منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

مؤسسة المسجد بين التأميم والتحرير

0

شكلت بيوت الله منذ نشأتها منارات شعت أنوارها على القلوب فأفعمتها بالإيمان، وعلى العقول فرجحتها بالعلم، وعلى سلوك الأفراد فحلته بالصلاح والاستقامة، وعلى أركان الدولة فطبعتها بالقوة. كما كانت في فجر ميلادها محضنا لمجالس الاستشارة الواسعة ومكانا لتداول الرأي ثم التصديق على الحاكم الجديد ونقطة لانطلاق فيالق الجهاد.

وظائف كثيرة ومتعددة تلك التي انتصبت لحملها المساجد غداة نشأتها في الإسلام؛ غير أنها ما لبثت أن تأثرت بما تأثر به واقع المسلمين في منعرجات السياسة، ومتاهات مسارها التاريخي الطويل على امتداد خمسة عشرة قرنا من الزمن، فطال التغيير معالمها شكلا ومضمونا، عمارة وتعميرا، بنية وأهدافا؛ حتى آلت وظائفها الأصلية إلى الاغتراب والتحييد؛ وإن ظلت مؤسسة المسجد كما كانت دائما القلب النابض في المجتمعات الإسلامية. فلا غرو إذا أن تنال النصيب الأوفر من مراقبة حكام العض والجبر، وأن تستأثر بحصار أنظمة الاستبداد قديما وحديثا.

وبالنظر لمكانة المساجد في وجدان المسلمين وكيان الأمة، واستمرارية وخلود رسالتها من جهة، ثم حجم التضييق الذي استهدفها وما يزال من جهة ثانية، فقد خصصت مجلة “منار الهدى” ملف هذا التأليف الجماعي لموضوع: “مؤسسة المسجد بين التأميم والتحرير”. واقترحت تناوله عبر الإشكالات الكبرى الآتية:

– ما هي الوظائف الحقيقية للمسجد؟ وما أهم الانحرافات التي لحقتها؟

– أي موقع للمسجد بين وظائف التربية والدعوة وإكراهات الاستتباع السياسي؟

– ما هو واقع حال المساجد في ربوع العالم الإسلامي؟ وكيف ينبغي أن تكون في غد المسلمين؟

-كيف السبيل إلى تحرير المساجد من التشويش الفئوي والتعصب الطائفي والتسلط الحكامي؟

وقد انخرط في إثراء هذه المحاور بالدراسة والتحليل ثلة من الباحثين والأكاديميين من داخل المغرب ومن خارجه، عالجت القضايا المطروحة للنقاش من زوايا نظر مختلفة وقناعات متباينة، وتسلحت بأدوات ومناهج التحليل العلمي المتعارفة؛ علما أن التحكيم قد استبعد عدة مواضيع أخرى لافتقادها للمواصفات المنهجية المطلوبة.

وهيئة تحرير مجلة “منار الهدى” إذ تزف هذا المولود العلمي إلــــــى القراء، فإنها تتقدم بخالص الشكر والعرفان للكُتاب والباحثين الذين لبوا نداء الدعوة للمساهمة في هذا التأليف الجماعي سواء مـــــــــــــــــــــمن قبلت أبحاثهم أم لا، وتتمنى من المولى عز وجل أن يوفق الجميع في مشوارهم العلمي، وأن تكون المساهمات المتضمنة في هذا المصنف فاتحة لعطاء لا ينضب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.