منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

الفرق بين النبي والرسول

الفرق بين النبي والرسول/ منار الإسلام

0

الفرق بين النبي والرسول

منار الإسلام

مقدمة :

لقد أرسل الله – جلا وعلا – في سائر الأمم أنبياء ورسلا ليقوموا بتبليغ شرع الله وهداية الناس إلى طريق الحق سبحانه وتعالى، فيرشدون الناس إلى دين الله وعبادته حق العبادة، ولذلك فقد أمدهم الله تعالى بالآيات والمعجزات التي تؤيد حقيقة أنهم رسل وأنبياء ومبعوثون من عنده سبحانه وتعالى.

الفرق بين الرسول والنبي من حيث اللغة

  • النبي في اللغة :

مأخوذ من الفعل نبأ بتخفيف الباء أو نبأ بتشديدها بمعنى أخبر، وسمي بذلك لأنه أنبأ عن الله تعالى، وهو على وزن فعيل بمعنى فاعل[1]، وقيل أيضا أن النبي مأخوذ من النبوة وهي العلو والارتفاع، ويطلق النبي على العلم من الأرض؛ أي المرتفع الذي يهتدى به، ولذلك قيل إنه اشتق منه لشرفه وعلو قدره، وعلى القول الأول فإن النبي مسهل من المهموز وعلى القول الثاني فالاشتقاق يكون بغير الهمز[2] .

  • الرسول في اللغة :

مأخوذ من الإرسال بمعنى التوجيه، والرسول بهذا المعنى هو الذي وجهه الله تعالى لإنذار عباده وهدايتهم ودعوتهم[3]، وتستعمل كلمة الرسول أيضا بمعنى الرسالة ذاتها[4]، وتستخدم أيضا للدلالة على الجمع، كما في قول الله عز وجل : ﴿فَاتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَآ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ اِ۬لْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الشعراء آية 15] ولم يقل إنا رسل رب العالمين؛ وذلك لأن ما جاء على وزن فعيل وفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع[5] .

الفرق بين الرسول والنبي في الاصطلاح الشرعي :

من الجدير بالذكر قبل الشروع في بيان الفرق بين النبي والرسول، الإشارة إلى أن كلمة رسول تطلق أحيانا على الملائكة، الذين يرسلهم الله إلى أنبيائه كجبريل وميكائيل، كما بين الله تعالى ذلك في قوله تعالى : ﴿ اِ۬للَّهُ يَصْطَفِے مِنَ اَ۬لْمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلاٗ وَمِنَ اَ۬لنَّاسِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ سَمِيعُۢ بَصِيرٞۖ   ﴾ [سورة الحج آية 73] فتعين الاحتراز بالقول أن الرسول المقصود في موضوع البحث هنا هو الرسول من البشر لا من الملائكة، وأشهر أقوال العلماء في التفريق بين النبي والرسول عدة أقوال ومن بينها :

لا فرق بين النبي والرسول.

وهذا الرأي ذهب إليه المعتزلة، وقالوا: إن كل نبي رسول وكل رسول نبي ولا فرق بينهما، واحتجوا لذلك بأن الله تعالى خاطب نبيه أحيانا بوصف النبي وأحيانا بوصف الرسول، واحتجوا بأن الله تعالى قال : وَمَآ أَرْسَلْنَا فِے قَرْيَةٖ مِّن نَّبِےٓءٍ اِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَۖ [سورة الأعراف آية 93]، وقوله عز وجل : وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِےٓءٍ اِلَّآ إِذَا تَمَنّ۪يٰٓ أَلْقَي اَ۬لشَّيْطَٰنُ فِےٓ أُمْنِيَّتِهِۦ فَيَنسَخُ اُ۬للَّهُ مَا يُلْقِے اِ۬لشَّيْطَٰنُ ثُمَّ يُحْكِمُ اُ۬للَّهُ ءَايَٰتِهِۦۖ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم [سورة الحج آية 50]، فقالوا : إن الله أخبر عن النبي بلفظ الإرسال، فكان ذلك دالا على أنه لا فرق بين النبي والرسول[6] .

 الرسول من بعث بكتاب ومعجزة بخلاف النبي.

هذا القول يتضمن أن الرسول والنبي كلاهما يوحى إليه، ويؤمران بالدعوة والتبليغ، إلا أن الرسول يجري الله تعالى على يديه الخوارق والمعجزات ويؤيده بكتاب منزل، وهذا لا يحصل للنبي، ومع أن هذا القول قد قال به بعض العلماء إلا أنه قد نوقش بأنه لا ينطبق على بعض المرسلين، فإسماعيل عليه السلام لم يكن له كتاب، مع أن القرآن الكريم قد نص على أنه رسول[7] .

الرسول مكلف بالتبليغ والنبي غير مكلف.

أن الله تعالى قد نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل، في آيات متعددة من القرآن الكريم كقوله تعالى : وَمَآ أَرْسَلْنَا فِے قَرْيَةٖ مِّن نَّبِےٓءٍ اِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَۖ [سورة الأعراف آية 93]، وقوله عز وجل : وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٖ وَلَا نَبِےٓءٍ اِلَّآ إِذَا تَمَنّ۪يٰٓ أَلْقَي اَ۬لشَّيْطَٰنُ فِےٓ أُمْنِيَّتِهِۦ فَيَنسَخُ اُ۬للَّهُ مَا يُلْقِے اِ۬لشَّيْطَٰنُ ثُمَّ يُحْكِمُ اُ۬للَّهُ ءَايَٰتِهِۦۖ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم [سورة الحج آية 50] فمن الواضح في الآيات الكريمة أن الله تعالى أرسل الرسل والأنبياء بنفس الكيفية، وإرسال الرسل يقتضي البلاغ وهو كذلك بالنسبة للأنبياء .

 الرسول يأتي بشرع جديد، والنبي يبلغ فقط.

الرسول هو الذي ينزل عليه الكتاب والشريعة، وهو مكلف بإبلاغه للناس، كما قال الله تعالى : يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَٰتِهِۦۖ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَ۬لنَّاسِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يَهْدِے اِ۬لْقَوْمَ اَ۬لْكٰ۪فِرِينَۖ [سورة المائدة آية 69]، وسمي الرسول بذلك: لأنه مكلف بتبليغ رسالة .

ما يتشابه ويشترك به النبي والرسول

توجد عدة صفات مشتركة وأوجه كثيرة للشبه بين الأنبياء والرسل بصورة عامة، ومن ذلك نذكر ما يلي :

– أن كلاهما مبعوث من الله سبحانه وتعالى، فقد بعثهم الله لتبليغ ما أمرهم به .

– أن الله  جلا وعلا  قد اختارهم واصطفاهم من بين كل خلقه سبحانه من البشر .

– وأن الهدف من بعث الله سبحانه وتعالى لهم هو إرشاد الناس وهدايتهم لدين الحق وإصلاح حياتهم بتوحيد الله عز وجل .

– أن مهمتهم جميعا هي الدعوة إلى عبادة الله الواحد والتبليغ عن شريعته .

الحكمة من بعث الأنبياء والرسل :

بعث الله تعالى الرسل والأنبياء للناس لحكم عديدة، نذكر منها ما يلي :

– دعوة الناس لعبادة ربهم سبحانه وتعالى، ونهيهم عن عبادة كل من سواه، قال الله سبحانه وتعالى : وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِے كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولاً اَنُ اُ۟عْبُدُواْ اُ۬للَّهَ وَاجْتَنِبُواْ اُ۬لطَّٰغُوتَۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَي اَ۬للَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ اِ۬لضَّلَٰلَةُۖ فَسِيرُواْ فِے اِ۬لَارْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ اُ۬لْمُكَذِّبِينَۖ [سورة النحل آية 36].

– إيضاح الطريق الموصل لله سبحانه وتعالى، فقد قال الله عز وجل : هُوَ اَ۬لذِے بَعَثَ فِے اِ۬لُامِّيِّـۧنَ رَسُولاٗ مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمُۥٓ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ اُ۬لْكِتَٰبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِے ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ [سورة الجمعة آية 2].

– إقامة الحجة على الناس، قال الله تعالى : رُّسُلاٗ مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِيَ۬لَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَي اَ۬للَّهِ حُجَّةُۢ بَعْدَ اَ۬لرُّسُلِۖ وَكَانَ اَ۬للَّهُ عَزِيزاً حَكِيماٗۖ[سورة النساء آية 164].

– الرحمة بالناس كافة، قال الله عز وجل : وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةٗ لِّلْعَٰلَمِينَۖ [سورة الأنبياء آية 106].

ختاما :

أن الله تبارك وتعالى قد أقام حجته على خلقه بهؤلاء الأنبياء والمرسلين، وقد أرشدوا الخلق إلى الخير في الدين والدنيا، حتى يكونوا بشرا صالحين لينالوا جنة النعيم والخلد، فباتباعهم للرسل والأنبياء يطيعون الله عز وجل ويوحدونه متفردا بألوهيته رب السماوات والأرض وما بينهما .


[1]  منتخب من صحاح الجوهري، أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (المتوفى: 393هـ)، 1/5040 بتصرف .

[2]  لسان العرب، محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)، الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1414 هـ، 15/302 بتصرف.

[3]  تاج العروس من جواهر القاموس ،محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (المتوفى: 1205هـ)، المحقق: مجموعة من المحققين، الناشر: دار الهداية، د: ط، ص: 29/72 بتصرف .

[4]  لسان العرب، لابن منظور، 11/283 بتصرف .

[5]  منتخب من صحاح الجوهري، إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي، ص: 366 بتصرف .

[6]  روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، المحقق: علي عبد الباري عطية، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى، 1415 هـ، 9/165 بتصرف .

[7]  فاتيح الغيب = التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة – 1420 هـ، 23/236 بتصرف .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.