منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

الأربعون حديثا المبشرة (2) باب في تبشير من علم أن لا إله إلا الله ورضي به ربا

يعقوب زروق

0

الأربعون حديثا المبشرة (2) باب في تبشير من علم أن لا إله إلا الله ورضي به ربا

بقلم: يعقوب زروق

 

الأربعون حديثا المبشرة (1) في بيان أهمية التبشير

الحديث الثالث: تبشير من علم أن لا إله إلا الله

عن عثمان بن عفّان، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: « من مات وهو يعلم أن لا إله إلّا اللّه دخل الجنّة»[1].

“فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ” [محمد: 19]

نأخذ من الآية والحديث فعل: ” يعلم- اعلم ” لنفقه أن لا إله إلا الله علم من أشرف العلوم. هو العلم بالله عز وجل. والإقرار له بالألوهية  وإفراده بالعبودية. بهذا العلم الشريف تنضبط أفعال المؤمن فلا يفعل إلا خيرا. يراقب الله الواحد الأحد في حركاته وسكناته وفي خطرات نفسه. فلا جرم أن يبشر بالجنة إن هو مات على هذا العهد.

وحيث أن العلم يتعلم، والناس متفاوتون فيه، فإن كلمة التوحيد هي أيضا تتعلم. يتعلمها المسلم تكرارا باللسان، ولو مع غفلة القلب عنها وجهل العقل بمعناها. ولكن المداومة على التعلم شيئا فشيئا تكسب المرء إتقانا لما يتعلم. ولذلك ورد الحث على الإكثار من قولها باللسان تدريبا وتعليما. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” جَدِّدُوا إِيمَانَكُمْ “. قِيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا ؟ قَالَ : ” أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ “[2].

الحديث الرابع: بشارة لمن رضي بالله ربا

عن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال:«يا أبا سعيدٍ، من رضي باللّه ربّا، وبالإسلام دينا، وبمحمّدٍ نبيّا، وجبت له الجنّة». فعجب لها أبو سعيدٍ، فقال : أعدها عليّ يا رسول اللّه. ففعل ثمّ قال: ” وأخرى يرفع بها العبد مائة درجةٍ في الجنّة ؛ ما بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض “. قال: وما هي يا رسول اللّه ؟ قال: ” الجهاد في سبيل اللّه، الجهاد في سبيل اللّه “[3].

بشارة عظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رضي بالله ربا وبالاسلام دينا و بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا .

يرضى المؤمن بالله ربا أي سيدا. فإن الرب هو السيد القائم على شؤون الخلق برعايتها وإصلاحها. المؤمن يعلم أن ربه لا يفعل به إلا الخير. فيطمئن قلبه ويرضى بقضائه. ويدخل في سلك السابقين المؤمنين.قال الله تعالى:“وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)” [التوبة: 100]

ويرضى المؤمن بالإسلام دينا، ارتضاه الرب سبحانه لنا.قال الله تعالى:”حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُواْ بِٱلۡأَزۡلَٰمِۚ ذَٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡيَوۡمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِي مَخۡمَصَةٍ غَيۡرَ مُتَجَانِفٖ لِّإِثۡمٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ “[المائدة: 3].

فأحكامه وتكاليفه ليست إلا خيرا في الدنيا والآخرة.

ويرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا. اصطفاه الله سبحانه على خلقه ورضي عنه وأرضاه.“وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ﴿٥﴾”[الضحى: 5]

يرضى به المؤمن لرضى الله. ويسارع لإرضائه. إذ أعمالنا معروضة عليه. فيقبل به قدوة ويعض على سنته، فيقدمها على اختياره، وعلى هوى نفسه. حتى يكون صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه والناس أجمعين .

من تحقق بهذا الرضى دخل الجنة. وبشارة أخرى أعظم لمن جاهد في سبيل الله. والجهاد كل جهد يبذله المؤمن لإعلاء كلمة الله. يبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع الدرجات في الجنة. “وأخرى يرفع بها العبد مائة درجةٍ في الجنّة ؛ ما بين كلّ درجتين كما بين السّماء والأرض”


الهوامش:

[1]  – صحيح مسلم | كتاب الإيمان | باب من مات على التوحيد دخل الجنة | الحديث: 26

[2]  – مسند أحمد |مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. الحديث: 8710

[3]  – صحيح مسلم | كتابٌ : الإمارة | بابٌ : بيان ما أعدّه اللّه تعالى للمجاهد1884

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.