منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

«للذكر مثل حظ الأنثيين» بين الحكمة الربانية والأهواء الإنسانية

الأستاذ خالد المطالسي

0

“للذكر مثل حظ الأنثيين” بين الحكمة الربانية والأهواء الإنسانية

بقلم: الأستاذ خالد المطالسي

إن المتأمل في نصوص الوحي المنظمة لأحكام المواريث في الشريعة الإسلامية، يجد أن الله تعالى وحده تولى تحديد الورثة ونصيب كل وارث، بتفصيل دقيق لم يعهد مثله في الأحكام والقضايا الأخرى، كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة… حيث جاءت ألفاظ آيات الفرائض قطعية الدلالة، لا تحتمل التأويل والاختلاف في الأنصبة، وذلك راجع إلى تصور الإسلام للمال وخطورته وتأثيره من جهة، وإلى الأهواء والنزعات التي تعتري الورثة بعد موت الموروث من جهة ثانية.

لكن رغم الإحكام والتفصيل الدقيق الذي يتسم به نظام الفرائض، لم يسلم من سهام النقد وإثارة الشبهات، من أفراد وجهات تتاجر بقضية المرأة، وتتخذها مطية للطعن في فروع الدين وأصوله القطعية، متخذة قول الله تعالى: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾[1] شعارا للميز والحيف والظلم والجور الذي يلاحق ويلازم المرأة أينما حلت وارتحلت.

إن مناقشة قضية التفاضل في الميراث بين الإناث والذكور تقتضي في نظري خمسة أمور:

الأمر الأول: شبهات رواد المساواة المزعومة.

الأمر الثاني: قواعد ممهدة مؤسسة.

الأمر الثالث: فلسفة نظام الإرث في الإسلام.

الأمر الرابع: نظام الإرث مزايا وحكم وأسرار.

الأمر الخامس: أخطاء وغفلة.

الأمر الأول: شبهات رواد المساواة المزعومة في الإرث

يردد أنصار المساواة المطلقة المزعومة بين الرجل والمرأة جملة من الشبهات “الفكرية” منها:

الشبهة الأولى: أن المرأة أصبحت مساوية لأخيها الرجل في المدرسة والجامعة والمستشفى والرياضة والتأليف والتعليم والمعاهد والشرطة، بل وفي المعامل والمصانع والحقول، فلماذا لا نسوي بينها وبين الرجل في الميراث؟

الشبهة الثانية: أن المرأة كانت في فترة نزول الوحي مهمشة مهضومة الحقوق، لا تخرج من البيت ولا تشارك الرجال في الكسب ولا تتنافس معهم على القيادة، بل كانت تدفن حية وتورث من جملة التركة، لا رأي لها ولا موقف، أما الآن فأصبحت لها مكانة اجتماعية وعلمية عالية جدا، بشواهدها الأكاديمية وكفاءتها العلمية التي مكنتها من قيادة الأحزاب السياسة والنقابات العمالية، والجمعيات الخيرية…فكيف ترث نصف حظ أخيها وهي مساوية له وربما تفوقت عليه في بعض المجالات؟

الشبهة الثالثة: أن نظام الإرث في الإسلام لم يستطع التخلص من الأعراف والعادات القبلية التي كانت تحكم العرب قبل البعثة، بل حاول فقط التقليل من قسوة هذه الأعراف على المرأة، أما الآن فالسلطة في المجتمع للقانون وحده لا للقبيلة ولا للعشيرة. ومن حقها أن تطالب بالإنصاف.

وهذه شبهة لا تنطلي إلا على السذج من الذين لا اطلاع لهم على مكانة المرأة في الشريعة الإسلامية[2]، ومقارنتها بأحوال المرأة العربية قبل البعثة، وبالأنظمة الاجتماعية للشعوب والأمم قبل الإسلام وبعده.

الشبهة الرابعة: أن نظام الإرث في الإسلام يقوم على عنصر الجنس والقوة مما جعل المرأة تحتل المرتبة الأخيرة في سلمه.

وبما أن المرأة وصلت إلى ما وصلت إليه في العصر الحديث فكيف يسوغ أن نعاملها بقاعدة “للذكر مثل حظ الأنثيين”؟

هذه بعض شبهاتهم حول الإرث في الإسلام فما فلسفة هذا النظام، ولماذا أعطى للابن ضعف نصيب أخته؟.

 الأمر الثاني: قواعد ممهدة مؤسسة.

بما أن الذين يوجهون سهام النقد والطعن لنظام الإرث، إما عن جهل وإما عن قصد وسوء طوية أغلبهم يعلنون انتماءهم للإسلام[3]، بعقيدته وشريعته ومنظومة أخلاقه وآدابه، فإننا نحتاج أولا إلى جملة من المقدمات قبل الحديث عن فلسفة الإرث في الإسلام:

المقدمة الأولى: لا اجتهاد في الأحكام الشرعية الثابتة بأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة، فالأحكام المعلومة من الدين بالضرورة، كوجوب الصلاة وصوم رمضان وتحريم الزنا والخمر وأنصبة الورثة المقدرة في نصوص الوحي، لا مجال للاجتهاد فيها بالتطوير والتعديل، وهذا محل اتفاق بين العلماء، ومن القواعد المقررة في هذا الشأن “لا اجتهاد مع النص”، وقد عقد ابن القيم رحمه الله تعالى فصلا في إعلام الموقعين، للحديث عن تحريم الإفتاء والحكم في دين اللَّه بما يخالف النصوص، وسقوط الاجتهاد والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك[4].

المقدمة الثانية: قال تعالى:﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾[5]، ومعناه أنه يَسأل ولا يُسأل، غير أن المنهي عنه السؤال للاعتراض[6]، أو الإنكار أو الاستهزاء أو المحاسبة[7]، قال تعالى في شأن هؤلاء: ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[8]، فالله تعالى لا يُسأل لأنه الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يعترض عليه أحد لعظمته وجلاله وكبريائه، وعلمه وحكمته، وعدله ولطفه[9]…. يقول الشيخ سعيد حوى: وهذا لا ينفي البحث عن الحكمة في تشريعه وأفعاله[10]، على سبيل الاستفادة والاستنباط والتعلم والفهم مع الإيمان الجازم بعدل الله وحكمته وعلمه المطلق بالحاضر والمستقبل…يقول ابن القيم: فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ مَبْنَاهَا وَأَسَاسُهَا عَلَى الْحِكَمِ وَمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَهِيَ عَدْلٌ كُلُّهَا، وَرَحْمَةٌ كُلُّهَا، وَمَصَالِحُ كُلُّهَا، وَحِكْمَةٌ كُلُّهَا[11]. فالله تعالى حكيم ‌لا ‌يفعل ‌شيئًا ‌عبثًا، ولا لغير معنى ومصلحة وحكمة هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل[12]. وتفاوت عقول الناس في إدراك الحكمة والمصلحة، التي شرعت لأجلها بعض الأحكام الشرعية، وعدم إدراك بعضهم للحكمة، لا يدل على انعدامها بل يدل على قصور العقل وضعف الفهم، وهذا المعنى هو المعبر عنه بقاعدة: عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود[13]، وعدم العلم بالشيء لا يدل على عدم الشيء[14].

 وتأمل إن شئت خواتم آيات المواريث فقد ختم الله الآية الأولى بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[15]، والثانية بقوله عز وجل: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[16]، والثالثة بقوله سبحانه:﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[17]. كل هذا التكرار[18] وهذا التأكيد والتذكير بحكمته تعالى وعلمه، ليعلم الجميع أن هذا التفاوت في الإرث وتفضيل البعض على البعض هو العدل لا ظلم فيه ولا حيف، وهو الحق الواضح البين لا خطأ فيه ولا غلط ولا ضلال، ولا باطل[19]. فالله تعالى عليم بما شرع حكيم فيما شرع.

فإنه لو رُدَّ تقدير الإرث إلى عقول الناس واختيارهم لحصل من الضرر ما الله به عليم، لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن في كل زمان ومكان، فلا يدرون أي الأولاد أو الوالدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية[20]، قال تعالى: ﴿آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[21].

المقدمة الثالثة: قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾[22]، فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، ‌فليس ‌لأحد ‌مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي ولا قول[23]… إلا السمع والطاعة والانقياد والإذعان، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[24].

المقدمة الرابعة: المال مال الله تعالى والإنسان مستخلف فيه، وهذا يقتضي الالتزام والتقيد بالأحكام التي شرعها المالك الحقيقي للمال، كسبا وإنفاقا وقسمة وتوزيعا. قال تعالى: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾[25] قال الإمام الزمخشري: مُسْتَخْلَفِينَ ‌فِيهِ يعنى أن الأموال التي في أيديكم إنما هي أموال الله بخلقه وإنشائه لها، وإنما موّلكم إياها، وخوّلكم الاستمتاع بها، وجعلكم خلفاء في التصرف فيها، فليست هي بأموالكم في الحقيقة. وما أنتم فيها إلا بمنزلة الوكلاء والنوّاب[26]، فالله هو الذي خلق الآباء والأبناء، والله هو الذي أعطى الأرزاق والأموال، والله هو الذي يفرض، وهو الذي يقسم، وهو الذي يشرع، وليس للبشر أن يشرعوا لأنفسهم، ولا أن يحكموا هواهم، كما أنهم لا يعرفون مصلحتهم[27]، لأنهم لو كانوا يدركون مصلحتهم ما اعترضوا على حكم الله تعالى ولا وجهوا سهام نقدهم إليه وهو عين المصلحة وعين العدل.

 فالتوزيع القرآني للإرث هو توزيع من المالك الحقيقي للتركة وهو الله الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما، المال ماله يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، أو يؤثر البعض على البعض يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يسأل عما يفعل وهم يسألون…[28].

وقال عز وجل: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾[29]، وقال سبحانه: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[30].

المقدمة الخامسة: الإنسان محب للمال بطبعه، خاصة من لم يتأدب بآداب الإسلام ولم يلتزم بأحكامه ولم ينزل المال منزلته الحقيقية في الحياة أنه مجرد وسيلة لا غاية، قال تعالى: ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا، وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾[31]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَالِثٌ وَلَا يَمْلَأُ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ”[32]، قَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ بَنِي آدَمَ مَجْبُولُونَ عَلَى حُبِّ الْمَالِ وَالسَّعْيِ فِي طَلَبِهِ وَأَنْ لَا يَشْبَعَ مِنْهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَوَفَّقَهُ لِإِزَالَةِ هَذِهِ الْجِبِلَّةِ عَنْ نَفْسِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَوَضَعَ قَوْلَهُ “وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ” مَوْضِعَهُ إِشْعَارًا بِأَنَّ هَذِهِ الْجِبِلَّةَ الْمَرْكُوزَةَ مَذْمُومَةٌ جَارِيَةٌ مَجْرَى الذَّنْبِ وَأَنَّ إِزَالَتَهَا مُمْكِنَةٌ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَتَسْدِيدِهِ [33]… ومن المعلوم أن تعلق الإنسان بالمال وشدة حبه له وحرصه عليه، قد يدفعه إلى ارتكاب جملة من المخالفات تحت تأثير الهوى والغضب في حق غيره خاصة الضعفاء والعاجزين الذين لا حيلة لهم ولا قوة يدفعون بها عن أنفسهم ويحفظون بها حقوقهم المالية…

ونظرا لسطوة المال على النفوس وسيطرته عليها تولى الله سبحانه وتعالى بنفسه قسمته على الورثة بما لا يبقى معه مجال للجور والمحاباة منعا للنزاع، كما حذر وتوعد بالنار والعذاب المهين في نهاية آيات المواريث كل من عصى وتمرد على أحكام الله وتجاوز حدوده، قال تعالى: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾[34].

المقدمة السادسة: العدل هو التسوية بين المتماثلات، والتفريق بين المختلفات. والظلم هو التفريق بين المتماثلات، والتسوية بين المختلفات. وبناء على ذلك فعندما نقول الإسلام دين المساواة – بين الرجال والنساء- لا نقصد المساواة المطلقة كما يظن البعض، لأن التسوية المطلقة تقتضي التسوية بين المختلفات، وهو نوع من الجور تأباه الشريعة الإسلامية.

وإنما نقصد أن الإسلام سوى بين المرأة والرجل في الخلق والإنسانية والكرامة ومناط التكليف وملكاته والجزاء والحساب، مع التمييز بين الأنوثة والذكورة، حفظا لتميز وتكامل الفطرة التي فطر الله عليها النساء والرجال، ليكون التكامل الدعوة الدائمة لتحقيق سعادة النوع الإنساني[35].

إذن فميزان العدل الصحيح هو التسوية بين حقوق المرء وواجباته. فليس من العدل أن تسوي بين اثنين مختلفين في الحقوق والواجبات، ذلك هو الظلم بعينه، بل هو شر من الظلم، أيا كانت العاقبة التي يؤدي إليها…فمن اللجاجة الفارغة أن يقال: إن الرجل والمرأة سواء في جميع الحقوق والواجبات[36].

المقدمة السابعة: الإسلام منظومة ومنهج متكامل، مستوعب للحياة الإنسانية في جميع أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والنفسية… لا يمكن لأحد مناقشة جزئية من أحكامه بمعزل عن الأحكام الأخرى، وإلا قدم نظرة مجانبة للصواب، بعيدة عن الحقيقة، فكل من نظر إلى أحكام الإسلام بموضوعية وإنصاف بعيدا عن الآراء والمؤثرات، وجد منظومة الأحكام الشرعية غاية في الإحكام والتناسق والارتباط والوفاء بمصالح الفرد والجماعة، فقضية الإرث مثلا لا يمكن الحديث عنها بعيدا عن أركان الإيمان ومقتضياته وأحكام الأسرة المنظمة للزواج والقوامة والولادة والطلاق وتربية الأبناء والعلاقة مع الآباء، كما لا يمكن استبعاد الأحكام المرتبطة بكسب المال وإنفاقه، دون أن ننسى منظومة القيم التي تعطي للأحكام معنى خاصا، كالتضامن والتعاون والتكافل والإيثار والبذل…

لهذا يحاول البعض استعمال آلية الانتقاء والتجزيء والتبعيض[37]، سواء لدعم فكره المنحرف بنصوص الوحي مبتورة من سياقها معزولة عن النصوص الأخرى، أو للطعن في بعض الأحكام الشرعية التي لا توافق هواه، ليبرهن للناس إما على قصور الإسلام وعدم مسايرته لتطور المجتمعات البشرية، أو أن فيه محاباة وميلا إلى فئة على حساب أخرى، وهو يعلم يقينا أنه لو ناقش الإسلام كمنهج شامل ينظم حياة الجماعة والفرد من ولادته إلى حين وفاته، من سرير نومه إلى ساحة جهاده، سيجد نفسه أمام منظومة تضمن لمن التزم بها- فردا أو جماعة أو أمة- سعادة الدنيا والآخرة.

إن الأحكام الشرعية كعقد الجواهر، كل جوهرة تأخذ قيمتها ويبرز جمالها عندما تأخذ مكانها في العقد، أما إذا تم فصلها عن العقد فإنها تفقد قيمتها ويتوارى جمالها.

المقدمة الثامنة: إذا عرفت الآمر، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر، بينما إذا عرفت الأمر، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر[38]، لأن عند الجهل بالله لا يشعر الإنسان بلذة الطاعة والانقياد والامتثال، فالتمرد على أحكام الله تعالى والاعتراض عليها ناتج عن الجهل به سبحانه، فالذي يدعو إلى المساواة المطلقة بين المرأة والرجل في كل شيء يغيب عنه قول الله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾[39]، ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾[40]، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾[41] وغيرها من الآيات.

الأمر الثالث: فلسفة نظام الإرث في الإسلام

إذا قمنا باستقراء حالات الورثة وأنصبتهم جميعا نجد أن نظام الإرث في الإسلام لا يقوم على معيار الأنوثة والذكورة في تحديد أنصبة الورثة، فالله تعالى لم يقل يوصيكم في الورثة للذكر مثل حظ الأنثيين، وإنما قال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾[42]، ويقول عز وجل أيضا:﴿وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾[43] إذا فقاعدة “للذكر مثل حظ الأنثيين” خاصة بأولاد الميت وإخوته الأشقاء ولأب، ولا تشمل باقي الورثة، بمعنى أنها قاعدة غير مطردة في جميع الورثة، بل هناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث فيها الرجل، وأخرى ترث فيها أكثر مما يرثه الرجل، أو ترث نصيبا مساويا له، وهذا من الأمور المعلومة لمن له إطلاع يسير بعلم الفرائض، لكن الجهل يفعل بصاحبه ما لا يفعله العدو بعدوه.

وفي دراسة إحصائية لحالات الميراث في الفقه الإسلامي، خلص العالم السوداني الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري، إلى أن الأنثى ترث نصف الذكر في حالات تمثل 13,33% من حالات الميراث، بينما ترث الأنثى مثل الذكر أو أكثر منه في حالات تبلغ 86,67% من حالات الميراث أي أن المرأة متميزة عن الرجل فيما يقرب من 90% من حالات الميراث، وباستقراء هذه الحالات يظهر أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة نصف الرجل[44].

وتوصل الأستاذ صلاح الدين سلطان بعد دراسته الاستقرائية لحالات ميراث المرأة ومقارنتها بنظيرها الرجل، إلى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل لأسباب تتوافق مع الروافد الأخرى من الأحكام الشرعية التي تتكامل أجزاؤها في توازن دقيق لا يند عنه شيء، ولا يظلم طرفا لحساب آخر لأنها شريعة الله تعالى الحكيم العليم الخبير العدل[45].

يقول الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون: “وتعد مبادئ المواريث التي نَص عليها القرآن بالغة العدل والإنصاف، ويمكن القارئ أن يدرك هذا من الآيات التي أنقلها منه، ولم يُبْصَر في القرآن جميع الأحوال التي عالجها المفسرون فيما بعد وإن أشير فيه بدرجة الكفاية إلى روحها العامة، ويظهر من مقابلتي بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنكليزية أن الشريعة الإسلامية مَنَحَت الزوجات، اللائي يُزعَم أن المسلمين لا يعاشرونهن بالمعروف، حقوقاً في المواريث لا تَجِدُ مثلَها في قوانيننا”[46].

لكن سماسرة هذا الانتقاد، يفهمون من قوله تعالى: “للذكر مثل حظ الأنثيين” قانونا عاما ساريا في أحكام الميراث. بل إن كلمة “للذكر مثل حظ الأنثيين” غدت في وَهْم المروجين لهذا الانتقاد وكثير من دهماء الناس، بمثابة دستور اجتماعي مطلق يفرضه الدين في كل مسألة وفي سائر الأحوال وبالنسبة إلى سائر القضايا والمشكلات…في حين إنما الآية رسمت هذا الحكم في ميراث الأولاد دون غيرهم[47]، وقد بينا خطورة منهج التجزيء والتبعيض الذي يعتمده البعض أثناء دراسة الأحكام الشرعية، والغاية منه في المقدمة السابعة.

أمثلة توضيحية:

1-أم وأب وابن، فإن نصيب الأم يكون مساويا لنصيب الأب وهو السدس لكل منهما والباقي للابن تعصيبا. وفي سر تسوية الأب والأم في الميراث يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: إن الأبوين يتعرضان بدرجة واحدة لتلقي النفقة من ابنهما عندما كان حيا وذلك عندما يكون الولد موسرا وتتقاصر حال الأب عن الاكتساب، وهذا هو الغالب، ومن ثم فإن العدالة في توزيع ميراث الولد هنا، تقتضي أن يستوي الأب والأم في حقهما من ماله إذا مات[48].

2-الإخوة لأم، فالأخ لأم والأخت يرثان الثلث ويقتسمانه بالتساوي بينهما، وإن انفرد يرث السدس وكذلك الحال إذا انفردت الأخت لأم، ذلك لأن أيا منهما لا يتعرض لتحمل مسؤولية الإنفاق على أخيهما المتوفى عندما كان حيا. فهما مستويان في علاقتهما به من حيث الغرم والغنم. إذن فاقتضت عدالة التوزيع أن يكون نصيبهما متكافئين[49].

3-أب وبنت وزوج ففي هذه الحالة يرث الزوج الربع لوجود البنت، وترث البنت النصف أي ضعف ما يرثه أبوها، ويأخذ أب الميت السدس فرضا والباقي تعصيبا.

4-أم وأخت شقيقة وزوج وأخ لأب، فللأم السدس، وللأخت الشقيقة النصف وللزوج النصف والباقي للأخ لأب تعصيبا، وفي هذه الحالة لن يفضل له شيء لاستغراق الفروض للتركة.

5-أم وأب وزوج وبنت وابن ابن، فللأم السدس وللأب السدس وللزوج الربع وللبنت النصف والباقي لابن الابن تعصيبا وفي هذه الحالة لن يفضل له شيء لاستغراق الفروض للتركة.

من خلال هذه الأمثلة وغيرها كثير ندرك يقينا أن الذكورة والأنوثة من حيث ذاتهما لا مدخل لهما في فلسفة الإرث في الشريعة الإسلامية كما أن تطور وضع المرأة ومشاركتها في الحياة العامة لا دخل له في تحديد الأنصبة كما يدعي أنصار مظلومية المرأة والمتاجرين بقضيتها.

بل يمكن القول إن فلسفة الإرث في تحديد الأنصبة تقوم على ثلاثة أسس:

موقع الجيل الوارث، درجة القرابة بين الوارث والموروث، العبء المالي الواقع على الوارث[50].

الأساس الأول: موقع الجيل الوارث: فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها ــــ عادة ـــ مفروضة على غيرها وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ــــ وكلتاهما أنثى ــــ وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه ذلك في حالة وجود أخ لها[51]، ويرث الابن وابن الابن أكثر من الأب والجد نظرا لموقعهما.

الأساس الثاني: درجة القرابة بين الوارث والموروث: ذكرا كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين فترى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها (وهي أنثى) بينما يرث أبوها ربع التركة (وهو ذكر) وذلك لأن الابنة أقرب من الزوج فزاد الميراث لهذا السبب[52]، وهناك نكتة أخرى في هذه المسألة ˗والله أعلم˗ وهي أن هذه البنت قد تكون من رجل آخر غير الزوج، فترث في أمها نصيبا أكبر يضمن لها الحياة الكريمة إن أهمل زوج أمها رعايتها والنفقة عليها، خاصة عندما ينعدم الوفاء ويضعف الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والتربوية نحو الربائب[53].

و البنت أقرب من بنت الابن، لهذا ترث بنت الابن مع البنت السدس فقط تكملة الثلثين بدل مشاركتها في فرضها، وكذلك حال ابن الابن مع البنت فإنه لا يعصبها، بل ترث هي بالفرض النصف ويرث هو بالتعصيب ما يفضل عن أصحاب الفروض فإن لم يفضل له شيء فلا شيء له.

الأساس الثالث: العبء المالي: وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى، لكنه تفاوت لا يفضي إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح.

 ففي حالة إذا اتفق الورثة وتساوى الوارثون في العاملين الأولين)درجة القرابة، وموقع الجيل(˗مثل أولاد المتوفى، ذكورا وإناثا˗ يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث، ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات، والحكمة من هذا التفاوت، في هذه الحالة بالذات، هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى -هي زوجه- مع أولادهما، بينما الأنثى الوارثة -أخت الذكر – إعالتها مع أولادها، فريضة على الذكر المقترن بها[54].

وليس الأمر في هذا أمر محاباة لجنس على حساب جنس، إنما الأمر أمر توازن وعدل، بين أعباء الذكر وأعباء الأنثى في التكوين العائلي، وفي النظام الاجتماعي الإسلامي…وكل كلام في هذا التوزيع جهالة من ناحية وسوء أدب مع الله من ناحية أخرى، وزعزعة للنظام الاجتماعي والأسري لا تستقيم معها الحياة[55].

فالذكر كما نرى مطالب شرعا بجملة من التكاليف المالية الثقيلة المستمرة والمتجددة الثابتة والطارئة قبل الزواج وبعده منها الصداق ونفقة الزوجة من إطعام وكسوة وسكنى وبالمتعة بعد الطلاق… ونفقة الأولاد وعلاجهم ويستمر إنفاق الأب على ابنته إلى أن تتزوج فإذا تزوجت صارت نفقتها واجبة على زوجها، وكذلك نفقة الوالدين في حال فقرهما وعجزهما عن التكسب فهي واجبة على الأولاد، وتجب نفقة الوالدين على الولد ولو مع اختلاف الدين، بأن كان الولد مسلما والوالدان كافرين، أو العكس[56]، بالإضافة إلى النفقات الطارئة، فهو مخاطب بالأضحية والعقيقة وإكرام الضيف والجهاد بالنفس والمال والمساهمة في دية الخطأ التي تجب على العاقلة وغيرها من الالتزامات المالية.

ولم يكتف الإسلام بإعفاء المرأة من تلك التكاليف المالية وإلقائها على الرجل، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين اعتبر بعض تلك التكاليف من الواجبات الدينية غير القابلة للتنازل والإسقاط، فإذا تزوج رجل امرأة بشرط أن لا صداق لها أو لا نفقة أو لا سكنى لها ولا كسوة، أو شرط عليها الإنفاق على الزوج أو أبنائه، فسخ النكاح قبل الدخول وجوبا…وإذا دخل بها وفات فإن الشرط يبطل وتعطى صداق أمثالها، وتستحق كل حقوقها التي تنازلت عنها عند زواجها بمحض إرادتها[57]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ، ‌مَنِ ‌اشْتَرَطَ ‌شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ”[58].

والحكمة من إعفاء المرأة من هذه التكاليف الحرص على صحة المرأة وراحتها، وصونا لها عن الابتذال في طلب المال، وإشفاقا عليها من مشاكل تكسبه، والمرأة أعلم من غيرها بالثمن المطلوب منها كلما طرقت بابا من أبواب الشغل، أو وجدت نفسها في ورش من أوراش العمل، أو في مكتب من المكاتب تحت سلطة مشغل أو رئيس عديم الضمير والأخلاق[59]. يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: أعتقد أنه ليس من تكريم المرأة تكليفها بالارتزاق في أحوال مقلقة، ولا من تكريمها أن تجمع بين وظيفة ربة بيت، ووظيفة أخرى ترهق أعصابها وتستغرق انتباهها[60].

وبهذا يكون الإسلام قد وضع المرأة والرجل في موضعهما المناسب لفطرتهما وخلقتهما، واللائق بمهمة كل واحد منهما في الحياة، فهل هناك تكريم للمرأة أعظم وأوضح من تكريم الإسلام لها، وهل في هذا التفاوت-المحدود المضبوط- حط من كرامة المرأة وانتقاص من إنسانيتها؟

الأمر الرابع: نظام الإرث في الإسلام مزايا وحكم وأسرار.

ننتقل بعد هذا العرض الوجيز إلى بيان جانب من حكم وأسرار نظام الإرث في الإسلام، تعين على فهمه وإدراك أبعاده:

1-نظام الإرث في الإسلام نظام رباني، فالله سبحانه وتعالى هو الذي تولى تحديد الورثة ونصيب كل واحد وفق ميزان دقيق يراعي درجة القرابة وموقع الجيل الوارث والعبء المالي للوارث، فقدم الأب على الجد، وورث الزوج في زوجه لتوثيق الروابط بينهما.

2-نظام الإرث في الإسلام نظام يراعي طبيعة الفطرة الحية بصفة عامة، وفطرة الإنسان بصفة خاصة، فيقدم الذرية في الإرث على الأصول وعلى بقية القرابة. لأن الجيل الناشئ هو أداة الامتداد وحفظ النوع. فهو أولى بالرعاية-من وجهة نظر الفطرة الحية- ومع هذا لم يحرم الأصول، ولم يحرم باقي القرابات، بل جعل لكل نصيبه مع مراعاة منطق الفطرة الأصيل[61]. يقول الشيخ عبد الكريم زيدان:” وإقراره ‌نظام ‌الإرث؛ لأن الإنسان مفطور على حُبِّه لأبنائه، وقلقه عليهم إذا تركهم بدون مال، ومن ثَمَّ أقرَّ الإسلام ‌نظام ‌الإرث؛ لأنه ينسجم ويتفق مع هذه الفطرة. وقد أشار القرآن الكريم إلى نوازع فطرة الإنسان نحو أبنائه، وشفقته عليهم، واهتمامه بهم، وخوفه عليهم بعد موته”[62].

3-من مقاصد تفصيل أنصبة الورثة رفع النزاع المفضي إلى قطع الأرحام وإثارة الفتنة بين الأقارب الذين عاشوا في كنف واحد. قال عثمان بن المكي التوزري الزبيدي: وحكمة مشروعيتها – أي الفرائض-رفع التشاجر واتصال كل ذي حق بحقه الذي قدره الشارع له فلا يبقى في نفسه شيء يوجب النزاع[63].

3-أن الحق سبحانه وتعالى يعلم ما جبلت عليه طبيعة البشر، من الأثرة وحب المال، والخضوع لمؤثرات الهوى والغضب لم يدع أمر توزيع التركة إلى البشر، بل تولى تحديد المستحقين للميراث ونصيب كل منهم بما لا يبقى معه مجال للظلم وحظوظ النفس[64]. فقد يدفع الخصام أو الغضب أو الميل بالحب إلى أحد أفراد العائلة الموروث إلى التفكير في حرمان الوارث من الميراث أو تفضيل غيره عليه وكفى بذلك فتنة وقطيعة للرحم، لهذا يسأل كثير من الناس عن حكم حرمان الولد العاق من الإرث عقابا له على عقوقه، فيأتي جواب العلماء بعدم الجواز لأن موانع الإرث لا مدخل فيها للأهواء ولأن الله تعالى وهو الذي تولى قسمة المواريث بنفسه[65].

4-أن الإسلام سعيا منه إلى تعميق روح المحبة، وتوثيق أواصر القربى بين أفراد الأسرة، جعل الميراث لأحب الناس إلى الميت، وأمسهم به صلة، لذا كان الميراث محصورا في نطاق الأسرة من خلال القرابة والزوجية[66]، فلو خص فريقا معينا بالميراث دون غيره لتنافرت القلوب وتفككت الأسرة[67]. فنظام الإرث في الإسلام لا يمكن فصله عن منظومة القيم التربوية التي تنظم العلاقات بين أفراد الأسرة وتضمن استقرار الأسرة واستمرارها على وجه سليم، وخير مثال على ذلك إرث المطلقة طلاقا بائنا في مرض الموت، معاملة له بنقيض قصده، وهو الإضرار بالزوجة وحرمانها من حقها في الميراث، وهذا منافي لحسن العشرة الزوجية المبني على المودة الصادقة وسعي كل طرف لإسعاد الآخر وحسن صحبته. وهو ما أشرنا إليه في المقدمة السابعة. يقول محمد الحجوي الثعالبي: فمسألة الميراث من أهم المسائل عند سائر الملل، وبها تتكون العائلات وتتقرّب القرابة، وتتقرر الأرحام، وتعرف مراتب الأقارب ليكون بها الدفع والجلب والتعاون العائلي[68].

5-أن نظام النفقة إلى جانب نظام الميراث بين الأقارب يحقق قاعدة العدل والتوازن القائلة بأن “الغرم بالغنم”[69]، ففي حين يلزم القريب بالإنفاق على قريبه إذا كان معسرا، فإنه يستحق الميراث منه إذا كان موسرا[70].

6-كلما زاد العبء المالي للوارث زاد نصيبه من الميراث والعكس صحيح عملا بقاعدة الغرم بالغنم. فلا يميز جنسا على جنس إلا بقدر أعبائه في التكافل العائلي والاجتماعي[71]. ولكن هذا التمييز المالي -في الحالات الأربع- لا يعكس انتقاصا من حرية الأنثى وحقوقها. بل لا نغالي إذا قلنا إنه هنا يزيدها تكريما وامتيازا وتحريرا…فهو قد قرر لها الشخصية والذمة المالية المستقلة، فسبق بذلك حضارات الدنيا بأسرها، ثم تبنى حكم الفطرة عند ما ألزم كشرط من شروط القوامة بالتبعات المالية اللازمة للأسرة، ذكورا وإناثا، فكأنه ما زاد في نصيبه من الميراث إنما رصد لينفقه على الأنثى التي ألزمه الشرع بكل نفقاتها، أما نصيبها فإنه قد تقرر لها دون إلزام بالإنفاق منه في شركة الزوجية[72].

7-العلاقة بين حق المرأة في الميراث وحق النفقة علاقة موزونة، والميزان بينهما ميزان رباني دقيق، يقل نصيبها عن نصيب الرجل من الميراث إذا توافرت لها كفالة قوية، وترث مثله أو أكثر منه إذا قلت أوجه الكفالة[73].

8-وأما الحكمة في حياة الجماعة: فقد اتقى الإسلام بالتوريث ونظامه خطرين اجتماعيين عظيمين[74]:

أ-تكدس الأموال في يد واحدة، وهو من عناصر الطغيان المالي الذي يثير في الجماعة حرب الطبقات، فنظام الإرث في الإسلام يسعى إلى تفتيت الثروة وتوزيعها ومنع تكدسها على رأس كل جيل.

ب-حرمان جميع أفراد الأسرة من جهود الآباء والأبناء والأزواج والأقارب، الذين يرتبط بعضهم ببعض بصلات الدم والقرابة والتعاون، وبذلك تصرف التركة إلى هؤلاء المرتبطين المتعاونين، فلا تصرف إلى شخص معين، فيكون الطغيان المالي، ولا تصرف إلى الدولة، فيكون حرمان الجميع من جهود الآباء والأبناء والأزواج والأقارب، وهو معنى لا يقل أثره السيء في الجماعة إن لم يزد عن أثر الطغيان المالي فكلاهما شر في الجماعة، وكلاهما طغيان وحرمان، والحياة لا تصلح مع واحد منهما.

فهو-نظام الإرث- أداة متجددة الفاعلية في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة، ورده إلى الاعتدال، دون تدخل مباشر من السلطات…هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النفس البشرية بطبيعة ما ركب فيها من الحرص والشح[75].

الأمر الخامس: أخطاء وغفلة

من الأخطاء التي يرتكبها كثير من المسلمين في قضية التفاضل بين أولاد المتوفى في الميراث:

1-إساءة توظيفهم واستشهادهم بقوله تعالى “للذكر مثل حظ الأنثيين”، في قضايا ومواقف بعيدة كل البعد عن سياق الآية وموضوعها والغاية التي أنزلت من أجلها.

2-أن بعض الجهلة يستغل فضل الرجل على المرأة في الميراث[76] ليهينها ويزدري منزلتها، وكم أسيء إلى ديننا من أولئك الجاهلين[77].

3-يعمد بعض الناس إلى حرمان البنات من الإرث بطرق وحيل قانونية ما أنزل الله بها من سلطان، كما يقوم البعض الآخر بأخذ نصيب أخواته إما لصغرهن أو لحيائهن أو لعجزهن عن الدفاع عن حقهن، مما يدفع المتاجرين بقضية المرأة إلى اتهام الإسلام والاستدلال بفساد هؤلاء على فساد نظام الإرث. يقول محمد عقلة: إن إساءة استعمال الحق ليست دليلا على فساد النظام، بل على مرض القلوب، وانحراف الأفراد الذين يطبقونه، فالنقد ينبغي أن ينصب عليهم، والعلاج ينبغي أن يتوجه إليهم[78].

4-من الخطأ البين اختصار قضية المرأة كلها في قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين، بعيدا عن الأحكام الشرعية الأخرى في إطار منهج استيعاب الوحي لا تبعيضه.

ختاما يبقى السؤال المشروع والمحير، لماذا كل هذا الاهتمام والهوس والدفاع المستميت عن حق المرأة المسلمة في المساواة في الإرث مع أخيها، ودعوتها إلى التمرد على أحكام دينها القطعية؟ هل كل هذا التعاطف نابع من الإيمان “بقضيتها ومظلوميتها” في اعتقادهم؟ أم أن هناك أمرا آخر وغاية أخرى لا يملكون الجرأة للإفصاح عنها؟.

لماذا لا نسمع صياحهم وانتقادهم للوضع الذي تعيشه المرأة اليهودية في موضوع الإرث ونحن نعلم أن الأم اليهودية محرومة من الإرث في ولدها وابنتها بصفة دائمة وليست معدودة من الورثة أصلا… وأن الابن البكر يعطى ضعفي الابن الثاني والثالث…[79]، وأن الإناث لا يرثن إلا عند فقد الذكور…ومعنى ذلك أن البنات يحرمن من الميراث إذا كان للميت ابن، إلا ما كان يتبرع لها به أبوها في حياته، فإن لم يكن له ابن ورثت البنت بشرط ألا تزوج في غير سبطها، لئلا يخرج المال عن سبطها، وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر، يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج، وإذا كان الأب قد ترك عقارا فيعطيها العقار، أما إذا ترك مالا منقولا فلا شيء لها من النفقة والمهر، ولو ترك القناطير المقنطرة، وليس للزوجة ميراث من زوجها. وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها، لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها، أي تكون راعية له فقط وليست مالكة له[80].

رغم التفاوت الصارخ والضيم الجلي والجور البين لا نسمع أحدا يدافع عن النساء اليهوديات أو يهاجم نظامهن أو يدعو إلى المساواة بين ذكورهم وإناثهم في الإرث أو يثير قضيتهم… وفي هذا الإطار يتساءل العلامة محمد التاويل عن سر سكوتهم وصمتهم المريب بقوله:

1-ما السر وراء التعاطف مع المرأة المسلمة في المطالبة بالمساواة في الإرث وتحريضها على التمرد على دينها وشريعتها بكل الوسائل مع السكوت المطلق والصمت المريب عن قضية المرأة اليهودية ومعاناتها؟

2-هل لأن نظام الإرث اليهودي أعدل وأنصف للمرأة من نظام الإرث الإسلامي؟

3-أم أن المسؤولين في الدولة اليهودية يقفون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المس بمقدساتهم الدينية ولا يسمحون لأحد بانتقادها وإثارة الفتنة بين أهلها، والمسؤولين في الدول الإسلامية لا يحترمون مقدساتهم، ويغضون الطرف عن العابثين بها والطاعنين فيها باسم حرية الرأي؟

4-أم أن الهدف الأساسي من هذه الدعوة والضجة هو النيل من الإسلام وشريعته وإثارة الفتنة بين أفراد مجتمعاته؟

ثم يجيب في النهاية عن هذه الأسئلة وغيرها بقوله: وكيفما كان الجواب فإن المرأة المسلمة مدعوة إلى أن تبرهن على وعيها وعقلها ودينها وأن تفكر كثيرا في هذه المقارنة بين وضعها ووضع غيرها، من جهة، وبين هجوم أعداء الإسلام وخصومه على نظام الإرث الإسلامي رغم ما حققه من توازن للذكر والأنثى بين الحقوق والواجبات والغنم والغرم، والمداخل والمصارف حتى لا يصاب أحد منهما باختلال في ميزانيته، وبين سكوتهم ومسالمتهم لنظام آخر تتعرض فيه المرأة للحرمان التام من الإرث وإعطائه لأخرى أو لآخر في درجتها دون مبرر[81].

خاتمة

إن الدعوة إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في الإرث، دعوة منكرة مخالفة للنص الصحيح “للذكر مثل حظ الأنثيين”، والعقل الصريح ” التسوية بين المختلفات في الحقوق والواجبات ظلم”، والفطرة السليمة “الاستعداد الفطري لكل من الرجل والمرأة لتحمل التكاليف والأعباء”، والقصد السديد “تكريم المرأة وصونها عن الابتذال”.

إن التسوية المطلقة التي ينادي بها تجار وسماسرة “مظلومية المرأة” هي عين الظلم والجور الذي ترفضه الشريعة، لأنها تقتضي التسوية في الواجبات أيضا، في الصداق والنفقة والسكنى، وتكاليف علاج الأولاد ومتعة الطلاق والحضانة…وهذا يتطلب من المرأة بالضرورة البحث عن العمل بغض النظر عن طبيعته وبيئته وشروطه وإكراهاته… ودون النظر إلى حالها ومشاعرها واستعدادها النفسي، وحاجتها إلى الاستقرار وطبيعة وظيفتها ورسالتها في الحياة.

دعوة تدل على جهل أصحابها المركب بالوظائف المنوطة بكل جنس في الأسرة والمجتمع والحياة.

دعوة تستهدف القضاء على الخصوصية، ونقل الرجل والمرأة من التكامل المطلوب في الحياة، إلى التزاحم والنزاع المذموم حول الوظيفة والحقوق والواجبات.


المصادر والمراجع:

– إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلميةـ بيروت، ط1991

– الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، محمد الحجوي الثعالبي، دار الكتب العلمية -بيروت، ط1- 1995.

– الكشاف عن غوامض حقائق التنزيل، الإمام الزمخشري، دار الكتاب العربي بيروت، ط3-1407.

– المحصول للرازي، تحقيق طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، ط3ـ1997.

– ـتفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار المعرفة، ط1-2000.

– تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن السعدي، تحقيق عبد الرحمن بن المعلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، ط1، 2000.

– حضارة العرب، غوستاف لوبون، ترجمة عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للنشر والثقافة، ط 2012.

– شفاء العليل، ابن قيم الجوزية، تحقيق زاهر بن سالم الفقيه، دار ابن حزم، ط2ـ2019.

– لا ذكورية في الفقه، الشيخ محمد التاويل، منشورات البشير بن عطية، ط1ـ 2019.

ـ موسوعة بيان الإسلام، الرد على الافتراءات والشبهات، المجلد 11، ج 18، شبهات حول المرأة وحقوقها في الإسلام، دار النهضة مصر، ط1ـ 2011.

– نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، أحمد الريسوني، دار الأمان، ط3-2009.

– نفائس الأصول في شرح المحصول، الإمام القرافي، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، مكتبة نزار مصطفى، ط1ـ1995.

 -أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، ط9-2001.

-الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط 1984.

-الاختيار لتعليل المختار، مجد الدين أبو الفضل الحنفي، مطبعة الحلبي- القاهرة، ط1937.

-الأساس في التفسير، سعيد حوى رحمه الله، دار السلام، ط 2-1989.

-الإسلام عقيدة وشريعة، الإمام الأكبر محمد شلتوت، دار الشروق، ط6، 1972.

-البرهان في علوم القرآن، للإمام بدر الدين الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث القاهرة، ط1-1957.

-العزيز شرح الوجيز، أبو القاسم الرافعي القزويني، تحقيق علي محمد عوض وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان، ط1-1997.

-الفلسفة القرآنية، عباس محمود العقاد، دار العلم والمعرفة، ط2018.

-المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، محمد سعيد رمضان البوطي، دار الفكر المعاصر، بدون تاريخ.

-الهداية في شرح بداية المبتدي، برهان الدين المرغيناني، تحقيق طلال يوسف، دار إحياء التراث العربي بيروت-لبنان، بدون تاريخ.

-أنظر الفتاوى المعاصرة، للدكتور يوسف القرضاوي، دار القلم، ط5-2005.

-تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، فخر الدين الزيلعي الحنفي، المطبعة الكبرى الأميرية- بولاق القاهرة، ط 1- 1313.

ـتحفة الأحوذي، الإمام المباركفوري، دار الكتب العلمية بيروت، بدون تاريخ.

-تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار طيبة للنشر، ط2-1999.

-توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام، عثمان بن المكي التوزري الزبيدي، المطبعة التونسية، ط1-1339

-ـسنن الترمذي، الإمام أبو عيسى الترمذي، تحقيق بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي-بيروت، ط1998.

-صحيح البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وبهامشه حاشية السهارنفوري وحاشية السندي، مكتبة البشرى كراتشي-باكستان، ط2016.

-في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، ط 17-1992.

-مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، ط 4-2005.

-مجلة الأحكام العدلية، لجنة من العلماء والفقهاء في الخلافة العثمانية، المطبعة الأدبية- بيروت، ط1302.

-مدونة الفقه المالكي، الصادق الغرياني، ط3- 2005.

-مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، دار الفكر بيروت لبنان.

-موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، للشيخ عطية صقر، دار الكتب المصرية، ط1-2011.

-موسوعة أسماء الله الحسنى، محمد راتب النابلسي، مؤسسة الفرسان، ط1ـ2014.

-نظام الأسرة في الإسلام، محمد عقله، مطبعة الشرق، ط1-1983.

[1] ـسورة النساء الآية11

[2] -من أراد التعرف أكثر على مكانة المرأة وقيمتها في الشريعة الإسلامية، عليه بكتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة، لعبد الحليم أبي شقة.

[3] ـبناء على الحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، أما الذين يطعنون في الإسلام جملة وتفصيلا وينكرون أنه دين سماوي، فهؤلاء ينبغي أن يبدأ النقاش معهم من القمة والأصل، لا من الفروع والجزئيات، بناء على الحكمة  المعروفة” اثبت العرش ثم انقش عليه”.

[4] – ـإعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية(ت 751هـ)، تحقيق عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلميةـ بيروت، ط1991، ج2، ص199.

[5] ـسورة الأنبياء الآية 23.

[6]ـالأساس في التفسير، سعيد حوى (ت 1409هـ)، دار السلام، ط 2، ج 7، 3442.

[7] ـنظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي، أحمد الريسوني، دار الأمان، ط3ـ2009، ص227.

[8] ـسورة المدثر الآية 31.

[9] ـتفسير القرآن العظيم، ابن كثير(ت 774هـ)، دار المعرفة، ط1-2000، ج3، ص 1212.

[10]ـالأساس في التفسير، م س، ج7، ص3443.

[11] ـإعلام الموقعين عن رب العالمين، م س، ج3،ص11.

[12] ـشفاء العليل، ابن قيم الجوزية، تحقيق زاهر بن سالم الفقيه، دار ابن حزم، ط2ـ2019، ج2، ص115.

[13] ـالمحصول للرازي(ت 606هـ)، تحقيق طه جابر فياض العلواني، مؤسسة الرسالة، ط3ـ1997، ج1، ص137.

[14] ـنفائس الأصول في شرح المحصول، الإمام القرافي(ت 684هـ)، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، مكتبة نزار مصطفى، ط1ـ1995، ج1، ص346.

[15] ـسورة النساء الآية 11.

[16] ـسورة النساء الآية 12.

[17] ـ سورة النساء الآية 176.

[18] – يقصد التكرار المحمود المفيد الذي يعد من محاسن أساليب الفصاحة والبلاغة، للتوسع أكثر راجع:

-البرهان في علوم القرآن، للإمام بدر الدين الزركشي( ت793هـ)،  تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث القاهرة ج 3، من ص8 إلى ص33.

-الإتقان في علوم القرآن، جلال الدين السيوطي (ت911ه)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1974، ج3، من ص224 إلى ص 232.

-مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني ( ت1368هـ)،  دار الفكر بيروت لبنان، ط 1988، ج2، 362.

[19] ـلا ذكورية في الفقه، الشيخ محمد التاويل(ت1436هـ)، منشورات البشير بن عطية، ط1ـ 2019،ص 90

[20] -تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشيخ عبد الرحمن السعدي(ت 1376هـ)، تحقيق عبد الرحمن بن المعلا اللويحق، مؤسسة الرسالة، ط1-2000، ص166.

[21] -سورة النساء، الآية 11.

[22] ـسورة الأحزاب الآية36.

[23] ـتفسير القرآن العظيم، ابن كثير، دار طيبة للنشر، ط2-1999، ج6، ص 423.

[24] -سورة النور، الآية 51.

[25] ـ سورة الحديد الآية 7.

[26] ـالكشاف عن غوامض حقائق التنزيل، الإمام الزمخشري(ت 538هـ)، دار الكتاب العربي بيروت، ط3-1407، ج4، ص473.

[27] -في ظلال القرآن، سيد قطب(ت 1966م)، دار الشروق، ط 17-1992، المجلد 1- ج 4، ص593.

[28] ـ لا ذكورية في الفقه، م س، ص90ـ 91.

[29] ـ سورة النور الآية33.

[30] ـ سورة آل عمران الآية 180

[31] ـ سورة الفجر الآيتان 19ـ20

[32] ـسنن الترمذي، كتاب الزهد عن النبي صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، حديث رقم2337. قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

[33] ـتحفة الأحوذي، الإمام المباركفوري(ت 1353هـ)، دار الكتب العلمية  بيروت، ج6، ص519.

[34] ـسورة النساء الآيتان 13ـ14.

[35] – هل الإسلام هو الحل؟ لماذا وكيف؟ الدكتور محمد عمارة (ت 2020م)،  دار الشروق، ط2- 1998، ص 142.

[36] -الفلسفة القرآنية، عباس محمود العقاد (ت 1964م)، دار العلم والمعرفة، ط 2018، 72، 73.

[37] ـللتوسع أكثر في هذه الآلية، راجع كتاب سلطة الثقافة الغالبة، لإبراهيم السكران.

[38] ـموسوعة أسماء الله الحسنى، محمد راتب النابلسي، مؤسسة الفرسان، ط1ـ2014، ج1، ص14

[39] ـسورة يس الآية79.

[40] ـ سورة الأعراف، الآية 88.

[41] ـسورة التين الآية 8.

[42] ـسورة النساء الآية 11.

[43] ـسورة النساء الآية 176.

[44] ـ موسوعة بيان الإسلام، الرد على الافتراءات والشبهات، المجلد 11، ج 18، شبهات حول المرأة وحقوقها في الإسلام، دار النهضة مصر، ط1ـ 2011ـص 230 وما بعدها. / رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، عواطف عبد الماجد إبراهيم، مركز دراسات المرأة -بدون تاريخ – ص 69.

[45] -ميراث المرأة وقضية المساواة، الدكتور صلاح الدين سلطان، نهضة مصر، ط1-1999، ص46.

[46] -حضارة العرب، غوستاف لوبون(ت 1931م)، ترجمة عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للنشر والثقافة، ط 2012، ص 402.

[47] ـالمرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، محمد سعيد رمضان البوطي(ت 2013م)، دار الفكر المعاصر، ص 106ـ 107

[48] – المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، م س، ص 109.

[49] – المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني، م س، ص 109.

[50] ـ البيان لما يشغل الأذهان، الدكتور علي جمعة، المقطم للنشر والتوزيع – القاهرة، ط2005، ص35.

[51] -البيان لما يشغل الأذهان، م س، ص 35.

[52] ـ البيان لما يشغل الأذهان، م س، ص34-35.

[53] -الربيب والربيبة والجمع ربائب وهم أولاد امرأة الرجل من غيره.

[54] ـ البيان لما يشغل الأذهان، م س، ص 35.

[55] -في ظلال القرآن، م س، المجلد 1، ج 4 ص 591.

[56] -مدونة الفقه المالكي، الصادق الغرياني، ط3- 2005، ج3، ص132.

[57] -لا ذكورية في الفقه، م س، ص 92-93.

[58] -صحيح البخاري، الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ( ت256ه)، كتاب البيوع، باب الشرى والبيع مع النساء، رقم الحديث 2155.

[59] ـلا ذكورية في الفقه، م  س، ص94.

[60] -مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي(ت 1416هـ)، نهضة مصر، ط 4-2005، ص389.

[61] -في ظلال القرآن، م س، المجلد 1، ج4، ص597.

[62] -أصول الدعوة، عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة، ط9-1421، ص243.

[63] -توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام، عثمان بن المكي التوزري الزبيدي(ت 1338هـ)، المطبعة التونسية، ط1-1339، ج4، ص151.

[64] -نظام الأسرة في الإسلام، محمد عقله، مطبعة الشرق، ط1-1983، ج2-3، ص310.

[65] -أنظر الفتاوى المعاصرة، للدكتور يوسف القرضاوي(ت 2033م)، دار القلم، ط5-2005، ج2، ص390/موسوعة أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام، للشيخ عطية صقر(ت 2006م)، دار الكتب المصرية، ط1-2011، ج5، ص 316.

[66] – نظام الأسرة في الإسلام، م س، ج2-3، ص310.

[67] -الإسلام عقيدة وشريعة، الإمام الأكبر محمد شلتوت(ت 1963م)، دار الشروق، ص266.

[68] -الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، محمد الحجوي الثعالبي(ت1376م)، دار الكتب العلمية -بيروت، ط1- 1995، ج1، ص184.

[69] -وردت هذه القاعدة بهذه الصيغة في:

-الهداية في شرح بداية المبتدي، برهان الدين المرغيناني (ت 593هـ)، تحقيق طلال يوسف، دار إحياء التراث العربي بيروت-لبنان،  ج2، ص293.

-العزيز شرح الوجيز، أبو القاسم الرافعي القزويني (ت 623هـ)، تحقيق علي محمد عوض وعادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية بيروت- لبنان، ط1-1997، ج6-ص 407.

-الاختيار لتعليل المختار، مجد الدين أبو الفضل الحنفي (ت 683هـ)، مطبعة الحلبي- القاهرة، ط 1937، ج3- ص30.

-تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، فخر الدين الزيلعي الحنفي (ت 743هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية- بولاق القاهرة، ط1-1313، ج3- ص287.

-مجلة الأحكام العدلية، لجنة من العلماء والفقهاء في الخلافة العثمانية، المطبعة الأدبية- بيروت، 1302هـ ص32، المادة 87.

[70] – نظام الأسرة في الإسلام، م س، ج2-3، ص311.

[71] -في ظلال القرآن، م س، المجلد 1، ج 4، ص597.

[72] -هل الإسلام هو الحل؟ لماذا وكيف؟ الدكتور محمد عمارة،  دار الشروق، ط2- 1998، ص 153 -154.

[73] – موسوعة بيان الإسلام، م س، المجلد 11، ج 18، ص 253.

[74] – الإسلام عقيدة وشريعة، الإمام الأكبر محمد شلتوت، دار الشروق، ص266

[75] -في ظلال القرآن، المجلد 1، ج4، ص597.

[76] -أشرنا سابقا إلى اعتبارات التفاضل كما أشرنا  إلى أن التفاضل ليس قاعدة مطردة بل هو خاص بأربع حالات.

[77] – مائة سؤال عن الإسلام، محمد الغزالي، نهضة مصر، ط 4-2005، ص389.

[78] – نظام الأسرة في الإسلام، م س، ج2-3، ص146.

[79] -لا ذكورية في الفقه، م س، ص95.

[80] -إنسانية المرأة بين الإسلام والأديان الأخرى، علاء أبو بكر، منقول بالواسطة من موسوعة بيان الإسلام، م س، المجلد 11، ج 18، ص250.

[81] -لا ذكورية في الفقه، م س، ص 95 وما بعدها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.