منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

إفهام المريب لحديث”حبب إلي من دنياكم النساء والطيب”

إفهام المريب لحديث"حبب إلي من دنياكم النساء والطيب"/ يعقوب زروق

0

إفهام المريب لحديث”حبب إلي من دنياكم النساء والطيب

بقلم: يعقوب زروق

مقدمة:

 عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ[1] “.

حكم الحديث: حسن صحيح

  • هذا الحديث أخرجه النسائي في السنن و أحمدال مسند والبيهقي في السنن وأبي عوانة في مسنده وابي يعلى في مسنده والسيوطي في الجامع الصغير وصححه الحاكم والذهبي وابن حجر. رحمهم الله جميعا.
  • هذا الحديث لم يخرجه البخاري ومسلم رحمهما الله.
  • هذا الحديث رغم صحته طعن فيه منكرو السنة بدعوى أنه يسيء للنبي صلى الله عليه وسلم وللإسلام. رغم عقلانيتهم كما يزعمون عجزت عقولهم عن فهمه وسبر أغواره واستكشاف كنهه.
  • هذا الحديث فيه من الدروس العظيمة ما يدل على عظمة هذا الدين وعلى فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتعالوا نستخلص دروسه:

الدرس الأول: حب الزوجة منقبة لا مثلبة.

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبر عن مشاعره تجاه نسائه. فإنما يقصد بالنساء هنا أزواجه أمهات المؤمنين. وهذه منقبة لا مثلبة كما زعموا. وقد عبر مرات عن محبته لهن إما بالقول الصريح أو بحسن معاملتهن ، تلك المعاملة الراقية التي يعجز بشر غيره أن يحاكيها مع زوجة واحدة، فأحرى مع تسع نسوة، لكل واحدة طبائعها وخصوصياتها. إنه يعلم الأزواج البوح بحبهم لبعضهم، إنه صلى الله عليه وسلم يصحح العادات التي تستهجن حب الزوج لزوجه والتعبير عن هذا الحب.

الدرس الثاني: توافق مع الفطرة.

هذا الحديث يدل على أن هذا الدين منسجم مع الفطرة، متوافق مع الطبيعة البشرية، لا يقمع الغريزة وإنما يهذبها ويضبطها بالزواج. وهاته الخاصية هي التي تجذب إليه الغربيين ممن عانوا من الفصل بين الروحي والمادي. وقد عبر عن هذا محمد أسد (ليوبولد فايس سابقاً) رحمه الله في كتابه الطريق إلى مكة.

في الغرب تصطدم الكنيسة مع الطبيعة البشرية فتمنع الزواج عن رجال الدين فيكون رد الفعل تشددا في الجانب الآخر، غريزة بلا ضوابط. أما الإسلام فدين الفطرة والوسطية والاعتدال.

الدرس الثالث: حب فرع لحب الله.

في هذا الحديث فضيلة أخرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذاك أن محبوبات المرء عادة ما تغلبه وتشغله عن أعماله بيد أنه صلى الله عليه وسلم ما كانت محبوباته لتشغله عن مهمته فحياته كلها جهاد ودعوة نهارا، وقيام وتهجد ومناجاة ليلا. عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ﷺ يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه” [2]

مما يدل على أن حبه صلى الله عليه وسلم لربه فوق كل حب وأن محبوباته تلك هي فرع لهذا الأصل. فتجد حبه لربه قد انعكست أنواره على باقي المحبوبات لطفا وحلما وحسن خلق.

الدرس الرابع: جلسة حبية:

ثمة زيادة ضعيفة في هذا الحديث انفرد بها العجلوني في كتابه “كشف الخفاء” نستأنس بها في درس آخر مهم. هاته الزيادة تفيد أن سياق الحديث جاء في جلسة حبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وذاك أن كل واحد منهم ذكر ثلاث محبوبات له في حوار شيق ممتع. وقد دلت الأحاديث الكثيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان مع الناس يضحك مما يضحكون ويعجب مما يعجبون يحدثهم ويحدثونه، يسمع لهم ويهتم باهتماماتهم. وهاته كذلك من فضائله العظيمة صلى الله عليه وسلم.

خاتمة:

قبول الحديث ورده يكون وفق ضوابط صارمة معلومة عند أهل الحديث. ولا يكون وفق ما يقبله العقل أو الهوى المتستر خلف المنطق. فإن التسليم لب الدين، والغيب أساس الإيمان، والعقل قاصر، والعلم نسبي متغير. فإن تعذر على عقل فهم حديث صحيح ما فليتهم امرؤ نفسه.


الهوامش:

[1]  – سنن النسائي:كِتَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ – بَابٌ : حُبُّ النِّسَاءِ 3940,  – مسند أحمد: 12293, 12294, 13057, 14037, – حكم الحديث: حسن صحيح

[2]  – الكتاب: إحياء علوم الدين – المؤلف: أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: ٥٠٥هـ)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.