منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

مؤسسات ثلاث  مؤثرة في الطفل..

عبد الفتاح حاجي

0

“…وان من يضيق بفترة الطفولة لا يدرك أن النوع البشري كان حريا أن يهلك لو لم يبدأ الانسان طفلا …فنحن نولد ضعافا, في حاجة إلى القوة ونولد مجردين من كل شيء, في حاجة الى العون .ونولد حمقى, في حاجة الى التمييز .وكل ما يعوزنا حين مولدنا ونفتقر اليه في كبرنا ,تأتينا اياه التربية”.[1]

نعلم جميعا ان مرحلة الطفولة تتميز بحيز كبير للأخذ وبناء الشخصية من جميع جوانبها وأنها مرحلة مهمة وحساسة تنبع نتائجها في مراحل متقدمة، فالطفولة مشروع مجتمع ناشئ قلب نابض في حاضره ووسطه الأسري ومستقبل الوطن المشرق.

فإن الصبي مهما أُهْمِل في ابتداء نشوئه خرج في الأغلب رديء الأخلاق كذابا حسودا سَروقا نماما لَحوحا ذا فضول وضحك وكِيادٍ ومَجانةٍ. ‘وتعتبر ‘ذكريات الطفولة مؤسسات للشخصية وذا اثر دائم في تصرفات وحياة الانسان…

لهذا هناك مجموعة مؤسسات مؤطرة للطفل ومرافقة له في مرحلته الطفولية ترتكز على مقومات وأهداف تربوية بنائية ترفض السلوك السلبي وتصححه وتقومه وتنوه بالسلوك الايجابي وتطوره .. مؤسسات مجتمعية لها فضاء محتضن وفاعلين مؤهلين وبرامج وأهداف مسطرة مؤثرة في شخصية الطفل تتكامل أدوارها وتتداخل تربيتا وتدريبا وتعليما.

الأسرة

يقول الأحنف بن قيس:

” أولادنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصُول عند كل جليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك وُدهم، ويحبّوك جهدهم، ولا تكن عليهم قُفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قُربك ويملّوا حياتك “

كلام جامع شامل سلوكا وعقلية في التعامل مع الأبناء، حيت ينبغي أن تكون نظرتنا لهم نظرة إيجابية مشجعة، و أن نغمرهم بحبنا وعطفنا وحنانا، بدلا من الصراخ في وجوههم، وإعلان الثورة عليهم لأتفه الأسباب، وهذا حتى لا يكتسبوا منا سلوكا غير مرغوب فيه يأثر فيهم مدى الحياة.

تختلف التعاريف في مفهوم الأسرة ويتفق الجميع على أهميتها ومركزيتها وتأثيرها.

الاسرة هي الخلية الأساس ضمن المجتمع, حجر الزاوية, والمركز, والمحتضن الأول الذي يفتح فيه وعليه المولود-الطفل عينيه ويترعرع فيه يوفر له كل الاحتياجات والحاجيات الضرورية المادية والمعنوية والعاطفية, ينعكس عالمها وأجوائها على شخصيته وتصرفاته مدى الحياة,,,

روى الشيخان وغيرهما واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه أو ينصراه أو يمجسانه. كما تُنتَجُ البهيمة بهيمة جمعاءَ. هل تُحِسُّونَ فيها من جدعاء!” الحديث.

الأم والأب هما محركا مؤسسة الأسرة ومركزا دائرتها كيف لا والأبوان يؤثران على دين الانسان وتوجهه يمجسان أو ينصران او يهودان، فكيف لا يكونان ضمن أسرة تأثر في تنشأة جيل متميز وصناعة المستقبل الأفضل لهذه الأمة.

ثبت علميا أن الطفل يتأثر بما يحيط به تأثرا كبيرا ويترسخ فيه بقية حياته وعمره اثرا على الجانب الصحي والنفسي، وكما هو معروف لدى علماء التربية أن الطفل يولد معتمدا على أسرته في اكتساب سلوكياته، وتنمية شخصيته؛ لأن الأسرة هي المحضن التربوي الأول الذي يرعى البذرة الإنسانية منذ ولادتها ، ومنها يكتسب الكثير من الخبرات والمعلومات ، والمهارات ، والسلوكيات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي -إيجابا وسلبا – وهي التي تشكل شخصيته بعد ذلك وتبنيها

تبدأ هذه المؤسسة بالزواج وانجاب الأطفال أو تبنيهم وفيها يهتم الأبوان برعاية الأطفال وتوفير حاجياتهم فنحن امام عظم مسؤلية الانسان عن ذريته تصلح اذا عمل على اصلاحها وتفسد اذا لم يحسن تنشئتها, الأسرة القوية تعتبر عماد المجتمع القوي والأم المربية المصلحة عماد الأسرة الصالحة.

وتبقى الأسرة دائمةَ التأثير والبناء وما يأتي بعدها من مؤسسات أخرى مؤثرة فهي تكمل عمل الأسرة ويرتكز عملها في بناء وتعليم الطفل على دعم الاسرة واستقرارها الجيد والدليل على ذلك ان اي خلل في هذه المؤسة الام ينعكس سلبا على مؤسسة المدرسة والمسجد

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا                  عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

وَما دانَ الفَتى بِحِجىً وَلَكِن                     يُــــــــــعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ

الشاعر أبو العلاء المعري

لكن من أكبر التحديات التي تواجه الفرد والأسرة هي تنشئة الأبناء تنشئة صحيحة تليق بالمقام. ومن أهم الأسئلة التي تُطرح بهذا الصدد: كيف نُعِدُّ أبناءنا إعدادا وسطيا، متوازنا وشاملا يرضي الله تعالى ؟ وما هي المبادئ التي تلخص الطريقة المثلى في تربية “عماد ظهورنا”؟

ونترك هذا ان شاء الله تعالى في موضوع تفصيلي يتناول اراء اهل التخصص والميدان والتجربة من نواحي عدة ان شاء الله تعالى

المدرسة

بعد فترة الحضانة والرعاية لفترة معينة تدخل الى عالم الطفل مؤسسة مؤثرة مؤطرة لا تقل أهمية عن الأولى-الاسرة-  الا وهي المدرسة…

تعتبر المدرسة عبارة عن مؤسسة اجتماعية بمعنى اخر عبارة عن مجتمع مصغر يعيش به الطفل ويكتسب ويعطي فيه .

هذه المؤسسة لها التأثير الكبير على الطفل ومهمتها الأساسية التعليم والتربية على اساس يهيئ الطفل ويجعله قادرا على ان يندمج بشكل صحيح ويكون فاعلا بشكل إيجابي، والاكثر من هذا ان يكتسب المناعة الأخلاقية ويلقن قواعد التعلم الذاتي والحصانة ضد ما يفسد ما اكتسبه ,,,ولا يمكن ان تحقق مؤسسة المدرسة هذه الأهداف الا اذا كانت هي في حد ذاتها تتوفر على نظام وجو واطر منسجمة تصنع ونوفر بيئة مناسبة ينمو فيها عقل وجسم الطفل وخلق توازن بين الأمرين.

تستمر مهمة المدرس علئ مدى ثلاث مراحل :المرحلة الابتدائية ست سنوات ,والاعدادية ثلاث سنوات , والثانوية ثلاث سنوات , أي ما مجموعه اثنى عشر سنة بمعنى ان المدة مدة مهمة وكافية للثأثير بشكل كبير وخاصة في فترة عمرية حساسة جدا وتربتها خصبة ينمو فيها كل زرع سواء فاسد او صالح ويفسد الزرع الصالح اذا لم نحسن رعايته وسقايته…

وتظهر اهمية المدرسة كونها تعتبر امتدادا لما بداته الأسرة في التربية والتنشئة بحيث تعتبر البيئة الثانية التي يتواصل فيها نمو الطفل واعداده ودمجه في اطار الحياة الاجتماعية ’ هذا يستلزم أن تكون ” المدرسة مؤسسة تربوية مكونة ومؤهلة وحاضنة مبنية على قواعد وأسس اجتماعية وثقافية وإنسانية صحيحة وأصيلة، تربط بين كافة الفاعلين وتوحد رؤاهم وتصوراتهم واستراتيجيتهم لخدمة التلميذ وبناء المجتمع…” الأستاذ احمد اسرار(مقال)

المسجد

للمسجد مكانة ودور محوري في حياة الانسان واثر تربوي وتعليمي كبير جدا، فقبل ان نتحدث في زمن من الأزمان عن مدرسة اليوم التي تقوم بدور التربية والتعليم لم تكن هناك مؤسسة تقوم بهذا الدور من غير المسجد.

ومن منا من ليس في ذاكرته أثر طيب وذكريات جميلة عن ذهابه للمسجد اما للكتاب للحفظ والتعليم او رفقة احد الأقارب والوالدين للصلاة وخاصة اهل البادية الذين يعتبرون المسجد اول مؤسسة للتربية والتعليم بالنسبة للطفل ففيها يتعلم الادب والأخلاق ويختلط بالناس ليتشرب معاني التعايش وحسن المعاملة ويتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن الكريم ويحسن ترتيله.

وهذا ان دل انما يدل على الأثر الكبير والوقع القوي للمسجد في تربية الأطفال وتعليمهم وتكوينهم:

ففي المسجد يتعلم الطفل مبادئ النظام من خلال الإتحاف في وقت معين ومن خلال الصلوات الخمس والتراص في الصفوف.

كما ان اول ما يدخل الى جوف الطفل مند نعومة اظافره الكلمات القرآنية النيرة ليس لمعناها فقط ولكن لنورانيتها فتطلق لسانه وتنير قلبه وتهدب اخلاقه وترسم ابتسامة الأدب والاحترام والبشاشة على وجهه.

المسجد علاج نفسي وتحصين خلقي ورفع للإيمان وتثبيت للعقيدة خاصة في مرحلة المراهقة

وبهذا يكون المسجد وأثره على الطفل أثر كبير جدا يجعله يكتسب العلم والتربية ويكون قادرا على مواجهة المشكلات الشخصية والاجتماعية ويساهم في بناء شخصيته المتوازنة القوية.

ورسالتي الى الإباء ان أنشئوا اولادكم في رياض القرآن ورحاب المسجد الى جانب دور الاسرة المركزي والمدرسة فان زلت بهم الأقدام يوما او تاهوا او مالو عن الطريق الصحيح ساعة فإن النور الذي بداخلهم والخير الذي سرى في دمائهم سيكون سببا في ردهم بحول الله.


[1] جون جاك روسو ’’’

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.