اتفاقيات التطبيع في ضوء قواعد القانون الدولي دراسة حقوقية قانونية
علي المغراوي
تشكل اتفاقيات التطبيع الأخيرة التي وقعتها العديد من الأنظمة مع الكيان الاسرائيلي ومنها النظام المغربي علامة فارقة تؤشر على بروز مرحلة متقدمة من العلو والغطرسة الاسرائيلية التي بشر بها مشروع تيودور هيرتزل في صورة اختلاق إسرائيل الكبرى، وإذا قلبنا النظر في العقيدة السياسية المؤطرة للمشروع، نجدها موغلة في أساطير تاريخية ومعتقدات دينية محرفة، منبعها روح قاسية أسست لعنصرية مقيتة لا تقيم وزنا لدين أو عرف أو قانون، ومن هذا المنطلق فإن اسرائيل لم تلتزم يوما باتفاقية أبرمتها ولا بمعاهدة كانت طرفا فيها، بل ظلت دائما تخرق قواعد القانون الدولي بصلافة منقطعة النظير ودون حسيب أو رقيب، لأنها ظلت مدعومة ومسنودة من طرف القوى النافذة وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية، التي شكلت درعا واقيا أمام الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها اسرائيل داخل الأراضي الفلسطينية في ضرب صريح وخرق سافر لقرارات منظمة الأمم المتحدة، التي أضحت مرتهنة لميزان قوى تصنعه القوى المستكبرة.
وإذا كانت اتفاقيات التطبيع ساقطة بموجب قواعد القانون الدولي كما سنبينه لاحقا، فإنها ظلت ترشف موادها الغير المعلنة وتغرف بنودها الغير المنشورة من الصفقة الأم الموسومة ب”صفقة القرن” التي تضم مجموعة من البنود، التي جاءت في 181 صفحة وتطرقت لمجموعة من القضايا: كقضية الحدود مرورا بحق العودة، والقدس، ووصولا إلى شكل الاقتصاد الفلسطيني، وقد تولى صناعة خريطة هذه الصفقة وهندسة مسارها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب وعرابه كوشنير المكلف بالتواصل الدبلوماسي، لتمهيد الطريق نحو اتفاقيات التطبيع المشؤومة، وبتمحيص مضامين هذه الاتفاقيات نجدها مخالفة لقواعد القانون الدولي الذي يتمثل في “مجموعة القواعد القانونية المتصفة بالعمومية والتجريد التي ارتضتها الجماعة الدولية وأصدرتها في صورة معاهدات وبروتوكولات دولية ملزمة بقصد حماية حقوق الإنسان المحكوم بوصفه إنسانا وعضوا في المجتمع من عدوان سلطاته الحاكمة أو تقصيرها وتمثل الحد الأدنى من الحماية التي لا يجوز للدول الأعضاء فيها النزول عنه مطلقا أو التحلل من بعضها في غير الاستثناءات المقررة فيها”[1]، ووفقا لذلك تعتبر اتفاقيات التطبيع وثائق غير قانونية، لكونها ترتكز على مبدأ القوة، وسياسة الأمر الواقع، وعدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وتحتوي على مخالفات جسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، والقانون العرفي الدولي، كما تحتوي على نصوص مخالفة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية، والقرارات التي تقضي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولربما تظن اسرائيل باستغفالها للمطبعين واستغلالها لوباء كورونا أنها تمرر اتفاقيات من شأنها التحصن والهروب مما يواجهها من مسؤولية والتزامات أمام قواعد القانون الدولي، فإن ذلك لا يسعفها البتة لأن هذه القواعد تسري في حالة الحرب والسلم على حد السواء[2].
أولا: التطبيع انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان
إن التطبيع بين دولتين يعني عودة العلاقات بينهما طبيعية في كل أبعادها ومجالاتها وفق ما يقرره الطرفان من توافقات وتعاقدات بينهما تحكمها قواعد اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969[3] والتي جاء في ديباجتها ما يلي:” وتذكيراً منها بتصميم شعوب الأمم المتحدة على إقامة شروط يمكن معها الحفاظ على العدالة واحترام الالتزامات الناشئة من المعاهدات،واعتبـاراً منها لمبادئ القانون الدولي المقررة في ميثاق الأمم المتحدة مثل: الحقوق المتساوية، وتقرير الشعوب لمصائرها، والمساواة في السيادة واستقلال جميع الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومنع التهديد بالقوة أو استعمالها، والاحترام العالمي لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، واعتقاداً منها بأن التقنين والتطور التقدمي لقانون المعاهدات اللذين تحققا في هذه الاتفاقية سيدعمان مبادئ الأمم المتحدة المنصوص عنها في الميثاق، وهي المحافظة على السلم والأمن الدوليين وتطوير العلاقات الودية وتحقيق التعاون بين الدول”، ويتضح في ضوء هذا النص الذي يشكل جزءا مهما من اتفاقية فيينا باعتبارها مرجعا أساسيا في القانون الدولي، وفي ضوء ما يشكله التطبيع من اعتراف ودعم ومساندة لكيان الاحتلال الاسرائيلي وتشجيعه على انتهاك الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة، فإن توقيع اعلانات واتفاقيات مع هذا الكيان يعتبرا ساقطا ومخالفا لأحكام ومبادئ القانون الدولي لحقوق الانسان ومنها:
- انتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره
يشكل التطبيع مع اسرائيل في سياق تنزيل صفقة القرن انتهاكا جسيما لأحد أهم المبادئ الأساسية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يعد قاعدة آمرة في القانون الدولي، وهو مبدأ حق تقرير المصير الذي تنتهكه اتفاقيات التطبيع باعترافها عمليا بشرعية الاحتلال، وديمومته واستمراريته خاصة وأن الوضع الفلسطيني في ظل الانقسام الحاد بين الفصائل، يشكل عاملا موازيا يعضد الأطروحة الاسرائيلية الهادفة إلى فرض أمر الواقع، وإنشاء وضع على الأرض بإقامة كيان فلسطيني خاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، مما يمنع الدولة الفلسطينية من تحقيق استقلالها المعلق الذي سيظل دينا على الانتداب البريطاني[4]، خاصة إذا علمنا أن صفقة القرن لم تنص على أي دولة فلسطينية مستقلة، ولم تسمح للفلسطينيين بتقرير مصيرهم، ونيل استقلالهم من الاحتلال الاسرائيلي، علما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت العديد من القرارات التي تعترف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره منها القرار 3089 بتاريخ 7/12/1973، والقرار 3236 بتاريخ 22/11/1974، وغير هذا من القرارات العديدة.
كما أكدت الجمعية العامة في قراراتها المتكررة بخصوص مسألة فلسطين أن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني هو حق غير قابل للتصرف، وان حرمان أي شعب من الشعوب من هذا الحق من شأنه أن يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر، وفي ضوء هذه القرارات جاءت فتوى محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار الإسرائيلي لتؤكد بأن إنشاء الجدار وإقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، هي من الأعمال التي تحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير. وذلك في انتهاك جسيم لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة. (قرار الجمعية العامة رقم 2625).
- التطبيع انتهاك صريح لميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945
لا شك أن عملية التطبيع بين الكيان الاسرائيلي ومجموعة من الدول يتم وفق ازدواجية في المعايير من حيث الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، لأن مضامين هذه الاتفاقيات لا تتناول البتة وضع الشعب الفلسطيني وحقوقه، ففي أحسن الأحوال تتحدث عن التعاون الاقتصادي وعن الاستثمارات وبطبيعة الحال فسيكون ذلك على حساب الشعب الفلسطيني وهذا يخالف البند الثاني من المادة الأولى لميثاق الأمم المتحدة الذي نص على أن ” إنماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها” كما يخالف البند 3 من نفس المادة الذي ينص على : “يفضّ جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر”، وحيث أن التطبيع مع الكيان الاسرائيلي فيه اعتراف واضح بشرعية الجرائم التي يرتكبها داخل الأراضي الفلسطينية ويعتبر إقرارا صريحا وتشجيعا له على مزيد من الانتهاكات التي لم تتوقف طيلة تاريخ الاحتلال والتي سبق لمجلس الأمن أن أصدر بشأنها قرارات تدين اسرائيل وتحذرها من مغبة التمادي في ارتكاب الجرائم المتتالية من قتل للأطفال والنساء وهدم البيوت وتهجير وبناء المستوطنات وارتكاب جرائم الحرب مثل ما وقع في صبرا وشاتيلا وغزة….وهي ممارسات منافية لأحكام الفصل الخامس من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص في البند 25 على” يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق”.
- التطبيع اعتراف بشرعية الاحتلال وانتهاك سافر لسيادة الدولة الفلسطينية
من مقاصد التطبيع التي تسعى من ورائها اسرائيل بتوقيع اتفاقيات واعلانات مع العديد من الدول العربية هو تكريس الاعتراف ب “دولة” إسرائيل وفق المحددات التي تسعى إلى فرضها على الأرض وأهمها السيادة على الأراضي الفلسطينية حيث تتجه “صفقة القرن” إلى رسم ملامح الدولة الفلسطينية -المقرر إنشاؤها وفق الصفقة- والتي ستكون بدون سيادة، وستخضع للسيطرة الإسرائيلية، وهذا ما يكرس حالة الاحتلال الدائم التي نصت عليها المادة (42) من لائحة الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 بالقول: “تعد أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو، ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها”.
ومن الملاحظ أن “صفقة القرن” التي تدعمها اعلانات التطبيع، تحاول أن تحول حالة الاحتلال الإسرائيلي من كونه احتلالا مؤقتا، إلى احتلال دائم، ومن المعلوم في قواعد القانون الدولي أنه لا يجوز أن يكون الاحتلال دائما بأي حال من الأحوال، فهو حالة فعلية أوجدتها القوة القاهرة، وأنه واقع لا يقوم على أساس من القانون. كما أن حالة الاحتلال لا تعطي المحتل حق الملكية في الأراضي المحتلة، ولا يجوز ضم الإقليم المحتل لدولة الاحتلال. والواضح من خلال حمى الاتفاقيات المكثفة التي توقعها اسرائيل مع دول مطبعة سعيها الجاد لنزع الشرعية عن الدولة الفلسطينية ومحدداتها كما هو معلوم في القانون الدولي، وبهذا الصدد لابد من التأكيد على أن مكونات وعناصر الدولة الفلسطينية انطلق تشكيلها منذ زمن بعيد منذ مطالبة عصبة الأمم من الانتداب البريطاني العمل على تمكين الفلسطينين من إصدار عملة وطنية جديدة واعتماد علم جديد، وإصدار هويات جديدة، مع تكريس الجنسية الفلسطينية التي لوحدها تعد ركنا كافيا للاعتراف بدولة فلسطين حسب بعض الاجتهاد الفقهي[5] وكذلك إصدار دستور فلسطيني وهذه كلها من عناصر تكوين الدولة، وهو الأمر الذي سرى على كل الدول المستعمرة أنداك وحتى وعد بلفور المشؤوم لسنة 1917 لم يمنع من زاوية القانون الدولي قيام دولة فلسطين، وهو ما أكدته الاعلانات البريطانية لسنة 1922 ولسنة1939[6]، كما أن معاهدة لوزان لسنة 1923 التي أعلن بموجبها زوال الإمبراطورية العثمانية وقيام الجمهورية التركية بشكل رسمي وباعتراف عدد من الدول الأوروبية، ، أكدت هذا المنحى من خلال ترسيخ حق الأفراد العثمانيين المقيمين في الأقاليم التي انفصلت عن تركيا في أن يصبحوا حكمًا من مواطني الدولة التي يقيمون فيها بشكل دائم ويخضعون لقوانينها[7] وهو ما ينطبق على دولة فلسطين حيث نصت المادة 30 من الاتفاقية على ما يلي:
“Turkish subjects habitually resident in territory which, in accordance with the provisions of the present treaty, is detached from Turkey will become ipso facto, in the conditions laid down by the local land national of the state to which such territory is transferred”[8]
وبموجب هذه المعاهدة، التي حظيت باعتراف جميع الدول التي قبلتها كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وصربيا ورومانيا واليابان واليونان وغيرها، صدرت بالفعل القوانين المحلية المنظمة لمسألة الجنسية، بما فيها قوانين دولة فلسطين التي اعترفت بها هذه الدول وذلك عطفًا على المادة 30 من معاهدة لوزان التي لم تنظر إلى فلسطين كحالة خاصة بسبب وعد بلفور، بل كما سبق ذكره فإن صك الانتداب الصادر عن عصبة الأمم أكد على بريطانيا بإصدار قانون لتنظيم الجنسية الفلسطينية[9].
والواقع أن الجنسية الفلسطينية مُنحت لكل الفلسطينيين المقيمين في فلسطين، بما فيهم اليهود الذين ظلوا يحملونها إلى حدود سنة 1952 تاريخ صدور قانون الجنسية الإسرائيلية[10]، حيث اتجهت الحركة الصهيونية إلى جر بريطانيا لمخالفة صك الانتداب ذاته، ومخالفة معاهدة لوزان من خلال سن سياسات قمعية وخطة لتهويد فلسطين وتغيير ملامحها الديمغرافية، وبهذه السياسات ارتكبت بريطانيا في فلسطين انتهاكات جسيمة وفاضحة لصك الانتداب من جهة، ولمعاهدة لوزان من جهة ثانية، مما يرتب عليها مسؤوليات أمام القانون الدولي.
وبناء على ما سبق توضيحه من معطيات قانونية ترتبط بتوافر عناصر ومحددات الدولة الفلسطينية تاريخيا وقانونيا، فإن أي تكثيف لإعلانات التطبيع مع اسرائيل، هو في الحقيقة ضرب وانتهاك لحق الدولة الفلسطينية واعتراف موثق بشرعية الاحتلال وسيادته على التراب الفلسطيني، مما يعتبر مخالفة وانتهاك صارخ لبنود المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي سبق تناولها.
- اتفاقيات التطبيع انتهاك لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)
ويتضح هذا الانتهاك جليا عندما نفحص مضمون المادة 2 من الميثاق التي نصت على : “لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود”. فالعبارات الواردة في الميثاق شديدة الوضوح فيما يتعلق بمناهضة أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد معين، وهذا ما تخالفه الممارسات الاسرائيلية ليلا ونهارا من خلال سياساتها العنصرية الخطيرة. وبالتالي فإن التطبيع معها يعتبر دعما لها ومسا بمضمون هذه المادة.
ثانيا: التطبيع مخالف لقواعد القانون الدولي الانساني
- مفهوم القانون الدولي الانساني
يقصد بالقانون الدولي الإنساني “مجموعة من القواعد التي ترمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية. ويحمي هذا القانون الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية أو كفوا عن المشاركة فيها، كما أنه يفرض قيوداً على الوسائل والأساليب المستعملة في الحرب. ويُعرف القانون الدولي الإنساني أيضا “بقانون الحرب” أو “قانون النزاعات المسلحة”[11]، ويقول الدكتور محمد المجذوب في كتابه القانون الدولي العام تحت عنوان تعريف القانون الدولي الإنساني وجذوره التاريخية ما يلي :”القانون الدولي الإنساني هو ذلك الجزء المهم من القانون الدولي العام الذي يستلهم الشعور الإنساني ويهدف الى حماية الإنسان في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة”[12]، ويعود أصل القانون الدولي الإنساني إلى أواسط القرن التاسع عشر. فخلال معركة سلفرينو (1859) بين جيش نابليون الثالث والجيش النمساوي وقف السويسري (هنري دوناند) على فظاعة الحرب، فقررَ نقل الجرحى والقتلى بشكلٍ مجاني من جبهات القتال ودون تمييز إلى البلدة بناء على تجربة الحرب تلك، وسينشر دوناند في عام 1862 كتابا عنونه بــ”ذكريات من سلفرينو” ضمَّنهُ دعوة إلى التخفيف من معاناة الجنود في الحروب، و اقترح أنْ تسمح الدول لمنظمات إنسانية محايدة بعلاج الجنود خلال الحروب.
ويستند القانون الدولي الإنساني إلى مجموعة من الاتفاقيات والنصوص المكتوبة والعرفية، ومنها:
أ – اتفاقيات جنيف الأربع المبرمة في 12 أغسطس/آب 1949 وهي1- اتفاقية جنيف الأولى المعنية بحماية جرحى ومرضى القوات المسلحة في الميدان. اتفاقية جنيف الثانية المعنية بحماية جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار.اتفاقية جنيف الثالثة المعنية بأسرى الحرب. اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
ب- بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة المبرم عام 1977.
ج- القانون الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
د- اتفاقية لاهاي المتعلقة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907.والقانون الدولي الإنساني له جانب آخر عرفي غير مكتوب، وهو -وفقَ اللجنة الدولية للصليب الأحمر- يتألف من قواعد مستمدة من “ممارسات عامة مقبولة كقانون”.[13]
فكيف يشكل التطبيع خرقا سافرا لقواعد القانون الدولي الانساني باعتبار ذلك اعترافا ضمنيا وتشجيعا صريحا للجرائم الاسرائيلية وتحصينا للقيادات الاسرائيلية المرحب والمحتفى في بلاطات الأنظمة المطبعة من كل المحاكمات والمتابعات الجنائية ؟
- اتفاقيات التطبيع شرعنة لانتهاكات مبادئ القانون الدولي الانساني
اتفقت كل من اتفاقية جنيف الرابعة، والمعنية بحماية المدنيين في زمن الحرب لسنة 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها المعتمد من المؤتمر الدبلوماسي سنة 1977، واتفاقية لاهاي لسنة 1907 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول على تحديد وتعريف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي العام، والقانون الدولي الإنساني وما يتصل بنفس الموضوع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما يلي: “القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة، أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورة حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية”[14]
ومن هنا نتساءل في ضوء هذه الجرائم ماذا بقي منها ولم ترتكبه إسرائيل طيلة تاريخها الدموي على الأراضي الفلسطينية؟ فاحتلال الأراضي الفلسطينية كلها تم عن طريق القوة والعمل الحربي منذ سنة1967، بما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي التي لا تجيز اكتساب الأرض عن طريق الحرب[15] وهو ما يعتبر في أدبيات القانون الدولي عملا عدوانيا، الذي عرفته الجمعية العامة بتاريخ 14 دجنبر1974 في المادة 3 بما يلي: – تنطبق صفة العمل العدواني على أي من الأعمال التالية، سواء بإعلان حرب أو بدونه قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري ، ولو مؤقتا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة. وقد جاء في إعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقا لميثاق الأمم المتحدة ما يلي: ‘وتشكل الحرب العدوانية جريمة ضد السلم تترتب عليها مسؤولية بمقتضى القانون الدولي، الذي ينص على أنه ‘ لا يجوز إخضاع إقليم أية دولة لاحتلال عسكري ناجم عن استعمال القوة خلافا لأحكام الميثاق. ولا يجوز اكتساب إقليم أية دولة من قبل دولة أخرى نتيجة للتهديد باستعمال القوة أو لاستعمالها. ولا يجوز الاعتراف بشرعية أي اكتساب إقليمي ناتج عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها’.
ووفقا لأحكام هذه المادة فإنه لا يجوز الاعتراف بشرعية الاحتلال الاسرائيلي، وذلك مبتغى اسرائيل ومسعاها من خلال اتفاقيات التطبيع التي تضفي شرعية عليها، وتحشد من خلالها دعما وتأييدا دوليا يشكل غطاء لارتكاب المزيد من الانتهاكات، ومنها اكتساب سلطة التصرف كصاحبة السيادة على الأراضي الفلسطينية، وسن القوانين والتشريعات لضم أراضي أخرى .
- التطبيع انتهاك للقرارات الأممية الصادرة لحماية القدس الشريف
يشكل التطبيع مع اسرائيل دعما وإسنادا للممارسات الخطيرة والانتهاكات الجسيمة لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، التي ترتكبها إسرائيل بحق القدس الشريف، وهي ممارسات دفعت مجلس الأمن والجمعية العامة، لاتخاذ مجموعة من القرارات التي ترفض وتشجب وتدين الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس ومنها إدانة العرض العسكري الإسرائيلي التي أقامته إسرائيل في المدينة سنة 1968، وكذلك قرار ضم القدس لإسرائيل واعتبارها عاصمة لها وفرض القانون الأساسي عليها، وصولا الى التغييرات الجغرافية والديمغرافية فيها ، وإنشاء المستوطنات الإسرائيلية لعزل القدس عن محيطها. كما أكدت معظم هذه القرارات بطلان الإجراءات الإسرائيلية في المدينة المقدسة وانطباق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 على الأرض الفلسطينية المحتلة، كما سبق للجنة حقوق الإنسان في دوراتها المختلفة عند بحث الممارسات الإسرائيلية التي تنتهك حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة أن وصفت ذلك بأنها انتهاكات جسيمة لأحكام الاتفاقية، وعرفها البروتوكول الأول الملحق بالاتفاقية بأنها تمثل جرائم حرب.
وصفوة القول أن مجمل القرارات الصادرة عن المؤسسات الأممية ومنها قرارات مجلس الأمن[16] وقرارات الجمعية العامة[17] تجمع على إدانة إسرائيل وجرائمها المرتكبة وتدعوها بإلحاح الى أن تبطل كل الإجراءات التي اتخذتها في حق الشعب والأرض الفلسطينيين.
وأمام عدم إلتزام اسرائيل بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة بخصوص تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة في الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 بما فيها القدس، وبناء على قرار من الجمعية العامة عقدت الدول الأطراف المتعاقدة باتفاقية جنيف الرابعة مؤتمرها الأول في جنيف بتاريخ فبراير 1999 ،بشأن اتخاذ تدابير لانفاذ اتفاقية جنيف الرابعة في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما عقدت الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة مؤتمرها الثاني في دجنبر 2001 في جنيف وثم التأكيد في كلا المؤتمرين على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة انطباقا قانونيا على الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ، والتأكيد أيضا على أحكام المادة الأولى المشتركة بين الاتفاقيات الأربعة والتي تتعهد بموجبها الدول الأطراف باحترام وضمان احترام أحكام الاتفاقية في جميع الظروف، وبأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية وتشكل انتهاكا خطيرا لأحكام المادة 49 من الاتفاقية والمادة 85 من البروتوكول الأول الملحق بها، ودعت جميع أطراف النزاع الى احترام وضمان احترام أحكام الاتفاقية في جميع الظروف ، واتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف ومنع انتهاكات الاتفاقية. وان الدول الأطراف تجدد تأكيدها على التزامات الدول المتعاقدة بموجب المادتين 147 و 148 من اتفاقية جنيف الرابعة. مع التأكيد على التوقف عن ارتكاب أي انتهاك لهذه الاتفاقية. ويؤكدون مجددا عدم شرعية الاستيطان في الأراضي المذكورة وتوسيعه. ويجددون الدعوة الى ضمان وسلامة وصول السكان الى ألاماكن المقدسة[18]. ورغم كل هذه التدابير والقرارات فإن إسرائيل رفضت نتائج المؤتمرين، ولم تلتزم بنداءات وإعلانات الدول الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة. وفي هذا رسالة واضحة لمن يعقدون اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، ومضمونها أنكم تشترون الوهم والسراب من كيان لا يلتزم بأي اتفاق أو عهد أو قرار ولو شهد عليه عشرات الدول، فكيف باتفاقيات ثنائية أو ثلاثية.
- التطبيع تبييض لجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي ارتكبته اسرائيل
تحاول اسرائيل من خلال اتفاقيات التطبيع أن تنشئ مناخا عاما دوليا يرفع عنها طوق العزلة الاقليمية والدولية بسبب ما ارتكبته من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ، وتطهير عرقي[19] للشعب الفلسطيني ولا نحتاج هنا للتذكير بمذبحة دير ياسين[20] وما سبقها ولحقها من جرائم سبق وأن اتخذت بصددها لجنة حقوق الانسان مجموعة من القرارات تدين اسرائيل وتؤكد أنها ارتكبت جرائم حرب في الأرض الفلسطينية التي تحتلها سنة 1967. ومنها قرار اللجنة بتاريخ 22 مارس لسنة 1972(د 28 )، كما أصدرت ذات اللجنة بتاريخ 15 فبراير عام 1983 قرارا بخصوص مذبحة صبرا وشاتيلا رقم 1983/3 وأكدت اللجنة أن حكومة إسرائيل تتحمل المسؤولية في تلك المذبحة التي تشكل جريمة ابادة جماعية، وأيضا في قرارها رقم (1985/1 ألف وباء د. 41 بتاريخ 19 فبراير 1985 والذي أدانت فيه سياسة إسرائيل وممارساتها التي تنتهك حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكدة انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية وطالبت حكومة إسرائيل بالوفاء لالتزاماتها الدولية والقبول بتطبيق الاتفاقية المذكورة في الأرض الفلسطينية المحتلة[21]. وكذلك قراراها رقم 1986/1 ألف و باء( د. 42 بتاريخ 20 فبراير 1986 والذي أكدت فيه من جديد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية[22].
وبتاريخ فبراير 1989 (د45) اتخذت اللجنة قرارها رقم 1989/2 أكدت فيه ارتكاب إسرائيل انتهاكات جسيمة لمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، والحريات الأساسية، وجرائم حرب بمقتضى القانون الدولي، وأكدت أن الاحتلال الإسرائيلي بحد ذاته للأرض الفلسطينية بما فيها القدس يشكل جرما مخلا بسلم الإنسانية وأمنها.
- التطبيع سكوت عن جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها اسرائيل
لا شك أن استقبال قادة الكيان الاسرائيلي بحفاوة والترحيب بهم وعقد اتفاقات معهم ومصافحة أيادي ملطخة بدماء الشعب الفلسطيني، يعتبر صمتا عن الجرائم التي ارتكبوها وسكوتا عن تاريخ من الدماء والأشلاء، فكيف يتم قبول كل هذا وتجاوزه بدعوة تحقيق المصلحة الوطنية، إن هذا المنطق يعتبر مخالف لقرارات الشرعية الدولية، وسكوتا متواطئا مع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها والتي صدرت بحقها قرارات أممية كثيرة ، ومنها القرار الشهير رقم 1/5 بتاريخ 19 أكتوبر سنة 2000الذي أدانت فيه لجنة حقوق الانسان زيارة شارون الى المسجد الأقصى، كما أدانت في المادة الأولى من منطوق القرار المذكور، القتل المتعمد الذي ترتكبه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، واعتبرته اللجنة يشكل انتهاكا خطيرا للحق في الحياة كما يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كما أكدت اللجنة في المادة الخامسة من المنطوق نفسه مرة أخرى على أن القتل المتعمد والمنظم للمدنيين والأطفال الفلسطينيين على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي يشكل جريمة ضد الإنسانية.
- التطبيع انتهاك صارخ لحق عودة اللاجئين الفلسطنيين
لاشك أن اتفاقيات التطبيع التي تمتح من صفقة القرن، تشكل انتهاكا صارخا لحق العودة للاجئين الفلسطينيين المهجرين قسرا في الشتات، والذين لا تعترف بهم اسرائيل ولا تقبل بعودتهم لأراضيهم المحتلة بالرغم من القرارات الصادرة بهذا الصدد ومنها القرار رقم 194 الصادر بتاريخ 11 دجنبر 1948 الذي نص على ضرورة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم، والقرار رقم 242 الصادر بتاريخ 22 نونبر 1967، والذي نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير والقرار 2851 الصادر بتاريخ 20 دجنبر 1971، الذي طالبت الأمم المتحدة فيه إسرائيل بإلغاء جميع إجراءات ضم أي جزء من الأقاليم العربية المحتلة، وإلغاء إقامة المستوطنات بالأراضي المحتلة، والقرار 302 ، الذي ينص على إنشاء وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
- التطبيع اعتراف بشرعية المستوطنات
إن الاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل تشكل اعترافا بشرعية المستوطنات التي تعبر عن العقلية التوسعية للكيان الاسرائيلي، فرغم القرارات العديدة التي تدين سياسة الاستيطان التي تنهجها اسرائيل ومنها القرار 446لسنة 1979 والقرار 452 (1979) و465 (1980) وآخرها 2334 (2016) الذي يؤكد فيه مجلس الأمن بأن المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، غير شرعية بموجب القانون الدولي ، ويطالب السلطة القائمة بالاحتلال، بأن توقف على الفور وبشكل كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم بشكل تام جميع التزاماتها القانونية في هذا المجال. لكن اسرائيل إلى يوم الناس هذا، لازالت مستمرة في بناء وتوسيع المستوطنات ومن الغرائب العجيبة أن تزامنت العديد من اتفاقيات التطبيع مع بناء مستوطنات جديدة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
- التطبيع تزكية للحصار الظالم على غزة وتحالف مبطن ضد المقاومة
في الوقت الذي تئن فيه غزة منذ 15 سنة تحت وطأة الحصار الغاشم، وتنتظر من الضمير الانساني ومن المؤسسات الدولية ومن الأنظمة العربية والاسلامية أن تتحرك لكسر الحصار عنها، ولتقيم معها علاقات تطبيعية حقيقة بإمدادها بما تحتاجه من الغذاء والدواء والمواد، وفي الوقت الذي وجب فيه حشد مواقف المنتظم الدولي للضغط على اسرائيل لترفع القيود على المعابر وتزيل الحواجز وتكسر الحصار على غزة، نجد الأنظمة العربية تتجه نحو عقد اتفاقيات واعلانات للتطبيع مع اسرائيل وفي ذلك دعم واضح وصريح لسياساتها وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق سكان غزة، وأشدها حالة الحصار التي تعاني منها بشكل غير قانوني وخارج عن الشرعية الدولية، وسنحاول أن نبرز ذلك في نقطتين أساسيتين، تتعلق الأولى بتحديد مفهوم حالة الحصار وشروطه في القانون الدولي، أما الثانية تتعلق بمدى انطباق تلك الشروط على حالة حصار غزة.
- ـ حالة الحصار في القانون الدولي
حصر القانون الدولي المفهوم القانوني للحصار من خلال حالة الحصار المشروعة المطبقة من طرف مجلس الأمن الدولي بمقتضى العقوبات الاقتصادية التي لا تتضمن استخدام القوة المسلحة ( المادة 41من ميثاق الأمم المتحدة ) إذ سبق لمجلس الأمن أن اتخذ قرارات بشأن العقوبات الاقتصادية[23] ، وكذلك هناك حالة الحصار العسكري الذي يتضمن استخدام القوة[24] حسب ما جاءت به المادة 42 من نفس الميثاق[25]. ويظل الهدف الأساسي من قرارات مجلس الأمن بخصوص فرض عقوبات اقتصادية هو تحقيق السلم والأمن الدوليين[26]، وبطبيعة الحال فإن المجلس ملزم بمراعاة تنفيذ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني عندما يفرض عقوبات اقتصادية بمقتضى المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة ،.عند وضع الحدود القانونية[27]. وبالتالي فإن أي نظام للعقوبات أو الحصار يجب أن لا يؤثر على السكان المدنيين، بل يجب أن يتضمن قواعد أساسية إنسانية وهذا الأمر ضروري سواء فرضت العقوبات بواسطة دولة أو بواسطة مجلس الأمن، فالدول ملزمة شأنها شأن مجلس الأمن بأن تأخذ بعين الاعتبار القواعد ذات الصلة بحماية السكان المدنيين من آثار النزاع المسلح، ومن أهم هذه القواعد:
أ-حظر تجويع السكان المدنيين : لا يجوز حرمان المدنيين من الحصول على الإمدادات الضرورية لحياتهم, فتجويع المدنيين كأسلوب للحرب أمر محظورا ،
ب- الحق في المساعدة الإنسانية : للمدنيين الحق في تلقي المساعدة الإنسانية من خلال السماح للدول بمرور مواد الإغاثة بشروط معينة ، والسماح للوكالات الإنسانية بتقديم المساعدة، مع السماح للمنظمات الانسانية بتقديم المساعدات[28]
ج – إمدادات الإغاثة في حالة الحصار البحري :تنطبق المبادئ نفسها على حالات الحصار البحري
د- إمدادات الإغاثة للأراضي المحتلة : حيث يلتزم الاحتلال بقبول وتسهيل عمليات الإغاثة، وضمان حصول السكان المدنيين على الإمدادات الغذائية والطبية إذا كان هؤلاء السكان أو جزء منهم يعاني من نقص في الإمدادات، و يتعين على الدول الأطراف أن تسمح بحرية المرور لهذه الشحنات وأن تضمن حمايتها[29]، لأنه مهما كان الحال فإن توفير الحقوق الأساسية للمدنيين في حالة النزاع أمر تكفله صكوك حقوق الإنسان[30]، وأهمها الحق في الحياة والصحة والمستوى اللائق من المعيشة, بما فيه الغذاء والملبس والمسكن والرعاية الطبية والتحرر من الجوع .وتفرض هذه الصكوك على الدول التزام بالعمل من أجل الوفاء بتلك الحقوق ،وعلى مجلس الأمن أن يأخذ هذه الحقوق بعين الاعتبار عند وضع نظام للعقوبات.
- ـ حصار غزة في ضوء القانون الدولي
يشكل الحصار في ضوء القانون عملا من أعمال الحرب، وفق الأعراف الدولية[31]، أما من وجهة نظر القانون الدولي ، فالحصار لا يكون مشروعا إلا في الحدود التي يفرضها القانون الدولي ، وهي حالتي الحصار الاقتصادي المنصوص عليه في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، وحالة الحصار العسكري المنصوص عليه في المادة 42 من نفس الميثاق ، في إطار العقوبات المطبقة من طرف مجلس الأمن ، شريطة الإخلال بالأمن والسلم الدوليين .وبناء عليه فإن الحصار المفروض على قطاع غزة لا يدخل ضمن الحالات المشروعة للحصار ، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في مناسبات كثيرة.
وجدير بالذكر أن إسرائيل باعتبارها سلطة قائمة بالاحتلال[32] تتذرع بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في حصارها لغزة، معتمدة التحوير الغير القانوني لمفهوم الدفاع الشرعي، الذي اعتمدته الولايات المتحدة الأمريكية تحت ذريعة الدفاع الشرعي الوقائي، ومن هذا المنطلق فرضت عمليات الحصار على غزة[33] الذي يعتبر خرقا للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومبادئ القانون الدولي، وبتطبيق الحصار تكون الدولة العبرية[34] قد هدمت بشكل واضح مبادئ القانوني الدولي، والمعاهدات والمواثيق الدولية وبالتالي الإخلال بالشرعية الدولية[35].
خلاصة:
يتضح مما سبق أن اتفاقيات التطبيع التي توقعها اليوم مجموعة من الدول مع الكيان الاسرائيلي في سياق تنزيل صفقة القرن، تعتبر اتفاقيات غير شرعية وخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي الانساني بكل فروعه، وقد بينا في هذه الدراسة كيف يشكل التطبيع انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئه الأساسية ومنها مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وكذلك مبدأ عدم استعمال القوة في العلاقات الدولية، كما أوضحنا بأن التطبيع يدعم الكيان الاسرائيلي في بسط سيطرته وسيادته على الأراضي الفلسطينية، مما يشكل انتهاكا جسيما لحق الدولة الفلسطينية في سيادتها على الأراضي الفلسطينية، حيث أبرزنا من خلال العديد من القرارات والمعطيات القانونية كيف أن القانون الدولي مكن فلسطين من كيانها المادي والمعنوي كدولة تتوفر فيها محددات وعناصر الدولة بمفهومها القانوني، ومن جهة أخرى حاولت هذه الدراسة أن تبين كيف تشكل اتفاقيات التطبيع انتهاكات صارخة لقواعد القانون الدولي لحقوق الانسان، باعتبارها اعلانات داعمة عمليا لانتهاكات اسرائيل في الأراضي الفلسطينية من خلال سياسات التهجير وتهويد القدس، وتغيير الملامح الديمغرافية للقدس وتزوير لهويتها التاريخية، وكيف أن التطبيع يعتبرا تبييضا لجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها اسرائيل وأفضعها جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي انتهجه الكيان الاسرائيلي، مرتكبا جرائم رهيبة في تاريخه الدموي الذي يذكرنا بمجزرة دير ياسين وصبرا وشاتيلا والحرب على غزة، وارتباطا بغزة المحاصرة، أوضحت الدراسة كيف يعتبر حصار غزة محالفا لكل قواعد القانون الدولي الذي حدد وحصر المفهوم القانوني للحصار في حالات منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مع إخضاع قرارات الحصار لشروط وتقييدات أساسية تستجيب لقواعد القانون الدولي الانساني ولصكوك حقوق الانسان، وقد أوضحنا بناء على قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية كيف يعتبر حصار غزة حربا وعدوانا على الشعب الفلسطيني، يخرق المعاهدات والاتفاقيات الدولية وينتهك الشرعية الدولية، وتتمرد من خلاله اسرائيل على قرارات الأمم المتحدة مما يشكل تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين.
[1] خيري احمد الكباش ، “الحماية الجنائية لحقوق الإنسان دراسة مقارنة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الدستورية والمواثيق الدولية” دار الجامعيين ، القاهرة ، 2002 ، ص229
[2] عبد اللطيف بن سعيد الغامدي ، تعريفه الوارد في بحثه “القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان من منظور إسلامي” المقدم إلى مؤتمر حقوق الإنسان في السلم والحرب المنعقد في المملكة العربية السعودية في 14/تشرين الأول/2003 ، ص1 ، على الموقع: www.hrpw.org/news_1.htm
[3] اعتمدت من قبل المؤتمر الأمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات الذي عقد بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2166 المؤرخ في 5 كانون الأول/ديسمبر 1966، ورقم 2287 المؤرخ في 6 كانون الأول/ديسمبر 1967، وقد عقد المؤتمر في دورتين في فيينا خلال الفترة من 26 آذار/مارس إلى 24 آيار/مايو 1968 وخلال الفترة من 9 نيسان/ابريل إلى 22 آيار/مايو 1969، واعتمدت الاتفافية في ختام أعماله في 22 أيار/مايو 1969 وعرضت للتوقيع في 23 أيار/مايو 1969ودخلت حيز النفاذ في 27 كانون الثاني/يناير 1980
[4] J. Quingley “The Statehood of Palestine”, p. 77.
[5] Quingley, op cit, p.54
[6] وعد بلفور قضى ببذل المساعي البريطانية للمساعدة في إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين Establishment of a Jewish National Home in Palestine، وهذا الوعد يختلف عن إعادة بناء فلسطين كدولة يهودية This was not the same things as the reconstitution of Palestine as a.Jewish National Home[6] وهذا يعني أن وعد بلفور لا يملك أي حجية قانونية على إنشاء دولة يهودية على كافة التراب الفلسطيني، بل دهاء الحركة الصهيونية وتواطؤ بريطانيا والولايات المتحدة معها أدّت إلى ما تعرفه القضية الفلسطينية اليوم من مسارات ومآلات.
[7] يلاحظ هنا أن المادة 30 أشارت صراحة إلى «مواطني الدولة» STATE التي يقيم في إقليمها هؤلاء وهذا ينطبق أيضًا على فلسطين.
[8] The Treaties of Peace 1919-1923», vol 11, Carnegie Endovement for International Peace, N.Y., 1924
[9] Quingley p 71-75
[10] Ibid p 127-128
[11] https://www.icrc.org/ar/document/what-international-humanitarian-law, visite le 26l12l2020
[12] محمد المجدوب: القانون الدولي العام، ص: 726
[13]https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2015, visite le 25l12l2020
[14] The Origins and Evolution», Ibid p: 36-39
[15] إشارة إلى أن الطلب المقدم للإعتراف بالدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة حدّد هذه الدولة بحدود 1967
[16] أصدر مجلس الأمن العديد من القرارات بخصوص وضعية القدس الشريف ومنها القرار رقم 252 لسنة 1968 الذي يشجب فشل إسرائيل في الامتثال لقرارات الجمعية العامة، ويعتبر أن جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها إسرائيل بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي الى تغيير في الوضع القانوني الفلسطيني، وأيضا القرار رقم 267 بتاريخ 3 يوليو1969 الذي يؤكد القرار السابق و يأسف لفشل ‘إسرائيل’ في أن تظهر أي احترام لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة المذكورة، ويشجب بشدة جميع الإجراءات المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس، والقرار رقم 271 لسنة 1969، الذي يؤكد القرار رقم 252 لسنة 1968، والقرار رقم 267لسنة 1969، ويعترف بأن أي تدمير أو تدنيس للأماكن المقدسة أو المباني أو المواقع الدينية في القدس، وأن أي تشجيع أو تواطؤ للقيام بعمل كهذا يمكن أن يهدد بحدة الأمن والسلام الدوليين. والقرار رقم 476 لسنة 1980 الذي يؤكد من جديد الضرورة الملحة لإنهاء الاحتلال المطول للأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 بما في ذلك القدس، ويشجب بشدة استمرار إسرائيل بصفتها القوة المحتلة، في رفض التقيد بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات العلاقة. والقرار 478 لسنة 1980 الذي يلوم أشد اللوم مصادقة إسرائيل على القانون الأساسي بشأن القدس ورفضها التقيد بقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة.ويؤكد أن مصادقة إسرائيل على ‘القانون الأساسي’ تشكل انتهاكا للقانون الدولي، ولا تؤثر على استمرار تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة الموقعة في 12 آب/أغسطس 1949، والمتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب على الأراضي الفلسطينية، وغيرها من الأراضي العربية التي تحتلها ‘إسرائيل’ منذ عام 1967 بما في ذلك القدس.
[17] أصدرت الجمعية العامة العديد من القرارات المتعلقة بمدينة القدس والتي لا تقل أهمية عن قرارات مجلس الأمن المذكورة أعلاه وذلك بدءا من قرارها رقم 2253 لسنة1967 والذي أدانت فيه ضم إسرائيل للقدس، ورقم 2254 لسنة 1967، واستمرت بالتعامل مع مسألة فلسطين بما فيها القدس من خلال دوراتها العادية والاستثنائية الخاصة والتي تصدر بشأنها القرارات التي تعالج الانتهاكات الإسرائيلية الى يومنا هذا، وقد اشتمل معظمها على رفض الإجراءات التي اتخذتها حكومات إسرائيل، والتي من شأنها تغيير الطابع الجغرافي الديمغرافي والمؤسسي في القدس، واعتبار تلك الإجراءات باطلة وكأنها لم تكن، وتطلب من إسرائيل التوقف عن مثل هذه الأعمال لكونها تتعارض مع أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. كما أكدت الجمعية العامة في معظم قراراتها المذكورة انطباق أحكام اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية انطباقا قانونيا، على غرار ما فعله مجلس الأمن، وطالبت إسرائيل في جميع قراراتها ذات الصلة ، بالوفاء بالتزاماتها الدولية وتطبيق أحكام الاتفاقية المذكورة على الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967، إلا أن إسرائيل كانت وما زالت ترفض ذلك حتى يومنا هذا كما ترفض التعامل مع قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين والقدس رفضا قاطعا ، ومن هذه القرارات القرار رقم 60/106 بتاريخ 8 دجنبر 2005 الذي يؤكد من جديد أن المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، غير قانونية وتشكل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويطلب هذا القرار من إسرائيل أن تقبل انطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في زمن الحرب لسنة 1949، بحكم القانون على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وعلى الجولان السوري المحتل، وأن تلتزم بدقة بأحكام الاتفاقية، وخاصة المادة 49 منها، كما ينص هذا القرار على منع جميع أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون ولا سيما ضد المدنيين الفلسطينيين، والممتلكات الفلسطينية، وبخاصة في ضوء التطورات الأخيرة[17].
[18] القرار بكامله في: قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين ج 1 ص21
[19] يكشف كتاب التطهير العرقي في فلسطين لمؤلفه – ايلان بابه- عن عمليات التطهير العرقي هناك سنة 1948، وكيف كان الترحيل والتطهير العرقي جزءا جوهريا من استراتيجيا الحركة الصهيونية. وينقض المؤلف الرواية الإسرائيلية عن حرب 1948 ليؤكد أن طرد الفلسطينيين لم يكن مجرد هروب جماعي وطوعي للسكان بل خطة مفصلة جرى وضع اللمسات النهائية عليها في اجتماع عقده ديفيد بن غوريون في تل أبيب يوم10/3/1948 بحضور عشرة من القادة الصهاينة، وتضمنت أوامر صريحة لوحدات الهاغاناة باستخدام شتى الأساليب لتنفيذ هذه الخطة ومنها: إثارة الرعب، وقصف القرى والمراكز السكنية، وحرق المنازل، وهدم البيوت، وزرع الألغام في الأنقاض لمنع المطرودين من العودة الى منازلهم، وقد استغرق تنفيذ تلك الخطة ستة أشهر. ومع اكتمال التنفيذ كان نحو 800 ألف فلسطيني قد أرغموا على الهجرة الى الدول المجاورة، ودمرت 531 قرية، واخلي أحد عشر حيا مدنيا من سكانه بحسب ما يصفها ايلان بابه، تعتبر من وجهة نظر القانون الدولي، ‘جريمة ضد الإنسانية.’)
[20] يقول ميناحيم بيغن في كتابه الثورة ‘ لولا مذبحة دير ياسين لما قامت دولة إسرائيل’ وهو يشير هنا الى المذبحة المروعة التي ارتكبتها العصابتان الصهيونيتان (أرغون وشتيرين) في اليوم التاسع من شهر ابريل سنة 1948، فقتلتا خلالها معظم أهالي هذه القرية الفلسطينية الآمنة والبالغ عددهم 250 ضحية، ومثلت بجثث القتلى رجالا ونساء وأطفالا مما أوجد الرعب عند العديد من الأهالي والمدنيين، ما أجبر الناس على ترك أماكن سكناهم والابتعاد عن أرضهم ووطنهم حرصا على أرواح عائلاتهم وأبنائهم، وحماية لأعراضهم من بطش واعتداءات العصابات الصهيونية على الفلسطينيين الآمنين. وتقول الموسوعة الحرة في موقعها الالكتروني، (أن مذبحة دير ياسين كانت عاملا مهما في الهجرة الفلسطينية الى مناطق أخرى من فلسطين والبلاد العربية لما سببته المذبحة من حالة رعب وهلع عند المدنيين الفلسطينيين.)
[21] راجع القرار رقم 43/177 في 15/12/1988
[22] Ibid
[23] كمال حداد, النزاع المسلح والقانون الدولي العام, بيروت, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, 1997, ص79 .
[24] جمال عبد الناصر مانع ، التنظيم الدولي ، دار العلوم للنشر والتوزيع عنابة ، 2006 ص 207.
[25] تنص المادة 42 من ميثاق الأمم المتحدة على : “إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به ، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه ، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة
[26] محمد شريف, التوجه إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة لمحاسبة إسرائيل علي أعمالها في غزة, سويس إنفو, 18 فبراير 2009.
[27] مصطفي أحمد فؤاد وآخرون, القانون الدولي الإنساني.. آفاق وتحديات, الجزء الثاني, بيروت, منشورات الحلبي الحقوقية, 2005, ص134
[28] عبدالله الأشعل وآخرون, القانون الدولي الإنساني ،آفاق وتحديات, الجزء الثالث, بيروت, منشورات الحلبي الحقوقية, 2005, ص911
[29] تطرقت اتفاقيات جنيف والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها إلى ضرورة توفير المواد الغذائية الضرورية وغيرها من المواد للسكان المدنيين في أوقات النزاع المسلح. مع ملاحظة بعض الاختلافات بين هذه الأحكام فنجد أن المواد 59 من اتفاقية جنيف الرابعة ,و المادة70 من البروتوكول الإضافي الأول, و المادة 18 (2) من البروتوكول الإضافي الثاني تسمح بالقيام بأعمال الإغاثة في ظروف معينة, بينما تسمح المادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة بتقديم سلع معينة و يحتاج تقديم شحنات الإغاثة بمقتضى المادة 70 من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 18 (2) من البروتوكول الإضافي الثاني إلى موافقة الأطراف المعنية, بينما لا يشترط ذلك في تقديم السلع المنصوص عليها في المادة 23 أو إمدادات الإغاثة للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة بمقتضى المادة 59 من اتفاقية جنيف الرابعة.
[30] سوسن تمرخان بكة, الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية, بيروت, منشورات الحلبي الحقوقية, 2006, ص54
[31] بن صغير عبد المومن ، دور الاتفاقيات الثنائية في تطوير مبادئ القانون الدولي للاستثمارات الأجنبية ، دار الأيام للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن ، الطبعة الأولى، 2015،ص 74.وأيضا ، بن صغير عبد المومن، المقاربة الثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار الأجنبي، مذكرة ماجستير في الحقوق ، تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية ، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جاعة د، مولاي الطاهر سعيدة، مارس 2010، ص 44.
[32] جرائم الحرب في غزة.. التبعات والنتائج, الشرق الأوسط, الشركة السعودية للأبحاث والتسويق, العدد 11013, 22 يناير 2009
[33] Des Crimes De Guerre « ‘ Commis Gaza », Selon L’ONU, France Télévision, 2009
[34] ساسي جاد عبدالرحمن واصل, إرهاب الدولة في إطار القانون الدولي العام, الإسكندرية, منشأة المعارف, 2003, ص12
[35] عبدالرحمن لحرش, المجتمع الدولي.. التطور والأشخاص, الجزائر, عنابة, دار العلوم, 2007, ص28.