منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

“مبدعون حقيقيون”حوار مع الشاعر المغربي الأديب محمد فاضيلي

حاوره الشاعر والإعلامي عبد الله الأنصاري

0

مبدعون حقيقيون

حوار مع الشاعر المغربي الأديب محمد فاضيلي

حاوره الشاعر والإعلامي عبد الله الأنصاري

عزيزاتي أعزائي، أرحب بكم من جديد في حلقة جديدة من برنامج “مبدعون حقيقيون”رفقة مبدع آخر ليس كباقي المبدعين، يعشق الكتابة والقراءة بجنون، بل ويصر في كتاباته الأدبية بكل أصنافها على احترام اللغة بنحوها وتعبيرها وكل شروط الجودة، لا حبا في إرضاء المتلقي فحسب، ولكن ايضا احتراما لهذه الأم(اللغة) التي قلما نجد من يبر بها ويحارب كل أشكال الإساءة إليها. صديق الشباب، وزميل الدراسة. أدب وخلق وعفاف وصبر وإيمان، خصال اجتمعت في ضيفي فانتجت هذا الإنسان المبدع.
رحبوا معي بالعزيز : محمد فاضيلي.

1) بداية:
من هو محمد فاضيلي؟

أنا عبد من عباد الله، ارجو رحمة الله واخشى عذابه، أطمع في رضاه ومغفرته، وأتشوف إلى الأنس به والقرب منه ومحبته والنظر إلى وجهه الكريم، وأتطلع إلى الفوز الأكبر في أعالي الجنان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..وحسن أولئك رفيقا..
خرجت إلى الوجود في بداية السبعينات (28\08\1972) من القرن الماضي في حي شعبي متواضع من أحياء مدينتنا المتواضعة/ابن أحمد، وتلقيت فيها تعليمي الأساسي والثانوي، حصلت على الإجازة في الدراسات الاسلامية من جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، أمارس التعليم في مدينتي الحبيبة وقد تخرج على يدي عدد كبير من التلاميذ والحمد لله، متزوج ولي أربعة أبناء..

2) أصلح الله ابناءك وبارك في عمرك، وزادك إيمانا وارتباطا بحبه الذي لا يعلو عليه حب أو يضاهيه،

كيف مرت طفولة أستاذي العزيز؟

كنت أول مولود ذكر لأسرتي وكان الوالدان على فقرهما يغرقاني بحبهما ودلالهما وعطائهما الفياض، وكان الحي القديم موطني ومرتعي وملاذي، وأهل الحي أهلي وخلاني، كل بيوتهم مسكن ومطعم ومأوى لي..كنت نجيبا ومتفوقا في دراستي، ومحبوبا لدى كل المدرسين..كانت اياما لذيذة انفلتت من العمر من غير رغبة مني ولا استئذان..

3) وأنا اشهد لك أيضا بالتفوق، لكن لا شيء انفلت لأن العمر مراحل، بالنسبة لي أنت دائما في القمة، أليس كذلك ؟

شهادة اعتز بها من صديق حبيب واخ عزيز، وكرم لا أستحقه، أسأل الله تعالى العفو وحسن الختام.

4) أستاذي، هذا شعوري الخاص ورايي، محمد كان بإمكانه أن يعتلي أعلى المناصب الوظيفية، لكنه الآن يمارس التعليم، مع احترامي لهذه المهنة الجليلة.

هل هو اختيار أم خوف من البطالة التي مزقت أحلام العديد أم ماذا ؟

التعليم هو أشرف المهن واجلها، لانه مهنة الأنبياء، والله تعالى علَّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، ومعلم الناس الخير يستغفر له ما في السماوات والارض كما جاء في الحديث، وهي مهنة مقدسة لدى الشعوب المتحضرة، كما أنها مهنة المتاعب والصبر والتضحيات..اما عن اختياري فهو قدر وانا راض به، ويكفيني فخرا حب تلاميذي واحترام أولياء الأمور لي، وإنه ليتواصل معي ويتابع منشوراتي في النت عدد كبير منهم..

5) رائع..
قم للمعلم وفه التبجيلا ..
كاد المعلم أن يكون رسولا
فعلا لم أقصد التقليل من المهنة التي علمتنا الحوار والادب والكثير، لكني مصر ان سيدي محمد يستحق الأفضل.
نعود إلى الحوار
من هو محمد فاضيلي الشاعر؟ ومتى دخلت باب الشعر الرحب ؟

احببت الشعر منذ صغري، بداية بالمحفوظات والأناشيد ثم القصائد الشعرية المقررة في المنهاج التعليمي، حفظت منها ما تيسر لي، ثم اقتحمت مجال النظم. لا ادري ما البداية، ومتى كانت، لكني متأكد أنها من الإعدادي في اواسط الثمانينات، وكان لاشتغالي في الجنوب مدرسا وعيشي في ظروف اقسى من الصخر أثر على تفتق ذائقتي الشعرية، وقد قيل إن الإبداع يولد من رحم المعاناة..
تعلمت العروض بدون معلم واشتغلت على البحور متفاعلا مع الأحداث والوقائع الوطنية والعربية والإسلامية، لاخرج اول ديوان لي بعنوان يا شاعرا

6) يا شاعرا، عنوان جميل جدا،

هل النداء موجه للشاعر محمد فاضيلي؟

بل هو موجه لكل من ينظم أو يريد ان ينظم الشعر، نكرة غير مقصودة، في زمن كثر فيه من يكتب الشعر وينتسب للشعراء بلا زاد ولا أهلية..
حول البسيط نظمت الشعر مؤتلفا. . . . والضعف زاد به أختال معترفا
أستسمح الشعراء السائرين على. . . . . درب الأباة ومن في الحر قد جذفا
راح الكرام وصار الشعر مندبة. . . . . يدعى لها حاطب الليل الذي خرفا
في كل ناد تراه اليوم مقترضا. . . . . من كل ضرب لدى الأرجاز قد قطفا
نظم هجين عروض الخل يمقته…مبنى، ونحو غريب اللفظ قد هدفا

7) صراحة، شعرك رائع جدا، وسنعود إليه، دعني الآن أسألك عن بعض الكلمات/ التيمات، على اعتبار أن رجال التعليم يشكلون اللبنة الأساس في محيطها

ماذا تعني لك السياسة؟

السياسة نضال من أجل العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وضمان الحقوق والحريات والرفاهية للمواطنين وليست سلما للاغتناء والبروز الاجتماعي والتنمر على المستضعفين..

8) هل يمكن أن تتحقق اليوم في ظل تواجد الفقر وفي ظل طغيان الانانية والجشع ؟

اليوم نحن في أمس الحاجة إلى سياسة اجتماعية تحررنا من الفقر والبطالة والغلاء والتخلف والتبعية والظلم والاحتقان والاستبداد وسائر الأمراض الاجتماعية..وذلك رهين بوعي اجتماعي ومشاركة سياسية تتعالى عن الانانية والفردانية والجشع والاستئثار بالثروة التي حبانا الله بها في هذا البلد الأمين..

9) وماذا عن الرياضة؟

الرياضة تقوية للجسد وتشبيب للعقل وتنمية للذات، وصقل للمواهب والمهارات، كما أنها سلم للاغتناء والشهرة، ومحل لكسب المحبة والاحترام، لكنها أيضا مخدر اجتماعي ووسيلة للإلهاء والتنفيس عن الاحتقان الاجتماعي، والأخطر من ذلك حين تصبح حلما مستحيل المنال وبابا منيعا مغلظ الأقفال في وجه الإقبال على التمدرس، وتجعل الابطال الرياضيين وحدهم قدوة للشباب..

10) نتمنى ذلك أستاذي..نعود إلى الإبداع، سي محمد مبدع متنوع، القصة، الرواية، الشعر، المقالات الأدبية و…… مع الحرص على الجودة

ما سر هذا التفوق؟

لا أستطيع أن أقول إني متفوق في كتاباتي، أترك ذلك للقراء الكرام وللنقاد والزمن..كما أني لا أحب أن اصنف نفسي ضمن جنس أدبي معين..اشتغل على كل الأجناس، وأحرص على أن أقدم لقرائي المفيد والممتع..الكلمة أمانة ومسؤولية سنحاسب عليها يوم القيامة” وما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”
حين ينعتك الناس بالتفوق يلقون عليك ثقلا كبيرا يتطلب منك بذل المستحيل من أجل ان تبقى دائما عند حسن الظن، نسال الله تعالى التوفيق والسداد

11) اللهم آمين، يارب، هل تميل إلى الشعر أكثر ؟

الشعر شعور وإحساس وتعبير عما يختلج في الصدور ولسان حال امة قدر لها ان تضيع وتتشرذم بعدما كانت خير الأمم،كما أنه ديوان العرب ومحل علمهم وحكمتهم وعظيم سجاياهم ومكارم اخلاقهم، وهو اصعب الأجناس الأدبية على الإطلاق، وقديما قيل إن القطع بالمناشير أشق من نظم بيت من الشعر..
احب الشعر وأميل إليه كما أميل إلى باقي الأجناس الأدبية الأخرى، لكني أجد ذاتي أكثر في كتابة الخواطر لأنها تعبير وتفاعل آني مع ظروف نفسية طارئة تتأرجح بين اللذة والألم يحس معها الكاتب براحة نفسية وطمأنينة لا يصفها إلا أديب مرهف الحس، تجرع من المرارة والألم أكثر مما استلذ من اللذات والمتع..

12) ونحن نستلذ ونستمتع معك في هذا الحوار صراحة. هل تهتم بالمسرح ؟

إذا كان المسرح أبا الفنون فإن المعلم أبو المسرح..المعلم مسرحي يوظف تقنيات المسرح المختلفة لتنشيط حصصه المدرسية وتقديمها في أجمل حلة..
كتبت نصوصا مسرحية واشتغلت عليها مع تلاميذي وقدمناها في أنشطة الحياة المدرسية، لقيت استحسان الحاضرين والحمد لله..

13) جميل، وهل من دعم من الوزارة الوصية أو الجهات المسؤولة في هذا المضمار؟

المسؤولون يشجعون على الأنشطة الموازية/الفنية والرياضية وكل ما يرتقي بالجودة.

14) وماذا عن الرواية والقصة لدى محمد فاضيلي؟

أكتب القصة القصيرة وكل أعمالي منشورة في النت، ولدي رواية جاهزة لم تنشر بعد بعنوان”الارض” واعمال اخرى لم تكتمل.

15) بالتوفيق إن شاء الله استاذي العزيز.

دعني اطلب منك أعز خمسة أبيات أو مقاطع شعرية من تأليفك.

كل ما نظمته من شعر عزيز علي لكني أختار هذه الأبيات التي تختزل نظرتي للشعر:

هذا قريضي بثتت فيه مكلمتي…نظمته اليوم شعرا غير مرتجل
مالي رجاء لدى الأشعار والأدب…ولا سمو إلى الأحلام والمُثُل
او لي طموح إلى الإغناء والطرب…ولا جنوح إلى الإهجاء والغزل
او رغبة في بسيط عجت أُفعله…أو كامل أو مديد دان أو رمَل
نفسي إلى الحق تصبو غير هائمة…في الوهم أو سرها عُجْب من الجذل
شعري إلى القوم ترياق وملحمة…تهفو به النفس للعلياء في النُّزُل
والحق يعلو ولا يعلى عليه كذا…سنت له الكُتْب منذ الفجر والأزل.

16) جميل جدا، في الحقيقة هذا مولود القراءة والمثابرة والموهبة، عندما تتجمع هذه الوسائل لا يمكنها إلا أن تنتج إبداعا أقدر شخصيا أنه يضاهي شعر أكبر الشعراء في تاريخ العرب،ارفع لك القبعة، وابارك يراعك السامق ،سيدي محمد

حدتنا قليلا عن الأمة العربية بين الأمس واليوم.

يعرف اللغويون الأمة بانها جماعة يجمعها رابط معين..والشعب من التشعب أي التشتت..
كنا أمة وصرنا شعوبا..
كنا خير الأمم وأفضل الامم ومعلمي الأمم ومطمح كل الامم.. وللاسف صرنا شعوبا متفرقة متخلفة متناحرة باسنا بيننا شديد..فعلنا في انفسنا اكثر مما فعلت الامم الاخرى فينا..
والعلاج في قرآننا، منه نصوغ منهاجا حضاريا يحررنا ويفك قيودنا ويرفعنا إلى مقام الريادة والخيرية..وقد نشرت من قبل تدوينة في هذا الباب..

نحو منهاج حضاري:
إنه النور !
الذي انبعث ضياؤه في ليل حالك بهيم ، ليبدد الظُلَم، وينير الحياة، لشتات عائم في البوار، والمنبه الذي أيقظ الشتات من سباته، وغفلته عن هم المصير، والخيط الرفيع الذي لملم الشتات ونظمه في عقد متين يشع فضلا وحرية وانتظاما !
إنه الحياة !
والأمل، والخلاص !
شمس الهداية، وكهف الرحمة، وملاذ السالكين نحو معارج المجد والرقي والمعالي !
إنه الحبل المتين،
والسراج المبين والهادي إلى الصراط المستقيم ، والعز المكين، وخير الدنيا والدين.
من استمسك به نجا، ومن الفضل رجا، ومن اعرض عنه أصابه الهوان وجرفه الطوفان .
إنه المعراج
نحو العلا والخلود، والتزكي وطلب المحامد والمكارم والفضائل .
إنه القرآن !
كلام الله ورسالته الخاتمة التي بعثت خير أمة أخرجت للناس كي تحرر الأمم، وتعلم الأمم، وتوحد الأمم، وتنظمها في عقد الخيرية والعزية والريادة .
انحرفت الأمة، وحادت عن المشكاة، وعن النبع الصافي الفياض، طائعة طيعة، فعادت مرة أخرى للشتات والضياع، والتسكع في مهيع الضلالة والانحراف، فتكالبت عليها الأمم، واستأسدت، وتغولت، طامعة قامعة، مانعة جامعة، وجعلتها سامعة تابعة، وفي الرذيلة قابعة.
لن يصلح آخر الأمة إلا بما صلح به أولها: القرآن، الذي لا يبلى ولا يفنى ولا يخلق على كثرة الرد، ولا يشبع منه الساغب والنهمان.
فمن يقبل على القرآن، إقبال المتامل المتدبر المتبصر، ويعتكف عليه اعتكاف المتثلمذ المتقصي الأمين، ليصوغ منه منهاجا حضاريا، لا يتنكر لماضيه، ولا يقف عند حاضره، بل يرنو ببصره بعيدا بعيدا، يخترق الحجب ويتجاوز الإكراهات، ويمد الايادي نحو مستقبل ازهر، يتجاوز الازمنة والفضاءات، ويحرر الإنسان من ثقل القرون، وينقذ الإنسانية من الموت .

17) يا سلام، و ناسف كثيرا لهذا الغزو من طرف ڨيديوهات التفاهة التي أفقدت القراءة قيمتها،ألا ترون أستاذي أن الفعل زاد عن حده ، ووجب الآن وقف هذا الغزو خصوصا التافه منه، بعبارة أخرى.

هل يستطيع المسؤولون محاربة التفاهة؟

محاربة التفاهة مسؤولية الجميع..حكاما ومحكومين.. سياسيين وعلماء وفقهاء ودعاة ومصلحين ومثقفين وإعلاميين ومدرسين..مسؤولية الاسرة والمدرسة والشارع والنادي..الكل مسؤول..والكل محاسب..إذا كانت التفاهة قد جلبت علينا بخيلها ورجلها..بإعلامها ومالها وفنها وثقافتها..فلنكن نحن البديل..حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

18) إن شاء الله نتمنى الخير لهذه الأمة، أستاذي، اين تقع مدينة ابن أحمد، او عاصمة التوت ولو أنني لم اعد أرى حبة توت واحدة.

اين تقع في سبورة التنمية في تظركم ؟

هي في مؤخرة الركب طبعا..في الحضيض..لا تنمية ولا عدالة ولا إحساس بالمسؤولية..حاضر غائب ومستقبل قاتم..شباب يائس..ظامئ..يتسوق الوهم ويتشوف السراب..
فقر.. عطالة..عنوسة..رغم أن الجنس المزابي من افضل الأجناس وأكرمها واكثرها ذكاء وصبرا وعطاء..نسأل الله تعالى الفرج.

19) ماهي طموحات محمد فاضيلي ؟

طموحاتي بحجم الكون..بل هي أكبر..
طموحاتي تضيق بها الدنيا على شساعتها..وتنكسر لهولها القيود على مناعتها..
طموحاتي تخر لها الجبال وتعجز عن حملها الجمال..
طموحاتي..تتجاوز الفاني وترقى إلى السماء..
طموحاتي..حب..وسعادة..ورضى..واطمئنان..
رضى الله ومحبته الغاية..محبة الناس واحترامهم أغلى ما يتمنى المرء ويدركه..عيش هني وقلب غني وعقل سني ووطن سخي..يتسع للقاصي والدني..
“من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه يملك قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها” حديث نبوي شريف.

20) صدق رسول الله وأحسنت أستاذي، فلنعمل خيرا ونترك الامر لله، وفقك الله ومتعك بصحة البدن وسلامة العقل وصفاء الروح وطيبة النفس، شكرا لك أستاذي المبدع علي نبلك وحسن خلقك، في ختام هذه الحلقة التي ينتابني شعور بأنها لا زالت مبتورة من الكثير مما تختزنه ذاكرتكم من فكر وإبداع وقبل توديعك.

نود كلمة أخيرة

كل الشكر اخي وصديقي الحبيب الشاعر والزجال والإعلامي فخر الأمة وفارس الكلمة الجواد ان استفزيت مشاعري وحركت دواخلي ودغدغت ذاكرتي باسئلتك الذكية لنخرج هذا الحوار الذي أرجو من كل قلبي ان يروق للقارئ الكريم ويجد فيه المتعة والفائدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.