منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

حقيقة شجرة أعياد المسيحيين

حقيقة شجرة أعياد المسيحيين/ د. عبد اللطيف بن رحو

1

حقيقة شجرة أعياد المسيحيين

بقلم:د. عبد اللطيف بن رحو

 

إن الاحتفال بعيد رأس السنة صارت خصوصية وربما ذات أولوية حتى عند أهل الإسلام، بل وإنهم يتبجلون باحتفالات رأس السنة، ويعتبرونه عيدا خاصا حتى لأهل الإسلام. ويتهافتون على إقامته والحرص على جماليته وزينته وحلوياته الخاصة.

ولعل الناظر بنظرة الإسلام الحقة يجب عليه أن يعلم علم اليقين أنها تنافي شرعنا وديننا بل هي مغالطة رسمها الغرب لتكون نبراسا ومهمازا في تصور الكيان الإسلامي.

وإذا وقفنا على الاختلالات والمفارقات والاختلافات البينة التي ذكها القرآن الكريم بتفاصيل مفصلة عن كيفية ولادة عيسى عليه السلام وهي الحقيقة التي يَقْلِبُها الغرب بكل مكوناته سواء الدينية أم السياسية، يجد أن كل ادعاءاتهم مغرضة ولا أساس لها من الصحة.

يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِے اِ۬لْكِتَٰبِ مَرْيَمَ إِذِ اِ۪نتَبَذَتْ مِنَ اَهْلِهَا مَكَانا شَرْقِيّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباۖ فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرا سَوِيّاۖ  قَالَتِ اِنِّيَ أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاۖ  قَالَ إِنَّمَآ أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِاَهَبَ لَكِ غُلَٰما زَكِيّاۖ  قَالَتَ اَنّ۪يٰ يَكُونُ لِے غُلَٰم وَلَمْ يَمْسَسْنِے بَشَر وَلَمَ اَكُ بَغِيّاۖ  قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنۖ وَلِنَجْعَلَهُۥٓ ءَايَة لِّلنَّاسِ وَرَحْمَة مِّنَّاۖ وَكَانَ أَمْرا مَّقْضِيّاۖ ۞فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِۦ مَكَانا قَصِيّاۖ  فَأَجَآءَهَا اَ۬لْمَخَاضُ إِلَيٰ جِذْعِ اِ۬لنَّخْلَةِ قَالَتْ يَٰلَيْتَنِے مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نِسْيا مَّنسِيّاۖ  فَنَاد۪يٰهَا مِن تَحْتِهَآ أَلَّا تَحْزَنِے قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاۖ وَهُزِّے إِلَيْكِ بِجِذْعِ اِ۬لنَّخْلَةِ تَسَّٰقَطْ عَلَيْكِ رُطَبا جَنِيّاۖ  فَكُلِے وَاشْرَبِے وَقَرِّے عَيْناۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ اَ۬لْبَشَرِ أَحَدا فَقُولِے إِنِّے نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْما فَلَنُ ا۟كَلِّمَ اَ۬لْيَوْمَ إِنسِيّاۖ﴾ [سورة مريم الآيات: من 15 إلى 25]

يقول ابن كثير في تفسيره: “”فاضطرها وألجأها الطلق إلى جذع النخلة وهي نخلة في المكان التي تنحت إليه.””[1]

فالذي يدعي أن عيسى عليه السلام ولد تحت شجرة الصنوبر التي تتزين في أعياد الميلاد، هي حقيقة مغايرة لما جاء به القرآن الكريم.

ومن هنا نقف على حقيقة الفكر الغربي الذي يذهب بمنتوجه الفكري إلى طمس حقائق النبي عيسى عليه السلام، بتغييب حقيقية مشرقيته وسلخه من هويته ذات البعد المشرقي إلى جعله من نسل الأوربيين، وهذا لا محال تزوير لحقائق تظهر جلية للعيان، وهي سرقة لوضع مخيلة جديدة في كيان المسيحيين، باعتبارهم أولى الناس بعيسى عليه السلام وأنه ابن الإله الذي افتداهم بدمه.

فالرسول عيسى عليه السلام بعث من قبل الله تعالى رسولا إلى بني إسرائيل عاش في أرض الجليل بفلسطين واشتغل نجاراً، وأيده الله عز وجل بمعجزات خارقة للعادة تؤيد نبوته وصدقه.

فالغرب حينما غير الديانة المسيحية وحرف الإنجيل ونصب الصليب شعاراً للديانة المسيحية وجعل عليه إنسانا عاريا أشقر الشعر، عيناه تميل إلى الزرقة، دلالة واضحة على طمس حقيقته المشرقية. والأنبياء هم مكرمون من عند الله تعالى، عورتهم مستورة.

فالشجرة التي هي موضوع كلامنا هي شجرة خارج سياق الدين المسيحي، لأن الكنيسة تعتبرها محل شك، خصوصا إذا وجدنا أن بعض الباحثين من القساوسة بحثوا ونقبوا في قضية الشجرة فوجدوا أن لا أصل لها في عقيدتهم، وهناك من يعتبرها عادة وثنية نقلت من الفايكينك الذين يعيشون شمال أوروبا وكانوا يعبدون الشجر، فلما دخلتهم المسيحية نقلوا بعض عباداتهم إليها ومن جملتها اتخاذ الشجرة رمزا لبداية التقويم الميلادي.

والغريب في الأمر أنك إذا رجعت إلى حقيقة التاريخ تدرك أن المسيحيين أنفسهم لا يتفقون على تأريخ موحد لولادة عيسى عليه السلام، فنجد الاختلاف والتضارب في الأقوال، فمنهم من يحتفل في ليلة الخامس والعشرين من دجنبر، ومنهم من يحتفل في بداية شهر يناير أو في السادس منه إلى غير ذلك من أوجه الاختلاف بينهم.

ونرجع إلى ما ذكره أحد القساوسة وهو ستراوزن الذي يعد أحد أعمدة الكنيسة بألمانيا، حين ادعى أنه أجرى بحثا عن تاريخ الإمبراطورية الرومانية، فوجد أنهم كانوا جد مدققين، أو لهم دقة في كتابة التاريخ الذي يخصهم ويسجلون تفاصيل تاريخهم، فلم يجد في تاريخهم ما يدل على وجود عيسى عليه السلام. فتوصل هذا الباحث إلى حقيقة فردية إلغاء وجود عيسى عليه السلام.

ومما لا شك فيه أن هذا القس وقع في خطأ، لأن تاريخيا الرومان كانوا أعداء للمسيح عليه السلام، وضد دعوته ومن الطبيعي أن لا يوثقوا أحداثه ولا تاريخه.

فالحجة الدامغة والفاصلة عندنا هو القرآن الكريم، الذي بين وأعطى حقيقة لا زيف فيها كون عيسى عليه السلام ولد تحت شجر النخل حين جاء السيدة مريم مخاض الوضع لقوله تعالى: ﴿فَأَجَآءَهَا اَ۬لْمَخَاضُ إِلَيٰ جِذْعِ اِ۬لنَّخْلَةِ﴾ والنخلة هنا غير شجرة الصنوبر.

وما يفعله اليوم أبناء الإسلام باتخاذ هذه الشجرة كرمز لولادة عيسى عليه السلام هو تكذيب لما نزل من الوحي وتبديل لحقيقة ذكرها القرآن الكريم وبالتالي خروج من الملة المحمدية.

وقد أبدل الله تعالى هذه الأمة بأعياد هي خير الأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى والاحتفال بخير الخلق سيدنا محمد ﷺ.


 

[1]  تفسير ابن كثير تحقيق سامي بن محمد السلامة دار طيبة للنشر والتوزيع الرياض الطبعة: 2 سنة:1999م ج/5 ص:223.

تعليق 1
  1. دخيسي أنور يقول

    تحليل ذكي ورؤية جيدة لمفهوم الشجرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.