قصيدة جديدة للشاعر عبد الملك بومنجل في صلته بالفيلسوف طه عبد الرحمن
قصيدة جديدة للشاعر عبد الملك بومنجل في صلته بالفيلسوف طه عبد الرحمن
قصيدة جديدة للشاعر عبد الملك بومنجل
في صلته بالفيلسوف طه عبد الرحمن
بيني وبينك طهَ الحبُّ والأملُ
وقد تقطَّعَ حبلُ الوصلِ، ما العملُ؟
بيني وبينكَ نبعٌ دافقٌ أبداً
والروحُ والنورُ والأشواقُ والأزلُ
والدربُ أَقْمَرَ في ليلٍ يواعِدُنا
فجراً نشُقُّ إليهِ الدربَ، نرتحِلُ
والفكرُ يبزُغُ في أرواحِنا مَدَداً
يزكو بهِ البحرُ أو يعلو بهِ الجبلُ
ذُقنا معاً خَطَراتِ الوجْدِ صاهلةً
تشذو بها الروحُ أو تندى بها المُقَلُ
وحرَّكتْنا إلى العلياءِ رفرفةٌ
أوحى بها عبَقُ القرآن نَنتهِلُ
نظلُّ نحفرُ أنفاقا إلى أفُقٍ
تخضرُّ فيه حقولُ الفجرِ والسُّبُلُ
ونَدفعُ الليلَ عن دربٍ نَحلُّ بهِ
حتى كأنّا على دربِ الدجى شُعَلُ
لا أنسبُ الفضلَ إلا للسنا عبَقَتْ
بهِ الشموسُ التي باحت بها الرُّسُلُ
ولا أضاهي بِنورٍ شعَّ مُرتجِفاً
نورا تلألأَ في عينيكَ يا بطلُ
إنّا معا، صَولجانُ الحق في يدِنا
نرمي بهِ من غزا أفكارَهُ الدَّجَلُ
وللبيانِ على أعطافِ أحْرُفِنا
طعمٌ يسيلُ على أطرافِهِ العَسَلُ
مِن شهقةِ الأرضِ جئنا حينما انبجستْ
منها الجداولُ بالأشواقِ تبتهِلُ
وانداحَ فينا على مَرِّ الزمانِ دمٌ
مِن الأُلى عانقوا العرفانَ واتَّصَلوا
جالَ الغزاليُّ في أطوائنا زَمَناً
وامتدَّ فينا ابنُ خلدونٍ ومَن نَهَلوا
مِن مَنبعِ النورِ أنفاساً وأخيِلَةً
تُعانِقُ الخُلْدَ مِعراجاً وتَرتَحِلُ
فينا من الشِّعرِ أحلامٌ تَفيضٌ هوىً
حتى إذا هَبَّتِ الأفكارُ نَشتعِلُ
لكَ الميادينُ فاضتْ منكَ فلسفةً
يرقى بها الفكرُ والعرفانُ والعَمَلُ
ولي الجداولُ إن سالتْ على مَهَلٍ
فبالفيوضِ التي غادَيتَ تَتَّصِلُ
هِمْنا بِحُريَّةِ الومضِ الأبيِّ بِلا
قيدٍ سوى الوحيِ في أمدائِهِ الأزَلُ
ولم نَزَلْ نرفُضُ القيدَ الذي ركضَتْ
فيه العقولُ غذا أوهامَها الكسَلُ
لمّا التقَيْنا رأيتُ البِشْرَ طافِحةً
بهِ التقاسيمُ والأعطافُ والمُقَلُ
فرفرفَ الحُبُّ في قلبي وسالَ هوىً
وقالت الروحُ: ما أبهاكَ يا رجُلُ!
كانت لنا في أغاديرِ الجَمالِ رُؤىً
وكان بحرٌ من الأفكارِ يَعتمِلُ
وحلَّقَ القلبُ في مُرَّاكِشٍ طرَباً
وخِلْتُ أنّي إلى الجوزاءِ أنتقِلُ
لما سمعتُ لطهَ شَدْوَ فلسفةٍ
تلألأَ النورُ فيها وانتشى الغزَلُ
وحينَ أقبلتُ أشدو والورى شُنُفٌ
أسماعُهُمْ، رقرقاتِ الشعرِ تحتفِلُ
وفي الجديدةِ قامَ البحرُ لي فَرِحاً
كأنما أنا طهَ البحرُ والجبلُ
كم سُرَّ بي، وأنا روحٌ بلا جسدٍ
وكم سُرِرْتُ، وساحَ البِشْرُ والجَذَلُ
حدَّثتَني عن شُجونٍ لا يُباحُ بها
إلا لِخِلٍّ، وفي أطوائكَ الأملُ
في نهضةٍ يركبُ الإنسانُ صهوتَها
إلى المعالي، وفي جُرحٍ سيندمِلُ
اليومَ تَجمحُ أشواقي وقد جمحتْ
بالحاكمينَ تِراتٌ كُلُّها خَبَلُ
أهفو إلى الوصلِ والأسلاكُ مانِعةٌ
من الوِصالِ الذي أرجو، فما العملُ؟