في الحاجة إلى القلق
حمادي لخضر
“ما يقلقك يتحكم بك”
عبارة الفيلسوف الإنجليزي جون لوك دقيقة في التعبير على ما يتحكم بمشاعر الإنسان، أفكاره، وحتى أفعاله.
إن القلق إذا استبد تحكم، فهل يجب أن ندعه جانبا مثلما قال ديل كارنغي أم أننا نحتاج إليه؟
أزعم جوابا عن هذا السؤال أن القلق مطلوب بتوسط واعتدال ويمكن أن يزيد عن ذلك إذا كان المرء متحكِّما فيه، لأن له قوة جبارة دافعة نحو الإنجاز، ما يزيد من فاعليته أنه شعور داخلي ذاتي، وما كان ذاتيا كان أدعى أن يبعث على التغير، ولا ينجز شيئا من حديده بارد لا حافز له، تتراءى له الخيالات والأماني ولا يقوم لها منجزا..
مع ذلك، فإن للقلق وجها قاتلا، عبر عن ذلك ديل كارنيغي في كتابه دع القلق، بقوله أن أكثر ما يقتل الناس هو ما يأكلهم وليس ما يأكلونه، والبراهين على ذلك كثيرة. يحدث هذا إذا كان مرضيا غير متحكم فيه..
في التربية الإسلامية قاعدة مهمة للحكيم المربي ابن عطاء الله السكندري، يقول فيها: “لا يخرج الشهوة من القلب إلاخوف مزعج أو شوق مقلق”
يقصد أن الشهوة إذا تمكنت من القلب لا يمكن خروجها في العادة إلا بوارد قهري جلالي هو الخوف المزعج أو جمالي هو الشوق المقلق، وكلا الواردين قلق مع اختلاف الطبيعة.
وإذا كانت هذه القاعدة صالحة في أجل وأسمى مجال، وهو مجال تربية الإنسان الروحية ومعرفته ربه، فإنه من باب أولى أن تصلح للتعميم على سائر مجالات حياة الإنسان، فيكون القلق خوفا وشوقا، مفتاح فلاح ونجاح، ومطية إبداع وإنجاز، ما تُحُكِّم فيه وأُمن شرّه.
وللّه درُّ القائل: إن حديدنا بارد، يحتاج من يحميه على نار الحماس، ويطرقه بمطارق التربية لتستوي زبره على ما نريد من استقامة لله وصمود للإنجاز.