منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

المواصفات الثلاثية للزوج السعيد|سلسلة خطبة الجمعة

المواصفات الثلاثية للزوج السعيد|سلسلة خطبة الجمعة/ الأستاذ بن سالم باهشام

0

المواصفات الثلاثية للزوج السعيد|سلسلة خطبة الجمعة

بقلم: الأستاذ بن سالم باهشام

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

عباد الله، اعلموا أن الأسرة هي الحصن والمعقل الأول والأخير للمجتمع المسلم، فالأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع وصناعته وصياغته، وبقدر ما تكون الأسرة مستقرة في أفرادها وما يحيط بها، بقدر ما تكون حصنا منيعاً، ومدرسة دفّاقة بالأمل والعمل.

عباد الله، إن من أهم مطالب كل أفراد الأسرة: زوجان وأبناء، هو مطلب السعادة، والحقيقة أن السعادة ليست مطلب أفراد الأسرة فحسب؛ بل السعادة مطلب كل إنسان على وجه الأرض. لهذا نجد كلٌّ يغدو في سبيل إسعاد نفسه، وإسعاد من يَعز عليه وتقر به عينه، ومن هنا جاءت هذه الخطبة؛ عباد الله، للقراءة في بعض نصوص الوحي التي أشارت إلى عناوين، ورسمت خطوطا في سبيل تحصيل السعادة، وخاصة السعادة الأسرية، وعلى رأس أفرادها الزوج بصفته رب الأسرة والقائم عليها.

عباد الله، لقد ضل وتاه، وما وجد أمامه إلا السراب، كل من اعتقد أن السعادة تأتي من خارج نفس الإنسان؛ سواء كان زوجة أو أبناء أو أقارب أو عشيرة أو بيئة، والحقيقة أن الإنسان من داخله هو الذي يصنع السعادة، ولا أثر للمحيط بمن فيه على سعادة الفرد، وليس للسعادة إلا سبيل واحد، من أخطأه فقد أخطأ السعادة الدنيوية والأخروية، وعاش في شقاء وضنك، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه دلنا على طريقها الوحيد، وبين لنا كيف نحققها ونعيشها، فقال في سورة النحل: (منْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]، وقال سبحانه في سورة طه: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [ طه: 123، 124]

عباد الله، إن الأسرة السعيدة تبدأ برب الأسرة السعيد الذي على عاتقه مسؤولية اختيار الزوجة الصالحة السعيدة، ومنهما تأتي الذرية الصالحة السعيدة، لهذا فإن أول وصف من مواصفات الزوج السعيد، أن يكون ذا خلق ودين، من أجل ذلك حث الإسلام على طلب الصلاح، واعتبار الخلق والدين في أمر النكاح، ورغّب في ذلك، وشدّد في النكير على خلافه، وجاء الوعيد بحصول الفتنة والفساد عند المخالفة، والنظر إلى متاع الحياة الدنيا الزائل، من المال والجاه والحسب والنسب .

روى الترمذي، وقال: حسن غريب. عَنْ أَبِى حَاتِمٍ الْمُزَنِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- : (إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ؛ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ، قَالَ : إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ. قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ). [أخرجه الترمذي (3/395، رقم 1085)، وقال: حسن غريب. والطبراني (22/299، رقم 762) ، وابن مردويه كما في تفسير ابن كثير (2/330) ، والبيهقي (7/82 ، رقم 13259)].

أي إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ، وطَلَبَ مِنْكُمْ الشخص أَنْ تُزَوِّجُوهُ امْرَأَةً مِنْ أَوْلَادِكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ، ممن تَسْتَحْسِنُونَ دِيَانَتُهُ أولا، ومُعَاشَرَتُهُ ثانيا، فَزَوِّجُوهُ إِيَّاهَا، ولا تتوانوا في هذا الأمر، وتركزوا على المال والجاه والمنصب والجمال والحسب والنسب، وتهملوا الدين والخلق، فإنكم إن لم تفعلوا، بعدم تزويجه، ستَقَعُ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَثِيرٍ، لِأَنَّكُمْ رفضتم صاحب الدين والخلق، ولَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلَّا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ، فتنة تقع على الأفراد بالضياع وتبذّل الأخلاق، وفساد بانتشار الفتن وتفكك البيوت والأسر وضياع الأبناء، كل ذلك حين يتخلف أحد هذين الوصفين أوكليهما ( الدين والخلق ). ومن هذه الفتنة والفساد الكثير الذي سيقع، أنه رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلَا أَزْوَاجٍ، وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلَا نِسَاءٍ، فَيَكْثُرُ الِافْتِتَانُ بِالزِّنَا، وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الْأَوْلِيَاءَ عَارٌ، فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ، وَقِلَّةُ الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ ، بالإضافة إلى كثرة الطلاق الذي سيقع من ذي المال والجاه لأنه لا دين له ولا خلق. لهذا لا اعتبار للجاه والمال في غياب الدين والخلق، من أجل ذلك اعتبر العلماء الكفاءة الزوجية في الدين، قَالَ الطِّيبِيُّ – رَحِمَهُ اللَّهُ – كما في مرقاة المفاتيح: (وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَالِكٍ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا يُرَاعَى فِي الْكَفَاءَةِ إِلَّا الدِّينَ وَحْدَهُ)
[( (5/ 2047، وحاشية السندي على ابن ماجه1/ 607).)]، وقال رجل للحسن البصري رحمه الله: (قد خطب ابنتي جماعة؛ فمن أُزَوِّجُهَا؟ قَالَ: مِمَّنْ يَتَّقِي اللَّهَ، فَإِنْ أَحَبَّهَا أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها ) [إحياء علوم الدين” (2/ 41)] .

عباد الله، إن المتأمل في تعاليم الإسلام الحنيف، يجد أن اشتراط الدين أساسا قبل أي اعتبار آخر، إنما حصل في نصوص الوحي من جهة الزوج أولا، لأن الزوج في الغالب الأعم هو الذي له القوامة والأمر والنهي، وأن الزوجة تتأثر بزوجها سلباً وإيجابا في العموم الأغلب.

عباد الله، إن سر السعادة في اختيار صاحب الدين: أن الحياة الزوجية قائمة على المشاركة والبذل والتفاني، من هنا فإن الزوج صاحب الدين، سوف يبذل ويتفانى في أن يكون وزوجته على استقامة مرضية في الدين، والسعي إلى إكمال بعضهما الآخر، كما أن صاحب الدين يلتزم أمر الله ونهيه في زوجته على أي حال في الرضا والغضب، وفي اليسر والعسر، وفي الفرح والحزن … وهكذا ، أضف إلى أن صاحب الدين ستنعكس تربيته لأبنائه على أساس هذا الدين؛ لا على أي وجهة أخرى، ثم إن الشريعة الإسلامية لم تكتف باشتراط اتصاف الزوج بالدين، حتى يضم إلى ذلك حسن الخلق :

عباد الله، سبق في الحديث، سبق في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وفي بعض الروايات:(إذا أتاكم من ترضون أمانته)، والأمانة خُلق أخص من جملة الأخلاق، وإنما ذكرت الأمانة دون غيرها في هذا الموطن، لأن الزوجة إنما هي أمانة عند زوجها، فمن عُرف عنه صيانته للأمانة، فإنه سيصون هذه الأمانة ويحفظها، وأهم ما ينبغي أن يكون عليه الزوج من خلق مع زوجته أن يرعى فيها ثلاثة أمور :

  • الأمر الأول: مراعاة طبيعة تكوينها من الضعف والنقص :

فيصبر على ذلك، فقد ثبت في الحديث الصحيح عند البخاري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَإِذَا شَهِدَ أَمْرًا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ أَوْ لِيَسْكُتْ، اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، فَإِنَّ أَعْوَجَ شَيءٍ مِنَ الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ) .

  • الأمر الثاني: حفظها ورعايتها، والعشرة بالمعروف .

على حدّ قول الله تعالى في سورة النساء: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19] ،

  • الأمر الثالث: أن يحقق فيها (المودة والرحمة ).

إن أحبها ودّها وقرّبها وحنا عليها، وأظهر حبه لها مستغلاً في ذلك كل وسيلة وطريقة لبث روح الحب والمودة، وإن كرهها رحمها ولم يُهنها، أو يكفر عشرتها، قال الله تعالى في سورة الروم: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الآية 21 )، فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبته لها، أو لرحمة بها، بأن يكون لها منه ولد، أو محتاجة إليه في الإنفاق، أو للألفة بينهما، وغير ذلك، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون، ومن هنا فإن مطلب الخلُق إلى جنب الدين، مطلب ملح ومهم في سبيل تحقيق السعادة الأسرية، ولا ينفك أحدهما عن الآخر، ولتتحقق السعادة لدى الزوج، لابد له أن يمارس مهمته الأسرية التي كلفه بها الإسلام، والتي هي القوامة.

عباد الله، لقد اختص الله جل وعلا الرجل بخصيصة القوامة دون المرأة، فقال تعالى في سورة النساء: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34]، والقوامة تشمل الإمارة والرئاسة والرعاية، ولازمها النفقة بالمعروف، والذب عن الزوجة وحفظها؛ وتأملوا عباد الله التعبير بقوله تعالى:(قوّامون)، على صيغة المبالغة التي تدل على الأمر بالاجتهاد في حفظ الزوجة ورعايتها وحسن معاشرتها، وبذل المستطاع في سبيل حماية الأسرة، والمتأمل البصير، يجد أن القوامة ليست تشريفا بقدر ما هي أمر وتكليف، وحين يتخلى الرجل عن صفة القوامة، فإن الأسرة هنا يختل وضعها وأمرها، لاختلال هذه الصفة في الرجل، فالبيت السعيد؛ هو البيت الذي تشعر فيه الزوجة بقوامة زوجها عليها، وعلى أبنائها، وبذله واجتهاده في ذلك، إذ فائدة القوامة راجعة إليها وإلى أبنائها … ومن هنا كانت القوامة من أهم صفات الزوج السعيد الذي تكتمل به سعادة الأسرة باكتمال تحقيق أفرادها سبل السعادة، وليس من القوامة أن يعتقد الزوج أن المال الذي يملكه هو حر في التصرف فيه، ينفقه كيف شاء، وعلى من شاء دون اعتبار للزوجة شريكة حياته، والتي هو مكلف بالنفقة عليها، روى أبو داود بسند حسن، عن معاوية بن حَيْدَةَ رضي الله عنه قال: قلتُ: يا رسول الله، (ما حقُّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تُطعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتكسُوَها إذا اكتسَيتَ،…)، فالصحابي الجليل معاوية بن حَيْدَةَ رضي الله عنه يعرف حق المسؤولية، ويخاف من تبعات التفريط في حق شريكة حياته، فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم: “ما حقُّ امرأةِ أحدِنا عليه؟”، فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم والخطاب لكل الأزواج: (أن تُطعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتكسُوَها إذا اكتسَيتَ)؛ يعني لا تخُصَّ نفسَك بالكسوة دونها، ولا بالطعام دونها؛ بل هي شريكة لك، يجب عليك أن تُنفِقَ عليها كما تُنفِقُ على نفسك، حتى إن كثيرًا من العلماء يقول: إذا لم يُنفِقِ الرجلُ على زوجته وطالبتْ بالفسخ عند القاضي، فللقاضي أن يفسخ النِّكاح؛ لأنه قصَّر بحقها الواجب لها، وروى الترمذي، وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، عن عَمْرو بنِ الأَحْوَصِ الجُشميِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سمِعَ النَّبيَّ ﷺ في حَجَّةِ الْوَداع يقُولُ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّه تَعَالَى، وَأَثنَى علَيْهِ، وذكَّر ووعظَ، ثُمَّ قَالَ: (أَلا واسْتَوْصُوا بِالنِّساءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْس تَمْلكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غيْرَ ذلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحشةٍ مُبَيِّنةٍ، …. أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسائِكُمْ حَقًّا، ولِنِسائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَحَقُّكُمْ عَلَيْهنَّ أَن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكمْ مَنْ تَكْرهونَ، وَلا يأْذَنَّ في بُيُوتكمْ لِمَن تكْرهونَ، أَلا وحقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَن تُحْسِنُوا إِليْهنَّ في كسْوتِهِنَّ وَطعامهنَّ).

عباد الله، هذه الأحاديث تتعلق بحق النساء على أزواجهنَّ، والله عز وجل يقول في سورة النساء: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء:19]، وقال سبحانه في سورة البقرة: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [البقرة:228]، فأمر سبحانه بأن يُعاشرن بالمعروف، وأخبر أنَّ لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، من: الإحسان، وطيب الكلام، وأداء الحقِّ، فلها حقٌّ وعليها حقٌّ، فعلى الزوج إحسان العشرة، وطيب الكلام، وحُسن الخلق، والإنفاق، والاستيصاء بها خيرًا، وتوجيهها إلى الخير، إلى غير هذا، وعليها السمع والطاعة في نفسها، وفي بيتها، وألا تُوطئ فراشه مَن يكره، وألا تأذن في بيته لمن يكره، وفي خطبة الوداع يقول عليه الصلاة والسلام: (ولهنَّ عليكم: زرقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف، ولكم عليهنَّ: ألا يُوطئن فرشكم مَن تكرهون، وألا يأذَنَّ في بيوتكم لمن تكرهون).

عباد الله، اعلموا أن كل زوج فرط في النفقة في حق زوجته، فلم يكسها كما اكتسى، ولم يطعمها كم طعم، ولم يعالجها كما عالج نفسه، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، وعرض نفسه لغضب الله، ولن يجد السعادة في الدارين، روى أبو داود، في كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يَقُوت) [أخرجه أبو داود، كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم، (3/ 118)، رقم: (1692)] عباد الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول)، فكلمة كفىـ، تشعر بأن هذا الفعل هو بذاته وحده إثمه يكفي في هلاك صاحبه، فما هو هذا الشيء الوحيد الذي يكفي إثمه في إهلاك فاعله؟ هو أن يضيع المرء من تلزمه نفقته.

عباد الله، بهذه الثلاثية الربانية النبوية والتي هي الدين والخلق والقوامة، تتحقق السعادة لدى الزوج، ويفلح في اختيار الزوجة الصالحة السعيدة، وينشأ من صلبهما ذرية صالحة سعيدة، فمن هنا المنطلق الصحيح، ومن هنا البداية، فهل من مجيب؟ والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.