منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

الوباء القديم

د.عبد المالك بومنجل

0

 

نشر هذا المقال بمجلة منار الهدى العدد التاسع عشر

يسيرٌ ما فعلتِ بنا ‘كُرونا’
وإنْ ظنَّ الغُلاةُ بكِ الظنونا
فإنّا قبلُ قد ذُقنا طويلا
من الأدواءِ والبلوى فُنونا
لقد حلَّ الوباءُ بنا قديما
وأنشبَ في مرابعنا قُرونا
وقد أهوى بنا الفيروس أرضا
وأقعدنا، فنحن المُقعَدونا
نزلنا من رُبى شرفٍ تولّى
إلى دَرَكٍ نؤلِّفُهُ مُتونا

تنزيل نسخة معدلة ذات جودة عالية لمجلة منار الهدى العدد التاسع عشر

وننشُرُه قصائدَ خالداتٍ
مُعنْتَرةً ومُشْبَعةً دُهونا!
فالاستبدادُ يُشبعُنا هواناً
فنألَفُهُ ونُشبِعُهُ سُكونا
وروحُ الذلِّ تصنعُنا صخورا
يشيدُ بها العُتاةُ لهمْ حُصونا
وخلفَ الجهلِ نقبعُ لا نُبالي
بما صنعَ الأراذلُ يمكُرونا
يبيعونَ البلادَ بِشسْعِ نَعْلٍ
إلى الغازي، ويُهدون الغُصونا
إلى الحامي مناصبَهمْ عسى أنْ
يدومُ لركْبِهم ما يركبونا
فهم أبدا، ولا شَرفٌ لديهم
يبيعون الذِّمامَ ويشترونا
إذا هبّت رياحُ العزمِ ناموا
وغاصوا في الرداءة يشخرونا
وإن مَطرتْ حقول النفط قاموا
إلى الخيراتِ، قاموا يَنهبونا
ونحنُ على المسافة محْضُ وَهمٍ
نُصفِّقُ للذين ولِلَّذونا
ولا ندري بأنَّ القومَ باعوا
جزائرَنا، لمن ملأَ البطونا
وأنَّ القومَ قد شبعوا ثراءً
ومن خبزِ الرداءةِ أشبَعونا
ألم ترهُمْ قُبيلَ الفجرِ دسّوا
مخالبَهم وراحوا يفتكونا
بضوء الفجرِ لاحَ ولم يُعطِّرْ
من الأرضِ الجذورَ ولا الغصونا
سَطَوا بدم الغزاةِ على زِمامٍ
سقاهُ الطهرَ قومٌ مُكرَمونا
ومدّوا ليلَهم في كل شبرٍ
فما تركوا القلاعَ ولا الحصونا
وعاثوا بعدُ في دمنا فسادا
شربنا مُرَّهُ دنيا ودينا
نطوفُ على الموائد كاليتامى
ونحنُ الأغنياءُ بما هُدينا
فنأكلُ من ضلالِ الشرقِ حينا
ونشربُ من ظلامِ الغربِ حينا
وفي كلٍّ يُحرِّكنا الندامى
إلى الحَلَكِ البهيم ليُغرِقونا
غرِقنا في المهازلٍ والمآسي
ونادمْنا التخلَّفَ مُكرَهينا
ولمّا أنْ صحا شعبي قليلا
وأوشكَ أن يُعِزَّ لهُ جبينا
سطا رَتْلُ الغزاةِ على صباحٍ
تراءى للسُّراةِ المُدلِجينا
فدمّرَ حُلمَ أرواحٍ تسامتْ
إلى العلياءِ، بل فاضتْ حنينا
وهاجَ بنا إلى حربٍ ضَروسٍ
غرِقنا في الدماءِ بها سنينا:
يُقتِّلُ بعضُنا منهمْ بَنِينا
بلا حرجٍ، ويقتُلُنا بَنونا !
فنخسرُ كُلُّنا، ونظلُّ أسرى
نصفِّقُ للغزاةِ الرابحينا !
لقد، والله، أشبعَنا وباءً
وُلاةٌ فاسدونَ ومُفسدونا
رمَونا في لظى لَهَبٍ غَشومٍ
وغاصوا في المَراتِعِ ينهبونا
ولمّا صاحَ صائحُنا: كفاكم !
هرِمنا، فارحلوا عنّا، دَعونا !
أرَوْنا في النهارِ سَرابَ فَجْرٍ
وظلوا في الليالي يمكرونا
وها إنّا على قدَرٍ نُوالي
كُرونَتَهمْ بما فعلتْ ‘كُرونا’

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.