منع الحيض في رمضان {بين الطب والفقه}
أسماء الإدريسي
منع الحيض في رمضان {بين الطب والفقه}
بقلم: أسماء الإدريسي
تقديم
تتعدد الأسباب وتختلف في الباعث على استعمال دواء لمنع الحيض خلال مدة معينة، أو تأخيرها عن وقتها، من أنثى لأخرى، متزوجة كانت أم غير متزوجة، وتكثر هذه الظاهرة بصورة ممتدة خلال شهر رمضان الفضيل، والأسباب حقيقة كثيرة ومتنوعة، نعد منها ما هو متداول وظاهر، وهي:
- رغبة المرأة في صيام شهر رمضان كاملا مع المسلمين.
- رغبة المرأة في عدم تفويت أي يوم من رمضان، وبهذا عدم تفويت أجر وبركة الصيام.
- رفضها فكرة القضاء بعد رمضان، وأنه صعب وما إلى ذلك من الأسباب الواهية.
إذن هذه هي بعض أسباب منع العادة الشهرية خلال رمضان، وهي أسباب تلمستها من خلال حواري مع عديد من النساء التي تقمن بهذا المنع خلال رمضان.
ولمنع العادة الشهرية وسائل و موانع وأدوية معهودة بين النساء، تجعل الدورة تتأخر عن موعدها ومن هذه الوسائل استعمال:
- حبوب منع الحمل، التي تعمل على تأخير وقت الدورة، من خلال التأثير في الهرمونات المسؤولة عن هذا النشاط في جسم المرأة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لهذه الأدوية أية أضرار أو تأثير على صحة المرأة؟
والجواب عليه سيكون من خلال إحصاء الأضرار والنتائج السلبية لهذه الحبوب، التي و إن كانت تؤدي وظيفة معينة في فترة زمنية معينة، إلا أن لها تأثيرا سلبيا على صحة الأنثى ـ متزوجة كانت أم غير متزوجة ـ وهنا نقطة يجب لفت الانتباه لها، ـ وهي وجود فتيات يستعملن هذه الحبوب للغرض نفسه ـ وبالطبع سيكون هذا التأثير على المدى البعيد، وهذا ما يؤكده العديد من الأطباء.
الأضرار الناتجة عن استعمال هذه الحبوب:
لا شك أن كل شيء طبيعي – كالحيض- يمنعه الانسان عن طبيعته لا يخلو من أضرار على الجسم البشري بشكل أو بآخر، ولكن هذه الأضرار قد تختلف باختلاف الأنثى، ويمكن إجمال هذه الأضرار الناتجة عن استعمال ما يمنع الحيض فيما يأتي:
- أنه يخالف الفطرة التي فطر الله الناس عليها، لأن خروج دم الحيض خروج طبيعي كتبه الله على بنات آدم، فلابد للمرأة أن تصبر على ذلك وتحتسب.
- أنه يخلط على المرأة عادتها، فتختلف عليها، وحينئذ تبقى في قلق وشك من صلاتها ومن مباشرة زوجها وغيرها.
- أنه سبب لتقرح الرحم.
- أنه سبب لتغير الدم واضطرابه.
- أنه سبب لتشوه الأجنة في المستقبل.
- أنه سبب لوجود العقم للمرأة التي لم تتزوج.[1]
الحكم الشرعي لمنع الحيض:
ترد على أهل الفقه أسئلة عديدة ومتنوعة بخصوص استعمال الحبوب لمنع الدورة الشهرية، وفيما يلي عرض لبعض من آراء الفقهاء في هذه المسألة من خلال أسئلة وجهت لهم:
قال د عبد الله الطيار:
- استعمال المرأة حبوب منع الحيض إذا لم يكن عليها ضرر من الناحية الصحية، فإنه لا بأس به، بشرط أن يأذن الزوج بذلك، ولكن حسب ما علمنا أن هذه الحبوب تضر المرأة.
لكن من المعلوم أن خروج دم الحيض خروجٌ طبيعي، والشيء الطبيعي إذا مُنع في وقته، فإنه لا بد أن يحصل من منعه ضرر على الجسم.
وكذلك أيضًا من المحذور في هذه الحبوب أنها تخلط على المرأة عادتها، فتختلف عليها، وحينئذ تبقى في قلق وشك من صلاتها ومن مباشرة زوجها وغير ذلك.[2]
- إذا استعملت المرأة ما يقطع الدم في أيام النفاس أو الحيض فما الحكم؟
ج: إذا استعملت المرأة ما يقطع الدم من حبوب أو إبر فانقطع الدم بذلك واغتسلت، فإنها تعمل كما تعمل الطاهرات، وصلاتها صحيحة، وصومها صحيح.[3]
- ثم هل يجوز للمرأة أن تستعمل دواء لمنع الحيض في رمضان أم لا؟
ج :يجوز أن تستعمل المرأة أدوية في رمضان لمنع الحيض، إذا قرر أهل الخبرة الأمناء من الدكاترة ومن في حكمهم أن ذلك لا يضرها، ولا يؤثر على جهاز حملها، وخير لها أن تكف عن ذلك، وقد جعل الله لها رخصة في الفطر إذا جاءها الحيض في رمضان، وشرع لها قضاء الأيام التي أفطرتها، ورضي لها بذلك دينا.[4]
وقال الشيخ ابن عبد العزيز رحمه الله:
- لا حرج في ذلك؛ لما فيه من المصلحة للمرأة في صومها مع الناس وعدم القضاء، مع مراعاة عدم الضرر منها؛ لأن بعض النساء تضرهن الحبوب.[5]
وجاء في نداء الريان السؤال التالي:
- هل يجوز استعمال حبوب منع الحيض للمرأة في رمضان أم لا؟
الفتوى : الذي أرى أن المرأة لا تستعمل هذه الحبوب لا في رمضان ولا في غيره؛ لأنه ثبت عندي من تقرير الأطباء أنها مُضرة جدا على المرأة على الرحم والأعصاب والدم وكل شيء مُضر فإنه منهي عنه لقول النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “لا ضرر ولا ضِرار[6]“.
وقد علمنا عن كثير من النساء اللاتي يستعملن هذه الحبوب أن العادة عندهن تضطرب وتتغير ويتعبن، الذي أنصح به أن لا تستعمل المرأة هذه الحبوب أبدًا لا في رمضان ولا في غيره.[7]
خلاصة :
بناء على ما تقدم من أقوال العلماء، فإن استعمال المرأة لهذه الحبوب لمنع العادة الشهرية جائز، وذلك بثلاثة شروط:
- عدم لحوق الضرر بها.
- وأن يكون بعد استشارة الطبيب المختص.
- ولا يكون ذلك إلا بإذن الزوج.[8]
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
- مجلة الوعي الاسلامي عدد47 سنة 1431 هـ 2010 م ص 47
- كتاب الفقه الميسر عبد الله الطيار ج9 ص20
- كتاب فتاوى الطب والمرضى، فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ص 97
- كتاب فتاوى الطب والمرضى لمجموعة من المؤلفين، باب أحكام تتعلق بالصيام. ص 98 ـ 99من فتاوى اللجنة الدائمةس (5)، من الفتوى رقم (1216)
- نفسه من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، ص 98
- التخريج : أخرجه الشافعي في ((الأم)) (8/639)، ومالك في ((الموطأ)) (2/745)، والبيهقي (11718}
- نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان سيد حسين العفاني ج 3 ص 267
- مجلة الوعي الاسلامي عدد 47 ص 48
المراجع
- مجلة الوعي الاسلامي عدد47 سنة 1431 هـ 2010 م
- كتاب الفقه الميسر عبد الله الطيار ج9
- كتاب فتاوى الطب والمرضى، فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
- كتاب فتاوى الطب والمرضى لمجموعة من المؤلفين، باب أحكام تتعلق بالصيام من فتاوى اللجنة الدائمة
- التخريج : أخرجه الشافعي في ((الأم)) (8/639)، ومالك في ((الموطأ)) (2/745)، والبيهقي (11718
- نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان سيد حسين العفاني ج 3.
[1] مجلة الوعي الاسلامي عدد47 سنة 1431 هـ 2010 م ص 47
[2]كتاب الفقه الميسر عبد الله الطيار ج9 ص20
[3] كتاب فتاوى الطب والمرضى، فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله ص 97
[4]كتاب فتاوى الطب والمرضى لمجموعة من المؤلفين، باب أحكام تتعلق بالصيام. ص 98 ـ 99من فتاوى اللجنة الدائمةس (5)، من الفتوى رقم (1216)
[5]نفسه من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، ص 98
[6]التخريج : أخرجه الشافعي في ((الأم)) (8/639)، ومالك في ((الموطأ)) (2/745)، والبيهقي (11718)
[7]نداء الريان في فقه الصوم وفضل رمضان سيد حسين العفاني ج 3 ص 267
[8]مجلة الوعي الاسلامي عدد 47 ص 48