الهالكون (17) سلسلة حديث الجمعة
الهالكون (17) سلسلة حديث الجمعة/الأستاذ هشام كمال
الهالكون (17) سلسلة حديث الجمعة
بقلم: الأستاذ هشام كمال
سلسلة حديثية مكونة من أربعين حديثا نبويا شريفا مخرجا وموثقا توثيقا علميا بذكر رواته وكذا مراجع إخراجه، ومذيلة ببعض الدرر والعبر العملية المستقاة من كل حديث على حدة عسى الله أن يقدرنا وإياكم على صحبة أنفاس المصطفى صلى الله عليه وسلم بقراءة أحاديثه وحفظها، والعمل على إحياء سننه بإعمالها واتباع منهجه في تزكية الأنفس وتعمير الآفاق.
سلسلة يطلقها موقع منار الإسلام بدورية أسبوعية بمعدل حديث كل يوم جمعة تيمنا بهذا اليوم المبارك الذي خصه الله تعالى بفضائل جمة.
سلسلة انبرى لها الأستاذ الشاعر هشام كمال المولع بسبر بطون المراجع والمصادر الحديثية وانتقاء أصحها واستخلاص دررها جعل الله كل ذلك في ميزان حسناته صدقة جارية إلى يوم الدين ما انتفع منتفع، وعمل عامل، وتهمم متهمم. آمين.
نص الحديث:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم”
تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة كتاب البر والصلة والآداب 45 باب النهي عن قول هلك الناس 41 حديث 2623. وقال عقبه: قال أبو اسحاق: لا أدري أهلكهم بالنصب أو أهلكهم بالرفع .
أبو داود في سننه عنه كتاب الأدب 36 باب 86 حديث 4983 ونقل عقبه عن مالك: إِذَا قَالَ ذَلِكَ تَحَزُّنًا لِمَا يَرَى فِي النَّاسِ يَعْنِي فِي أَمْرِ دِينِهِمْ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَإِذَا قَالَ ذَلِكَ عُجْبًا بِنَفْسِهِ وَتَصَاغُرًا لِلنَّاسِ فَهُوَ الْمَكْرُوهُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ.
وابن حبان في صحيحه ج13ص74ح5762 كتاب الحظر والإباحة باب ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُزْدَرِي غَيْرَهُ مِنَ النَّاسِ كَانَ هُوَ الْهَالِكَ دُونَهُمْ.
ورواه مالك في الموطأ عنه كتاب الجامع 31 باب ما يكره من الكلام حديث 2815 (ج2ص580) .
والبيهقي في شعب الإيمان ج9ص59ح6258 في الرابع والأربعين منها وهو باب في تحريم أعراض الناس وما يلزم من ترك الوقوع فيها، وزاد في آخره: وَزَادَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ، قُلْتُ لِمَالِكٍ مِمَّا وَجْهُ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ حَقَّرَ النَّاسَ وَظَنَّ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ: أَيْ أَرْذَلُهُمْ. وَأَمَّا رَجُلٌ حَزِنَ لِمَا يَرَى مِنَ النَّقْصِ فِي ذَهَابِ أَهْلِ الْخَيْرِ، فَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ فَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بَأْسٌ. قَالَ الشَّيْخُ: ” وَزَادَ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ عِنْدِي يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِثْلُهُ. وفي كتاب الفتن لنعيم بن حماد ج2ص622ح1737 بعد أن ساق هذا الحديث: قال مالك كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ الرَّجُلَ، يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، يَقُولُ: “هَلَكَ الْفُجَّارُ”
وفي مسند البزار عن أبي هريرة ج16ص48ح9086 بلفظ: لا تقولوا هلك الناس ومن قال هلك الناس فهو الذي أهلكهم.
البخاري في الأدب المفرد ج1ص406ح759 باب قول الرجل هلك الناس 324
وأحمد في المسند عنه ج13ص114ح7685 .
درر الحديث:
الحديث فيه من الفوائد الكثير لكن نقتصر على ما يلي من باب الإيجاز والقصد:
- دخول من ينصب نفسه قاضيا على الأمة وحاكما عليها بالهلكة في جملة الهالكين، بل هو أشدهم هلاكا.
- أن حكمه عليهم بالهلكة لا يلزم منه أنه صواب في نفسه، بل هو صواب في نظر الحاكم عليهم فقط.
- فيه إخبار خفي بأن الخير لا ينقطع من الأمة، وأن الحكم على مجموعها بالهلكة مجازفة، وإن تعددت مظاهر الفساد فيها.
- فيه النهي عن الإعجاب بالنفس وازدراء الآخرين ولو مذنبين ورؤية النفس عليهم.