معلقات الرُّوح(قصيدة)
معلقات الرُّوح(قصيدة)/ أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
معلقات الرُّوح (قصيدة)
بقلم: أَبُو عَلِيٍّ الصُّبَيْح
يــاأيُّـهــــا السَّــائِـلــي عمَّــــا أُكابـــــدُه
إلـيـكَ عـنّـي ؛ ودَعْـنــي بـيـن أحـزانـــي
فـى واحـةِ الصَّـمــت أَسْتَمْـرىِ مَرارَتَـــها
وأزرعُ الصبــــرَ فـى أرجـــــاء بستــانـــي
وأُرســلُ الفِكــرَ فـى الآفــــاق مُنطَلِقًـــا
لاتـحـتــوي فكـرتــي جــــدرانُ سجَّــــانِ
وَأُخْبِرُ اُلطِّينَ عَنْ شَكْلٍ أُرَافِقُهُ
عَسَايَ أُقْرِئُ وَجْهِي وَجْهَ مُرْتَحِلِ
مِنْ شَاعِرٍ بَسَطَ اُلْأَرْوَاءَ يَقْسِطُهَا
قَسْطَ اُلْمَعَانِي يُرِيهَا حِلْيَةَ اُلْجُمَلِ
مَجْرُوحَةَ اُلصَّدْرِ مِنْ أَعْجَازِهَا رَكِبَتْ
أَنْوَاءَ لَحْنٍ بِلاَ زَحْفٍ وَلاَ عِلَلِ
مَا قُلْتُ فِيهَا رَمَانِي إِذْ رَمَيْتُ دَمِي
وَاُلرَّجْعُ يَحْمِلُنِي فِي رِيحِ مُقْتَبَلِ
أَحْيَا أُطَارِدُهُ مَا دَلَّنِي سَفَرٌ
إِمَّا وَصَلْتُ وَإِلاَّ ، فَاُلْمَدَى نُزُلِي
فى وَحدتي حيثُ نفسي لستُ أكتُمُهـا
سِـــرِّي ؛ ولاأزدَهـي فـى ثــوبِ نُكـــرانِ
مِرآتُــــها الصِّـــدقُ تُبــدي كـلَّ خافيـــــةٍ
وخَـفْـقُـها فـى دُجَـى الحيْـــران عيـنــانِ
ونبعُـهـــــا الحــقُّ بالخيــرات مُـنْـدفِـقًـــا
فالحـــقُّ والخيــرُ فى الدنـيــــا قَرينـــان
فِي اُلْفَجْرِ أَهْدَيْتُهُ نِصْفِي بِوَفْرِ دَمِي
فَصِرْتُ كُلاًّ لِنُسَّاخٍ وَلَمْ أَسَلِ
لاَ أَسْتَرِيحُ كَمَاءِ اُلْهَطْلِ فِي جَبَلٍ
حَتَّى يُلاَمَ بِحِبْرِي كَاتِبُ اُلْسَّفَلِ
صِرْتُ اُلْمَجَازَ كَشَمْسٍ غَارَ مَطْلَعُهَا
وَاُسْتَوْقَفَ اُلْغَيْمُ آيَاتٍ عَلَى وَشَلِ
مِثْلَ اُلنُّبُوءَةِ ثَمْلَى فَوْقَ شَاشَتِنَا
أَرْنُو فَلاَ أَجِدُ اُلْمَمْشَى وَلَمْ أَصِلِ
أَجْرِي مَعَ اُلْحَجْرِ مِثْلَ اُلْأُمْنِيَاتِ صَدىً
كَمَا تَسَاقَطَ حَبْلُ اُلرِّيحِ لِلسَّفَلِ
لاَ وَاهِبٌ يَسْتَدِلُّ اُلصَّوْتُ مَوْعِدَهُ
فَيُحْدِثَ اُلْوَصْلَ بَعْدَ اُلْفَصْلِ فِي اُلْعَسَلِ
حَتَّى تَدَلَّى مَنَارٌ مَا عَرَفْتُ لَـــــــهُ
أَنَّ اُلسَّبَايَا بِنُورِ اُلْحَقِّ لَمْ تَفِلِ
وَاُنْقَادَ حِمْلِي عَلَى ظَهْرِ اُلْبَعِيرِ تَلاَ
صَعْداً وَنَاءَ بِهِ حَادٍ عَلَى ثِقَلِ
كَاُلصُّبْحِ مَا اُنْفَكَّ دَجْنُ اُللَّيْلِ يَطْرُدُهُ
فِي اُلْقَلْبِ يَعْزِفُ نَبْراً قُدَّ مِنْ قِبَلِ
فى هَـدْأة الليْلِ أدعـو رَبِّىَ الحاني
أن يُشرِقَ النُّـورُ فى ظلمـاءِ وِجْداني
ويَيعَـثَ الحــبُّ فى قلبــي عرائسَـهُ
يَعزِفْنَ فى مَهرجانِ العِشـقِ ألحاني
أزاهِـــرًا فى ريــاض الشَّــوْق مَنْبَتُها
وعطــرُ أفنــانـها مِن ذَوْبِ أشجــاني
مُحَمَّــلاتٍ إلى وادي الهــوَى قُبَلًا
تَــروي بأندائــــها أحشــــاءَ ظَمـــآنِ
يكادُ مِن سَــرَيان الشَّــوْقِ فى دَمِهِ
لا يَستَفيـقُ ، فَمِن حــانٍ إلى حــانِ
لا يَستــقِـرُّ علــى حــــالٍ ، فَآوِنَــــةً
بيــن الصُّخــــورِ وآنًــــا بيــنَ أفنــــانِ
وتـارَةً بـشُعــــاع الشَّمسِ مُلْتَحِـفًا
وتـــــارةً بـيــــن أجــــداثٍ وأكفـــــانِ
يَهيــمُ فى جَنَبـــاتِ الــرَّوْضِ مُرْتَقِــبًا
لُقْيـا الحبيب ؛ فيـــا لَلصَّبِّ مِن عـــانِ
مُزَعزَعَ الخَطْوِ ، مَذعورَ الخُطَى ، ثَمِلًا
وسابحًــا ليس يـدري بُعـــدَ شُطْـــآنِ
كَريشــةٍ فى مَهَبِّ الرِّيـــحِ مِقْـــوَدُها
أو خَطْــرَةِ الوَحْىِ فى أعمــاقِ فنَّــانِ
يا صــادِىَ الـرُّوحِ فى قَفْـراءَ مُوحِشَـةٍ
أقبِـــل علَــىَّ فإنّــي فيــكَ ألقـــانـي
واذْرِفْ دمــوعَ الأسَى حَيْــرَى كاُغْنِيَةٍ
يشـدو بأنغامـــها فى الأيْـــكِ رُوحـانِ
تَعـانَقــا فـى دروب الحــبِّ وأْتَلَـفـــــا
والنَّفسُ مَغلــولةٌ فى قَبضةِ الجــاني
تَطَلَّعـا نحـوَ عرش الشَّمسِ فى ألَـمٍ
كيف السُّمُوُّ وقد هِيضَ الجناحانِ ؟!!
أَحْيَاهُ بَيْنَ سَفِيقِ اُلنَّايِ مُخْتَرِماً
كَاُلْمَاءِ يَلْهُو بِوَادٍ دُونَ مُغَتَسَلِ
إِمَّا أَعُودُ لِصَخْرٍ لاَ أُهَدْهِدُه
أَوْ أَنْظُرُ اُلصَّخْرَ يَمْشِينِي عَلَى مَهَلِ
كِــم أرتَـــــوِي منه إلا أننى ظَـمِـــــئٌ
فـاعجَــبْ لِـــــواردِ نَبــــعٍ غـيْـــرِ رَيَّــــانِ
سألـــتُـها وفُضــولُ الجهـــل يَعصِرُني
أيـن السبيـلُ ؛ فَـتِـيـهُ الشَّـك أردانــي؟
فأرسَلتْ بســمةً فى الأفـق ســـاخرةً
وأطـرَقَتْ ؛ ثم قــــالت بَعــدَ إمعــــــانِ:
ياصــــاحِ ليــــس غـريـبًـــا مــاتُـؤَمِّـلُــهُ
مــا أروعَ الـلـهَ فـى أعـمــاق إنـســانِ!