منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

زكاة الفطر بين القوت والنقود

الدكتور محمد جعواني

0

زكاة الفطر بين القوت والنقود

الدكتور محمد جعواني

من الضوابط المنهجية لفهم النص الشرعي: ضابط التمييز بين المقصد الثابت والوسيلة المتغيرة في النص.
وقد وردت نصوص في زكاة الفطر، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما “فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين”[رواه البخاري].
فالمقصد الثابت من النص: أداء الزكاة تعبدا لله وإغناء للفقير يوم العيد.
والوسيلة المتغيرة: كل ما يتحقق به الإغناء، (يتغير حسب الزمان والمكان، ومنها النقود في زماننا).
قال المعترض:
ألم تكن النقود موجودة؟ فلم عدل عنها الشارع إلى الطعام.
أأنتم أعلم بمصلحة الفقير من النبي صلى الله عليه وسلم وبما يحقق منفعته؟
قلت:
خلط وتخليط، ومقدمة خاطئة تفضي إلى استنتاج مشوه.
بلى ورب الكعبة، من خطر بباله أنه أرعى لمصالح الناس في الدارين من الشارع الحكيم فقد زل زلة عظيمة وسقط على أم رأسه.
فعين المصلحة للمزكي والفقير في زمن النبوة كانت في إخراج ما نص عليه الحديث من مطعومات، لأنها كانت متوفرة في البيوت، متيسرة الإخراج، مغنية عن السؤال يوم الفرح والسرور.
أما النقود -أيه المعترض- فلم تكن رائجة عند الجميع، ولم تكن الوسيلة الرئيسة للتبادل في الأسواق وقضاء الحاجات، ولذلك عدل عنها الشارع لوجود غيرها، ولو كلف الناس بها لكلفهم بما يحرجهم، و”الحرج مرفوع” في شريعة رب العالمين.
ولما تغير الوضع فحلت “النقود” محل “المطعوم” وظيفة ومقصدا، تعين القول بتغيير “الوسيلة”، ويصبح ذلك من صميم اتباع “السنة”.
وقد وجدناك – أيه المعترض- تتوسع في “الوسيلة” وتفتي الناس بجواز إخراج ” غالب قوت أهل البلد” ولو لم يكن منصوصا عليه في الحديث الشريف، وهذا اجتهاد منك وجيه، وهو ملزم لك بالقول بجواز “النقود”، وإلا لارتد عليك اضطرابا وخلطا في المنهج والرؤية.
فانتبه لذلك، هدانا الله وإياك لحسن الفهم عن الشارع وسداد تنزيل شرعه الحكيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.