منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

اعتزل ما يؤذيك…

اعتزل ما يؤذيك.../ سلوى الغنامي

0

اعتزل ما يؤذيك…

بقلم:سلوى الغنامي

لا شيء يعادل أن تعيش نقيا في هذه الحياة، أن تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتحافظ على بساطتك وعفويتك، في وقت أضحى جُلُّ ما فيه مصطنعا، مزيفا وباهتاً…

لا شيء يعادل أن تخالط الناس دون أن تفقد ذاتك، أن تعمق التواصل مع الغير دون أن تفقد صلتك بربك، أن تدردش مع من حولك دون أن تقتل الحديث اليومي مع نفسك…أن تسعى لتعالج جراح الآخرين دون أن تنسى جرحك ينزف بلا ضماد…

يا صاحبي ! إن كانت نفسك تنصهر في المجمعات، وتضيع في التجمعات، تراها تندثر في اللقاءات، وتعصف بها المجالس والاجتماعات…

ان كنت تشعر انك يوما بعد يوم تفقد بوصلتك، تُضيع أهدافك، تغترب عن ذاتك، وتدريجيا تصبح صورة مغايرة، أو بالأحرى نسخة معارة لأناس اخرين…

ان كنت ترى انك ضيعت وجهتك وأضحيت تبعا، سلمت زمام امورك لهذا، وقيدت طريقك بذاك، غيّرت برامجك وأسْقطت منها المهم ثم الأهم، تنازلت عن الكثير، لا لشيء سوى لتماشي عصرا، لتساير ركبا، وتكسب صحبا..!!

يا صاحبي! إن استطعت أن تأخذ من الركب ومن الصحب ما يعينك وينضاف إلى زادك في رحلتك فافعل، فالحكمة ضالتك حيث ما وجدتها، ولكن كن ثابتا في خطواتك، عارفا أولوياتك، حاسما في قراراتك…وقبل كل ذلك مستعينا بالله في كل شأنك، لا يزيغنك عن طريقه أحد…

يا صاحبي ! احرص على لحظتك!، دعوتك، دمعتك، سجدتك، سرك وعلانيتك، كن منتبها لكل شيء فيك، لكل شيء يبنيك أو يهدمك، لكل كبيرة تفتتك، ولكل صغيرة تصنعك…

ابدأ بنفسك، شخِّص أمراضها واعثر على أدويتها، فإن أقمت طرفا من اعوجاجها ومضيت في رحلة مجاهدتها، انثر من الخير على الغير ما استطعت إليه سبيلا، واعلم ! أن أعظم الجهاد وأشرسه جهادك مع نفسك…

فإن وجدت أنك تفسد من حيث تظن أنك تصلح، وتهدم من حيث تحسب انك تبني: تنسلخ من قيمك وهم يوهمونك أنك تنمي ذاتك، تبحث عن الأضواء وتستجلب الكاميرات وتتسول الشهرة ظنا منك أنك تصيب السهم…

ولكن قلبك لم يعد ذاك الذي كان !! لقد تسرعت التصدر قبل التأهل، وآثرت البروز قبل التمكن، أنت لم تكن قد صنعتٓ بعدُ الحصن المتين، والدرع الواقي من كل هذه الفتن والمشتتات التي فٓتحت بيديك أبوابها بمصراعيها.

اقول يا صاحبي -ان كنت وجدت ذلك-فٓعُدْ أٓدراجك سريعاً وعليك نفسك! تأهل وتمكن وانتفع، وسيأتي الوقت الأنسب لتفيد وتنفع بإذن الله وأنت محصِّن نفسك، بالإيمان القوي والعلم النافع، الذي يصُد عنك بعون الله كل ابواب الفتن وأمراض القلوب من عجب ورياء وسمعة…،فكلما ازددت علما نافعا عٓرفت قيمة الكلمة وثِقلها، وصِرت أكثر اتزانا وحكمة في قولها، وأعظم إدراكا لأوقات ودواعي بروزك أو حديثك.

يا صاحبي !! عليك نفسك فابدأ بها، ولا تتسرع التصدر قبل التأهل، وتفقد حال قلبك بين الحين والآخر.

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”

ختاما هذا ليس دعوة إلى الجمود والسلبية والبعد عن خدمة الأمة الذي هو أمر محبذ وما أحوجنا إليه في هذا الزمن، ولكنها في حقيقة الأمر دعوة إلى ترتيب الأولويات، والبدء بتزكية النفس تخلية وتحلية، مع التزود بالعلم النافع، بعيدا عن المشوشات، وإخلاص النية والقصد لله تعالى، لنصنع أمة جيلها صالح اولا ثم مصلح ثانياً، جيل يعي ما يقول، وفعله لا يناقض قوله، وكلاهما (القول والفعل )مرجعهما الدين الاسلامي الحنيف، فيدعو إلى الله مخلصا النية والقصد له وحده، ولا يخشى فيه لومة لائم، ولا يصده عن قول الحق شيء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.