التصور المنهاجي لدور المسجد في فكر الإمام عبد السلام ياسين
الدكتور رشيد عموري
نشر هذا المقال في كتاب “مؤسسة المسجد بين التأميم والتحرير” من إصدارات مجلة “منار الهدى” الكتاب الثالث.
تقديم
يعتبر المسجد في الدولة الإسلامية المؤسسة المركزية فيها لما يقوم به من أدوار عظيمة، فهو مدرسة لغرس الإيمان، وهو مكان تقوية أواصر الحب والإخاء بين المسلمين، وهو مكان تعلم الناس وتعليمهم، وهو منطلق الجهاد، وهو مكان تجمع الناس وانطلاق المناسبات الاجتماعية ….،والناظر في تاريخ المسلمين يجد أن هذه الأدوار وغيرها كثير قد بدأت في الانحسار والتراجع منذ سقوط الخلافة الراشدة وانتقال الأمة إلى مرحلة الحكم العاض[1] مع بني أمية، حتى بلغ هذا التراجع مداه في وقتنا الحاضر بسبب سقوط الدولة العثمانية وخضوع العالم الإسلامي للاستعمار الغربي الذي غادرت عساكره البلاد العربية الإسلامية، لكن لم تغادر نظُمه وقوانينه الأمة الإسلامية بسبب وجود نخبة مغربة لائكية[2] من أبناء المسلمين تشبعوا وءامنوا بالثقافة الغربية فخلفوا المستعمر ومسكوا بزمام الحكم، وعملوا ما في وسعهم لربط العالم الإسلامي بالغرب على جميع المستويات. وقد تفطنت هذه النخبة لأهمية المسجد، وعلمت أنه لا سبيل إلى الوصول إلى مبتغاها إلا بإبعاد الأمة عن منبع قوتها وهو الدين الإسلامي، والإسلام يشكل المسجد فيه قطب الرحى، ومنبع قوة المسلمين واجتماعهم، وحبل يفتل في وحدتهم ؛ فعملت هذه النخبة المغربة المكونة من حكام وطبقة مثقفة مؤازَرة ومدعَّمة من الاستكبار العالمي على إضعاف رسالة المسجد، وبالتالي إضعاف المسلمين وإضعاف شوكتهم . ويعتبر الإمام عبد السلام ياسين من الأئمة القلائل الذين بدؤوا دعوتهم من المسجد في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات قبل أن يُمنع منه ويفكر رحمه الله في تأسيس جماعة منظمة تعمل على تربية نفسها، وتربية الأمة معها على شعائر الإسلام، وتعمل على بث روح الجهاد في هذه الأمة لمواجهة ما يتهددها من أخطار على جميع المستويات.
هذا وقــــــــــــــد تحدث الأستاذ عبد السلام رحمه الله تعالى عـــــــــــــــــــــن المسجد ودوره في التغيير المنشود في
كتبه المنهاجية[3] ، وبين كيف يجب استثماره الاستثمار الأمثل لإعادة تأليف وتقوية جماعة المسلمين، والتي منطلقها المسجد لمواجهة مسلسل التغريب والتجهيل والبعد عن الله تعالى وعن دينه. وبين رحمه الله مركزية المسجد في دولة القرآن التي نظَّر لها وأصَّل لها في كثير من كتبه. وبناء على هذا فقد عنونت هذا البحث بعنوان: التصور المنهاجي لدور المسجد في فكر الإمام عبد السلام ياسين، وقسمته إلى محورين اثنين : دور المسجد في تجديد الدين من خلال فكر الإمام عبد السلام ياسين، وسأتناول فيه أهمية المسجد في غرس الإيمان، وإعادة صياغة الشخصية المسلمة، وبناء وتعزيز أواصر الوَلاية بين المؤمنين، وسأتحدث عن حلق المسجد ودورها التربوي والتعليمي والجهادي ، وأختم هذا المحور بفِقرة الجهاد وعلاقته قديما وحديثا بمؤسسة المسجد . أما المحور الثاني فهو بعنوان : بعض معالم دولة القرآن ومركزية المسجد فيها، وسأتحدث فيه عن ثنائية الدعوة والدولة، وعن جماعة المسلمين، وعن تطبيق الحدود وارتباطها بالمسجد مكانا ووظيفة، وسأتحدث عن روح المسجد التي يجب أن تعم جميع مجالات الحياة، وسأتحدث عن حُسن إدارة الوقت في دولة القرآن، وأختم هذا المحور بفقرة تحرير المسجد ونظرة الإمام عبد السلام ياسين لهذا التحرير قبل قيام دولة الإسلام وبعد قيامها ليؤدي المسجد الدور الحقيقي المنوط به، وختمت البحث بخاتمة لخصت فيها ما توصلت إليه من نتائج وتوصيات.
أما المنهج المتبع فقد كان منهجا استقرائيا رام جمع المادة الخام من تراث الإمام عبد السلام ياسين، وتحليلها وتركيبها، وصياغتها صياغة تلائم التصور العام للبحث.
المبحث الأول: دور المسجد في تجديد الدين من خلال فكر الإمام عبد السلام ياسين
تعددت أدوار المسجد في الحياة العامة، وشملت الجانب العبادي والعلمي والاجتماعي والدبلوماسي والسياسي والعسكري في عهد الخلافة الراشدة، وفي فترات زاهرة أخرى من فترات تاريخنا الإسلامي حيث بقي المسجد يقوم بدوره في الجانب العبادي والعلمي بالخصوص، وتراجع دوره في الجوانب الأخرى بسبب الانحراف والفساد الذي لحق مؤسسة الحكم، والذي نجملة في كلمة الاستبداد . والآن تعيش الأمة فترة ضعف وتخلف ونكوص عن دورها المتمثل في الخلافة في الأرض، وفي الخضوع لله تعالى والتقرب منه بالفرض و النفل . ويلعب المسجد دورا مهما في تحقيق هاتين الغايتين الاستخلافية و الإحسانية . إن تجديد الدين في الأمة يكون بإحياء قلوب المسلمين بنور الإيمان، وإحياء الأمة بدعوتها للالتزام بشرع الله تعالى في جميع المجالات، وتصحيح ما علق بالإسلام من شوائب. ومن التجديد أيضا العمل على تنظيم المؤمنين ليكونوا قوة تستطيع مواجهة قوى الباطل سواء على المستوى المحلي أو الخارجي. والمسجد بحكم مركزيته في الدولة الإسلامية يمكن أن يساهم بدور فعال في عملية التجديد هذه، ويمكن تجلية بعض أدواره بناء على هذا من خلال أربعة نقط :
المطلب الأول: غرس الإيمان في نفوس الناس
تلقى الصحابة رضوان الله عليهم الإيمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة بعضهم البعض،قال ابن عمر: ” لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَإِنَّ أَحدنا يُؤتى الإيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ،….”[4]. هذا الإيمان الذي تلقاه الصحابة رضوان الله عليهم إنما تلقوه في المسجد بصحبتهم ومعيتهم لرسول الله عليه السلام وبمجاهدتهم للنفس وإلزامها عبادة الله تعالى وطاعته، و بالتجافي عن دار الغرور. قال الله تعالى : ﴿ في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام والصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ﴾[5] . هذه الآيات وغيرها بينت أن المسلمين تلقوا الإيمان في المسجد على يد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبما أن العلماء ورثة الأنبياء وأمناء الرسالة فقد تكفلوا بما تكفل به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقلدوا مهامه، ومن بينها مهمة غرس الإيمان وتثبيته في نفوس الناس. يرى الإمام عبد السلام ياسين بأنه لغرس الإيمان وتثبيته لابد صحبة الصالحين كشرط للتربية الإيمانية؛ ذلك أنه لا بد للتائب من صحبة تدله على الخير، وتعينه عليه، وتثبته عليه لئلا يرجع القهقرى، وهذه سنة من سنن الله تعالى حيث تتأثر النفوس بالأمثلة الإنسانية الحية أمامها أكثر مما تتأثر بالوعظ، فقال رحمه الله : ” الله عز وجل غالبا ما يهيئ لمن سلك سبيل التوبة أشخاصا ذوي قلوب صافية . والمسجد أمثل مكان للعثور على الصحبة المثلى “[6]. وقــــــــــال الرسول الكريم : ” ثلاث من كن فيه وجد طعم الإيمان : من كان الله تبارك وتعالى ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن كان لا يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان أن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله عز وجل منه “[7]. الصحابة الكرام أحبوا الله تعالى وأحبَّهم لـحُبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والأجيال التي تلت جيل الصحابة ذاقوا طعم الإيمان بصحبتهم للأتقياء الأصفياء المؤمنين لا يحبوبهم إلا لله .
بالإضافة إلى صحبة أهل المسجد لابد للتائب من عمل ثابت يقوم به ليزيد به مستوى إيمانه ، وأجل عمل هو الصلاة في وقتها وفي المسجد مع جماعة المسلمين فإن ذلك مما يزيد في إيمان وثبات التائب إلى الله عز وجل، وهي بالإضافة إلى هذا أعظم أجرا من صلاة المسلم في بيته . قــال الرسول الكريم: ” صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة “[8] . وفي سجل حواراته مع العلمانيين اللائكين يدعو الأستاذ عبد السلام ياسين هؤلاء إلى التوبة : توبة برهانها الأول الصلاة في المسجد، لأن الواحد منهم يزعم أنه مسلم لكنه لا يُرى في المسجد[9] . فالمسجد في نظر العلمانيين مكان تجمع الخاملين القاعدين عن النضال المحقق لرفاهية الأمة .
المطلب الثاني: الولاية بين المسلمين :
إن لم تكن العلاقة وطيدة بين أبناء الحركة الإسلامية أنفسهم الحاملين للواء الحل الإسلامي، وبينهم وبين المتعاطفين معهم علاقة قوية فإن زحفهم نحو الحكم سيتعثر، وسيسقط عند أول عثرة أمام كيد الكائدين والمتربصين والمشككين والأعداء والخصوم من الداخل والخارج. هذه العلاقة بين المؤمنين يُعبَّر عنها بلفظ الوَلاية وهي محبة وتعاون ونصرة بين أفراد المجتمع الإسلامي. هذه الولاية تبنى وتتقوى في المسجد لأن ما يربط المسلمين فيما بينهم ليس هو الأصوات الانتخابية، ولا المكاسب الدنيوية، وإنما تُبنى في المسجد بصحبة أهل الخير، وبحضور مجالس الذكر والوعظ والعلم، ونتيجة مشاركة هموم الناس الاجتماعية فرَحا وقرَحا ، ونتيجة تنافس المؤمنين في حب بعضهم البعض.قال الرسول عليه الصلاة والسلام :” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”[10] . يقول الإمام عبد السلام ياسين عن وَلاية المؤمنين بعضهم البعض : ” هذه العلاقات الوثيقة الصادقة المُشارِكة تُؤَسَّـسُ وتُبنى خارج الحلبة السياسية، وطيلة الوقت لا في المواسم الانتخابية. هذه العلاقة لا يقدر أن يؤسسها ولا أن يرفع بنيانها الانتهازيون ولا المنافقون ولا لصوص الأصوات الانتخابية. ذلك لأنها تؤَسَّسُ وتبنى في المسجد، في صف الصلاة، في مجلس الوعظ، في حلقة العلم “[11] . ويقول عن الدور الاجتماعي للمسجد حيث يتشارك الناس أحزانهم وأفراحهم ، وكيف أن ذلك يفتل في عضد الولاية بين المؤمنين : ” في المسجد يعرِض هذا على الفقيه والواعظ والأخ الناصح مشكلةً يجد لها رأيا، ويُلمِّحُ هذا لحاجة فيأتيه العَوْنُ، ويمرَض ذاك فيدلِفُ إلى بيته الإخوان، ويتَأَيَّم هذا فيجد من يُزوجه، ويُرَحَّل ذاك فيتجند من يدبر له مأْوىً، ويحمل جنازة بيت الآخر مؤمنون متطوعون”[12].
العلاقة بين السياسيين في التيار العلماني ليست هي العلاقة بين أبناء الحركة الإسلامية المجسِّدة على أرض الواقع لنموذج مصغر لجماعة المسلمين التي يريدها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم. فالصنف الأول لا يعرف إلا التثقيف الإيديولوجي والانضباط الحديدي في الصف، والنضال من أجل تحقيق بعض المطالب الدنيوية. فالمنتمي لأي حزب من الأحزاب العلمانية لا يسأل عن دينه، ولا عن عقيدته، ولا عن حضوره في مجالس الإيمان والخير على عكس المنتمي لأي حزب إسلامي، أو جماعة إسلامية فإنه يُسأل برفق ولين مع صحبة حانية مربية رفيقة عن صلاته في المسجد، وعن حضوره مجالس الذكر والعلم ومناسبات الخير العامة ، ويتدرج معه تربية وتعليما حتى يهَب الغالي والنفيس لأجل عزة ونصرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
المطلب الثالث: حلق المسجد :
حلق الذكر لها دور عظيم في تثبيت وزيادة الإيمان، وهي زاد المؤمن المجاهد . خرج رسول الله ذات يوم من بعض حُجراته فدخل المسجد، فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرؤون القرآن ويدعون الله، والأخرى يتعلمون ويُعلمون، فقال الرسول الكريم : كل على خير ، هؤلاء يقرؤون القرآن ويدعون الله فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون، وإنما بعثت معلما فجلس معهم[13]. وذكر أبو سعيد الحذري أن مُعَاوِيَةُ خرج عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ، قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، …، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: ” مَا أَجْلَسَكُمْ؟” قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: “آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟” قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: “أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ”[14].
يجلس المسلم إلى حلق الذكر والعلم في المسجد قبل الصلاة أو بعدها، أو في مناسبات مخصوصة فيكون ذلك خير معين على انصهار المسلم في الجماعة المؤمنة وتآلفه معها. قال عبد السلام ياسين : ” ومن فوائد هذه الدروس المسجدية أنها تستقطب السواد الأعظم إلى حضن الجماعة -جماعة المسلمين – تدريجيا. فيحضُرُ المصلي درسا يستهويه ليحضر دروسا. فلا يمضي وقتٌ حتى يجد نفسه ألِفَ المسجد، ولقِفَ مِـــن العلم، ومن الكلام الطيب، والموعظةِ الحسنةِ، ما يحبب إليه الإيمان وأهل الإيمان “[15].
الدروس المسجدية وحلق الذكر بالإضافة إلى الأسرة الصالحة والمدرسة الرشيدة يتعاونون جميعا على تربية الأبناء لحمايتهم من خطر الاحتواء الثقافي الغربي، والتمييع الخلقي الذي يسلكه كثير من الأحزاب والمنظمات من الداخل والخارج ، وتسلكه حكومات العالم العربي الإسلامي بسبب ولائها للغرب والتي لاتتوانى في تأميم المسجد بمنع أنشطته والتضييق عليها، ووصل هذا التضييق إلى حد منع ذكر الله تعالى في المسجد عندما أقدمت السلطات المغربية على منع الاعتكافات الرمضانية في المسجد[16]، ومعلوم أن الاعتكاف نشاط تربوي لا علاقة لـــــه بالجانب السياسوي الذي وضعته الدولة المغربية عندما أقدمت على هذا العمل المشين.
بعد تحرير المسجد من سطوة وتأميم أنظمة الاستبداد الحالية يلزم أن تعمر مساجد الله، وتطهر من أي شرك أو انحراف طرأ على مهمته، ويجب أن يعاد للمنبر حرمته، وللأئمة هيبتهم ومكانتهم وسط الشعب؛ فهم علماء الأمة ومربوها، وليس من اللائق أن يكون العالم أجيرا للدولة فهذا أسلم وأضمن لاستقلاله، ويجب ألا تدخل الاعتبارات الدنيوية المادية في عمله فهي تكبل الناس، وتعوقهم عن أداء مهمتهم النبيلة الشريفة على خير وجه . وأهم أمر يجب أن يحرص العلماء على إحيائه في المسجد غدا هو حلق المسجد ذكرا لله تعالى وتعليما ؛ فتكون هذه الحلق : ” مداراً لحياة الدعوة، وملتقى للوافدين التائبين، ومُنطلَقا لنشاط التعليم بين العامة، ولمحاربة الأمية الفكرية، في نفس الوقت الذي تحارَبُ فيه الخُرافة، والجهلُ بالله ورسوله وكتابه ودينه. في المسجد القرويِّ الصغير، وفي مسجد الحيِّ السكني، والعمارةِ السكنية، ينبغي أن تُعقدَ حلقُ الوعظ، وحلقُ الفقه المُبَسَّطِ، والسيرةُ، والعربية، وحفظُ القرآن وتجويده. “[17] . وينبغي أن نعيد للمساجد الجامعة دورها الذي كانت تقوم به كجامع القرويين بفاس مثلا ؛ فننظم الحلقَ المتنوّعةَ المتعددة في أركان المسجد، المتخصصةَ في التفسير، والحديث، والعربية، إلى جانب حِلَقِ الوعظ والتربية يحضرها الجميع، ويتخصص من أراد التخصص والتعمق .دون إغفال الجوانب الأخرى خاصة الجانب التربوي الذي يضطلع بمهامه العلماء: ورثة الأنبياء الجامعين بين العلم الشرعي وبين العلم بالله تعالى.
الحركة الإسلامية هي جزء مـــــــــن الأمة تقوم بما أمر به سبحانه وتعالى فــــــــــــــــــــي محكم كتابه حيث قــــــال : ﴿ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون ﴾[18] ، ولها أيضا دور تربوي تعليمي لأعضائها ، ودروسُ المسجد تُكمل الدروس المنظمة في محاضن الحركة الإسلامية وفي مدارس الدولة ، وتسُدُّ الثغراتِ، وتفي بحاجة العامة الذين لم ينتظموا في صفوف الدعوة، وفاتهم دخول مدارس الدولة ، وتساعد أبناء الحركة الإسلامية على التغلغل وسط الشعب وصحبته ، والتأثير فيه ، والرقي به إلى صفوف المجاهدين .
لا يزال الدعاة في كل عصر يهيئون الفرص ويستثمرونها لمخالطة الناس في نواديهم وأسواقهم ومجالسهم ، وهذه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يخاطب الناس في نواديهم، وما عرْضه صلى الله عليه وسلم الحج على كفار قريش في أسواقهم وفي موسم الحج إلا دليل على ذلك. وهذا فرْق بين الدعاة إلى الله وإلى دينه الذين يغشون جميع مجالس الناس مهما علا شأنها أو سفل وبين النخبة المغربة التي تعيش عزلة مع الشعب، ولا تخاطبه إلا من خلال أبراجها العالية، ولا تنزل إلى الميدان إلا عند كل انتخاب لاصطياد أصوات الناخبين واستمالتهم إلى هذه الجهة أو تلك .فإذا كان رسول الله ينتظر مواسم الحج لدعوة الناس إلى الإسلام فحري بالحركة الإسلامية أن تنتظر الصلاة بعد الصلاة لدعوة الناس إلى الخير وإلى الالتزام به.
المطلب الرابع: المسجد والجهاد :
كان المسجد ولا يزال منطلق العمليات الجهادية، ومنطلق تجمع المجاهدين على مر العصور بدءا بعهد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا هــمَّ بأمر جهادي أمر بلالا أن ينادي : الصلاة جامعة؛ فيجتمع الصحابة رضوان الله عليهم، فيخبرهم رسول الله بنيته وعزمه ، ويستشيرهم في الأمر. وعلى هذا الدرب سار الخلفاء الراشدون من بعده[19]، ثم الذين تلوهم من الملوك والسلاطين الصالحين. وبلدنا المغرب لم يكن استثناء عن هذه القاعدة على مر العصور، ففي القرن العشرين مثلا كان المسجد منطلق مقاومة الظهير البربري حيث انطلقت المقاومة من المسجد الأعظم بسلا لتعم معظم مساجد المغرب، ففي خطبة الجمعة خطب العالم آنذاك في المسلمين، وبكى وأبكي الناس، وبيَّن أبعاد المؤامرة الاستعمارية الخبيثة، وخرج الجميع من المسجد في عزم واحد، وكلمة واحدة يرددونها، هي اسم الله اللطيف. يقول عبد السلام ياسين : ” أقلق الاستعمارَ وحدةُ المسلمين في رفض القانون الجائر. وأقلقهم وأقض مضجعَهم رَبْطُ المسلمين احتجاجَهم بالمسجد ، ومعاني المسجد ، وخطبة المسجد ، وموعظة المسجد. وبلغ حَنَقُهم على الاحتجاج ذروتَه أن رأوا الحركة الوطنية التي التحقت بخطباء المسجد تقوي وتشعر بتقَوِّيها ، وتعبر عن ذلك بالمظاهرات خارج المساجد “[20]. يقصد الأستاذ بأن المستعمر يخاف من أن يرتبط نضال الناس ومدافعتهم له بالإسلام، فهو يعلم علما يقينيا تاريخيا أن المسلمين إذا جاهدوا الأعداء تحت راية التوحيد فإنه لا قوة قادرة على هزمهم، وقد أخذوا العبرة من جهاد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في حرب الريف ضد المستعمر الإسباني.
الآن وفي خضم التدافع العلماني الإسلامي من جهة ، والتدافع مع النظام الاستبدادي المغربي من جهة أخرى فقد وعت الحركة الإسلامية الدور الذي يلعبه المسجد في تعبئة الناس ضد الأخطار المحدقة بالأمة الإسلامية؛ فاستفادت من هذا الأمر أيما استفادة . فمن المسجد خرجت ثورة الحجارة بفلسطين أواخر الثمانينات من القرن الماضي ، ومن المسجد خرجت عموم الأمة في مصر سنة 2013 م للاحتجاج ولرفض حكم المؤسسة العسكرية لمصر، ومن المساجد خرجت آلاف التظاهرات المتعاطفة والمناصرة لهموم الأمة الداخلية والخارجية في المغرب وغيره من ربوع العالم الإسلامي، وحظ جماعة العدل والإحسان في المغرب من هذه التظاهرات المسجدية حظ وافر .
المبحث الثاني: بعض معالم دولة القرآن ومركزية المسجد فيها من خلال
فكر الإمام عبد السلام ياسين
تعددت تنظيرات الإمام عبد السلام ياسين لدولة القرآن[21] فشملت جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية ، ويظهر هذا من خلال تنوع مكتوباته وغزارتها ، وقد تعددت المفاهيم النبوية المؤسسة لدولة القرآن والتي سعى الرجل جاهدا لأحيائها في جماعته – العدل والإحسان – ، أو التي نظَّر لها في كتبه ، وتنتظر تضافر جهود الجميع غدا بعد قيام الدولة الإسلامية لتثبيتها وإرسائها في أرض الواقع، ويمكن تجلية هذه المفاهيم في دولة القرآن ، وبيان مركزية المسجد فيها من خلال ست نقط :
المطلب الأول: ثنائية الدعوة والدولة:
يقصد الأستاذ السلام ياسين بهذه الثنائية هي تعاون رجال الدعوة وهم أهل القرآن علماء الأمة و السياسيين رجال الدولة الذين يسيرون دواليبها ، ويسهرون على إدارة مؤسساتها تحت مراقبة يمارسها الشعب اليقظ المؤطّـر من طرف مؤسسة الدعوة. ولتستطيع مؤسسة الدعوة أن تقوم بدور الرقابة على مؤسسات الدولة تحتاج إلى شعب مؤمن مجاهد مشارك في الحياة السياسية، وللحصول على هذا الشعب تحتاج مؤسسة الدعوة أن تتغلغل وسط الشعب، وأهم مؤسسة مُيسِّرة لهذه التغلغل هي مؤسسة المسجد، فمن خلال التقاء الناس في الصلوات الخمس، ومن خلال دروس الوعظ والإرشاد وخطب الجمعة والعيدين وغيرها تستطيع أن تقوم بدور التربية والتعليم والتوجيه والتأطير؛ كــل هذا ليترقى الناس إلى مستوى القيام بمهمة الأمــــــر بالمعروف والنهي عن المنكر. قــــال الإمام عبــد السلام ياسين : “مؤسسة المسجد، ومنبر الوعظ، والجهر بكلمة الحق، والإشعاع الإيماني، ومغالبة أهوية الإعلام العالمي المخرب، والتصدي لأهوائه، والأمر بالمعـروف بالكلمة مباشرة، وحمل الناس عليه بالذراع القوية الحليفة، والنهي عن المنكر، وزجر الناس عنه بقوة الحكومة الموالية. تلك مجالات رجال الدعـوة، وتلك مواطن تأسيس، بل إعادة تأسيس دولة القرآن “[22].
رجل الدعوة الإسلامية منطلقه المسجد يعظ الناس، ويخبرهم بكلمة الله، يحببهم في الله وفي رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحفزهم على الجهاد، وعلى بذل الغالي والنفيس لنصرة الإسلام، ويتعاون مع السلطان المقسط للتمكين للشريعة الإسلامية في أرض الواقع معتمدا على ما تملكه مؤسسة الدولة من إمكانيات مادية وبشرية . فالتحدي الأعظم الآن هو إعادة الصلة بين المؤسستين- الدعوة والدولة- بعد طول فراق وصدام . يقول عبد السلام ياسين : ” من موقِعهِ في المسجد وسَط حلقة العلم والذكرِ والوعظ يُسْمِعُ رجلُ الدعوة كلمة الله إلى الإنسان. لا مِن الأعالِي النخبويَّة المغرورة. في المسجد وفي مجالس الإيمان تُشِعُّ الكلمة الحقُّ على الأسرة فتحييها، وعلى العامَّة والخاصَّةِ. ويبلُغُ المَدُّ الترْبويُّ مداهُ، ويسْقُط المتعفِّن، ويقْوَى الضعيفُ، ويجتمع القرآن والسلطان بعد افتراق “[23].
تحدث سبحانه في القرآن الكريم عن نوعين من العمارة، مختلفتين في الشكل متحدتين في الغاية والهدف، وهما عمارتان تجسدان بوضوح مهمة مؤسسة الدعوة والدولة. قال تعالى : ﴿ هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه وتوبوا إليه﴾[24]. استعمركم في الأرض : طلب إليكم أن تقوموا بعمرانها، وهذا العمران هو عبادة اقتصادية متفقة في اللفظ والمعنى وإن كانت مختلفة في الشكل والوسائل مع عمران آخر هو عمارة المسجد ، فالعمارة الأولى عمارة رجالات الدولة، والثانية عمارة رجالات الدعوة والدولة معاً ، ولن تنجح العمارة الأولى إلا بنجاح العمارة الثانية . قال الله عز وجل : ﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله ، فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ﴾[25]. لا تنفك عمارة الأرض عن عمارة المسجد في وعي وقلب وعقل المسلم المؤمن بكل القرآن، ولا يعرف العلماني السياسي من العمارة إلا عمارة الأرض، ولا تحدثْه عن العمارة الثانية فهي في وعيه وعقله شأن خاص في أحسن الأحوال، وهي مضيعة للوقت، والمسجد في نظره مؤسسة للخمول والقعود والهروب من تحمل هموم الأمة.
المطلب الثاني: جماعة المسلمين :
جماعة المسلمين في المنهاج النبوي هم أهل المسجد المتحابون في الله المتواصون بالحق والمتواصون بالصبر.جماعة متأسية برسول الله وصحبه في كبير الأمر وصغيره، جماعة المسلمين أفرادها تتجاذبهم مسؤوليتين عظيمتين : مسؤولية السعي على العيال ، ومسؤولية الاهتمام بهموم الأمة، والموفق في هذه الجماعة – جماعة المسلمين – من وَفَّق بين المسؤوليتين .قــــال الأستاذ عبد السلام ياسين : ” فإن جماعة المسلمين أهل المسجد ما هي حشد من المصلين الذين اعتادوا ارتياد بيوت الله لحضور صلاة وخطبة جمعة، ثم يتفرق الجمع، ويعود كلٌّ إلى الانسياق في الخضم الاجتماعي، والهم الفردي، والغيبوبة الدائمة عن مسؤولية المسلم والمؤمن…. والمسلم التائب والمؤمنة الواعية المتحملة لمسؤوليات إيمانها ترعى من بين ما ترعى ضرورة السعي على العيال، تنصرف إليه بهمة وأمانة، لكن لا يصرفها السعي اليومي عن المسؤوليات العامة، ولا يصرفها أداء حق رعيتها القريبة عن أداء حق الله وحق العباد على المسلمين والمؤمنين “[26] .
أثناء سير وزحف جماعة المسلمين للحكم نحتاج إلى تعميق إيماننا بالله تعالى ، وتعظيم شرعه ، والثقة بوعده سبحانه وتعالى ، فهو القادر سبحانه على إيقاظ الهمم ، وتثبيت الخطط ، ولا يخفى ما للمسجد من دور في هذا الأمر . في حرب الريف والتي قادها الأمير ابن عبد الكريم الخطابي كان الأمير قائد حرب، وكان مربيا واعظا لأصحابه في مساجد أجدير ،ووصف “باحدو” أحد رفقاء الخطابـــــــــي الحالة الإيمانية للقوم بأن كثيرا منهم كان يعتصرهم بعد سماع مواعظ الخطابي الألم حينما يجد الواحد منهم أنه لم يستشهد[27].
المطلب الثالث: علاقة تطبيق الحدود بالمسجد :
الشريعة الإسلامية هي كل ما شرعه الله من الأحكام الثابتة بالكتاب والسنة، وما تفرع عنها من الإجماع والقياس والأدلة الأخرى[28]. والحدود هي جزء يسير من مجموع الشريعة الإسلامية، وتطبيقها يحتاج إلى فقه، وتنظيم سلم أولويات، وتهيئ الظروف المناسبة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
تطبيق الحدود في الإسلام يأتي في سياق إيماني عام، وإن المتدبر لآيات الله في القرآن يعلم بأن الحافظين لحدود الله هم قوم مؤمنون، هم عمار للمساجد، مخبثين، منيبين لله تعالى، فعلى هؤلاء يجب أن يتنزل شرع الله تعالى، ومثل هؤلاء يجب أن يسهروا على تطبيقه. قال تعالى : ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة﴾[29] . ثم وصف سبحانه هؤلاء المؤمنين بقـوله : ﴿ التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله ﴾[30] . يرى عبد السلام ياسين بأن حفظ الحدود يأتي في سياق إيماني عام، لبه تقوى الله وتوفير الشروط الشرعية والمادية لتطبيق الحدود، فقال : ” هذا السياق يصف المؤمنين الأقوياء الأمناء المؤهلين لحفظ حدود الله . من جملة وسائل الحفظ العقوبة، وما هناك شيء يستحق الحفظ إن لَمْ نَبْنِ نصطفَّ في المساجد مع الراكعين الساجدين نتعلمُ الخُضوع لعظمة الخالق جل وعلا، ونشاركُ الجماعة في الخشوع لجلاله، تغشانا روحانية المسجد، وتجللنا هيبة الأذان واستقامة الصف “[31]، وقال عن أهلية الحفظ ، وأخلاق وعزم المؤمنين وارتباطهم بالمسجــد : “من المسجد،من بين الراكعين الساجدين نخرج خمس مرات في اليوم بثوب من الإيمان جديد، وبنية متجددة، وعزم يتقَوَّى، ومشاركة تحفِز، ووازع قرآني حي “[32].
وصف الحق سبحانه وتعالى الحافظين لحدود الله بأنهم عمار المساجد، عباد الله الصالحين، وذلك أن تطبيق الحدود يحتاج إلى ورع كبير وتقوى وخشية لله تعالى، ويقظة قلبية متجددة لئلا يتحول هؤلاء الحافظين إلى جلادين وظالمين باسم الإسلام. إن الحافظين لحدود الله تعالى بغشيانهم للمسجد خمس مرات في اليوم، وصحبة الصالحين والعلماء فيه مما يوطد وينشئ هذه اليقظة القلبية اللازم توفرها لعموم المؤمنين، وللحافظين لحدود الله بوجه خاص.
المطلب الرابع: روح المسجد :
المسجد بناء وجدران روحه هي حب الله تعالى ورسوله، وحب المؤمنين ، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. هذه هي روح المسجد والتي يجب أن تعم جميع مجالات الحياة من سياسة واقتصاد وإعلام وتعليم وغيرها. ولأوضح هذا الأمر أقول بأن الأستاذ عبد السلام ياسين كتب عن الاقتصاد، واقترح مجموعة من الخطط في مجموعة من الميادين للرفع من مستوانا الاقتصادي ، لكن يؤكد بأن نجاح هذا الأمر رهين بأن تعم روح المسجد جميع مجالات الحياة . قال رحمه الله عن تنمية الاقتصاد وإصلاح الجانب السياسي ونجاح التربية الإيمانية للشعب بأنها كليات يرتبط بعضها ببعض، ولا يمكن النجاح في إحداها دون الأخرى، ويقدم النجاح في مهمة تربية عموم الأمة على النجاح في تنمية الاقتصاد وإصلاح الجانب السياسي : “فمع أسبقية التربية، وإفشاء روح المسجد وأخلاق المسجد، وتعبئة الواعظ المتقي في المسجد، يكون العدل والشورى معقد الآمال “[33].
تحدث الإمام عبد السلام ياسين أيضا عن الإعلام في الدولة الإسلامية، وكيف أنه يجب استبدال برامجه وأهدافه وركائزه فنبث فيه روح المسجد، وروح المسجد هي الطهارة والصفاء وقيم العفة، وحب الله ورسوله والانصياع لأوامرهما ؛ فيساهم بذلك كل هذا في أداء الدور الحقيقي المنوط به ، وقد كان المسجد قديما مكانا للهو المباح، فيه يقيم المسلمون أعراسهم، ويحتفلون بأعيادهم حيث روى البخاري أن عَائِشَة قالت: “رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفدَةَ” يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ[34]. أما الآن ومع تطور وسائل الإعلام والاتصال فقد أصبح لزاما على المسلمين أن يطوروا نظرتهم للفن وللهو المباح مزاحمة ومدافعة لميوعة الفن الغربي، وينبغي لوسائل الإعلام أن تكون خير مبلغ لرسالة الله تعالى باستثمار الفنون، فبدلا من أن نلج المسجد لمشاهدة وسماع اللهو كما كان قديما فلندخل روح المسجد في الإنتاج الفني والإعلامي. قـــال الأستاذ عبد السلام ياسين : ” ما يكون لوسائل الإعلام الإسلامية أن تكون مسجدا، لكنّ روح المسجد، وإيمان المصلين في المسجد، وشورى أهل المسجد، ينبغي أن تتقمص الفنون والمسرح وفُسحة اللهو التي يحبها عامة الناس، وتُنافسنا عنها برذيلاتها الهُوليوُودية شبكات الإباحية. لتنقل وسائل الإعلام الإسلامية رسالة الإسلام صافية تَرْفُل في حُلَلٍ من الجمالية الإسلامية وزينة الله التي أخرج لعباده “[35].
وقال أيضا : ” إن اتصال أمراء المسلمين بالعامة في دولة القرآن، وتنظيمَ مجالس الإيمان في المسجد، وتجمعاتِ الدعوة بالأعداد الوافرة والاحتفال يجب أن تَتَّسم بسِمَةِ الآداب الشرعية. فإذا نُقِلت إلــــــــــــــــــــــــــــــــى الشاشة
والمذياع نَقَلَتْ معها تلك الآداب، ونَقَلت وقار المسجد، وسكينة عُمَّارِ المسجد “[36].
المطلب الخامس: إدارة الوقت :
الوقت في حياة المسلم الآن وقت يغلب فيه التسيب والفوضى، ولا ينضبط لأي ضابط، وأوقات العمل هي الأخرى وبحكم التبعية الفكرية للاستعمار الغربي لا تتفق ولا تتلاءم مع أوقات الصلاة، ولا تساعد على حسن عبادة الله تعالى، فينبغي في دولة الإسلام غدا أن يعاد النظر في مواقيت العمل، وفي العطل الأسبوعية لتتلاءم بهذا مع مواقيت الصلاة، والأعياد الدينية، ومواسم الخير كرمضان ؛ فتخصص عطلة في العشر الأواخر من رمضان لمن رغب في إحياء سنة الاعتكاف ، وتمدد عطلة العيدين فتكون مناسبة لصلة الرحم . فيقترح عبد السلام ياسين بناء على هذا بأن يبدأ العمل في جميع مؤسسات الدولة بُعيد صلاة الفجر فتكون أعظم فرصة ليصلي المسلم الصبح في المسجد ، ويذكر الله تعالى ، ويدعوه ويرجوه؛ فيكون هذا خير ما يفتتح بـــــه المسلم يومه، وينال فضل وبركة دعاء النبي عليه السلام : ” اللهم بارك لأمتي في بكورها “[37] . ساعات المؤمن غالية لأنها ساعات ممتدة الأثر في دنيا الناس وآخرتهم ، لذلك كان يحرص عليه الإمام رحمه الله ويوصي المؤمنين بعدم تضييعه فيما لا طائل منه، فأوْصى رحمه الله بتقسيم وقت اليوم إلى فقرات متوازنة يشترك فيها العبادة والعلم والدعوة إليه سبحانه وتعالى والسعي على العيال . قال رحمه الله تعالى : ” فحبذا لو تكون تلك السويعة المباركة موعدا في مساجد المدينة، ومساجد المعامل، ومساجد الإدارات، للقاء المؤمنين، وتجالسهم في الله للذكر والعلم والتذكير. إثرها مباشرة مع طلوع الشمس يبدأ النشاط اليومي لينتهي في ساعات مبكرة من المساء. … ثـم لنخصص آخر اليوم لتبليغ الدعوة، وللتطوع في الخيرات، وللتعليم والتعلم “[38] .
هذا هو البرنامج اليومي الذي ينبغي أن يسود حياة المؤمن، فلا تطغى فيه الدنيا على الآخرة، ولا الآخرة على الدنيا، وهو برنامج متوازن يلبي حاجات المؤمن الروحية بالمواظبة على الصلاة في المسجد وذكر الله تعالى فيه ومجالسة المؤمنين ومذاكرتهم، ويلبي حاجات المؤمن الدنيوية بتخصيص وقت طويل للعمل والسعي على العيال، وطلب العلم ، ولا يغفل الجانب الدعوي والاجتماعي حيث ينبغي أن يخصص له وقت في المساء. والموفق من استطاع التوفيق بين البرنامج العبادي والدعوي والسعي في الأرض لإعمارها ، ولا يكون للمؤمن ذلك إلا بالاستعانة بالصلاة والصبر. قال تعالى: ” واستعينوا بالصبر والصلاة”[39]. قال الزمخشري في تفسير الآية : ” وَاسْتَعِينُوا على حوائجكم إلى اللَّه بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ أي بالجمع بينهما”[40].
المطلب السادس: تحرير المسجد :
أول فعل فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة هو بناؤه لمسجدين : مسجد قباء والمسجد النبوي، وشارك صلى الله عليه وسلم في بنائه بيديه الشريفتين، وما ذاك إلا للثقل الاستراتيجي الذي يلعبه المسجد في المجتمع الإسلامي . المساجد اليوم مؤممة معطَّل دورها في الشهود الحضاري للأمة، فيجب على الحركة الإسلامية أن تعمل على تحرير المساجد اليوم وغدا لتقوم بدورها الحقيقي الذي من أجله ُشيدت، بدل أن تكون مساجد للضرار تفرق ولا تجمع، وهدفها الأسمى هو إعطاء شرعية لحكم هو في ميزان الشرع حكم فاسد . قال عبد السلام ياسين : ” لابد من إحياء الدور الشرعي السُّني للمسجد ، ونفخ روح جديدة فيه. لابد أن يصبح المسجد – محل العبادة وبيت الله المقدس- من جديد مركز انطلاق الحياة النشطة، بدل أن يبقى مَحبِساً تغلق أبوابه فور انتهاء الوقت الضئيل المخصص للصلاة. لابد أن يُحرَّر المسجد الذي أصبح بتدبير من اللائكيين المتسلطين علينا بوقاً للدعاية الرسمية، فاستحالت خطبة الجمعة قصيدة يترنم بها صوت هرِم رتيب في مدح ذوي السلطان “[41] .
المساجد تحت حكم الجبر لا يتحدث خطباؤها ووعاظها وعلماؤها إلا عن الآخرة ، وعن مصير الفرد بعد الموت، وعن استعداده لذلك، ولا يتحدثون عن الدنيا إلا قليلا، وإذا تحدثوا فلا يذكرون عدل الدنيا، ومظالم أهل الدنيا ، ومخازي الحكام واحتكارهم للسلطة والثروة، فلا يفهم الماركسي والعلماني إلا أن المساجد منابر لتخدير الناس وإبعادهم عن حقوقهم، ويفهمون بهذا أن الدين أفيون للشعوب . أما إذا تحرر مسجد من المساجد ، وشرع أبناء الحركة الإسلامية ينفضون عن المسجد غبار الإسلام القاعد؛ فلا يرى فيه العلمانيون ساعتها إلا أنها منابر إعلامية سياسية ؛ فتقوم قائمتهم ؛ فيتحالفون مع نظام الجبر، ويستغيثون به لئلا يُستغل المسجد ، ولئلا يُستغل الدين[42] ، فلا يرى العلمانيون في هذه المنابر عموما إلا أنها منافسة سياسية واكتساح للشارع يجب أن يوؤد .
تحرير المسجد يعني تحريره من قبضة الإسلام الرسمي المخزني ومن قبضة وكيد العلمانيين الماسكين بزمام الأمور. ويؤكد الأستاذ على أن معركتنا الحاسمة مع العلمانيين ليست هي تحرير المساجد على أهميتها ، فالمعركة العظمى هي كيف نؤثر في نفوس الناس وعقولهم ، ولكي نستطيع أن نؤثر فيهم فنحررهم من قبضة الجسمانية واتباع الشهوات والأهواء ونحررهم من قبضة الإيديولوجية الرسمية التي أممت المساجد وأفرغتها من محتواها ، ومن قبضة الدعوة المادية . فهذه تحديات تواجه الحركة الإسلامية الآن وغدا فإذا ما تيسر تحرير المسجد فذاك هو الأصل ومنه المنطلق ، وإذا تعذر الأمر فبيوت أبناء الحركة الإسلامية تنوب عن بيوت الله إلى حين .
دخل ربعي بن عامر على رستم قائد الفرس وقد تزين وزين مجلسه بما لا يخطر على عقل أحد من العامة، ودخل عليه ربعي بن عامر بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة، فقال قولته الشهيرة التي تنم عن استعلاء الإيمان وأهله وتنم عن الثقة بالله تعالى والاستعلاء عن الدنيا وزخرفها : ” الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله “[43].
ربعي بن عامر هذا الذي تحدى الفرس لم يكن إلا تربية النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه أحد خريجي مؤسسة المسجد النبوي . قال عبد السلام ياسين : ” ما كان معه قتالية الفرس ونظامها، ولا جحافل الروم وتدريبها. وكانت معه أخلاقيات وتربويات وإيمان بالله عز وجل. تخرج من المسجد، وعقد العهد مع الله في المسجد. وتحمل الرسالة إلى العالم يخفق على رأسه لواء عقد في المسجد “[44] .
حمل ربعي بن عامر ومن معه رسالة غيروا بها العالم ، وما ذالك إلا لأنهم غيروا ما بأنفسهم أولا . قـــــــال تعالى : ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾[45] . فاقد الشيء لا يعطيه، ولا تستطيع أي جماعة ، أو تنظيم أن يغير إن لم يتب أعضاؤه توبة مجتمعية تقلب كل الموازين العقلية القلبية الأخلاقية والسلوكية . قال الإمام عبد السلام ياسين : ” لا تغيير يُرجَى لمن لا تدفعه صحبة أهل المسجد والمحافظة على الجماعة وعلى مجالس الإيمان إلى المداومة على ذكر المصير وذكر من بيده النفع والضر والجنة والنار سبحانه “[46].
خاتمة :
المسجد في دولة الإسلام هو بيت ٌ للعبادة فيه يزكو إيمان المؤمن ويتقوى، وهو جامعة علمية، ورابطة اجتماعية أخوية تذوب فيه جميع الفوارق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية واللغوية، ويلتحم فيه المؤمنون بلحام الوَلاية التي أرادها الله تعالى في كتابه ، وأرادها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، وهكذا يتميز المؤمنون في التيار الإسلامي عن المناضلين في التيار العلماني عقيدة وسلوكا ومنهج حياة .
للمسجد أدوار كثيرة في دولة القرآن، فقديما كان المسجد مقر الحكم والقضاء ومعقد الشورى وقاعدة عسكرية ، ومكان انطلاق الأفراح والمناسبات الاجتماعية من أعراس وغيرها. والآن وبعد أن نقضت الشريعة الإسلامية من أساسها وجب على أبناء الحركة الإسلامية المرشحين للحكم إن شاء الله أن يسعوا جاهدين لإحياء معالم هذه الدولة ، ويجتهدوا حسب عصرهم لتثبيتها، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ومن تم فأؤكد بأنهم لن ينجحوا ولن يتقدموا قيد أنملة إن لم يعطوا للمسجد دوره الحقيقي .
دولة القرآن التي نظر لها الإمام عبد السلام ياسين في كتبه يحتل فيها المسجد دورا رئيسيا ، فهو مكان تَشكل جماعة المسلمين المؤمنة المجاهدة، الشاهدة بالقسط، الجماعة الموكول إليها إعمار الأرض على المستوى الجماعي وطلب الزلفى والقربى من الله تعالى على المستوى الفردي. وما ميز تنظير الإمام حول مركزية المسجد في دولة القرآن هو تركيزه على الفصل بين مؤسسة الدعوة والتي منطلقها المسجد ومؤسسة الدولة والتي منطلقها مؤسسات الدولة المختلفة، مع التركيز على سيادة مؤسسة الدعوة وقوتها، هذه القوة تسمدها مؤسسة الدعوة من قوة الشعب المسلم اليقظ لئلا تزيع مؤسسة الدولة عن أهدافها. وما ميز تنظير الأستاذ أيضا هو تأكيده على ضرورة أن تعم روح المسجد جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية والإعلامية ؛ إذ يتعذر اليوم مع تطور المدنية أن نقوم في المسجد بجميع الأدوار التي قام بها في الماضي.
المصادر والمراجع :
1- الإسلام والحداثة ،عبد السلام ياسين ، مطبوعات الهلال ، وجدة ، الطبعة الأولى ، 2000 م .
2- إمامة الأمة ، عبـــد السلام ياسين ، دار لبنان للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى ، 1430 هـ- 2009م .
3- البداية والنهاية ابن كثير ، تحقيق علي شيري ، دار إحياء التراث العربي ، الطبعة الأولى، 1408 هـ / 1988م .
4- حوار الماضي والمستقبل ، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى.
5- حوار مع الفضلاء الديمقراطيين، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى، 1994م .
6- حوار مع صديق أمازيغي، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى، 1997 م.
7- سنن ابن ماجة ، طبعة مكتبة المعارف الرياض ، الطبعة الأولى .
8- الشورى والديمقراطية ،عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى، 1996م .
9- صحيح البخاري ، ، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ .
10- العدل : الإسلاميون والحكم ، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، 2000 م .
11- في الاقتصاد : البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية ، عبد السلام ياسين، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى.
12- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، جار الله الزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت،الطبعة الثالثة – 1407 هـ.
13- محمد بن عبد الكريم الخطابي من القبيلة إلى الوطن ، محمد العربي المساري، المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء، المغرب،الطبعة الأولى ،2012م.
14- محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى ، عبد السلام ياسين ،مؤسسة التغليف للطباعة والنشر والتوزيع للشمال، الرباط .
15- مدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية ، يوسف القرضاوي ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى .
16– المستدرك على الصحيحين ، أبو عبد الله الحاكم ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة: الأولى، 1411 – 1990 .
17- مسند الإمام أحمد ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون ، مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى، 1421 هـ – 2001 م .
18 – الوسيط في رسالة المسجد العسكرية ، محمود شيت خطاب ، دار القرآن الكريم ، بيروت ، الطبعة السابعة، 1401 هـ / 1981 م .
[1] – هذه الكلمة وردت في حديث للرسول صلى الله عليه وسلم والذي قال فيه : ” تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ” ثُمَّ سَكَتَ، مسند الإمام أحمد حديث النعمان بن بشير، تحقيق : شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة: الأولى، 1421 هـ – 2001 م . ج30 / 355. ويعتبر هذا الحديث من الأحاديث المنهاجية والتي بنى عليها الإمام تصوره وفهْمَه لتاريخ المسلمين .
[2] – اللائكية (laicité) مفهوم غربي ويعني بالخصوص فصل الدين عن مؤسسات الدولة ، واعتبار الدين في أحسن الأحوال أمر شخصي . ينظر تعريف اللائكية في: le robert micro , alain rey , Italie, par G.Ganale et autres, novembre, 1996, p721
[3] – المنهاج في فكر الإمام عبد السلام ياسين يقصد به ما جاء به القرآن وفصلته السنة النبوية وسيرة الرسول الكريم العطرة . والتصور المنهاجي هو اجتهاد لهذا الزمان والمكان ، اجتهاد مستند على الوحي من قرآن وسنة يروم تجديد الدين بجميع مجالاته ومستوياته، والبحث عن سبل التمكين له في الأرض .
[4] – المستدرك على الصحيحين ، أبو عبد الله الحاكم ، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا ، دار الكتب العلمية – بيروت ، الطبعة الأولى، 1411 – 1990 ،حديث معمر ،1/91 ، رقم الحديث 101.
[5] – سورة النور 36 .
[6] – الإسلام والحداثة ،عبد السلام ياسين ، مطبوعات الهلال ، وجدة ، الطبعة الأولى ، 2000 م . ص 241 .
[7] – مسند الإمام أحمد ، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه ، طبعة دار الحديث ، القاهرة ، ج10/ 555 .
[8] – صحيح البخاري ، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة: الأولى، 1422هـ ، باب فضل صلاة الجماعة، 1/131 ، رقم الحديث 645.
[9] – حوار مع صديق أمازيغي، عبد السلام ياسين، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1997 م، 168 .
[10] – صحيح البخاري، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، 1/ 12، رقم الحديث 13 .
[11] – العدل : الإسلاميون والحكم ، عبد السلام ياسين، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ،1420 هـ – 2000 م ، 509 .
[12] – العدل : الإسلاميون والحكم، 509 .
[13] – سنن ابن ماجة ، فضل العلماء والحث على طلب العلم ، طبعة مكتبة المعارف الرياض ، الطبعة الأولى ، 57 .
[14] – صحيح مسلم ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، ج4/ 2075 ، رقم الحديث 2701.
[15] – إمامة الأمة ،عبد السلام ياسين ، دار لبنان للطباعة والنشر ، الطبعة الأولى ، 1430 هـ – 2009 م ، 176 . ينظر أيضا حوار مع الفضلاء الديمقراطيين للمؤلف نفسه، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء، الطبعة الأولى ، 1994م ، 99 .
[16] – ينظر : http://www.hespress.com/societe/60240.html
بتاريخ : 11 غشت 2012م ،تحت عنوان : بناجح : منع الاعتكافات في المساجد دليل على الاستبداد الديني بالمغرب.
[17] – إمامة الأمة لعبد السلام ياسين ، ص 175 .
[18] – سورة آل عمران 103 .
[19] – الوسيط في رسالة المسجد العسكرية ، محمود شيت خطاب ، دار القرآن الكريم ، بيروت ، الطبعة السابعة ، 1401هـ – 1981 م ، ص 136 و 250 .
[20] – حوار مع صديق أمازيغي لعبد السلام ياسين ، 247 .
[21] – يقصد بمعالم دولة القرآن تلك المعالم القرآنية النبوية التي أرساها الرسول الكريم عليه السلام والخلفاء الراشدون من بعده . وهي معالم كثيرة اقتصرت منها على ستة معالم لارتباطها بموضوعنا .
[22] – العدل : الإسلاميون والحكم لعبد السلام ياسين ، 679 .
[23] – حوار الماضي والمستقبل، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى، 1997 م، 144 .
[24] – سورة هود 60 .
[25] – سورة التوبة 18 .
[26] – حوار مع الفضلاء الديمقراطيين لعبد السلام ياسين ، 106 .
[27] – محمد بن عبد الكريم الخطابي من القبيلة إلى الوطن ، محمد العربي المساري، المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء، المغرب،الطبعة الأولى، 2012م.ص 155 .
[28] – مدخل إلى دراسة الشريعة الإسلامية ، يوسف القرضاوي ، مؤسسة الرسالة ، الطبعة الأولى ، ص 21 .
[29] – سورة التوبة 112 .
[30] – سورة التوبة 112 .
[31] – العدل : الإسلاميون والحكم لعبد السلام ياسين ، 186 .
[32] – نفسه .
[33] – في الاقتصاد : البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية ، عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1995 م ، 239 .
[34] – صحيح البخاري، باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين، 2/23 ، رقم الحديث 988.
[35] – الشورى والديمقراطية ،عبد السلام ياسين ، مطبوعات الأفق ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 1996 م ، 88 .
[36] – إمامة الأمة لعبد السلام ياسين ، 204 .
[37] – مسند الإمام أحمد ، مسند علي بن أبي طالب ، 2/ 149 .
[38] – في الاقتصاد البواعث الإيمانية والضوابط الشرعية لعبد السلام ياسين ، 139 .
[39] – سورة البقرة 44.
[40] – الكشاف عن حقائق غــوامض التنزيل، أبو القاسم جار الله الزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت،الطبعة الثالثة – 1407 هـ، 1/ 133.
[41] – الإسلام والحداثة لعبد السلام ياسين ، 258 .
[42] – ينظر مثلا كيف ثار العلمانيون عندما تحدث خطباء الجمعة عن أحد الصحفيين الذي صرح على شاشة التلفاز بأنه لا يمانع أن تمارس آخته أو أمه الجنس قبل الزواج على الرابط التال: http://www.hespress.com/hespress/57573.html بتاريخ 3 يوليوز 2012 م. وينظر أيضا ردود أفعالهم تجاه تعقيبات الخطباء على من ادعى بأن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك عصره هي رسائل إرهابية. على الرابط التالي : http://www.alquds.co.uk/?p=39413 بتاريخ 1 مــــــاي 2013 م.
[43] – البداية والنهاية لابن كثير تحقيق علي شيري دار إحياء التراث العربي الطبعة الأولى ، 1408 هـ / 1988 م ، ج 7/ 46 .
[44] – محنة العقل المسلم بين سيادة الوحي وسيطرة الهوى ، عبد السلام ياسين ،مؤسسة التغليف للطباعة والنشر والتوزيع للشمال ، الرباط ، ص 81 .
[45] – سورة الرعد 12 .
[46] – العدل : الإسلاميون والحكم لعبد السلام ياسين ، 188 .