ومواضع الأطباء، وغالبا ما كان هؤلاء الأطباء يشتغلون في جامعة بين مواضع المرضى ومواضع الأطباء، وغالبا ما كان هؤلاء الأطباء يشتغلون في بعض الأوقات بتحضير الأدوية واستخراجها من المواد الكيماوية ويعلمون التلاميذ صناعة ذلك علما وعملا، فكان القسم المعين للتعليم وإلقاء الدروس مدرسة ويسمى مارستانا باعتبار القسم المخصص للمرضى والمجانين ومن في معناهم وهذا شأن الكليات الآن في العواصم الأوروبية والمدن الكبرى، فلا تنافر بين تسميته مدرسة أو مارستانا بحسب هذا الاعتبار.””([8])

كانت المارستانات في العهد المريني في غالب الأحيان مكانا معدا للحمق والمجانين وذوي العاهات العقلية والأمراض النفسية يحبسون فيها خاضعين لنظام طبي إلى أن يعالجوا بصفة نهائية، أما الدروس النظرية فقد كانت تعطى ببعض المدارس التي بناها بعض سلاطين بني مرين، وقد بقيت بعض آثار هذه المارستانات إلى اليوم شاهدة بما كان لبني مرين من عناية بهذا الجانب الاجتماعي.([9])

ولا يفوتنا في هذا المقام أن نعرج الحديث عما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته، حينما خصص فصلا عن علم الطب وصناعة الدواء.

يقول ابن خلدون: “”وهي صناعة تنظر في بدن الإنسان من حيث يمرض ويصح، فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن، وأسباب تلك الأمراض التي تنشأ عنها، وما لكل مرض من الأدوية، مستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها، وعلى المرض بالعلامات المؤذنة بنضجه وقبوله الدواء أولا في السجية والفضلات والنبض، محاذين لذلك قوة الطبيعة، فإنها المدبرة في حالتي الصحة والمرض، وإنما الطبيب يحاذيها ويعينها بعض الشيء بحسب ما تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن، ويسمى العلم الجامع لهذا كله علم الطب.””([10])

المبحث الأول: بناء المارستانات وتشييدها في العهد المريني

منذ تقلد بني مرين زمام الأمور في بلاد المغرب الأقصى وهم يحرصون على بناء المارستانات (المستشفيات) لعلاج المرضى، فكان أول سلاطينهم يعقوب بن عبد الحق ([11]) الذي بنى المارستانات للمرضى.([12])

المطلب الأول: مارستانات مدينة فاس

  • الفرع الأول: مارستان سيدي فرج

بعد بسط المرينيين لدولتهم في المغرب الأقصى وتوحيده تحت حكمهم، شرع السلطان يعقوب بن عبد الحق في بناء مارستان في فاس للمرضى والمجانين، وخصص لها أوقافا، كما وفر لها كل ما يحتاجه المرضى من الأغذية والفواكه، وخصص لها أطباء لتقديم الخدمات الصحية للراقدين فيها، وكان هذا المكان قد اشتهر باسم سيدي فرج، وهو الواقع بقرب من سوق العطارين وسوق الحنا بفاس. ([13])

وقيل إن هذا المارستان كان يقيم به المرضى الذين بعقولهم مرض، وهم المجانين، ويسمى ذلك المكان سيدي فرج على أنه لم يدفن به أي شخص كان يسمى بهذا الاسم، وليس به قبر، وإنما بنى هذا المكان السلطان يعقوب بن عبد الحق ليضم مرضى المسلمين الذين لا ملجأ لهم أو مأوى يأوون إليه، وسمي باب الفرج لأن المرضى كانوا يجدون فيها ما يفرج كربهم، وقد حبست عليه الحبوس التي كانت تصرف غلتها عليه. ([14])

وقد وصف الدكتور دومازل المارستان فقال: “”بناؤه قديم يرجع تأسيسه إلى عهد سلاطين بني مرين -يقصد هنا يعقوب بن عبد الحق- وهم في أوج عزهم وعظمتهم يعاونون على نشر العلوم وتجميل المدن.””([15])

وجاء ذكر هذا المارستان عند صاحب الإستقصا وهو يتحدث عن أخبار السلطان يعقوب بن عبد الحق وسيرته يقول الناصري: “”ولما استقام له الأمر بنى المارستانات للمرضى والمجانين ورتب لهم الأطباء لتفقد أحوالهم وأجرى على الكل المرتبات والنفقات من بيت المال وكذا فعل بالجذمى والعمي والفقراء رتب لهم مالا معلوما يقبضونه في كل شهر من جزية اليهود.””([16])

وذكر مارستان فاس عند صاحب الذخيرة وأنه من تأسيس السلطان يعقوب بن عبد الحق، وفي هذا الجانب يقول ابن أبي زرع: “”وهو الذي صنع المارستانات في بلاد المرتضى للغرباء والمجانين وأجرى عليهم النفقات وجميع ما يحتاجون إليه.””([17])

ونولي وجوهنا قبل ما كتبه الحسن الوزان عن مارستان سيدي فرج، ويصفه لنا وصفا دقيقا وأحوال المرضى وغرف المارستانات بشكل يوحي للقارئ شكل المارستان وكأنك بداخله.

فيقول: “”ولا يجد المريض المسكين فيه غير حجرته وطعامه ومن يخدمه إلى أن يموت أو يشفى من مرضه. وفي هذا البيمارستان حجرات مخصصة للحمقى، أي أولئك المجانين الذين يقذفون بالحجر أو يرتكبون أنواعا أخرى من الأذى، يقيدون فيها بالأغلال والسلاسل. وحواجز هذه الحجرات من جهة الممر وداخل البناية مسورة بعوارض خشبية متينة جدا. وإذا رأى المكلف بتقديم الطعام للحمقى هياج أحدهم انهال عليه بضربات متوالية من عصا يحملها معه دائما لهذا الغرض. وقد يقترب بعض الغرباء من هذه الحجــرات فينـــاديه الحمقى ويشتـــكون إليه استمـــرار حجزهم في السجــن رغم شفــائهم من حمقـهم، ومــا يتعرضون إليه من كثرة سوء معاملة حراسهم كل يوم. وإذا صدق المارة كلام أحدهم واتكأ على جانب نافذة حجرته، مد الأحمق إليه يده وأمسك بتلابيبه ولطخ يده ولطخ بيده الأخرى وجهه بالغائط، لأن هؤلاء الحمقى، وإن كانت لهم ميضأة، يتغوطون غالبا وسط الحجرة، وعلى الحراس أن ينظفوا هذه الأقذار باستمرار. ولذلك فإنهم ينبهون الغرباء أن يأخذوا حذرهم ولا يقتربوا كثيرا من الحجرات. وأخيرا فإن البيمارستان يتوفر على كل ما يحتاج إليه من كتاب وممرضين وحراس وطباخين وغيرهم ممن يهتمون بالمرضى، ويتقاضى كل واحد من هؤلاء المستخدمين أجرا حسنا، ولقد عملت وأنا شاب كاتبا في هذا البيمارستان مدة عامين، حسبما هو معتاد عند صغار الطلبة.”” ([18])

والغريب في علاج مرضى الجنون أنهم كانوا يعالجون بالموسيقى والغناء مع استعمال آلات الطرب المختلفة، وقد كان على أرباب الطرب أن يحضروا في كل أسبوع مرة أو مرتين لأن ذلك يفيد في انشراح الصدر وإنعاش الروح فتقوى ضربات القلب وتعود الأعضاء الجسمية إلى تأدية وظائفها، وهكذا كان اللجوء إلى الموسيقى والغناء من الوسائل النافعة لعلاج داء الحمق كما هو الشأن اليوم في مستشفياتنا العصرية.([19])

غير أن لوتورنو نحا منحا آخر في حديثه عن مارستان سيدي فرج، فهو اعتبر هذا المارستان بمثابة سجن لهؤلاء المرضى ذكورا وإناثا والمصابون بأمراض عقلية خطيرة.

يقول لوتورنو في حديثه عن هذا المارستان: “”ففي ذلك الزمان لم يكن المريض يذهب إلى المستشفى، كان يعنى بالمريض في البيت وكانت أسرته ترى معرة في أن يرسل أحد أفرادها إلى المستشفى بسبب مرضه. فكان يؤم المستشفى إذن المرضى الذين لم يكن لهم من يعنى بهم -وكان هؤلاء نادرين- أو المرضى الذين لم يكن بالإمكان الاحتفاظ بهم في البيت أولئك المصابون بأمراض عقلية خطرة. ويتضح أن فكرة السجن كانت مرتبطة بفكرة المستشفى. ومستشفى فاس الذي كان يطلق عليه سيدي فرج، كان يتألف من غرف صغيرة تدور بعرصة. وكانت سلاسل الحديد تتدلى من أعلى السطح إلى كل من هذه الغرف، ويربط بها هؤلاء المرضى المساكين ليظلوا هادئين.””([20])

  • الفرع الثاني: مارستان أبي الجنود

هذا المارستان الذي يطلق عليه أبو الجنود هو من تأسيس أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المريني.([21])

فالمؤرخون للدولة المرينية اقتصروا على ذكر اسم المارستان، دون الخوص في تفكيك منظومته ومعالمه وبوارقه، مما يجعلنا نفقد الشيء الكثير عن مضامين هذه المارستانات. ومارستان أبي الجنود من المارستانات التي غاب عنها الكثير من التوضيحات التي تهمه، وبقي الغموض يكتنفه إلا إشارة لاسمه وإلى من شيده، كما يغيب عنا تاريخ تأسيسه. وربما هذا راجع حسب نظرنا المتواضع أن هذا المارستان لم يبلغ الأهمية المطلوبة كباقي المارستانات الكبيرة، أو ربما لم يكن يؤدي مهمة كبيرة على غرار باقي المارستانات المعروفة.

  • الفرع الثالث: تجديد المارستان بمدينة فاس

ذكر ابن مرزوق أن السلطان أبا الحسن جدد المارستان بمدينة فاس، وجعله الموضع المتخذ لمداواة المرضى ومعاناتهم.

يقول ابن مرزوق: “”جدد إمامنا رضي الله عنه رسم المارستان بمدينة فاس وغيرها. وهو عبارة عن الموضع المتخذ لمداواة المرضى ومعاناتهم.””” ([22])

وكان هذا المارستان بالقرب من القيسارية بفاس.([23])

  • الفرع الرابع: المارستانات في نواحي فاس

كان هناك بعض المارستانات المنتشرة بنواحي فاس مخصصة للمصابين بداء الجذام وكان يشرف عليها نظار وعدول لتسيير الأموال والأملاك التي كانت توقف عليها من طرف الرؤساء وبعض العناصر الشعبية الموسرة وقد أشار بعض المؤرخين إلى أن هذه المارستانات كانت كثيرة بفاس وضواحيها.([24])

وهذا ما بينه لوتورنو حينما أشار إلى هذا النوع من المارستانات المنتشرة خارج أسوار مدينة فاس، بقوله: “”وكان مستشفى الجذام القائم خارج الأسوار، نوعا من السجن أيضا، إلا أنه كان أقل قسوة. وليس ثمة شيء مؤكد نعرفه عنه.””” ([25])

كما أشار الحسن الوزان إلى مستشفيات واعتبرها بالكثيرة خصوصا التي بخارج المدينة أو ضواحيها. يقول الحسن الوزان: “”توجد بفاس مستشفيات ومدارس عديدة في الرونق والاتقان، وكل غريب دخل المدينة له أن يقيم بهذه المستشفيات مدة ثلاثة أيام، وتوجد خارج المدينة عدة مستشفيات لا تقل اتقانا عن التي بداخلها وكانت له قبل مداخيل وافرة.””([26])

المطلب الثاني: مارستانات مدينة سلا

  • الفرع الأول: مارستان أبي عنان بسلا

يعتبر مارستان مدينة سلا من أعظم المارستانات التي بناها بنو مرين، وكان الذي تولى بناءه السلطان أبا عنان المريني والذي ما زال يحمل اسمه إلى اليوم، ويوجد قريبا من باب حسين، ويتوفر على بنايات ضخمة يغلب على الظن أنها كانت بيوتا يحبس فيها المرضى ويعالجون، ويحكي بعض المؤرخين أن هذا المارستان كان قبل بنائه فندقا للزيت إلى أن تولده أبو عنان بعناية فبناه ثم جلب له الأطباء المهرة ليعالجوا المرضى المقيمين فيه، كما عين موظفين ليشرفوا على تسييره، وأغدق عليهم أموالا كثيرة مقابل خدمتهم الإدارية والاجتماعية. ([27])

وبه كان سكنى العارف بالله أبي موسى الدكالي، ولا يزال بيته معروفا إلى الآن. فبنى أبو عنان به المارستان المذكور وعين له أطباء مهرة من الذين يعانون العلم قراءة وعلاجا. وكان مرتبا لهم الجرايات والصلاة على ما يعانون، فكان سوق الطب كسائر المعارف والعلوم رائجا بأقطار المغرب لاعتناء الملوك به. ولما تقهقر حال الدولة المرينية وضعف حال ملوكها، فهجر المارستان لذلك، ولا سيما لكونه بحارة اليهود، فلم تبق منه منفعة الطب ولا صلات الملوك وجراياتهم أشبه الفندق المعطل وتطرق إليه الخراب لهجرانه، وأشرف بناؤه الرفيع على الخراب فنقض بناؤه وأعيد لحالته الأولى كما كان فندقا، وبقي بابه شاهدا لحسن بنائه، وعلى بابه كتابة اشتملت على رسم بانيه أبي عنان وعلى تسميته بالمارستان، مكتوب ذلك في الزليج الأسود الملصق على تاج الباب المذكور.([28])

  • الفرع الثاني: مارستان سيدي ابن عاشر بسلا

لما قدم أبو العباس أحمد بن محمد بن عاشر الأنصاري الأندلسي([29]) من بلاد الأندلس جعل إقامته بسلا، وذلك في النصف الأول من القرن الرابع عشر الميلادي، بعد أن تنقل في بلاد المغرب مثل فاس ومكناسة وشالة، وأخد ابن عاشر يعالج المرضى واشتهر اسمه بسيدي ابن عاشر الطبيب، وأنشئ بالقرب من قبره مارستان. وفي سنة 1247ه/1846م جدد السلطان مولاي عبد الرحمان بناء هذا المارستان.([30])

المطلب الثالث: مارستان مراكش

يعود تأسيس المارستان إلى يعقوب المنصور الموحدي الذي اختار مكانا له في مدينة مراكش، وخصص له أوقافا. ([31])

قال عبد الواحد المراكشي وهو يتحدث عن مناقب الخليفة يعقوب المنصور الموحدي: “”وبنى بمدينة مراكش بيمارستـــانــــا ما أظن أن في الدنيا مثلــه، وذلك أنه تخير ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلــد وأمر البنائين بإتقانه على أحسن الوجوه، فأتقنوا فيه من النقوش البديعة والزخاريف المحكمة ما زاد على الاقتراح، وأمر أن يغرس فيه مع ذلك من جميع الأشجار المشمومات والمأكولات وأجرى فيه مياها كثيرة تدور على جميع البيوت، زيادة على أربع برك في وسط إحداها رخام أبيض، ثم أمر له الفرش النفيسة من أنواع الصوف والكتان والحرير والأديم وغيره بما يزيد عن الوصف ويأتي فوق النعت، وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام وما ينفق عليه خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية، وأقام فيه من الصيادلة لعمل الأشرية والأدهان والأكحال وأعد فيه للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء فإذا نقه المريض فإن كان فقيرا أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يستقل، وإن كان غنيا دفع إليه ماله وترك وسببه ولم يقصره على الفقراء دون الأغنياء، بل كل من مرض بمراكش من غريب حمل إليه وعولج  إلى أن يستريح أو يموت.”” ([32])

وفي عهد الدولة المرينية حظي هذا المارستان بعناية شديدة نظرا لأهميته، فقد قام السلطان أبو الحسن المريني بتجديد معظم المارستان، كما ذكر ذلك ابن مرزوق في مسنده.([33])

يقول ابن مرزوق: “جدد إمامنا رضي الله عنه رسم المارستان بمدينة فاس وغيرها.”([34])

وإن كنت قد أشرت إلى مارستان مراكش رغم أنه من تشييد وبناء سلاطين الموحدين، فعلاقته بالدولة المرينية تبقى قائمة باعتبار التحديث والتجديد من طرف أحد سلاطينهم.

المطلب الرابع: المارستان العزيزي بالرباط

كان هذا المارستان في الأصل مدرسة بالجامع الكبير بالرباط لطلاب العلم المترددين على الجامع الكبير، وينتسب المارستان العزيزي والسقاية بجواره إلى مؤسسها السلطان أبي فارس عبد العزيز بن علي بن عثمان المريني، ويرجع تاريخ البناء إلى القرن الثامن الهجري. ([35])

وتحدث الدكتور عبد الله السويسي عن المارستان فقال: “”مدرسة الجامع الكبير، وهي المارستـان المريني الذي كـــان في الأصـل مدرســة لطلــبة العلم المتردديــــن على تلقي العلوم بالجامع الكبير، والمارستان العزيزي والسقاية بجواره منسوبان إلى مؤسسهما السلطان أبي فارس عبد العزيز بن علي بن عثمان المريني ويرجع تاريخ البناء إلى القرن الثامن الهجري.””([36])

ويتكون بناء المارستان من صحن مركزي مربع الشكل تحيط به أروقة تطل على الصحن بسواري وأقواس بسيطة. والبناء بوجه عام شبيه ببناء المدارس المرينية ولكن ينقصه بيت الصلاة، كما يفتقر إلى الزخرفة ويغلب على البناء في الوقت الحاضر الطابق العلوي حيث أنه جدد في عصر الأسرة العلوية.([37])

المطلب الخامس: مارستان المنصورة قرب تلمسان

ورد ذكر مارستان المنصورة بتلمسان في كتاب العبر لابن خلدون. حين حاصر السلطان المريني يوسف بن يعقوب مدينة تلمسان حصارا طويلا، فقام بتشييد وتخطيط مدينة جديدة بالقرب من تلمسان سماها المنصورة وذلك سنة 698ه/1299م. وأمر الناس بالبناء فبنوا المنازل والدور، واتخذوا البساتين وأجروا المياه، وأمر ببناء سور كسياج للمدينة الجديدة سنة 702ه، وقام بتشييد وبناء المسجد الجامع والمارستان والحمامات.([38])

فالمارستان الذي نحن بصدد الحديث عنه لا نملك عنه معلومات ثرية سوى ما جاء عند ابن خلدون الذي اقتصر على ذكر المارستان ولم يفصل الحديث عن شكله ولا تاريخ بنائه ولا الأمراض التي كانت تعالج فيه، غير أنه فقط شيد بمدينة المنصورة وقت حصار تلمسان، وبذلك يبقى الغموض يكتنف هذا المارستان وتحوم عليه أكثر من علامة استفهام.

ولا بأس أن نذكر ما كتبه ابن خلدون عن هذا المارستان فيقول: “”وأمر باتخاذ الحمامات والمارستان، وابتنى مسجدا جامعا، وشيد له مئذنة رفيعة، فكان أجل مساجد الأمصار وأعظمها، وسماها المنصورة، واستبحر عمرانها ونفقت أسواقها. ورحل إليها التجار بالبضائع من الآفاق فكانت إحدى مدائن المغرب.””([39])

المطلب السادس: مارستان آسفي

حين زار لسان الدين بن الخطيب مدينة آسفي سنة 761ه/1360م، أشار إلى وجود المارستان وقد يكون السلطان أبو عنان هو من تولى تأسيسه مع المدرسة العلمية، وإن كانت المادة التاريخية غير متوفرة بشكل يجعلنا متأكدين من مؤسسه وتاريخ إنشاءه.

ونقف على ما كتبه ابن الخطيب عن المارستان فيقول: “”وبهذه البلدة، المرسة والمارستان، وعليها مسحة من قبول الله، وهواؤها أطيب أهوية البلدان، يستدعي الدثار في القيظ لبرده ولطيف مسراه. وتردد بها إلى صاحب السوق ومقيم رسم المارستان، الشيخ الحاج أبو الضياء منير بن أحمد بن محمد ابن منير الهاشمي الجزيري من أهل الظرف والخيرية والتمسك بأذيال أهداب الطلب.””([40])

زيادة على ما ذكره ابن الخطيب حول مارستان آسفي، ذكر الكانوني هذا المارستان واعتبره من آثار المرينيين، رغم أن ما كتبه كان نقلا عن ابن الخطيب.

وبدوره أشار الكانوني إلى الاختلاف الحاصل فيمن بنى المارستان وإلى من يرجع تأسيسه، فذهب أنه من المرجح أن يكون تأسيسه من طرف السلطان أبي عنان، ويحتمل أن يكون من تأسيس السلطان أبي الحسن.([41])

فتبقى الشكوك واردة كما يبقى الاختلاف أيضا واردا، مما يجعلنا نبقى حبيسي الشكوك، والغموض واختلاف الآراء، كما أنه لا توجد لوحة تحبيسية تدل دلالة قاطعة على بانيه.

المطلب السابع: مارستان مكناس     

مارستان مكناس من تأسيس السلطان أبي عنان المريني، ولا تزال بنايته قائمة في حي الحمام الجديد، يميزها باب لطيف، تتوجه لوحة خشبية مستطيلة، تنقش بها كتابة بخط الثلث فيقرأ فيها اسم المؤسسة وبانيها. ويشتمل المستشفى-في وضــعه الحالي-على قسمــين: الأول: كان فيما يظــهر مخصصــا لعــلاج المرضى، ويتكون من طابقين تدور بكل منهما حجرات صغيرة تتنافس من ثلاث جهات، ويتوسط ساحة الطابق الأسفل مربع داخله غرسات مناسبة تحف بصهريج صغير.

أما القسم الثاني: فكان موقعه شرق البناية الأولى، في طابق واحد مقسم إلى بيوت مخصصة لإقامة المعتوهين، وبعد نقل هؤلاء إلى مكان آخر داخل المدينة تحول مستقرهم الأول إلى بناية متسعة تستخدم الآن معملا للنجارة، وقد اقتطع القسم الثاني من المستشفى العناني خلال ستينيات الهجرية الأخيرة. ومن حديث هذا المارستان: أن أديب مكناس ابن عبد المنان سكن به في زيارته لهذه المدينة صحبة السلطان المريني أحمد بن أبي سالم، فكانت هذه السكنى مثار حوار شعري بين العاهل المريني والشاعر المكناسي، حتى نستفيد منها تأكيد مرينية هذا المارستان.([42])

المطلب الثامن: مارستان تازة

يبقى مارستان تازة يكتنفه الغموض لأن الكتابات التاريخية لم تشر إليه وما يحملنا عن الحديث على مارستان تازة ما جاد به قلم ومداد الدكتور محمد المنوني.

يقول الدكتور محمد المنوني:”فكان بداخلها مستشفى مريني حسب اللوحة لوقف أبي عنان عليه، فضلا عن أحد أجزاء الحوالة الحبسية لنفس المدينة، وهي تحتفظ بفقرة صغيرة تذكر نصيف أشجار عرصة المارستان.””([43])

المطلب التاسع: العيون السخنة للتداوي

اعتنى السلطان أبو الحسن المريني أيضا بالعيون السخنة التي يتداوى بها الناس، فبنى حمة خولان، على وجه محكم وبنى وَشْتَاتَة وحمة أبي يعقوب.([44])

وهذه العيون من عطاء الله على بلاد المغرب الأقصى، يندفع منها الماء ساخنا وقد يشتمل على كميات من الكبريت الذي يكون علاجا لبعض الأمراض خصوصا الأمراض الجلدية والعظام والمفاصل لذلك يقصدها الناس للانتفاع بمائها.

  • الفرع الأول: حمة خولان

هي من العيون الساخنة، وهي الحمة التي تعرف اليوم بسيدي حرازم تقع على بعد 15 كلم إلى الجنوب الشرقي من مدينة فاس، تنبع فيها مياه غنية بالغاز الكاربوني تبلغ حرارته حوالي 35 درجة، وقد شرعت الدولة المغربية في السنين الأخيرة في تجهيزها وتزويدها بالمرافق العصرية التي تجعل إقامة المستحمين فيها مريحة.([45])

تحدث الجزنائي عن الحمة وأشار إلى أن السلطان أبا الحسن اهتم واعتنى بها نظرا لأهميتها.

يقول عنها: “”ومنها حمة خلان وهي من العيون الساخنة وهي مرفقة للاستحمام والتداوي، وقد اعتنى مولانا أمير المسلمين أبو الحسن نور الله ضريحه ببناء حمة خولان على وجه محكم لتتم مصالح الناس فيها ومنافعهم.””([46])

ونالت حمة خولان حظ الذكر عند صاحب جذوة الاقتباس أحمد بن القاضي المكناسي الذي تحدث عن منافعها وعن السلطان الذي اعتنى بها.

يقول أحمد بن القاضي المكناسي: “”اعتنى أمير المسلمين أبو الحسن المريني ببناء حمة خولان على وجه محكم لتتم به مصالح الناس ومنافعهم.””([47])

ولا تزال بناءات السلطان أبي الحسن المريني ماثلة للعيان حتى الآن بحمة خولان المعروفة اليوم بحمة سيدي حرازم، وخلفها شمالا أسس السلطان المنعم سيدي محمد بن يوسف العلوي دارا كان ينزل بها رغبة في الاستحمام، وقد وسعها الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله. ([48])

  • الفرع الثاني: حمة أبي يعقوب

حمة واقعة في الشمال الغربي من فاس على بعد 15 كلم منها تعرف اليوم بمولاي يعقوب، تنبع فيها مياه سخنة تشتمل على كميات وفيرة من الكبريت، يأتيها الناس من كل صوب لعلاج أمراض الجلد والروماتيـزم والزكــام الدماغي. ووقفنــا على هذه الحمة عند الجزنـــائي رغــم إشـــاراتــه الخفيفة لها، وتحـــدث

على أن الحمة هي للاستحمام والتداوي وهي من الحمات التي اعتنى بها السلطان المريني أبو الحسن.([49])

  • الفرع الثالث: حمة وشتاتة

حمة واقعة في المنحدر الشمالي لجبل زالغ المطل على فاس، في مائها كل خصائص ماء حمة مولاي يعقوب، إلا أنه أضعف منه كمية إذ لا يتجاوز كمية نبعه ثلاثة أمتار في الثانية، فلذلك لا ينتفع به إلا السكان المجاورون.([50])

لم يتطرق صاحبي الجذوة وزهرة الآس إلى تفاصيل كثيرة حول الحمة، مما يجعلنا نقف عند هذه الإشارات الضئيلة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، وما يزال الغموض يكتنف الحمات في المصادر التاريخية التي أرخت للحقبة المرينية.

 المبحث الثاني: أوقاف مارستانات المغرب الأقصى في العهد المريني

كان أول واقف في الإسلام النبي المعظم سيدنا محمد ﷺ، ثم تبعه الصحابة رضي الله عنهم، ثم سارت الأمة الإسلامية على درب هؤلاء الأفذاذ، ومع مرور العصور وتوالي الأزمان بدأت تكتشف القيمة الحقيقية للأوقاف، إذ إنها ساهمت بدور حيوي في حل المشاكل التي واجهتها الأمة عبر تاريخها الحضاري الطويل.([51])

خصصت أوقاف لتسيير المارستانات في المغرب الأقصى، ضمان لاستمراريتها وفعاليتها، وهي الخدمة التي تقدمها للناس في المجال الصحي فكان لا بد من وجود أوقاف سواء من نفقات الدولة أو المحسنين لمراعاة هذه المارستانات، والتي ترفع الحرج عن المرضى وخاصة الفقراء منهم الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج وما يترتب عليه، فيكون الوقف سببا في راحتهم وسعادتهم.([52])

ونسجل أن الأوقاف المتعلقة بالمجال الصحي لم تذكر بشكل مفصل في المصادر التاريخية التي أرخت للدولة المرينية.

يقول الحسن الوزان عن المارستانات: “”وكانت لها قبل مداخيل وافرة.””([53])

جاءت إشارات قليلة عن أوقاف المارستانات في كتاب الذخيرة السنية، فقال عنها: “”وأجرى عليهم النفقات وجميع ما يحتاجون إليه من الأغذية وما يشتهون من الفواكه.””([54])

وتحدث الدكتور عبد الهادي التازي عن أوقاف المارستانات خصوصا ما وقف وحبس على مارستان فاس.

يقول الدكتور التازي: “”بيد أن فكرة شمول المارستان لكل مشاريع الإحسان والبر تجسدت، على ما يظهر في بداية عهد بني مرين لما كثر بناء البيمارستانات. وقد كان للسلطان أبي الحسن فضل تجديد المارستان في فاس، واقتفى أثره أبو عنان في العناية به والتحبيس عليه، فكان قدوة لعدد من المحسنين والمؤسرين الذين أشفقت قلوبهم على الأسرى والمنكوبين، فقدموا العطاءات الجزيلة المتوالية، فلم تمض مدة حتى كانت للمارستانات نظارة على حدة تتعهد المصابين بأمراض نفسية، والمتعبين والمحرومين والغرباء، وقد كانت لفكرة المصالح المرسلة التي يمتاز بها الفقه المالكي في المغرب أثر انتشار الأوقاف وتسبيلها على المرافق العامة، من المدارس والمارستانات، والأواني المكسرة، وتزويج المقلين.””([55])

والظاهر أن أوقاف المارستانات كانت كثيرة ومتنوعة حتى أنه في عهد السلطان أبي سعيد عثمان الثاني بن أبي سالم آخر ملوك بني مرين، حين احتاج إلى المال لتمويل الجيش، أشار عليه بعضهم ببيع أوقاف المارستانات، وإذا دفع العدو وانتهت الحرب أعاد شراء هذه الأملاك. غير أن أمه عارضته معارضة شديدة وقالت له: عن هذه المارستانات نفسها هي من أوقاف وصدقات أجداده الأمراء.([56])

ونتيجة لطمع بعض سلاطين بني مرين، الذين كانوا يطمعون في أخذ الأملاك والأموال التي كانت توقف على هذه المارستانات والمستشفيات، تسديدا للعجز الذي حل بهم وبشؤون دولتهم، وليس بغريب أن يقع مثل ذلك في أيام السلطان أبي سعيد عثمان المريني، الذي كان يتخبط في مشاكل سياسية خطيرة أدت به تلافيا للعجز، إلى التسلط على الأموال التي كانت مرصدة لهذه المؤسسات الاجتماعية فصرفها عبثا في قمع الثورات التي كانت تنشب ضده من حين لآخر. ([57])

وجاء في بعض الحوالات الحبسية أنه تم تخصيص من طرف بعض الناس أوقافا للموسيقيين الذين يسمعون المصابين في أوقات معينة ما يخففون به عنهم. وخصصت أوقاف لسيدي علي بوغالب ([58]) حيث يوجد ملجأ لأصحاب القروح والجروح.([59])

المبحث الثالث: الدور المؤسساتي للمارستانات بالمغرب الأقصى في عهد بني مرين

كان الغرض من إنشاء المارستانات الذي كان يدعم عن طريق نظام الأوقاف في العهد المريني، أن يكون مثالا على النزعة الخيرية للإسلام. فالأهمية العظمى للمارستانات تكمن في شموله على الرعاية الصحية والتعليم الطبي في العهد المريني.([60])

أسهم أطباء ذلك العصر بمعالجة المرضى داخل هذه المنشآت. التي قامت بدور اجتماعي يلفت النظر، وذلك حينما ساهمت في إعانة الفقراء والمحتاجين الذين يسعون للتداوي فيها.

ويمكن القول إن المارستانات التي كانت في عهد بني مرين، كانت مهمتها بالدرجة الأولى مهمة إنسانية. وتم الاهتمام والعناية ببناء المارستانات، وتنظيم حرفة الطب حفاظا على صحة الناس، وإبعادا للمشعوذين والمدّعين لمهنة الطب، غير المؤهلين له.([61])

وتعتبر البيمارستانات في العهد المريني، أحد المظاهر الطبية التي أظهرت التفوق العلمي والعملي الذي برع فيه المسلمون ووصلوا بها إلى درجة متقدمة من التطور الحضاري والتقدم العلمي، وكانت الأهداف والغايات التي تنشدها رسالة البيمارستانات نبيلة وسامية لا يقصد من ورائها إلا خدمة الإنسان والمجتمع دون أي ثمن أو مقابل، لا فرق في ذلك بين الغني والفقير والحاضر والبادي والمسافر والمقيم.([62])

وكان يشرف على هذه المارستانات أطباء أكفاء ويساعدهم في عملهم الفراشون والقومة لخدمة المرضى وللقيام بأعمال النظافة، وكان رئيس الأطباء يدور على المرضى ويتفقد أحوالهم وبين يديه مساعدوه، من أطباء وطلاب الطب، والمشرفون والقوام على خدمة المرضى، فكان كل ما يكتب للمريض من دواء وغذاء يجري تنفيذه ولا يؤخر. وكانت المارستانات التي أقيمت في مدة ازدهار الحضارة المغربية تتمتع بسمعة طيبة بلغت من التطور في كل النواحي كالبناء والعلاج وكذلك الأطباء الذين ضمتهم هذه البيمارستانات وهم من خيرة الأطباء المهرة الذين أسهموا بجهودهم في تطور الطب. فدور المارستانات هو دور كبير في النهوض والتعريف بالحضارة الإسلامية عامة والمغربية في العهد المريني خاصة وخصوصا في الميدان الصحي والرعاية الاجتماعية للمرضى.([63])

كما اهتمت السلطة المرينية بالرعاية الاجتماعية للمريض بعد خروجه من المارستان، فكانت تصرف لهم الكسوة والإعانة، أما إذا مات المريض في المارستان فعلى المارستان تجهيزه ودفنه حتى لو كان بين أهله. وكان الغرباء قديما يعطون السكن بها لمدة ثلاثة أيام لمن لم يجد سكنا أو لا يقدر على دفع ثمن الفنادق.([64])

وكانت المارستانات توفر لهؤلاء المرضى كل الضروريات بحيث لا يحتاجون إلى شيء، فالمارستانات كانت تنقسم إلى قسمين منفصلين عن بعضهما، قسم للذكور وآخر للإناث كل منهما مجهز بالمعدات والأدوية، وله أطباء وممرضون وفراشون، داخل كل قسم قاعات لأمراض مختلفة.([65])

والظاهرة الاجتماعية التي سادت في العهد المريني كون المارستانات اهتمت بالخصوص بذوي الأمراض النفسية، كما ذكرت المصادر التاريخية. ففي الوقت الذي كانت أوروبا تجهل كيفية التعامل مع هؤلاء المرضى كان المغرب في عصر بني مرين يهتم ببناء المارستانات خصوصا للمرضى النفسيين، وتوفير الأطباء والممرضين لهم، فكانت عنايتهم بالصحة النفسية لكل عابر سبيل من داخل الوطن أو خارجه وكيفما كان حاله غنيا أو فقيرا. ([66])

والمارستانات تكتسي أهمية قصوى داخل المجتمع المغربي خلال العهد المريني، لأنها عكست مدى وعي الدولة واهتمامها بالرعاية الصحية لمختلف طبقات المجتمع، وإن كان التركيز على وجود المارستانات داخل المجال الحضري والمدن الكبرى، في حين ينعدم وجودها في الأرياف والبوادي حيث تقل الخدمات الصحية.

وعلى خلاف ما حظيت به المؤسسات الدينية والمؤسسات العلمية من عناية بالغة الأهمية لدى مؤرخي دولة بني مرين، فلم تحظ المارستانات باعتبارها مؤسسة اجتماعية بنفس الاهتمام الذي وجدناه في المؤسسات الدينية والعلمية، إلا بعض الإشارات الخجولة عنها ويرجع ذلك إلى قلة الاهتمام بالجانب الصحي في المؤلفات التاريخية.

مما يجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام عن غياب المادة التاريخية الدقيقة عن المارستانات خلال فترة حكم المرينيين.

وإضافة إلى الدور الصحي الذي تجسده المارستانات من الاهتمام بالمرضى ووصف الدواء المناسب لهم، كان لهذه المؤسسة دور آخر تجلى بوضوح، حينما اعتبرت المارستانات بمثابة الملاجئ الخيرية التي يأوي إليها غالبية الفقراء والمساكين، بعد أن جمعتهم الدولة هناك حتى يسهل عليها توزيع الصدقات عليهم والاهتمام بهم على أكمل وجه.([67])

وتجدر الإشارة إلى أن المارستانات توقف عملها بعد بيع أملاكها لصد العدو في عهد السلطان أبي سعيد عثمان بن العباس بن أبي سالم الذي توفي قبل أن يعيد شراء ما باعه من أملاك المارستانات الموقوفة عليها.([68])

وبقيت المارستانات فقيرة محرومة تقريبا من وسائل العمل. ومع ذلك فإنها تستضيف اليوم بعض الفقهاء الغرباء وأشراف المدينة، حفاظا على الغرف لتبقى في حالة جيدة. فهذا كان حال المارستانات حتى بعد توقف الخدمات الصحية التي كانت تجود بها على عامة الناس.([69])

المبحث الرابع: نماذج لأطباء المارستانات في العهد المريني

عرف الطب العصر المريني تطورا ملحوظا خصوصا بعد ظهور أطباء أجلاء برزوا في المجال الطبي فكان لهم فضل دراسته وتدريسه والتأليف في مجاله.

كما أدت الرعاية التي أبداها سلاطين الدولة المرينية بالأطباء إلى علو وسمو علم الطب، وبذلك تركت بصمة علمية في تلك الحقبة التاريخية. فأسهم الأطباء في تطوير هذا العلم والنهوض به ومعالجة الكثير من الأمراض التي أصابت المغاربة، ونجحوا في علاج الكثير من الحالات المستعصية التي كان علاجها مستحيلا في بعض العصور.

ويمكن القول إن التطور الذي حدث في الطب المغربي زمن العهد المريني لم يأت من فراغ، وإنما حدث بتطور الأطباء أنفسهم وإبداء النجاعة والبحث المتواصل، والاهتمام بمنظومة الطب وسيلة إنسانية بالمقام الأول والعناية الخاصة للمرضى، أو بالمؤلفات الطبية التي ألفت ودونت في تلك الحقبة الزمنية للدولة المرينية.

وفي هذا الجانب يتحدث الدكتور محمد بن شقرون فيقول: “” أما الجانب النظري فقد كان يتجلى في تخرج الأطباء ونبوغهم وما خلفوه من إنتاج. ورغم كون هؤلاء الأطباء كانوا إلى جانب اشتهارهم بهذا الفن يلمون بفنون أخرى.””([70])

المطلب الأول: الطبيب أبو عبد الله الشريشي

يعرف عند عامة الناس بالحكيم وحكيم الرعاء، كان رحمه الله ممن له تقدم في صناعة الطب ومعرفة بما يرجع إليها من علم وعمل وكانت مكانته مكينة عند الأمراء والملوك مع رصانة العقل وحسن الشارة وصباحة الوجه استدعاه السلطان أبو عنان إلى حضرته فاجتمع هناك مع جماعة من الأطباء ونظر في شكيته فاستحسنه غاية الاستحسان وأجزل عطاءه، وكان السلطان يقول بعد ذلك في كلامه اختصت سبتة بأربعة رجال دون سائر بلاد المغرب كملوا في عصرهم خلقا وخلقا وسماهم من جملتهم الطبيب أبو عبد الله هذا، وكان له سلف في طريقته وحانوته برحبة الوزان من سبتة معروف إلى اليوم.([71])

المطلب الثاني: الطبيب محمد بن يحيى العزفي

هو محمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن أحمد العزفي، من أهل سبتة، يكنى أبا القاسم، من رؤساء سبتة، بويع بعد أبيه يحيى في شعبان عام 719ه، وخلع في صفر سنة 720ه أمه بنت عم أبيه وهي عائشة بنت إبراهيم، انتقل إلى غرناطة عند خلعه وانصرافه عن بلده، ونظر في الطب ودوَّن، وبرع في التوشيح، وانتقل إلى مدينة فاس فاستعمل بها في الخطط الفقهية وكتب عن ملوكها وقام له سوق نافق بها وعلى تدفق أنهاره، وكثر غالي نظمه واشتهاره. ([72])

كما وصفه صاحب الإحاطة بأنه من أهل الظرف والبراعة، والطبع المعين، والذكاء. ([73]) توفي بفاس التي رحل إليها سنة 768ه. ([74])

المطلب الثالث: الطبيبة عائشة بنت الجيار

الطبيبة عائشة ابنة الشيخ الكاتب الوجيه أبي عبد الله بن الجيار المحتسب بسبتة قرأت علم الطب على صهرها الشيخ الشهير أبي عبد الله الشريشي المذكور، ونبغت فيه وكانت امرأة عاقلة عالية الهمة نزيهة النفس معروفة القدر لمكان بيتها لها تقدم بالطبع وجزالة في الكلام عارفة بالطب والعقاقير وما يرجع إلى ذلك، بصيرة بالماء وعلاماته وتأثل لها بطريقتها صيت شيده الأمراء فطالما كانوا يجيزونها بالهدايا والتحف وغيرها، لأجل ما خبروه من حرفتها، وكان لها رباع تغتلها ولم تزل سيدة محفوظة المنصب إلى أن توفيت بعد أن عهدت بتوقيف رباعها في وجوه البر وسبيل الخيرات رحمها الله.([75])

صنفها الدكتور عبد الله كنون في خانة الميدان العلمي باعتبارها احترفت الطب وميادينه ومن جهابذته في العصر المريني. فقال: “أما في الميدان العلمي فسنترجم للطبيبة عائشة بنت الجيار مكتفين بها، ونحن على يقين من أن هناك كثيرات من السيدات الفاضلات اللاتي كن يشاركن في غير ما ذكر من ضروب المعارف.”([76])

المطلب الرابع: الطبيب الأندلسي محمد بن القاسم القرشي المالقي

من الأندلسيين الذين عملوا بالطب في العاصمة المرينية فاس محمد بن القاسم بن أبي بكر القرشي المالقي، رحل هذا الطبيب إلى فاس، حيث تولى بها الإشراف على المارستان، كان ذلك في ربيع الثاني سنة 754ه/1353م في عهد السلطان أبي عنان المريني. ([77])

خــــاتمـــــــــــــــة

الاهتمام بالمنظومة الصحية، هي مقاربة مهمة ذات بعد إنساني وجيه ومؤثر اجتماعي، ومن مظاهره، تشييد المارستانات للتداوي والعلاج، والخدمة المجانية للتطبيب، وإشراف السلطة على تشجيع دراسة الطب وتعلم فنونه وقد هيئت لذلك كل الظروف الملائمة.

ومن أهم النتائج التي توصلت إليها ما يلي:

– أسفرت الدراسة عن إبراز أهمية الطب في بلاد المغرب الأقصى خلال العصر المريني.

-كما أبرزت الدراسة أن منظومة الصحية في المغرب الأقصى نالت حظا من الاهتمام والرعاية من قبل السلاطين وأهل البر والإحسان

– عملت الدولة المرينية على وضع لبنات أساسية لضمان استمرار عمل المارستانات، وذلك من خلال وقف الأوقاف عليها، إلى جانب اسهامات المحسنين وأهل الخير والبر. وهذه المبرات كانت تنفق على المرضى من أكل وشرب ولباس إضافة إلى الأدوية والمعالجة المجانية.

– الأثر الذي تركته الرعاية الصحية داخل المجتمع المغربي زمن المرينيين كان إيجابيا نظرا لتحسن جودة الخدمة الطبية والاعتناء بها، وجعلها من الأولويات.

وفي نهاية هذه الخاتمة أوصي الباحثين بمزيد من المثابرة والبحث في مجال التاريخ مستقبلا، وتخصيص ندوات تهتم بالمجال الصحي في العصور الوسطى لتاريخ المغرب الأقصى للكشف عن الخبايا التي لا تزال مستعصية ولم تعرف لحد الساعة.


فهرس المصادر والمراجع

[أ]

– الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي العباس الناصري تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري دار الكتاب الدار البيضاء سنة:1997.

– الأنيس المطرب بروض القرطاس لابن أبي زرع الفاسي دار المنصورة للطباعة والوراقة الرباط سنة:1972.

– آسفي وما إليه قديما وحديثا للكانوني حقوق الطبعة محفوظة.

[ب]

– بلغة الأمنية ومقصد اللبيب فيمن كان بسبتة من أستاذ ومدرس وطبيب لمؤلف مجهول تحقيق محمد بن تاويت مطبعة تطوان الرباط العدد:9 سنة:1964

[ت]

– تاريخ البيمارستانات في الإسلام لأحمد عيسى مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة سنة:2012.

– تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني لمحمد عيسى الحريري دار القلم للنشر والتوزيع الكويت الطبعة:2 سنة: 1987.

– تاريخ رباط الفتح لعبد الله السوسي مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر سلسلة التاريخ 9 الرباط سنة: 1979.

[ج]

– جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس لأحمد بن القاضي المكناسي دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط سنة:1973.

– جنى زهرة الآس في بناء مدينة فاس لعلي الجزنائي تحقيق عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية الرباط الطبعة:2 سنة:1991.

– جامع القرويين لعبد الهادي التازي دار نشر المعرفة الرباط الطبعة:1 سنة: 1972.

[ح]

– الحضارة العربية الإسلامية في المغرب (العصر المريني) لمزاحم علاوي الشاهري مركز الكتاب الأكاديمي الموصل.

– حياة الوزان الفاسي وآثاره لمحمد المهدي الحجوي المطبعة الاقتصادية الرباط سنة: 1935.

 [ذ]

– الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية لابن أبي زرع الفاسي دار المنصور للطباعة والوراقة.

 [ر]

– روائع الأوقاف في الحضارة الإسلامية لراغب السرجاني نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع مصر الطبعة:1 سنة:2010.

– روضة النسرين في دولة بني مرين لابن الأحمر الطبعة الملكية سنة:1962.

[ص]

– صحيح البخاري لأبي عبد الله محمد إسماعيل البخاري تحقيق محمد عبد القادر عطا دار التقوى للتراث القاهرة الطبعة:1 سنة:2001.

 [ع]

– العبر ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم لابن خلدون تحقيق خليل شحادة وسهيل زكار دار الفكر بيروت سنة:2000.

[ف]

– فاس في عصر بني مرين لروجيه لوتورنو ترجمة نقولا زياد مكتبة لبنان ومؤسسة غرنكلين للطباعة والنشر بيروت سنة: 1967.

[ن]

– النبوغ المغربي في الأدب العربي لعبد الله كنون دار الكتاب الطبعة:2 سنة:1960.

[م]

– مظاهر الثقافة المغربية دراسة في الأدب المغربي في العصر المريني لمحمد بن شقرون دار الثقافة الدار البيضاء سنة:1985.

-من روائع حضارتنا لمصطفى السباعي دار الوراقة للنشر والتوزيع بيروت الطبعة:1 سنة: 1999.

– مقدمة ابن خلدون تحقيق عبد الله محمد الدرويش دار يعرب دمشق الطبعة:1 سنة: 2004.

– المسند الصحيح الحسن لابن مرزوق تحقيق ماريا خيسوس بيغيرا الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر سنة: 1981.

– موجز تاريخ سلا لكنيت براون ترجمة محمد جبيدة وأناس لعلو مجلة أمل التاريخ والثقافة الدار البيضاء الطبعة:1 سنة:2001.

– المغرب عبر التاريخ لإبراهيم حركات دار الرشاد الحديثية الدار البيضاء سنة:2000.

– المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي تحقيق محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي مطبعة الاستقامة بالقاهرة الطبعة:1 سنة:1949.

– مدينة الرباط في التاريخ الإسلامي لسحر سيد عبد العزيز سالم مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية سنة: 1996.

– مذكرات من التراث المغربي مقال بعنوان: مؤسسات خيرية وإحسانات مادية. لمحمد المنوني مطبعة الكتابة الفوتوغرافية الرباط سنة الطبع فبراير 1985.

– المجاعات والأوبئة في المغرب الأوسط لمزدور سمية بحث مقدم لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الوسيط تحت إشراف الدكتور محمد الأمين جامعة منتوري قسنطينة كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم التاريخ والآثار السنة الجامعية 2008-2009.

-المدارس الطبية في الحضارة الإسلامية أعمال ندوة المدارس الطبية في الحضارة الإسلامية طرابلس، مداخلة بعنوان: المدارس الطبية في المغرب والأندلس لعبد اللطيف صطاف منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو 2011.

– مجلة الجمعية المغربية للتواصل الصحي مقال بعنوان: تاريخ البيمارستانات في المغرب للبشير بنجلون العدد:3 سنة:2012 موقع: www.tawassol.ma

– موقع نون بريس مقال بعنوان: تعرف على المارستان المغربي الذي علم الغرب أصول الطب النفسي لسكينة التوزاني موقع: www.nonpresse.com


([1]) رواه البخاري في صحيحه كتاب الصوم باب حق الجسم في الصوم رقم الحديث:1839 تحقيق محمد عبد القادر عطا دار التقوى للتراث القاهرة الطبعة:1 سنة: 2001. ج/1 ص:472.

([2])  من روائع حضارتنا لمصطفى السباعي دار الوراقة للنشر والتوزيع بيروت الطبعة:1 سنة: 1999.ص:219-220.

([3])  الحضارة العربية الإسلامية في المغرب (العصر المريني) لمزاحم علاوي الشاهري مركز الكتاب الأكاديمي الموصل ص:148.

([4])  المرجع نفسه ص:148.

([5])  البيمارستان: بفتح الراء وسكون السين كلمة فارسية مركبة من كلمتين بيمار بمعنى مريض أو عليل أو مصاب وستان بمعنى: مكان أو دار فهي إذن دار المرضى، ثم اختصرت في الاستعمال فصارت مارستان كما ذكرها الجوهري في صحاحه.

-تاريخ البيمارستانات في الإسلام لأحمد عيسى مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة القاهرة سنة:2012 الصفحة:8.

([6]) تاريخ البيمارستانات في الإسلام ص:7.

([7] ) أبو عنان المريني: هو أمير المسلمين المتوكل على الله فارس بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق. يكنى أبا عنان لقبه المتوكل، ولد بالبيضاء في 12ربيع الأول سنة 729ه، بويع بتلمسان في حياة والده يوم الثلاثاء منسلخ شهر ربيع الأول عام 749ه، مات مقتولا خنقه وزيره الحسن بن عمر الفدودي يوم السبت 28ذي الحجة مختتم عام 759ه، وله ثلاثون سنة. دفن بجامع المدينة البيضاء، وكانت دولته تسع أعوام وتسع أشهر.

– روضة النسرين في دولة بني مرين لابن الأحمر الطبعة الملكية سنة: 1962.ص:27.

([8])  مظاهر الثقافة المغربية دراسة في الأدب المغربي في العصر المريني لمحمد بن شقرون دار الثقافة الدار البيضاء سنة: 1985.ص:224-225.

([9])  مظاهر الثقافة المغربية دراسة في الأدب المغربي في العصر المريني ص:225.

([10])  مقدمة ابن خلدون تحقيق عبد الله محمد الدرويش دار يعرب دمشق الطبعة:1 سنة: 2004.ج/2 ص:268.

([11])  يعقوب بن عبد الحق يكنى أبا يوسف أمه الحرة الحاجة الصالحة، لقبه القائم بأمر الله والمنصور به، بويع سنة 656ه، توفي بالجزيرة الخضراء وهو معسكر للجهاد عند زوال يوم الثلاثاء 22 محرم سنة 685ه. دفن بجامع قصره من البنية، ثم نقل لبر العدوة فدفن بشالة من سلا وله 75 سنة، وكانت دولته 29 سنة.

–  روضة النسرين في دولة بني مرين ص:17-18.

([12])  تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني لمحمد عيسى الحريري دار القلم للنشر والتوزيع الكويت الطبعة:2 سنة: 1987.ص:326.

([13])  الحضارة العربية الإسلامية ص:151.

([14])  تاريخ البيمارستانات ص:284-285.

([15]) المرجع نفسه ص: 286.

([16])  الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي العباس الناصري تحقيق جعفر الناصري ومحمد الناصري دار الكتاب الدار البيضاء سنة:1997. ج/3 ص:65.

([17]) الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية لابن أبي زرع الفاسي دار المنصور للطباعة والوراقة ص:91.

– انظر أيضا: الأنيس المطرب بروض القرطاس لابن أبي زرع الفاسي دار المنصورة للطباعة والوراقة الرباط سنة: 1972.ص:298.

([18])  وصف إفريقيا للحسن الوزان الفاسي ترجمة عن الفرنسية محمد حجي ومحمد الأخضر دار الغرب الإسلامي بيروت الطبعة:2 سنة: 1983.ج/1 ص:228-229.

([19])  مظاهر الثقافة المغربية ص:225-226.

([20])  فاس في عصر بني مرين لروجيه لوتورنو ترجمة نقولا زياد مكتبة لبنان ومؤسسة غرنكلين للطباعة والنشر بيروت سنة: 1967.ص:79.

([21])  مظاهر الثقافة المغربية ص:225.

([22])  المسند الصحيح الحسن لابن مرزوق تحقيق د: ماريا خيسوس بيغيرا الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر سنة: 1981.ص:415.

([23])  تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس ص:326.

([24])  مظاهر الثقافة المغربية ص:226.

([25])  فاس في عصر بني مرين ص:80.

([26])  وصف إفريقيا ج/1 ص:228.

-انظر أيضا: حياة الوزان الفاسي وآثاره لمحمد المهدي الحجوي المطبعة الاقتصادية الرباط سنة: 1935.ص:88.

([27]) مظاهر الثقافة المغربية ص:225.

([28]) موجز تاريخ سلا لكنيت براون ترجمة محمد جبيدة وأناس لعلو مجلة أمل التاريخ والثقافة الدار البيضاء الطبعة:1 سنة:2001 ص:44.

-انظر أيضا: المغرب عبر التاريخ لإبراهيم حركات دار الرشاد الحديثية الدار البيضاء سنة: 2000.ج/2 ص:161.

([29])  ابن عاشر: هو أحمد بن محمد بن عمر الأنصاري المعروف بابن عاشر الأبر الناسك الين الأطهر، أصله من شمينة من بلاد الأندلس. كان منقطع القرين في الزهد، وله كرامات ظاهرة، وحج ثم رجع على المغرب فدخل مدينة فاس وأقام بها مدة ثم رحل إلى مكناسة الزيتون فاستوطنها مدة، وكانت بها إحدى أختيه والثانية بشمينة، وكان أبو عنان يجري على التي بمكناسة جرايات تعيش بها، ثم انتقل إلى سلا فنزل برباط الفتح بزاوية أبي عبد الله اليابوري، وكان قوته من نسخ كتاب “العمدة” في الحديث، وكان يبيعها لمن يبيعها ولا يأخذ إلا قيمتها، وحاول سلطان المغرب زيارته فلم يقدر على الوصول إليه، وقصده يوما أسير من المسلمين فنظر إليه ثم أخرج له سكين البقل لكونه لم يكن عنده ما يدفعه إليه من المال، فباعها الأسير بالمزايدة في السوق بسبعة عشر دينارا ذهبيا. توفي في رجب سنة 765ه ودفن بسلا وقبره مزار والدعاء عنده مستجاب.

– جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس لأحمد بن القاضي المكناسي دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط سنة:1973. ج/1 ص:153.

([30])  تاريخ البيمارستانات ص:282-284.

([31])  الحضارة العربية الإسلامية ص:152.

([32])  المعجب في تلخيص أخبار المغرب للمراكشي تحقيق محمد سعيد العريان ومحمد العربي العلمي مطبعة الاستقامة بالقاهرة الطبعة:1 سنة: 1949.ص:287-288.

– تاريخ البيمارستانات ص:280-281.

([33])  الحضارة العربية الإسلامية ص:152.

([34])  المسند الصحيح الحسن ص:415.

([35])  مدينة الرباط في التاريخ الإسلامي لسحر سيد عبد العزيز سالم مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية سنة: 1996.ص:147.

([36])  تاريخ رباط الفتح لعبد الله السوسي مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر سلسلة التاريخ 9 الرباط سنة: 1979.ص:138.

([37])  مدينة الرباط في التاريخ الإسلامي ص:147.

([38]) العبر ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم لابن خلدون تحقيق خليل شحادة وسهيل زكار دار الفكر بيروت سنة: 2000.ج/7 ص:292-293.

([39])  العبر ج/7 ص:293.

([40])  نفاضة الجراب في علالة الاغتراب للسان الدين بن الخطيب نشر وتعليق أحمد مختار العبادي دار النشر المغربية الدار البيضاء ص:72-73.

([41])  آسفي وما إليه قديما وحديثا للكانوني حقوق الطبعة محفوظة ص:106.

([42])  مؤسسات خيرية وإحسانات مادية لمحمد المنوني مجلة مذكرات من التراث المغربي مطبعة الكتابة الفوتوغرافية الرباط سنة الطبع فبراير 1985 المجلد:3 الجزء:1 ص:74.

([43]) المرجع نفسه ج/1 ص:74.

([44])  تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس ص:326.

([45])  جنى زهرة الآس في بناء مدينة فاس لعلي الجزنائي تحقيق عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية الرباط الطبعة:2 سنة:1991. ص:36.

([46])  المصدر نفسه ص:36.

([47])  جذوة لاقتباس ج/1 ص:45.

([48])  جنى زهرة الآس. (انظر الإحالة) ص:36

([49])  جنى زهرة الآس ص:36.

([50])  جذوة الاقتباس ج/1 ص:45.

– انظر أيضا: جنى زهرة الآس ص:36.

([51])  روائع الأوقاف في الحضارة الإسلامية لراغب السرجاني نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع مصر الطبعة:1 سنة:2010 الصفحة:4.

([52])  روائع الأوقاف في الحضارة الإسلامية ص:9.

([53])  حياة الوزان الفاسي ص:88.

([54])  الذخيرة السنية ص:91.

([55])  جامع القرويين لعبد الهادي التازي دار نشر المعرفة الرباط الطبعة:1 سنة: 1972.ج/2 ص:457.

([56])  حياة الوزان الفاسي ص:88-89.

([57])  مظاهر الثقافة المغربية ص:226.

([58])  كان السلطان المولى سليمان جدده وأضاف إليه مسجدا غير بعيد عن الغرف المخصصة للمرضى.

-جامع القرويين ج/2 ص:476.

([59])  المرجع نفسه ج/2 ص:457.

([60])  المدارس الطبية في الحضارة الإسلامية أعمال ندوة المدارس الطبية في الحضارة الإسلامية طرابلس، مداخلة بعنوان: المدارس الطبية في المغرب والأندلس لعبد اللطيف صطاف منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو 2011 الصفحة:228-229.

([61]) مقال بعنوان: تاريخ البيمارستانات في المغرب للبشير بنجلون مجلة الجمعية المغربية للتواصل الصحي العدد:3 سنة:2012. موقع www.tawassol.ma

([62])  مقال بعنوان: تاريخ البيمارستانات في المغرب للبشير بنجلون مجلة الجمعية المغربية للتواصل الصحي العدد:3 سنة:2012 www.tawassol.ma

([63])  مقال بعنوان: تاريخ البيمارستانات في المغرب للبشير بنجلون.

([64])  وصف إفريقيا ج/1 ص:227.

([65]) مقال بعنوان: تاريخ البيمارستانات في المغرب للبشير بنجلون.

([66])  مقال بعنوان: تعرف على المارستان المغربي الذي علم الغرب أصول الطب النفسي لسكينة التوزاني.موقع www.nonpress.com

([67])  المجاعات والأوبئة في المغرب الأوسط لمزدور سمية بحث مقدم لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ الوسيط تحت إشراف الدكتور محمد الأمين جامعة منتوري قسنطينة كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم التاريخ والآثار السنة الجامعية 2008-2009 الصفحة:155-156.

([68])  وصف إفريقيا ج/1 ص:228.

([69])  المصدر نفسه ج/1 ص:228.

([70] ) مظاهر الثقافة المغربية دراسة في الأدب المغربي في العصر المريني ص:227.

([71])  بلغة الأمنية ومقصد اللبيب فيمن كان بسبتة من أستاذ ومدرس وطبيب لمؤلف مجهول تحقيق محمد بن تاويت مطبعة تطوان الرباط العدد:9 سنة:1964ص:186.

([72])  جذوة الاقتباس ج/1 ص:300.

([73] ) الإحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب تحقيق يوسف علي الطويل دار الكتب العلمية بيروت الطبعة:1 سنة: 2003.ص:3

([74] ) مظاهر الثقافة المغربية ص:227.

([75] ) بلغة الأمنية ومقصد اللبيب ص:187-188.

([76])  النبوغ المغربي في الأدب العربي لعبد الله كنون دار الكتاب الطبعة:2 سنة: 1960.ج/1 ص:203.

([77])  تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس ص:349.

 

2 تعليقات
  1. النويري يقول

    بحث في المستوى العلمي وفائدة عظيمة

  2. حمزاوي فاس يقول

    شكرا على المقال الذي يبدو أن صاحبه بدل مجهودات كبيرة جدا مقال في المستوى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.