منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

ما أكرمهن إلا كريم

ما أكرمهن إلا كريم/ د. مارية إيدري

0

ما أكرمهن إلا كريم

بقلم: د. مارية إيدري

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تعنيف المرأة  وما تعانيه من ظلم وعدوان في زمن ما كان ينبغي فيه هذا، خصوصا وأنه زمن حقوق الإنسان والعدل كما يزعمون؛ لكن المرأة خلقت لتحب وتعزز وتكرم وتدلل، أما كانت أو زوجة أو بنتا، فأيتها كانت وجب تكريمها، ولم تنل هاته الحظوة عند أية حضارة أو ديانة كما حظيت بها في ظل الشريعة المحمدية السمحاء.

“رفقا بالقوارير” أجمل وصف من أحسن وأكمل الخلق لأجمل مخلوق، فرفقا وحنوا وعطفا، لهاته القارورة، لأنها زجاج هش سريع الكسر فارفق بها أيها الرجل، إن كنت أبا فبشراك أن تحسن إلى بناتك في تربيتهم ورعايتهم ولك الجنة ولو كانت واحدة فقط، وكزوج فضع نصب عينك ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” واصبر واسع واجعل المودة شعارك والسكينة دثارك، واحتسب اللقمة تضعها في فيه زوجك فإنها صدقة؛ والجنة تحت أقدام الأمهات فكن الابن البار، واعطف عليها وأنزلها منزلتها لا تزايد عليها، منزلة أكرمها بها المولى عز وجل فليس لأحد أن ينازعها، فأمك ثم أمك ثم أمك، هذا حقها عليك.

فصور تكريم المرأة كثيرة متنوعة في الإسلام، ولم يرد قط خبر بتعنيفها أو إهانتها، بل هي سيدة معززة في جميع مراحلها، ونعت باللؤم من يهينها، فما أكرمهن إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم؛ ويلازمها الرفق في أبهى صوره حتى حين تأديبها إذا ما عاندت وتكابرت وتعالت على زوجها وعصته، فكان عليه وعظها بالتي هي أحسن فإن لم تستجب، هجرت في مضجعها دون أن يفارقها الفراش، أي أدار عنها وجهه فقط تعبيرا عن امتعاضه وتذكيرا لها عسى ترجع لرشدها، فإن هي أصرت أمر بضربها ضربا غير مبرح:

ولي وقفة مع كلمة ” الضرب” التي ذكرها الله عز وجل في محكم كتابه  في اللغة لأنها ليست بالمعنى الذي نفهمه البتة؛ بل هي تعني المفارقة والمباعدة والحاجز والابتعاد:

فإذا ضُرب الوجه يسمى لطم، وإذا ضربت القفا: قيل صفعه، و إذا ضربته برجلك قيل ركلته، وإذا ضربت الصدر والبطن يسمى وكزه( فوكزه موسى فقضى عليه) وضرب على الرأس أي صقعه، وعلى كلا الخدين صكه ( فصكت وجهها) وفي قوله تعالى (فضرب بينهم  بسور) أي حجز، (واضرب بعصاك الحجر) أي باعد بين فريق وفريق.

فنفهم من خلال هذا أن المرأة في أسوإ حالاتها تضرب ضربا غير مبرح ليس بمعنى الضرب المتعارف عليه، وسئل ابن عباس عن معناه فقال:” أن يضربها بالسواك أو ما شابهه، فلا يؤذيها بضربه ولا يكون للضرب أثر عليها، وبذلك لا يجمع عليها العقوبات الثلاث” ولكلامه معنى لأنه مستقى من مشكاة سيد وأحن الخلق أجمعين الذي وردت الآثار بعدم ضربه لأحد من زوجاته أو خدمه. عن عائشة -رضى الله عنها- قالت: ما ضرب رسول الله ﷺ شيئاً قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قطُّ فينتقم من صاحبه إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله، فينتقم لله تعالىرواه مسلم

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.