منار الإسلام
موقع تربوي تعليمي أكاديمي

“التصريف الديداكتيكي للموجهات المنهاجية أثناء التخطيط لدرس التربية الإسلامية: “السيناريو البيداغوجي معالم وتطبيقات”

اسماعيل مرجي

0
الفهرس إخفاء

 

كان موضوع الندوة التربوية الرابعة التي نظمتها الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية-المكتب الوطني-، ضمن سلسلة أنشطته خلال شهر رمضان المبارك، وذلك يوم الاحد 19 رمضان 1442هـ/ م 02 ماي 2021، عبر تقنية البث المباشر على صفحة الجمعية على الفايسبوك خلال هذالرابط:http://https://web.facebook.com/110790647216096/videos/124435702986117

قام بتسيير وتنسيق أشغال هذه الندوة الأستاذ اسماعيل مرجي، أستاذ مادة التربية الإسلامية بمديرية أزيلال، وأطرها السادة: نور الدين عادل، وهو مفتش تربوي لمادة التربية الإسلامية، والسيد: حكيم حربول أستاذ مادة التربية الإسلامية.

بعد افتتاحها بآيات بينات من الذكر الحكيم من طرف الأستاذة المقرئة، أسماء صدقي، استهل الأستاذ المسير اسماعيل مرجي الندوة التربوية بكلمة مقتضبة، عرّف من خلالها بموضوع الندوة، وأهمية السيناريو البيداغوجي في درس مادة التربية الإسلامية، وما يتسم به من الغموض، واختلاف الآراء حوله، وما يقتضيه السياق والمقام في عملية التعليم عن بعد، أو بالتناوب، وما يتطلبه ذلك من موارد رقمية، مشيرا إلى أن ذلك ازداد تعقيدا وإشكالا في غياب وثائق رسمية ترسم معالم السيناريو البيداغوجي، إلا ما كان من الدليل البيداغوجي لإدماج تكنولوجيا الإعلام والإتصال في تدريس مادة التربية الإسلامية ، وهذا كله يطرح إشكالات متعددة حول الموضوع من قبيل؟

ما السيناريو البيداغوجي، وما الفرق بينه وبين الجذاذة؟، وما الاهمية والقيمة المضافة للسيناريو البيداغوجي في درس مادة التربية الإسلامية؟، ما هي عناصره ومراحله؟، وما هي بعض المعالم المنهاجية والتطبيقات العملية للسيناريو البيداغوجي؟

وهل يسعفنا منهاج مادة التربية الإسلامية في غياب التوجيهات التربوية في رسم معالم السيناريو البيداغوجي في مادة التربية الإسلامية؟ وهل تقوى الموجهات المنهاجية  لتقديم معالم وأدوات تمكننا من اعتماد السيناريو البيداغوجي؟ وهل بإمكان مدرس مادة التربية الإسلامية امتلاك هذه الرؤية المنهاجية التي  تمنح له التقييم الذاتي لمساره وإنجازه الصفي؟ مشيرا إلى أن هذه الندوة التربوية ستقدم إجابات ومقترحات حول هذه التساؤلات.

 مداخلة المفتش التربوي نور الدين عادل بالمديرية الإقليمية بتطوان تحت عنوان:”الموجهات المنهاجية معالم في التخطيط لدرس التربية الإسلامية”.

افتتح المحاضر كلمته ببيان أهمية الموضوع، مؤكدا على إن التصريف الديداكتيكي لدرس مادة التربية الإسلامية، يعتبر ثمرة لتملك رؤية منهاجية؛ وهو ما تروم هذه الندوة التربوية أن نكتشف تلك الرؤية المنهاجية التي يمكن أن يستنير بها المدرس ومن يحيط به لكي يكون هذا التنزيل على قدر يحقق المتعة والإفادة والإبداع، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال السيناريو البيداغوجي الذي يضع في الحسبان كل الانشطة التعليمية، والامكانيات المتاحة، وإدماج الموارد الرقمية والورقية، وإمكانية التغيير المتنظر، والمرونة الديداكتيكية التي يمنحها السيناريو، وتغيير الاستراتيجيات بحسب الوقائع المحيطة في مجتمع القيم والصف الدراسي.

وقبل أن يكشف المفتش التربوي نور الدين عادل المعالم المنهاجية لتخطيط درس التربية الإسلامية؛ قدم لذلك بثلاث مقدمات أساسية من شانها ان تضبط ذلك التخطيط وهي:

  • المقدمة الأولى: حتى لا تفقد المادة هويتها:

إن كل مادة تجد هويتها في منهاجها الدراسي، فنحن نقرأ وثيقة المنهاج لنستخلص منها موجهات الفعل الديداكتيكي،  ومعالم السيناريو البيداغوجي، وكيفية تقويمه وتدبيره ومؤشرات هذا الانجاز، ولابد من التذكير الى أن المنهاج هنا لا يقف عند الوثيقة المتداولة وإنما نريد أن نتملك الرؤية المنهاجية  الناظمة التي نجد معالمها مبثوتة في هذه الوثيقة وفي مختلف الوثائق المصاحبة للمنهاج من مذكرات واطر مرجعية…

  • المقدمة الثانية: قوة الأخذ وفاعلية التنزيل:

ويقصد بذلك أن هذه الوثيقة المنهاجية ينبغي أن تحظى بالأهمية الكبيرة باعتبارها المرجع الاول، ويجب الرجوع إليها دائما تخطيطا وتدبيرا وتقويما.

  • الثالثة: متعة الاكتشاف وثمن التجديد:

فالمنهاج أتى بالتجديد ورفع الحركة والايقاع والإبداع…

وخلال ذلك عرج على المعالم المنهاجية في تخطيط درس مادة التربية الإسلامية، والتي حددها في ثلاثة معالم أساسية مبينا صيغ التنفيذ الديداكتيكي لكل معلم وفق ما يلي:

    • المعلم المنهاجي الاول: الاشتغال بالوحدة الدراسية

  • في المنهاج الدراسي العام:

إن الوحدة الدراسية لا يمليها فقط منهاج المادة؛ بل يمليها المنهاج الدراسي العام المؤطر والمنظم للمنظومة التربوية المغربية، وهو الكتاب الابيض الذي وضع موجهات لبناء المناهج التربوية، حيث جعلها بمثابة مستجد في التنظيم التربوي اذ أشار إلى أن الوحدة هي:”وحدة برنامج مرتبطة بدورة معينة تشمل إلى جانب التعلم، التقييم القبلي والمرحلي والنهائي لمكتسبات التعلم”، بل إن الوثيقة تنص في ما يتعلق ببناء البرامج على أن كل مادة وكل منهاج دراسي يخضع لمبدإ”الانسجام والتكامل، وتحقيق الوحدة”.

  • وفي منهاج مادة التربية الإسلامية:

نلامس تلك الوحدة وذلك التكامل؛ ففي تعريفه للمادة ينص على أن مادة التربية الإسلامية:”مادة دراسية تروم تلبية حاجات المتعلم الدينية التي يطلبها منه الشارع حسب سيروراته النمائية والمعرفية والوجدانية والأخلاقية وسياقه الاجتماعي والثقافي، ويدل هذا المفهوم على تنشئة الفرد وبناء شخصيته بابعادها المختلفة الروحية والبدنية، وإعدادها إعداد شاملا ومتكاملا”.

  • وفي الاطر المرجعية:

تم التنصيص كذلك على أن مادة التربية الإسلامية:”مادة دراسية واحدة متكاملة ومنسجمة، ومداخلها ليست بنيات مستقلة في المنهاج؛ وإنما هي مقاربات سيكوبيداغوجية وديداكتيكية للتعلم…”.

فهذه الموجهات تركز على أنها مادة واحدة ومتكاملة؛ رغم تعدد المعارف فيها ، ورغم تعدد مداخلها التي تهم شخصية المتعلم فذلك لا يلغي الوحدة.

ومما يؤسس للوحدة الدراسية كذلك في المنهاج الدراسي إعلانه للكفاية السنوية لكل مستوى دراسي، وباستحضارنا لتلك الكفايات تجعلنا نجعل كل المضامين الواردة في جميع المداخل تخدم قدرة المتعلم على تعبئة هذه الموارد لحل وضعية وإشكال من واقع المتعلم يستدمج فيها كل المعارف والمهارات والقيم؛ مما يؤكد أن جميع المعارف الرائجة في جميع مداخل المادة لا ينفصل بعضها على بعض.

ولتأكيد هذا المعلم المنهاجي أكثر عرض المتدخل الوحدة الدراسية في البناء الهندسي لمفردات البرنامج، مبينا تجليات الوحدة الدراسية في توزيع المداخل، وأن تعددها أفقيا لا يلغي ذلك التكامل؛ بل هناك تدرج، والسورة المقررة تتربع على رأس كل وحدة، ومحاورها تتدرج عبر المتعلم حتى يستوفي الوحدة بكاملها.

  • وضمن الوثائق المصاحبة للمنهاج :

نجد الوحدة الدراسية حاضرة، ففي دفتر التحملات؛ باعتباره وثيقة ملزمة لكل المؤلفين ومنتجي الدعامات اليديداكتيكية  … نجد تصريحا بمفهوم الوحدة الدراسية، وبنودا تلزم المؤلف بمراعاة البعد التكاملي، كما في البند السادس الذي ينص على:”احترام الانسجام الداخلي لكل مدخل والتكامل فيما بين المداخل على مستوى الانجاز “، فعموديا داخل كل مدخل نجد التكامل المعرفي الابستمولوجي لأنه يتناول فرعا من فروع المعرفة الشرعية كالمفهوم العقدي والسيري … فهناك انسجام طبيعي وتكامل خارجي أفقي بين محاور الوحدة الدراسية الواحدة.

  • وفي منهاج مادة التربية الإسلامية الخاص بالسلك الإبتدائي

نجد التصريح بمصطلح  الوحدة الدراسية حيث ورد فيه أن “الوحدة الدراسية تغطي جميع مداخل التربية الإسلامية”.

فمفهوم -الوحدة الدراسية- إذن مفهوم أصيل منهاجيا، كما أنه مفهوم معتمد مؤسساتيا، وعليه نخلص إلى بناء مفهوم منهاجي وديداكتكي لها فنقول:”إن الوحدة الدراسية بنية معرفة ديداكتيكية منسجمة ومتكاملة، تعالج قضية عبرا مراقي المداخل الخمسة بشكل متنام، مؤطرة بالمقطع القرآني، بغرض بناء شخصية المتعلم من كل جوانبها على قيم الدين تحقيقا لمقاصده، فهي إذن بنية سيكوبيداغوجية”.

  • صيغ التصريف الديداكتيكي أثناء الاشتغال بالوحدة

– بناء قضية الوحدة: مركزية المتعلم(ة) والحاجة للإنطلاق من وضعيات تعليمية ذات معنى

– المرحلية: المعالجة المرحلية لقضية الوحدة عبر مراقي المداخل الخمسة

  • المعلم المنهاجي الثاني: انتقاء الموارد الجديدة :

والتي حددها في ثلاثة موارد أساسية محددا صيغ التنفيذ الديداكتيكي لكل منها وهي:

  • أولا: انتقاء المضامين المعرفية:

وذلك بالاعتماد على المفهوم باعتباره أداة بيداغوجية لتنظيم الحقائق الجزئية والأحكام التفصيلية، وآلية منهجية لتشكيل التصورات وبناء المنظومات المفاهيمية المنسجمة مع المقاصد الكلية المؤطرة للمنهاج. وهو ما ينص عليه دفتر التحملات، وعليه فإن أهم ما يجب إبرازه وبناؤه لدى المتعلم هو المفهوم، وهذا ما تولى إبرازه الاطر المرجعية في جدول مضامين الدروس، فإذا تاملنا فيه فهو لا يخرج عن ثلاثة عناصر:

اولاها: التأسيس للمفهوم، ثم  تحليل موقعه ضمن مجاله التداولي؛ أي في علاقته مع المفاهيم المحيطة به،  ثم الامتدادات السلوكية والقمية، ومثل لذلك بدرس حق الغير: العفة والحياء، ملفتا النظر إلى تنصيصه على تلك العناصر الثلاثة في تدريس المفهوم. وهو ما يمكن العمل والاشتغال به حتى في السنوات غير الإشهادية بإعداد إطار مرجعي لها وفق ما سبق .

  • ثانيا: التدريب على المهارات الأساسية:

فالمنهاج ينص على مجموعة من المهارات، وانتقى منها الاطر المرجعية ست مهارات أساسية لا يمكن أن نبنيها بدون معالجة القضية، وحل الوضعية، والاشتغال بالدعامات الديداكتيكية…

  • ثالثا: تنمية القيم:

حيث بين العلاقة بين المقاصد والقيم والمداخل، فالمقاصد هي الغايات، والقيم هي الضامن لتحقق تلك المقاصد، ولا يمكن أن نطمئن لتحقق هذه القيم إلا بتحقق تلك المقاصد؛ فهي علاقة متكاملة منسجمة، كل قيمة تحيلك الى مقصد من المقاصد، والمداخل هي فرصة لبناء تلك القيم التي تبلغ بنا الى تلك المقاصد، وعرض تطبيقات لذلك بخطاطتين تبرزان مدى الانسجام والتداخل بين تلك المفاهيم الثلاثة.

  • صيغ التنفيذ الديداكتيكي أثناء بناء الموارد الجديدة

– الاشتغال بالمفهوم: تكثيف المعرفة في الفهوم المركزي وتتبع امتداداته،

– انتقاء الدعامات: استثمار الدعامات للتدرب على المهارات وتعزيز القيم المنسجمة مع المداخل.

  • المعلم المنهاجي الثالث: الإشتغال بالسورة القرآنية:

ونظرا لضيق الوقت لم يفصل الأستاذ في هذا المعلم؛ منبها إلى أن مداخلة الاستاذ حكيم حربول سيرد فيها هذا المعلم، وفي المقابل وجه إلى رابط فيديو فيه تطبيقات للإشتغال بالسورة القرآنية تبرز هذا المعلم، وتقترح صيغ التنفيذ الديداكتيكي له.

مداخلة الأستاذ حكيم حربول، وهو أستاذ مادة التربية الإسلامية، وكانت تحت عنوان:”السيناريو البيداغوجي إمكانية التنزيل والتقييم”

انطق الأستاذ في مداخلته بتعريف للسيناريو البيداغوجي بقوله: هو سيرورة تصميم مجموعة مترابطة من الأنشطة التعليمية، موزعة حسب الزمن ونتاجها هو النشاط التعلمي. ثم انتقل إلى بيان الحضور الوظيفي للنص القرآني في مادة التربية الإسلامية وفق ما يلي:

  • نص مرجع وتأسيس: لبناء المعرفة تأصيلا وضبطا(دروس المداحل)
  • نص دعم: يؤطر المفاهيم والقضايا المتداولة في المداخل (دروس المداخل)
  • نص موضوع: للمعالجة والتحليل(دروس القرآن الكريم)

وقبل أن يقترح سيناريو بيداغوجي لدرس القرآن الكريم عرف بالدعامة البيداغوجية بقوله: هي مختلف الوسائط والأدوات البيداغوجية التي يوظفها الأستاذ لكي يعتمد عليها المتعلم لبلوغ هدف من الأهداف الإجرائية المرغوب فيها. مبينا أنواع الدعامات البيداغوجية، ورقية كانت كالنص والصورة، أو رقمية كالفيديو التعليمي… وهنا يتحقق السيناريو البيداغوجي، وعرض خلال ذلك نموذجا له على الشكل التالي:

وقد فصل الحديث فيما ورد فيه من أنشطة ومحتوى ومضامين ومهارات، مقترحا خطوات تفصيلية لتدبير ذلك، وشبكة تقييمية ذاتية للتحقق من مدى التدبير الديداكتيكي لحصة القرىن الكريم الحضورية مع السيناريو البيداغوجي المعد على الشكل التالي:

وانطلق الأستاذ بعد ذلك إلى عرض نموذج للسيناريو البيداغوجي في مدخل من المداخل، مفصلا الحديث في بعض مكوناته وهو:

واقترح شبكة تقييمية ذاتية للتحقق من مدى انسجام التدبير الديداكتيكي للحصة الحضورية لدرس المدخل مع السيناريو البيداغوجي المعد على الشكل التالي:

وبهذا ختم الاستاذ حكيم حربول مداخلته، ليسلم الكلمة إلى المسير ملخصا أهم نتائج ومخرجات الندوة التربوية، ليفتتح باب النقاش والتفاعل مع المداخلتين عبر طرح مجموعة من الأسئلة، والتي تفاعل معها الأستاذين المحاضرين، فأثرى ذلك كله الندوة التربوية، في جو تربوي مثمر وفعال، وقد دامت أشغالها من التاسعة والنصف مساء إلى منتصف اليل.

وجعل مسك ختامها تقديم الشكر من قبل المسير إلى المحاضرين، وإلى المكتب الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، وجميع الحاضرين والمتفاعلين.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.