أسئلة اللَّمْز والتشكيك في المقاومة وفي جدوى التنظيمات عموما
بقلم: ادريس قافو
بعد العمليات الغادرة التي اغتال فيها الاحتلال الصهيوني عددا من قادة المقاومة في غزة، طفت على بعض الحسابات أسئلة قد لا تكون بريئة، وقد تكون لحاجة في نفس يعقوب، كسؤال كيف استطاع الاحتلال معرفة أماكن قادة المقاومة واغتيالهم؟!
ولكيلا تكون هذه الأسئلة مطية للتشكيك في المقاومة، وفي إنجازاتها التي تعجز الدول العربية مجتمعة على إنجاز أرباع أعشارها، أو التشكيك عامة في جدوى الانتظام في جماعات من أجل تحقيق أهداف شرعية، لا بد من توضيح ما يلي:
الأصل هو أنه لا مثالية على الأرض
إن من يريد تنظيما بلا أخطاء، أو بصفات ملائكية لا يخطأ أعضاءه، فعليه أن يلتمس ذلك في السماء، أما فوق الأرض فلو لفّ الدنيا شرقا وغربا، قديما وحديثا، فلن يجد ضالته؛ فأفضل تنظيم أُسِّس على وجه الأرض هو ذلك الذي ألفه رسول الله ﷺ من الأنصار والمهاجرين، ومنهم أهل بدر وهم من أفضل المسلمين بشهادة الوحي([1])، وقد كان منهم حاطب بن أبي بلثعة ٪ الذي حاول إرسالَ خبر رسول الله ﷺ إلى قريش قُبَيلَ يوم الفتح، ليُسْدِي إليهم بذلك معروفا يحمون به قرابته، وحين أراد عمر بن الخطاب٪ أن يقتله قال له رسول الله ﷺ: »إنه شهد بدرا وما يُدريك؟ لعل الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم« ([2]) .
والحكمة من وجود مثل هذه الأخطاء، المطلوب شرعا اجتنابها، ومن عدم امتياز الحق عن الباطل هو أن الفتنة، التي هي اختلاط الحق بالباطل، من لوازم هذه الدار التي هي محل الابتلاء([3]). وصدور ذلك السلوك من صحابي جليل، وفي أفضل تنظيم على وجه الأرض دليل على ضرورة توقعه في باقي التنظيمات من باب أولى، وضرورة اتخاذ الحيطة لتجنب تبعاته.
الوقاحة هي ممارسة دور المتفرج الذي لا هم له إلا الانتقاص من الآخرين
إن أقبح وأندل دور يمكن أن يلعبه إنسان هو دور المتفرج الذي لا يعمل، ولا يتحمل أية مسؤولية، ولا يعطي بدائل عملية، ولو نظرية، ليقنع نفسه بصواب خياراته على الأقل، ثم بعد ذلك ينصب نفسه قاضيا ومحاسبا يحصي على العاملين أخطاءهم ويضخمها، ويَشْغَل نفسه والناس بالقضايا الهامشية، وينتظر، ببلادة وكسل، أن تنزل ملائكة من السماء لتحقق الأهداف على الأرض دون أخطاء. فالقاعد المرتاح في اللامسؤولية، الجاهل بإكراهات الواقع وضغوطاته لا يحق له أن ينتقد المحمَّلين بأثقال تعجز دول عن حملها. وشرط (إن استقمت فأعينوني وإن أسأت فقوموني ([4])) يلزم الطرفين… وكيف يقوم غيرَه من هو على عِوَج؟) ([5]) .
توضيع للبعيد عن الميدان وللمتفرج المرتاح
وهو منقول بتصرف عن محمد سعيد نشوان من غزة
- مساحة قطاع غزة 365 كم مربع فقط. (مما يعني سهولة المراقبة)
- الاحتلال يمتلك أكبر منظومة استخبارية وجمع معلومات بالعالم
- الاحتلال يمتلك أجهزة تصنت قادرة على التصنت على حديث بين شخصين لمسافة 3 كيلو والتصنت على المكالمات الأرضية والخلوية وشبكات الانترنت والكاميرات.
- غزة لا تمتلك أي أجهزة تشويش ولا شبكات خاصة ولا اتصالات عبر القمر الصناعي.
- معظم القيادات من الصف الأول معروفين؛ فهم يتفاوضون، ويصرحون للإعلام ويقودون المظاهرات. ومنهم من هو مطارد منذ أكثر من 25 عام، ومنهم من نجا أكثر من 5 مرات من محاولات اغتيال.
توصية لصاحب المثالية المفرطة
إن لم تستطع أن تكون عامل بناء فلا تكن عامل هدم!
وإن لم تستطع أن تنصر الحق فلا تصفق للباطل! ولا تشكك المترددين! أما الذين يقودون المعارك فلا يستمعون إلى تعليقات المتفرجين.
[1] جاء جبريل إلى النبي ﷺ، فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين -أو كلمة نحوها- قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة. رواه البخاري في صحيحه
[3] أنظر ياسين عبد السلام: الاحسان، ج2، ص202
([4])-إشارة إلى خطبة أبي بكر ¢ بعد البيعة:(فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني). انظر المتقي الهندي: كنز العمال، باب خلافة الخلفاء، ج5، ص601.