منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

حاجة هي أم الحوائج

حاجة هي أم الحوائج/ البتول بلمودن

0

حاجة هي أم الحوائج

بقلم: البتول بلمودن

تستهوينا عروض السخاء وتجذبنا مواسم التخفيضات، التي قد تتيح الحصول على بعض الأغراض والمنتجات مما طالما تعلقت به النفس لأزمان وأوقات: فنهرع لتلكم المتاجر والمحلات نتسارع علنا نحصل بعضا من سلع أو فتات.

كذلك يحكم على إنسان اليوم قانون السوق الذي لا قلب له ولا ذوق، فيندفع مستهلكا مستمتعا مستكثرا يسوقه حب الأطايب والشهوات.

وتأتينا بفضل الله مناسبات الخير حيث الأجور مضاعفات، فنقبل كل بحسب حاجته على فعل الطاعات وغنم الحسنات: تتعلق همم الكبار بالثريا ذكرا وصياما وقياما وألوانا شتى من العبادات، ويرتقي ذوو العزائم بصبر وإصرار سلم القربات، في حين قد يقنع قوم آخرون ببعض القليل في أحسن الحالات فيضيعون الفرصة وتفوتهم الدرجات.

لله المثل الأعلى سبحانه وتعالى العليم الحكيم، ولا مجال للمقارنة ولا قياس مع وجود الفارق. ولكنه خطاب تبسيطي تقريبي للنفس بما يلامسها مما اعتادت فهمه من واقع المحسوسات.

وليس المرمى من إثارة هذا الحديث البتة إلغاء الجانب المادي من أصل خلقتنا، ونكران ما أودع الله سبحانه فينا من ابتغاء حظوظ النفس وحب الحياة، ولكن القصد التذكير بأن أصل كرامة الإنسان هو في تعلقه بالخالق الرحمن الذي نفخ فيه من روحه القدسية، وعلمه الأسماء كلها، وفضله على سائر المخلوقات.

لذا فإن الحاجة إلى معرفة الله تعالى ونيل مرضاته عز وجل، هي أكبر وأغلى وأسمى حاجة ينبغي أن يطلبها المرء في دنياه مخلصا نيته، باذلا وسعه، مسترخصا عمره لأجلها: فطوبى لمن طلب ما عند الملك الوهاب، وشغلته إرادة وجه الله الكريم عن باقي المسائل. وإنها والله لحاجة عظيمة من أدركها سعد وفاز ورضي ولو فاتته كل الحوائج.

فالله تعالى نحمد أن جعل لنا في دهره هذه النفحات، يذكرنا فيها بسؤال المعنى وسر الوجود في أشرف الأوقات، عسانا نطهر القلوب لتغرف من فيوض الرحمات. نحمده تعالى حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ونسأله سبحانه الحي القيوم أن ينبهنا قبل الممات، وأن يجعل لنا عنده حاجة نحيا لها وبها نستعصم من أن تسرقنا الغفلات، ونستهدي مقبلين على رضا الله الكريم رب الأرض والسموات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.