“الخَواجة” يحيى حقي يكتب عن “أشجان عضو منتسب”ّ
"الخَواجة" يحيى حقي يكتب عن "أشجان عضو منتسب"ّ/ عبد الهادي المهادي
“الخَواجة” يحيى حقي يكتب عن “أشجان عضو منتسب”ّ
بقلم: عبد الهادي المهادي
بمناسبة بلوغه عامه السبعين، سنة 1975م، كتب يحيى حقي نبذة مختصرة من سيرته الذاتية عنونَها بـ“أشجان عضو منتسب” لتكون مقدّمة للطبعة الجديدة الكاملة لمؤلفاته، التي أخرجتها وزارة الثقافة المصرية، وقد نشر هذا المختصر مجلة عالم الفكر في عددها الأخير من عام 1974م، وبعد ذلك بسنوات وضعها القائمون عن دار الهلال كمدخل لسيرته الذاتية “كُناشة الدكان” التي أصدروها ضمن سلسلتهم عدد 493 الذي ظهرت شهر يناير من عام 1992م.
وقد أحسن حقي في هذه العجالة المُكثفة والقاصدة تقديم نفسه، وأصوله الاجتماعية، وخلفياته الثقافية، وتبرير اختياراته الإبداعية والنقدية، بلغة سهلة وأسلوب شخصي، يقتربان مما سماه بـ”حتمية اللفظ” حيث الكلمة والتعبير والتصوير لا يمكن ـ في الغالب ـ تبديلها.
تحدث عن تأثّره الشديد بعناصر كثيرة يمكن إجمالها في:
ـ تشبّعه بأجواء“حي السيدة” ودوره في حياته وتكوينه النفسي والفني.
ـ توجيهات والدته التي كانت شديدة التدين، مغرمة بقراءة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والسيرة النبوية.
ـ والده الذي كان مفتونا بالمتنبي، حافظا للكثير من أشعاره، مُسمِّعا أبناءه في جلسات مسائية.
ـ مشاهداته ـ وهو طفل ـ لمقاومات رجال الأزهر وعلمائه للاحتلال البريطاني، واستماعه لخطبهم الثورية.
ـ اطلاعه على كتاب الجبريتي، فلم يعرف ـ كما يقول ـ كاتبا أو مؤرخا استطاع أن يصوّر روح الشعب المصري مثله. “ومنذ ذلك الحين ـ يقول في جملة غاية في الدّقة والتصوير ـ وأنا شديد الاتصال الروحي بالجبريتي”.
ـ مصاحبته لمحمود محمد شاكر واغترافه من صرامته في البحث والتحقيق، ودفاعه المستميت عن الأسلوب الخاص.
ـ غرامه بالأدب الروسي، الذي وجد فيه ضالّته، حيث “كلّ شخص تقريبا مشغول بقضية كبرى، وهي قضية الخلاص الروحي”. إن الأدب الروسي لا يكتفي بأن يسجل ويعبّر ويحلل ويكتب بأسلوب واقعي، بل “يرتفع إلى حدّ التبشير”.
ـ اتصاله بالحضارة الغربية؛ الموسيقى والتصوير والمعارض والمتاحف والمسارح، لأنه قضى سنوات طويلة من عمره في السّلك الدبلوماسي في روما وباريس. ورغم تأثر الشديد بما قرأ هناك وشاهد “فقد كنت أشعر دائما أن في داخلي شيئا صلبا لا يذوب بسهولة في تيار حضارة الغرب”، فقد ذهب إلى هناك ـ كما شرح يوما لأحدهم من أهل شمال أوربا ـ وهو يمتلك قدرا “أكبر من اللازم من الشمس” ، وعنده حضارة، وعنده دين “هو نظام متكامل فيه الغَناء”.
وفي الأخير أشار باختصار غير مُخلّ إلى أهمّ الأفكار التي ألحّ عليها في قصصه، وهي:
ـ الإعلاء من شأن الإرادة، وجعلها أساسا لجميع الفضائل، “فالعالم في نظره معركة كبيرة، والسلاح الأول الذي يستخدمها الإنسان في خوضها هو الإرادة”.
ـ الشغف بالدراسات والتحليلات النفسية.
ـ التنبيه لمفارقات الحياة، وأوّلها جبروت الإنسان وضعفه في وقت واحد.
ـ الاهتمام بالوصف.
وختم مقالته باعتزازه بصداقة الكثير من الأدباء الشباب الذين كتب مقدمات لقصصهم، رغم أن هناك من يتّهمه بـ”مجاملتهم” في “نقد دبلوماسي”. كما اعتزّ بكون نقده ذي نزعة تأثّرية انطباعية.