الدعاء سبب العتق والرجاء
بقلم: مصطفى هدارين
الدعاء مخ العبادة، وهوالرغبة إلى اللَّه عز وجل و إظهار غاية التذلل والافتقار إلى اللَّهُ والاستكانة له، وهو سمو في العبودية للَّه تعالى من التذلل والخضوع، والاستكانة والرغبة والرهبة، والتعلق في ظاهر العبد وباطنه بين يدي اللَّه تعالى، في مقام عظيم لا يعبر عنه إلا من لازمه، وذاق حلاوته. ولا سيما في هذا الايام المباركة ايام العشر الأواخر من رمضان ايام العتق من النار، كما يربط أهل الأرض بأهل السماء وينقلك من صحبة الغافلين إلى صحبة الأخيار والصالحين ،وهو سلاح المؤمن في الشدة والرخاء وعطرة المؤمن في رمضان ونجاته في ليلة القدر، الدعاء في هاته الليالي مستجاب ومكفر لجميع الذنوب والخطايا اكثر من اي زمان آخروينبغي على كل تائب داع أن يتحرى أوقات الإجابة أواخر رمضان التي فيها ليلة القدر التي شرفها الله عز وجل بأن أنزل القرآن الكريم في هذه الليلة قال تعالى { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } فمعنى قوله { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } القدر، وقد سميت ليلة القدر لعلو شأنها وعظم قدرها وفضلها عند الله، أو لأنه يقدر فيها ما يكون في السنة من الآجال والأرزاق والمقادير .
وفي هذه الليلة تهبط الملائكة وجبريل عليه السلام من كل سماء، ومن سدرة المنتهى، فينزلون إلى الأرض ويؤمنون على دعاء الناس، إلى وقت طلوع الفجر. فلهذا أخي المؤمن بادر ثم بادر إبكي على نفسك وفتش فيها وتب توبة نصوحا واعتق رقبتك من النار بصدقك في الطلب و الإلحاح في كل وقت وحين إبكي على نفسك بكاء المخلفين وقل يا نفس يا خسيسة قد فاتك الرجال هل انا مقبول ام مطرود انكسر وتبأس وتمسكن وتقنع واخشع واعلم ان الله يطلب ويطلب، وألحّ في الدعاء والطلب واطرق باب الله أن يجمع فيما بينك وبينه حتى يعفو عنك ويعتق رقبتك بإذن الله ويستجيب لك ويعتق رقبتك ورقبة أحبتك والمؤمنين والمؤمنات إنه نعم المولى ونعم النصير، قال صلى الله عليه وسلم ” التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ” ( رواه البخاري )
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره ” وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ” .
هذه الليلة تعتبر نفحة خير من نفحات المولى عزوجل على عباده، فالخير فيها كثير والأجر فيها عظيم، وما من عبد يتقرب إلى الله تعالى فيها بقربة إلا و كانت له من الله هبةعظيمة،فهذه الليلة وغيرها كثير من أوقات الاستجابة بشرى للعباد ورحمة بهم من الله عزوجل فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ” يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ، فَيَقُولُ: ” أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ” ( رواه البخاري ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم ” إن في الدنيا ساعة لايوافقها عبد مسلم يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه وذلك كل ليلة ” ( رواه مسلم )
وقال صلى الله عليه وسلم ” أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ” ( رواه مسلم ) .
فلنستغل كل ساعة وكل دقيقة حتى نكون من الذين قال الله فيهم { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ( يونس / 26 )
عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ ” لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ” وَقَال ” إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ فَيَقُولُونَ وَمَا هُوَ ؟ أَلَمْ يُثَقِّلْ اللَّهُ مَوَازِينَنَا وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُنْجِنَا مِنْ النَّارِ؟” قَالَ: “فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعَطَاهُمْ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ يَعْنِي إِلَيْهِ وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِم ” ( أخرجه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني )
يَـا نَفْسُ تُوبِي فَالذُّنُوبُ كَثِيْرَةٌ — فَإِلَى مَتَـى ؟ حَتَّـى يَحِيْنَ فِرَاقِي
تُوبِي لَعَلَّ اللهَ يَسْتُرُ مَـا مَضَى — وَسَلِي الرَّؤُوفَ بِأَنْ يَحُلَّ وِثَـاقِي
فَحَيَاتُنَا الدُّنْيَا كَظِـلٍّ زَائِـلٍ — تَفْـنَى وَنَفْـنَـى وَالْمُهَيْمِنُ بَـاقِي