منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

صيغ استثمارية؛ عقود المزارعة، والمساقاة، والمغارسة

الدكتور أحمد الإدريسي

0

يحتاج المزارعون إلى من يساعدهم لدمج عوامل الإنتاج المتوافرة في الزراعة (الأرض والعمل ورأس المال..) وتشغيلها بقصد إنتاج مواد زراعية للحصول على أفضل النتائج الممكنة، لسدّ حاجات المستهلكين المتزايدة، من جهة، وليحقق الاستثمار الزراعي أفضل عائد اقتصادي واجتماعي، من جهة أخرى. ويتم الاستثمار الزراعي في مشروعات زراعية تختلف عن المشروعات الصناعية من نواحي الشكل والتنظيم وسير العمل. والبنوك الإسلامية من المؤسسات المالية التي تسعى للاستثمار في المجالات الفلاحية والزراعية، عن طريق عقود المزارعة، والمغارسة، والمساقاة.

المبحث الأول: عقـد المزارعة

  • الفرع الأول: المزارعة؛ شروطها، ومشروعيتها

1- المزارعة لغة واصطلاحـا:

– المزارعة لغة: مفاعلة من الزرع [1]. أي؛ المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها.

– واصطلاحا: هي عبارة عن دفع الأرض من مالكها إلى من يزرعها أو يعمل عليها، ويقومان باقتسام الزرع بينهما، وتعتبر المزارعة “عقد شركة” بأن يقدم الشريك الآخر العمل في الأرض[2].

وجاء في معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء: (المزارعة في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي: معاقدة على الزرع بين صاحب الأرض وبين المزارع، على أن يقسم الحاصل بينهما بالحصص التي يتفقان عليها وقت العقد، فهي نوع شركة على كون الأرض من طرف والعمل من طرف آخر، على أن تُزرع الأرض وتكون حاصلاتها بيتهما)[3].

فالمزارعة شركة بين مالك الأرض والمزارع والناتج يكون مشتركاً بينهما على حصة شائعة لكل منهما.

2- ومشروعيتها؛

المزارعة جائزةٌ شرعاً على الراجح من أقوال الفقهاء، وهو قول أكثر الفقهاء والمحدثين. وهو قول المالكية والحنابلة والشافعية، وقول محمد وأبي يوسف من الحنفية، وعليه الفتوى عندهم وهو اختيار الإمام النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن قدامة والشوكاني وغيرهم كثير، رحمهم الله جميعا. من الأدلة على ذلك:

– عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض)[4].

– عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطرٍ ما يخرج من ثمرٍ أو زرع)[5]. قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (وقال قيس عن أبي جعفر قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرةٍ إلا يزرعون على الثلث والربع، وزارع عليٌ وسعد بن مالك وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة، وآل أبي بكر وآل عمر وآل علي وابن سيرين، وقال عبد الرحمن بن الأسود: كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع. وعامل عمرُ الناسَ على إن جاء عمرُ بالبذر من عنده فله الشطر،وإن جاءوا بالبذر فله كذا)[6]. قال ابن قدامة: (وتجوز المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض)[7].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإذا كان جميع المهاجرين كانوا يزارعون والخلفاء الراشدون وأكابر الصحابة والتابعين من غير أن ينكر ذلك مُنْكرٌ لم يكـن إجماعٌ أعظم من هذا، بل إن كان في الدنيا إجماعٌ فهو هذا، لا سيما وأهل بيعة الرضـوان جميعهم يزارعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده إلى أن أجلى عمرُ اليهودَ إلى تيماء)[8].

وقال ابن القيم رحم الله: (وهذه – أي؛ المزارعة – أمرٌ صحيحٌ مشهورٌ قد عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون من بعده حتى ماتوا،ثم أهلوهم من بعدهم، ولم يبقَ في المدينة أهلُ بيتٍ حتى عملوا به، وعمل به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بعده، ومثل هذا يستحيل أن يكون منسوخاً لاستمرار العمل به من النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أن قبضه الله، وكذلك استمرار عمل خلفائه الراشدين به، فنسخُ هذا من أمحل المحال)[9]. وقال أيضا: (وأما المضاربة والمساقاة والمزارعة فليس فيها شيء من الميسر، بل هي من أقوم العدل)[10].

3- شروط المزارعة :

قال الجزيري: (للمزارعة أركان وشروط وحكم، وكلها مبينة في المذاهب)[11].

  • أما شروطها فهي:

1- أهلية المتعاقدين (صاحب الأرض والعامل عليها) من النواحي القانونية والنية والسلوكية.

2- بيان مدة الزراعة إن كانت مثلاً لسنة أو سنتين أو لمدة معلومة.

3- أن تكون الأرض صالحة للزراعة، مع تحديدها وبيان ما يزرع فيها.

4- أن يكون الناتج بين الشريكين مشاعا بين أطراف العقد، وبالنسبة المتفق عليها. أي يجب تحديد نصيب كل الطرفين.

5- بيان من يقدم البذر من الطرفين ومن الذي لا يقدم، لأن المعقود عليه يختلف باختلاف البذر. فإذا كان من قبل صاحب الأرض كان المعقود عليه منفعة الأرض، وإذا كان من قبل العامل فالمعقود عليه منفعة العمل .

6- بيان نوعية المزارعة، أي نوع المحصول الذي سيزرع.

  • الفرع الثاني: تطبيق المزارعة في البنوك الإسلامية

– تمويل البنك الإسلامي للمزارعة هو نوع من المشاركة بين طرفين:

  • الطرف الأول: يمثله البنك الإسلامي باعتباره مقدم التمويل المطلوب للمزارعة.
  • الطرف الثاني: يمثله صاحب الأرض أو العامل (الزارع) الذي يحتاج إلى تمويل[12].

وتحدد نسبة مساهمة كل شريك قبل التوقيع على عقد المزارعة الذي يحدد أيضاً حصة الطرفين في الأرباح. وـبعد الحصاد وعمليات التسويق تُخصم التكاليف التي تكبدها كل من الشريكين من العائد الناتج عن المشاركة،ثم يُوزع الباقي أرباحاً.

تطبق البنوك الإسلامية المزارعة بأن؛ يمول البنك الأرض وذلك بطريق شرائها أو تأجيرها ثم دفعها للشركات الزراعية لتزرعها مع الاتفاق على توزيع ناتج الأرض بحصص شائعة. كما يستطيع البنك تطبيق المزارعة بأن يأخذ دور عامل الزراعة وذلك بأن يأخذ مساحةً كبيرة من الأرض على أن يتولى زراعتها بمصاريف ونفقات من عنده فيمول البنك المعدات والآلات ومدخلات الزراعة والعمالة ويؤجراها شركات زراعية لتقوم بالعمل[13].

ويتم التطبيق المعاصر للتمويل بصيغة المزارعة من خلال قيام البنك الإسلامي بتوفير الآلات والمعدات الزراعية اللازمة لتحضير الأرض، والإمداد بالبذور المختارة والأسمدة العضوية,وتكون الأرض والعمل من صاحب المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة,أو الفلاحين الذين يمتلكون الأراضي ولديهم الرغبة للعمل والاستثمار فيها، إلا أنه ينقصهم التمويل اللازم للقيام بذلك.

المبحث الثاني: عقد المساقاة؛

  • الفرع الأول: المساقاة ومشروعيتها؛

1- المساقاة لغة واصطلاحـا:

– المساقاة لغة: مأخوذة من السقي، وذلك أن يقوم الشخص على سقي النخيل والكرم ومصلحتها، ويكون له من ريعها جزء معلوم”[14].

– واصطلاحاً: “معاقدة على دفع الشجر والكروم إلى من يصلحها بجزء معلوم من ثمرها”[15].

فهي إذاً عقد بين صاحب الشجر مع عامل آخر يقوم بسقيها ومراعاتها على أن يتقاسما الثمار بينهما بنسب متفق عليها. وهي نوع شركة على أن تكون الأشجار من طرف والتربية من طرف آخر وأن يقسم الثمر الحاصل بينهما. قال الجزيري: (أما معنى المساقاة اصطلاحا؛ فهو عقد على خدمة شجر ونخل وزرع ونحو ذلك بشرائط مخصوصة مفصلة في المذاهب)[16].

2- مشروعيتها؛

المساقاة مشروعة كالمزارعة وفيها سد لحاجة أصحاب الأشجار الذين لا دراية لهم في تعهد الأشجار فيحتاجون إلى معاملة من له خبرة في ذلك، فجوزت المساقاة تحقيقاً لمصلحتهما.[17]. ودليل مشروعية المساقاة:

– ما رواه الإمام مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب؛ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ليهود خيبر يوم افتتح خيبر أقركم فيها ما أقركم الله عز وجل على أن الثمر بيننا وبينكم”، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة، فيخرص بينه وبينهم، ثم يقول: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخذونه)[18].

– عن مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر، فيخرص بينه وبين يهود خيبر)[19].

– إضافة إلى أدلة مشروعية المزارعة؛ الواردة في الفرع الأول من هذا المبحث.

– وأجمع العلماء على جوازها ما عدا الإمام أبي حنيفة. قال ابن رشد: (فأما جوازها –يقصد المساقاة- فعليه جمهور العلماء؛ مالك والشافعي والثوري وأبو يوسف ومحمد بن الحسن صاحبا أبي يوسف وأحمد وداود، وهي عندهم مستثـناة بالسنة بيع ما لم يخلق، ومن الإجارة المجهولة، وقال أبو حنيفة: “لا تجوز المساقاة أصلا”)[20]. وقال ابن قدامة –بعد أن بين رأي الإمام أحمد وأدلته-: (ظاهر كلام أحمد أن المساقاة والمزارعة من العقود الجائزة)[21].

3- شروط المساقاة:

مثلها مثل أي عقد يجب توافر الشروط العامة لصحة العقد في حد ذاته إضافة إلى شروط خاصة بهذا النوع من العقود والمتمثلة في:

– أن يكون عمل العامل معلوما كإصلاح السواقي والسقي، وقطع الحشائش والتأبير،

– أن يقوم العامل بإحضار ما يحتاجه في عمله من أدوات السقي مثلا إن لم تكن موجودة في الحقل؛

– الاتفاق على كيفية تقسيم الناتج وأن يكون نصيب كل منهما جزءا مشاعا كالنصف الثلث أو الربع ولا يصح أن تكون الأجرة من غير الثمر؛

– أن يكون الأصل مثمرا، أي مما تجنى ثماره؛

– أن يعقد العقد قبل بدو صلاح الثمر، لأن الثمر بعد بدو صلاحه لا يحتاج إلى عمل والعامل في المساقاة إنما يستحق نصيبه بالعمل؛

– الاتفاق على المدة إذ لا يجوز أن تبقى مجهولة منعا للضرر وطول المدة مكروه.

  • الفرع الثاني: تطبيق المساقاة في البنوك الإسلامية؛ ([22])

تعتبر المساقاة نوعاً متخصصاً من “المشاركة” في القطاع الزراعي بين طرفين:

  • الطرف الأول: يمثله البنك الإسلامي الذي يقوم بتمويل مشروعات مياه الشرب أو مشروعات الري واستصلاح الأراضي لزراعتها وتطويرها باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ومن ثم إدارة مشروعات المياه والري على مبدأ الربحية التجارية.
  • الطرف الثاني: يمثله صاحب البستان أو الشريك القائم عليه بالسقي والموالاة بخدمته حتى تنضج الثمار. وقد يكون الطرف الثاني طالب التمويل الذي يمتلك أرضاً ويرغب في تطويرها وزراعتها باستغلال مياهها الجوفية أو نقل المياه إليها من موقع يتميز بغزارة مياهه.

تقدم البنوك الإسلامية هذا التمويل في صيغة معدات وآلات الري وملحقاتهم وتقوم بتركيبها في المزرعة مع قيام أصحابها بتشغيلها مقابل أن يدفع للمؤسسة المالية جزءا من إنتاجها كما تلتزم البنوك الإسلامية بتغطية كل نفقات التشغيل والصيانة وجلب قطع الغيار، إضافة إلى الري فيمكن أن توفر البنوك الإسلامية مدخلات أخرى كالبذور والمخصبات والمبيدات الحشرية كما يمكنها أن تقدم للمزارعين بساتين أو حدائق أو أشجار تمتلكها ليقوموا على مراعاتها والاعتناء بها وجمع محاصيلها وتقسيمها بنسب معينة بينهم.

ولعلَّ مشروعات تمليك الأراضي الصحراوية للشباب – في بعض الدول- أو تمليك خريجي كليات الزراعة أراضي معينة ذات مساحة محددة للقيام بزراعتها وسقايتها، تعد نوعاً من المشاركات التنموية التي يجدر أن توليها البنوك الإسلامية ما تستحقها من العناية والأولوية.

المبحث الثالث: عقد المغارسـة؛

  • الفرع الأول: المغارسـة وحكمــها؛

1- المغارسة لغة واصطلاحـا:

– المغارسة لغة: مفاعلة من الغرس، الشجر يغرسه أثبته في الأرض. وهي “من الغراس؛ وهو فسيل النخل، وما يغرس من الشجر، والغرس مثله”[23].

– واصطلاحـاً:  عرّفها ابن رشد الحفيد كما يلي: (وهي عند مالك أن يعطي الرجل أرضه لرجل على أن يغرس فيها عددا من الثمار معلوما، فإذا استحق الثمر كان للغارس جزءا من الأرض متفق عليه” أي أن المغارسة تكون في الأشجار حيث يقوم العامل بغراسة أرض بيضاء لحساب صاحبها، حتى إذا أصبح ذلك الشجر منتجا أخذ العامل جزءا من الأرض والشجر كأجرة له على ذلك العمل ، وفيها أيضا وجه شبه بالجعالة)[24].

وتسمى؛ المغارسة بالمنَاصَبَة أو المشاطرة عند أهل الشام، لأن الشجيرة الغرسة تسمى عند العامة نصبًا أي منصوبًا، ولأن الناتج يقسم بينهما مناصفة لكل واحد منهما الشطر وهي صيغة مشروعة يتحول فيها الأجير إلى مالك.

2- حكم المغارسة:

اتفق الفقهاء في الجملة على صحة المغارسة في الأشجار على سبيل الإجارة ، كأن يقول له: “اغرس لي هذه الأرض نخلا أو عنبا أو زيتونا ولك كذا”، وتجري عليها أحكام الإجارة[25]،

واختلفوا في المغارسة على سبيل الشركة، بأن تعطى الأرض للعامل لغرس الأشجار، وتكون الأرض والأشجار بينهما، أو الأشجار وحدها بينهما؛

فأما المغارسة على سبيل الشركة في الأشجار وحدها فهي كما يلي:

قال الحنفية : لو دفع إليه أرضا مدة معلومة على أن يغرس فيها غراسا على أن ما تحصل من الأغراس والثمار بينهما جاز. ومثله ما قاله الحنابلة، حيث صرحوا بجواز دفع أرض وشجر له ثمر مأكول لمن يغرسه ويعمل عليه بجزء مشاع معلوم من ثمرته أو منه.

وقال المالكية: لا تصح المغارسة على وجه الشركة بجزء معلوم في أحدهما، أي الأرض أو الشجر[26]،

وأما المغارسة على وجه الشركة بينهما في الأرض والأشجار معا فلا تجوز عند الحنفية والحنابلة. وذلك لاشتراط الشركة فيما هو موجود قبل الشركة، لأنه نظير من استأجر صباغا يصبغ ثوبه بصبغ نفسه على أن يكون نصف المصبوغ للصباغ، فكان كقفيز الطحان، كما علله الحنفية[27].

وإذا فسدت المغارسة بهذه الصورة، فالثمر والغرس لرب الأرض تبعا لأرضه؛ لأنها هي الأصل وللآخر قيمة غرسه يوم الغرس، وأجر مثل عمله.

3- شروط المغارسة؛

أجاز السادة المالكية المغارسة لكن بشروط وهي:

1- أن يكون نصيب العامل من الأرض والشجر معا، فإن كان له خطه من أحدهما خاصة لم يجز إلا إن جعل له مع الشجر مواضعها على الأرض دون سائر الأرض.

2- أن تنفق أصناف الأشجار في مدة إثمارها، وذلك ليصبح بالإمكان حصول كل طرف على حصته فإن اخلتفت اختلافا ليّنا لم يجز.

3- أن يغرس فيها أشجارا ثابتة الأصول ، كالزيتون أو الرمان أو التي، ولا يجوز زراعة الأشجار غير الثابتة مثل عباد الشمس أو البقول وأمثالها.

4- أن لا يكون أجلها إلى سنين كثيرة فوق الإثمار.

5- أن لا تكون المغارسة في أرض محبّسة ( موقوفة) لأن المغارسة كالبيع.

يتضح إذن من خلال تعريف المغارسة ومن خلال شروطها أنها عقد ينتهي بين الطرفين عندما تؤتي الأشجار ثمارها وعندها يستحق العامل أجرته التي تتمثل في نصيب من الأرض والأشجار.

ولو تأملنا أنواع الأشجار ذات الأصول الثابتة في مجملها لوجدنا أنها تحتاج إلى بضع سنين بعد غراستها لتصبح منتجة.

  • الفرع الثاني: تطبيق المغارسـة في البنــوك الإسلامية؛

المغارسة هي صيغة من صيغ التمويل متوسط الأجل وتختلف مدتها اختلافا صغيرا باختلاف نوعية الشجر المغروس. ويمكن للبنوك الإسلامية أن تطبق هذه الصيغة بأن يشتري البنك أراضي من أمواله الخاصة ثم يمنحها لمن يعمرها على سبيل المغارسة، وبعد أن تصل الأشجار إلى مرحلة الإنتاج يأخذ العامل نصيبه من الأرض في نهاية العقد، ثم يمنح البنك نصيبه أي ما بقي له من أراضي إلى العامل أو لغيره على سبيل المساقاة.

كما يمكن للبنك الإسلامي أيضا أن يقوم بهذه الصيغة بدور العامل، إذ يقوم بتعمير أراض لأصحابها على سبيل المغارسة، وذلك استخدام عمال أجراء يوفر لهم البنك التمويل الحزم، وبعد تملك البنك لنصيبه من تلك الأراضي يطبق عليها المساقاة.

تعتبر المغارسة إذن استثناء من أحد المبادئ الأساسية للتمويل في الاقتصادي الإسلامي وهو “استمرار الملك لصاحبه” ومعنى ذلك أن تمويل عملية إنتاجية في الاقتصاد الإسلامي يقتضي استمرار الملكية لصاحبها حتى ولو تغيرت أوصاف هذه الملكية، ففي الشركات نجد أن ما يضعه الشركاء من أموال يبقى ملكا لهم حتى ولو كان أحد الشركاء غير عامل (أي قدم رأس المال ولم يقدم العمل كما في شركة العنان أو صيغة المضاربة) فإن ملكيته سوف تستمر ولو كانت حصة شائعة من مجموع أموال الشركة، ورغم تغير صفة ذلك المال من نقود إلى عروض في أغلب الأحيان .

إن المغارسة مازالت حديثة عهد على المصارف الإسلامية ومن الواجب تفعيلها، ويلاحظ أن دور البنوك الإسلامية ما يزال محدودا في هذا المجال وتعتبر صكوك المغارسة من الأساليب الجديدة التي لم تطبقها الأكثرية من البنوك الإسلامية وينتظر من مجمع الفقه الإسلامي أن يبدي رأيه حتى يخرج عقد المغارسة كأداة تمويل إسلامية معتمدة مثل أدوات التمويل الإسلامية الأخرى وفقا لمقاصد الشريعة الإسلامية.

مقتطف من كتاب:
“العقود والصيغ البديلة في البنوك الإسلامية”
للدكتور أحمد الإدريسي
رابط التحميل:
https://www.islamanar.com/contrats-et-formules-alternatives/


[1]– ابن منظور، لسان العرب،(مرجع سابق).  ج: 8 / ص: 141.

والفيومي، المصباح المنير،(مرجع سابق). الصفحة: 304

ومحمود عبد الرحمان عبد المنعم، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية. ج: 3/ ص:266-267.

[2] – ينظر: الإمام الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة”، (مرجع سابق). الصفحة: 620.

[3] – نزـيه حمـاد، معجم المصطلحات المالية والاقتصادية في لغة الفقهاء. الصفحة: 411.

[4]– رواه الإمام الطبراني، والترمذي، كتاب: الأحكام، باب: من المزارعة. حديث رقم: 1385.

وقال الإمام الترمذي: “حديث حسن صحيح”.

[5] – رواه الإمام البخاري، كتاب: المزارعة، باب: المزارعة بشطر ونحوه. حديث رقم: 2203.

[6] – العسقلاني، ابن حجر، فتح الباري ، ج: 5 / ص: 407-408.

[7]– ابن قدامة، المغني، (مرجع سابق). ج: 7 / ص: 296.

[8] – ابن تيمية، مجموع الفتاوى. (مرجع سابق). ج: 29 / ص: 979.

[9]– شرح ابن القيم على سنن أبي داود، ج: 9 / ص: 184.

[10] – ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، (مرجع سابق). ج:1 / ص:283.

[11] – الإمام الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، الصفحة: 621-627.

[12]– صوان، محمود حسن، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، (طبعة دار وائل، سنة 2001م)،

الصفحة: 177.

[13]– صوان، محمود حسن، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، (مرجع سابق)، الصفحة: 178.

[14]– ابن منظور، لسان العرب، ج: 14 / ص:393-394. ود.محمود عبد الرحمان عبد المنعم،

معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية. ج: 3 / ص: 270-271.

[15] – نزـيه حمـاد، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء. الصفحة: 412.

[16] – الإمام الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، الصفحة: 631-635.

[17]– ينظر: الإمام القرافي، شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس، الفـروق،. ج: 3/ص:177.

والبقوري، ترتيب الفروق، تحقيق الدكتور عمر بن عباد. (مرجع سابق). ج: 3/ ص:132-133.

[18]– الإمام مالك، الموطأ، كتاب المساقاة، باب: ما جاء في المساقاة، حديث رقم: 33/1/593. الصفحة: 434.

[19]– الإمام مالك، الموطأ، كتاب المساقاة، باب: ما جاء في المساقاة، حديث رقم: 33/1/594. الصفحة: 434.

[20]– ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد. (مرجع سابق). ج: 2 / ص: 247.

[21]– ابن قدامة، المغني، (مرجع سابق). ج: 7 / ص: 279.

[22]– الرشيد، محمود عبد الكريم، الشامل في عمليات المصارف الإسلامية، (مرجع سابق)، ص150.

وصوان، محمود حسن، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، (مرجع سابق)، ص180.

[23]– ابن منظور، لسان العرب، ج: 6 / ص: 154. ود.محمود عبد الرحمان عبد المنعم،

معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية. ج: 3 / ص: 321.

ونزـيه حمـاد، معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء. الصفحة: 431.

[24]– ابن رشد القرطبي، بداية المجتهد ونهاية المقتصد. (مرجع سابق). ج: 2 / ص:251.

[25] – ابن قدامة، المغني، (مرجع سابق)، ج:5 / ص:392.

[26] – ابن عابدين، حاشية رد المحتار, (مرجع سابق) ج:5 / ص: 183 – 185.

[27] – ابن عابدين، حاشية رد المحتار, ج:5 / ص: 183 – 185.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.