سوق الحياة (خاطرة)
بقلم: محمد فاضيلي
دخلت السوق على غير رغبة مني، ولا قصد او اشتهاء.. بضاعتي مزجاة، ودريهماتي معدودات، ودرايتي بقانون السوق وفنون التجارة تكاد تكون منعدمة.
أسير الهوينى، وحيدا، أجوب الازقة والدروب، اطوف على الرحبات الواسعة رحبة رحبة، اقف أمام السلع والبضائع المعروضة في الخيام وفي العراء، اتامل الوجوه، وجوه الباعة والمشترين، المستقرين والمتجولين على السواء، وهي تتدثر وتتقنع وتتزيى بأقنعة الزيف وأقمشة الهوان، وجوه براقة لماعة، تغري الناظر، وتسر السامع، وتوهم الطامع، وتحقر القانع ..
سوق كالسوق، لكنها مختلفة عن كل سوق..فيها من كل بضاعة زوجان، بل أزواج..فيها يفرق كل أمر حكيم بإذن ربها..فيها من البضائع والروائع والجوامع ما ليس في غيرها من الأسواق..
تمارس فيها النخاسة بلا حراسة، والسياسة بلا كياسة..تباع فيها العقول وتكمم الافواه وتنمق النقول..تشترى الذمم، وتبخس الهمم، وترفع الدنايا للقمم..يذل فيها الرفيع ويرفع فيها الوضيع، ويوؤد فيها البديع، ويصم فيها السميع، ويخرف فيها الربيع..
من يفهم في التجارة، ويعرف قانون السوق والإجارة، يكسب الجمال والنوق، ومن يتقن التنميق والتزويق والتلفيق، يهتف باسمه القوم، ويكثرون له المدائح والذبائح والتصفيق..
سوق الحياة سوق مظلم حالك، متشعب المسالك، كثير المهالك..أيها الساعي إليه بغير دراية.. انتبه اثناء التجول، واحترس من التسول والتغول، وأيقظ بالك..فإن السوقة والتجار، والباعة والحرفيين والأغيار، سيغرونك بالربح الوفير، والجني الكثير، وسيسرقون منك نفسك ورأسمالك.