اللغة العربية…وأمل العودة إلى حاضِنتها الأصيلة!
اللغة العربية...وأمل العودة إلى حاضِنتها الأصيلة!/ الدكتور صالح محمد العفشوك
اللغة العربية…وأمل العودة إلى حاضِنتها الأصيلة!
بقلم: الدكتور صالح محمد العفشوك
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية 18 دجنبر ؛ أجد نفسي مَدينا باعتذار لهذه اللغة العظيمة؛ لغة الإيمان والقرآن، تلك اللغة التي صانها وشَرُف بخدمتها الأجداد، وهجرها وأنقص من شأنها الأحفاد…بل حتى تاريخ الاحتفال بها والإشادة بقيمتها وأهميتها؛ إنما هو من اختيار ووضع “هيئة الأمم المتحدة”!.
ووالله وبالله؛ لولا كتاب الله وسنة رسوله بيننا لضاعت واندثرت هذه اللغة، ولصارت أثرا بعد عين.
وهاهنا أنتهز هذه السّانحة لأؤكد على مسألة مهمة-في تقديري-يغفل أو يتغافل عنها كثير من الباحثين بين سهو وعمد؛ ألا وهي ضرورة عودة أقسام اللغة العربية وكلّيات اللغة العربية إلى حاضنتها الأصيلة؛ التي هي كليّات الشريعة، والجامعات الإسلامية.
فإن كانت المؤسسة جامعةً عامّة حَوَت كلّيات لعلوم وتخصصات متنوعة؛ طبّية وتطبيقية وشرعية وإنسانية، وجبَ إنشاء قسم للغة العربية داخل كلّية العلوم الشرعية، وإن كانت المؤسسة جامعة إسلامية متخصصة في علوم الشريعة؛ لَزِمَ أن تُضَمَّن كليةً مستقلّة تُعنى باللغة العربية وعلومها وآدابها.
إذ المكان الأصيل للغة العربية سواء كانت قِسما أو كُلِّية؛ أن تكون في إطار مؤسسات العلوم الشرعية سواء كانت كلياتِ علوم شرعية، أم جامعات إسلامية.
وإن من العجب العُجَاب أن نجد أقوامًا ينتسبون لعلوم الشريعة، وآخرين من المتخصّصين في علوم العربية؛ يعترضون على هذا الالتئام والوِئَام الأصيل بين اللغة العربية وعلوم الشريعة!.
ويرون أن أقسام اللغة العربية ينبغي أن تكون تحت مظلّة كلية الآداب، أو كلية اللغات، ونحو ذلك!.
فليت شِعري؛ أين هؤلاء من أبي الفتح ابن جني، رائد علم الأصوات في العربية الذي «شُغِل بدرس القراءات القرآنية على ما نعرف في المحتسب»[1]، بالإضافة إلى علماء النحو الذين كانوا «أئمة في القراءة كما نعرف عن أبي عمرو بن العلاء والكسائي»[2]
وأين هم من معاني القرآن للفراء ومعاني القرآن لأبي عبيدة، وقد وردا في تراجم المفسرين مع أنهما كتابا نحو ولغة، وعند بحث علاقة الوجوه والنظائر القرآنية باللغة، وهو أسلوب في التفسير، «يُلْحظ أنه لا بد من وجود ارتباط بينهما وبين أصل المعنى اللغوي»[3]؛ فالصلة إذن وثيقة وعميقة بين علم التفسير وعلوم اللغة العربية؛ إذ إن العلم بها يشكل شرطاً أساساً لصحة التفسير.[4]
ومن هنا يظهر أن دراسة العربية في إطارها الإسلامي؛ المتمثل في علوم الشريعة، قد أفرز للأمة زُبدة علمائها، وصفوة مفكريها وجهابذتها.
ويوم أن استُلَّت العربية من بيئتها ؛ علومِ الشريعة، وحُرمت علوم الشريعة من وعائها الذي هو؛ اللغةِ العربية، انقلبت الموازين وتبدلت المفاهيم، فصرنا نرى فقهاء ومفسرين لايُحسِنون العربية، ولغويين وأدباء لايفقهون شيئا من علوم الشريعة!.
وهذه النتيجة حتمية، ومنسجمة تماما مع سنن الله الكونية القدرية….فعند إهمال المقدمات وترك الأسباب؛ تتخلّف النَّتَائج وتسُوء العواقب!.
[1] الراجحي، عبده: فقه اللغة في الكتب العربية، دار النهضة العربية، بيروت، ص133.
[2] المصدر نفسه، ص129.
[3] الطيار، مساعد بن سليمان: التفسير اللغوي، ص96.
[4] انظر بن ناجي، عبدالله: التكامل المعرفي بين العلوم الشرعية والعربية- مجلّة البيان.